اعترافات امراة خائنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    اعترافات امراة خائنة

    [align=center]
    اعترافات امراة خائنة
    [/align]
    [align=right]
    فجأة شعرت بانقباض يسري مع أوردتي الواجفة في تلك الصالة الملكيّة التي كانت تضمّ حفل عشاء أسطوريّ لكبار رجال الأعمال، كان زوجي واحداً منهم، وكان الأكثر تألقاً وتوهّجاً، والأكثر إتقاناً للغة الأسياد، ولصيغة العجرفة والمجاملة المفضوحة، الممزوجة مع رائحة المكان المتصاعدة من كؤوس الشراب، والمائدة المفتوحة التي تفيض بأطباقها، وسحب الدخان الصادرة عن السجائر الفاخرة العابثة بأنفاس كل الحاضرين، المبتهجين بغباء بهذا الإطار المتصنّع الذي يجمعهم.
    كل شيء مرسوم بزيف: الكلمة.. الضحكة.. الالتفاتة.. الجلوس.. النهوض.. الإيماءة.. طريقة نفث الدخان والسيجار.. وطريقة ارتشاف الكؤوس بفم مزموم.. وتناول لقيماتٍ من الطعام بطرف الشوكة بأصابع كأنها غريبة عن الجسد.
    . انفلتُّ من المكان إلى الحديقة الخارجية.. داعبني الهواء المنعش.. أحسست أن شلّالاً من قطرات الندى تتغلغل إلى رئتي.. تنفّستُ عميقاً وكأني أُدخل مع الهواء عطور الياسمين والفلّ والجوري..
    أغمضتُ عينيّ ومشيتُ كالمسحورة إلى حيث لا أدري، قادني قلبي إلى الشاطئ الرمليّ القريب من المكان، وعندما ارتطمتْ برجليَّ دفقاتٌ من الموج، وشوشني البحر بهمس مبحوح: أن اقتربي...
    خلعت نعليّ، أغرتني الرمال بعودتي للطفولة الهاربة مني، نزعتُ الأمشاط عن شعري الطويل الذي رفعته للأعلى مشدوداً على الطريقة الصينية فانسدل برشاقةٍ على أكتافي يتأرجح ممزوجاً مع عبق نسائم البحر، أغرتني الأعماق الكامنة وراء الأمواج، أن أبوح بأنّات قلبي الذي مزّقته السنون.. مزّقته الخيانات.. الواحدة تلو الأخرى.. حتى باعدتني الأيام عن نفسي.. عن ملامحي.. عن ذاتي.
    . أردت أن أتحرّر من عبوديتي.. وأعترف بذنوبي وأقدّم صكّ الغفران لنفسي التي عذّبتني وساءلتني مراراً وأحرجتني.. فتهرّبت منها.. من مواجهتها، وأصمّيت أذني عنوةً عن سماع لومها..!!!
    مع كل موجةٍ تأتيني ذكرى ثمَّ تغيب، محرّضةً ذاكرتي على تقديم الاعتراف تلو الاعتراف، لأول مرةٍ أحسست بقوةٍ تدفعني للمواجهة...
    طفتْ على سطح الماء الخيانة الأولى:
    عاد بي الزمن إلى الوراء، عندما نلتُ الشهادة الثانوية وتقدّمت بأوراقي مستبشرة إلى كلية الفنون الجميلة.
    لن أنسى كيف ارتعدتْ فرائصي وجدائلي وأنا أنظر إلى سباّبة أبي وهي ترتفع وتنخفض في وجهي، متّسقة الحركة مع شاربيه وشفتيه القاسيتين الجافّتين، وهو يجبرني على الانتساب إلى كلية الهندسة المدنية ليتباهى بي على أبناء عائلته من الذكور، ليدفع عنه ذلك التواري عن سوء ما بُشّر به وهو كظيم لبناتٍ خمسٍ أتين تباعاً وتمَّ وأدهنَّ تباعاً، وتساءلن بأي ذنب يقتلن دون جواب .
    يومها انهمرتْ دموعي وكأنّ خرساً أصابني.. ألجمني.. طويتُ اللّوحات الفنيّة الأسطوريّة التي كنت اختزنتها في خيالي.. مزّقتها خنتُها.. وقدّمتُ شهادتي العلميّة.. القربان الأول عند مذبح معبد أبي.
    الخيانة الثانية:
    عندما هزمتُ حبي الأول ، قزّمت ذاك العملاق الذي سكن قلبي أدرتُ له ظهري أتغابى عن نداءاته .. كنت أضعف من أن أدافع عنه .. حين تقدّم بحماسة الملهوف إليّ مادّاً لي يداً سخيّةً .. عطوفةً .. صادقةً .. قوّيةً ..
    خذلتُ تلك اليد ، رددتهُا فارغةً .. وضعت كفّي بأناملَ أخرى باردةٍ كالثلج .. صفراءَ كالموت .. ولكنها مُترفة تدفع بلا حساب .. وتوقع الشيكات باستعلاء ..
    قدّمتُ القربان الأخر على مذبح أبي الذي رفض الأول باحتقارٍ وعانق الأخر بانكسار مقدّماً له دميته الجميلة عن طيب خاطر..
    يوم دخلتُ بيت الأخر .. أحسستُ أنه ما عادت لي جدائل ترتعش أحسست شعري قد جُزًّ إلى الأبد .. وأن أنوثتي المتفتّحة تأطّرتْ في صورة سيدة البيت الأنيقة في كل الظروف والتي تعقص شعرها بجدّيةٍ للخلف والتي تنطق كالببغاوات بشكل آليّ دون نبضٍ ، وتُطالع الصحف الرسميّة وتحتسي الشاي أمام التلفاز بسلبيّة تامّةٍ في هذا السجن الأنيق الذي لا يعترف بالعفويّة والانسيابيّة والتعبير الحرّ...
    محاصرةٌ أنا.. إن لبستُ.. إن ضحكتُ.. إن صافحتُ.. إن دُعيتُ.. إن سهرتُ.. إن أكلتُ.. وحتى إن تسربلتُ بملاءة النّوم البيضاء الشاحبة.
    عاد بي الحنين يوماً إلى الرّسم.. اشتريتُ بفرحٍ طفوليّ بعضاً من الألوان والريشات ، ورحت أغوص بنهَم المشتاق لأدخل مسامات اللوحات من خلال القماش الذي شددتُه بلهفة وأنا أُدمْدِم على صوت الموسيقا الحالمة التي أحبّ..
    انتابني الذّعر وأنا أرى صورة أبي قد تداخلتْ مع ملامح زوجي وهو يتلف لوحاتي بقسوة بتهمة الفوضى والتقصير في حقّ الأولاد وحقّ البيت وحقّ السيد الأول الأوحد، لم يعرفْ أن تمزيقها كان ينزف في قلبي دماً وعلقماً.
    خنت نفسي من جديد.. وتلفّحت بضعفي من جديد.. وتحوّلتْ القرابين إلى مذبح معبد قرش المنزل وتخلّيت عن موهبتي وهوايتي وعشقي للفن الذي يسكنني...
    لن أنسى ذلك اليوم الذي كنتُ فيه أضحك هاربة من أغلالي عبر أسلاك الهاتف مع زميلة الدراسة وصديقة العمر-آمال- وهي تروي لي الأشياء على طريقتها العبقريّة التي تقوى على انتزاع الضحكات مني مهما كانت الظروف النفسيّة.
    أشتاقها في كلّ حينٍ.. فرجْع قفشاتها وتعليقاتها الساخرة حتى على الألم وعلى خيبة ذاتها.. تجعلني سعيدة للحظات، وكأني بها حديقة حلوة أحتسي عندها قهوتي وأنا وحيدة..
    لن أنسى حينها كيف انقضّ على أسلاك الهاتف يقطّعها مزمجراً حانقاً.. متوعّداً بأن لا أعود إلى تلك الترّهات مع إنسانة فاشلة ضحْلة، سخيفة مثلها.
    منعني عنها، احتبس الهواء بعدها عن رئتي.. وتوَحّدتُ مع غربتي وتشرنقتُ على نفسي.
    وفي هذه اللحظة لست أدري كيف امتدّتْ يدي إلى هاتفي الجوّال أطلبها سريعاً لأمر هام..
    حدّدتُ لها مكان الشاطئ، ازداد شوقي لها بعد سماع صوتها الشجيّ الضاحك أبداً.
    انتظرتها بعد أن افترشتُ الرمل تحت شادرٍ مُتعَب بانتْ أخشابه وتمزّقتْ أنسجته فتمايلتْ بقاياها مع نسائم البحر بحميميّة متآلفة، أتأمل زورقاً صغيراً مركوناً على طرف الشاطئ تداعبه الأمواج في نومه الهادئ بعد يوم عمل شاق.
    أتتني بسرعة مدهشةٍ كعادتها.. عانقتها طويلاً.. وكتمتُ عنها دموعي التي استشعرتها بقلبها رغم أني احتبستها بزيفٍ مفضوحٍ.. كنت أستمدّ منها ذلك التوهّج الذي ينهمر دون خوف من الأخطاء والمطبّات.. كان بلا مقدّمات بلا مبرّرات، فقد أتعبني ذلك الامتحان المتواصل لحديثي، والذي كان مطلوباً مني أن أجتازه دائماً بجدارة.
    قهقهت طويلاً وأنا أضربها على كتفها بخفّةٍ كما كنت أفعل دائماً عندما تنساب دموعي وأنا أغرق من الضحك.. دون التحكّم في التوقف .
    تقاسمتُ معها حبّات الذرة المشويّة والعصائر الباردة
    و فجأة تسمرتْ عيناي عندما وقعتا على الحذاء اللامع قبالتهما فارتفع نظري للأعلى رويدا ... رويدا حتى ارتطم بعينيه .
    طلب مني النهوض بسرعة أُسقط في يد صديقتي الحائرة بيني و بينه بخوفٍ واضحٍ عليّ
    استمهلتُه للحظات أردتُ أن أكون بطلة الموقف للحظات.. وضعتُ وشاحي الفاخر على الأرض قربي طلبت منه الجلوس ليرى سحر المكان ويستمتع مثلي بجو البحر الساحر.
    ازدادتْ نظرته حدّة وتوعداً واتقاداً.. انسحبتْ صديقتي.. خرجتْ جراحاتي كلها كحجارة ترجمني تريدني أن أكون أنا ذاتي.. وقفتُ والرمال تتناثر من ملابسي الباريسية الراقية وأنا حافية القدمين.. وفي لحظة عرفت فيها أني غير متوازنة وأن إسقاطاً نفسياً مؤلماً كان يستصرخ من شروخ نفسي المقهورة..
    أمسكتُ بيده وأنا أقهقه عالياً أركض وأجذبه وأدعوه للمشاركة في دبكة كانت تبعد عنّا أمتاراً عديدة.. تضجّ بحيوية الشباب ونضرة الحياة.
    تطايرتْ شظايا نظراته أكثر شراسة.. هزّني بقوة كمن يحاول أن يوقظ النائم أفقتُ على سبّابته وهي ترتفع بوجهي صعوداً وهبوطاً ومع شاربيه وشفتيه القاسيتين الجافتين.. استحضرتُ به ملامح أبي من جديد، ارتعدتْ فرائصي من جديد، وخصلات شعري عادت ترتجف.. تأرجحتُ بين العودة إلى مذبح المعبد واللاعودة استجمعتُ شتاتي للحظات حاولت أن أتكلّمَ.. أن أعترضَ.. لم تساعدْني شفتاي، لم تسكُنْ جوارحي، لم يهدأْ قلبي.
    مشى قبلي وقال اتبعيني.. أطرقتُ- نظرتُ إلى البحر الذي أودعتُ عنده أسراري، تقاطرتْ الدموع من خلال أصابعي فامتزجتْ بأمواجه فأحسست بطعمها المالح في حلقي.. فكّرتُ قليلاً.. وجدتُ نفسي عاجزة عن أي قرار..
    تبعتُه .....وغرقتُ في بحر الخيانة من جديد....



    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان الدرع; الساعة 19-04-2010, 17:32. سبب آخر: حذف السطرين الأخيرين

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    غاليتي إيمان الدرع
    كنت أنتظر نص منك بفارغ الصبر
    طال قليلا لكنه أتى بهذه الرائعة
    نص مفعم بشجن امرأة كثيرا وقسى عليها أب حازم
    جميلة مثل روحك إيمان وشفافة
    كنت معك أعيش قصة المرأة
    ويصادف أني أكتب عن امرأة أخرى
    تقبلي تحياتي ومودتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      حين تكون النفس مترعة ، ومختلجة إلى هذا الحد ، بما تحمل عبر السنين
      تظل مسألة هامة جدا و حاسمة ، كيف يمكن معالجة الأمر ، و بصورة
      تجتذب و تدهش القارىء .. !
      عملية التذكر التى أتت على مراحل ، كانت بمنطق المذكرات اليومية
      فيما يخص الحالات المعروضة ، و لو أحدثت تشابكا و خلطا فى القص
      لكان الأمر أكثر قوة و تماسكا
      أثقل على فى بداية العمل ، التقييم لهؤلاء السادة ، و هذا فى حد ذاته غير مقبول فى القص ، ربما فى المقال و الخاطرة يكون أجمل ، و أليق به ، فنحن نكتب و نصور ، و أحكامنا تأتى متضمنة فى سياق العمل ، و العرض !!

      تميزت قصتك و خاصة الجزء الأخير ما سبق الإغلاق بالروعة و الجمال ، فى اللغة ، و اتقان المشهد حد الألم و ليس حد الدهشة التى انتظرتها آملا خرق الواقع ، و ضرب الخيانات فى مقتل ، و ليس للاستمرارها على هذا النحو !

      مازلت أتذوق
      لى عودة
      sigpic

      تعليق

      • ميساء عباس
        رئيس ملتقى القصة
        • 21-09-2009
        • 4186

        #4
        إيمان الغالية
        بارك الله بك
        الموضوع ولاأجمل وغير مستهلك وحتى طريقة سرده فاتنة
        ربما المقدمة شعرت بها كماقال ربيعنا
        أما القصة فذة جميلة شاعرية
        موضوعها خطير
        وأروع ماعبرت عنه غاليتي باسم الخيانة
        التي تجرعتنا جميعنا
        لاأظن أي أحد منا لم يخون نفسه
        الحياة تقتضي الوصايا
        وهيهات بينها وبين السعادة
        محبتي لك ولكل حرف خطته روحك الطاهرة
        ميسو
        التعديل الأخير تم بواسطة ميساء عباس; الساعة 19-04-2010, 03:23.
        مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
        https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          من أي نقطة على وجه الورقة سأبدأ


          من أي لفظة و إلى أي لفظة سأنتهي


          ربما من عنوان جاء رائعا ، و إن بدا عاديا ، الكتابة جعلت منه حالة استثنائية ، و ربما من أعلى نقطة في ذيل الفرس !


          سأضع نفسي فى العمل ، و أحاول خداعي ، بأن ما بين يدى ليس قصة ، و على أن أكتشف القصة من خلال ما هنا من كتابة ، خلال التفاف السطور ، و توالد الصور و المواقف ، و التأكد بأن اللغة التى أمامى كانت لغة قص ، و ليس شيئا آخر .. لكن لا .. لن أفعل هذا .. لتفعله أنت و هو وهى !!


          أأحاول كتابة العمل حسب رؤية متصورة ، وممارسة هذا الفعل الكريه ، و تغيير ملامح إيمان الدرع .. و لكن هذه ليست ملامح إيمان الدرع ، و إن كانت لغتها ، وإن كانت ذات الطريقة في المعالجة ؟!


          أرجوك .. لا تغامر بتمرير رؤاك الخاصة ، و بخبث ، فهذا لن يكون طيبا !


          طيب .. يا أخى اعتبرنى قارئا عاديا ، يمارس حقه فى اكتشاف العمل ، و القبض على أهم ما يحمل ، و إعادة كتابته فى المخيلة ، و ليس الورقة !


          ليكن .. لك هذا


          فما رأيك لو أننى فى لحظة مغايرة نشطت فى ذات البطلة ، تخلقت من خلال استمرار حالة قهر ، يمارسها دوما زوج متسلط ، ابن بيئة متسلطة .. حين بكل بساطة منعها عن صديقتها ، و بشكل لا يدع لها إلا طريقا واحدة لا ثان لها ، فتقرر ، و بدون كثير تفكير ، عفويا ، أن تخلع رداء قهره ، و تسرع بمغادرة بيت الطاعة .. و هنا تفجرت في ذات البطلة ، كل ألوان القهر ، و الخيانات التى مارستها على نفسها ، حتى و هي في حضرة ، و فى صدر صديقتها ، هناك على الشاطئ ، كانت حالة طارئة ، تصلح لأن تكون عبورا لحياة أخرى ، تغسل على شاطئها خياناتها المتتالية لإنسانيتها ، و لذاتها ككائن له الحق فى ممارسة حياته ، و لو بقليل من حرية الاختيار .. أبدأ منها .. من هنا و ليس بذاك الترتيب الذى أحدث خلطا لفظيا و تقنيا عجيبا بين القصة و الخاطرة ، بإصدار الأحكام ، و الحدث بصوت عال اقترب من المباشرة و التقرير ، وكان من الممكن ألا يكون ذلك مع وجوده !


          انتظر صديقي .. ألا يبدو الأمر صعبا إلى حد ما ؟!


          إني أذهب لصياغة عمل دائري .. نعم .. تكون نقطة البداية هى ذاتها نقطة النهاية !


          أريده عملا قويا ، إن لم يكن عبقريا ، تبدو فيه حالات القهر كأنها ملامح أسطورة بين حد الصدق و الكذب ..


          انتظر .. إليس هذا ذهابا و ارتدادا للرومانسية ؟


          لالالا.. هى تشابه فى سمة ما ، توحد بين معلم من معالم مدرسة و أخرى .. و لكن تظل الاحتمالات متوهجة ، و قادرة على ترسيخ نفسها ، و فق حالة تمرد مستمرة !


          - انتظر سيدى .. بعد كل هذا الهدم للعمل ، ومحاولة بنائه ، هل تذهب أيضا إلى نفس النهاية ، و استمرار حالة الخيانات ، بتأطيرها ، وعمل استدامة لها ، ترسيخا لمعتقد يحتكم لأعراف غريبة ، التصقت بالمرأة ، أو لنقل اغتالت كينونة المرأة عبر الزمن ، بتعجيزها ماديا ، و إنسانيا لضمان اتكالها و تواكلها كما كان شأن الرومانسية و العدمية فى أسمى صورها ؟


          - لا .. عندي شجون أخرى .. عندي أجيال قادمة ، لا بد أن أزرع فى تربتها روح أخرى للتمرد ، و الاستقلالية ، و أن أبحث عن هذا القدر من الحرية ، الذى يحفظ لها إنسانيتها !


          - عدنا إلى نقطة البداية ، ومسألة كتابة العمل من جديد


          - معنى اعتراضك أنك غير مقتنع بالمحاولة مع أنها مباحة ، و حق من حقوقي كقارئ أى قارئ له نفس الحق


          - لكن ...!


          أرجوك انتظر قليلا ، لنرى ما ستؤول إليه الأمور ، من استمرا ر لحظة التمرد ، و انعكاس ذلك فى صدر و عقلية بطلتنا ؛ فحين تفاجأ بالزوج على الشاطئ ، و يروح صوته يعلو يرغى و يزبد ، لتعلو معه حدة الرفض رويدا رويدا ، و تتجسد حالة مدهشة تأبى خيانة نفسها لمرة جديدة ، وحين تنصرف صديقتها تكون معها ، حتى و لو طاردها المتسلط باللطمات و الركلات !!


          إنها مجرد حالة تفكير و جدل قد تبدو غبية للغاية ، و قد تحمل بين طياتها شيئا محببا نستطيع تصديره إلى الأبناء و الأحفاد !


          ألا يعتبر هذا كذبا ومغالاة ، بينما واقع الحال غير ذلك تماما ؟


          و هل تناقضت مع المشاعر .. مع ما يجب و مالا يجب فى حدود الممكن و المتاح ، و ليس وقفا على ذات البطلة .. لا بالطبع .. ليس تماما .. إنك تعلم وبلا شك ، و هذا شكل من أشكال الواقعية ، أنا لا أذهب إلى رومانسية متناقضة تطلق العنان للخيال ، و تضفى الجمال على عالم قبيح ، وكم دعت إلى أفكار غاية الغرابة و التحرر من أية قيود ( قصة بلا عقدة ، شعر لا يحمل سوى موسيقى ، يقوم على الجرس العالى الصاخب ، خالية من المعنى و الترابط .. ، ولا أذهب إلى دعوة بودلير بضرب الموقف النفعى الصارخ للرأسمالية ، و هى ما يطلق عليها الفن للفن ، و لا أذهب إلى طبيعية فلوبير وزولا القحة ، التى قامت أو شكلت مع الانطباعيين حركة تمرد ضد الواقعية ، و لا أيضا إلى الرمزية التى استهجنت ما سبقها ، أو الواقعية الإشتراكية التى تعنى بطرح بعض الحلول ، أو عرض المادة مع تحرير بصيص أمل يكون كافيا للانارة و الرؤية وحسب رؤية وقناعات كاتبها .. الكتابة ليست محاكاة للواقع ، لقد تغير ألأمر تماما ، بل تدمير وتفتيت هذا الواقع ، و إعادة بنائه من جديد حسب رؤى و قيم متصورة أو متخيلة ، ألم يصل الحال إلى أبعد من ذلك ، بتطيم و تفتيت اللغة ؟!


          اسمح لى .. أنا غير مقتنع !


          يا صديقي .. إن المختزن فى ذات البطلة ، علينا أن نطلقه ، علينا أن نحرره و نزكيه ، و ألا يظل متخيلا أو محض هواجس و أفكار ، بل يكون هو الواقع ، و العكس بالنسبة للقهر ، دعه يخرج أروع ما لديه ، دعه يقهر نفسه ، يدمرها . ليظل هو الهاجس صديقي ، الذي يدفعنا إلى المقاومة .. واقع القهر كان ضخما ، و كان لا بد من انقلابة فى ذات البطلة ، و إلا انتجت لنا هذه المؤسسة ألأسرية قهرا و قلة حيلة و تخاذل و أنانية بغيضة !


          ماذا بقى سيدي من العمل بين يديك ... أقصد اللغة و الحكاية و .. ؟!


          العمل هو هو ، اختلاف زاوية النظر ، هو ما أتاح هذه الفرصة ؛ إنى بحق أريده عملا عبقريا بقليل من الجدل مع الذات الكاتبة و البطلة !



          أرجو أنها محض سفسطة لا قيمة لها


          و محاولة تفكير عقيمة ، و غير ذات موضوع ، فالتمسي لي العذر ،


          فلغتك الجميلة و روحك المدهشة هي من جعلتني أهذى !!


          وربما هو تطفل .. وهو كذلك ، ولكن لا أعتذر عنه !
          sigpic

          تعليق

          • إيمان عامر
            أديب وكاتب
            • 03-05-2008
            • 1087

            #6
            الله الله

            ما هذا الابداع ايتها البهية العملاقة
            توغلتِ داخل نفسي فألجمتيني الصمت أمام روعتك

            أحببت أن أحجز مقعد ولي عودة بعد حين لاكمل هذه اللوحة
            ماجملك وما أروعك إيمان الحبيبة الغالية
            دمت برقة تنهشين الصمت والصراخ بداخلي

            لي عودة حين أعود
            سلام علي قلبك وأناملك
            لك حبي ايتها المبدعة
            "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

            تعليق

            • فواز أبوخالد
              أديب وكاتب
              • 14-03-2010
              • 974

              #7
              الراااااااائعة إيمان الدرع

              قصة ممتعة جدااااااااااا

              دام هذا التألق والعطاء

              تحياااااتي لك .
              [align=center]

              ما إن رآني حتى هاجمني , ضربته بقدمي على فمه , عوى من شدة
              الألم , حرك ذيله وولى هاربا , بعد أن ترك نجاسته على باب سيده .
              http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=67924

              ..............
              [/align]

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                اعترافات امراة خائنة

                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                غاليتي إيمان الدرع
                كنت أنتظر نص منك بفارغ الصبر
                طال قليلا لكنه أتى بهذه الرائعة
                نص مفعم بشجن امرأة كثيرا وقسى عليها أب حازم
                جميلة مثل روحك إيمان وشفافة
                كنت معك أعيش قصة المرأة
                ويصادف أني أكتب عن امرأة أخرى
                تقبلي تحياتي ومودتي
                الغالية الحبيبة ، والقريبة جدّا..جدّاً من روحي:
                نجمة الملتقى: عائدة:
                لقد أنعشت الروح بكلماتك المفعمة بالخير والصدق والحب..
                ها قد لبّيت النداء وسارعت بإرسال هذا النص .
                حاولت الانكفاء قليلاً..ولكني لفرط شوقي لم أقاوم سحر كلماتك،ولطفك
                وسؤالك الذي يتدفّق حناناً عن كلّ الزملاء في الملتقى وكأنهم أسرتك الأقرب
                لنفسك الرضيّة..
                أسعدتني برأيك حول النص، أفخر ملء كياني بكلّ كلمةٍ تصدر عنك بحقّ ما أكتب .
                أجل أديبتنا المبدعة ..هاجسي الأوحد تسليط الضوء على مشاعر المرأة ، على أوجاعها الدفينة ..عساني أُوفّق ..هذا ما أرجوه...
                أشكر كلّ أريج عطرٍ سكبته بمرورك على حروفي
                دُمتِ بسعادةٍ ...تحيّاتي....
                التعديل الأخير تم بواسطة إيمان الدرع; الساعة 19-04-2010, 15:29. سبب آخر: تغيير حرف

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
                  إيمان الغالية
                  بارك الله بك
                  الموضوع ولاأجمل وغير مستهلك وحتى طريقة سرده فاتنة
                  ربما المقدمة شعرت بها كماقال ربيعنا
                  أما القصة فذة جميلة شاعرية
                  موضوعها خطير
                  وأروع ماعبرت عنه غاليتي باسم الخيانة
                  التي تجرعتنا جميعنا
                  لاأظن أي أحد منا لم يخون نفسه
                  الحياة تقتضي الوصايا
                  وهيهات بينها وبين السعادة
                  محبتي لك ولكل حرف خطته روحك الطاهرة
                  ميسو
                  غاليتي : بل الأثيرة إلى وجداني: ميسو الحبيبة:
                  كيف أشكرك ؟؟ أتدرين أي طلٍّ حلوٍ تعشّقين به سطوري بحضورك؟؟
                  أفرحتني بهذه القراءة الهادئة ،المتأنيّة للنص..
                  أفكارك اقتحمت الحروف بعمقٍ..
                  تماماً حبيبتي هذا ماأردت التأكيد عليه ..
                  هذه الوصايا التي اغتالت تلقائيّة حياتنا..ودهشة روحنا المقيّدة بأسلاك شائكة لا مرئيّة..
                  لست أدري غاليتي ماعُدتُ أقبلها لي ولغيري...
                  شكراً لمداخلتك الرائعة..
                  دُمتِ بسعادةٍ ....تحيّاتي

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان عامر مشاهدة المشاركة
                    الله الله

                    ما هذا الابداع ايتها البهية العملاقة
                    توغلتِ داخل نفسي فألجمتيني الصمت أمام روعتك

                    أحببت أن أحجز مقعد ولي عودة بعد حين لاكمل هذه اللوحة
                    ماجملك وما أروعك إيمان الحبيبة الغالية
                    دمت برقة تنهشين الصمت والصراخ بداخلي

                    لي عودة حين أعود
                    سلام علي قلبك وأناملك
                    لك حبي ايتها المبدعة
                    من يمرّ من هنا ؟؟؟إيمان حبيبتي ؟؟
                    يالروعة اللقاء بعد شوقٍ كبيرٍ...
                    لو تعلمين كم غالٍ عليّ حضورك البهي..
                    ها أنا أستنشق بعبيرك النسائم التي أحبّها..
                    لا حُرمت من مصافحتك الرقيقة..
                    بانتظار عودتك..
                    دُمتِ بسعادةٍ ...تحيّاتي ...

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة فواز أبوخالد مشاهدة المشاركة
                      الراااااااائعة إيمان الدرع

                      قصة ممتعة جدااااااااااا

                      دام هذا التألق والعطاء

                      تحياااااتي لك .
                      أخي الراقي :
                      أستاذي الفاضل: فواز أبو خالد
                      أهلا بك ..وشكراً من الأعماق على مرورك الغالي الذي أبهج قلبي..
                      وكم أفرحني أن القصّة وجدت القبول لديك..
                      تقبّل وافر احترامي وتقديري وامتناني
                      أعتزّ برأيك جدّاً..
                      دُمتَ بسعادةٍ ....تحيّاتي ...

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • إيهاب فاروق حسني
                        أديب ومفكر
                        عضو اتحاد كتاب مصر
                        • 23-06-2009
                        • 946

                        #12
                        تبعتُه- كما تتبع الفريسة الضعيفة المنوّمة ضبعها.. تبعته خائبة بعد أن يئستُ من إعطاء نفسي المقهورة صكّ الغفران عن خيانات مستمرة لذاتي.. لكياني.. لملامحي.. لذاكرتي.. وغرقت في بحر الخيانة من جديد...

                        المبدعة القديرة الرائعة
                        إيمان الدرع
                        حقاً لنصوصك مزاقها الخاص
                        وقدرتك الفائقة على تصوير وصاية الرجل على المرأة في عالمنا العربي
                        تلك وصاية تتم بالتوريث
                        وصل المضمون ببراعة
                        وفي أبهى صورة وأجمل لغة
                        تحيتي على هذا الإبداع الراقي
                        واسمحي لي أن أسرّ بكلمةٍ صغيرة : أرى أن النهاية ستحدث أثرها بقوةٍ لو تكرمتِ بحزف العبارة الملونة باللون الأحمر... حيث أنها تضع تختم القصة بتقرير عن المضمون.... هذا مجرد تصور أول...قد أكون مخطئاً أو مصيباً بشأنه... لكنه هكذا وصلني...
                        لكن أياً كان من أمرٍ
                        فإني أهديكِ باقة من الزهور تحية وتقدير على هذا الإبداع الذي لا يمكن أن يوصف بأكثر من ........ الجمييييييل .....
                        إيهاب فاروق حسني

                        تعليق

                        • ريما منير عبد الله
                          رشــفـة عـطـر
                          مدير عام
                          • 07-01-2010
                          • 2680

                          #13
                          أعجبني سردك غاليتي وعشتك احساس شفاف أخذني إليك حتى ويكأني توحّدت معك
                          لك اسلوب ساحر
                          ولك الحب

                          تعليق

                          • إيمان الدرع
                            نائب ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3576

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                            من أي نقطة على وجه الورقة سأبدأ



                            من أي لفظة و إلى أي لفظة سأنتهي


                            ربما من عنوان جاء رائعا ، و إن بدا عاديا ، الكتابة جعلت منه حالة استثنائية ، و ربما من أعلى نقطة في ذيل الفرس !


                            سأضع نفسي فى العمل ، و أحاول خداعي ، بأن ما بين يدى ليس قصة ، و على أن أكتشف القصة من خلال ما هنا من كتابة ، خلال التفاف السطور ، و توالد الصور و المواقف ، و التأكد بأن اللغة التى أمامى كانت لغة قص ، و ليس شيئا آخر .. لكن لا .. لن أفعل هذا .. لتفعله أنت و هو وهى !!


                            أأحاول كتابة العمل حسب رؤية متصورة ، وممارسة هذا الفعل الكريه ، و تغيير ملامح إيمان الدرع .. و لكن هذه ليست ملامح إيمان الدرع ، و إن كانت لغتها ، وإن كانت ذات الطريقة في المعالجة ؟!


                            أرجوك .. لا تغامر بتمرير رؤاك الخاصة ، و بخبث ، فهذا لن يكون طيبا !


                            طيب .. يا أخى اعتبرنى قارئا عاديا ، يمارس حقه فى اكتشاف العمل ، و القبض على أهم ما يحمل ، و إعادة كتابته فى المخيلة ، و ليس الورقة !


                            ليكن .. لك هذا


                            فما رأيك لو أننى فى لحظة مغايرة نشطت فى ذات البطلة ، تخلقت من خلال استمرار حالة قهر ، يمارسها دوما زوج متسلط ، ابن بيئة متسلطة .. حين بكل بساطة منعها عن صديقتها ، و بشكل لا يدع لها إلا طريقا واحدة لا ثان لها ، فتقرر ، و بدون كثير تفكير ، عفويا ، أن تخلع رداء قهره ، و تسرع بمغادرة بيت الطاعة .. و هنا تفجرت في ذات البطلة ، كل ألوان القهر ، و الخيانات التى مارستها على نفسها ، حتى و هي في حضرة ، و فى صدر صديقتها ، هناك على الشاطئ ، كانت حالة طارئة ، تصلح لأن تكون عبورا لحياة أخرى ، تغسل على شاطئها خياناتها المتتالية لإنسانيتها ، و لذاتها ككائن له الحق فى ممارسة حياته ، و لو بقليل من حرية الاختيار .. أبدأ منها .. من هنا و ليس بذاك الترتيب الذى أحدث خلطا لفظيا و تقنيا عجيبا بين القصة و الخاطرة ، بإصدار الأحكام ، و الحدث بصوت عال اقترب من المباشرة و التقرير ، وكان من الممكن ألا يكون ذلك مع وجوده !


                            انتظر صديقي .. ألا يبدو الأمر صعبا إلى حد ما ؟!


                            إني أذهب لصياغة عمل دائري .. نعم .. تكون نقطة البداية هى ذاتها نقطة النهاية !


                            أريده عملا قويا ، إن لم يكن عبقريا ، تبدو فيه حالات القهر كأنها ملامح أسطورة بين حد الصدق و الكذب ..


                            انتظر .. إليس هذا ذهابا و ارتدادا للرومانسية ؟


                            لالالا.. هى تشابه فى سمة ما ، توحد بين معلم من معالم مدرسة و أخرى .. و لكن تظل الاحتمالات متوهجة ، و قادرة على ترسيخ نفسها ، و فق حالة تمرد مستمرة !


                            - انتظر سيدى .. بعد كل هذا الهدم للعمل ، ومحاولة بنائه ، هل تذهب أيضا إلى نفس النهاية ، و استمرار حالة الخيانات ، بتأطيرها ، وعمل استدامة لها ، ترسيخا لمعتقد يحتكم لأعراف غريبة ، التصقت بالمرأة ، أو لنقل اغتالت كينونة المرأة عبر الزمن ، بتعجيزها ماديا ، و إنسانيا لضمان اتكالها و تواكلها كما كان شأن الرومانسية و العدمية فى أسمى صورها ؟


                            - لا .. عندي شجون أخرى .. عندي أجيال قادمة ، لا بد أن أزرع فى تربتها روح أخرى للتمرد ، و الاستقلالية ، و أن أبحث عن هذا القدر من الحرية ، الذى يحفظ لها إنسانيتها !


                            - عدنا إلى نقطة البداية ، ومسألة كتابة العمل من جديد


                            - معنى اعتراضك أنك غير مقتنع بالمحاولة مع أنها مباحة ، و حق من حقوقي كقارئ أى قارئ له نفس الحق


                            - لكن ...!


                            أرجوك انتظر قليلا ، لنرى ما ستؤول إليه الأمور ، من استمرا ر لحظة التمرد ، و انعكاس ذلك فى صدر و عقلية بطلتنا ؛ فحين تفاجأ بالزوج على الشاطئ ، و يروح صوته يعلو يرغى و يزبد ، لتعلو معه حدة الرفض رويدا رويدا ، و تتجسد حالة مدهشة تأبى خيانة نفسها لمرة جديدة ، وحين تنصرف صديقتها تكون معها ، حتى و لو طاردها المتسلط باللطمات و الركلات !!


                            إنها مجرد حالة تفكير و جدل قد تبدو غبية للغاية ، و قد تحمل بين طياتها شيئا محببا نستطيع تصديره إلى الأبناء و الأحفاد !


                            ألا يعتبر هذا كذبا ومغالاة ، بينما واقع الحال غير ذلك تماما ؟


                            و هل تناقضت مع المشاعر .. مع ما يجب و مالا يجب فى حدود الممكن و المتاح ، و ليس وقفا على ذات البطلة .. لا بالطبع .. ليس تماما .. إنك تعلم وبلا شك ، و هذا شكل من أشكال الواقعية ، أنا لا أذهب إلى رومانسية متناقضة تطلق العنان للخيال ، و تضفى الجمال على عالم قبيح ، وكم دعت إلى أفكار غاية الغرابة و التحرر من أية قيود ( قصة بلا عقدة ، شعر لا يحمل سوى موسيقى ، يقوم على الجرس العالى الصاخب ، خالية من المعنى و الترابط .. ، ولا أذهب إلى دعوة بودلير بضرب الموقف النفعى الصارخ للرأسمالية ، و هى ما يطلق عليها الفن للفن ، و لا أذهب إلى طبيعية فلوبير وزولا القحة ، التى قامت أو شكلت مع الانطباعيين حركة تمرد ضد الواقعية ، و لا أيضا إلى الرمزية التى استهجنت ما سبقها ، أو الواقعية الإشتراكية التى تعنى بطرح بعض الحلول ، أو عرض المادة مع تحرير بصيص أمل يكون كافيا للانارة و الرؤية وحسب رؤية وقناعات كاتبها .. الكتابة ليست محاكاة للواقع ، لقد تغير ألأمر تماما ، بل تدمير وتفتيت هذا الواقع ، و إعادة بنائه من جديد حسب رؤى و قيم متصورة أو متخيلة ، ألم يصل الحال إلى أبعد من ذلك ، بتطيم و تفتيت اللغة ؟!


                            اسمح لى .. أنا غير مقتنع !


                            يا صديقي .. إن المختزن فى ذات البطلة ، علينا أن نطلقه ، علينا أن نحرره و نزكيه ، و ألا يظل متخيلا أو محض هواجس و أفكار ، بل يكون هو الواقع ، و العكس بالنسبة للقهر ، دعه يخرج أروع ما لديه ، دعه يقهر نفسه ، يدمرها . ليظل هو الهاجس صديقي ، الذي يدفعنا إلى المقاومة .. واقع القهر كان ضخما ، و كان لا بد من انقلابة فى ذات البطلة ، و إلا انتجت لنا هذه المؤسسة ألأسرية قهرا و قلة حيلة و تخاذل و أنانية بغيضة !


                            ماذا بقى سيدي من العمل بين يديك ... أقصد اللغة و الحكاية و .. ؟!


                            العمل هو هو ، اختلاف زاوية النظر ، هو ما أتاح هذه الفرصة ؛ إنى بحق أريده عملا عبقريا بقليل من الجدل مع الذات الكاتبة و البطلة !



                            أرجو أنها محض سفسطة لا قيمة لها


                            و محاولة تفكير عقيمة ، و غير ذات موضوع ، فلتمسي لي العذر ،


                            فلغتك الجميلة و روحك المدهشة هي من جعلتني أهذى !!


                            وربما هو تطفل .. وهو كذلك ، ولكن لا أعتذر عنه !
                            أستاذي الفاضل : ربيع دربي :مدرستي:
                            أيها الصرح الأدبيّ الكبير..
                            أصابتني الحيرة..واهتزّ القلم بيدي
                            ماذا أكتب ؟؟ وبماذا أجيب ؟؟لم يعُدْ عندي ما يُقال.. وما يستحقّ القول أمام عظمة كلماتك..
                            سأحاول أن ألملم بعضاً من شتاتي..
                            سبرت النصّ بروحك ، وأوغلت إلى العميق من الأفكار ، بعين لاقطةٍ ثاقبة
                            أجل أخي في الرّوح..لقد سلّطتُ الضوء الكاشف على امرأة مقهورة حدّ التشظّي
                            عبر ذكرياتٍ قابعةٍ في حناياها ، تُثقل كاهلها، تنوء بها .
                            حاولتُ أن أُعرّي لحظة الألم كي أهزّ النفس بعُمقٍ لتجنّبه على المدى البعيد
                            أو لتغييره بهدوءٍ في حال الوقوع فيه..
                            فعلاً احترتُ عند الخاتمة ، أردتُ تمرّدها الصارخ ،ولكني أحسستُ بعدم المصداقيّة،حيث لو تمّ ذلك لغادرت نصف النساء بيوتها..
                            فهذه الأسباب روحيّة بحتة ولا تُقنع المجتمع الذي يرى ظاهر الأشياء
                            مؤكد أنّ صراخ نفسها ، ودموعها لن تذهب سدى،ستحاول وتحاول مرّاتٍ ومرّات ، طالما بدأت هذه الشروخ مناوشتها..ولو بعد حين..
                            وسترى الأجيال وتستشعر القهر الذي يعتري من يجامل على حساب قراراته
                            المصيّرية ، فتبتعد مُسبقاً عن هذا المطبّ الذي يبتلع الملامح كغولٍ كاسرٍ
                            يا معلّمي .. مازلتُ مأخوذة بعمق مداخلتك ..
                            اعذرني إذا لم أُحطْ بها كما يتوجّب علي..
                            أشكرك على الوقت الثمين الذي خصصتَه للنصّ..
                            أبقاك الله لي ذُخراً وسنداً ، على طريق الرسالة الأدبيّة الهادفة..أشكرك..
                            دُمتَ بسعادةٍ....تحيّاتي ....

                            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة إيهاب فاروق حسني مشاهدة المشاركة
                              تبعتُه- كما تتبع الفريسة الضعيفة المنوّمة ضبعها.. تبعته خائبة بعد أن يئستُ من إعطاء نفسي المقهورة صكّ الغفران عن خيانات مستمرة لذاتي.. لكياني.. لملامحي.. لذاكرتي.. وغرقت في بحر الخيانة من جديد...

                              المبدعة القديرة الرائعة
                              إيمان الدرع
                              حقاً لنصوصك مزاقها الخاص
                              وقدرتك الفائقة على تصوير وصاية الرجل على المرأة في عالمنا العربي
                              تلك وصاية تتم بالتوريث
                              وصل المضمون ببراعة
                              وفي أبهى صورة وأجمل لغة
                              تحيتي على هذا الإبداع الراقي
                              واسمحي لي أن أسرّ بكلمةٍ صغيرة : أرى أن النهاية ستحدث أثرها بقوةٍ لو تكرمتِ بحزف العبارة الملونة باللون الأحمر... حيث أنها تضع تختم القصة بتقرير عن المضمون.... هذا مجرد تصور أول...قد أكون مخطئاً أو مصيباً بشأنه... لكنه هكذا وصلني...
                              لكن أياً كان من أمرٍ
                              فإني أهديكِ باقة من الزهور تحية وتقدير على هذا الإبداع الذي لا يمكن أن يوصف بأكثر من ........ الجمييييييل .....
                              أستاذي الفاضل: إيهاب فاروق حسني:
                              ولمرورك الكريم مذاقه الخاص..
                              لأنك تُغني النصّ بأفكارك ، وتعطيه بُعداً شموليّا أحتاجه دائماً..
                              أخي الغالي: ألف شكرٍ من الأعماق عن كلّ كلمة دافعةٍ لروحي ،كتبتها..
                              وهاقد سارعتُ بحذف السطرين الأخيرين من النص ،عملاً باقتراحك.
                              فعلاً رأيك صائب ،وفي مكانه،وجدتُ ذلك أنسب لاحُرمت من رأيك
                              دُمتَ بسعادةٍ ....تحيّاتي ...

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              يعمل...
                              X