اعتقني من جنّتك ! / آسيا رحاحليه /

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    اعتقني من جنّتك ! / آسيا رحاحليه /

    اعتقني من جنّتك !


    على السطح تتشكّل فقاعات كثيرة ، شفّافة لامعة . تتداخل . تتسارع . تنطفيء . تولد .
    شنشنة الزيت ليست مزعجة حقا ، فيها من الموسيقي ، أو من إيقاع المطر !
    المنظر يحيلها إلى بقعة ما داخل كرة رأسها الصغير . تبعثر الأصوات تركيزها ، لكن صوت أعلى يحوم حولها ، ملحاحا ، مشاكسا . هل سأجعلها ترضخ و تبقى أم أجعلها تغادر في ليلة ظلماءَ ممطرة ؟ لمَ الظلمة و المطر ؟ حسنا، لكي يناسب الجو الخارجي إحساس البطلة الداخلي . جميل . قد أترك النهاية مفتوحة ، أو أرّش بعض الغموض فوق السطور . قليل منه محبّب ، يثير الشغب في أزقّة الفكر.
    تقلّب حياة محتوى المقلاة بحركات آلية ، بطيئة . تحاول التركيز حتى لا تندلق عليها . يصبح الطبخ وسيلة تعذيب و معاناة حقيقية حين تكون بانتظارك طبخة أخرى ، أشهى و ألذّ !
    تمعن في التفكير . " المطبخ مملكة المرأة ! " تهزّ رأسها . تبتسم في سخرية .
    يسعدني التنازل طواعية عن عرشي مقابل ورقة و قلم !
    مسلوبة الفكر ، شاردة الذهن ، تود الإنتهاء بسرعة لكي تدخل عالمها ، عشقها ، لعبتها الساحرة فوق الورق . تنحت من الأبجدية شخوصا ، تنفخ فيهم المخيّلة ثم تلقي بهم في مسرح اللاوجود .
    تراقبهم من بعيد و تصفّق !
    لم تقرر بعد بشأن الرواية ،لا بد أن تؤثّثها بحكاية حب كبير . متيقّنة أنّ العالم لايزال يدور حول الـ هُوَ و الـ هي ، و قصص العشق لاتزال تغري بالقراءة رغم تكاثر الصدأ على جنبات المشاعر ، و تمرّغ الحب فوق أرصفة الكذب .
    صعب أن تعثر على الفكرة وسط كل هذه الفوضى ... رائحة الطبخ ، آلام الطمث ، رنين الهاتف ، بكاء الرضيع ، الجارة ، صراخ الباعة في الخارج و ... طلباته . تحسده أحيانا لأنّه رجل عادي ، لا يحمل في جيناته جنون الكلمة .
    - سأخرج . هل تريدين شيئا ؟
    أريد أن أكتب !
    - آه ..نعم .. الحفاّضات للرضيع ، شراب ضد السعال لعامر ، و...و .. قبل أن أنسى ، أترك لخديجة ثمن الدروس الخصوصية ... اليوم آخر الشهر .
    آفة تزامن ميلادها في حياتها مع بداية نزف قلمها ! صارت تنسى كثيرا .. الأكل على النار ، الإتّصال بوالديها ، مواعيد اجتماعات الأولياء في المدرسة ، زيارات النفاق الإجتماعي . تنسى ذاتها أيضا حين يتخبّطها شيطان الكتابة فتنشغل بحرث الورق ، و ترتيب قطع اللعبة ، و إغراق البياض في سيول من الخيال .
    أريد أن أكتب .
    أريد قهوة ... ساخنة جدا .
    أيّ سر يجعلك معشوقة و أنتِ سوداء و مرّة مثل الظلم ؟
    تقرّر تجاهل الهاتف لكنه يرن بإصرار . يتصلون بها من العاصمة . دعوة لحضور ندوة أدبية حول الكتابة النسوية .
    - بعد غد سأكون معكم بإذن الله ...شكرا . إلى اللقاء .
    بعد غد ؟ غير ممكن . موعد تلقيح ابنك الرضيع . بعد بعد غد ؟ غير ممكن ...هل نسيتي أنّ زوجك مسافر في رحلة عمل لا تدرين كم ستدوم ؟
    بعد أسبوع ؟ بعد شهر ؟ سنة ؟ ربما سيكون ممكنا .
    آخر ندوة شاركت فيها كانت منذ شهور . لاتزال الحوارات ماثلة أمامها ، و ذكرى لقائها بأديبات جميلات ولجن مثلها دنيا الكتابة :
    - زوجي غيور جدا ... كلما جلست إلى طاولتي و أوراقي يحسّسني تعبير وجهه بأنني أواعد عشيقا !
    - أنا كل نص أسرده يعتبرونه سيرة حياتي ... ! حتى أنّني تراجعت في قصتي الأخيرة ، و لم أجعل البطلة تقتل الرجل مخافة أن أُسجن بتهمة القتل العمدي بالسلاح الأزرق !
    - أنا قرأت أنّ " مونيكا علي " أوكلت طفليها إلى رعاية خاصة لمدة شهور لكي تتفرّغ لكتابة روايتها " شارع بريك لين " .
    - هل قالت لمن أوكلت زوجها ؟!
    - بصراحة زوجي أنا متفهّم جدا ، لكن سفري إلى أبعد من هذه المدينة لا يزال في قائمة المحظورات !
    - أما أنا فممنوعة من السفر . و قد احتاج الأمر الى ثورة لكي أكون هنا معكن !
    - يمنعونك من السفر و يسمحون لك بالكتابة ؟!
    - لا يمكن أن يمنعونني من الكتابة لأنهم أصلا ... لا يقرؤون !
    طرق على باب الشقة . تفتح حياة . تدخل جارتها نعيمة ، تربطها بها علاقة جميلة . امرأة شابة و مثقفة ، اضطرت للمكوث في البيت و الإهتمام بأطفالها . زوجها يحضّر رسالة دكتوراه بينما هي دسّت شهادتها وذكاءها و أحلامها داخل صندوق حديدي ، ركنته جانبا و اكتفت بدور الكومبارس !
    - الله ....حياة ...بيتك جميل ، ما شاء الله ... جنّة ! اللّهم لا حسد .
    تشكرها حياة . تعزمها على قهوة و بعض الفاكهة . موز و تفاح أحمر .تروي لها نعيمة حكايتها مع التفاح و كيف أنّه أصبح في عرف زوجها دعوة غير صريحة لممارسة بند الإتفاقية !
    - بعض الإيحاءات اعتدت عليها، لمسة ، ابتسامة ، نظرة مميّزة تطل من عينيه حين يتصادف و تلتقي أعيننا، و حين يشتري التفاح أتيقّن أنّ الرغبة حاضرة !
    و تعلّق حياة ضاحكة :
    - لعلّ آدم لم يتخلّص من اعتقاده الساذج بأنّ حواء أخرجته من النعيم . يغويها هنا بالتفاحة الـحلال لأنّها أغوته هناك بالتفاحة المحرّمة !
    تنصرف الجارة بعد لحظات من الثرثرة الحميمة.
    تحس حياة بالضيق فتقرّر الخروج .الأطفال عند والدتها اليوم . تلبس . تنظر في المرآة ... ظلا من أحمر الشفاه . رشة عطر . تتفقّد صنّاع الفرح داخل حقيبة يدها .... دفتر و قلم .
    تستقلّ طاكسي .
    - شاطيء السّلام من فضلك .
    تنتبذ مكانا قصيا عند نهاية الشاطيء . تجلس في حضرة أفكارها . تخلع العالم . تتخفّف من الأصوات . تستغرق في السكون . لا تلقي بالا لعيون دغدغها الفضول ، بعضها تغازل ، و بعضها ترقبها بطرف خفيّ .
    بدا البحر هادئا جدا و قريبا منها... جدا ، على مرمى عناق .
    السماء نفضت عن كتفيها بياض الغيوم و توشّحت بلون البحر .
    رائحة الموج منعشة . تتغلغل في مسامات روحها . توقظ في نفسها شهوة البحّار للمغامرة و توق الأشرعة للريح .
    لو أنّ للحرية رائحة لكانت رائحة الموج ...دون شك !
    تخرج الهاتف الخلوي من حقيبتها . تضغط على الحروف فتتشكّل الجملة ... "زوجي العزيز من فضلك اعتقني من جنّتك ! ".
    و تظلّ هناك ، كفّها تحتضن الهاتف ، و نظرها ساهم في الأفق ، حيث بعض النوارس البيض تمارس الحرية .

    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    مصائر المبدعات في عالمنا المتخلف
    ليست بأفضل و أحسن حالا من هذا العالم
    الذي بني على التسلط و القهر
    و على اعتبار المرأة خادمة إلي جانب كونها مومياء لتفريغ الشهوة و الحمل
    و صناعة الحياة
    دون المرور على حق واحد من حقوقها علينا ( نحن الرجال )
    في حال كونها مبدعة ، و متساوية في الحقوق و الواجبات كما نجد في المجتمعات الراقية
    التي قطعت أشواطا من التحضر و الرقي
    و أظنها سوف تتراجع في قابل الأيام عن بعض من دور ، استطاعت قنصه من الرجل ، بتعب و مشقة ، و عبر عصور طويلة ، لأن ما يحدث لا ينذر بمزيد من كرامة للمرأة ، أو حقوق ، بل عودة بها إلي عصور الحريم ، التي كانت عصور ظلام حقيقي بالنسبة للرجل و قبل المرأة !

    يطول الحديث حول هذه الأطروحة ، لما تحمل من قضية في غاية الأهمية
    و يتساءل سائل : لم تموت العصافير مبكرا ، و لم لم نجد إلا قلة تعد على أصابع اليد الواحدة ماتزلن قابضات على جمر الكتابة الأدبية و الشعرية أو الفن عموما ؟
    sigpic

    تعليق

    • ليندة كامل
      مشرفة ملتقى صيد الخاطر
      • 31-12-2011
      • 1638

      #3
      السلام عليكم
      قصة جميلة معانات كاتبة بين ضغوط ومسؤليات
      يطرحها المجتمع أعجبتني لا يمكن أن يمنعونني من الكتابة لأنهم أصلا ... لا يقرؤون !
      وهذا حال الجهال والناس لي يحكموا البلاد
      جميل جدا ما قرات يابنت بلادي يعطيك الصحا ليندة
      http://lindakamel.maktoobblog.com
      من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
        مصائر المبدعات في عالمنا المتخلف
        ليست بأفضل و أحسن حالا من هذا العالم
        الذي بني على التسلط و القهر
        و على اعتبار المرأة خادمة إلي جانب كونها مومياء لتفريغ الشهوة و الحمل
        و صناعة الحياة
        دون المرور على حق واحد من حقوقها علينا ( نحن الرجال )
        في حال كونها مبدعة ، و متساوية في الحقوق و الواجبات كما نجد في المجتمعات الراقية
        التي قطعت أشواطا من التحضر و الرقي
        و أظنها سوف تتراجع في قابل الأيام عن بعض من دور ، استطاعت قنصه من الرجل ، بتعب و مشقة ، و عبر عصور طويلة ، لأن ما يحدث لا ينذر بمزيد من كرامة للمرأة ، أو حقوق ، بل عودة بها إلي عصور الحريم ، التي كانت عصور ظلام حقيقي بالنسبة للرجل و قبل المرأة !

        يطول الحديث حول هذه الأطروحة ، لما تحمل من قضية في غاية الأهمية
        و يتساءل سائل : لم تموت العصافير مبكرا ، و لم لم نجد إلا قلة تعد على أصابع اليد الواحدة ماتزلن قابضات على جمر الكتابة الأدبية و الشعرية أو الفن عموما ؟
        أستاذ ربيع المبدع القدير..
        فعلا ..يطول الحديث عن هذا الموضوع..
        أخافني قولك عن مستقبل المرأة رغم أنّ كل ما يحدث حولنا ينذر فعلا بتقهقر..
        لست من اللواتي يحلو لهن تصوير المرأة على أنها ضحية و مقهورة و مظلومة وووو..
        و في كثير من الاحيان اكاد اجزم انّ المراة لا تكون ضحية إلا بالقدر الذي تريده أن يكون !
        لكن في مجال الكتابة تحديدا و عالم الإبداع يجد الرجل فضاءً أرحب و جوا أريح ..
        هذه حقيقة .
        هذا ما أحببت أن أركّز عليه في نصي .
        شكرا لك ..
        كم تعلّمت منك .
        دمت لنا و دام عطاؤك .
        تقديري و ومودّتي.
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • مالكة حبرشيد
          رئيس ملتقى فرعي
          • 28-03-2011
          • 4544

          #5
          بدات قراءة القصة
          وأنا في حالة هدوء تام
          توغلت فيها قليلا
          بدأ الاختناق يدب في اوصالي
          حين وجدتني بين الجارات ...زاد اختناقي
          وكنت على وشك الصراخ لولا التاكسي الذي توقف
          لينقذ ما تبقى مني
          وهنا ....بدأت اتنفس من جديد=
          تستقلّ طاكسي .
          - شاطيء السّلام من فضلك .
          تنتبذ مكانا قصيا عند نهاية الشاطيء . تجلس في حضرة نفسها . تخلع العالم . تتخفّف من الأصوات . تستغرق في السكون . لا تلقي بالا لعيون دغدغها الفضول ، بعضها تغازل ، و بعضها ترقبها بطرف خفيّ كما لو أنّها حيوان برمائيّ خرج للتو من الماء !
          بدا البحر هادئا جدا و قريبا منها... جدا ، على مرمى عناق .
          السماء نفضت عن كتفيها بياض الغيوم و توشّحت بلون البحر .
          رائحة الموج منعشة . تتغلغل في مسامات روحها . توقظ في نفسها شهوة البحّار للمغامرة و توق الأشرعة للريح .
          لو أنّ للحرية رائحة لكانت رائحة الموج ...دون شك !
          تخرج الهاتف الخلوي من حقيبتها . تضغط على الحروف فتتشكّل الجملة ... "زوجي العزيز من فضلك اعتقني من جنّتك ! ".
          و تظلّ هناك ، كفّها تحتضن الهاتف ، و نظرها ساهم في الأفق ، حيث بعض النوارس البيض تمارس الحرية .

          رسمت الواقع بالوان المرارة
          شكرا آسيا الرائعة .....
          على الاتصال الذي اخرجني من خندق الموت

          تعليق

          • جودت الانصاري
            أديب وكاتب
            • 05-03-2011
            • 1439

            #6
            مرحبا بصاحبة الحرف اللذيذ
            طبخ على نار اكثر من هادئه ,, صحيح يحتاج الى صبر
            لكنه لذيذ ,, معالجتك للحاله كانت مرضيه للبعض ,, لكننا في العراق نقول
            نارك ولا جنة هلي
            عسى ان يدوم التواصل
            لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

            تعليق

            • آسيا رحاحليه
              أديب وكاتب
              • 08-09-2009
              • 7182

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ليندة كامل مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم
              قصة جميلة معانات كاتبة بين ضغوط ومسؤليات
              يطرحها المجتمع أعجبتني لا يمكن أن يمنعونني من الكتابة لأنهم أصلا ... لا يقرؤون !
              وهذا حال الجهال والناس لي يحكموا البلاد
              جميل جدا ما قرات يابنت بلادي يعطيك الصحا ليندة
              شكرا لك عزيزتي لينده ..
              سرنّي رأيك .
              مودّتي.
              يظن الناس بي خيرا و إنّي
              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

              تعليق

              • حورالعربي
                أديب وكاتب
                • 22-08-2011
                • 536

                #8
                أهلا بالأستاذة الكريمة آسيا رحاحلية

                معاناة الكتابة هي أكبرهموم المرأة العربية المبدعة التي تحتضن القلم وتغرزه في قلبها
                ليفرغ ما يجيش في أعماقها ،ويعبر عن رأيها وموقفها من مشاهد الحياة وصورها المختلفة .

                شكرا على هذه الفكرة الجميلة والعرض الأنيق.
                دمت حريصة على هموم المرأة وانشغالاتها .

                تحياتي الخالصة

                تعليق

                • صالح صلاح سلمي
                  أديب وكاتب
                  • 12-03-2011
                  • 563

                  #9
                  طرح متميز لأمر هو مشكلة
                  لمجتمع تمثل المرأة نصفه
                  والقصة تلقي بظلالها على كل النشاط الأنساني للمرأة
                  ليست الكتابة فحسب
                  شكرا لك
                  التعديل الأخير تم بواسطة صالح صلاح سلمي; الساعة 27-01-2012, 02:45.

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #10
                    الغالية آسيا:
                    إنه شهر هموم المرأة بامتياز
                    المرأة بشكل عام ...والشرقيّة بشكل خاص ( كما رسمها زميلنا المبدع أحمد عيسى عاشقة للقلم في نصّه / لقاء ليليّ)
                    لو أتيح لها أن تحسم الأمر ، وتختار...إمّا موهبتها الإبداعيّة ، أو مملكتها..( البيت ، والزوج ، والأولاد)
                    فإنها على الغالب وبعد شيء من التفكير..
                    تختار الأمرين معاً..
                    أن تحتفظ بهذه الملكة الإبداعيّة، تطوّعها تحت سقف الزوجيّة..
                    في توليفة تحفظ لها موهبتها من الضياع، وفي ذات الوقت تؤسّس لعائلةٍ متينة البنيان، ناجحة، إيجابيّة التفاعل مع المجتمع.
                    كلّ ماعليها عزيزتي..
                    أن تكون واضحة، حازمة في مطلبها،عندها إصرار وإرادة على تحقيق الذات بعزمٍ لا يلين، وأن لا تتهاون في هذا الحقّ
                    طالما تسير مع ربان السفينة في اتجاهٍ صائبٍ، ولا تنعكس طموحاتها على تحطيم أسرتها..
                    وإلاّ لتوسّعتْ دائرة الانعتاق، لتشمل الرسامة في لوحاتها، وصولاً إلى عالمية معارضها،والصحفيّة في خبطاتها ،
                    وذات الصوت الجميل في أضوائها... والمصمّمة في أزيائها ....و..و..و
                    المهم في الأمر ..المكاشفة ، وعدم اللجوء للصّمت، والدموع، ومواربة المشاعر التي تعنينا، وتلامس ملامحنا، مفترضين أن معاناتنا تصل ، إني أوقن بأنّ الآخر لن يتفهّم الحاجات التي في الروح، إذا لم تصل إليه بمطلب قويّ
                    ألا ترين آسيا العزيزة ..
                    أنّ همّ الكتابة تحديداً يشاطرنا الرجل به أحيانا..
                    فكم من قصيدة ماتت على شفاه شاعرٍ وهو يسعى نحو لقمة العيش، يجول في الأسواق، يبحث عن كساء أولاده وطعامهم
                    ، يشاغله الدواء، والمصاريف، واحتياجات المدارس و..و..!!!
                    وقد تبتلعه الأيام في الغربة القاسية ..ليؤمّن المستوى اللائق لعائلته..
                    وكم من رواية تبتسرت ..ولم تر النور ..على يد زوجة سليطة، قبيحة الروح، والمعشر !!!
                    ولنا في معاناة الأديب الكبير / تولستوي مع زوجته خير مثال ..فلقد مات في ليلة ثلجيّة عاصفة بإحدى محطات القطار هرباً من طيفها الذي صار يخنقه تمزّقاً ، وإهانة، ولقد اعترفت لابنتيه في صحوة ضمير بعد رحيله بانها سبب موته..
                    وهكذا أجد ومن وجهة نظري، أنّ مفصل الأمر هو التفاهم ، والثقة المتبادلة، والوعي الإبداعي، ونضج الرؤية في التعامل مع مطبّات الحياة..وفي السعي نحو البناء لا الهدم.
                    ومن يعمل بهذه الأسباب، ولا يجد استجابة من الطرف الآخر، سأطلب منه وبكلّ تأكيد أن يجلس بجوار بطلة قصتك،أمام البحر، يدرس الأمر مليّاً مرات، ومرات .. ويقلّب الاحتمالات على كافة الوجوه، ثم يأخذ القرارالمناسب بلا تردّد.
                    أطلت عليك غاليتي ..والحقّ على نصّك الجميل، الانسيابيّ الرائع..
                    حيّاااااااااكِ آسيا..

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • آسيا رحاحليه
                      أديب وكاتب
                      • 08-09-2009
                      • 7182

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة مالكة حبرشيد مشاهدة المشاركة
                      بدات قراءة القصة
                      وأنا في حالة هدوء تام
                      توغلت فيها قليلا
                      بدأ الاختناق يدب في اوصالي
                      حين وجدتني بين الجارات ...زاد اختناقي
                      وكنت على وشك الصراخ لولا التاكسي الذي توقف
                      لينقذ ما تبقى مني
                      وهنا ....بدأت اتنفس من جديد=
                      تستقلّ طاكسي .
                      - شاطيء السّلام من فضلك .
                      تنتبذ مكانا قصيا عند نهاية الشاطيء . تجلس في حضرة نفسها . تخلع العالم . تتخفّف من الأصوات . تستغرق في السكون . لا تلقي بالا لعيون دغدغها الفضول ، بعضها تغازل ، و بعضها ترقبها بطرف خفيّ كما لو أنّها حيوان برمائيّ خرج للتو من الماء !
                      بدا البحر هادئا جدا و قريبا منها... جدا ، على مرمى عناق .
                      السماء نفضت عن كتفيها بياض الغيوم و توشّحت بلون البحر .
                      رائحة الموج منعشة . تتغلغل في مسامات روحها . توقظ في نفسها شهوة البحّار للمغامرة و توق الأشرعة للريح .
                      لو أنّ للحرية رائحة لكانت رائحة الموج ...دون شك !
                      تخرج الهاتف الخلوي من حقيبتها . تضغط على الحروف فتتشكّل الجملة ... "زوجي العزيز من فضلك اعتقني من جنّتك ! ".
                      و تظلّ هناك ، كفّها تحتضن الهاتف ، و نظرها ساهم في الأفق ، حيث بعض النوارس البيض تمارس الحرية .

                      رسمت الواقع بالوان المرارة
                      شكرا آسيا الرائعة .....
                      على الاتصال الذي اخرجني من خندق الموت

                      الأخت الغالية مالكة ...
                      أليس رائعا أن نرى الموت ثم نخرج منه ؟! ..
                      مهما استعملنا من ألوان عزيزتي يبقى الواقع هو الواقع ..
                      يسرّني دائما أن تكوني بقرب نصوصي..
                      و لازالت حروفك تدهشني .
                      مودّتي و تقديري.
                      يظن الناس بي خيرا و إنّي
                      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                      تعليق

                      • آسيا رحاحليه
                        أديب وكاتب
                        • 08-09-2009
                        • 7182

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة جودت الانصاري مشاهدة المشاركة
                        مرحبا بصاحبة الحرف اللذيذ
                        طبخ على نار اكثر من هادئه ,, صحيح يحتاج الى صبر
                        لكنه لذيذ ,, معالجتك للحاله كانت مرضيه للبعض ,, لكننا في العراق نقول
                        نارك ولا جنة هلي
                        عسى ان يدوم التواصل
                        نعم..طبع ليس كمثله طبخ..
                        يحتاج صبرا و مثابرة و إيمانا أيضا .
                        هل هي امرأة من قالت نارك و لا جنّة هلي ؟!
                        عموما يعود ذلك إلى مفهوم النار و الجنة عندها ..
                        سيدوم التواصل بحول الله ..لانّه أجمل ما يجمعنا هنا..
                        تواصل الكلمة الراقية و المودة .
                        شكرا لك .
                        يظن الناس بي خيرا و إنّي
                        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة حورالعربي مشاهدة المشاركة
                          أهلا بالأستاذة الكريمة آسيا رحاحلية

                          معاناة الكتابة هي أكبرهموم المرأة العربية المبدعة التي تحتضن القلم وتغرزه في قلبها
                          ليفرغ ما يجيش في أعماقها ،ويعبر عن رأيها وموقفها من مشاهد الحياة وصورها المختلفة .

                          شكرا على هذه الفكرة الجميلة والعرض الأنيق.
                          دمت حريصة على هموم المرأة وانشغالاتها .

                          تحياتي الخالصة

                          الأخت العزيزة حور../ ما أجمل اسمك ! /
                          ليس هموم المرأة فقط اختاه بل هموم الإنسان بصفة عامة .
                          أشكرك و سعيدة أنك تركت بصمتك هنا .
                          مودّتي.
                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • آسيا رحاحليه
                            أديب وكاتب
                            • 08-09-2009
                            • 7182

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة صالح صلاح سلمي مشاهدة المشاركة
                            طرح متميز لأمر هو مشكلة
                            لمجتمع تمثل المرأة نصفه
                            والقصة تلقي بظلالها على كل النشاط الأنساني للمرأة
                            ليست الكتابة فحسب
                            شكرا لك
                            تمثّل المرأة نصف المجتمع و تتكفّل بولادة و تربية النصف الثاني !
                            شكرا لك أخي العزيز صالح صلاح سلمي .
                            تقديري.
                            يظن الناس بي خيرا و إنّي
                            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                            تعليق

                            • آسيا رحاحليه
                              أديب وكاتب
                              • 08-09-2009
                              • 7182

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                              الغالية آسيا:
                              إنه شهر هموم المرأة بامتياز
                              المرأة بشكل عام ...والشرقيّة بشكل خاص ( كما رسمها زميلنا المبدع أحمد عيسى عاشقة للقلم في نصّه / لقاء ليليّ)
                              لو أتيح لها أن تحسم الأمر ، وتختار...إمّا موهبتها الإبداعيّة ، أو مملكتها..( البيت ، والزوج ، والأولاد)
                              فإنها على الغالب وبعد شيء من التفكير..
                              تختار الأمرين معاً..
                              أن تحتفظ بهذه الملكة الإبداعيّة، تطوّعها تحت سقف الزوجيّة..
                              في توليفة تحفظ لها موهبتها من الضياع، وفي ذات الوقت تؤسّس لعائلةٍ متينة البنيان، ناجحة، إيجابيّة التفاعل مع المجتمع.
                              كلّ ماعليها عزيزتي..
                              أن تكون واضحة، حازمة في مطلبها،عندها إصرار وإرادة على تحقيق الذات بعزمٍ لا يلين، وأن لا تتهاون في هذا الحقّ
                              طالما تسير مع ربان السفينة في اتجاهٍ صائبٍ، ولا تنعكس طموحاتها على تحطيم أسرتها..
                              وإلاّ لتوسّعتْ دائرة الانعتاق، لتشمل الرسامة في لوحاتها، وصولاً إلى عالمية معارضها،والصحفيّة في خبطاتها ،
                              وذات الصوت الجميل في أضوائها... والمصمّمة في أزيائها ....و..و..و
                              المهم في الأمر ..المكاشفة ، وعدم اللجوء للصّمت، والدموع، ومواربة المشاعر التي تعنينا، وتلامس ملامحنا، مفترضين أن معاناتنا تصل ، إني أوقن بأنّ الآخر لن يتفهّم الحاجات التي في الروح، إذا لم تصل إليه بمطلب قويّ
                              ألا ترين آسيا العزيزة ..
                              أنّ همّ الكتابة تحديداً يشاطرنا الرجل به أحيانا..
                              فكم من قصيدة ماتت على شفاه شاعرٍ وهو يسعى نحو لقمة العيش، يجول في الأسواق، يبحث عن كساء أولاده وطعامهم
                              ، يشاغله الدواء، والمصاريف، واحتياجات المدارس و..و..!!!
                              وقد تبتلعه الأيام في الغربة القاسية ..ليؤمّن المستوى اللائق لعائلته..
                              وكم من رواية تبتسرت ..ولم تر النور ..على يد زوجة سليطة، قبيحة الروح، والمعشر !!!
                              ولنا في معاناة الأديب الكبير / تولستوي مع زوجته خير مثال ..فلقد مات في ليلة ثلجيّة عاصفة بإحدى محطات القطار هرباً من طيفها الذي صار يخنقه تمزّقاً ، وإهانة، ولقد اعترفت لابنتيه في صحوة ضمير بعد رحيله بانها سبب موته..
                              وهكذا أجد ومن وجهة نظري، أنّ مفصل الأمر هو التفاهم ، والثقة المتبادلة، والوعي الإبداعي، ونضج الرؤية في التعامل مع مطبّات الحياة..وفي السعي نحو البناء لا الهدم.
                              ومن يعمل بهذه الأسباب، ولا يجد استجابة من الطرف الآخر، سأطلب منه وبكلّ تأكيد أن يجلس بجوار بطلة قصتك،أمام البحر، يدرس الأمر مليّاً مرات، ومرات .. ويقلّب الاحتمالات على كافة الوجوه، ثم يأخذ القرارالمناسب بلا تردّد.
                              أطلت عليك غاليتي ..والحقّ على نصّك الجميل، الانسيابيّ الرائع..
                              حيّاااااااااكِ آسيا..

                              بصراحة عزيزتي إيمان لا أحب تصوّر أن توضع المرأة أمام ذلك الإختيار لأنه صعب ..بل مستحيل ..
                              إذا كل المشكلة في تلك التوليفة التي ذكرتِ ..
                              أنا معك ..على المرأة أن تكون حازمة و قوية ..
                              لا أحب المرأة الخنوع التي يعجبها أن تظهر بمظهر الضحية المسكينة المغلوبة على أمرها
                              و أعتقد أن المرأة لا تكون ضحية إلا بقدر ما تريد أن تكون !!
                              لا شيء يوهب عزيزتي إيمان..كل شيء يؤخذ .
                              لا أتصوّر أيضا أنها سترضى عن نفسها لو وصل الأمر بموهبتها إلى تحطيم أسرتها ...لا ..أبدا ..
                              و إذا كانت الكتابة بالنسبة للمرأة هي عالمها و دنياها فإن أسرتها هي كل حياتها .
                              ما أردت إيصاله في هذه النص هو صعوبة تلك التوليفة خاصة إذا كان الآخر غير متفهّم ...
                              المرأة الكاتبة أو المبدعة عموما هي امرأة غير عادية ، مختلفة ، تحتاج جوا مناسبا لا يخنق إبداعها ، فسحة من الحرية
                              قدرا من الإهتمام و التفهّم ، و التشجيع .
                              ما ذكرتِه عن الرجل الكاتب صحيح و أوافقه فيه تماما لكّنه حالات تعد على الأصابع مقارنة بأمثلة عن المرأة التي اضطرت لوأد موهبتها أو الهروب بها خارج الحدود ..أو دفع ضريبة قلمها سواء معنويا أو ماديا .
                              الإبداع نوع من المعاناة سواء للرجل أو المرأة لكن معاناة المرأة تكون مضاعفة لأسباب نفسية و اجتماعية .
                              تقول الشاعرة مرام المصري :
                              " تختلف ضريبة الكتابة من مجتمع لآخر، ومن فرد لآخر، وحتى الرجال يدفعون ضريبة، لكن بشكل عام، ضريبة الكتابة هي ضريبة عالية للمرأة، التي تعيش في مجتمع ذكوري ومحافظ، ورغم هذا هناك من يفضل دفع الضريبة غاليا من أجل الكتابة، فهل تستحق كل هذه الخسارات وهذه الضرائب؟، بالتأكيد وإلا لصمتت الأصوات ولتوقفت الموسيقى ولماتت الأفراح "
                              كتبت هذا الآن في عجالة عزيزتي إيمان ..
                              ربما عدت فالحديث ذو شجون.
                              شكرا لك.
                              منتهى سعادتي هو الحوار معك .
                              يظن الناس بي خيرا و إنّي
                              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X