أطلت الغياب يا أستاذ ليشوري، و مثلك إن غاب يفتقد نسأل الله تعالى أن تكون بصحة وعافية
أهلا بك أخي الكريم الأستاذ الهويمل و عساك بخير و عافية.
أثلجت صدري بسؤالك الكريم و بكلامك الطيب، بارك الله فيك،
لقد مررتُ، لا أراك الله سوءا أبدا، بأزمة صحية أقعدتني و ألزمتني الفراش و أذهبتْ الشهوتين : شهوة الطعام و شهوة الكلام، لكنها مرت بسلام، و لله الحمد و المنة أولا و أخيرا.
بيد أن هناك "أزمة" أخرى نفسية/شعورية، إن صح هذا التشخيص، و أنت الأعرف بالنفسانيات، مستعصية و هي خيبة الظن في كثير من "مثقفينا" الذين يتمتعون ببعض "الفرعوينة" التي تدعي المعرفة المطلقة و تصرح بـ "لا أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد" و هذه الفرعوينة الفكرية المُطغية لأصحابها أخطر من الفرعونية السياسية المستبدة المفروضة على المستضعفين في الأرض !
و قد فكرت مليا في هذه "الفرعوينة الفكرية" فوجدت لها أسبابا كثيرة ربما سأذكرها في المستقبل، إن شاء الله تعالى، و لكن الآن و هنا أذكر سببا واحدا فقط هو "أحادية التلقي في الثقافة و التعلم" بحيث يصير هذا "المتعلم" بهذه الطريقة كالأعور الذي ينظر بعين واحدة تحدُّ من مجال نظره،
limite son champ visuel، و تجعله يظن، المسكين، أنه يرى الأفق الواسع و هو ما يرى إلا جزءا أو حيزا ضيقا منه فقط !
هذا و قد كنت تعرضت لهذا الموضوع منذ ما يناهز العشرين سنة لما كنت أكتب في إحدى الجرائد السيارة في الجزائر، جريدة "الخبر" اليومية في مقالة بعنوان "خطورة التعليم الأحادي الاتجاه"(*).
فكما ترى، أخي الهويمل، إن همومي قديمة و لا تزال قائمة حتى اليوم، فمثلي مثل من قيل فيه :
"لقد أسمعت لو ناديت حيا = لكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت = و لكنك تنفخ في رماد"
أو كما قيل، و يصدق كذلك فيَّ قول علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، لما قال:"لا رأي لمن لا طاعة له !" فمن لا طاعة له لا رأي له، لأنه إن قال ما يفيد لا يؤخذ برأيه ما دام لا يملك قوة الإقناع المادية و هي إما المنصب أو الشهرة أو "الشهادة"(؟!) المُقْنِِعة أو المُقَنَّعَة !
أرأيت ماذا فعلت بي كلمتك الطيبة ؟ لقد جعلتني أحفر ذكرياتي لأستخرج مكنوناتها المدفونة منذ عقود، فلك إذن شكري و تقديري و اعترافي.
تحيتي الأخوية.
ــــــــــــــــــ
(*) "خطورة التعليم الأحادي الاتجاه"، جريدة "الخبر" اليومية الجزائرية، العدد 805 ليوم الأربعاء 23/06/1993 الموافق 3 محرم 1414.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
عافاك الله من كل شر استاذنا ولكن الا تعتقد أنه لم يبقى ما تضيفه على تحديراتك الواهمة من النخبة التي حازت على أصوات الشعوب الآن أم أنك ستقترح ما هو الأفضل أو ربما ستدعو لمناهضو الأنظمة المنتخبة ألا تعتقد أن إعطاء الفرصة من حلم أولي العزم.
الاسم حسان داودي
الوصل والحب والسلام اكسير جمال لا ينفصم
[frame="7 98"] في الشعر ضالتي وضآلتي وظلي ومظللي وراحتي وعذابي وبه سلوى لنفسي[/frame]
سعيد بتعافيك، والحمد لله انك تجاوزت أسوأ الازمات، لا أراك تعالى أزمة غيرها ولتكن طهورا بإذن الله. أما الأزمة الأخرى فلا شك أن الجميع يعاني منها (المتفائل والمتشائم والمتشائل). والزمن وحده سيكشف ما ستؤل إليه الأمور حسب تقدير قادر مقتدر. وكل الحكمة فيما أوردته من الشعر: فمن ذا عاذري من ذي سفاه = = = يرود بنفسه شر المراد
لقد أسمعت لو ناديت حيا = = = ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت = = = ولكن أنت تنفخ في رماد
التعديل الأخير تم بواسطة الهويمل أبو فهد; الساعة 30-01-2012, 16:55.
عافاك الله وشافاك ،شيخنا الجليل.
وإذا كان الفناء مصيرك ،كما هو لنا جميعا بعد طول حركة ونشاط أو تخاذل، في الحياة الدنيا ،
فرجاءا ،بلَغ سلامي إلى والدي ،وجدَتي وعمَتي ..فقط.
أما عن "أم السعد " أو أم" العدس" فقد عرفت معناها بعد تمحيص وتفحيص ... .
على العموم أشكرك على النصيحة ،وأنا "المباركة" ،ولوغيرحبال الكلمة تقيَدنا هنا ،لكان لنا تواجد يميَزه السخاء، في ملتقيات"دلع" أوماشابه ،بعيدا عن "معشر الشــ....اب "والسعال ،ووجع الراس والظنون ،والوسواس هههههه
تحياتي وتقديري.
عافاك الله من كل شر أستاذنا و لكن الا تعتقد أنه لم يبق ما تضيفه على تحذيراتك الواهمة من النخبة التي حازت على أصوات الشعوب الآن أم أنك ستقترح ما هو الأفضل أو ربما ستدعو لمناهضي الأنظمة المنتخبة ألا تعتقد أن إعطاء الفرصة من حلم أولي العزم.
أهلا بك أخي حسان و عساك بخير.
أشكر لك دعاءك الكريم، بارك الله فيك.
أرى أنك تصر على عدم الفهم عني، لقد أخذتَ مني موقفا سلبيا منذ البداية و قد تجذر فيك و لن أستطيع أقناعك بوجهة نظري حتى تغير موقفك و تنسى الكاتب و تركز على ما كتب فلربما ستفهم ما أريد قوله !
و على كل حال أشكر لك إصرارك على رأيك و تشبثك بأوهامك و هذا دليل التميز و إن بالجهل، و قد أهديتك بعض التصحيحات في مشاركتك القصيرة فالكتابة الصحيحة دليل مادي على الفكر الصحيح عادةً.
أكرر لك شكري على دعائك الطيب و دم بخير و لا أراك الله سوءا أبدا، اللهم آمين يا رب العالمين و حاول الخروج من شرنقتك الصغيرة الضيقة.
تحيتي.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
المشاركة الأصلية كتبت من طرف الهويمل أبو فهد:"سعيد بتعافيك، والحمد لله انك تجاوزت أسوأ الازمات، لا أراك تعالى أزمة غيرها و لتكن طهورا بإذن الله.
أما الأزمة الأخرى فلا شك أن الجميع يعاني منها (المتفائل و المتشائم و المتشائل)، و الزمن وحده سيكشف ما ستئول إليه الأمور حسب تقدير قادر مقتدر. و كل الحكمة فيما أوردته من الشعر: فمن ذا عاذري من ذي سفاه = = = يرود بنفسه شر المراد
لقد أسمعت لو ناديت حيا = = = و لكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت = = = و لكن أنت تنفخ في رماد" إهـ.
أهلا بك أخي أبا فهد و أسعد الله أوقاتك بكل خير.
أشكر لك دعاءك الطيب بارك الله فيك و لا أراك الله سوءا أبدا. ما أجمل هذا الشعر و أحكمه و لن يمل المرء من تكراره و إنشاده:
فَمَن ذا عاذري مِن ذي سَفاه يَرود بِنَفسِهِ شَرّ المُراد
لَقَد أَسمَعت لَو نادَيت حَياً وَ لَكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
وَلَو نارا نفخت بِها أَضاءَت وَ لَكن أَنتَ تَنفخ في رَماد
أَريد حَياته وَ يُريد قَتلي عَذيرك مِن خَليلك مِن مُراد
وَ مَن يَشرب بِماء العبل يعذر عَلى ما كانَ مِن حمى وراد !
إن الزمان سيعلم قهرا من لا معلم له من الناس، الآخرين، و يبدو أن الخلق عندنا لن يتعلموا لا من الناس و لا من الزمان، و كيف يتعلمون من الناس و قد رفضوا تعليم رب الناس، عزّ و جلّ، لهم ؟!
يقال إن في التاريخ فكرا و عبرا لكن الخلق عندنا لا يقرءون التاريخ، لا قديمه و لا حديثه، فمتى يستفيقون و يفقهون ؟ للأمم الأخرى ذاكرة حجرية ما ينقش فيها لا تمحوه الأيادي و لا الدهور أما ذاكرتنا نحن فمائية مائعة لا تثبت لحظة فإنها تمحو ما كتب فيها لحظة كتابته فمتى تتراكم المعرفة و متى تقرأ ؟ أسئلة كبيرة تحيرني لا أجد لها إجابات مقنعة لأن الخطب كبير و الأمة مصابة بالغثائية المُرذِلة!
أخي أبافهد لست أدري كيف أشكر لك مداخلاتك الكريمة لأنها تحفزني على التعبير الحر و نحن في عصر الفرعونية الفكرية المُسْتَعْبِدَة !
تحيتي و تقديري و شكري.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
عافاك الله و شافاك، شيخنا الجليل. وإذا كان الفناء مصيرك، كما هو لنا جميعا بعد طول حركة و نشاط أو تخاذل، في الحياة الدنيا، فرجاء، بلَغ سلامي إلى والدي و جدَتي و عمَتي ..فقط. أما عن "أم السعد " أو أم" العدس" فقد عرفت معناها بعد تمحيص وتفحيص ... . على العموم أشكرك على النصيحة، وأنا "المباركة"، و لوغير حبال الكلمة تقيَدنا هنا، لكان لنا تواجد يميَزه السخاء، في ملتقيات "دلع" أو ما شابه، بعيدا عن "معشر الشــ....اب "والسعال، و وجع الراس و الظنون، و الوسواس هههههه تحياتي و تقديري.
أهلا بأم عثمان المباركة و سهلا و مرحبا !
أشكر لك جزيلا دعاءك الطيب و ثقتك الكبيرة بتحميلي رسالتك إلى أقاربك رحمهم الله تعالى و غفر لهم و أسكنهم فسيح جنانه، و أسأل الله ألا أفشل في مهمتي كساعي البريد ... البرزخي !
يحكى عن أوس بن ساعدة الإيادي أنه قال:"أيها الناس : اسمعوا و عوا، من عاش مات و من مات فات و كل ما هو آت آت، ليل داج و سماء ذات أبراج و بحار تزخر و نجوم تزهر، آيات محكمات، مطر و نبات، آباء و أمهات، ذاهب و آت، ضوء و ظلام، بر و آثام و مطعم و مشرب و نجوم تمور و بحار لا تجور و سقف مرفوع و مهاد موضوع، مالي أرى الناس يذهبون و لا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أم تُركوا هناك فناموا ؟ يا معشر بني آدم أين ثمود و عاد ؟ و أين الآباء و الأجداد ؟ و أين المريض و العواد ؟ طحنهم الثرى بكلكله و مزقهم بتطاوله، كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس بوالد و لا مولود، و إلهِ قس بن ساعدة ما على وجه الأرض دين أفضل من دين أظلكم زمانه و أدرككم أوانه و ويل لمن خالفه"، ثم أنشأ يقول :
في السابقين الأولين من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
و رأيت قومي نحوه يمضي الأكابر و الأصاغر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر " إهـ.
إذن كلنا إلى ذالك المصير المحتوم، أسأل الله لي و لك العفو و العافية و الثبات على الحق، اللهم آمين يا رب العالمين.
ثم أما بعد، أشكر لك جزيلا حضورك المتميز و عودتك الكريمة رغم "الجراح"... الوهمية، و كم سرني ما ألزمتِ به نفسك من "حبال الكلمة" و هكذا الكاتب المسئول يكبح جماح كلماته و انفعاله و ... تهوره، لكنني عاتب عليك شيئا ما إذ ستحريمننا من سخائك و خرجاتك المتميزة بالمبالغة في التقيد بالحبال و أنت الأديبة الأريبة الكبيرة و الكاتبة اللبيبة المستنيرة، هذا رأيي فيك بلا مبالغة !
أما عن "السعد" و "العدس" فأنا معجب بذكائك لاكتشاف "اللغز" و لو بعد فترة طويلة نسبيا فيا للذكاء النادر ! مع أن التكني بأم السَّعد، دون وجود سعد الابن، يدخل في التفاؤل و نحن نؤمن بـ "تفاءلوا و لو عمدا"، فأين تفاؤلك ؟
أكرر لك شكري على كلماتك الطريفة و قد سررت فعلا بمشاركتك الظريفة.
تحيتي الأخوية المؤكَّدة.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
حمدا لله على سلامتك أخي وأستاذي الراقي حسين ليشوري وأدام الله عليك
الصحة والعافية ومتعنا بصحبتك وبفيض علمك وفكرك ومعرفتك وسداد رأيك
وأما بعد : فقد استرجعتُ - وأنا أقرأ هنا ردودك الأخيرة ( الراقية والحليمة )
على بعض الأخوة - أول مرة اقتربت فيها منك بشكل كاف لأعرف معدنك
من خلال رد ( حليم ) لك على رد جاهل وفاجر لأخ كتب قصيدة شابها أخطاء
وكنتَ قد نوهتَ له عنها .. فهاج وماج وهاجمك هجوم الجاهلين الجاهليين
على أهل العلم والإيمان .. وكان ردك على هذا الهجوم الوضيع وغير المبرر
ساميا وراقيا جعلنا نحن القراء كناية عن الكاتب المخطئ نشعر بالخجل منك
ولكن يا صديقي ..
مازلت حائرا ..
لقد كتبتَ في رد سابق لك تقول :
و من هذه المؤسسات الخبيثة و الخطيرة مؤسسة "الجزيرة" فهي أخطر من أخطر الجيوش و أعتاها و إن هذه المؤسسة لتفعل في المتلقين السذج، حتى المثقفين الأغرار، من الكوارث في العقول ما لا تفعله أقوى المخدرات و أخطرها ! إن هذه المؤسسة الخبيثة بما تستخدمه من وسائل و خبراء و "علماء" (؟!!!) قد رضوا بالدنية في دينهم و باعوا الإسلام و المسلمين بأعراض الدنيا الفانية لهي أخطر و أخبث و أفتك من أخطر الفيروسات و أخبثها و أفتكها ! إن الأمة العربية تتعرض لغزو أمريكي خطير و الناس من جهلهم و غفلتهم يضحكون و يستبشرون، و كما قال أبو الطيب: "ذو العلم يشقى في النعيم بعلمه = و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم !
أفي زمن هجمة التجهيل والتعمية الشرسة والعدوان المعلن والصريح على كل
ما هو حق وحقيقة .. وعلى كل ما عرفناه من مسلمات وحقائق لتمييعها وضربها
وقلب المفاهيم .. هل ينفع الحلم الآن ..؟؟ بل ما الذي ينفع الآن ..؟؟
لقد سبق وقلتَ أنت أيضا أن القوة والغلبة اليوم ستكون لمن يملك المعرفة ..
والمعرفة بمفرداتها ( المعلومة الصحيحة ) تمثل أهم أسلحة هذا العصر
وهكذا يصبح المبدأ ( العسكري ) الواجب لتحقيق النصر وهو ( وأعدوا لهم
ما استطعتم من قوة ) لا بد أن يكون هنا له معنى واقعيا جديدا , خصوصا
أمام هذا العدوان الفكري والثقافي الشرس علينا , فلا بد أن يكون نشر وترويج
المعرفة من خلال تقديم المعلومة الصحيحة المتأكد منها والمبنية على الفكر
السليم المنهجي والنير وليس الأحادي الأعور أو العصابي المنحاز أو الإفتائي
المأجور .. هذا يكون جهادا , بل أعلى وأهم مواقع الجهاد نصرة للحق والإيمان
أرجو أن لا أكون قد أثقلت عليك أخي الحبيب وسنتابع معك هذا الجهاد الصعب ..
أهلا بك أخي الحبيب صادق حمزة منذر و سهلا و مرحبا.
أسعد الله أوقاتك بكل خير و أدام عليك عافيته.
لما قرأت اسمك في "الذين يشاهدون الموضوع الآن" في ظهيرة هذا اليوم تمنيت لو أنك تسجل حضورك و إن بكلمة قصيرة، فقد كان و لم يخب ظني فيك، جزاك الله عني خيرا.
ثم أما بعد، إن الحديث عن مآسي الأمة العربية، و أخصها بالذكر دون الأمة الإسلامية، لأنها أصل الأمة و معدنا الثمين و جذمها المكين، ليطول و لذا سأكتفي ببعض العناوين و لو فصلتها لطال بنا الحديث كثيرا و ليس لي طاقة على الحديث الطويل، و أنت سيد العارفين !
1ـ إن أول خنجر مسموم طعنت به الأمة العربية في القلب، في العصر الحديث و بالتدقيق منذ حملة الخبيث الماكر نابليون بونابارت على مصر عام 1798 و ما خلفه من غرز الماسونية الماكرة في مصر و فلسطين أولا ثم باقي الوطن العربي الجاهل الغافل ثانيا ؛
2ـ و ثانتي الخناجر المسمومة المغروزة في قلب الأمة العربية هي تلك "الجامعات" العلمية الأكاديمية الأجنبية و التي ما هي في الحقيقة إلا أوكار لصنع "المثقفين" المستلبين حضاريا و ثقافيا التابعين لأسيادهم و معلميهم من الأمريكيين و الإنجليزيين و الفرنسيين و الألمان و غيرهم من "العلماء" و المستشرقين الماكرين ؛
3ـ و قريبا منا حديثا، و هو ثالث الخناجر المسمومة، المؤسسات الإعلامية الكبيرة و المؤثرة، كـ "الجزيرة" مثلا، و هي ليست مؤسسات إعلامية بالمفهوم المهني للإعلام و الصحافة و إنما هي مؤسسات ذات أهداف و غايات كبيرة و خطيرة تصنع الأحداث و لا تتابعها فقط، بل تصنع الثورات "الشعبية" و الانقلابات العسكرية و تخترع الأخبار و الأنباء، و إن دور "الجزيرة" في "الربيع العربي" المزعوم مؤكد و لا يحتاج إلى دليل أو برهان لمن يملك قلبا و هو شهيد ! إن "الجزيرة" قد بلغت في المكر و الدهاء و الخبث و الكذب و البهتان درجة يحسدها عليها الشيطان نفسه و يغبطها !
و الأدهى في دورها الخبيث أنها تستعمل كل وسيلة تخدم غاياتها الدنيئة حتى الإسلام و بعض "العلماء" المرتزقة الذين، نسأل الله العافية، باعوا دينهم بعرض من الدنيا الفانية خدمة لأصحاب الفضل عليهم و أولياء نعمتهم الصغيرة، فالغاية تبرر الوسيلة عند تلك المؤسسة الحقيرة : "الجزيرة"، ألا قاتل الله مؤسسة "الجزيرة" و فضحها في الدنيا و أخلدها في النار في الآخرة هي و مؤسسيها الصهاينة و مؤوييها المتصهينين و "علمائها" المسترزقين بأعراض الدنيا الصغيرة الحقيرة !
لكن، و ما أشد هذه الـ "لكن" على قلبي، ليس من السهل إثبات ما أزعمه هنا لفقدان الأدلة المادية المُدِينة و ليس عندي إلا قراءات متفرقة و استنتاجات شخصية حصلت عليها بمتابعاتي الدقيقة لما تبثه "الحقيرة" و تنشره منذ مدة و لا سيما خلال "الثورات العربية الشعبية العفوية و التلقائية" المزعومة و التي لعبت "الحقيرة" فيها أدوارا كبيرة و خطيرة و شريرة !
و أرى وجوب فضح هذه المؤسسات و من يتعامل معها و هو يعلم دورها الخبيث أو يساعدها فيه كائنا من كان و يجب ألا نخشى من أي شخص مهما كانت مكانته أو قدره أو فضله إن ظهر لنا خبثه !
4ـ و رابع الخناجر المسمومة تلك الجمعيات "الخيرية" غير الحكومية المرتبطة بالمؤسسات المالية الصهيونية و أجهزة التجسس العالمية الخطيرة، و هذا حديث آخر قد نتناوله بالعرض مستقبلا، إن شاء الله تعالى.
أسأل الله لي و لك، أخي الحبيب صادق، العفو و العافية و المعافاة الدائمة في الدين و الدنيا و الآخرة.
تقبل أخي الحبيب صادق أخلص تحياتي و أصدق تمنياتي لك.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
الحمد لله على سلامتك أستاذ حسين وفعلا قد كنت لاحظت غياب مشاركاتك لفترة ، وعساك دائما بخير لي عودة بإذن الله إلى وسائل التسلل الغربية ( وما أكثرها ) إلى جسد الأمة وليس آخرهم "بنو أعلى" الذين يرتادون الفضاء حاليا تحياتي وتمنياتي لك بالعافية
أهلا بك أخي مازن و عساك بخير و عافية.
أشكر لك دعاءك الكريم و لا أراك الله سوءا أبدا.
"الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى" هذه حكمة أعرفها نظريا منذ الصبا و لكنني ما عرفتها إلا عندما أصبت و ما أكثر ما أصبت و لله الحمد على كل حال و نعوذ به، سبحانه، من حال أهل النار.
ثم أما بعد، إنني أتخيل الأمة العربية كمائدة الأيتام تداعى عليها فئام اللئام، و ما أكثرهم و ما أخبثهم و ما أشرسهم و ما أقبحهم من لئام، قبحهم الله و أخزاهم و جعل جهنم مثواهم ! ثم إنها مائدة ليس عليها حراسا و لا أمناء لأنهم مشغولون بظروفهم الخاصة و "تجاراتهم" المتنوعة، فهم يتاجرون بالأموال و الأفكار و الشهادات و المناصب و تركوا الأمة عرضة للذئاب المتوحشة تنهش عرضها و أرضها و تاريخها و دينها و أموالها و خيراتها !
أين "حراس الحدود" المعنوية من العلماء و المثقفين و قادة الفكر و أئمة الرأي العام المؤسس على الوعي و الغيرة و الحمية و الأنفة ؟ إنهم مشغولون بحياوتهم الصغيرة الحقيرة التافهة الفانية و ... خانوا الأمة أخزاهم الله و كشفهم في الدنيا قبل الآخرة !
أهلا بك أخي مازن و لا تحرمنا من كتاباتك الهادفة و أفدنا بما أفادك الله و لك مني جزيل الشكر سلفا.
تحيتي و تقديري.
sigpic
(رسم نور الدين محساس)
(رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)
"القلم المعاند"
(قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
"رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"
أهلا بك أخي مازن و عساك بخير و عافية.
أشكر لك دعاءك الكريم و لا أراك الله سوءا أبدا.
"الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى" هذه حكمة أعرفها نظريا منذ الصبا و لكنني ما عرفتها إلا عندما أصبت و ما أكثر ما أصبت و لله الحمد على كل حال و نعوذ به، سبحانه، من حال أهل النار.
ثم أما بعد، إنني أتخيل الأمة العربية كمائدة الأيتام تداعى عليها فئام اللئام، و ما أكثرهم و ما أخبثهم و ما أشرسهم و ما أقبحهم من لئام، قبحهم الله و أخزاهم و جعل جهنم مثواهم ! ثم إنها مائدة ليس عليها حراسا و لا أمناء لأنهم مشغولون بظروفهم الخاصة و "تجاراتهم" المتنوعة، فهم يتاجرون بالأموال و الأفكار و الشهادات و المناصب و تركوا الأمة عرضة للذئاب المتوحشة تنهش عرضها و أرضها و تاريخها و دينها و أموالها و خيراتها !
أين "حراس الحدود" المعنوية من العلماء و المثقفين و قادة الفكر و أئمة الرأي العام المؤسس على الوعي و الغيرة و الحمية و الأنفة ؟ إنهم مشغولون بحياوتهم الصغيرة الحقيرة التافهة الفانية و ... خانوا الأمة أخزاهم الله و كشفهم في الدنيا قبل الآخرة !
أهلا بك أخي مازن و لا تحرمنا من كتاباتك الهادفة و أفدنا بما أفادك الله و لك مني جزيل الشكر سلفا.
تحيتي و تقديري.
حياك الله أخي حسين وأبعد عنا جميعا الأمراض وأعراضها وألبسنا ثوب العافية فهي خير ثوب يلبسه لابس
أما حال الأمة ، فقد سبق لي أن طرحت ثلاثية المراحل التي أراها توصل إلى الحل ، وهي كما قلت لك سابقا مستوحاة مما يعتري أجساد الأفراد منا تحت وطأة الأمراض وأعراضها ، وأذكر أني لخصتها في التشخيص وتحديد المرض أولا ثم تحديد العلاج المناسب لحال المريض ، وأخيرا في تطبيق العلاج مع مراعاة تصحيح الأخطاء الجانبية خلاله
وكي أعيد ما انقطع من حوار أجبرنا عليه غيابك عن المشاركات ، أعيد التذكير بمدى التشابه بين الأفراد والدول والأمم وسائر الكائنات الإجتماعية الحية وبالتالي ( كما يقول علم الإجتماع السياسي والأخ إبن خلدون ) يمكن دوما النظر إلى الأمة كجسد بشري مكون من أعضاء يقوم كل منها بدور ما وبالرغم من وجود نص من لدن النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام ينص على ذلك صراحة ويشبه الأمة بالجسد ، وكذلك آيات قرآنية تترى تنص على أن المؤمنين أخوة ، إلا أن الجانب التشريحي في الجسد الواحد غائب في النصوص الدينية بسبب طبيعة ذلك النص ، وهذا ما يضع صعوبة أمام شرح المبدأ ، بينما علم الإجتماع السياسي وبسبب أنه موضوع علمي بحت ، فإنه يجعل الأمر أقل مشقة ، خاصة وأن الأمثلة التاريخية ( وبما ضمنها الموجودة ضمن النص القرآني ) تشرح بسهولة منطق الإستقراء التاريخي الذي يجعل لحكم على الأشياء أمرا ممكنا وليس مجرد تخمينات وسواها
إذا عدنا إلى النماذج التاريخية الكثيرة التي تتيحها المعرفة التاريخية العميقة ، سنجد أن الطبيعة ( السنة الإلهية ) قد قضت بأن نهاية كل كائن حي هي الموت ، وأن لا استثناء لذلك أبدا ، وكما أن "كل إبن أنثى وإن طالت سلامته" فإن "هي الأيام كما شاهدتها دول" ، وكذلك من الطبيعي ( من سنن الله أيضا ) أن يلد كل "ابن أنثى" ولدا جديدا يكمل المسيرة بعده فيما قدر الله له أن يحمل معه إرث أبيه ، وكذلك نجد المجتمعات تلد مجتمعات أخرى ، وكما يحدث في الطبيعة حيث ينقطع نسل أحد الأفراد لسبب أو آخر ، كذلك يحدث لدى المجتمعات حيث ينقطع نسل مجتمع أو آخر لسبب أو غيره
كان من الممكن أن يحدث لدى مجتمعات المنطقة ذات التسلسل الطبيعي الذي دام لقرون ، حيث هرم الأمويون ( مثلا ) فولد العباسيون ، وبينما أكمل الأمويون في الأندلس ، توغل العباسيون نحو آسيا الوسطي وشرقها وعندما هرم س أتى ص وعندما هرم ص أتى ع وهكذا ، فعندما تنتهي أيام دولة ما وتعجز عن استيعاب مجريات الأحداث حولها ، تولد دولة جديدة تحمل لواء سلفها وتكمل المشوار ، وشهد عالمنا هذه الظاهرة الطبيعية بكل سهولة ويسر ، وتم ذلك في وسط وعي واضح لأبناء المجتمع الجديد أو الدولة الجديدة بأن يوما سيأتي وأن الراية لابد أن يحملها آخرون ، ووسط سلوك ( متناغم مع ذلك الوعي ) يتصف بالعقلانية والرحمة بين المجتمع القديم والجديد
ومن الجميل والمفيد التذكير بأن مجتمعاتنا وبالرغم من اشتداد الخلاف بين الأجيال حينا وهدوئه حينا آخر إلا أن سلوك كل جيل أو مجتمع أو دولة كان في غالبه متسما بأمرين أثنين ، القوي لا يقسو على الضعيف لعلمه أن هناك من هو ضعيف اليوم وأن الأيام ستجعل الضعيف قويا والقوي ضعيفا ، وبالتالي يطمح القوي إلى أن يكون القادم هذا رحيما معه كما كان رحيما بسلفه ، والأمر الثاني هو إصرار الضعيف الذي غدا قويا على احترام القوي بعد ضعفه ، وهذا السلوك نراه دوما في حياتنا اليومية التي تجعل من أولادنا يقدرون لنا عملنا من أجلهم عندما كانوا ضعفاء ، ويجعلنا نرحمهم في صغرهم كي يرحمونا في هرمنا ، ولنا أن نجد كيف يتغلغل إحترام كبار السن فينا عميقا بحيث يكون العاق لوالديه أو المسيئ إلى كبار السن أقرب إلى "المجرم" وكلك القوي الذي يعتدي على الضعفاء وصغار السن "ميت القلب" ، ولنا في مقارنة سلوك أفراد مجتمعاتنا تجاه هذه القضية مع سلوك أفراد المجتمعات الأخرى في ذات القضية ، لنا في هذه المقارنة مؤشر هام على كيفية تشكل شخصية إجتماعية مميزة للعرب خصوصا وللشرقيين عموما ، وحديث النبي الكريم في ذلك معروف
أصل معك أخي حسين إلى النقطة التي اقترب فيه "أجل" المجتمع في تركيا من لحظة الهرم والعجز عن إدراك متغيرات الزمن ، وإلى اللحظة التي توثبت فيها المجتمعات الشابة في مصر ( وغيرها بطبيعة الحال ، لكن التركيز على مصر هو بسبب مقومات عدد السكان والموقع الجغرافي ) لوراثة المجتمع القديم الذي كان من الممكن كما فعلت قبله كثير من المجتمعات ( أو على الأقل كما انتقل الأمر من الفاطميين إلى الأيوبيين إلى المماليك إلى الألبان ) أن يتم انتقال السلطة بهدوء أو بقليل من القوة ، وهو أمر يجد مقبولية بطريقة ما في مجتمعاتنا رغم الإصرار الدائم على تصنيع الشرعية بطريقة أو بأخرى ( كما ظل الظاهر بيبرس يبحث عن آخر خلفاء بني العباس كي ينصبه خليفة يدلي إليه بالشرعية رغم أن الأمر مستتب له قوةً ) ولعل هذا هو السبب الأساس في رسوخ أحقية القوة وما يسمى "البراغماتية المجتمعية تجاه العسكرية" حيث يكتسب القائد العسكري القادر على حماية شعبه وإدارة مصالحه القبول لدى الأفراد كتعويض ضمني على بذله لنفسه وروحه مقابل سلطته على من يحميهم ، وهو يشبه مبدأ الإصطفاء الطبيعي أو مبدأ البقاء للأقوى
إن ما حدث وقتها لهو أمر يستحق الدرس والتشخيص بعمق ، فالبرغم من أن المجتمعات الشابة الجديدة والمتوثبة لوراثة المجتمع القديم وفي إطار إكتسابها لعناصر القوة والمنافسة على الترشح لمنصب الوريث الشرعي ، وقد حصلت نوعا ما على أسباب تعينها على ذلك ( بعثات محمد علي العلمية إلى أوروبا واستيراد المطابع وحركة الترجمة العلمية وخلافها ) ، وبالرغم من نجاح صد وهزيمة الغرب في حملاته المتعددة والمتعثرة وبالرغم من وحدة أهل المنطقة في وجه هذه المحاولات ، إلا أن نقطة ما تزال غاية في الغرابة والغموض كانت هي السبب الأساسي في تسلل هذا الغرب إلى قلب الأخوة المتنازعين
كان من الممكن أن تنتقل "الخلافة" من الأتراك إلى الألبان ، وكون الجميع مسلمون فذلك مقبول شرعا ، وزاد في الأمر مقبولية قوة المصريين وسيطرتهم على بلاد الشام سريعا وتقريبا وصولهم إلى الأستانة وسبق كل ذلك قوة الجيش المصري التي أوقفت تفكك البلقان وجواره ( ثلث أوروبا تقريبا ) من سيطرة الدولة العثمانية ، وكان من الممكن أن تتم الأمور في احتفال بروتوكولي حيث يقوم السلطان بتنصيب واليه "المصري" خليفة جديدا للمسلمين ، لكن تدخل الغرب لمصلحة السلطان العثماني واجتماع الجيشين الفرنسي والبريطاني على قوات محمد علي ( نظرا لما تمثله ولادة مجتمع جديد من خطورة على الغرب ذاته ) قد أوقف هذه العملية
وكذلك وبالمقابل كان من الممكن أن يصبر والي مصر زمنا أطول وأن يثبت دعائم قوته وأن لا يستفز السلطنة في "عملية وراثة بالقوة" وأن يكون قادرا على ضبط توثبه وأن يشرع مثلا في حوار طويل مع "الخلافة" أو أن يحتال بأمور كالمصاهرة أو غيرها كي يؤول الأمر مآله الطبيعي بعد "عمر طويل" كما تجري الأصول والعرف العادي ، وكان من المتوجب عليه أيضا أن لا يحشر "الخلافة" في زاوية ضيقة أو على الأقل أن يكون واعيا لإحتمال تكرار "كارثة" الأندلس وقد كانت قريبة من يومه ، لكن تدخل الغرب مرة أخرى في تأليب هذا المتوثب كان واضحا عبر المستشارين حوله
هذا طبعا ليس رميا للمشكلة على أكتاف الغرب ، فلولا وجود الفرصة أو الثغرة لما دخل الغرب ، وكذلك لا يمكن لوم الغرب على تحينه لهذه الفرصة ، فهذا مما اتفق العالم على النظر إليه كعرف مقبول ، ولكان سيكون عدم استغلاله للفرصة بمثابة غباء إن لم يكن غير ذلك
المدهش في عناصر القوة التي مكنت الغرب من فصم الشام عن مصر ( وهو ما تابع الغرب ورسخ على تنفيذه من يومها إلى الآن ) هو أنها لم تكن مبنية على القوة العسكرية وقتها والتي سبق وأن جُربت وفشلت مع نابليون وفريزر ، بل أنها كانت صراع الأخوة الذي أنهك كليهما وقدم الأرض على طبق من ذهب لعدوهما ، وكذلك مدهش أن ما كسبه الغرب جراء هذا الصراع ما كان له أن يحصل عليه فيما لو قام بنفسه بالسعي للحصول عليه لو أن الطرفين كل في بلد منفصل ولا صراع بينهما ، إذا أن قوة أحدهما لوحدها كانت كافية لصد العدو ، ولكن استعانة كل منهما بعدو الآخر كانت حاسمة في ضرب كليهما
والأكثر دهشة هو أن الأخوين وفي صراعهما قام كل منهما بتوظيف كل ما أمكن من نقاط عجائبية لتأييد وجهة نظره
فالبرغم من أن محمد علي ليس عربيا ، إلا أنه احتج على سلطة الأتراك بأن العرب أحق بالخلافة من غيرهم ، وبالرغم من أن المسلمين أكبر كثيرا من العرب ( ولعل هذه العجائبية مستمرة إلى يومنا هذا حيث لا يزيد عدد العرب عن ربع المسلمين في العالم ، لكن غالبا ما يتم تقييم حال الإسلام في الذهنية العربية تبعا لحال العرب وكأن الإسلام دين مخصص للعرب فقط ، أو كأن النهضة العلمية الكبيرة الموجودة في إندونيسيا وإيران وباكستان ليست إسلامية وليس لها قيمة ، أو كأن عدد المسلمين في الصين وإندونيسا والذي يقترب من عدد العرب غير ذي قيمة ) إلا أن ضياع أجزاء كبيرة من الأرض العربية في بحر عمان واليمن والمغرب قد وضع حجة العروبة في وضع ضعيف
وبالمقابل احتج الأتراك على محمد علي بالشرعية الدينية ، وبالرغم من إنتفاء هذه الشرعية ذاتها عندما ورث الأتراك الحكم من أسلافهم في العراق ومصر والشام ، ( وأيضا تستمر هذه العجائبية إلى الآن على الرغم من اقتصار سيطرة الأتراك على جزء بسيط نسبيا من الأراضي الإسلامية حيث لم يكن للخلافة أي سيطرة على الشرعية الدينية خارج مجال محدود جدا وكانت أكبر سلطة سياسية للأتراك هي في مناطق أوروبا المسيحية الخاضعة لحكمها ) على الرغم من هذا إلا أن الحديث عن شرعية دينية توحد العالم الإسلامي من الفلبين وحتى طنجة لم تكن موجودة بأي قدر معقول
خلال كل هذا الصراع الذي امتد إلى من العام 1830 وحتى 1916 فقد الطرفان كل قوتهما وارتد تصرف كل طرف بشكل عنيف تجاه الطرف الآخر ، وبينما تم قتل حامية "غزة" التركية جوعا من قبل "الثوار" العرب في الشام بعد أن عجز "ألينبي" في ثلاث محاولات فاشلة ، كان "الأتراك" يزيلون الخط العربي والطربوش والأسماء العربية من قواميسهم وأصبحت كلمة "عرب" مرادفة لكلمة "جرب"
أما أكبر الأمور دهشة على الإطلاق هو أن الطرفين في صراعهما ، قد أهملا تماما قوة العلم ، ولم يتمكن أي منهما من اللحاق بالغرب في التطور العلمي الذي كان حتى عام بداية الصراع في مقدور كليهما أن يسيرا فيه ، وحقيقة أجد أشد الغرابة في أن تصبح باكستان أو إيران قوى علمية ونووية وأن تصبح أندونيسيا وماليزيا قوى علمية وإقتصادية ، بينما لا نزال في العالم العربي نتراجع في المجال العلمي بأكثر مما كنا قد وصلنا إليه ، ولا أجد الأمر متعلقا كثيرا بأي ظرف سياسي أو غيره ، حيث لا يمكن تبرير وصول الصين مثلا إلى كل هذا القوة الإقتصادية والعلمية بطبيعة نظامها السياسي رغم أنها استقلت عن محتليها بعد دولنا العربية ، تماما كما لا يمكن تبرير تفوق الدولة العباسية على مدى قرون كاملة بسبب أن الديموقراطية فيها كانت على أفضل أحوالها أو أن صناديق الإقتراع كانت تسير من الصين إلى الأندلس
هناك شيء ما قد أدى إلى ضياع قيمة العلم ، والعلم كقوة لا تعلو عليها قوة ، غير معني بما هي معتقدات الشخص الذي يستخدمه ، وكما يتحقق التفاعل الكيميائي إذا ما تمت شروطه بيد عالم مسلم ، فإنها كذلك تتحقق إذا ما تمت شروطه بيد عالم هندوسي ، أو حتى ملحد ، صحيح أن العلم عندما تسقط عنه ضوابط الأخلاق فإنه يكون خطرا حتى على مالكه ، لكن ذلك لا يعني أن مفعول خطره يقف عند مالكه ، بل إن خطر مفعوله على أصحاب الأخلاق ممن استغنى عن العلم كقوة ، لهو أشد وأكبر ، وذلك لما سيشكله صراع "العالم اللا أخلاقي" مع "الأخلاقي اللا عالم" من حتمية تاريخية قادمة
كما أن ركون "الأخلاقي اللا عالم " إلى "عجائبيات" هي أقرب إلى التناقض الصريح والواضح مع أخلاقياته التي ينتمي إليها لهو أخطر من كل ما سبق ، حيث غالبا ما تجد نصوصا كاملة الإحكام حول أهمية العلم في القرآن الكريم والسنة النبوية ولكنك تلمس جنوحا "عجائبيا" بعيدا عن "وأعدوا لهم" و "إنما يخشى الله من عباده" نحو "سينتصر الحق" و"سيبطل الباطل" ، وعمليا يكاد ينطبق وصف المصطفى عليه الصلاة والسلام "ثم تمنى على الله الأماني"
فلو كان الله سبحانه وتعالى قد قصد الحياة الدنيا بأنها دار الحق ، لجعل الناس أمة واحدة ، ولجعل المؤمن منتصرا بإيمانه فقط ، وعندها لقام الإيمان بذاته دليلا على البقاء ولما مات المؤمن وبلي جسده تماما كما يموت غير المؤمن ويبلى جسده ، ولو كان الإختبار الإلهي يساند المؤمن لما كانت الدنيا دار إبتلاء أصلا ، ولرجحت كفة الخير على الشر أبدا ولو كان التوكل كالتواكل لما استحق المؤمن أجرا ولما احتاج إلى صبر وعمل
تعبت من الكتابة الآن وأتابع الموضوع معك أخي حسين في انتظار رأيك ، عافاك الله دائما وأبدا ورزقك القوة والصحة ولك أطيب التحية والتقدير
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام و جعلنا من أمة خير الأنام محمد عليه الصلاة و السلام، و الحمد لله على نعمة الإسلام و كفى بها نعمة !
أختي الكريمة مباركة : السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته و أسعد الله أوقاتك بكل خير و أدام عليك عافيته.
سررت كثيرا أنْ كنتِِ أول من يعلق على مقالتي القصيرة بعدد كلماتها و الصغيرة بحجمها و ... الخطيرة بمقاصدها.
أحاول أن أتفهم كلامك هنا و في غير هذا المكان من تعاليقك الكريمة على بعض مقالاتي السابقة و أنا أشكر لك تفاعلك الجميل و محاولتك إقناعي بما لديك من رؤية عن "الثورات العربية الشعبية العفوية و التلقائية" (!) المزعومة، و كم مرةً أجدني أبتسم، ابتسام الأخ الشفيق و الأستاذ الرفيق، من كلاماتك المتحمسة المفعمة بالعاطفة الحارة الجياشة!
لعلك، أو من المؤكد حتما، أنك لا تعرفين مُحدِّثَك هذا و لذا أراني، أحيانا، أبتسم بألم لأن كلماتي قصرت عن إيصال ما أريد قوله مما عندي، فليس كل ما يعرف يقال، هذا من جهة، و من جهة أخرى لقد عايشت أحداث الجزائر عام 1991 و قبلها أحداث 1988 و قبلها أحداث 1982 و قبلها أحداث 1976 ليس كمتفرج بل كفاعل، أو قولي إن شئت: "كصانع أحداث إما مباشرة في الميدان الإسلامي كأحد عناصره النشطاء أو غير مباشرة ككاتب في الصحافة المعربة الجزائرية و لاسيما بعد أحداث أكتوبر 1988"، فكنت، و لله الحمد و المنة، أحرك التيارات الإسلامية بمختلف أطيافها بالقلم، نعم بالقلم، من خلال كتاباتي "المغرضة" (؟!) المؤثرة فعلا و ليس ادعاءً، في الجرائد المعربة كـ "الشعب" و "المساء" و "السلام" و "الخبر"، و يمكنك الرجوع إلى أرشيف هذه الجرائد منذ صيف 1988 إلى خريف 1994 لتتأكدي من مزاعمي هذه، لكن، و كما يقول إخواننا المصريون، "اللي ما يعرفك يجهلك !"، و هذا من باب تحصيل الحاصل أو تعريف المعروف لإن الذي لا يعرفك يجهلك حتما، و لو كتبتُ عناوين مقالاتي فقط لعرفتِ ما أعني!
فأنت تحدثينني هنا من وراء حجاب كأنك تحدثين شخصا جاء من المريخ لا يعرف عما يتحدث و لا يعرف الحركة الإسلامية (؟!)، إطمئني يا أخية، فأنا أعرف عما أتكلم جيدا و أعرف الحركة الإسلامية منذ أربعة عقود (أي منذ 40 سنة) و أنا أحد أبنائها البررة النشطاء في الميدان و ليس في الأحلام أو الأوهام، و قد اكتويت بنارها و ذقت مرارتها مرارا و أنا أغْيَرُ على الإسلام و على الحركة الإسلامية من كثير من "ابنائها" الأدعياء اللصقاء الانتهازيين "البزناسيين"، و ما أكثرهم في كل مكان عموما و عندنا في الجزائر خصوصا، و قريبا ستسمعين الغرائب عن "زعماء الحركة الإسلامية" في الجزائر و كيف بدؤوا في الاتصال بالسفارات الغربية، سفارة أمريكا و فرنسا خصوصا، و عقد الاجتماعات فيهما، تحضيرا للستحقاقات الانتخابية القادمة : المحلية و البرلمانية و الرئاسية، و سترين، إن كنتِ من المهتمين، العجب العجاب مما يشيب الغراب، إذن، اطمئني يا أخية، فلا تخشي على الإسلام و لا على الحركة الإسلامية مني، و إني لأدعو الله تعالى ألا يجعلني أندم على كلامي هذا فقد قلت أكثر مما يجب علي قوله لكن واجب النصح اضطرني لذلك حتى و إن سيلحقني أذى بسببه !
ثم أما بعد: الواقعية في دراسة الأحداث الجارية في الوطن العربي شرط أساسي لفهم الواقع، ثم إن في الاطلاع على ما يكتب في وسائل الإعلام المختلفة ما يساعد على فهم هذا الواقع أكثر و أكثر و لا سيما إن كان الذين يكتبون من الخبراء أو المطلعين العارفين، و ليس في التفاعل العاطفي أو الحماسي ما يفيد الوعي بالأحداث و لا يصحح الواقع نفسه!
إن فيما يكتب عن "الثورات العربية الشعبية العفوية و التقائية" بموضوعية و برودة أعصاب لتقويمها و تقديرها حقيقة ما يصدم القلوب الخفيفة و العواطف الرهيفة و المشاعر العنيفة و ليس في السياسة ما يراعي لا القلوب الخفيفة و لا العواطف الرهيفة و لا المشاعر العنيفة و لا حتى العقول ... السخيفة كذلك!
إن من لا يؤمن بالمآمرة أو التدبير المبيت أو التخطيط المسبق أو الكيد أو المكر يؤمن حتما بالصدفة و العفوية و الارتجال، و إن العقل و النقل معا ليرفضان الصدفة و العفوية و الارتجال في "الثورات الشعبية العربية العفوية و التلقائة" المزعومة، و لئن أسيء الظن بما يحدث فأحذر خير لي من أن أنساق وراء السراب فأهلك، و كما أثر عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، "لست بالخب و لا الخب يخدعني"، ثم إن غدا لناظره قريب فلم العجلة و من يعش سيرى !
أكرر لك، أختي الكريمة مباركة، شكري و تقديري على تفاعلك المتميز و الممتاز و تعجبني خفة روحك الجميلة.
تحيتي.
توّة فهمت - كما قال زين العابدين التونسي .
كفّيت ووفّيت .
تقبّل مروري .
وكعادتك يا طويلب العلم تتساءل وتفند فكرة أن الثورات العربية قد استمدت حراكها من الشعوب المغلوبة على أمرها والتي رضخت تحت وطأة الأحكام الجائرة قرونا طويلة ؟ أما وأنه قد كتب لها النجاح واختارت الشعوب من يمثلها من الإسلاميين للحفاظ على مصالحها وكرامتها التي عفرها الأولون في تراب الذلة والمهانة ، تحلق بنا أفكارك إلى حيث تصطدم نواصينا بما يثير الدهشة ويقلب نوازع الحيرة في تعرجات الخيال .فهل حقا أمريكا تسعى لخلافة إسلامية على الأراضي العربية ؟؟ مستحيل طبعا .والذي حدث في الحقيقة ماهو إلا مبادرات شعب قد ملَ من الأحكام التعسفية السابقة وهو يأمل في عيشة الأحرار .كما حدث في الجزائر 1991
فإذا كانت أمريكا تسعى لسلطة الإخوان في مصر مثلا .مالذي جعل عميلها اللامبارك يزج بهم في السجون ويذيقهم أنواع التنكيل والعذاب ؟ كان باستطاعتها أن تأمره وهو الراضخ لأمرها ،أن يتخلى عن الحكم لهم بواسطة إنتخابات غير مزورة ،توصلهم إلى كراسي الحكم كوزراء وبرلمانيين ثم تبدأ مشوارها التخطيطي المفعم بالمؤامرات .أمريكا زمان....ليست هي أمريكا اليوم .هي الآن فارغة الجيوب لما بذلته من دولارات على الحروب ،ذهبت هيبتها مع الرياح لماَ تحداها أحمد إينجاد ..عندما رفض مطالبها ،بل وأجبرها على الإعتذارأمام حضرته لما ألصقته به من تهم كقتل السفير السعودي، وطائرات تجسس على أراضيه .زد على ذلك ،فإنها هي الأخرى تشكو من انفلات زمام أمرها تجاه شعوبها التي تأثرت بالشعوب العربية وارتفعت أصواتها في مظاهرات مليونية مرددة : الشعب يغيد إسكاط نجام ...أي الشعب يريد إسقاط النظام .
أما عن عدم قابلية الشعوب واستعدادها للحكم الإسلامي ،فهذا في حد ذاته حكما غير ملفعا برداء الحقيقة .لست أدري لماذا تشحنون مخييلتهم بأبشع الصور عن الإسلام ؟فهل كان لهم ذي قبل استعداد للظلم والجور والبطالة .؟؟ الإخوان في مصر يقولون بأن تطبيق أحكامهم سيراعى فيه التدرج ،وماهي عليه البلاد من متغييرات .ثم أنهم لم تمنح لهم الفرصة أبدا لإعتلاء الكراسي ،فلماذا نحكم على الفعل ونستخرج النتائج وهم لم يطرقوا أبواب السلطة بعد ؟
أما عن سؤالك لماذا الآن وقد كان الحديث عن الإسلام حراما ،فلقد أشرت إليه في البداية .الإسلام يحافظ على الكرامة الإنسانية ويعطي لكل ذي حق حقه .يمقت البيروقراطية ،الرشوة والإختلاسات بشتى أنواعها .والشعب لايريد أجمل ولا أروع منه حكما .أما شارب الخمر والمنغمس في الرذائل حتى الثمالة والسارق الذي يخشى على يده الحبيبة من القطع ،نقول لهم سيكون هناك مجالس شورية بالتأكيد ،ولن يتم تفعيل قانون إلا بموافقة الأغلبية .فقرواَعينا .
تقديري وتحيتي.
هناك شيء اسمه الغباء السيّاسي .
الأخت الفاضلة تقبّلي منّي أسمى العبارات .
تعليق