لـيـتـني كنت أكبر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سالم الجابري
    أديب وكاتب
    • 01-04-2011
    • 473

    #31
    وعاد لي عقلي ، وسكن فؤادي بعد أن رضيت عني قطعة السكّر......وبت ليلي ذاك أكيد للقشري وأنصب له الشباك، كانت خطتي أن أخبره أن حمامة موافقة على الزواج، ثم آتي به إليها وأكلمها أمامه ، وهي بكل الأحوال لن تزيد على الإشارة برأسها......هذا من خجلها بالطبع أو بالأحرى من خرفها، وحين أتأكد أنه استوثق منّي وأطار الطمع عقله سأطلب منه قطعة السكر......لا شك أنه سيحسب الفوائد والخسائر، وفي حسابه أن ما سيجنيه من زواجه بحمامة أكثر بكثير مما سيفقده إذا أعطاني جواهر.

    في غمرة أحلامي الوردية سمعت طرقاً بباب غرفتي، تعجبت....فقد كانت الساعة الواحدة صباحاً، فتحت الباب وإذا به أبي، كان وجهه متهللاً فرحاً، سألني

    -مالذي يبقيك ساهراً للآن؟

    -لا شيء محدد يا أبي، يبدو أني أكثرت من شرب القهوة اليوم.

    التقطت منه إحساساً غريباً بعد ذلك حين دخل وجلس على السرير، لمحت في عينيه بعض المكر......قال

    -إني يتملكني العجب منك يا سالم.......كيف استطعت أن تكسب ود مسعود؟!؟!؟!.....أنا متأكد أنك لم تعطه شيئاً لأنك لا تملك شيئاً.......ويأتي هنا ليزورك!!!!!.....هذه من عجائب الزمان.

    لا أدري ماذا أقول هنا......هل أقول إني غبي أم حسن نيّة، المهم أنه أخذني الغرور بنفسي وسردت لأبي الحيلة التي دخلت بها على القشري، وأبي يستمع باهتمام شديد.....وعيناه تتسعان كلما استرسلت بالسرد......ولم أعلم حينها أني أكشف أوراقي لمنافسي العنيد على الفوز بالسكّرة.


    للقصة بقية........

    تعليق

    • سالم الجابري
      أديب وكاتب
      • 01-04-2011
      • 473

      #32
      في عصر اليوم الموعود لأرد برأي العروس على القشري ذهبت لدكانه، وما إن أوقف سيارتي وهممت بالنزول لمحت من بعيد هيئة مألوفة لرجل يكلم القشري.....لم أصدق نفسي في البداية، لقد كانت هيئة أبي......تمعنت في السيارات المتوقفة بجانبي فوجدت سيارته.......تأكدت أنه هو......بكل هدوء رجعت للخلف وصففت سيارتي بعيداً في آخر الموقف، وبقيت أراقب.....وبعد حوالي نصف ساعة خرج أبي متجهاً لسيارته وهو يتلفت يمنة ويسرة.

      أسوأ ما تبادر لذهني حينها أنه يحاول الحيلولة بيني وبين السكرة دون أن يواجهني بالأمر بعدما كان يعتقد أني لن أستطيع إقناع مسعود ، ولمّا عرف بحيلتي وخشي أن أنجح في مسعاي جاء يفسدها عليّ.......كم كنت حسن النيّة.

      لم يكن أمامي من وسيلة لاكتشاف الأمر سوى النزول والذهاب للقشري، وعندما اقتربت منه وسلّمت عليه كان تصرفه طبيعياً.....زادني ذلك قلقاً....ثم بادرني القشري بالسؤال

      -بشرني يا ولدي......هل ردت عليك حمامة؟؟؟

      -نعم يا عمّي، لقد مررت عليها قبل أن آتيك ، وكما تعلم فالنساء تستحي في العادة، لكنها أشارت لي بموافقتها......مبارك مقدماً.

      وهنا جاءتني الصدمة.....تنهد القشري وقال

      -يا ولدي.....أنا لست صبياً ليغرر بي مثلك، لقد مرّ عليّ أبوك قبل قليل وأخبرني أنه هو وكيل حمامة ولست أنت......ما رأيك؟؟؟.

      وأسقط في يديّ......وأعدت شريط الأحداث، وتذكرت ما قاله أبي أول الأمر حين علم برغبتي بالزواج من جواهر، عادت كلماته عن جواهر للرنين في رأسي "طبيبة أسنان جميلة"......وصفها بالجميلة......هل يعقل أنه يخطط .....

      قطع علي تفكيري القشري وقطع شكّي باليقين حين قال

      -كنت أحسب أن والدك لم ينجب من زوجته الأولى حين جاء يخطب عندي قبل سنة.



      للقصة بقية.......

      تعليق

      • سالم الجابري
        أديب وكاتب
        • 01-04-2011
        • 473

        #33
        قمت من أمامه وفي رأسي عاصفة كهربائية.......وصواعق.....وانفجارات.......ماذا أفعل؟؟؟؟؟؟ هذا السؤال كان يتردد في الإتجاهات الأربع......ماذا أفعل؟؟؟.....وهل هذه هي الحقيقة؟!؟!.....هل حقاً أبي يسابقني على قطعة السكّر......؟!؟!؟

        غرزت مفتاح السيارة في رأسي لأتحسس بعض الألم وأنا أقول لنفسي "اصحا يا نايم......وماذا غير ذلك، العام الماضي خطبها ولم يوافق القشري، ولهذا كان يقول لي أن كثيرين حاولوا قبلي، ولهذا كان يقول طبيبة جميلة، ولهذا جائني البارحة........وأنت بغبائك أخبرته بكل شيء"

        لكن بقي في قلبي بعض الشك......أبي يريد أن يتزوج جواهر!!!!.....
        لابد لي من مواجهة بيني وبينه.....ربما هو لا يريدني أن أتزوجها فقط!!.....وتوجهت للبيت آملاً أن أجده، وتصادف أن تلاقينا عن الباب، وأنا أوقف سيارتي كان هو أيضاً يوقف سيارته.....لكنه نزل بسرعة وتحاشى النظر لي.....أسرعت لأدركه في ساحة البيت، لكنه اختفى كالجنّي.....ناديت عليه بأعلى صوتي دون مجيب، ثم خرجت أمي من الداخل وهي متعجبة من مناداتي لأبي بتلك الطريقة

        -خير يا سالم!!!!.....مالذي حصل؟.....هل حصل مكروه لأحد؟

        -أين أبي يا أمي؟

        -ماذا تريده؟

        -أريد أن أكلمه فقط.

        -إذهب له في غرفته.......سآتي لكما بالقهوة.

        لكني حين ذهبت وجدت باب الغرفة مقفلاً، ناديت عليه فلم يجب.......قلت بصوت مرتفع حتى يسمعني أني لن أغادر حتى يخرج، وبعد قليل إذا بأمي قد جاءت......

        -لماذا تقف على الباب......ادخل؟

        -باب الغرفة مقفل يا أمي!!!

        -مقفل!!!.....لقد خرجت للتو وأبوك في الداخل.

        ثم شرعن أمي تنادي عليه حتى فتح الباب، لكنه بمكر متناهي كان يتظاهر أنه يعاني من مغص شديد......ولم ينظر لوجهي، تأكدت حينها من نيته تجاه السكّرة......هي المنافسة إذن، قلت له

        -خير يا أبي......هل تريدني أن أحضر لك بعض الأعشاب عند مسعود أبو الحمير؟!؟!

        لم يجبني وإنما أطلق صيحات ماكرة وكأنه يتأوه من المغص.


        للقصة بقية......

        تعليق

        • سالم الجابري
          أديب وكاتب
          • 01-04-2011
          • 473

          #34
          في الليل وبعد نوم الجميع سمعت طرقاً خفيفاً على باب الغرفة، توقعت أن يكون أبي، كنت أعرف أنه سيأتي لا محالة ، فهو لن يتحمل هاجس أن أخبر أمي بما أعرف......وجاء دوري لأمكر به

          -من بالباب؟

          قال بصوت هامس


          -أنا أبوك.....افتح الباب؟

          -أنا متعب يا أبي.......اريد النوم ولدي محاضرات غداً.

          -قلت لك افتح الباب......دقيقة واحدة فقط.

          -أنا مصاب بمغص شديد يا أبي، وأريد أن أرتاح.

          -افتح الباب وسنتفاهم.

          وفتحت له الباب، دخل وأغلقه بالمفتاح وجلس على السرير.....كانت نظراته حائرة ولايعرف من أين يبدأ الكلام، ثم قال بعد تأتأة

          -سالم......هل مازلت تفكر بالزواج من بنت مسعود؟!.......هي كبيرة عليك يا ولدي، هي أكبر منك بأكثر من عشر سنين.

          -صدقت يا أبي، وهي أيضاً أصغر منك بعشر سنين.

          -يا ولدي ، الوضع الطبيعي أن يكون الرجل أكبر في السنّ.......لكن مالمناسبة لقولك أنها أصغر مني بعشر سنين!؟

          -أبي.....لقد رأيتك عند مسعود عصر اليوم، وأخبرني بعد ذهابك أنك أخبرته بأنك أنت وكيل العجوز حمامة......؟!؟!؟!

          -يا ولدي....بصراحة أنا لا أريدك أن تتزوج امرأة أكبر منك بكثير، وأنا مستعد لأفعل الكثير لأمنعك.

          -حتى لو اضطرك ذلك للزواج من ......

          وهنا قفز من جلسته كأن عقرباً لدغته، قال

          -اسكت......اخفض صوتك، من قال لك أني سأتزوج؟!؟!......إياك أن تلفظ هذه الكلمة أمام أمك.....أنت تعرفها وتعرف عصبيتها الزائدة.

          -وما دمت يا أبي تعرف أمي، وتعرف عصبيتها وتعرف تهورها فكيف تفكر في مثل هذا الأمر؟!؟

          -أنا لم أفكر فيه أبداً.

          -بل فكرت فيه يا أبي.....بل وخطبت عند مسعود قبل سنة.....هو أخبرني بذلك.

          -هو فهمني خطأ، كنت أخطب لشخص آخر وليس لي.

          ثم خرج عني مسرعاً......أحس أن النقاش لا يسير لصالحه، وأما أنا فكان علي التفكير في خطوة استباقية أقطع بها الطريق عليه.

          للقصة بقية........

          تعليق

          • سالم الجابري
            أديب وكاتب
            • 01-04-2011
            • 473

            #35
            لم أنم حتى الصباح، كنت أنتظر الساعة السابعة لأتصل بجواهر، أردت إخبارها بكل شيء، كنت أحس بخطر شديد، فميزان أبي عند القشري راجح على ميزاني......أستطيع أن أتحمل ردة فعل جواهر تجاه ما سأخبرها به ولا أن يبقى مصيري معلقاً بيد القشري.

            عند حلول الساعة الساعة السابعة كنت في سيارتي أقودها على غير هدى، اتصلت بجواهر

            -أهلاً أهلاً .....صباح الورد، وكأنك تراني حين دخلت العيادة.

            -بالفعل رأيتك ......أقصد رأيت خيالك من النافذة.

            -ماذا؟!!!......كيف ذلك......هل تمزح؟

            -لا يا حبيبتي ، إني أقف خلف المبني، خلف نافذة عيادة الأسنان مباشرة، لا أدري كيف وصلت إلى هنا.....رأيت خيالك من وراء الزجاج وأنتِ تدخلين.

            -يا مجنون.......هل تريد أن تفضحني!؟!؟!!؟......هيا اذهب وإلا لن تسمع صوتي أبداً.

            وتحركت بعيداً عن العيادة، وقصصت عليها كل شيء.......وهي ساكتة، كان سكوتها أقسى عليّ من كل شيء، وحين فرغت من حديثي قالت

            -على الأقل أبوك لن يكون مجنوناً ويقف خلف نافذتي.......كم عمره؟

            -عمره خمسة وأربعون عاماً......ماذا؟؟؟؟.....ولماذا تسألين عن عمره!!!!....وكأنك ستفكرين في أمره!!؟!؟!؟!.......أنا مازلت قريباً من العيادة، وأقسم لك إن كنت تفكرين بغيري أن أنطلق مسرعاً الآن نحو العيادة وأصدم بسيارتي الجدار وأموت في عيادتك.

            -.......وستموت بين ذراعيّ.....يالها من رومانسيّة......وبعدها سيخلو الجو لأبيك يا ذكي.


            للقصة بقية.......

            تعليق

            • سالم الجابري
              أديب وكاتب
              • 01-04-2011
              • 473

              #36
              كلمتها الأخيرة أشعلتني ناراً متأججة، جوّ السكّرة يصفو لأحد غيري......يا ويلي......
              إنها الحرب.......قررت فتح كل الجبهات ، وأهمها جبهة أمي التي كنت أحتفظ بها كخيار أخير.......طرت للبيت، نزلت من سيارتي مسرعاً، ومن عجلتي تعثرت بعتبة الباب، لكني لم أشعر بأي شيء......نهضت وأنا أصيح وأنادي على أمي

              -أمي......أمي.....أمي....

              خرجت أمي من المطبخ وبيدها محماس حديدي تستخدمه لقلي القهوة، كان مظهرها في تلك اللحظة مناسباً لما أحمله لها من أخبار

              -ماذا بك؟؟؟......أخفتني!......

              -أمي.....أبي يريد أن يتزوج عليك جواهر بنت مسعود وأنا متأكد ووجدته بالأمس عند مسعود يريد أن يخطبها وهو يغري مسعود بأنه سيزوجه حمامة العجوز.

              هكذا أعطيتها الأخبار كلها دفعة واحدة......وكأن ماء عيونها تجمد.....ثم احمرّ......ثم احمرّ وجهها.....ثم علا تنفسها....وكأن نيران غيظها ستأكل ثيابها، حتى أنا دبّ في قلبي الخوف منها......بعد فترة صمت نطقت...قالت

              -ويجرؤ على فعلها ولد فطّوم؟!؟!.......والله لأدخلن هذا المحماس في عينه اليمنى وأخرجه من عينه اليسرى.....هيا أقفل باب البيت من الداخل واصعد فوق السطح، وحين ترى سيارته قادمة صح علي واترك الباقي لي.....هيّا وإلّا سترى منّي ما يسوءك.

              لقد أرعبتني بحق، تحولت أمي لوحش كاسر، دخلت عنّي غرفتها ثم خرجت وقد بدلّت غطاء رأسها المزهّر بآخر أحمر......إنها علامة الحرب، ولمّا رأتني مازلت أقف بمكاني صرخت بي صرخة جعلتني أصعد سلّم السطح كالقط.


              للقصة بقية......

              تعليق

              • سالم الجابري
                أديب وكاتب
                • 01-04-2011
                • 473

                #37
                بقيت أراقب من على السطح، وأمي في ساحة البيت تقذف أبي بشتى أنواع الشتائم......وكل دقيقة أو اثنتين تنادي علي

                -ألم يأتِ اللعين بعد؟

                -لا يا أمي لم يأتِ.

                -سيأتي وسيرى......الآن كبر ويريد أن يتزوج، سيرى.....سأنسيه حليب أمّه.

                بعد حوالي الساعة لاحت لي سيارة أبي تدخل الحارة، كنت أنتظر ليقترب وأنادي على أمي......لكنه استدار حين وصل لمنتصف الحارة لليسار، وحين استدار لمحت معه راكب آخر لم أميزه لبعد المسافة.....ثم اتجه ناحية بيت حمامة العجوز، عرفت حينها من يمكن أن يكون معه، صرخت على أمي من فوق السطح

                -أمي.....أبي جاء ومعه مسعود واتجها نحو بيت حمامة.

                -ماذا؟!......إذن صحّ الخبر عنه اللعين......هيا انزل وتعال معي.

                ومع أني نزلت مسرعاً إلا أنها كانت قد خرجت من الباب كالعاصفة.....ركضت ورائها حتى أدركتها.....كانت تهرول مرّة وتركض مرّة.....وحين استدرنا مع الشارع المؤدي لبيت حمامة رأينا أبي وقد نزل من سيارته أمام بيتها وأما مسعود فقد كان يهم تواً بالنزول.......لست أعرف كيف استدار أبي في تلك اللحظة ليرانا مع أن وجهه كان لناحية الباب ويهم بقرعه.......وحين أيقنت أمي أنه رآنا زادت من سرعتها نحوه وهي تناديه....."ولد فطوم قف.....قف لأريك...".....

                لكن أبي ألقى بنفسه سريعاً في السيارة، ثم انطلق بسرعة ، باب مسعود كان ما يزال نصف مفتوح وكاد المسكين يسقط للخارج لولا أمسكه أبي بثوبه......وهكذا هرب الإثنان ...... ووقفت أمي تنادي بهستيرية "تعال إن كنت رجلاً وتريد أن تتزوج......" كانت تقول ذلك وهي تلوح له بمحماس القهوة.


                للقصة بقية......

                تعليق

                • سالم الجابري
                  أديب وكاتب
                  • 01-04-2011
                  • 473

                  #38
                  كنت أنتظر أمي أن تعود أدراجها للبيت بعدما هرب أبي والقشري، لكنها مضت نحو بيت حمامة، ورغم أني سألتها عن سبب ذهابها إلا أنها لم تجبني.......مشيت ورائها حتى وصلنا لباب حمامة، طرقت الباب بعنف، ثم أعادت طرقه بعنف أشد عندما لم يفتح أحد، ثم فتح الباب.....بدت خادمة حمامة مرتاعة من شدّة الطرق، ثم خافت أكثر عندما رأت هيئة أمي.

                  لم أستطع التفكير في ما كانت أمي تريده، ولم أتوقع أن تفعل ما فعلته......لقد أمرت الخادمة بوضع العجوز على كرسيها المتحرك، ثم أمرتها بالتوجه بها لبيتنا وأخذت مفاتيح بيت حمامه وأقفلته.......كانت العجوز أمامنا على الكرسي تدفعها خادمتها الخائفة، وكلما التفتت الخادمة المسكينة للوراء نهرتها أمي لتمضي حتى وصلنا البيت، وهناك علمت أن أمي تنوي استبقاء حمامة المسكينة عندها.......جادلتها بأنها لا ذنب لها ولا هي تفقه شيئاً مما يدور حولها، إلا أنها كانت تخاف أن يحملها أبي لمسعود دون علمنا ثم يزوجه مسعود جواهر.

                  لم يرجع أبي للبيت ذلك اليوم، وفي المساء اتصل على هاتفي.....ظننت أنه كعادته سيتراجع عندما يتعلق الأمر بالصدام مع أمي، لكن موقفه بدا متصلباً للغاية، قال

                  -اسمع يا سالم، وأبلغ هذا الكلام لأمك.....سأتزوج ولو انقلبت الدنيا رأساً على عقب.

                  -أبي.....عندما قررت أن تتزوج لم تجد غير التي أحبها أنا؟!؟!

                  -مسكين أنت!!!.....أنا وجدتها قبلك وأفكر فيها منذ سنة، هل تعتقد أني سأتركها هكذا بسهولة؟!؟!

                  -ولماذا إذاً لم تتزوجها منذ سنة؟!؟!؟....... أبشرك يا أبي أن الهدية التي كنت ستقدمها لمسعود لقاء تزويجك بجواهر قد طارت عنك.....أقصد حمامة، لقد جاءت بها أمي هنا عندنا......إبحث الآن عن عجوز أخرى لمسعود.

                  -ماذا؟!؟!......اختطفتموها أنت وأمك......ألا تخافون الله؟.....عجوز مسكينة، ماذا تريدون منها؟

                  -الآن أصبحت عجوز مسكينة، وفي الصباح كنت أنت وعريسها عند بابها......سبحان مغيّر الأحوال.


                  للقصة بقية........

                  تعليق

                  • سالم الجابري
                    أديب وكاتب
                    • 01-04-2011
                    • 473

                    #39
                    كانت أحداث ذلك اليوم والليلة ساخنة ومتلاحقة، وختامها كان مكالمتي الهاتفية مع جواهر آخر تلك الليلة.......أردت أن أخبرها بما حدث، لكن سلبيتها أقلقتني

                    -مالك ساكتة؟!.......بعد كل الذي أخبرتك به ولم تقولي شيئاً!!!

                    -ماذا تريدني أن أقول أو أفعل؟!......هل تريدني أن أمسك محماس قهوة وأصعد معك على السطح؟.......لماذا لا تحاول التفاهم مع أبيك وتصل معه لحل وسط؟

                    -حل وسط!!!!.....ماذا تقصدين بالحل الوسط؟ لا حل وسط بين رجلين على امرأة.......أخبريني عن جنيّة أبيك، ما هي أخبارها؟

                    -هل تهزأ بي أم تهزأ بأبي، ليتك لم تخبرني ......... لو بقيت مصدقة قصّة الجنية لكان أهون عندي بكثير من أن تتغير صورة أبي في نظري......الآن عندما يتظاهر بأن الجنيّة تأتيه أحس تجاه بمشاعر لا تليق بمقام الأبوّة......كان الله في عوني.

                    -وكان الله في عوني أنا أيضاً يا حبيبتي، أبي ينافسني عليكِ.......بماذا تظنيني أشعر تجاهه؟!!!

                    -قل لي.....هل يشبهك أبوك؟!

                    -جواهر.....تعوذي بالله من إبليس ولا تسألي عنه، سؤالك عنه يطير عقلي.

                    -أنا فقط أريد أن أعرف كيف يبدو لأعرف أين رآني، ربما جاء للعيادة هنا وعالجته.

                    -والآن دعي ذكر أبي أرجوك وأشيري عليّ ماذا يمكن أن أفعل؟

                    -لا أعرف....أنتم الرجال ويمكنكم أن تقرروا ماذا ستفعلون.

                    تلك المكالمة تركت في نفسي خوفاً وإحباطاً، ومع أني لم أكن أرجو الكثير من لقائي بالقشري إلا أني توجهت لرؤيته في الصباح.


                    للقصة بقية......

                    تعليق

                    • سالم الجابري
                      أديب وكاتب
                      • 01-04-2011
                      • 473

                      #40
                      عندما رآني متجهاً نحوه ناكساً رأسي ارتسمت على ثغره ابتسامة عريضة وصار ينقر الأرض بعصاه وكأنه سمع لتوه نكتة، واصلت تقدمي وأنا أتوجس منه......ماذا سأقول له وماذا سيقول لي؟!......لماذا يبتسم هكذا؟!.

                      وعندما وصلت له سلّم علي بحرارة وطلب مني الجلوس، حينها كانت المفاجأة......مع جلوسي امتد بصري لداخل الدكان، كان هناك شخص آخر يجلس مع ابنه المعوق بالداخل، ولم يكن ذلك الشخص سوى أبي.....كان يجلس بالدكان بجانب ابن القشري ، عندما رآني قفز من جلسته متجهاً نحوي مثل الديك المبارز، وقف القشري ومد عصاه ليوقفه قبل أن يصل لي ثم طلب منه الجلوس........كانت نظراته متنمّرة، أنا أيضاً كنت قد اتخذت وضعاً هجومياً بعد احساسي بالاستفزاز، أما القشري فكان يوزع نظراته بيني وبين أبي بالتسواي......بعد لحظة صمت طويلة كانت خلالها نظرته لي خارقة، قال أبي

                      -هل تعلم أني البارحة نمت هنا في دكان عمّي مسعود بسببك أنت وأمك!؟

                      -ومنذ متى صار مسعود عمّك يا أبي؟!.......ثم لا أحد منعك من العودة للبيت، يمكنك العودة متى تشاء فهو بيتك.

                      -وهل أنا مجنون لألقي نفسي بين يدي إرهابيين ومختطفي العجائز!؟.......ماذا فعلتم بحمامة المسكينة؟.....إذا لم تعيدوها أنا مضطر أن أبلغ عنك الشرطة......أبلغ أمك بهذا.

                      -وماذا يهمك أنت من أمر حمامة، هي عند أمي لحمايتها من المحتالين.

                      -المحتالين!!!!!!هاها.......المحتال هو أنت، أنت كنت تريد أن تحتال على عمّي مسعود ليزوجك جواهر......أنت قلت لي ذلك بلسانك.

                      -وأنت أيضاً كنت تريد الإحتيال عليه......بدليل أخذك له لبيت حمامة.

                      وهنا رفع مسعود عصاه بيننا ليوقف مناقرة الديكة، ثم قال

                      -الآن اتضح لي كل شيء ، وتكشفت كل أوراقكما.......كلاكما يريد جواهر....

                      ثم أسند ذقنه على عصاه وعاد يوزع نظراته علينا وكأنه ينتظر إضافة منّي ومن أبي......سابقت أبي بالكلام

                      -نعم نعم يا عمّي.......أنا أريد أن أتزوج جواهر.....صدقني يا عمّي أني منذ رأيتها لم أذق نوماً هانئاً......آهـ لو تدري بحال العاشق يا عمّي.

                      وبعد أن سمع منّي التفت نحو أبي يريد أن يسمع منه......قال أبي

                      -عمّي مسعود.....كما تعرف أنا ما زلت في عزّ شبابي، وزوجتي قد كبرت، وأنا منذ سنة أخطب منك جواهر.......قبل أن يأتي هذا الزرزور الصغير......وهي لا تصلح له فهي أكبر منه، بل تصلح لي أنا.

                      ثم أطرق مسعود للأرض لبضع ثوان.....قام بعدها وقفاً وهو ينظر للبعيد......قال بشكل حازم

                      -هيا قوما عنّي.......جواهر لن أزوجها، لا لك.....ولا لك.....هيا فوجودكما يضر بتجارتي.



                      للقصة بقية.......

                      تعليق

                      • سالم الجابري
                        أديب وكاتب
                        • 01-04-2011
                        • 473

                        #41
                        حنينا أنا وأبي رؤوسنا واستدرنا للخلف، جمعتنا إهانة القشري لنا بعدما طردنا، سرنا صامتين، سار أبي أمامي وسرت أنا وراءه في اتجاه سيارته، وركبت معه دون أن أفكر بشيء.......ولم نتكلم حتى وصلنا للبيت، أطفأ أبي المحرك .....بقينا على جلستنا نسبح في ذكريات ما مرّ بنا من أحداث خلال الأمس واليوم......بقينا ربما لدقيقتين أو ثلاث بصمت إلا من أصوات أنفاسنا.

                        وكأنها صاعقة قطعت الصمت......فتحت أمي باب أبي، لم نشعر بها تقترب من السيارة، كانت فورتها لم تهدأ منذ الأمس، تشبثت بثياب أبي وهي تجره لخارج السيارة مطلقة شتى أنواع السباب والشتائم......ويبدو أن أبي انساق مع جرّها لداخل البيت تفادياً للفضيحة، لحقت بهما للداخل لكن أمي كانت قد أدخلت أبي لغرفتها......كل أنواع الأصوات سمعتها من وراء الباب......شتائم....ارتطام بخزانة الملابس.....سقوط على الأرض.....شق ثوب......صراخ.....قررت تركهما والذهاب لغرفتي فهمّي أنا أيضاً ثقيل، وحبي الكبير لجواهر يواجه طريقاً مسدوداً.

                        أقفلت على نفسي الباب، وخلعت ثوبي واتخذت جلسة القرفصاء، كنت أحاول الدخول في طقوس العاشق المظلوم، وبكيت.....بكيت كثيراً، بكيت حتى ابتلّت ركبي بدموعي....

                        فهمت حينها شكوى العشاق، واستوعبت كل الأشعار التي سمعتها من قبل.......كان لكل حكايات الحب طعم.........

                        بقيت على تلك الحالة ساعات طوال، ثم طرق أحد بابي .....طرقات لطيفة.....تنهدت ومسحت بقايا دموعي، فتحت الباب......كان أبي، ويا للعجب كان سليماً، تفحصته حتى أخمص قدميه فكان بدون إصابات، بل وكان يبتسم.......وأعجب من ذلك لمحت أمي وهي تخرج من غرفتها....لم تلتفت لي لكنها كانت.....كانت متزينة وبأحلى ملابسها، كانت كالبدر، أمي لم تتزين هكذا منذ سنين طويلة.......فتحت فمي من الدهشة.....وهي تخرج من الصالة سمعتها تقول "سأحضر لك القهوة يا أبا سالم ، تعال ..."

                        لاحظ أبي دهشتي.......قال معلقاً

                        -تعال معي.....هكذا هنّ النساء يا ولدي.

                        -لكن يا أبي أين ذهب كل ذلك الغضب من أمي.

                        -أمك تحبني ....... ولو كان غضبها بحراً لبخرته نسمة حبّ رقيقة.

                        ثم أردف قائلاً

                        -إن كنت مازلت تحب جواهر فأنا على استعداد لمساعدتك على الزواج بها.


                        للقصة بقية.....

                        تعليق

                        • سالم الجابري
                          أديب وكاتب
                          • 01-04-2011
                          • 473

                          #42
                          رغم الدعم الذي لقيته من أبي إلا أني لم أستطع الاتصال بالسكّرة، كنت أرثي لنفسي بعد الإهانة التي وجهها لي القشري مع أبي.......لم أكن أحملها أي مسئولية بالطبع، بل كنت أرثي لحالها هي أيضاً أن ذلك الجلف هو أبوها.

                          لكن السكرة اتصلت، وسقطت منّي دمعتان وأنا أنظر لرقمها يومض على الشاشة........كانت عزّتي لنفسي تقول لي "لا تجب الهاتف" ، أما قلبي فيكاد يتمزق من شدّة ما يعتصر لها.......ثم غلب قلبي

                          -أهلاً يا قطعة السكر......كيف حالكِ؟

                          -أنا بخير......هل نسيتني؟!؟!؟.....أم تختبر حبي لك؟!

                          -لا يا حبيبتي......وكيف تنسى الروح وليفتها!!!.....إنما أنا متعب بعض الشيء.

                          -غريب أمرك!!.....لم تقل شيئاً عندما قلت "حبّي لك".

                          -حبيبتي، بالطبع أنا سعيد بتصريحك بحبي، لكن هل كنتِ تحسبين أني لا أحس بقلبكِ؟......أنت وليفة روحي وعمري، أعرف ما في قلبك ولو لم تقولي شيئاً.

                          -ومع هذا أنا أعرف ما بك اليوم......أبي أخبرني بما فعله معكما أنت وأبوك.

                          -حسناً أنه أخبرك......ما رأيكِ؟

                          -رأيي ....... رأيي.....يا حبيبي ، هذه أول مرّة أقولها......طعمها لذيذ.....، رأيي سيعطيك إياه أبي بعد أيام، فقط لا تستعجل.

                          -وأخيرا قلتيها يا أحلى من كل سكّر الدنيا......كم انتظرتها وأنتِ تتمنعين ويحلو لكِ عذابي، لكن ماذا تقصدين أن أبوك سيخبرني برأيكِ.

                          -قلت لك لا تتعجل......حين يعجز الرجال لا تعجز النساء.


                          للقصة بقيّة.......

                          تعليق

                          • سالم الجابري
                            أديب وكاتب
                            • 01-04-2011
                            • 473

                            #43
                            وطوال اسبوع كنت أحاول بقطعة السكّر أن تخبرني شيئاً لكنها لم تفعل.....فقط تكرر قولها "لا تستعجل" ، وأنا كنت أتقلب على نار الشوق، وبعد الأسبوع قالت

                            -حبيبي......أريد منك أن تشتري لي حناء.

                            -عيوني وعمري لكِ........ما هي المناسبة؟

                            -بمناسبة زواجي يا حبيبي.

                            كنت قد شهقت شهقة لم يرتد بعدها نفسي حتى سمعتها تقول

                            -زواجي منك يا حبّة العين.

                            -ماذا ......ماذا تقولين؟!؟!؟!؟!؟

                            -لا تسأل، فقط اذهب غداً لدكان أبي وأحضر لي بعض الحناء للعرس.

                            -كلامك سيصيبني بجنون الفرح يا عمري.........سأحضر أي شيء تقولين، لكن ليس من دكان أبيك الذي طردت منه شرّ طردة.

                            -لا أريد الحناء إلا من دكان أبي.........ثم إنك تريد أن تسمع رأيي....وأنا قلت لك أن رأيي ستسمعه من أبي.

                            أمري لله من قبل ومن بعد، وأنا أتوقع أسوأ الأمور توجهت في الصباح لدكان القشري، وحين أقبلت عليه كان يجلس وبصره للأرض .......كان غائباً عمّا حوله، لم ينتبه لي حتى كادت قدمي تمس قدمه الممدودة.

                            حيسن سلّمت ورفع بصره لي أطال النظر وهو ساكت حتى ظننته لن يرد السلام وسيطردني مرّة أخرى، لكنّه رد السلام بعد ذلك ببرود ثم سألني عن حالي.....قال

                            -كيف حالك يا سالم وكيف حال أبيك؟.

                            -الحمد لله يا عمّي.......عمّي أريد حناء.....من أجود نوع.

                            -حاضر يا ولدي......مكيالاً أم مكيالين؟.....إن كان لمرّة واحدة فالمكيال يكفي.

                            -إذن مكيال واحد يا عمّي.

                            وأعطيته النقود.....ولم يقل لي شيئاً......حتى إذا استدرت أريد الذهاب استوقفني.....

                            -تعال يا سالم، اقترب منّي..............هل ما زلت تريد الزواج بجواهر؟.

                            هو قال كلمته وأنا أحسست أن قلبي اتسع حتى كادت أضلعي تضيق عنه.....ثم أصابني دوار جميل ، أذكر أني كنت أتبسم وأنا أسقط للأرض، ولم أصحو إلا ورأسي فوق رجل القشري وهو يرشني بالماء ويهزني، ومازال بي حتى هدأت وهو يقسم لي أنه سيزوجني قطعة السكّر.

                            نهضت وأنا أقبل يديه ورأسه، أظنّ أني أمطرته بألف قبلة، ثم أمطرت اخو السكّرة أيضاً بنصيبه من القبل........وحملت الحناء وخرجت......خرجت والدوار مازال يطوح بي.......كيف فعلتها السكّرة؟!؟!؟، سؤال كنت أردده بهستيرية حتى وصلت للسيارة.......اتصلت بها.....أخطأت في اختيار الأرقام مرتين قبل أن أختار الرقم الصحيح

                            -أهلا بحبيب العمر.......ها ..... أخبرني ماذا حصل معك وأبي؟

                            -لن أقول لك شيئاً ....... لن أخبرك أنه قبل بزواجي منك حتى تخبريني ماذا فعلتِ.

                            -ها ها ها......لقد أخبرتني وانتهى......هل أنت سكران؟

                            -نعم......نعم......لا تعلمين كم قبلة قبلت أبيك ، هل تصدقين أنه أغمي علي ؟!؟!؟!.....

                            -كل هذا بسببي أنا......آسفة ....

                            -ليتك سببتي لي هذا منذ زمن.......بالله عليكِ أخبريني ماذا فعلتِ.

                            -سأخبرك.......هل تذكر جنيّة أبي؟!.......لا شك أنك تذكرها، لقد انتقلت لي قبل أسبوع......وصارت تطيح بي، وكادت تقتلني، وكان مطلبها الوحيد أن أتزوج.....والبارحة كانت الحالة شديدة للغاية، واقتنع أبي أني لابد أن أتزوج.......ما رأيك بذكاء قطعة السكّر؟!؟!؟!؟

                            للقصة بقية......

                            تعليق

                            • سالم الجابري
                              أديب وكاتب
                              • 01-04-2011
                              • 473

                              #44
                              الآن مرّ على زواجنا أنا والسكّرة أكثر من عشر سنوات، وسكّرها مازال أحلى من كل سكّر الدنيا، لكنني أتوجس من السنوات القادمة......حين أكون في عمر أبي يوم نافسني ، حينها ستكون سكّرتي قد جاوزت الخمسين......وأنا ما زلت في عنفواني، قد أصاب بما أصيب به أبي.......آهـ لو كنت أكبر.

                              النهاية

                              تعليق

                              • وردة الجنيني
                                أديب وكاتب
                                • 11-04-2012
                                • 266

                                #45
                                قص رائع جذاب/
                                اثرت دهشتي بالانسيابية في الكلمات/
                                وطوبى لصبرك وطول نفسك بالكتابة/
                                كنت اتابعك زائرة/
                                شكرا على الامتاع//

                                تعليق

                                يعمل...
                                X