في رحاب الإنسان ، صفحة متجدّدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    #31
    جوابي سيكون على هذا الشكل:

    ـ المجتمع والقيود
    ـ مساحة الحرية و وظيفة الفرد
    ـ ممارسة الحرية بالتقسيط

    كثيرون كتبوا عن الحرية ومنهم روسو الذي يعتبر الدولة " المجتمع" هي التي يخول لها الأحرار الحفاظ على حريتهم، فمهمة الحاكم الأولى هي الحفاظ على حرية أفراد المجتمع. لكن بالمقابل يرى هوبز أن مهمة الدولة هي كبح جماح الأفراد لكون الإنسان أنانيا مليئا بالجشع و روسو يؤمن يخيرية الإنسان وهوبز يؤمن بشريته. لذلك تموقع راسل في الوسط معتبرا الحرية مصدر كلّ خير وكذلك مصدر كل شرّ، والرؤية السائدة الآن هي رؤية مـــيل الذي يرى حرية التفكير هي أساس كلّ تقدّم أي ضرورة وجود المعارضة أي الرأي والرأي الآخر كما اعتبر الدولة هي سلطة تقنن الحريات، أي أن حريتك تنتهي عند حرية الآخر. ولكن الذي أراه شخصيّا قريبا جدّا من مقاربة الحرية كما تظهر لا كما نأمل هو هيجل الذي ذهب إلى اعتبار الدولة هي تقييد للحريات. أي أن الجماعة تعمل على القيود أكثر من عملها على الحرية. إذ يعتبر الحضارة تقوم على الأخلاق والقانون و الجماعة قائمة على تقييد الحرية وتعتبر نظريات هيجل للدولة أهم مرجع للقوانين والدساتير.

    مساحة الحرية و وظيفة الفرد " سائق الطاكس"
    المجتمع بينة خاضعة لنظام هذا رأي البنيويين أي أنه عندما ترى جماعة ما فهناك علاقات تخترقها طولا وعرضا. فمثلا عندما نأخذ مجتمعا متخلفا أي ليس مجتمعا علميا و لا مجتمعا صناعيا فهذا بالضرورة يعني أنه ليس بحاجة لعدد وافر من أصحاب الشهادات العليا في الكمياء مثلا، ما يجعل حرية اختيار الوظيفة عند هذا الحاصل على هذه الشهادة تكون مصطدمة مع حقيقة المجتمع غير الصناعية و غير العلمية، أي أن حريته في اختيار وظيفة تناسب تخصصه تعرضت للانتهاك، ولكن لضرورة الاشتغال وفق منطق البنية تجده مثلا سائق طاكسي، فهو في الأخير رضخ لبنية المجتمع.
    أمّا ممارسة الحرية بالتقسيط فهي أفضل طريقة في التعامل مع المجتمع، حضرتني دراسة عن الكذب في حياتنا كانت نتيجتها صادمة عندما تعرفت يومها أن إنسانا متفاعلا يحتاج إلى ما يعادل 12 كذبة في اليوم لتستمر حياته بشكل طبيعي. وعندما كنت ربما في السادسة عشر سمعت تمثيلية إذاعية يشتكي فيها رجل من كثرة كذب زوجته فأخذت منه تعهّدا أن لا يكذب ليوم واحد فقط، خلال ذلك اليوم لم يستطع تملّق مديره في العمل فصارحه بما يكنه له من احتقار ففقد عمله، خاصم قريبة عندما صارحها بسبب تخلّفه عن صلة الرحم وزيارتها إذ اعتبرها لا ترقى إلى مرتبته الاجتماعية .... ما أريد قوله رغم أنك حر في اختيارتك مثلا أن تكره المدير، أو تقاطع رحمك، لكن لست حرّا في التعبير عن ذلك بسهولة فأمام حرية التعبير مجموعة من القيود المجتمعية كما أن هناك منطق الربح والخسارة الذي تقيس به نجاعة سلوك قد تقدم عليه، فأنت هنا تمارس الحرية بالتقسيط.
    اذهب إلى الإعلام إلى الأحزاب السياسية انخرط في الجمعيات المدنية سترى وتفهم بالضّبط كيف تمارس الحرية باقتصاد كبير.
    شكرا أختي سميرة على تفاعلك.

    تعليق

    • نورالدين لعوطار
      أديب وكاتب
      • 06-04-2016
      • 712

      #32
      لا أحب السهام، ليس لأنّني فقدت مهارتي في الرّماية، لكن لكونها مؤذية تنزف على وقعها الدّموع، وتسفك شدّتها وردية الخدود و تحتفل على إثرها صفرة الشّحوب.
      يوما أصابني سهم كاد يسقط عناد فروسيتي بطلقته الدّقيقة كان القوس على قدر قوس قزح، فقط الذي صوّب اتقى ضعفي وسرعة وقوع قلبي في بساط الصّرع، منذ تلك الخفقة أصابني رهاب الألوان حين تتصافى خلطاتها. تقلقني زرقة السماء الصّافية كما يشوشني شعاع النور الساطع.
      ذات ربيع كانت هناك فراشة تهمس لجميل الزهرات، ها هو آت ذلك الفارس المصاب برهاب الألوان، كنت أضع نظّارتين تقيان قلبي الذي لم يتعاف بعد من هشاشته . اقتربت الفراشة أكثر وأكثر في طوافها كمرسولة حب حتى كادت ملامحها الكاملة تسطع فأحسست روحي تبتسم لرقصتها، تبسط أمامها سجّادا أحمر إلى صدري، كدت أطلق صفارة إنذار أن قلبي سيحترق، أغمضت عيناي وتذكرت حمامة مكسورة الجناح اختارت جواري كمحجّ بوح، تضع طرفها المحنى بعطر الورد على كتفي وسكرة النحيب تخنق هديلها، كانت تشتكي من أن للدّنيا وجها مزدوجا ، هي أم مخبولة تبحث بين الولدان عن قرّة عينها، تأتيك مهرولة ،تمسكك، ترفعك إلى صدرها حتى تكاد تهدأ روحك وتحسّ بالأمان، تحدّق في عينيك وفجأة تطرحك جانبا لتستمر في بحثها الذي لن يتوقف.
      خطر لي خاطر أن المتعة كلّ المتعة هي عندما أراها تطوف بين الزهور تمنحها روح الحياة و تسقيني لذّة الألوان. عندئذ أزحت نظّارتيّ و راحت عيناي تنقلان رسائل سلام إلى كلّ الزهور.
      ليست الحكمة قدحا نرتشف فيه اللذة ذات غروب، لكن للروح حكاية أخرى، تغتسل من آثار الماضي البعيد والقريب، وتحبّ لعب الأطفال، بريئة حتى حين تعلن ضعفها، بل في ضعفها رسالة قوة، تقول أنا الروح شفّافة لا أخون نفسي، لا أتلون، لا أعكس غير هواي، لغة القلوب تلك تحمل من الطهارة عرض السماء ومن البهجة طولها.
      ليس الغروب غير لحظة ميلاد جديدة لنبرات السّمر هو زغرودة خافتة تسمعها الآذان المرهفة كمجسّات القمر، السكون نغم بإيقاعاته ترقص الأرواح المفتونة برداء الليل، حين يلتحف الليل عباءته نتدثر بأطرافها، كما يحضننا جدّي شتاء في سلهامه يوم كنّا كتاكيت لينة، يدفء شغبنا و نسترجع نزقنا، هو الليل حكيم، يرحب بساكنيه، هنا امرحوا هنا اسرحوا فلا عيون تحرج فيكم اللّحن الجميل فلا تعيثوا صخبا فتتبخر أحلام العصافير.
      نصحني أحدهم أن لك إسوة في الغزالي مادامت الحيرة ملأت فؤادك، فهاجر واضرب الدنيا بركلة حتى يأتيك اليقين، نظرت في وجهه البريء رغم سطوته، قلت لعل صاحبي لا يعرف أن الحكمة مورقة في كل مكان كما همس الجاحظ، كنت أعرف أنّني لا أحتاج إلى غربة يكثر فيها الضحايا لاعتناق الحكمة، كنت أعلم أن الغربة جزء من الألفة مادام صاحبي لا يفهم حيرتي و أنا بجواره، لذلك لن تجد الليل يفهم النهار ولا النهار يفهم الليل، لكل منهما حكمته، ولكل منهما سهامه التي بها يرمي طريدته، لكن حكمة الطريدة فوقهما معا فهي التي توقع بنفسها في الأحضان، فلا تعترف لا بحكمة الليل ولا النهار بل بحكمتها هي التي بها وصلت إلى قيد يطوق معصمها ولا ترى فيه غير دملج مشع يملأ حياتها أمنا وقلبها بهجة.
      صديقي المسكين وصل إلى دملجه وداخل حلبته يمارس حكمته فظهرت له غير حكيم، هكذا الشباب عنيد و بعناده و إصراره نتعلم الحكمة من رحم البلادة و اللاحكمة، كذلك القائل أنه تعلم الصمت من الثرثار والحكمة من الغبي ولا يعترف بفضل هذا ولا ذاك، لكن الحكيم يعترف، يعترف على الأقل أنه تعلّم الحكمة، ولا يهم إن كنت تحبّ من علّمك أو تحتقره، فقديما قالوا ماذا يقول الماء وهو يغلي مطلقا أنينا، قالوا إنه يشتكي من كون تلك الأغصان التي سقاها حتى اشتدّ عودها أضحت حطبا به يحترق.
      فإن كانت الحمامة تشكو وجوه الدنيا المزدوجة، فمن الحكمة أن الوجه الحسن يستحق بشرى الفرح و القبيح به نتوجع، وإن كان لابد من البكاء يوما فلم لا نفرح غير آبهين بقدوم البكاء. فقد قالوا أيضا إن لم يكن من الموت بدّ فن العار أن يموت الإنسان جبانا. كما قالوا إن لم تكن الطعنة قاتلة فهي بالتأكيد تضيفني قوّة جديدة، هكذا رغم لوعة السهام فهي من علّمتني أنّني حي و لي قلب يخفق و ما الحكمة من إسكات الخفقان. لذلك فالفراشة كلما جاءت تطوف فأحرى بالزهرات التزين، فهي حاملة لشعاع النور بين العيون والألوان وحاملة لحكمة أن الدنيا عندما تشرق فما أشرق فيها إلا القلوب.

      تعليق

      • عمار عموري
        أديب ومترجم
        • 17-05-2017
        • 1299

        #33
        المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
        لا أحب السهام، ليس لأنّني فقدت مهارتي في الرّماية، لكن لكونها مؤذية تنزف على وقعها الدّموع، وتسفك شدّتها وردية الخدود و تحتفل على إثرها صفرة الشّحوب.
        يوما أصابني سهم كاد يسقط عناد فروسيتي بطلقته الدّقيقة كان القوس على قدر قوس قزح، فقط الذي صوّب اتقى ضعفي وسرعة وقوع قلبي في بساط الصّرع، منذ تلك الخفقة أصابني رهاب الألوان حين تتصافى خلطاتها. تقلقني زرقة السماء الصّافية كما يشوشني شعاع النور الساطع.
        ذات ربيع كانت هناك فراشة تهمس لجميل الزهرات، ها هو آت ذلك الفارس المصاب برهاب الألوان، كنت أضع نظّارتين تقيان قلبي الذي لم يتعاف بعد من هشاشته . اقتربت الفراشة أكثر وأكثر في طوافها كمرسولة حب حتى كادت ملامحها الكاملة تسطع فأحسست روحي تبتسم لرقصتها، تبسط أمامها سجّادا أحمر إلى صدري، كدت أطلق صفارة إنذار أن قلبي سيحترق، أغمضت عيناي وتذكرت حمامة مكسورة الجناح اختارت جواري كمحجّ بوح، تضع طرفها المحنى بعطر الورد على كتفي وسكرة النحيب تخنق هديلها، كانت تشتكي من أن للدّنيا وجها مزدوجا ، هي أم مخبولة تبحث بين الولدان عن قرّة عينها، تأتيك مهرولة ،تمسكك، ترفعك إلى صدرها حتى تكاد تهدأ روحك وتحسّ بالأمان، تحدّق في عينيك وفجأة تطرحك جانبا لتستمر في بحثها الذي لن يتوقف.
        خطر لي خاطر أن المتعة كلّ المتعة هي عندما أراها تطوف بين الزهور تمنحها روح الحياة و تسقيني لذّة الألوان. عندئذ أزحت نظّارتيّ و راحت عيناي تنقلان رسائل سلام إلى كلّ الزهور.
        ليست الحكمة قدحا نرتشف فيه اللذة ذات غروب، لكن للروح حكاية أخرى، تغتسل من آثار الماضي البعيد والقريب، وتحبّ لعب الأطفال، بريئة حتى حين تعلن ضعفها، بل في ضعفها رسالة قوة، تقول أنا الروح شفّافة لا أخون نفسي، لا أتلون، لا أعكس غير هواي، لغة القلوب تلك تحمل من الطهارة عرض السماء ومن البهجة طولها.
        ليس الغروب غير لحظة ميلاد جديدة لنبرات السّمر هو زغرودة خافتة تسمعها الآذان المرهفة كمجسّات القمر، السكون نغم بإيقاعاته ترقص الأرواح المفتونة برداء الليل، حين يلتحف الليل عباءته نتدثر بأطرافها، كما يحضننا جدّي شتاء في سلهامه يوم كنّا كتاكيت لينة، يدفء شغبنا و نسترجع نزقنا، هو الليل حكيم، يرحب بساكنيه، هنا امرحوا هنا اسرحوا فلا عيون تحرج فيكم اللّحن الجميل فلا تعيثوا صخبا فتتبخر أحلام العصافير.
        نصحني أحدهم أن لك إسوة في الغزالي مادامت الحيرة ملأت فؤادك، فهاجر واضرب الدنيا بركلة حتى يأتيك اليقين، نظرت في وجهه البريء رغم سطوته، قلت لعل صاحبي لا يعرف أن الحكمة مورقة في كل مكان كما همس الجاحظ، كنت أعرف أنّني لا أحتاج إلى غربة يكثر فيها الضحايا لاعتناق الحكمة، كنت أعلم أن الغربة جزء من الألفة مادام صاحبي لا يفهم حيرتي و أنا بجواره، لذلك لن تجد الليل يفهم النهار ولا النهار يفهم الليل، لكل منهما حكمته، ولكل منهما سهامه التي بها يرمي طريدته، لكن حكمة الطريدة فوقهما معا فهي التي توقع بنفسها في الأحضان، فلا تعترف لا بحكمة الليل ولا النهار بل بحكمتها هي التي بها وصلت إلى قيد يطوق معصمها ولا ترى فيه غير دملج مشع يملأ حياتها أمنا وقلبها بهجة.
        صديقي المسكين وصل إلى دملجه وداخل حلبته يمارس حكمته فظهرت له غير حكيم، هكذا الشباب عنيد و بعناده و إصراره نتعلم الحكمة من رحم البلادة و اللاحكمة، كذلك القائل أنه تعلم الصمت من الثرثار والحكمة من الغبي ولا يعترف بفضل هذا ولا ذاك، لكن الحكيم يعترف، يعترف على الأقل أنه تعلّم الحكمة، ولا يهم إن كنت تحبّ من علّمك أو تحتقره، فقديما قالوا ماذا يقول الماء وهو يغلي مطلقا أنينا، قالوا إنه يشتكي من كون تلك الأغصان التي سقاها حتى اشتدّ عودها أضحت حطبا به يحترق.
        فإن كانت الحمامة تشكو وجوه الدنيا المزدوجة، فمن الحكمة أن الوجه الحسن يستحق بشرى الفرح و القبيح به نتوجع، وإن كان لابد من البكاء يوما فلم لا نفرح غير آبهين بقدوم البكاء. فقد قالوا أيضا إن لم يكن من الموت بدّ فن العار أن يموت الإنسان جبانا. كما قالوا إن لم تكن الطعنة قاتلة فهي بالتأكيد تضيفني قوّة جديدة، هكذا رغم لوعة السهام فهي من علّمتني أنّني حي و لي قلب يخفق و ما الحكمة من إسكات الخفقان. لذلك فالفراشة كلما جاءت تطوف فأحرى بالزهرات التزين، فهي حاملة لشعاع النور بين العيون والألوان وحاملة لحكمة أن الدنيا عندما تشرق فما أشرق فيها إلا القلوب.
        نص من النوع الرفيع، بصوره المجازية الصائبة، بأسلوبه الشاعري.
        قد يتحول إلى قصيدة نثر عالية الجودة، إذا ما تم الاشتغال عليه مرة ثانية، بتصحيح أخطائه النحوية والإملائية والإنشائية...
        في الانتظار، تقبل تحيتي الحسنة مع مودتي الخالصة
        واحترامي وتقديري
        أستاذ نور الدين العوطار.

        أقترح عليك بعض التصحيحات اللغوية والتصويبات الإنشائية :
        تنزف على إثرها
        تحتفل على وقعها
        مرة، أصابني...
        من تلك الخفقة
        أكثر فأكثر
        أغمضت عيني
        لا يتوقف
        ليست الحكمة كأسا نرتشف منها...
        السماء ومن البهجة طولها.
        الغروب لحظة ميلاد جديدة بالاستغناء عن عبارة ليس غير.
        على إيقاعاته
        يدفئ
        ما دامت
        ما دام
        لا تعترف بحكمة الليل ولا النهار. أو : بحكمة الليل والنهار
        صديقي المسكين وصل إلى دملجه ومارس حكمته داخل حلبته فظهرت له...
        قالوا إنه يشتكي من أن تلك الأغصان التي سقاها حتى اشتدّ عودها، أضحت حطبا به يحترق.
        فمن العار أن يموت الإنسان جبانا.
        فهي بالتأكيد تزيدني قوة جديدة
        وما هي الحكمة من إسكات الخفقان.
        وإن كان لابد من البكاء ذات يوم فلم لا نفرح غير آبهين بقدوم البكاء
        فأحرى بالزهرات أن تتزين
        تشرق معها القلوب
        التعديل الأخير تم بواسطة عمار عموري; الساعة 12-08-2017, 17:08.

        تعليق

        • نورالدين لعوطار
          أديب وكاتب
          • 06-04-2016
          • 712

          #34
          أهلا بكم أستاذي عمّار عمّوري في رحاب الإنسان.
          يسعدني وجودك هنا بالقرب.
          وأسعدني أكثر ما اقترحته من تعديلات على النص.
          كما أغبطك على شعبيتك في الملتقى فزاد زوار المتصفح بعشرين نقطة عند كتابتك للتعليق في مدّة وجيزة، وهذا رقم لا تحقّقه مشاركاتي بسهولة في 48 ساعة.
          أظنك لا تحتاج إلى كثير شكر فقد لمست جدّية في تعليقاتك التي تكتبها تصل أحيانا حدّ الصرامة، لكن رغم ذلك فأنا شاكر لك هذه الالتفاتة، وسأضيف أنّني سأكون غير مسؤول لو قلت لك لماذا تصحّح أخطائي، فيوما فعلت بعضا ممّا فعلت في مكان غير هذا، فأتتني رسالة أن امسح تعليقك، ولأنّني لم أفعل ترك الكاتب المكان ولم يعد، أظن أنك لا تحتاج منّي لضوء أخضر لتصحّح ما تجده غير ملائم فحتى إن لم أوفق في الاستفادة نظرا لأن عمرى تجاوز الأربعين بثلاث نقاط لكون عيناي لا تتحملان المكوث كثيرا أمام الشّاشة وبالأحرى كيف تستطيع قراءة التصحيح و الرجوع للنص عددا غير قليل من المرات لذلك أقترح في القادم من المشاركات بحول الله أن تصحح في الاقتباس بلون مخالف كما يفعل السيد ليشوري، مع كتابة الخطأ بين قوسين إن أمكن، وذلك لتكون الفائدة عامة للجميع، فذلك يتيح إعادة قراءة النّص للزائر مصحّحا، فيستفيد مرّتين. لست هنا أزعبر و لن أفعل و رغم ذلك سأحكي لك حدّوثة بها تتفتح أسارير الزوار و نستمتع مع الفائدة، قال صديق لصديقه مشتكيا من صديقهما، أرأيت فلانا ياصاحبي، أعارني بذلته ذات يوم ذهبنا فيها لحفلة وجلس إلى جواري، قاسيت الأمرين لأحافظ على بذلته، فمرة يقول لي لم تسوّ المنديل وأخرى انتبه لقطرات المرق، وهكذا حتى ثقب أذنيّ وأخجلني أمام الناس جميعهم، ولأنّني دعيت لحفل اليوم فهل أجد عندك بذلة، قال الصاحب لصاحبه إنه إنسان كريه سوف لن أحدّثه من اليوم، تعال معي وخذ البذلة التي تريحك، فعلا ما قصّر الرّجل فأعطاه آخر ما خاطه الخياط فظهر خلالها البطل أنيقا جميلا بشوشا، ففكّر أن يصاحبه إلى المأدبة إن كان في وقته فسحة، وهل يردّها الصاحب في وجه صاحبه، كانا ثنائيا جميلا حقا حتى حضر الطّعام، فقال له صاحبه وهو يحاوره اسكب على أمّها العصير وعلى أبيها الزيت والشحم، مرمدها ولا تخف، لا تأخذك بها رحمة فعندي منها العشرات، أنت أكبر من بذلة ياصديقي، خذ السكين ومزقها، شنتفها يا حبيبي.
          بعد الفسحة نعود إلى الجادّة
          مادام.......ما دام " مركبة"
          يدفء........ يدفئ " همزة متطرفة قبلها كسر "
          عيناي......... عينيّ " مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وهومضاف وياء المتكم ـ فك الإدغام ـ ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه "
          فن ..............فمن "رقن"
          مشكور جدّا على التصحيح.

          توظيف الفاء والواو عند الربط يمكن قبولها بأريحية.

          الآن لديّ بعض الاستفسارات.

          يوما ذهبت إلى السوق.
          قضيت يوما في السوق.

          هل هناك فرق بين توظيف "يوما" في الجملتين؟
          لماذا نقبل ذات يوم ، و في يوم من الأيام، و لا نقبل يوما، توظيف يوما في الفرنسية لا يحمل أي إشكال.

          تنزف على إثرها و تحتفل على وقعها.... كتب في النصّ تحتفل على إثرها وتنزف على وقعها.


          هل يقبل الانزياح الدلالي هنا أم لا وإن كان الجواب بالسلب فما المانع.

          عندما نقول مثلا، لساني شرس ملمسه تحفر في الأذن وخزته. ما العيوب التي وقعت هنا و لماذا تماسكت بلاغة الجملة؟

          فأحرى بالزهرات التزين .......فأحرى بالزهرات أن تتزين.

          لماذا تم رفض المصدر الصريح و تم تبديله بالمصدر المؤول من أن والفعل.

          شكرا للإفادة متى سمح وقتكم بذلك.

          وقبل أن أقول لك تصبح على الف خير أريد أن اشاركك بعض همّي وقبل ذلك أيضا أود معرفة سنّك فأنا من الفضوليين الذين يحبّون السيطرة على الموقف هذا فعلا إن كان ممكنا و لو على الخاص. فإن كنت أصغر منّي قبلت أستاذ نورالدين، وإن كنّا في السن متجاورين كان نورالدين كافيا أمّا إن كنت تكبرني ولو بليلة فاحترامي العظيم.

          كنت يومها شابّا معتدّا بنفسه، كيف لا و أنا ابن بلدتي أزورها فقط صيفا، حصلت على وظيفة و لمّا أرشد بعد ــــ تعمّدت هذا الأسلوب في النفي لأنك استنكرته في محطّة غير هاته فإن كان هناك تعليل فمرحبا ـــــ نظمت و أقراني موسما في بلدتي، تتخلله أنشطة فلكلورية و فكاهية و رياضية، كنت رياضيا حقّا أقوم بالحركات بمرونة جمبازية على إيقاعات الدفوف والطبل، رغم ذلك كان المقدّم يرفض أدائي وأنا نجم الميدان، لا يتعلق الأمر باستصغار ما، لكن الذي يرفض أداؤه لن يعود إلى الفريق إلا بعد أن يدفع غرامة، ليس من جيبه طبعا، بل يدفعها الجمهور وخاصّة النساء منهم، الذكور لا يدفعون إلا قليلا، أمّا النساء فلهن من الطّيبة ما يجعلهن كريمات بطبعهن، وتلك فرصة لي لاستعراض عضلاتي هناك أيضا، فالكثيرات منهن ينتظرن مجيئي لتقديم الهديّة، فمرّة أحمل إليهم أوراقا نقدية وأخرى ديكا محمرّ العرف أو دجاجة هندية، أو حزمات من الحبق و باقات زهور و غيرها ممّا تتبرّك به النساء. و لكوني عملة قابلة للتسويق و أجلب لصندوق الفريق مالا وفيرا، فبمجرّد أن أصول في الميدان يتم طردي من جديد، حتّى أفرغ ما بجعبة المتفرجات من العطايا. حتى الرجال نعرف كيف نبتزهم بصفة رقيقة، ننهي الرياضة و نعلن المزاد، نبيع باقات الورد و الحبق، فتشتري الباقة بثمن فاحش ليذكر اسمك و أمام الملأ فائزا والزغاريد تملأ الميدان. أنا أيضا لم أنج من هذه المزايادات بل كنت عنيدا أيضا، في جعبتي بعض أنانية متبخترة، لا يزال سلوكي يحمل بعضا منها إلى اليوم. ليلا تأتي الفرقة الفلكلورية المحترفة ومعها الشعراء الذين ينشدون على السليقة في سهرة مفتوحة هناك رأيت الشعر كما ينبغي له أن يكون، أنهار من الشعر لا تتوقف من الهجاء إلى المديح إلى الرثاء إلى الالتزام ومن ثم نحو الغزل.
          المهم يكون الساهرون بأعداد وفيرة ونحن الشباب ننظم مكان الحفل و نسهر على النظام، ولكون الازدحام بلغ أوجه تلك الليلة كانت تدخلاتنا يتخللها بعض عنف لفظي وقد تمتدّ أيادينا لمن سولت له نفسه النظر جهة النساء، الآن وصلت إلى بيت القصيد، كنت مرة أخرى محطّ الأعين أمشي و أجيء ببعض عجرة، في الليلة الموالية زاد نشاطي أكثر فاكثر، لكن هناك دائما من يعلمك ما كنت تجهل يا نورالدين، طلبني شاب لا يقل قبولا مني، جئته بوجه مقطّب، قال لي بهدوء، يا هذا لم كلّ هذا البطش، ألستم تعلنون الفرح و جئناكم ضيوفا، يبدو أنك ستخسر الكثيرين هنا قبل نهاية الموسم. كان في غاية الأدب، رغم أنّنّي واجهته بغلظة و قمعت فيه الصّراحة لكن قرأت الدّرس جيّدا منذ ذلك اليوم، هناك دائما أناس يبقون في الذّاكرة رغم أنك لن تلتقيهم يوما. شخص يعلمك أن اجتماعيتك في خطر متى تجاوزت حدود اللياقة. كان الشّابّ محقّا نعم كان محقّا فعلا، علّمتني كيف أدير حياتي. فشكرا لك و أنا لا أعرفك.

          انتهي همّي

          ومعه أتمنى نهاية همّ الكثيرين.

          ملحوظة

          لكوني لا أفهم في قصيدة النثر فهلا أضأت هذه النقطة بين نصي و قصيدة النثر.

          تعليق

          • عمار عموري
            أديب ومترجم
            • 17-05-2017
            • 1299

            #35
            المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
            أهلا بكم أستاذي عمّار عمّوري في رحاب الإنسان.
            يسعدني وجودك هنا بالقرب.
            وأسعدني أكثر ما اقترحته من تعديلات على النص.
            كما أغبطك على شعبيتك في الملتقى فزاد زوار المتصفح بعشرين نقطة عند كتابتك للتعليق في مدّة وجيزة، وهذا رقم لا تحقّقه مشاركاتي بسهولة في 48 ساعة.
            أظنك لا تحتاج إلى كثير شكر فقد لمست جدّية في تعليقاتك التي تكتبها تصل أحيانا حدّ الصرامة، لكن رغم ذلك فأنا شاكر لك هذه الالتفاتة، وسأضيف أنّني سأكون غير مسؤول لو قلت لك لماذا تصحّح أخطائي، فيوما فعلت بعضا ممّا فعلت في مكان غير هذا، فأتتني رسالة أن امسح تعليقك، ولأنّني لم أفعل ترك الكاتب المكان ولم يعد، أظن أنك لا تحتاج منّي لضوء أخضر لتصحّح ما تجده غير ملائم فحتى إن لم أوفق في الاستفادة نظرا لأن عمرى تجاوز الأربعين بثلاث نقاط لكون عيناي لا تتحملان المكوث كثيرا أمام الشّاشة وبالأحرى كيف تستطيع قراءة التصحيح و الرجوع للنص عددا غير قليل من المرات لذلك أقترح في القادم من المشاركات بحول الله أن تصحح في الاقتباس بلون مخالف كما يفعل السيد ليشوري، مع كتابة الخطأ بين قوسين إن أمكن، وذلك لتكون الفائدة عامة للجميع، فذلك يتيح إعادة قراءة النّص للزائر مصحّحا، فيستفيد مرّتين. لست هنا أزعبر و لن أفعل و رغم ذلك سأحكي لك حدّوثة بها تتفتح أسارير الزوار و نستمتع مع الفائدة، قال صديق لصديقه مشتكيا من صديقهما، أرأيت فلانا ياصاحبي، أعارني بذلته ذات يوم ذهبنا فيها لحفلة وجلس إلى جواري، قاسيت الأمرين لأحافظ على بذلته، فمرة يقول لي لم تسوّ المنديل وأخرى انتبه لقطرات المرق، وهكذا حتى ثقب أذنيّ وأخجلني أمام الناس جميعهم، ولأنّني دعيت لحفل اليوم فهل أجد عندك بذلة، قال الصاحب لصاحبه إنه إنسان كريه سوف لن أحدّثه من اليوم، تعال معي وخذ البذلة التي تريحك، فعلا ما قصّر الرّجل فأعطاه آخر ما خاطه الخياط فظهر خلالها البطل أنيقا جميلا بشوشا، ففكّر أن يصاحبه إلى المأدبة إن كان في وقته فسحة، وهل يردّها الصاحب في وجه صاحبه، كانا ثنائيا جميلا حقا حتى حضر الطّعام، فقال له صاحبه وهو يحاوره اسكب على أمّها العصير وعلى أبيها الزيت والشحم، مرمدها ولا تخف، لا تأخذك بها رحمة فعندي منها العشرات، أنت أكبر من بذلة ياصديقي، خذ السكين ومزقها، شنتفها يا حبيبي.
            بعد الفسحة نعود إلى الجادّة
            مادام.......ما دام " مركبة"
            يدفء........ يدفئ " همزة متطرفة قبلها كسر "
            عيناي......... عينيّ " مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وهومضاف وياء المتكم ـ فك الإدغام ـ ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه "
            فن ..............فمن "رقن"
            مشكور جدّا على التصحيح.

            توظيف الفاء والواو عند الربط يمكن قبولها بأريحية.

            الآن لديّ بعض الاستفسارات.

            يوما ذهبت إلى السوق.
            قضيت يوما في السوق.

            هل هناك فرق بين توظيف "يوما" في الجملتين؟
            لماذا نقبل ذات يوم ، و في يوم من الأيام، و لا نقبل يوما، توظيف يوما في الفرنسية لا يحمل أي إشكال.

            تنزف على إثرها و تحتفل على وقعها.... كتب في النصّ تحتفل على إثرها وتنزف على وقعها.


            هل يقبل الانزياح الدلالي هنا أم لا وإن كان الجواب بالسلب فما المانع.

            عندما نقول مثلا، لساني شرس ملمسه تحفر في الأذن وخزته. ما العيوب التي وقعت هنا و لماذا تماسكت بلاغة الجملة؟

            فأحرى بالزهرات التزين .......فأحرى بالزهرات أن تتزين.

            لماذا تم رفض المصدر الصريح و تم تبديله بالمصدر المؤول من أن والفعل.

            شكرا للإفادة متى سمح وقتكم بذلك.

            وقبل أن أقول لك تصبح على الف خير أريد أن اشاركك بعض همّي وقبل ذلك أيضا أود معرفة سنّك فأنا من الفضوليين الذين يحبّون السيطرة على الموقف هذا فعلا إن كان ممكنا و لو على الخاص. فإن كنت أصغر منّي قبلت أستاذ نورالدين، وإن كنّا في السن متجاورين كان نورالدين كافيا أمّا إن كنت تكبرني ولو بليلة فاحترامي العظيم.

            كنت يومها شابّا معتدّا بنفسه، كيف لا و أنا ابن بلدتي أزورها فقط صيفا، حصلت على وظيفة و لمّا أرشد بعد ــــ تعمّدت هذا الأسلوب في النفي لأنك استنكرته في محطّة غير هاته فإن كان هناك تعليل فمرحبا ـــــ نظمت و أقراني موسما في بلدتي، تتخلله أنشطة فلكلورية و فكاهية و رياضية، كنت رياضيا حقّا أقوم بالحركات بمرونة جمبازية على إيقاعات الدفوف والطبل، رغم ذلك كان المقدّم يرفض أدائي وأنا نجم الميدان، لا يتعلق الأمر باستصغار ما، لكن الذي يرفض أداؤه لن يعود إلى الفريق إلا بعد أن يدفع غرامة، ليس من جيبه طبعا، بل يدفعها الجمهور وخاصّة النساء منهم، الذكور لا يدفعون إلا قليلا، أمّا النساء فلهن من الطّيبة ما يجعلهن كريمات بطبعهن، وتلك فرصة لي لاستعراض عضلاتي هناك أيضا، فالكثيرات منهن ينتظرن مجيئي لتقديم الهديّة، فمرّة أحمل إليهم أوراقا نقدية وأخرى ديكا محمرّ العرف أو دجاجة هندية، أو حزمات من الحبق و باقات زهور و غيرها ممّا تتبرّك به النساء. و لكوني عملة قابلة للتسويق و أجلب لصندوق الفريق مالا وفيرا، فبمجرّد أن أصول في الميدان يتم طردي من جديد، حتّى أفرغ ما بجعبة المتفرجات من العطايا. حتى الرجال نعرف كيف نبتزهم بصفة رقيقة، ننهي الرياضة و نعلن المزاد، نبيع باقات الورد و الحبق، فتشتري الباقة بثمن فاحش ليذكر اسمك و أمام الملأ فائزا والزغاريد تملأ الميدان. أنا أيضا لم أنج من هذه المزايادات بل كنت عنيدا أيضا، في جعبتي بعض أنانية متبخترة، لا يزال سلوكي يحمل بعضا منها إلى اليوم. ليلا تأتي الفرقة الفلكلورية المحترفة ومعها الشعراء الذين ينشدون على السليقة في سهرة مفتوحة هناك رأيت الشعر كما ينبغي له أن يكون، أنهار من الشعر لا تتوقف من الهجاء إلى المديح إلى الرثاء إلى الالتزام ومن ثم نحو الغزل.
            المهم يكون الساهرون بأعداد وفيرة ونحن الشباب ننظم مكان الحفل و نسهر على النظام، ولكون الازدحام بلغ أوجه تلك الليلة كانت تدخلاتنا يتخللها بعض عنف لفظي وقد تمتدّ أيادينا لمن سولت له نفسه النظر جهة النساء، الآن وصلت إلى بيت القصيد، كنت مرة أخرى محطّ الأعين أمشي و أجيء ببعض عجرة، في الليلة الموالية زاد نشاطي أكثر فاكثر، لكن هناك دائما من يعلمك ما كنت تجهل يا نورالدين، طلبني شاب لا يقل قبولا مني، جئته بوجه مقطّب، قال لي بهدوء، يا هذا لم كلّ هذا البطش، ألستم تعلنون الفرح و جئناكم ضيوفا، يبدو أنك ستخسر الكثيرين هنا قبل نهاية الموسم. كان في غاية الأدب، رغم أنّنّي واجهته بغلظة و قمعت فيه الصّراحة لكن قرأت الدّرس جيّدا منذ ذلك اليوم، هناك دائما أناس يبقون في الذّاكرة رغم أنك لن تلتقيهم يوما. شخص يعلمك أن اجتماعيتك في خطر متى تجاوزت حدود اللياقة. كان الشّابّ محقّا نعم كان محقّا فعلا، علّمتني كيف أدير حياتي. فشكرا لك و أنا لا أعرفك.

            انتهي همّي

            ومعه أتمنى نهاية همّ الكثيرين.

            ملحوظة

            لكوني لا أفهم في قصيدة النثر فهلا أضأت هذه النقطة بين نصي و قصيدة النثر.
            شكرا لك، على حسن عباراتك نحوي، أخي الحبيب نورالدين لعوطار :
            وأعتذر إليك عن التأخر في الإجابة، لظروف خارجة عن إرادتي.

            1. أكثر وأكثر/أكثر فاكثر :
            توظيف الفاء والواو عند الربط يمكن قبولها بأريحية.
            الجواب : الأمر يتعلق بالنحو العربي وليس بمزاج الكاتب : والفاء في أكثر فأكثر تفيد الترتيب والتعقيب وهذا ما لا تفيده الواو.

            2. يوما ذهبت إلى السوق/قضيت يوما في السوق.
            هل هناك فرق بين توظيف "يوما" في الجملتين؟
            الجواب : نعم هنالك فرق : فيوما في الأولى مفعول فيه وتقديره : في يوم.
            ويوما في الثانية مفعول به للفعل المتعدي قضى وتقديره : وقتا معينا.
            وكلمة ''يوما'' كما وردت في جملتك تعني ''وقتا من البكاء''، لذلك اقترحت عليك عبارة ذات يوم أو يوما ما، للدلالة على زمن قادم في المستقبل كما تؤكده
            كلمة ''قدوم''.

            3. تنزف على إثرها و تحتفل على وقعها.... كتب في النصّ تحتفل على إثرها وتنزف على وقعها.
            هل يقبل الانزياح الدلالي هنا أم لا وإن كان الجواب بالسلب فما المانع.
            الجواب : المجاز هنا ينافي الحقيقة، والصورة تعاكس المعنى : لأن النزيف له أثر وهو الجرح، والاحتفال له وقع وهو الغناء والرقص !

            4. عندما نقول مثلا، لساني شرس ملمسه تحفر في الأذن وخزته.
            ما العيوب التي وقعت هنا و لماذا تماسكت بلاغة الجملة؟
            الجواب : لا توجد بلاغة في العبارة، وإن شئت بلاغة التصوير فقل مثلا : لساني حاد رمحه تنفذ في الأذن طعنته...

            5. فأحرى بالزهرات التزين/فأحرى بالزهرات أن تتزين.
            لماذا تم رفض المصدر الصريح و تم تبديله بالمصدر المؤول من أن والفعل.
            الجواب : المصدر الصريح لا يدل على زمن معين، عكس المصدر المؤول بأن، الذي يجب توظيفه هنا للدلالة على زمن عينته كلمتا ''كلما'' ''عندما''الواردتان في عبارتك.

            أرجو أن أكون قد أفدتك في هذه العجالة، كما أفدتنا أنت بنصك الجميل حقا...
            وأرجو أن تقبل صداقتي ومودتي وتحيتي.
            وواصل ونحن نتواصل !
            التعديل الأخير تم بواسطة عمار عموري; الساعة 21-08-2017, 15:31.

            تعليق

            • نورالدين لعوطار
              أديب وكاتب
              • 06-04-2016
              • 712

              #36
              الأخ البهي عمار عموري

              شكرا على ما تفضلت به من معلومات قيمة.
              مؤكد أستفيد من هكذا تواصل.
              ولنا في القادم من الأيام لقاءات تزيل بعض ما يشوش ذهني فأنا في حاجة للتعرف على المجاز تحديدا، "قياس الغائب على الشاهد" أو "الشاهد على الغائب" و حدود الاستعارة، و هي مباحث كما لا يخفى عليكم يطالها التعقيد و تبينها التجربة و المران الحي و لا تؤخذ قواعدها هكذا لصقا وحفظا.

              دمتم بخير

              تعليق

              • نورالدين لعوطار
                أديب وكاتب
                • 06-04-2016
                • 712

                #37
                القلق
                القلق هو اختلال في التوازن عند بياجي، هو حافز على الفعل، فالقلق المعرفي هو وقوفك أمام مشكلة مستعصية تجعلك متوترا، وهذا التوتر ناجم عن رغبة في تخطي هذا الحاجز، لذلك يرى الجلطالتيون أن التعزيز لا يتأتى بالمكافأة وحدها كما يقترح السلوكيون، بل التعزيز الحقيقي هو مقدار الرضى عن النفس الذي تحققه وأنت تصل إلى المخرج، أي عند قدرتك على استعادة التوازن عند بياجي بتخطي المشكلة.
                القلق عند هايدغر هو الشعور بالغربة، " الكينونة هناك" أي نوع من الإحساس بأنك متروك لقدرك وحدك، و هو أيضا من الدوافع القوية التي تجعلك تسعى للوجود أو تنخرط في الوجود أي تصل إلى الكينونة مع الآخر.
                تلك مجرد إشارات للقلق الذي تحسه أنت وأحسه أنا ويحسه الناس في مواضع مختلفة وفي أزمنة مختلفة، ليس القلق عيبا في حدّ ذاته فهو جزء من تركيبتنا النفسية التي بها نعبر عن عدم الارتياح في لحظة ما عن وضع ما، أو الإحساس بالمشكل أو الوقوع في مأزق، ليس القلق بالضرورة حزنا و إن كان القلق هو سبيل إلى الحزن متى تمسّك الفرد بالمشكل وعدم اقتناعه أنه يستوجب حلاّ حقيقيا أو عندما تتناسل عن محاولات الحلّ مشاكل تزيد من إرباك الثقة بالنفس و القدرة على الحلّ.
                ما الذي يجعل من قلقنا حزنا، يصل القلق إلى الحزن المسيطر على السلوك متى أقدمنا على حلّ لا يرضي النفس ونجمت عنه العديد من الأضرار التي تفوق توقعاتنا وقدرتنا على التحمّل واستيعاب الفشل. فالحزن رديف فشل لا تستوعبه النفس، الفشل إن كان معرفيا تتم السيطرة عليه بمعرفة عقلية فكلنا نفشل معرفيا بشكل من الأشكال كما نفشل أخلاقيا سواء في تطبيقاتنا للحرية أو في الواجب، لكن يمكن التغلب على هذه الإحباطات، مثلا أنت تفشل في مادة الحساب يمكن أن تقوي هذا الجانب بالاهتمام ويمكن أن تتعايش مع الفشل بما أنك تحقق معرفة في ميدان آخر ولا تحس بكثير من النقص أو ذاك النّقص المعرفي لا يكون له كبير أثر على حياتك لأن وجودك ليس مرتبطا بمعرفة الرياضيات، أو تكيف وجودك خارج نطاق الرياضيات، وكذلك المشاكل الأخلاقية الناجمة عن تقدير المجتمع للحرية والواجب، يمكن أن تسرف في التقدير أو تتهاون ولا يكون لذلك كبير أثر على وجودك، ولعل باب التوبة مجتمعيا وأخلاقيا مفتوح للجميع، وهنا تجد عزاء وتجد قدرة على الاستدراك وتخطي الفشل الأخلاقي. لذلك فالحزن المصاحب لهكذا فشل يمكن أن يتبدّد ويختفي.
                إن كان القلق الوجودي هو حافز على تحقيق الوجود الذّاتي والوصول إلى الوجود مع الآخر، فالفشل في تحقيق هذا الوجود هو المسبب الأساس في الحزن أي أنك في وجودك وأسلوبه، لا تصل إلى حالة من التوازن إلى حالة من التعايش، إلى حالة من القبول بوضعك مع إيمانك أن الحالة جامدة ولن تتغير، هنا تصل إلى درجة الاكتئاب، ومنها إلى درجات أقوى مثلا الانتحار أو فقدان السيطرة كليا.

                تعليق

                • نورالدين لعوطار
                  أديب وكاتب
                  • 06-04-2016
                  • 712

                  #38
                  المزاج،
                  مزاج سيء، نقول لست على مزاجي.
                  مزاج جيد، أنت على مزاجك.
                  مزاج متقلب، تحول من مزاج سيّء إلى مزاج جيد في ظرف وجيز أو العكس.
                  شخص مزاجي، مزاجه متقلب.
                  عندما أكون على مزاجي فأنا أحس بالسعادة، وأكون قادرا على الفعل بأريحية، لكن عندما يكون مزاجي سيئا فأنا أعيش حالة من التوتر والحزن" القلق" أي هناك شيء يعكر "مزاجي" والمزاج هنا بمعناه الموجب أي يعكر سعادتي.
                  الشخص المزاجي أي الذي يتقلب "مزاجه" بين الإيجابية والسلبية في ظرف قصير و وقت وجيز.
                  إذن ما المزاج وقد وضعنا بعض الأسس التي حاولنا من خلالها ملامسة المزاج؟
                  عندما أقول مثلا أبحث عن مزاجي أو ما يرفع من مزاجي أو ما يحقّق مزاجي، فالمزاج هنا نستعمله للتعبير عن حالة نفسية مُرضية، أكوّن مزاجي، أرتب مزاجي، بشرب الشّاي أو تدخين سيجارة، أو فنجان قهوة، أرتب مزاجي بممارسة رياضة، بالذهاب إلى الشاطئ، بمشاهدة مسرحية، بقراءة قصيدة، بسماع الموسيقى، بالاستجمام في الطّبيعة....
                  ماذا أفعل هنا؟ أبحث عن استرخاء، أبحث عن حركة أبحث عن تغيير، مثلا أنا مرهق، أستحم فأنتعش، غيّرت مزاجي المرهق إلى مزاج منتعش، بعد سهر أريد قسطا من النوم أسترخي للحصول على مزاجي الجيّد.
                  أنا متوتر "قلق"، أتحدث بعصبية أقوم بحركات عنيفة أتخلص من غضبي بالحركة، أو أتحكم في غضبي بهدوء أفرض حالة سكون، أترك الوسط ذهنيا، لا أسمع ما يزيد من توتري. أفرض استرخاء على ذاتي وجسمي....
                  كنت في حفلة رقصت بمزاج جيّد، مارست لعبة وركضت ولهوت بعدها أريد استرخاء أريد تغيير مزاجي.....
                  هذا المركب من الكلمات:" استرخاء، هدوء، توتر، حزن، قلق، انشراح، انتعاش، استجمام، سعادة......" تعبّر عن حالات نفسية تعتريني تعبر عن مزاجي عن حالتي النفسية التي أعيشها.
                  ما هو المزاج؟
                  المزاج إذن هو مجموع الحالات التي تعتري النفس البشرية وتمتد عبر مجال تحدّه السعادة في أحد أطرافه والحزن في الطرف الآخر. هل يتعلق الأمر باللذة والألم كما يبين تيار اللذة بداية بأبيقور وصولا إلى ميل الأب على الأقل.
                  يمكن أن ننطلق من مبدأ "اللذة ـ الألم" كإظهار أن للّذة كما للألم أساسا في البناء الغريزي ويصعب أن نتحدث هنا عن اللذة والألم كأساس نفسي إنساني، هذا لا يعني أن اللذة كما الألم على المستوى الغريزي لا تساهم في تشكيل الجهاز الانفعالي للحيوان كإدراك غريزي، لكن ما يهمنا أكثر هو معرفة أن اللّذة والألم يساهمان بشكل من الأشكال في البناء النفسي الإنساني دون أن نعتبرهما الوحيدان، لماذا لأن اللّذة هنا مرتبطة بما هو بيولوجي أكثر من ارتباطها بما هو أخلاقي ومعرفي، نعم أشعر بسعادة ما عندما أنجز عملا، لكن هل أحس بلذّة وأنا أمارس هذا العمل؟؟؟؟؟؟؟ قد تمارس العمل هنا مكرها لكن عند إنهائه تحس حالة مزاجية جيّدة.
                  لتبسيط الأمر مثلا أنا أصلّي كواجب أو كلذّة؟ أو بتعبير آخر هل أمارس الدين كعبادة ورضوخ أم كهوى....و إن شئت أن أقرب الموضوع أكثر هل تحس خشوعا دائما وأنت تصلّي؟؟؟؟ أي هل لا تفارقك لذّة الصّلاة، أنا لا أتحدث هنا عن الشعور بالرّاحة النفسية وقد ادّيت واجبك.. لا أتحدث عن حالة الاسترخاء التي تحسّها بعد أي فعل كواجب، لا أتحدث هنا عن السعادة التي يحدثها إحساسك بوجودك ضمن جماعة المؤمنين.
                  أتحدث عن اللذة التي يتحدث عنها المتصوفة على سبيل المثال ولعلك سمعت: "ها هو السجود فأين الخشوع"
                  هذه مجرد أمثلة قد تكون واضحة عند البعض والآخر لا تظهر له كذلك، لكن هذا لا يعني أنه لم يدرك الفرق بين السّعادة كمفهوم عقلي، واللّذة كمكوّن غريزي، ولابدّ أيضا أنه يدرك أن السعادة بعديّة كما الشقاء لكن اللّذة والألم محايثان لما يحدث اللذة والألم.
                  كمثال بسيط، انغرزت شوكة في قدمي، فعل إزالة الشوكة مؤلم وليس لذيذا، لكنه يحقق لي راحة بعديّة، نوع من السعادة والمزاج الجيد يأتي بعد الألم وليس فقط مع اللذّة.
                  لكي لا يضيع الموضوع ما المزاج؟
                  المزاج هو قائد النفس و قائد الجهاز النفسي، إن تعكر قاده سلبيا وإن تصافى قاده إيجابيا، ولتقريب ترسمة الذات الإنسانية يمكن تعرف تركيبة هذه الذات كطائرة، لها عدة محركات، إضافة إلى هيكلها العام، الجسد و مجموع الأجهزة الحيوية، الجهاز العصبي و الجهاز التنفسي والجهاز الدموي والجهاز الهضمي و الخلية، ثم الجهاز المعنوي الجهاز الغريزي والجهاز النفسي والجهاز العقلي و يمكن أن نجمل هذه الجهاز المعنوي بكلمة الوعي. ولكون هذه الأجهزة معنوية فهي تعيش حالة من التأثير والتأثر المتبادل.
                  أكتفي بهذا القدر.

                  تعليق

                  • نورالدين لعوطار
                    أديب وكاتب
                    • 06-04-2016
                    • 712

                    #39
                    إذا كان التحليل النفسي يعتبر أن بنية الجماعة مؤسسة على علاقات ليبيدوية تخترقها عموديّا، أي تراتبيا سواء من جهة الأعمار أو أي تصنيف مؤسس على معطيات رقمية، أو عرفية، كما تخترق الطبقة ذاتها علاقات يمكن تسميتها بالعلاقات الأفقية.
                    ركّز التحليل النفسي على أن الآخر في نظر النّفس إما نموذج أو شريك أو خصم.
                    التوحّد هو أول علاقة ليبيدوية تحصل بين فردين، ويتم ذلك عندما يجد الشخص سمة مشتركة بينه وبين هذا الآخر و كلما تعدّدت السمات المشتركة وصلنا إلى التماهي.
                    على هذه الأسس طور ريدل بحوثه التي انصبّت حول الشخصية المركزية داخل الجماعة، وإن شئت سميته مركز ثقل الجماعة وتتحدّد هويتها من خلاله كما يستقطب الإسقاطات الوجدانية لأفرادها. ويمكن تحديد هذا المركز بدراسات سوسيومترية.
                    هذه الدراسات تحدّد بالدّقة محرك الجماعة الذي يتخذ أشكالا مختلفة، مثلا القائد فنقول هذا قائد أو ممتلكك لمهارة القيادة في هذا الجماعة عندما يعتبره الأفراد قدوة، أي أن أحلام الجماعة تتماهى مع نموذجه على مستوى الأنا، فيحس الفرد أنه معني بالفعل وعضو فاعل في جماعته عندها سيكون القائد ناجحا جدّا في قيادة جماعته. وقد يتحول إلى مستبد يكون الحفاظ على نظام الجماعة بصرامة هو السبيل الأوحد لكنه في الوقت ذاته يحاول أن لا يصل بأفرادها إلى درجة التمرّد، في جماعة المستبد تقل العلاقات الحبّية بين الأفراد وتنخفض الثقة بين أفرادها و يتماهون معه بسبب الخوف على مستوى الأنا الأعلى وهو ما يعرف بالتوحد مع المعتدي، ومن صفاته إرضاء ميولاته السّادية على حساب أفراد الجماعة. و يعتبر النموذج الأبوي في منزلة بين منزلتي المستبد و القائد، فالأفراد يتماهون معه على مستوى الأنا الأعلى ويشاركون في مشروعاته بسبب الاحترام، ويتسم في الغالب بالعدل، وهو إلى حدّ ما النموذج السائد في الجماعات التقليدية.
                    في العاقات الأفقية سأقتصرعلى بعض النماذج :
                    البطل وهو شخص يقف ضدّ ساديّة أو لا عدالة، فالتوحد مع المعتدي الذي كان نتيجة خوف من المستبد على مستوى الأنا الأعلى يتحول إلى التماهي مع البطل كقدوة لإعادة ترتيب شؤون الجماعة. وقد يكون مجرد منظم يتيح للأفراد إرضاء مكبوتاتهم فيكون محور الجماعة بإتاحته الفرصة لتحمل مسؤلية الخطأ عنهم وتحقيق اللذة الجماعية للجماعة وهو إن شئت بطل سلبي نوعا ما ليس له مشروع حقيقي، بل هو مجرد شخص يبتغي توفير الظروف لتفجير المكبوتات وتنفيس الاحتقان.
                    ويمكن التفريق بين الفاتن وذي التأثير السيّئ بكون الفاتن يحمل معه كاريزما معينة تجعل الأخرين يقومون بالفعل بدون تفكير ولارغبة، فقط لأن الفاتن قام به. ذو التأثير السيئ شخص متّهم على الدّوام دون أسباب ترتقي إلى المعقولية، ويتصف بأنه لا يبدأ الفعل.

                    تعليق

                    • نورالدين لعوطار
                      أديب وكاتب
                      • 06-04-2016
                      • 712

                      #40
                      الأبيض لون من الألوان نقيضه منطقيا هو ما ليس بأبيض، واللغة جعلت له ضدّا في الأسود، ليس لأن ذلك وليد فراغ بل لأن الضوء حين يختفي تكون هناك ظلال ولا تحدث الرؤية لذلك فانعدام الضوء هو الظل بظلمته وسواده.
                      إن نحن علمنا أن الضوء الأبيض في تشكيلة قرص نيوتن هو ما يحدثه قوس قزح من الألوان ، وإن ذهبنا إلى عمق الذرة وانتقالات الإلكترون عبر مداراته حول النواة إن قربا وبعدا وما يحدثه ذلك من اشعاعات فوتونية مختلفة الترددّ بين نقلة ونقلة، عرفنا أكثر أن اللون هو مقدار تردد موجي.
                      عودة إلى المنطق الذي قال لنا ذات علم أن الأبيض و لا أبيض لا يجتمعان، أو ما يسمى بالثالث المرفوع، هنا سترى بأم عينك أن لا أبيض هو نفسه الأحمر والأزرق والأصفر كألوان رئيسية عند التشكيلين، والأحمر الأخضر والأزرق عند البصريات أي " الضوئيات" حيث أن بقية الألوان يمكن أخذها من مزج للأوليات، يعني أن لا أبيض ايضا هو البرتقالي والبنفسجي أي " أحمر+ أصفر" أحمر+أزرق" وهكذا كلما مزجت لا أبيضين حصلت على لا أبيض ثالث، لكن المعادلة تأبى الاستمرار في قرص نيوتن فيصبح مجموع عناصر مجموعة اللأبيض تساوي الأبيض، حيث يتساوى الأبيض واللاأبيض.
                      ننتقل إلى اللغة التي هي معرفة كما المنطق معرفة أو قواعد تفكير، فالأبيض ضده الأسود وفي ذات الوقت فالأبيض يعتبر الأسود جزءا من نقيضه على الأقل، إن كان الظل هو انعدام الضوء أي أن الضوء غير موجود لذلك لا يمكن تمييز الألوان وهذا طبعا لعدم وجود الضوء الأبيض، ولاحظ هنا كيف انتقل الإشكال من معرفي إلى وجودي، فلاوجود الضوء هو الظلام الذي هو لا وجود في أصله الذي تحول إلى وجود معرفي و وجود فعلي للظلام. وهنا يظهر الأصل الأنطلوجي أيضا للغة كما المنطق، فالثالث عندها سيكون مرفوعا يعني "إمّا ضوء أو ظلمة". لكن هذا أيضا يتبخر حينما تلبس نظارات ليلية تتوافق مع الأشعة تحت الحمراء و تدخل نحو اشكالات جديدة ما الضوء وما الظل، وما الرؤية، وبذلك تعرف أن الفضاء رغم كونه يظهر دامسا فهو مضاء بأشعة أخرى.
                      هل يمكن الخروج بشيء هنا رغم علمية المعطيات.
                      سقوط مبادي المنطق هو سقوط للغة كما الفكر، لكن هل يمكن أن نسلّم بها تسليما قطعيا هذا أيضا يصعب أن يصمد. لكن المنطق أساسا بني على افتراضات، أي وجود أشياء بديهية، فما لم تعترف بوجود البديهيات يصعب التعامل مع المنطق، فلكي تكون اللغة ممكنة وجب التسليم ببعض المعطيات الأساسية كمبدأ الهوية ومبدأ التناقض و منهما الثالث المرفوع.

                      تعليق

                      • نورالدين لعوطار
                        أديب وكاتب
                        • 06-04-2016
                        • 712

                        #41
                        من خلال حياتك يمكن أن تستقرئ أو تلاحظ مجموعة من السلوكات التي تدخل في مجال التربية.
                        ومن خلال هذا المدخل البسيط يمكن أن تلاحظ كلمات أساسية وهي الملاحظة، السلوك، التربية.
                        الملاحظة هنا يقوم بها شخص خارجي، قد يكون مؤثرا على صياغة السلوك التربوي، فأنت هنا كملاحظ يمكن أن تكون أداة محفزة على الزيادة من حدّة السلوك أو التخفيف من شدّته. إن كانت فزياء الكمّ توكّد على تأثير الملاحظ على سلوك الإليكترون وتجعله يغير من سلوكه والطريقة التي يتجلى بها، فبدون ملاحظ يتمظهر على شكل موجي و بوجود الملاحظ يظهر بشكل "جسمي" "ذري" "جزئيئي" نقطي" وهذه من غرائب عالم الذّرة، التي تكشف عن تعدد السلوك المادي للأشياء التي نظن أنها لا تملك إلا نمطا واحدا للظهور والتجلّي، إن أغلقنا قوس الفزياء، وتوجهنا إلى الفلسفة والميتافزيقا بالتحديد التي تؤمن بعالم الفكرة كأصل أي أن الوجود هو إدراك قبل كلّ شيء، أي أنه لا يوجد موجود غير مدرك، أي أنه لأكون موجودا يجب أن يكون هناك من يدرك وجودي، ومن خلال هذا المعطى يفسر وجود الموجودات بقيام إدراك كواجب وجود، أي كملاحظ يتيح للسلوك الوجود. كل هذا الكلام الفلسفي رغم ما يؤاخذ عليه من عيوب عند البعض، أو ما يعتريه من صحّة وصدق عند الآخرين إن كان له رمزية ما، فهي قيمة وجود الملاحظ، أي أنه للملاحظ دور فاعل في وجود ظاهرة ما أو سلوك ما. وهنا سندخل إلى صلب هذا الملاحظ الذي هو أنت وأنا وغيرنا، الذي هو المجتمع.
                        من هنا يمكن أن نقول أن التربية هي سلوك اجتماعي، وهذا إن كان يتيح شيئا ما فإنه يتيح أن وجودك كإنسان أي وجودك كتصرف إنساني، ولا أقول هنا كبشري أي كقالب لما يمكن أن يصطلح عليه إنسان بعد أن يخضع للتربية. فحتى علميا وعند دراسة الأطفال "المتوحشين" لوحظ أنهم ليسوا إنسانيين بل بشريين أي فزيونوميتهم إنسانية وسلوكهم "حيواني"، إن شئت هم مادة أولية لصياغة الإنسان، وهنا يقول البعض أن إنسانيتنا هي نتاج تربية.
                        إذن الآن وصلنا إلى شيئين أساسيين، أي ضرورة مجتمع للحديث عن التربية وضرورة التربية للحديث عن الإنسان.
                        فما التربية داخل المجتمع الإنساني؟ الآن يمكن أن ندخل إلى السلوكات التي يمكن رصدها كتعبير عن تجسيد للتربية.
                        ـ رجل يعلم طفله الكلام.
                        واعظ يعلم القيم.
                        ـ صانع يعلم صبيا حرفة.
                        ـ طالب في مدرسة.
                        ـ ندوة يتدارس فيها باحثون ظاهرة ما.
                        لو اكتفينا بهذه الأمثلة وجدنا أن التربية هنا أفعال. أي أن التربية عملية و ليست فقط شيئا مثاليا، بل هي ممارسة، فأنت هنا تقوم بفعل تربوي " تعلّم" أو "تتعلّم"
                        المعلم هو شخص له معرفة وينقلها إلى شخص يتعلّمها، التربية هنا تعليم وتعلّم، التربية عمل يمارسه الراشدون على غير الراشدين كما عند دوركايم، التربية هي تهذيب السلوك كما عند سان أوغستين، رغم تليقديّة هذه المقاربات، فيمكن تكييفها، فمثلا الراشد هنا هو الخبير في مجال ما، شاب مهندس في البرمجيات يقوم بتعليم آخر ما وصل إليه الاستكشاف العلمي لكوادر شركة يكبرونه عمريا، شاب خبير في علم نفس الإجرام يلقن لمدراء الأمن ومدراء السجون وقضاة ومحامين آخر التوصيفات للتعامل مع "المجرمين" أي تهذيب سلوك المؤسسات التي تصهر على إعادة التأهيل.
                        التربية إذن هي عمل يقوم به المعلم كما يقوم به المتعلم، فعالية طرفين، و إن شئت تفاعل طرفين، تحكمه قضية و آليات و قيم، فالتربية من جهة إعادة انتاج ثقافة أو معرفة المجتمع و في نفس الوقت هي بحث عن نجاعة هذه الثقافة وممارسة النقد الذّاتي، أي طرح مجموع المقاربات التي من خلالها تمارس التربية و وضعها على المحك قصد بلورة رؤية جديدة، تحكم الفهم و آليات التفاعل و الغاية و الفلسفة التربوية.
                        التربية هنا هي إعادة إنتاج وأيضا انفتاح على الرؤى الجديدة هي صناعة وتهذيب و تأهيل وتطوير.
                        هل اقتربنا من مفهوم التربية؟
                        التربية هي أنسنة الإنسان داخل سياق مجتمعي منفتح، قصد تأهيله للتموقع إيجابيا ضمن البنية الاجتماعية والمساهمة في تطويرها نحو الأفضل.

                        تعليق

                        • نورالدين لعوطار
                          أديب وكاتب
                          • 06-04-2016
                          • 712

                          #42
                          الخطاب
                          مقالتي هذه تسائل الخطاب والتحول الحاصل في الخطاب، العديد من التغيرات لحقت الخطاب اليوم وقبل كل حديث عن الخطاب لابد أن أعرف ماهية الخطاب الذي أقصده، فهنا أقصد بالخطاب كلاما بشريا قابلا للتقاسم مع الغير، أي كلاما موجها للغير سواء أكان الهدف منه إيصال فكرة أو توضيح موقف أو طلب شيء أو التعبير عن شعور.
                          هل كل كلام خطاب، ليس الأمر كذلك فالكلام هو جميع الأصوات التي يصدرها الإنسان في نسق لغوي، فأنت مثلا تغنّي أغنية لأم كلثوم فالكلام هنا ترديد وانتشاء داخلي قريب من نوع من الاستمتاع الفني والنشوة، لا تقصد من خلالها التفاعل مع الآخر بقدر ما الأمر يتعلق بطقس تكراري من خلاله تحس انتعاشا نفسيا.
                          فالخطاب هنا هو كلام ينتج عنه تفاعل إنساني، حتى ولو نتج التفاعل بعيدا عن القصدية، فمثلا هناك شاعر قال قصيدة في سياق انتشاء شعري طقسي أبدع فيه كلاما كتفاعل ذاتي ولا يقصد من خلاله إلا تفاعلا فنيا، لكن هذه القصيدة أضحت حدثا تفاعليا بين الناس يناقشونها فهي خطاب ولو تمت مناقشة أسلوبها الفني أو بعدها الوجداني.
                          لن أتناول أنواع الخطاب كالإشهاري و السياسي أو الوعظ التربويّ أو الخطاب العلمي أو الفلسفي......
                          لكن سأحاول مناقشة الخطاب المتداول الآن بشكل من الأشكال أو الخطاب المستجدّ، على سبيل المثال قصيدة النثر، الرسالة القصيرة، القصة القصيرة، النكتة.
                          من المؤكد لاحظتم اقتصاري هنا على النص القصير، ليس لأن الخطاب السائد حاليا يتجه صوب الاختزالية فقط، بل لأن النص الطويل الحالي خاضع بشكل من الاشكال للتغيرات التي طرأت على الخطاب عموما.
                          لو تساءلنا عن قصيدة النتر كمنتوج أدبي يلتمس من لغة النثر أن تتقمص رداء شعريا عرفنا هنا أن الخطاب يريد الجمع بين نسقين متقابلين، فالخطاب هنا يريد كسر تلك الثنائية التي جعلت الأدب يسير في مجريين مختلفين، إنه نوع من الوصل بين طرفي الأدبية، هذا الوصل فيه نوع من الحنين إلى التعبير الحر الذي يتفلت من قيود الشّعر تحديدا، نوع من عدم اختزال الشاعرية في نظام صارم من القوالب، وهو أيضا نوع من انفتاح الشعر على المتلقي وتوسيع القاعدة المنتجة والمتلقية، مما يثير أيضا في هذا الموضوع هو تقلص دور الشعر في الحياة العلمية والثقافية، فقديما كانت قواعد اللغة تنظم، وكذا تنظم العلوم كالفقه وحتى السير. تقلص امتدادات الشعر ناجم عن تغير في صلب العملية التربوية التي كانت تعتمد التلقين والاستظهار واستبدلته بالفهم والتحليل والسعي إلى إعمال الفكر بدل شحن الذّاكرة، هذا أيضا له أسبابه الكثيرة، فالمعلومة نسبيا متوفرة وتعددت وسائل حفظ المعلومة بيسر والمجتمع يسر نحو نوع من المعرفية بانتشار المدرسة فالغالبية العظمى لهم أبجديات المعرفة، والميتاـ معرفية هي ما تسعى المدرسة لتحقيقها أي أساليب صنع المعرفة التي تلائم كل مستجد تفاعلي، إذن فقصيدة النثر جسرت تلك الهوة الأدبية الموجودة بين الشعر والنثر، والإنسان الحديث وضع جنسا أدبيا يستوعب جمالياته التعبيرية خارج الإطار المألوف الذي كان مساعدا على الحفظ، فالمتلقي اليوم يسعى إلى قول جمالي به ينمّي قدراته الجمالية والتذوّقية دون الحاجة إلى الحفظ والاستظهار. حتى النثريات بدورها في وقت من الأوقات كانت بدورها خادمة للشعر شكلا، حين كان للشكل قطب الرحى في الأدب إذ نسجت المقامة بالسجع التماسا للقافية و الراوي وميلا إلى موسقة الجملة النثرية في إيقاع شعري، كما أن الخطاب القديم يهتم بتلك المحسنات البديعية وموسيقى الجملة سواء في الخطاب الوعظي أو الخطاب السياسي. وأظن أنها محاولة من الشعر للاستحواذ على النثر أو على الأقل فرض سلطته عليه، قد يقول قائل أنها مجرّد جدلية الشعر والنثر، لكن الخطاب عموما والقديم خصوصا تظهر فيه هذه السلطة الشعرية التي لا تزال بعض مظاهرها تتجلى في أنواع كثيرة من الخطاب الحجاجي، تجد أن الخطيب لابد في سياقه الحجاجي يوظف بيت شعر أو بيتين وقد يستطرد في قصيدة ولا أظن أن توظيف مضمون البيت هو المقصود لوحده فقط، لأن المضمون الصّريح يعبر عنه بالنثر بيسر في حين أن المضمون الشعري في الغالب يحتاج الخطيب إلى تبسيطه وتقريبه للمتلقي، وهذا يعطي للخطيب ممارسة فوقية على المتلقي يستمدها من سلطة الشعر التي لا تزال سائدة ورائدة في اللاّشعور الجمعي، أو على الأقل يدغدغ بالنّظم الجانب الانفعالي للمتلقي، وهنا غالبا ما يوظف البيت الشعري المتداول الذي يشكل مع الأمثال الشعبية محيطا يحيط رقعة الخطاب و يؤطر ثقافة المجتمع و من خلالها تأطير عقل المتلقي و تحديد ملعبه. هنا لا يتعلق الأمر بالحجر الكلي، وإلا حصلنا نسخا بشرية متطابقة بل الشعر كما الأمثال تحمل في ذاتها التوتر فنجد المثل ونقيضة و البيت ومقابله، لكن الخطاب يوظف الذي يوافق السياق الذي نجم عنه الخطاب.
                          إن كان هناك تراجع لسلطة الشعر والمثل، فهناك تقدّم هائل للنكتة والتعبير النثري القصير في الخطاب السائد، فالتواصل الاجتماعي الرقمي مبني على هذا الأساس، رسائل قصيرة و قصّ قصير، ونكت ساخرة...
                          السخرية فن قديم، لكن حضورها في خطاب اليوم لا يحمل دلالاتها الماضية، فالسخرية في الماضي هي سخرية ضدّ الآخر، فقديما كانت مركزية الذات قوية جدّا، فمثلا لو أخذنا البرجوازي النبيل لموليير ظهر مدى توظيف السخرية ضدّ الخصم، لكن في تصفحاتي للنكتة الفرنسية ذات يوم وجدت نقدا لاذعا للشخصية الفرنسية بدل التغني الذي كنا نمارسه كنكتة بشخصيتنا الوطنية و لوحظ تغير النكتة اليوم إلى نوع من استهبال الذات كخطاب رائج في مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر لا يتعلق بإهانة الذات كما قد يعتقد البعض، بل السخرية هنا توظف المفارقة، هي تعبير عن لوم الحبيب و عتاب المحبوب، فالذي ينكّت هنا يسائل استحقاقات الذات الجمعية، ومدى قدرتها على الصّمود أمام التحولات العالمية، هنا تمارس الذات نوعا من تهييج للجانب الخلاّق، بأسلوب مرح بعد أن اكتشفت أن الغلو في تقدير الذات تصور خاطئ في عالم وثقافة تبغي المشاركة العالمية و التنافسية في الإبداع.
                          الميل إلى خطاب القص القصير الذي هو في الغالب رصد غير متحيز لمفارقة ما لا يحتمل أن يكون خطابا توجيهيا كما يظنه الكثيرون، بل المعني في هذا الخطاب هو المفارقة كمفارقة، هو التناقض كتناقض، هو الحركية الاجتماعية، فالنص القصير لا يقرأ ليحفظ كقيمة مطلقة " مثل، بيت شعر" بل هو سؤال، سؤال تفاعلي، سؤال يبحث عن الجواب، جواب لا يملكه الكاتب الذي هو راصد "موضوعي" لحركية المجتمع، سؤال يسائل الذات، يسخر منها، كما النكتة، يريد منها المضيّ في البحث عن قصّة الذات و الموضوع و الوجود الإنساني، سؤال فيه بعض حيرة، لكنه في الغالب واثق، واثق في قدرة الإنسان على التفاعل والتواصل والتعايش وإيجاد بعض الحلول لما يجعله لا يحس بالأمن والطمأنينة.
                          التعديل الأخير تم بواسطة نورالدين لعوطار; الساعة 04-12-2017, 19:19.

                          تعليق

                          • محمد شهيد
                            أديب وكاتب
                            • 24-01-2015
                            • 4295

                            #43
                            المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                            أحيانا تشفق على الذين يغوصون في مجاهيل الذّوات مثلي ، رغم سابق معرفة وعلم أن السّير مجرّد إشارات فقط ، و من لا يملك في ذاته فن الإشارة و الرّمزية تبعثره السّير حتما .
                            استوقفتني بعض الأفكار الواردة في حديثك مع الذات عن الذات، فعادت بي كلماتك إلى بعض مسوداتي حول نفس الذي شغل بالك، ومن بين ما وجدت تلك التمتمات الجواهرية العالقة بذهني منذ سمعتها منه:

                            على قارعة الطريق
                            قال لي و قد عرج علي (وأنا في منتصف الطريق إلى حيث أريد)...أأنت مسافر مثلي؟
                            فقلت له : لا ! بل أنا شريد .
                            قال : وأين وجهتك الآن ؟
                            قلت : وجهتي أن أضع مطلع الشمس على جبيني وأغِذ في السير ...
                            حتى إذا جنني الظلام في الليل أقمت حيث يُجنّني ... وسرت عند طلوع الفجر.
                            قال : والليل ليل والنهار نهار منذ الأزل وحتى الأبد ... أفأنت مجنون ؟؟...
                            قلت له : لا (كما أعتقد) ... ولكن أأنت جاهل؟...
                            قال : وكيف ؟...
                            قلت له : لقد علمنا علم المكان وعلم الزمان من جديد أنك كلما أغذذت السير قُدماً قصر الليل وطال النهار ... حتى ليكادان يتحدان عند المنتهى.
                            ولقد كنتُ أجهل مثلك هذه الحقيقة طيلة ثلاثين عاماً كنت خلالها أهيم على وجهي وأتخبط في مجاهل الأرض (دون معالمها) إذ كنت لا أعلم من هذا العلم شيئاً .
                            قال : والآن ؟؟...
                            قلت : والآن ... فمنذ سبعة عشر عاماً ، (وقد عرفت هذه القاعدة) وأنا أمشي الى الأمام على ضوء الشمس ...
                            قال : وعندما تغيم ؟؟...
                            فقلت له : إنني لأفتح عيني أكثر لأعتاض بهما عن نور الشمس وقد أزيغ وأنحرف ! ويكلفني هذا تعباً يطول أو يقصر على قدر انحرافي ... ولكنه ليس على كل حال أكثر من التعب في أن أعود وعلى ضوء الشمس من جديد ، ومن حيث ابتدأتُ .
                            قال : وماذا أكثر من التعب؟
                            قلت : أكثر منه، يا صديقي، هو ألاّ أتعب...

                            نعم، صديقي نور الدين، إنها سنة السالكين في دروب معرفة الذات و فهم ما تنطوي عليه من مكنونات و أسرار: إنه طريق متعب، صديقي، لكن هو التعب المريح.

                            أتابعك بجد.

                            تعليق

                            • نورالدين لعوطار
                              أديب وكاتب
                              • 06-04-2016
                              • 712

                              #44
                              أهلا وسهلا بك أستاذي محمد شهيد

                              أحببت نصك الذي ينتصر لطلب منابع الأسرار و التحلي بالصبر والشجاعة لبلوغ تلك الينابيع، رغم ما قد ينجم عن ذلك من بعض الهفوات لكون الطريق غير معبدة، وهذا ما يسمى بالدرب، فسلوك الطريق سهل فالأولون تكفلوا بشق الطرق و عبدها اللاحقون كل و وجهته، لكن عندما تختار أن تشق دربك بنفسك فهو خيار صعب ومتعب وقد تضطرك العوائق التي تعترضك إلى الالتفاف والانعراج بغية جعل دربك قابلا لأن يسلكه السّالكون.
                              اللغة تخدعنا أحيانا ونعتبر القول سهلا، أو نستهين بالقول، لكن كلما توخيت أن تبرهن على جملة واحدة تتفوه بها و تقرأ احتمالية صدقها ستكتب كتبا كثيرة.
                              سعيد بوجودك بالقرب

                              تعليق

                              • نورالدين لعوطار
                                أديب وكاتب
                                • 06-04-2016
                                • 712

                                #45
                                أهلا بكم
                                البارحة قبل النوم أو عند مجيء أولى نسماته، كنت قد استكملت الموضوع الذي قررت ساعتها أنني سأكتبه هنا في رحاب الإنسان، رأيته ذا أهمية بالغة لحظتها، وعندما تذكرت الأمر قبل لحظات، بحثت في ذهني عن العنوان فلم أجده، وكيف لي بمعرفة الخطوط العريضة التي كنت نسجتها قبل النوم، حينها تذكرت محاضرة للأستاذ المفكر عبد الوهاب المسيري، حول ما بعد الحداثة، فقام بتوطئة رائعة، أختلف معه جملة في ما ذهب إليه، وعن توصيفه لما بعد الحداثة، لكن تلك الصّبغة التهكمية التي استهل بها الموضوع مثيرة جدّا غاية الإثارة، قال عبد الوهاب: أعتذر، كنت حضرت محاضرتي ولسبب من الأسباب ضاعت ولم يعد لدي الموضوع، لكن هذا لا يهم، فيمكن أن أتحدث معكم حول شيء آخر عندي موضوع حول كذا....وإن شئتم كذا.... "هكذا وصف عبد الوهاب المسيري ما بعد الحداثة أي غياب الموضوع، يعني ثرثرة بلا معنى، لكن أنا واع تمام الوعي أصدقائي أن موضوعي ذلك ضاع في دهاليز الذاكرة، أنا لا أتعلّم من أخطائي، الكثير من الأفكار حول القصص القصيرة تحديدا تتبخر بعد أن أمسكت بها ذهنيا في لحظة ما، يسميها البعض لحظة إلهام، هل أنت أيضا من المؤمنين بالإلهام؟ تضيع تلك الأفكار أو تلك المواضيع في زحمة الحياة، شخصيا لا أتاسف عليها، عندي نوع من اليقين أن لو كانت تعني لي شيئا فهي ستعود بشكل مختلف للظهور في فكرة أخرى، أو موضوع آخر، هذا إن كانت فعلا قيّمة، أي لها قدم راسخة في ذهني، أمّا إن كانت مجرد فكرة دخيلة باهتة فضمورها راجع لعدم صلابتها، قد تكون صلبة عند الآخر وفق رؤيته، وفق نسق كوّنه عن العالم وفق وعيه للأشياء، لكن إن غابت ولم تعد فيقينا لا تشكل لبنة صلبة في تمثلاتي للعالم. التقيت يوما مع شاب، أستاذ جامعي لمادة الرياضيات، باحث في الرياضيات ويشارك مع فريق يتراءسهم عراب سويسري، وحكى لي عن محنته مع الأفكار، فقال إنه يقطع نومه وأكله ومشاهدته لشريط سينمائي ويدوّن فكرته أو معادلاته، حقيقة لا أملك هذا الحدّ من الشغف بالأشياء. نعم كسول بعض الشيء.
                                كتبت يوما مقالا في موقع إليكتروني، بعد يوم وجدت المقال لا يزال صفريا، أي لم يقرأه أو تصفّحه أحد، فكتبت مقالة عنونتها بالمقال الصفر، حقيقة لا تعنيني كثيرا نسب المشاهدة، لكن الصّفريّة هذه شديدة الوقع، فالعدم صعب تقبله وجوديا، كتبت يوما عن الساعة الصفر، أو الخطوة الحرة، فالساعة الصفر هي ساعة تعدم فيها شخصيتك الماضية وتقرّر فيها التغيير الجذري، حقيقة خطوة صعبة عند البعض من أمثالي، فأنا مخلص لذاتي ولا أقع في الساعة الصفر تلك، فقل أنني مع السيرورة ولا أحتمل الصيرورة، أو إن شئت أحب التغيير المتدرّج، لأنه قليل الضّحايا، عكس التغيير الإجباري الذي قد تكون له حسنات، لكن على حساب منظومة تفاعلية هناك من أسس حياته وفقها، وعند الساعة الصفر التي تقررها، تكسر روابطها بشدّة.
                                ردّ واحد من أصحاب الحسنات عن مقالتي تلك وقال لا تكن توحيديا، نسبة لأبي حيان التوحيدي عندما أعدم كتبه، فالأخ الفاضل قال لي اكتب وإن لم يقرأ أحد إلا أنت، قل إنه إيجابي، فالثمرة لا تأتي إلا على مهل، نعم أعرف مقصده، وأعرف مقصد أولئك الذين يستغربون لماذا لم أنشر بعد لا مجموعة قصصية ولا كتابا ولا رواية، الحقيقة مرّة أحيانا، لا تستغربوا إن قلت لكم أنّني أحيانا عندما اقرأ رواية أو كتابا، ينتابني شعور أن لماذا كتبت يا أستاذي، وماذا كتبت؟ قد يقول البعض مغرور، ربما، وقد يكون الأمر مجرد عدم وعي بالأشياء كما يستعذبها الناس وهذا محتمل جدّا، لكن هذا لا يعني أن بعض الكتب تصيبني بهواها، رغم أنّني لست قارئا نهما إلا في بعض الفترات، وقد أضرب عن القراءة كما الكتابة حين تنغلق شهيتي.
                                ضاع موضوع البارحة، ولولا ضياعه لما فتحت أبواب ذاتي، ولما كتبت ما كتبت، غياب الموضوع هو نوع من تعديمه بغية إيجاد الموضوع الذي يستجيب للحظة التي تعيشها، فموضوع الحداثة شيء يجب أن تعدمه لأنك لا تعيشه اللحظة، فالبارحة لن يعود وإن تعلقت به بقيت هناك حالما، تبكي على الأطلال، انخرط في بناء موضوعك اللحظة و كن إيجابيا أن الذي غاب سيظهر بشكل مستجد في الموضوع الجديد الذي يتشكل، سوف لن يظهر هو بذاته كما عرفته بل متجدّدا لابسا حلي عصره، هذا بالضبط ما يجعلني أخالف الأستاذ الكبير عبد الوهاب المسيري. فرغم كونه سيروريا فهو يخاف من الصيرورة وضياع الموضوع، ومتجهم من ذلك الذي يتشكل، لايرى الموضوع إلا من زاوية واحدة، لذلك يعتبر ضمور تلك الزاوية ضمورا للموضوع بأكمله، غير مقتنع أن الذاكرة حافظة عملاقة والعقل قادر على استعمال مخزونها وإبداعه بشكل يوائم الوضع المعيش والنمط التواصلي السائد. لذلك تجدني لا أخاف من ضياع المواضيع ولست مستعجلا في النشر لأني أعرف أنني قررت ذات يوم أن اكتب كتابا حقيقيا وأظنه لا يزال يتشكل و لولا ذلك فسوف يكون قد ظهر.
                                محمد البشيري رحمة الله عليه، واحد من رجالات العدل والإحسان و هو مراكشي بلسان مطروق يحب الشعر أكثر من النثر عكسي تماما، قال ذات يوم عندما طرد من الجماعة، إن قصيدة واحدة أنظمها أقرب إلي من كتب كثيرة أكتبها ردّا على من وصمه بالعقم التأليفي، عكس مرشد الجماعة، رغم الصبغة التبريرية لكلامه فالرجل لا يخاف من ضياع الموضوع، فحين عزلوه قالوا له، حان وقت تفرغك لاستكمال مشروعك التأليفي وكان رحمة الله عليه بدأ في مشروعا كبيرا في تفسير القرآن الكريم، سمّاه "تفسير اليسر" مات الرجل وأعتقد أن موضوعه لن يموت مادام هناك من تفاعل معه ولهذا تجدني أنشر إليكترونيا، بغية التفاعل الذي سيجعل الموضوع قائما ليس في نفسي وحدي، لكن في نفوس الكثيرين، فالموضوع لا يضيع ما بقي الوعي سائدا.

                                شكرا

                                تعليق

                                يعمل...
                                X