بسم الله الرحمن الرحيم
حسين ليشوري
حسين ليشوري
جراحة الأفكار
بين المُدراسة و المُمارسة
(مقدمة في أساليب التغيير السلمي)
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم ْ}
(الرعد 11)
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
(الأنفال 53)
{وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
(التوبة 115)
***
الإهداء
بين المُدراسة و المُمارسة
(مقدمة في أساليب التغيير السلمي)
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم ْ}
(الرعد 11)
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
(الأنفال 53)
{وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
(التوبة 115)
***
الإهداء
إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأول، رحمه الله تعالى و غفر له، والذي آمن بالتغير السلمي فلسفة حياة، فهو وحده الجدير بإهداء هذه المحاولة المتواضعة إليه.
***
حسين
***
[align=justify]كتبت هذه المقدمة أوّل ما كتبت في جمادى الأولى عام 1417هـ الموافق لشهر أكتوبر 1996 م، و نشرت أولا على صفات جريدة "العالم السياسي" (الجزائرية)، في العددين 419 و 421 لشهر شعبان 1418هـ /ديسمبر 1997م، ثم نشرت ثانية على صفحات جريدة "الفجر"( الجزائرية) في ذي الحجة 1421هـ /فيفري 2001م في العددين 120 و 121، و كان القصد من إعادة نشرها الأمل في إثارة النقاش لعلي أستمر في الدراسة و توسيع البحث في هذا المجال الخطير و الحيوي في آن واحد، لأنه يدخل ضمن مشروع ضخم يحتاج لدعم و تشجيع و تمويل، غير أن الذين افترضت فيهم أن يعتنوا به و يقفوا معه لا يهمهم من التغير الحقيقي إلا الشعارات و الادعاءات فقط.
ولا بد لفهم مقاصد هذه المقدمة من استحضار ظروف سنوات الجمر التي عشناها - نحن الجزائريين - في التسعينيات و التي لا نزال نعاني مخلفاتها حتى اليوم ولا تزال عقابيلها بادية للعيان، و من ثم ندرك أهمية البحث في مثل هذا الموضوع و نفهم ملابساته في تلك الفترة العصيبة من حاضر الجزائر !
و هأنا ذا أعيد نشرها هذه المرة في شكل كتيب يسهل حمله و يتيسر نقله بعدما أدخلت عليها تعديلات ضرورية تناسب شكل الكتيب خلافا لهيئتها الأولى الموافقة لشكل المقالة الصحفية، لعلي أستثير همم المهتمين بالتغيير السلمي فيتبنوا المشروع ماديا و معنويا لنؤسس معا لنظرية تغييرية سلمية لا غاية لنا من ورائها إلا خدمة هذه الأمة الجزائرية الأبية و التي لها علينا جميعا حق النصح، و الدين النصيحة !
و الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
[align=left]البليدة في 29 من ذي الحجة 1425هـ
الموافق 8 فيفري 2005م[/align]
***
بين يدي الموضوع
إن الحمد لله، نحمده تعالى و نشكر له، و نستعينه و نستغفره و نستهديه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد و من يضلل فلا هادي له من بعده.
و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، بعث الرسل مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأشهد أن محمدا عبده الله و رسوله بعثه لله بالهدى و دين الحق بين يدي الساعة ليخرج الناس من الظلمات إلى النّور بإذن ربهم و يهديهم صراطا مستقيما و يأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره و يظهره على الدّين كله، و لو كره المشركون.
ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران102)،
ـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء (1)،
ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما} (الأحزاب (71)،
ثم أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي هدي محمد، صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها و كل بدعة ضلالة.
لعل من أصعب ما يواجهه صاحب الفكر بعد مشاق الدراسة و متاعب التنقيب و المثابرة في البحث و الصبر على التحصيل هو كيفية عرض بضاعته - مزجاة كانت أم وافرة – على الناس. ولا يتوجه حديثنا هنا إلى المعلمين و المدرسين و الأساتذة في مؤسسات التربية المختلفة ما علا منها و ما سفل فإنه – فيما يخص هؤلاء جميعا – يظن أنهم تلقوا دروسا في البيداغوجيا أو علم التدريس و طرائق أدائه و وسائل إيصاله و فنون تبليغه، و يفترض أنهم موجهون أصلا لتلقين الناشئة ما تلقوا، إنما حديثنا يتوجه إلى الذين يحملون فكرا و يودون نقله إلى غيرهم باستعمال وسائل الاتصال المختلفة و قنوات الإعلام المتنوعة ليشاركهم الناس قناعاتهم و يقاسمونهم همومهم، و يتوجه حديثنا عامة كذلك إلى الذين يحبون نقل ما يسمعون إلى الناس فتزدان أحاديثهم بالنقاشات الفكرية و تزين جلساتهم بالمواضيع العلمية، لكنهم يواجهون صعوبات مختلفة و يقفون أمام عقبات كأداء في إدارة الحديث و تسيير النقاش، و عادة ما تنتهي أحاديثهم بالاصطدام فالاحتدام فالاختصام ...
و من أجل تذليل العقبات و تسهيل الصعوبات ارتأينا التعرض إلى هذا الموضوع الحساس في شكل مقالة مطولة تعرضه بطريقة متميزة و أسلوب ظريف و هي "جراحة الأفكار" و كأن الأفكار جسوم يمكن إخضاعها للرؤية و اللمس و الجس و من ثمَّ إجراء العمليات الجراحية التصحيحية عليها.
ولابد قبل الحديث عن التغيير و ضرورته في تكوين المواطن الصالح و بناء المجتمع المنظم(1) من الإشارة ولو بإيجاز شديد إلى موضوع التغيير و مادته و كيفياته و وسائله و من يقوم به و متى و أين ؟
إن موضوع التغيير هو الإنسان، و مادته هي الأفكار و كيفياته و وسائله هي الإقناع بقوة الحجة و ليس بحجة القوة، و السلوك الحسن و النصيحة بالحسنى و غيرها من وسائل التأثير الهادئ الهادف الهادي (2)، أما من يقوم بالتغيير فهم الأشخاص الذين يستشعرون في أنفسهم واجب النصح لإخوانهم، أما متى و أين فيقدران حسب ملابساتهما و يحددان وفق الوسائل المتوفرة، فالفتوى في هذا الشأن تقدر زمانا و مكانا و إنسانا عملا بفقه الأولويات و بفقه الموازنات كما يحددهما العلماء وليس كما يمارسها الغوغاء، إن كان للغوغاء فقه ما اللهم إلا فقه الفوضى وما أضله من "فقه"، و هذه المواضيع كلها تحتاج إلى بسطة في الحديث و سعة في الحيز حتى نستوعب جوانبها و نلم بجزئيتها و ليست هذه التقدمة بمحل لذلك كله ولا يكفي هذا الكتيب نفسه لمناقشتها.
صحيح أن الكتيب صغير الحجم لكنه كبير الحلم، يحمل في صفحاته القليلة نواة مشروع إنساني لو تجد من يرعاها لصارت شجرة طيبة تأتي أكلها كل حين بإذن ربها فينتفع بها النّزاع إلى الخير.
_______________________
(1) للمؤلف مجموعة مقالات في هذا الشأن نشرت على صفحات جريدة "الشعب" عامي 1989 و 1990 و ستنشر في كتاب مستقل بعنوان " فصول في تكوين المواطن الصالح و بناء المجتمع المنظم " إن شاء الله تعالى.
(2) الهاءات الثلاث والتي تحدثت عنها مرارا في ركن " قيم اجتماعية" الذي كنت أكتبه في الصحافة المعربة الجزائرية لسينين عديدة.[/align]
تعليق