المشاركة الأصلية كتبت من طرف الهويمل أبو فهد:" أستأذن الساخر محمد سليم للتعليق على مشاركة الأستاذ الكريم ليشوري
في الغرب هذا اللون مقنن و مقعد منذ عصر الأغريق، و كل خصائصه و تفريعاته مرصودة و مدونة، و قد وصل فن السخرية ذروته في العصر الروماني، و مؤرخو هذا اللون و نقاده يجمعون على لونين من السخرية: اللون الرسمي أو المباشر و اللون غير المباشر. كما سميت هذه الألوان بأسماء مشاهيرها: فهناك أدب السخرية الهوراسي (Horace)، و هناك أدب السخرية الفاروني (Varro)، و هناك أدب السخرية المينيبيه (Menippe). و الحق أن أدب السخرية يضرب جذوره في أصل المسرح الأغريقي حيث نجد الشخصيتين الأساسيتين (Iron) و (Alazone): الاول هو نقيض الثاني و من الأول جاءت كلمة المفارقة (Irony) لأنه في مقابل ادعاء الثاني الذي يزعم أنه العالم بكل الأمور، يتفق Iron معه ساخرا مدعيا أنه يتعلم منه و ينبهر بكمية علم الألزون (رغم أن هذا الادعاء يكشف جهل الالزون و سذاجته)، تماما كما يكتب البعض "طويلب علم" و يريدنا أن نصدقه و هو العالم النحرير. و في الأدب الأنجليزي كان القرن السابع عشر و الثامن عشر زاخرا بهذا الفن لاسباب متعددة أهمها السياسية (ومن أشهر من كتبه في القرن الثامن عشر الشاعر الانجليزي الاكساندر بوب: Alexander Pope). وحياة الساخر مينيب تكاد تكون تجسيدا لمأساة السخرية، فهو يهودي هاجر من بلدة جدارا (أم قيس) في فلسطين و اكتسب الجنسية الأغريقية و كان لاذع السخرية و أخذ يرابي حتى اشتهر بأنه يأخذ الفائدة الربوية بالساعة. فعمل جماعة على خداعه حتى أفلسوا به فانتحر.
نسيت أن أضيف جيوفنال الساخر الذي لا يقل عن هوراس، فهو صاحب أدب السخرية الجيوفينالية (Juvenal) وهو أيضا روماني، ولعله أشهر من فارو. يبقى السؤال هل للعرب فن ساخر قديم؟ ربما، و على المرء أن يتذكر بخلاء الجاحظ.
(و تحياتي للجميع)انتهـت مشاركة الأستاذ الهويمل أبو فهد.
*****
أهلا بأستاذنا المبجل الهويمل أبو فهد و سهلا.
أسعد الله أوقاتك بكل خير، أستاذنا، و قد سعدت بحضورك المميز مرتين: مرة بحضورك نفسه فهو قِيمة وحده، و مرة بما أضفته من معلومات قيِّمة عن الأدب الساخر عند غير العرب، فشكرا لك مرتين على المشاركة الثرية المُثرية و المُثيرة للنقاش و على حضورك المتميز !
أما عن "التنظير" للأدب الساخر فلم أكن أقصد التنظير له كفن قائم بذاته من جديد أو أن أستأنف ما نُظِّر له سواء عند العرب أو عند غيره، و هذا لسببين اثنين، أولهما شخصي: فمن أنا حتى أدعي هذا العمل الجبار و ثقافتي ضحلة فيه ؟ و أما ثاني السببين فهو أن هذا العمل يستغرق ليس عمر شخص واحد فقط بل أعمار أجيال من المهتمين و لربما لا يوفونه حقة لكثرة ما كتب فيه و عنه، فنحن نتحدث عن موضوع لم يعد أُنُفا منذ مدة طويلة و لا سيما عند الغرب، و في الرابط التالي حوصلة عن الأدب الساخر (la satire) عند الغرب:http://fr.wikipedia.org/wiki/Satire
و أما عندنا، العربَ، فلا أعلم حتى الآن كتابات ساخرة في القديم البعيد، عصر الجاهلية، و لكن في عصور الإسلام فقد سبق الجاحظَ كُتَّابٌ أدباء كالأصمعي و أبي الحسن المدائني و أبي عبيدة فكتبوا عن البخلاء لكن كتاباتهم كانت أخبارا عن البخلاء و ليس كتابة ساخرة كما فعل الجاحظ في "البخلاء" و غيره من كتبه الساخرة كـ"الحيوان" و "التربيع و التدوير" و بعض رسائله، كما سبِق الجاحظ في السخرية من البخلاء الكاتب اليوناني "تيوفراست" (ت حوالي عام 258م) في كتابه "صور أخلاقية" و العجيب أن "تيوفراست" ألف كتابه هذا و عمره 99 سنة، هذه المعلومة مستخرجة من كتاب "فن السخرية عند الجاحظ" الذي وضعه الباحث الجزائري الأستاذ رابح العوبي، عام 1981، عن فن السخرية عند الجاحظ من خلال كتبه الثلاثة: التربيع و التدوير و البخلاء و الحيوان و درس الباحث هذا الفن عند الجاحظ، في هذه الكتب الثلاثة فقط، من جميع جوانبه و استنبط فنياته و مميزاته و خصائصه في 430 صفحة من مقاس 15/22.
هذا و يمكننا أدراج مقامات الحريري و مقامات بديع الزمان الهمذاني في فن الأدب الساخر يمكن استنباط قواعده من هذه الأعمال الأدبية الراقية و السير على منهاجها و النسج على منوالها كذلك و أن نسمي كل لون من ألوانهم بأسمائهم فنقول: السخرية الجاحظية، و الحريرية و البديعية، إلخ...
(ملحوظة لغوية و أدبية بسيطة: درج كثير من الكُتّاب على استعمال "السير على المنوال" و هذا خطأ فادح إذ لا يستطيع السير على المنوال إلا الفأر أو الصرصور أو العنكبوت في البيوت، لأن المنوال هو آلة للنسج و ليست لليسر عليها، و الصحيح ما أثبته و الله أعلم ثم علماء اللغة !)
ثم أما بعد، كان قصدي من محاولة "التنظير" (؟!!!) لفن السخرية، و الحديث لا يزال في بدايته، أن يكون حسب مقاييس محددة تليق بنا كأدباء مسلمين تضبطهم القيم الإسلامية فيكون أدبهم الساخر خاليا من الرفث و الفحش و الغمز و الهمز و اللمز و الغيبة و السخرية السلبية، و هي السخرية من أجل السخرية فقط، و تحقيق هذه المعادلة صعب لأن الأدب الساخر مبني أساسا على المبالغة في وصف العيوب الحقيقية أو المفترضة أو المتوقعة بقصد معالجتها، و فن السخرية، أو الأدب الساخر، ليس مقصودا لذاته للإضحاك البليد كالتهريج في "السرك" أو هو ضرب من "الكارنفالية" (carnavalisme) المُضحكة و إنما هو أسلوب في النقد لاذع تفرضه بعض الظروف الاجتماعية أو السياسية فيُلْجأ إليه لتصحيح الأوضاع السيئة أو التحذير منها !
أخي الفاضل الأستاذ الهويمل أبو فهد أشكر لك مرة أخرى ما تكرمت به من اضافة قيِّمة أثرت الموضوع الذي نحن بصدده، كما أشكر لك حسن ظنك بهذا العبد المدعي للعلم فهو طويلب علم ضئيل حقيقة و ليس ادعاء.
تحيتي و تقديري و لا حرمنا الله من علمك و حلمك زادك الله علما و حلما و حكمة.
في الغرب هذا اللون مقنن و مقعد منذ عصر الأغريق، و كل خصائصه و تفريعاته مرصودة و مدونة، و قد وصل فن السخرية ذروته في العصر الروماني، و مؤرخو هذا اللون و نقاده يجمعون على لونين من السخرية: اللون الرسمي أو المباشر و اللون غير المباشر. كما سميت هذه الألوان بأسماء مشاهيرها: فهناك أدب السخرية الهوراسي (Horace)، و هناك أدب السخرية الفاروني (Varro)، و هناك أدب السخرية المينيبيه (Menippe). و الحق أن أدب السخرية يضرب جذوره في أصل المسرح الأغريقي حيث نجد الشخصيتين الأساسيتين (Iron) و (Alazone): الاول هو نقيض الثاني و من الأول جاءت كلمة المفارقة (Irony) لأنه في مقابل ادعاء الثاني الذي يزعم أنه العالم بكل الأمور، يتفق Iron معه ساخرا مدعيا أنه يتعلم منه و ينبهر بكمية علم الألزون (رغم أن هذا الادعاء يكشف جهل الالزون و سذاجته)، تماما كما يكتب البعض "طويلب علم" و يريدنا أن نصدقه و هو العالم النحرير. و في الأدب الأنجليزي كان القرن السابع عشر و الثامن عشر زاخرا بهذا الفن لاسباب متعددة أهمها السياسية (ومن أشهر من كتبه في القرن الثامن عشر الشاعر الانجليزي الاكساندر بوب: Alexander Pope). وحياة الساخر مينيب تكاد تكون تجسيدا لمأساة السخرية، فهو يهودي هاجر من بلدة جدارا (أم قيس) في فلسطين و اكتسب الجنسية الأغريقية و كان لاذع السخرية و أخذ يرابي حتى اشتهر بأنه يأخذ الفائدة الربوية بالساعة. فعمل جماعة على خداعه حتى أفلسوا به فانتحر.
نسيت أن أضيف جيوفنال الساخر الذي لا يقل عن هوراس، فهو صاحب أدب السخرية الجيوفينالية (Juvenal) وهو أيضا روماني، ولعله أشهر من فارو. يبقى السؤال هل للعرب فن ساخر قديم؟ ربما، و على المرء أن يتذكر بخلاء الجاحظ.
(و تحياتي للجميع)انتهـت مشاركة الأستاذ الهويمل أبو فهد.
*****
أهلا بأستاذنا المبجل الهويمل أبو فهد و سهلا.
أسعد الله أوقاتك بكل خير، أستاذنا، و قد سعدت بحضورك المميز مرتين: مرة بحضورك نفسه فهو قِيمة وحده، و مرة بما أضفته من معلومات قيِّمة عن الأدب الساخر عند غير العرب، فشكرا لك مرتين على المشاركة الثرية المُثرية و المُثيرة للنقاش و على حضورك المتميز !
أما عن "التنظير" للأدب الساخر فلم أكن أقصد التنظير له كفن قائم بذاته من جديد أو أن أستأنف ما نُظِّر له سواء عند العرب أو عند غيره، و هذا لسببين اثنين، أولهما شخصي: فمن أنا حتى أدعي هذا العمل الجبار و ثقافتي ضحلة فيه ؟ و أما ثاني السببين فهو أن هذا العمل يستغرق ليس عمر شخص واحد فقط بل أعمار أجيال من المهتمين و لربما لا يوفونه حقة لكثرة ما كتب فيه و عنه، فنحن نتحدث عن موضوع لم يعد أُنُفا منذ مدة طويلة و لا سيما عند الغرب، و في الرابط التالي حوصلة عن الأدب الساخر (la satire) عند الغرب:http://fr.wikipedia.org/wiki/Satire
و أما عندنا، العربَ، فلا أعلم حتى الآن كتابات ساخرة في القديم البعيد، عصر الجاهلية، و لكن في عصور الإسلام فقد سبق الجاحظَ كُتَّابٌ أدباء كالأصمعي و أبي الحسن المدائني و أبي عبيدة فكتبوا عن البخلاء لكن كتاباتهم كانت أخبارا عن البخلاء و ليس كتابة ساخرة كما فعل الجاحظ في "البخلاء" و غيره من كتبه الساخرة كـ"الحيوان" و "التربيع و التدوير" و بعض رسائله، كما سبِق الجاحظ في السخرية من البخلاء الكاتب اليوناني "تيوفراست" (ت حوالي عام 258م) في كتابه "صور أخلاقية" و العجيب أن "تيوفراست" ألف كتابه هذا و عمره 99 سنة، هذه المعلومة مستخرجة من كتاب "فن السخرية عند الجاحظ" الذي وضعه الباحث الجزائري الأستاذ رابح العوبي، عام 1981، عن فن السخرية عند الجاحظ من خلال كتبه الثلاثة: التربيع و التدوير و البخلاء و الحيوان و درس الباحث هذا الفن عند الجاحظ، في هذه الكتب الثلاثة فقط، من جميع جوانبه و استنبط فنياته و مميزاته و خصائصه في 430 صفحة من مقاس 15/22.
هذا و يمكننا أدراج مقامات الحريري و مقامات بديع الزمان الهمذاني في فن الأدب الساخر يمكن استنباط قواعده من هذه الأعمال الأدبية الراقية و السير على منهاجها و النسج على منوالها كذلك و أن نسمي كل لون من ألوانهم بأسمائهم فنقول: السخرية الجاحظية، و الحريرية و البديعية، إلخ...
(ملحوظة لغوية و أدبية بسيطة: درج كثير من الكُتّاب على استعمال "السير على المنوال" و هذا خطأ فادح إذ لا يستطيع السير على المنوال إلا الفأر أو الصرصور أو العنكبوت في البيوت، لأن المنوال هو آلة للنسج و ليست لليسر عليها، و الصحيح ما أثبته و الله أعلم ثم علماء اللغة !)
ثم أما بعد، كان قصدي من محاولة "التنظير" (؟!!!) لفن السخرية، و الحديث لا يزال في بدايته، أن يكون حسب مقاييس محددة تليق بنا كأدباء مسلمين تضبطهم القيم الإسلامية فيكون أدبهم الساخر خاليا من الرفث و الفحش و الغمز و الهمز و اللمز و الغيبة و السخرية السلبية، و هي السخرية من أجل السخرية فقط، و تحقيق هذه المعادلة صعب لأن الأدب الساخر مبني أساسا على المبالغة في وصف العيوب الحقيقية أو المفترضة أو المتوقعة بقصد معالجتها، و فن السخرية، أو الأدب الساخر، ليس مقصودا لذاته للإضحاك البليد كالتهريج في "السرك" أو هو ضرب من "الكارنفالية" (carnavalisme) المُضحكة و إنما هو أسلوب في النقد لاذع تفرضه بعض الظروف الاجتماعية أو السياسية فيُلْجأ إليه لتصحيح الأوضاع السيئة أو التحذير منها !
أخي الفاضل الأستاذ الهويمل أبو فهد أشكر لك مرة أخرى ما تكرمت به من اضافة قيِّمة أثرت الموضوع الذي نحن بصدده، كما أشكر لك حسن ظنك بهذا العبد المدعي للعلم فهو طويلب علم ضئيل حقيقة و ليس ادعاء.
تحيتي و تقديري و لا حرمنا الله من علمك و حلمك زادك الله علما و حلما و حكمة.
تعليق