7
النص السابع
النص السابع
المقاطع ...
[align=justify]
رباح الوجيه
لعنة الله على الجنزير
غشني بخلطاته لمّا كانت زوجتي الثانية سندس على ذمتي. مع أني وثقت به، وسلمته روحي عندما بدأت شرب خلطته التي قال لي: إنها ستجعلني مثل الحصان. طاوعتُهُ، وقلت لحالي: من يقدر على الجن ، يقدر على تصليب عودي مع النسوان. لكن العكس هو الذي صار معي، فخلطته الكذابة جعلتني أتجنب سندس وأبتعد عنها!.
سندس
عينا الشيخ المكحلتان بثتا في روحي وجسدي أحاسيس مبهمة، فهُما ليستا مجرد عينين بشريتين كتلك التي عهدتها في الرجال، إنما هما مجهريتان تكادان تعريانني من ملابسي، وتدعوانني إلى لملمة نفسي خشية انكشافي أمامه.
سندس
لكن ضعف رباح ازداد، مما أتاح لي فرص إحراجه، فالرجل تغير ولم يعد عنيداً مثلما كان، ونظراته صارت لينة مخذولة، خصوصاً بعد اعترافه لي ونحن في فراشنا، بأن الفضل في نجاح مهمته معي، إنما يعود لي أنا لا هو.
جبران
الوضع الآن اختلف كثيراً، فقد انهالت النسوة على ارتداء الجلابيب والمناديل والخُمر، وانتشر الشباب الملتحون الذين يخطبون في بيوت العزاء والتجمعات، وانتشرت الواعظات في المنازل والوعاظ في المساجد والجمعيات والمراكز وخارجها. فسادَ الذهول في أوساط اليساريين والقوميين والليبراليين، ومعهم الحكومات التي تعاقبت على مبنى مجلس الوزراء في الدوار الرابع.
بكر الطايل
انتظرت عند باب الملهى، قلت في نفسي: هذا الرجل يدفع مئتا دينار في الليلة الواحدة؟ الله أكبر . فتردد التكبير في جوفي، وسمعت نداء الواجب يمخر في مسمعي ويستحثني آن الأوان يا بكر. .
الشيخ عبد الحميد الجنزير.
حاولت تطهير نفس بكر الطايل مما علق بها من قتام حسده لعزمي، قلت له:أنسيتَ أن الحسد كان أول ذنب ارتكب في الأرض يوم حسد ابن آدم أخاه فقتله؟ منذ متى كان إبليس هادياً ومرشداً لك؟ عد إلى كتاب الله يا بكر وحرر روحك من وساوس الشيطان عل الله يرزقك.
بكر الطايل
تأملت هذه الحياة الفانية، وتوصلت إلى أن الموت أكثر يسراً من العيش في سبخة حياة لا سند للمؤمن فيها ولا عضد. حَسَبتُها وفكرت: طالما أنني مشتاق للقاء وجه ربي، فلماذا أتأخر وأهدر الوقت في حياة كلها عذاب؟ تبرمتُ أمام الشيخ الجنزير ، حدثته عما يفعله عزمي الوجيه، وبينت له ما يدور في رأسي، فأغلق عليّ كل المنافذ منهياً حديثه بقوله عد إلى رشدك يا بكر. الجنزير.
أعرف أن مبالغة بكر الطايل في غضبه وسخطه، يرجع إلى نجاح عزمي وتفوقه، لكنني توصلتُ من دون جهد إلى أن بكر لن ينجح في حياته، إذ من المؤكد أنه في قراراته يتمنى النجاح وامتلاك ما لدى عزمي من حنكة وذكاء، فكيف يمكن للنجاح والفطنة أن يستجيبا لمن يحسد الآخرين على امتلاكهم لهما؟ كيف يمكنه عقد السلام مع النجاح إذا كان يحاربه حين يمتلكه الآخرون؟ منذ ذلك الحين أخضعت عقل ذلك الشاب النحيل، بكر الطايل، إلى رقابتي.
جبران
أيام جبل الجوفة ذهبت إلى غير رجعة، ولست آسفاً عليها، إذ لا توجد فلسفة ولا فكرة ولا ديانة تحول دون استمتاع الإنسان بأمواله، أو تطالبه بالتمسك بالفقر إذا استطاع الإفلات من براثنه، لكن الجنزير وعزمي ظلا يشغلان حيزاً كبيرا في تفكيري، وأحسست بأنهما يمتطيان حصاناً واحداً ويتزاحمان على من الذي سيكون في المقدمة!.
العقيد رشيد حميدات
حين وصلنا بيت رباح الوجيه، بعد ساعة من صلاة العشاء، طرقنا بوابته ، فسمعنا نحنحة خشنة من النوع الذي يصدر عن المسنين بهدف الذود عن هيباتهم. فتحت البوابة، فرأيت عينين تلمعان في عتمة الدار، حتى إنني خلت الدار كلها كائناً أسود بعينين شبه آدميتين، وحين سلطت شعاع مصباحي اليدوي نحوه، رأيته متكئا بكلتا يديه على عكازة معقوفة، شعره مغبر بنوع عجيب من الشيب الذي يمتد إلى حاجبيه وشاربيه ولحيته الكثة، كأنه خارج من قبر، أما قدمه فملفوفة بقالب من الجبصين.
سندس
صرت أتأمل الأشياء من حولي، لاحظت أن جدران البيت حزينة، وإسمنت أرضه متشقق، وفناء الدار أشبه بسجن، أما غرفة عزمي فقد أقفلتُها وخبأت مفتاحها بعد أن رتبت ما فيها، وعندما سألني رباح عن سبب إقفال غرفة عزمي الصغيرة قلت: قد يعود.
العقيد رشيد حميدات
أن ما بهرني حقاً، أنني رأيت بعد أسبوع من تلك الحادثة التي كادت تزلزل يقيني بسلامة عيني وعقلي، صورة عزمي الوجيه في واحدة من صحفنا المحلية، وهو يصافح مدير إحدى الجمعيات الخيرية الكبرى، ويسلمه شيكاً بمبلغ ثلاثين ألف دينار، تبرعاً للعائلات المستورة والمعوزين الذين ترعاهم تلك الجمعية! كان مبتسماً في الصورة ومغتبطاً.
الجنزير
أنا الآن في مكة المكرمة، حيث الأرض التي كرّمها الله وأنزل فيها رسالته على نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. منذ أن دخلت هذه الأرض المباركة وأنا أشعر بأنني سأقابل وجه ربي عما قريب، أنبأني بذلك بدني الذي هزل، وروحي التي صارت تتقافز مبتعدة عني عائدة إلي، كأنها تقوم بتحضيري للقاء ربي. حمدت الله وشكرته على نعمائه ورحمته التي غمرني بها، حين أمهلني وأبقاني حياً لأؤدي مناسك الحج للمرة الأخيرة، وأكَفّر عما اقترفتُه من ذنوب في حياتي التي طالت، وأثوب إلى الله توبة نصوحاً، وأمحو خطاياي متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، مبتعداً متنائياً عما يدنس فطرتي، ويزيغ بصري، ويخطف اليقين من قلبي وصدري.
لعنة الله على الجنزير
غشني بخلطاته لمّا كانت زوجتي الثانية سندس على ذمتي. مع أني وثقت به، وسلمته روحي عندما بدأت شرب خلطته التي قال لي: إنها ستجعلني مثل الحصان. طاوعتُهُ، وقلت لحالي: من يقدر على الجن ، يقدر على تصليب عودي مع النسوان. لكن العكس هو الذي صار معي، فخلطته الكذابة جعلتني أتجنب سندس وأبتعد عنها!.
سندس
عينا الشيخ المكحلتان بثتا في روحي وجسدي أحاسيس مبهمة، فهُما ليستا مجرد عينين بشريتين كتلك التي عهدتها في الرجال، إنما هما مجهريتان تكادان تعريانني من ملابسي، وتدعوانني إلى لملمة نفسي خشية انكشافي أمامه.
سندس
لكن ضعف رباح ازداد، مما أتاح لي فرص إحراجه، فالرجل تغير ولم يعد عنيداً مثلما كان، ونظراته صارت لينة مخذولة، خصوصاً بعد اعترافه لي ونحن في فراشنا، بأن الفضل في نجاح مهمته معي، إنما يعود لي أنا لا هو.
جبران
الوضع الآن اختلف كثيراً، فقد انهالت النسوة على ارتداء الجلابيب والمناديل والخُمر، وانتشر الشباب الملتحون الذين يخطبون في بيوت العزاء والتجمعات، وانتشرت الواعظات في المنازل والوعاظ في المساجد والجمعيات والمراكز وخارجها. فسادَ الذهول في أوساط اليساريين والقوميين والليبراليين، ومعهم الحكومات التي تعاقبت على مبنى مجلس الوزراء في الدوار الرابع.
بكر الطايل
انتظرت عند باب الملهى، قلت في نفسي: هذا الرجل يدفع مئتا دينار في الليلة الواحدة؟ الله أكبر . فتردد التكبير في جوفي، وسمعت نداء الواجب يمخر في مسمعي ويستحثني آن الأوان يا بكر. .
الشيخ عبد الحميد الجنزير.
حاولت تطهير نفس بكر الطايل مما علق بها من قتام حسده لعزمي، قلت له:أنسيتَ أن الحسد كان أول ذنب ارتكب في الأرض يوم حسد ابن آدم أخاه فقتله؟ منذ متى كان إبليس هادياً ومرشداً لك؟ عد إلى كتاب الله يا بكر وحرر روحك من وساوس الشيطان عل الله يرزقك.
بكر الطايل
تأملت هذه الحياة الفانية، وتوصلت إلى أن الموت أكثر يسراً من العيش في سبخة حياة لا سند للمؤمن فيها ولا عضد. حَسَبتُها وفكرت: طالما أنني مشتاق للقاء وجه ربي، فلماذا أتأخر وأهدر الوقت في حياة كلها عذاب؟ تبرمتُ أمام الشيخ الجنزير ، حدثته عما يفعله عزمي الوجيه، وبينت له ما يدور في رأسي، فأغلق عليّ كل المنافذ منهياً حديثه بقوله عد إلى رشدك يا بكر. الجنزير.
أعرف أن مبالغة بكر الطايل في غضبه وسخطه، يرجع إلى نجاح عزمي وتفوقه، لكنني توصلتُ من دون جهد إلى أن بكر لن ينجح في حياته، إذ من المؤكد أنه في قراراته يتمنى النجاح وامتلاك ما لدى عزمي من حنكة وذكاء، فكيف يمكن للنجاح والفطنة أن يستجيبا لمن يحسد الآخرين على امتلاكهم لهما؟ كيف يمكنه عقد السلام مع النجاح إذا كان يحاربه حين يمتلكه الآخرون؟ منذ ذلك الحين أخضعت عقل ذلك الشاب النحيل، بكر الطايل، إلى رقابتي.
جبران
أيام جبل الجوفة ذهبت إلى غير رجعة، ولست آسفاً عليها، إذ لا توجد فلسفة ولا فكرة ولا ديانة تحول دون استمتاع الإنسان بأمواله، أو تطالبه بالتمسك بالفقر إذا استطاع الإفلات من براثنه، لكن الجنزير وعزمي ظلا يشغلان حيزاً كبيرا في تفكيري، وأحسست بأنهما يمتطيان حصاناً واحداً ويتزاحمان على من الذي سيكون في المقدمة!.
العقيد رشيد حميدات
حين وصلنا بيت رباح الوجيه، بعد ساعة من صلاة العشاء، طرقنا بوابته ، فسمعنا نحنحة خشنة من النوع الذي يصدر عن المسنين بهدف الذود عن هيباتهم. فتحت البوابة، فرأيت عينين تلمعان في عتمة الدار، حتى إنني خلت الدار كلها كائناً أسود بعينين شبه آدميتين، وحين سلطت شعاع مصباحي اليدوي نحوه، رأيته متكئا بكلتا يديه على عكازة معقوفة، شعره مغبر بنوع عجيب من الشيب الذي يمتد إلى حاجبيه وشاربيه ولحيته الكثة، كأنه خارج من قبر، أما قدمه فملفوفة بقالب من الجبصين.
سندس
صرت أتأمل الأشياء من حولي، لاحظت أن جدران البيت حزينة، وإسمنت أرضه متشقق، وفناء الدار أشبه بسجن، أما غرفة عزمي فقد أقفلتُها وخبأت مفتاحها بعد أن رتبت ما فيها، وعندما سألني رباح عن سبب إقفال غرفة عزمي الصغيرة قلت: قد يعود.
العقيد رشيد حميدات
أن ما بهرني حقاً، أنني رأيت بعد أسبوع من تلك الحادثة التي كادت تزلزل يقيني بسلامة عيني وعقلي، صورة عزمي الوجيه في واحدة من صحفنا المحلية، وهو يصافح مدير إحدى الجمعيات الخيرية الكبرى، ويسلمه شيكاً بمبلغ ثلاثين ألف دينار، تبرعاً للعائلات المستورة والمعوزين الذين ترعاهم تلك الجمعية! كان مبتسماً في الصورة ومغتبطاً.
الجنزير
أنا الآن في مكة المكرمة، حيث الأرض التي كرّمها الله وأنزل فيها رسالته على نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. منذ أن دخلت هذه الأرض المباركة وأنا أشعر بأنني سأقابل وجه ربي عما قريب، أنبأني بذلك بدني الذي هزل، وروحي التي صارت تتقافز مبتعدة عني عائدة إلي، كأنها تقوم بتحضيري للقاء ربي. حمدت الله وشكرته على نعمائه ورحمته التي غمرني بها، حين أمهلني وأبقاني حياً لأؤدي مناسك الحج للمرة الأخيرة، وأكَفّر عما اقترفتُه من ذنوب في حياتي التي طالت، وأثوب إلى الله توبة نصوحاً، وأمحو خطاياي متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، مبتعداً متنائياً عما يدنس فطرتي، ويزيغ بصري، ويخطف اليقين من قلبي وصدري.
[/align]
****
مطلوب
اسم العمل
اسم الكاتب /ة
اسم الكاتب /ة
تعليق