الرسالة الفنية في الشابكة
إنّ فن الرسائل فن قديم، له أصوله وقواعدهُ، وله أيضاً استثناءاته من حيث اللغة والأسلوب، بل من حيث الوزن أيضاً، فمن الرسائل ما يكون مسجوعاً أو موزوناً بأوزان محددة وهو ما عرفته العصور المتأخرة، وهو عكس ما كان لدى المتقدمين من كتّاب الرسائل.
ولذلك فلا علاقة لعدد القرّاء في تحديد نوع الفن، رسائل أو خواطر، بل للأسلوب علاقة بتحديد النوع.
وفن الرسالة يختلف عن فن الخاطرة إلا مَن خلَط بينهما عمداً في الكتابة، ولكن لا يمنع أن تتطعّم الرسالة بأسلوب الخاطرة، أما المائز بينهما فإن الرسالة تحدد مُرسَلاً إليه حقيقياً أو وهمياً، وغيرها من الفروق. أمّا مَن تعمّد من الكتّاب (أقصد الذين يكتبون فعلاً) عدمَ التفريق بينهما (أو هو لا يُفرّق بينهما) فلا يمكن أن يكون مقياساً عِلمياً للخلط بينهما.
أما النشر الورقي ... فَنَعَم .. يمكن أن يأخذ مجراه، وأن يكون له صداه، ولكن بشروط الرسالة الفنية.
أما القرّاء .. فهل لهم وجود ؟ ....... نعم ... موجودون ... وباستطاعتنا إيجادهم، وإيجاد الرغبة في التواصل بالقراءة، إن لم تكن الرغبة في الكتابة أيضاً.
ولكنْ ... ما السبب في عزوف الكثيرين عنها ؟
العزوف عنها (في الأنترنيت) لعدة أسباب:
1. عدم التزام كاتب الرسالة بالنمط الفني للرسالة، فلا يشعر القارئ أنها رسالة، وليست أفكاراً منثورة، بلا تحديد مُرسَل إليه.
2. الكتابة من طرف واحد فقط. وهذا يُضعف جانب الجذب للقرّاء، بمعنى آخر: إن الرسالة فيها من المواصفات اللازمة، ولكنّ القارئ يريد ردّاً أو جواباً لها من المُرسَل إليه، فإذا افتقد هذا الجانب فقَدَ عامِلَ الجذب والاستمرارية في القراءة والمتابعة.
3. في عدد منها يوجد فيها مرسِل ومُرسَل إليه، ولكن أيضاً ينقطع فيه عامل الجذب، لأن المُرسِل في وادٍ، والمُرسَل إليه في وادٍ آخر !!
توضيحه: يكتب المُرسِل رسالة أدبية أشبه بالخاطرة وبقصيدة النثر، ثم يجيب المُرسَل إليه المُفترَض (أقول المُفترَض: لأن المُجيب قد يكون هو الشخص ـ المُرسَل إليه ـ فعلاً أو أي شخص آخر موجود في المتصفح نفسه يرغب في التواصل والإجابة)، والمفارقة هي: إن الجواب الذي يرسله المُرسَل إليه لا علاقة له بمضمون رسالة المُرسِل، إلا أن تكون من باب العواطف العامة، وأما التواصل الدقيق لمضامينها فعزيز، أي نادراً ما يحدث.
ولذلك يُعَدّ هذا النوع من الرسائل رسائل من باب التجوّز وتمشية الحال.
4. لا ضير أن تكون الرسالة تاريخية أو كأي نوع من الوثائق، ولكن عندما ينقطع التواصل فنوعها يتغيّر لا محالة.
واستناداً إلى ما تقدّم يكون العيب في الاستعمال، وليس في نوع الفن الأدبي.
ودمتم بخير
تعليق