ليس خافيا أن العالم يتجه إلى بناء قطبية جديدة بعد إنهيار القطبية القديمة ( إنهيار الإتحاد السوفيتي والإنهيار الحتمي للولايات المتحدة ) المبنية عل النزاع بين الرأسمالية والأشتركية ، والقطبان الجديدان المضافان حديثا هما الصين وأميركا الجنوبية ، وكما كان الإقتصاد تقليديا هو العامل الأساس في نشوء وسقوط الأقطاب ، سيكون هو العامل المؤسس لنشوء هذين القطبين ، وفي ظل النزاع العربي الإسلامي ، لا يملك العالم العربي أية فرصة في مدى القرن القادم على خلق حالة من عدم الإنحياز ، وسيجبر على الإختيار بين معسكر آسيا الشمالي ومعسكر امريكا الجنوبي ، وسيدخل العامل الديني ليربط العالم العربي بالعالم المسيحي كما سيربط الهند الهنوسية بالعالم البوذي في الصين واليابان ، وكالعادة ستكون ساحة الصراع الشرق الأوسط ، هذا لا يعني أن دولا إسلامية لن تكون في معسكر الصين ، باكستان وأندونيسا والجمهوريات السوفيتية الأسلامية ستنضم إليه كما ستنضم إليه روسيا المسيحية على الأرجح وربما ألمانيا النازية ، إن من شأن حل النزاع العربي الإسلامي ، أو تجميده لفترة طويلة ، أن يجبر القطبية الجديدة على نقل ساحة النزاع إلى ضفتي المحيط الهادي ، وأن لا ينحاز هذا العالم إلى طرف ضد الآخر.
.
.

الملحق الثالث : الصراع الإوروبي الشرقي ماضي وحاضر ومستقبل ( مختصر )

أدرك المفكرون الأوروبيون خاصة بعد عصر النهضة مدى خطر العالم العربي الإسلامي على أوروبا وبات الهجوم هو أسلوب الدفاع الأمثل وساعدت هذه النهضة على تحرير الأندلس وإحتلال الساحل الشرقي للمتوسط وبدء مشروع نابوليون وتحرير شرق أوروبا وجزر المتوسط من العثمانيين وثم إحتلال شمال أفريقيا والشرق الأوسط كله ، لكن قانون حياة وموت الدول لا يهتم كثيرا بالظرف الذاتي للأمم إذ سرعان ما نشب النزاع بين دول أوروبا على غنائم الحرب وتجلى في حربين مدمرتين قضتا على هذه الدول إقتصاديا وسكانيا مما أنهى عصر أوروبا ليأتي عصر أميركا الشمالية والتي ورثت الفكر والعلم وتابعت في نفس الإتجاه وجاء وجود النفط في الشرق الأوسط سببا إضافيا وقويا في حمل راية الهجوم على العالم العربي ، وكان أهم استنتاج من تجربة صراع أوروبا مع المسلمين ،سواء في الأندلس وفي حملة نابليون وفي احتلال بلاد الشام ، هو مبدأ "فرق تسد" ، وأن العدو المفكك والمتفرق والجاهل يهزم نفسه بنفسه ، فبدلا من أن يهاجم نابليون مصر ثم يهزم في عكا ، تساعد أوروبا محمد علي كي يهاجم الشام ثم تساعد السلطان على حربه ضد محمد علي كي يهزمه ،( وهذا ما أدى إلى زيادة كبيرة في تقطيب الأمبراطورية العثمانية بين قوميين عرب وأتراك يكرهزن بعضهم وبين إسلاميين متمسكين بالخلافة )، فكان أن تابعت أميركا مشروع بريطانيا لفصل الشام عن مصر بقاعدة عسكرية ضخمة وقودها اليهود ، ومتابعة تفريغ العالم العربي من العقول ، وزيادة تفتيت المجتمع بين قوميين وإسلاميين ، وإقامة ملكيات وراثية دينية متناحرة ، ومثل أي مشروع مكتمل الدراسة يجري نقله من متعهد إلى آخر ، تابعت بقايا الإمبراطورية العثمانية ، وبشكل غريزي غير واع ، عملية الإستقطاب فمال القوميون إلى معسكر الشرق ومال الإسلاميون إلى معسكر الغرب ، واكتملت عملية تسميم الفكر القومي بالإشتراكية وتسميم الفكر الإسلامي بالسلفية ( كمعنى شائع وليس المعنى الفقهي والمقصود هو التطرف الديني ) ، أصبح هم القوميين إسقاط الملكيات وهم الملكيات إسقاط القوميين ، واللافت هنا أن حتى تركيا التي تحالف القوميون فيها مع معسكر الغرب نكاية بالعرب وخمد التيار الإسلامي فيها بقوة القانون ، كانت أول دولة ينتصر فيها التيار الإسلامي الشعبي وبقوة القانون على متلازمة القومي العسكري وبفترة صغيرة جدا ودون ثورة كما في ايران.
أما الآن ومن خلال عملية تسليم الراية من قبل الغرب إلى الجنوب فإن تقسيم الشرق الأوسط طائفيا إلى سنة وشيعة هو السبيل الأمثل لجعله ساحة النزاع القادم بحيث يكون خط النار هو بحر العرب والخليج العربي وصولا إلى القوقاز ( إما عبر الفرات أو بحر قزوين حسب تموضع الأكراد ) ، وهذا يمنع نقله إلى ضفاف المحيط الهادي ، كما أن إخلاء الشرق من أي أقليات دينية أخرى سيجعل الإستقطاب أكبر لذا يجب ازالة المسيحين واليهود ، إن من شأن إشعال حرب بين ايران الشيعية وبين الدول السنية هو انضمام ايران ( مع أو بدون الأكراد) إلى معسكر الشمال ، وسيتم دمج دول شبه الجزيرة العربية والشام في دولة واحدة ، وسيتم الإستغناء عن إسرائيل بشكل تدريجي إذ لم يعد لديها شيئ تقدمه وعجزها عن المشاركة في حرب ضد ايران واضح لكن إن انتحرت فلا بأس ، وسيتم امداد الدولة الإسلامية الجديدة بأسلحة نووية قصيرة المدى بعد إنشاء برامج نووية سلمية أولا، يجب تحصين الخط الأول بخط ثان في أفريقيا واوروبا على طول مجرى النيل وصولا إلى تركيا والبحر الأسود وبحيث يصبح جنوب السودان وأثيوبيا وتنزانيا دولة واحدة تسيطر على النهر ويجب منع وصول الصين إلى أفريقيا بكل السبل ، إن إلتفاف الصين عبر أفريقيا سيضع أوروبا كلها في حصار قاتل بين شرق أفريقيا وروسيا و قد يقسم الإتحاد الأوروبي وقد يجعل ألمانيا والدول الشرقية تنضم إلى روسيا ، يجب تحصين الخطين بخط ثالث يبدأ برأس الرجاء وينتهي عند أيطاليا على كامل دول منتصف أفريقيا

لم يعد للنفط والغاز تلك الأهمية القديمة وهما في طريقهما للنضوب وإن سعي الشمال للحصول عليه لا يمكن وقفه حاليا ، ولذا من الهام جدا البحث عن مصادر طاقة جديدة خاصة المتجددة كالمحاصيل الزراعية والطاقة الشمسية وهذا ما يستطيع الخط الثاني والتالث في أفريقيا تأمينه