{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ؛ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ؛ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ؛ وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}(المؤمنون: 118/115).
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام وجعلنا من أمة خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام.

ثم أما بعد، أشكر لك أولا تعزيتك في وفاة، حفيدي، ابن أخي، نصر الدين الطيب ليشوري، رحمه الله تعالى وغفر له وعفا عنه ورزق أمه جميل الصبر والسلوان، اللهم آمين، كما أشكر لك، ثانيا، تفاعلك الطيب في هذا الحوار الأخوي.

بدأت كلامي هنا بآيات من أواخر سورة "المؤمنون" وقد جاء فيها أننا لم نخلق عبثا وإنما خُلِقنا لغاية شريفة وهي عبادة الله تعالى بتوحيده سبحانه في ربوبيته وإلاهيته و أسمائه وصفاته وألا نشرك به شيئا فيهذه الأنواع الثلاثة من العبادة، التوحيد، لكن، للأسف الشديد، نرى كثيرا من المسلمين يزعمون أنهم يوحدون الله تعالى لكنه في الحقيقة يعبدون نفوسهم وشخوصهم وأهواءهم من حيث شعروا أو لم يشعروا، وهنا تكمن الأخطاء والأخطار.

تجيدن كاتبا أو أديبا أو شاعرا قد حباه الله تعالى بموهبة جميلة جليلة لكنه لا يقدرها قدرها فترينه يوظفها في معصية الله تعالى وفي إفساد المجتمع وهو يحسب أنه يحسن صنعا كأنه لم يقرأ قوله تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا؛ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا؛ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا؛ ذَ‌ٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}(الكهف:106/103)، نسأل الله السلامة والعافية.

القضية كبيرة جدا وخطيرة جدا و الذكي الحازم من عرف هذا وذاك فعرف كيف يطيع الله تعالى فيما وهبه من الخير، و موهبة الكتابة خير لمن عرف كيف يوظفها في الخير ومحاربة الشر ومكافحته وهي شر على من جهل ذلك، وكلامي هذا لا يعني أن على الكاتب أن يكون متزمتا لا يضحك ولا يبتسم ولا يلعب أو يعبث من حين إلى آخر، لا، ليس هذا القصد، لكن إذا تجاوز الأمر عن حده انقلب إلى ضده، و هناك التحميض المشروع، و هو التفكه الحلال الذي ليس فيه سخرية من أحد أو غتبة أو نميمة أو كذب أو بهتان أو افتراء أو ادعاء باطل، و يشهد لزعمي هذا ما جاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم، رحمه الله تعالى من حديث حنظلة الأسدي، رضي الله تعالى عنه، وكان من كُتَّاب الوحي:"(...) ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة. ثلاث مرات".

هذه رؤيتي وهذا رأيي، فإن أصبت فمن الله تعالى وحده وإن أخطأت فمن نفسي الأمارة بالسوء ومن الشيطان الغاوي نعوذ بالله منهما.

تقبل الله منا جميعا صالح الأعمال ولاسيما في هذا اليوم المبارك، يوم الجمعة، تحيتي لك وتقديري و شكري.

اللهم آمين يا رب العالمين ولك مثل ما دعوت به لي "أخي" الهدبان.
أعتذر إليك عن التأخر في شكرك على دعائك الطيب فما أحوجني إليه.
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(الحشر:10).
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم آمين يا رب العالمين.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

كنت منذ قليل أبحث عن موضوع لي ظننت أنني كتبته هنا عن "المستبدين" وهو ترجمة لخاطرة من خواطر الطبيب أحمد عروة الجزائري، رحمه الله تعالى، يقول فيها ما ترجمته من الفرنسية:"دع المستبد يفعل فإنه يسعى إلى حتفه" (Laissez faire le tyran, il court à sa perte)، غير أنني لم أعثر على المتصفح المبحوث عنه لكنني وجدت هذا المتصفح الجميل، وهو جميل فعلا أولا لما جاء فيه من خاطرتي "بقايا شخوص" وقد ذكرت فيها، للفائدة اللغوية، جمع "شخص" بصيغه الثلاث: أشْخاص، شُخوص، شِخاص؛ كما أنه جميل، ثانيا، لما جاء فيه من حوار أخوي بيني وبين المشاركين فيه والذين غابوا عنا لسبب أو لآخر: أسيل الشمري، رشا الشمري (ليستا من عائلة واحدة)، مها راجح، "الهدبان" أو "وفاء عرب" [صاحبة "ملتقى وفاء عرب ( مؤقت )"]، حسين يعقوب الحمداني.

ومما شدني إلى قراءة المتصفح من أوله إلى آخره الحوارُ الأخوي بيني وبين الأديبة "وفاء عرب"، أو وفاء حمزة، وقد كانت معنا هنا بحضورها الصاخب وجرأتها "المزعجة" ما سبب لها الحظر المتكرر إذ أنها كانت تُحظر فتعود بمُعرَّف جديد، مؤنث أو مذكر، أو أنها كانت مسجلة بمُعرَّفات متعددة لا يُحظر أحدها إلا وبرزت بآخر، وهكذا...

في كثير من الأحيان، ولا سيما في عالم "العنكبية" العجيب نلتقي بأشخاص كثر لا نعرف عنهم سوى معرفاتهم، الجميلة أو القبيحة، واختيار المرء جزء من عقله، فتنشأ معهم علاقات "سيبيرية"، ليس نسبة إلى "سيبيريا" في آسيا ولكن نسبة إلى "Cybernétique" أي "سيبرنيطيقا (التحكم الآلي)/ علم التوجيه الآلي" كما يُعرَّف، علاقات عارضة عابرة ما تفتأ حتى تزول أو تحول أو تبور أو تدور إلى "فتنة" وهذا ما حصل لي مرارا في علاقاتي "السيبيرية" العابرة للقارات، ورغم هذه السلبية المتوقعة والمعقولة إلا أنني ربطت صداقات كثيرة مع كثير من الزملاء "السيبيريين" ولله الحمد والمنة.

وأنا أعيد بعث هذا المتصفح من مرقده آمل أن يعود من شارك فيه إلى الملتقى عسانا نستأنف الحوار الراقي الذي بدأناه هنا ولم ننهه بعد.

تحياتي إلى الجميع من حَضَر ومن حُظِر وأنا أعلم أن كثيرا ممن حُظر يتابع ما ينشر في الملتقى وقراءة ممتعة.