القصة القصيرة أرى أنها حكاية خاصة يجيد حبكتها الكاتب وحده .
حين نتحدث عن القصة القصيرة في الألفية الثالثة فلا جدوى أن نعوود لمقولات القرون الخوالي عنها . سنلاحظ حتى أن القرن العشرين الذي غادرنا للتو( نحن من غادر) لم يعد أمام ناظرينا في كثير من الانتقالات التي تتم في وثبات عالية .
ما هوالشكل الذي يصيغ مضمون قصتنا ؟ هل سنكتب لنا فقط أم نحن نكتب لكل الناس؟ . ليس لكل الناس إذن نحن نكتب لصفوة . حتى تلك الصفوة غادرها الكثيرمنها في معمعة الحياة المادية التي لا تترك لنا لحظات للتفاوض معها . دائما تنتصرونحن نتخلف . حتى نحن وأنا أحدنا أكاد أهرب من الكتابة التي تتكرروتحيط بنا كشبكة عنكبوت نظل نموت فيها ونحن نرى ولانحرك ساكنا وكأنه اعتقاد بموتنا السريري ورضا بانغلاقنا الأبدي .
في القرون الماضية وتحديدا منذ الثامن عشرحتى القرن العشرين كان الفن بمختلف تفرعاته ومنه القصة القصيرة عاملا فاعلا ورئيسا في تهذيب وصقل أذواق الأمة والتأثيرعلى أفكارهم وتوجهاتهم وساهم بفاعلية في الثورات الوطينة والسياسة ( الثورة الفرنسية على وجه الخصوص ) . بل أن أينشتاين كان يردد دائما : ( دوستويفكسي قدم لي أكثرمما قدمه لي أي مفكر).. سنرى بأم أعيننا في حاضرنا أن فن السرد انزوى .لايأتي إليهم ولايأتون إليه .
الفن ليس موعظة وليس سياسة وليس شيئا من هذه . هوصياغة ( فنية ) لكل هذه الوقائع والتنظيرات . هو التمكن من التعامل مع واستخدام كل هذه الوقائع وكل هذه التنظيرات دون حظرلأي منها غيرتلك التي تقذي صفاء الفن وسموه .
لكي نصيغ الشكل ذاك الذي يعبرعن المعنى أوالمضمون التعبيرالتام .... التعبيرالتام ؟ نعم إذا لم نكن بالفن نسعى إلى التشكيل التام فلامعنى لأى جهد سنبذله هنا . سيكون تهافتا وتلفيقا ولغرض هو تحصيل الحاصل لايرقى إلى مستوى الجهد السامي الذي يبتغيه الفن ليصيغ شكلا متفردا للمضمون .
أري ان الشكل يظل خيارا للكاتب ليس لأنه يأتي به جاهزا تحده حدود مصطنعة
عندما يكتب أحدنا فليس بالضروة أنه يفرض شكلا ما جاهزا .. ربما سيكون هناك حضورفارق لشكل ما لكن الاشكال الأخرى تظل تحوم حوله وقد تغلبه علينا .
في كل الاحوال حينما يكتب أحد فإنه ليس الشكل وحده مايستهويه . ولعله ليس من شكل في ذهنه . إنه يدرك أن لديه الآن ماسيقوله : قد تكون مجرد كلمات , بداية لانهاية لها بعد , نهاية لما تبدأ , فكرة حتى انها لما تختمر .. هذه هي صناعةالقص هذه هي خاماتها .. وحين نشرع فنحن سنبدأ فتحنا العظيم . قد نحقق نصرافوريا ساحقا وقد نتعثر. نحاصركل كيانات الكتابة لكننا لانراها لنلتقطها .. تحاصرنا الكتابة فتحيط بنا من كل حدب ولانستطيع تبين مخارجنا منها لنعلن أننا قبضنا على الشكل .
القص بناء اسطوري . هو كذلك حين نقرأ ما كتبناه . هل نحن كتبنا هذا ؟ هل هذا ماأردناه ؟ نعم . ولكن ليس هذا كل حقيقة ما نوينا كتابته ؟ نحن نتطورخلال الكتابة إلى أشكال لم تخطرلنا قبل الكتابة ... أظن أن كل منا قد مربهذه التجربة . من منا انطلق من حدود شكله القديم وتنفس هناك في فضاءات جديدة ؟ هذه هي ولادة الشكل
سأقول : نحن في واقع يرمي بين أيدينا بتشكيلات ليست جديدة بل وحثيثة ومتلاحقة
صارالناس يقرؤؤن بالفيديوويكتبون . وبالبث المباشرحيث المادة المتداولة حية ليست بنت يومها فحسب بل هي بنت لحظتها بل وتكشف لنا مابعدها وتفتح لنا المستقبل .
العالم المادي صاريبتكرشكلا أفن من فننا . شكلا أشكل من قصنا . صارت المادة تتخيل أعمق وأرقى منا ... إنهم يصنعون الخيال ويتلقفونه ويستخدمونه .. بل ياإلهي إنهم يطورون فيه .... أي شكل سنواجه بها عالمنا هذا ؟ لنقل أي شكل سنصيغ به عالمنا هذا ؟ .هل نصيغ الحي بالميت .
نحن في حاجة إلى شكل جديد بالمرة . بل إلى كتابة شاملة جديدة تتجاوز عزلتنا وتعيدنا إلى الحياة .
يقول كاتب ألماني لايحضرني إسمه – هذه القولة أصدرها في القرن الثامن عشر- بمامعناه أن الفن والرواية بشكل أخص تخلق شكلها ثلاثة عناصرأوهي ثلاث وقائع : (البيئة , اللحظة , الجنس)
مايحبط في (بيئتنا ) أننا نحجب الكثيرمنها لغرض التحريم . وفي ( لحظتنا ) أننا نقتل فيها كثيرا من توتراتها مراعاة للعرف . وفي (الجنس )أنه في مفهومه العام : حرام بالخلقة .
( من أجل أن تكتب جيدا يجب أن تنسى قوانين النحو )
جوته
حين نتحدث عن القصة القصيرة في الألفية الثالثة فلا جدوى أن نعوود لمقولات القرون الخوالي عنها . سنلاحظ حتى أن القرن العشرين الذي غادرنا للتو( نحن من غادر) لم يعد أمام ناظرينا في كثير من الانتقالات التي تتم في وثبات عالية .
ما هوالشكل الذي يصيغ مضمون قصتنا ؟ هل سنكتب لنا فقط أم نحن نكتب لكل الناس؟ . ليس لكل الناس إذن نحن نكتب لصفوة . حتى تلك الصفوة غادرها الكثيرمنها في معمعة الحياة المادية التي لا تترك لنا لحظات للتفاوض معها . دائما تنتصرونحن نتخلف . حتى نحن وأنا أحدنا أكاد أهرب من الكتابة التي تتكرروتحيط بنا كشبكة عنكبوت نظل نموت فيها ونحن نرى ولانحرك ساكنا وكأنه اعتقاد بموتنا السريري ورضا بانغلاقنا الأبدي .
في القرون الماضية وتحديدا منذ الثامن عشرحتى القرن العشرين كان الفن بمختلف تفرعاته ومنه القصة القصيرة عاملا فاعلا ورئيسا في تهذيب وصقل أذواق الأمة والتأثيرعلى أفكارهم وتوجهاتهم وساهم بفاعلية في الثورات الوطينة والسياسة ( الثورة الفرنسية على وجه الخصوص ) . بل أن أينشتاين كان يردد دائما : ( دوستويفكسي قدم لي أكثرمما قدمه لي أي مفكر).. سنرى بأم أعيننا في حاضرنا أن فن السرد انزوى .لايأتي إليهم ولايأتون إليه .
الفن ليس موعظة وليس سياسة وليس شيئا من هذه . هوصياغة ( فنية ) لكل هذه الوقائع والتنظيرات . هو التمكن من التعامل مع واستخدام كل هذه الوقائع وكل هذه التنظيرات دون حظرلأي منها غيرتلك التي تقذي صفاء الفن وسموه .
لكي نصيغ الشكل ذاك الذي يعبرعن المعنى أوالمضمون التعبيرالتام .... التعبيرالتام ؟ نعم إذا لم نكن بالفن نسعى إلى التشكيل التام فلامعنى لأى جهد سنبذله هنا . سيكون تهافتا وتلفيقا ولغرض هو تحصيل الحاصل لايرقى إلى مستوى الجهد السامي الذي يبتغيه الفن ليصيغ شكلا متفردا للمضمون .
أري ان الشكل يظل خيارا للكاتب ليس لأنه يأتي به جاهزا تحده حدود مصطنعة
عندما يكتب أحدنا فليس بالضروة أنه يفرض شكلا ما جاهزا .. ربما سيكون هناك حضورفارق لشكل ما لكن الاشكال الأخرى تظل تحوم حوله وقد تغلبه علينا .
في كل الاحوال حينما يكتب أحد فإنه ليس الشكل وحده مايستهويه . ولعله ليس من شكل في ذهنه . إنه يدرك أن لديه الآن ماسيقوله : قد تكون مجرد كلمات , بداية لانهاية لها بعد , نهاية لما تبدأ , فكرة حتى انها لما تختمر .. هذه هي صناعةالقص هذه هي خاماتها .. وحين نشرع فنحن سنبدأ فتحنا العظيم . قد نحقق نصرافوريا ساحقا وقد نتعثر. نحاصركل كيانات الكتابة لكننا لانراها لنلتقطها .. تحاصرنا الكتابة فتحيط بنا من كل حدب ولانستطيع تبين مخارجنا منها لنعلن أننا قبضنا على الشكل .
القص بناء اسطوري . هو كذلك حين نقرأ ما كتبناه . هل نحن كتبنا هذا ؟ هل هذا ماأردناه ؟ نعم . ولكن ليس هذا كل حقيقة ما نوينا كتابته ؟ نحن نتطورخلال الكتابة إلى أشكال لم تخطرلنا قبل الكتابة ... أظن أن كل منا قد مربهذه التجربة . من منا انطلق من حدود شكله القديم وتنفس هناك في فضاءات جديدة ؟ هذه هي ولادة الشكل
سأقول : نحن في واقع يرمي بين أيدينا بتشكيلات ليست جديدة بل وحثيثة ومتلاحقة
صارالناس يقرؤؤن بالفيديوويكتبون . وبالبث المباشرحيث المادة المتداولة حية ليست بنت يومها فحسب بل هي بنت لحظتها بل وتكشف لنا مابعدها وتفتح لنا المستقبل .
العالم المادي صاريبتكرشكلا أفن من فننا . شكلا أشكل من قصنا . صارت المادة تتخيل أعمق وأرقى منا ... إنهم يصنعون الخيال ويتلقفونه ويستخدمونه .. بل ياإلهي إنهم يطورون فيه .... أي شكل سنواجه بها عالمنا هذا ؟ لنقل أي شكل سنصيغ به عالمنا هذا ؟ .هل نصيغ الحي بالميت .
نحن في حاجة إلى شكل جديد بالمرة . بل إلى كتابة شاملة جديدة تتجاوز عزلتنا وتعيدنا إلى الحياة .
يقول كاتب ألماني لايحضرني إسمه – هذه القولة أصدرها في القرن الثامن عشر- بمامعناه أن الفن والرواية بشكل أخص تخلق شكلها ثلاثة عناصرأوهي ثلاث وقائع : (البيئة , اللحظة , الجنس)
مايحبط في (بيئتنا ) أننا نحجب الكثيرمنها لغرض التحريم . وفي ( لحظتنا ) أننا نقتل فيها كثيرا من توتراتها مراعاة للعرف . وفي (الجنس )أنه في مفهومه العام : حرام بالخلقة .
( من أجل أن تكتب جيدا يجب أن تنسى قوانين النحو )
جوته
تعليق