عرسُ حمّودة / إيمان الدرع / الغرفة الصوتية / الجمعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #16
    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
    بدأت القصة من حيث انتهت
    لنرى على خشبة المسرح مقاعد و زفة و عريس
    و أم .. و حشد من المدعووين .. كان الصمت يلف المكان
    لكن صوتا .. بل اصواتا كانت تخترق هيمنة الصمت لتعلن
    الحياة رغم الموت

    رأيت حالة مسرحية قوية
    و رأيت الجدة تتحدث إلي الأشياء
    إلي من هجرها
    إلي من ذهب .. وما خلف لها إلا زلزالا يأتي من أعماق اعماقها
    ليعلن الفجيعة ..
    كانت تستنطق كل شىء حتى حبات الدم و سنايل الأنفاس
    الصامدة رغم تهاوي العقل .. !
    كان المشهد فوق الاحتمال .. و الكاميرا التي عفت عن نقله
    نال منها البكاء حتى لم تعد ترى
    فاستعصت على التقاط ما كان

    كان عرس للموت .. و ربما للضباع
    و إذا احسنا القول .. سوف أقول أنا .. إنه عرس الحرية القادمة
    بما تعني لي
    و لكل الحالمين
    لكل الشهداء
    نعم سيدتي .. مازالت الأرض في شوق لدماء جديدة
    إنها الشام و دمشق .. التي تعشق الدم
    تعشقه حد الموت و الالحاح في طلبه
    كلما جف ، و التأم الجرح .. نال منها العطش !
    هيا معا إلي التاريخ لنرى
    و نشهد .. كم من مئذنة أقيمت بجماجم فلذاتها
    و كم من جنائن كست حمرة الدم

    بارعة أنتِ حين ترقصين تلك الرقصة
    تماما كما كنت في ( لأجل أبي ) و غيرها من ألأعمال التي اعتمدت فيها تقنية المسرح !

    بوركت
    وعاشت سوريا رغم أنف الجاحدين !

    محبتي
    أستاذي القدير ربيع:
    عندما تموج مواطن الألم في الروح
    تفرض هذه الحالة سطوتها على القلم
    فتحركه من غير تحكّم..أو قيود
    ليضخّ فيه النزف الذي أثقل الكاهل
    ووجد في الكتابة بعض منافذ تواكب طقوس مشهديّة الموت على الورق..
    نحن...هذا الجيل العتيد الذي فطر وجبل على حب الوطن
    وعاش أيام الوحدة العربية
    وحقّق الاستقلال، والحرية، والكرامة.
    وطرد المستعمر
    وذاق حلاوة الأخوّة والمؤازرة بين جميع أطياف البلد،بوجود رموزٍ وطنيّة قياديّة سكنت ذواكرنا.
    شهيدنا يغادرنا اليوم ، وفي روحه ألف جرح ، ولعنةٍ ..وألف موت وقهر..
    لن أوغل أكثر في تناول جوانب ما وراء المشهد..
    فالتفاصيل ماعادت تجدي...لوطنِ برسم البيع، أوعلى قيد الموت، متهيّئاً لولادة جديدة تنهض من قلب الركام.
    فللأوطان أيضاً أقدارها.
    ما وددت نقله في النصّ، هو هذا الجانب الإنسانيّ المترع في مأساة موقف، يفوق احتمال البشر..
    ولعلّ صرخة العجوز هنا ...قد صدرت عن قلوبنا النازفة التي نشقى بها صباح مساء، فألبستها لها...
    شكراً لك يا راعي أقلامنا..
    احترامي، تقديري..
    حيّااااااااااااااكَ.

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة صالح صلاح سلمي مشاهدة المشاركة
      نعم أستاذة إيمان قصة تقشعر لها الأبدان .. خاصة حين يتعلق الأمر بهذة الفئات العمرية في المجتمع
      فللعجوز في الذاكرة المتوارثة لشعوبنا منزلة خاصة وحنانها خاص للأبناء وأبناهم.
      وحين يتعلق الأمربمثل هذه القصة الفاجعة
      فأحساسك المرهف بالآخرين هو الأقدر على أن يجعلنا في قلب الحالة بكل إرهاصاتها.
      شكرا لك كثيرا أستاذة إيمان.





      بل ألف شكر لك أستاذ صالح
      على التفاعل الصادق مع النصّ
      على هذه المشاعر النبيلة التي تكنّها لبلدك سوريا
      فأنت دائم السؤال عنها، وعن أهلها
      بوفاء العربيّ الشهم الأصيل
      بورك فيك
      سعيدة أنا برأيك
      ولأنك هنا ..كأخٍ كريم ، وأديبٍ ملتزم القلم ،أعتزّ به، وأسمو..
      كلّ التقدير، والاحترام لك..
      حيّااااااااااااكَ.

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • فاطمة يوسف عبد الرحيم
        أديب وكاتب
        • 03-02-2011
        • 413

        #18
        الغالية إيمان
        هذا هو القص الذي نحتاجه في زمن كثر فيه الحقد والظلم وأصبح سيد الموقف كم من جدة وأم على مدى وطننا العربي قد أصابها الذهول والجنون على فلذة كبدها بدون ثمن لصراعات لا مبرر لها وفتن كقطع الليل
        استمتعت بهذه القص وبأسلوبك الذي أجرى الدمع
        رائعة يا زميلتي وصديقتي
        لك مني كل حب وتقدير

        تعليق

        • بيان محمد خير الدرع
          أديب وكاتب
          • 01-03-2010
          • 851

          #19
          لا إنها ليست تلك الجدة المجنونة المكلومة ..
          في رقصتها تلك .. تقول الكثير .. تخبرنا إصرارها على الفرح بعرس حفيدها الشهيد .. رغما عن أنوف المجرمين و سارقي الفرح ..
          تريد أن تتمم مراسم الفرح شاءت أم أبت يد الغدر الآثمة الملطخة بالدماء ..
          و هاهي تتممها بزغرودتها و رقصتها و هي ممسكة بعصاها تلوح بها مع إيقاع موسيقى القهر و اللوعة و الحرمان ..
          صدقت حبيبتي .. الشهداء إلى جنات النعيم بعونه تعالى و لسوف يعطيهم ربنا الكريم فيرضون .. و اليد الآثمة مآلها إلى جنهم و بئس المصير و إلى عذاب عظيم ..
          أما نحن الأحياء الأموات .. ماذا أقول .. و الروح تذوي قطرة قطرة تذوب كشمعة .. اليوم بألف يوم .. أشاهد وطني الذبيح على شاشات التلفزة و الأيادي تعيث به و بدماء مواطنيه الطيبين من كل حدب وصوب
          آآآه يا أختي .. مذبوح قلبي .. و رائعتك هذه فجرت كل القهر الذي كنت أحاول بأن أبني له قناع من طين أتخفى خلفه .. لأحمي وجعي من سياط البعض ممن يتلذذون في رؤيته تلك النفوس المريضة الحاقدة .. طبعا لا أقصد هنا على صفحات ملتقانا الغالي فهنا كل الأدباء المحترمين إخوة و أخوات لنا يشاطروننا همومنا بكل صدق ووفاء بالرغم كونه عالم إفترضي فنشعر بمحبتهم ..
          فالنتعلم من تلك الجدة .. عندما يعجن الفرح مع الوجع و يقدم في رغيف واحد .. لا بد أنه آت يوم البشر و الخير لن نفقد إيماننا بكرم الواحد القهار .. لا إله إلا هو سره بين الكاف و النون ( كن ) إن أرادها يعم الفرح أرجاؤنا و نللم شتاتنا و نرتق جروحنا ..
          أستاذتي القديرة إيمان .. ملكة القص .. هكذا أنت كما عهدتك سلمت لقلبي حماك الله ..
          * * * * *
          لكن .. قولي لي ..
          ما الحل !!
          و أشواقي وصلت .. لحدود الهذيان
          التعديل الأخير تم بواسطة بيان محمد خير الدرع; الساعة 07-06-2012, 07:22.

          تعليق

          • جميل داري
            شاعر
            • 05-07-2009
            • 384

            #20
            عرس حمودة
            العين: عاشت
            الراء:ربوع
            السين: سوريا

            الحاء: حياة
            الميم:موت
            الواو: عطف بينهما
            الدال:دمشق
            التاء: تاء الأنثى الساردة حكايا الوطن
            ليس غريبا أن تكون هناك :أعراس دم منذ أن هنتف بها محمود درويش ذات زمن طاعن في الغياب
            وهنا الجدة رمزا وواقعا لا تعترف إلا بما تراه ببصرها وبصيرتها فحمودة ما زال عريسا يملأ العين والقلب وما قصة موته إلا من خيال الآخرين فالجدة هي محور الحياة هنا ومحور الحدث القصصي على الرغم من جوهرية حمودة الغائب الحاضر ..فبتقنية فنية بارعة استطاعت المبدعة إيمان الدرع أن تجعلنا ننغمس في عالم العجوز ونفكر مثلها لكي لا نصدق أن الزمن الجميل ولى الأدبار فما زالت الحياة ممتدة على مد الأمل في نفس سيدة الدار التي تأمر فتطاع وبهذا تعيدنا القاصة إلى عهد جداتنا اللواتي كن فرح القلوب والحياة الهادئة في ظالا شجرة او قرب لفح التنور بخبزه الشهي الذي لم يستطع كل خبز الدنيا محوه من ذاكرتنا الفردية والجمعية..
            هي قصة الأشجان.. قصة الذين يرحلون ويتركون أشذاء أرواحهم تملأ صدورنا بالضيق حينا والانشراح حينا آخر..
            الجدة هنا رمز الحياة الدائمة .. رمز الماضي الذي تمتد جذوره الى الحاضر والمستقبل ومن هنا قال جبران:
            "من يشنقه صوت الماضي لا يستطيع مخاطبة المستقبل"
            اجتمعت هنا كل عناصر القص الزاهي من سرد لغوي يجمع بين الاصالة والمعاصرة والحوار القريب من الواقع والوصف الدقيق لدقائق الامور وبعض الشروح اللازمة ..
            لغة إيمان أقرب إلى الشعر منها إلى النثر أو ربماتحوك بخيوط اللغة اسلوبا شاعريا فيه من نبض الروح اكثر من صرامة الواقع فالفن حتى وهو يتحدث عن الحزن فهو يصنع الفرح ..
            الشخصيات من صميم الواقع لا تشعر بغرابتها او اقحامها فكل واحدة في مكانها وزمانها المناسبين ..
            الحبكة..الصراع .. لحظة التأزم كل ذلك ورد بعفوية نادرة..
            الأهم من كل ذلك هو الشعور بانتمائنا الى هذه الاسرة الكبيرة بقيادة العجوز فهي تذكرنا بجداتنا اللواتي كن لا ينحنين الا لقطف وردة او النهل من النبع .. وبذلك نحاول النهل منهن ومن قيمهن الخالدة ..
            لا مجال امام الموت..ولكن كما يقول محمود درويش فان الشعراء يقفزون من على الموت وكأني بهذه العجوز شاعرة بنفسها الجياشة بالحب واحلم والحياة


            تلكم انطباعات سريعة راودتني وانا اقرا القصة المرة تلو المرة
            وقبل ان انهيها في المرة الاخيرة اصابني مخاض الشعر فتوحمت على الابيات التالية من وحي : عرس حمودة

            عرس على أعتـاب بلوانـا
            فلكم على الأعتـاب أشجانـا
            من نوره انبثق الحنين إلـى
            دنيـا نناشـدهـا فتأبـانـا
            وطني المعبأ بالحيـاة غـدا
            للمـوت أغنيـة وألحـانـا
            وطني المسافر في دمي أبـدا
            شاهدت فـي مـرآه إيمانـا
            يمشي على دمه بـلا سنـد
            لـولاه لا حـب ولـولانـا
            إنـا معـا أفيـاء ورافــة
            الكون ..كل الكـون نجوانـا
            ودمشق في الأعماق راسخة
            تينـا وزيتـونـا ورمـانـا
            أعراسنا في الريـح ذاهبـة
            وكأنهـا تشتـاق قربـانـا
            إيـه بـلاد النـور ساطعـة
            تنـداح إنجـيـلا وقـرآنـا
            بردى .. إليك الشوق يجرفني
            هـلا سقيـت الآن ظمـآنـا
            وعجوز "إيمان "تعـود لنـا
            وتعيـد أمجـادا وأزمـانـا
            وتقول للأعراس :أنـت لنـا
            حمراء أو خضـراء ألوانـا
            بالحب ..كل الحب نرسمهـا
            ونعيـد حلمـا قـد تخطانـا
            ونقول للدنيا : ألا انشرحـي
            إن الغـد الوضـاء ملقانـا

            تعليق

            • إيمان الدرع
              نائب ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3576

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم مشاهدة المشاركة
              الغالية إيمان
              هذا هو القص الذي نحتاجه في زمن كثر فيه الحقد والظلم وأصبح سيد الموقف كم من جدة وأم على مدى وطننا العربي قد أصابها الذهول والجنون على فلذة كبدها بدون ثمن لصراعات لا مبرر لها وفتن كقطع الليل
              استمتعت بهذه القص وبأسلوبك الذي أجرى الدمع
              رائعة يا زميلتي وصديقتي
              لك مني كل حب وتقدير
              الأخت والصديقة الراقية:
              والأديبة المبدعة الموهوبة فاطمة:
              الجراح الكبيرة تلجم القلم ..تفجر شرايين العقل..وتهتك النبض.
              لا تبقي غير الحسرة الحارقة، وأسئلة عالقة بين فضاء، وأرضٍ ..تستجدي الجواب الذي يريح قلق الروح..
              أقسم يا فاطمة ..بأنّ ما نكتبه اليوم من نزف قلمٍ يبقى هزيلاً أمام عظمة الحدث
              ما يحدث اليوم يحتاج مرثية الدهر..تبكي البشر، والحجر.
              ويبقى الأمل برحمة الله هو الغالب..
              أشكرك ياغالية...أسعدتني بمرورك الكريم...و آنستِ وحشة خاطري..
              لا حُرمتكِ
              حيّااااااااااااااكِ.

              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #22
                المشاركة الأصلية بواسطة بيان محمد خير الدرع مشاهدة المشاركة
                لا إنها ليست تلك الجدة المجنونة المكلومة ..
                في رقصتها تلك .. تقول الكثير .. تخبرنا إصرارها على الفرح بعرس حفيدها الشهيد .. رغما عن أنوف المجرمين و سارقي الفرح ..
                تريد أن تتمم مراسم الفرح شاءت أم أبت يد الغدر الآثمة الملطخة بالدماء ..
                و هاهي تتممها بزغرودتها و رقصتها و هي ممسكة بعصاها تلوح بها مع إيقاع موسيقى القهر و اللوعة و الحرمان ..
                صدقت حبيبتي .. الشهداء إلى جنات النعيم بعونه تعالى و لسوف يعطيهم ربنا الكريم فيرضون .. و اليد الآثمة مآلها إلى جنهم و بئس المصير و إلى عذاب عظيم ..
                أما نحن الأحياء الأموات .. ماذا أقول .. و الروح تذوي قطرة قطرة تذوب كشمعة .. اليوم بألف يوم .. أشاهد وطني الذبيح على شاشات التلفزة و الأيادي تعيث به و بدماء مواطنيه الطيبين من كل حدب وصوب
                آآآه يا أختي .. مذبوح قلبي .. و رائعتك هذه فجرت كل القهر الذي كنت أحاول بأن أبني له قناع من طين أتخفى خلفه .. لأحمي وجعي من سياط البعض ممن يتلذذون في رؤيته تلك النفوس المريضة الحاقدة .. طبعا لا أقصد هنا على صفحات ملتقانا الغالي فهنا كل الأدباء المحترمين إخوة و أخوات لنا يشاطروننا همومنا بكل صدق ووفاء بالرغم كونه عالم إفترضي فنشعر بمحبتهم ..
                فالنتعلم من تلك الجدة .. عندما يعجن الفرح مع الوجع و يقدم في رغيف واحد .. لا بد أنه آت يوم البشر و الخير لن نفقد إيماننا بكرم الواحد القهار .. لا إله إلا هو سره بين الكاف و النون ( كن ) إن أرادها يعم الفرح أرجاؤنا و نللم شتاتنا و نرتق جروحنا ..
                أستاذتي القديرة إيمان .. ملكة القص .. هكذا أنت كما عهدتك سلمت لقلبي حماك الله ..
                * * * * *
                لكن .. قولي لي ..
                ما الحل !!
                و أشواقي وصلت .. لحدود الهذيان
                حبيبة قلبي ..والأقرب الأقرب إلى روحي بيان:
                كم أنت رائعة ..أعجبتني هذه الالتقاطة التي أحبها في عينيك الذكيتين..
                لمّا تبرقان إشعاعاً ساحراً فجأة
                عند اصطياد فكرة طارئة..
                نعم موقف الجدة يتشبّث بالفرح رغم ما يعتصر قلبها من ألم..
                كلّ ما يحدث الآن ..لن يزعزع تراب بلدنا الحبيب
                هو صامد ..باقٍ..
                ما يحدث الآن تشكيل لحياة جديدة
                تصفية ..وتنقية لمياه العمر التي تضخّ في شرايين شامنا
                سنزيّن المرجة..وتتآلف القلوب أكثر..المحن دائماً تلمّ الشتات..
                هل تسألين عن الحلّ في إدمان شوقٍ وصل حدّ الهذيان؟؟
                أجيبك: حتى تكفيّ عن الرقص حافية القدمين بمدخل شرياني..
                سلمتِ لي ياعمري..
                لقاؤنا قريب ..على ضفة بردى..وفي الشام العتيقة / بقهوة النوفرة/ بعد الصلاة، وزيارة النبي يحيى في الجامع الأموي..
                رغم كلّ الجراح استبشري بالخير...ولا بدّ أن يأتي..الشااااااااااااام إلنا..
                والآاااااااااااااااان هيا اذهبي قبل أن أبكي وأفقد صبري..
                استودعتك الله ياغالية ..

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة جميل داري مشاهدة المشاركة
                  عرس حمودة
                  العين: عاشت
                  الراء:ربوع
                  السين: سوريا

                  الحاء: حياة
                  الميم:موت
                  الواو: عطف بينهما
                  الدال:دمشق
                  التاء: تاء الأنثى الساردة حكايا الوطن
                  ليس غريبا أن تكون هناك :أعراس دم منذ أن هنتف بها محمود درويش ذات زمن طاعن في الغياب
                  وهنا الجدة رمزا وواقعا لا تعترف إلا بما تراه ببصرها وبصيرتها فحمودة ما زال عريسا يملأ العين والقلب وما قصة موته إلا من خيال الآخرين فالجدة هي محور الحياة هنا ومحور الحدث القصصي على الرغم من جوهرية حمودة الغائب الحاضر ..فبتقنية فنية بارعة استطاعت المبدعة إيمان الدرع أن تجعلنا ننغمس في عالم العجوز ونفكر مثلها لكي لا نصدق أن الزمن الجميل ولى الأدبار فما زالت الحياة ممتدة على مد الأمل في نفس سيدة الدار التي تأمر فتطاع وبهذا تعيدنا القاصة إلى عهد جداتنا اللواتي كن فرح القلوب والحياة الهادئة في ظالا شجرة او قرب لفح التنور بخبزه الشهي الذي لم يستطع كل خبز الدنيا محوه من ذاكرتنا الفردية والجمعية..
                  هي قصة الأشجان.. قصة الذين يرحلون ويتركون أشذاء أرواحهم تملأ صدورنا بالضيق حينا والانشراح حينا آخر..
                  الجدة هنا رمز الحياة الدائمة .. رمز الماضي الذي تمتد جذوره الى الحاضر والمستقبل ومن هنا قال جبران:
                  "من يشنقه صوت الماضي لا يستطيع مخاطبة المستقبل"
                  اجتمعت هنا كل عناصر القص الزاهي من سرد لغوي يجمع بين الاصالة والمعاصرة والحوار القريب من الواقع والوصف الدقيق لدقائق الامور وبعض الشروح اللازمة ..
                  لغة إيمان أقرب إلى الشعر منها إلى النثر أو ربماتحوك بخيوط اللغة اسلوبا شاعريا فيه من نبض الروح اكثر من صرامة الواقع فالفن حتى وهو يتحدث عن الحزن فهو يصنع الفرح ..
                  الشخصيات من صميم الواقع لا تشعر بغرابتها او اقحامها فكل واحدة في مكانها وزمانها المناسبين ..
                  الحبكة..الصراع .. لحظة التأزم كل ذلك ورد بعفوية نادرة..
                  الأهم من كل ذلك هو الشعور بانتمائنا الى هذه الاسرة الكبيرة بقيادة العجوز فهي تذكرنا بجداتنا اللواتي كن لا ينحنين الا لقطف وردة او النهل من النبع .. وبذلك نحاول النهل منهن ومن قيمهن الخالدة ..
                  لا مجال امام الموت..ولكن كما يقول محمود درويش فان الشعراء يقفزون من على الموت وكأني بهذه العجوز شاعرة بنفسها الجياشة بالحب واحلم والحياة


                  تلكم انطباعات سريعة راودتني وانا اقرا القصة المرة تلو المرة
                  وقبل ان انهيها في المرة الاخيرة اصابني مخاض الشعر فتوحمت على الابيات التالية من وحي : عرس حمودة

                  عرس على أعتـاب بلوانـا
                  فلكم على الأعتـاب أشجانـا
                  من نوره انبثق الحنين إلـى
                  دنيـا نناشـدهـا فتأبـانـا
                  وطني المعبأ بالحيـاة غـدا
                  للمـوت أغنيـة وألحـانـا
                  وطني المسافر في دمي أبـدا
                  شاهدت فـي مـرآه إيمانـا
                  يمشي على دمه بـلا سنـد
                  لـولاه لا حـب ولـولانـا
                  إنـا معـا أفيـاء ورافــة
                  الكون ..كل الكـون نجوانـا
                  ودمشق في الأعماق راسخة
                  تينـا وزيتـونـا ورمـانـا
                  أعراسنا في الريـح ذاهبـة
                  وكأنهـا تشتـاق قربـانـا
                  إيـه بـلاد النـور ساطعـة
                  تنـداح إنجـيـلا وقـرآنـا
                  بردى .. إليك الشوق يجرفني
                  هـلا سقيـت الآن ظمـآنـا
                  وعجوز "إيمان "تعـود لنـا
                  وتعيـد أمجـادا وأزمـانـا
                  وتقول للأعراس :أنـت لنـا
                  حمراء أو خضـراء ألوانـا
                  بالحب ..كل الحب نرسمهـا
                  ونعيـد حلمـا قـد تخطانـا
                  ونقول للدنيا : ألا انشرحـي
                  إن الغـد الوضـاء ملقانـا
                  أستاذي الراقي جميل:
                  أشكرك ..فأنت:
                  ـ أ ـ أديب قدير
                  ـ ش ـ شاعر كبير
                  ـ ك ـ كاتب مبدع
                  ـ ر ـ رائع الكلمة
                  ـ ك ـ كريم الخصال
                  تنتابني الحيرة دائماً في الردّ على مداخلتك القيّمة الشاملة شعراً / نثراً ..
                  وأعرف بأني سأقف عاجزة عن إعطائها حقها الواجب تجاهها..
                  وما سطوري القلائل تلك
                  إلا اختصار عارفٍ بأنك ستتقبلها كرماً منك على تقصيرها.
                  الجدة فعلاً هي رمز للأسرة في وطننا
                  من غير أنتبه تنسرب جدتي دائما بين نصوصي
                  لأنها تمثّل قيمة عظمى ..تداخلت في ذاكرتي ..على مرّ الزمان..
                  تعلّمت على يديها الشيء الكثير..
                  ولعلّ مشهد رفضها الموت في النصّ
                  قد استقيته من مشهد في اللاوعي
                  عندما عاشت جدتي امتحان رحيل أحد أولادها في عمل جراحيّ / خالي الأصغر رحمه الله/
                  كيف رفضت كلمات العزاء..مرددة بحدّة: لا تقولوا مات...
                  وكيف كانت تقف على النافذة التي تطلّ على شرفته عند كل صباح تناجيه.. وتناجيه..وتعاتبه على الرحيل إلى أن استقرّ في يقينها أنه مات ..
                  حينذاك استسلمت، وذوت بعده بفترة قليلة ..وصامت عن الكلام إلى أن لحقت به رحمهما الله..
                  أشكرك على هذه المداخلة القيّمة.. وعلى رأيك الذي يدفعني للإجادة أكثر
                  احترامي، وتقديري
                  حيّاااااااااااااكَ

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • نجاح عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 08-02-2011
                    • 3967

                    #24
                    يــــــــــــــــــــــــــــاه ..كم كنت رائعة ..مبدعة ...مُحلقة بنا بعيداً بعيداً ..
                    كي تضعيناُ وجهاُ لوجهٍ أمام تلك المأساة الإنسانية ...
                    إنه حنان الجدات ...وتعلقهن بفلذات الآكباد ..ألم يقولوا ( ما أعز من الولد إلا ولد الولد ) ...
                    إسألينا نحن الفلسطينيين عن هذه المأسي يا ايمان ..إسألينا كم جدّ دفن حفيده الشاب بعد أن اغتالتهُ مخالب
                    الإحتلال ...إسألينا كم جدةٍ رعّت تحت جناح شيخوختها فراخاً يقبع والداهما خلف القضبان ...
                    إسألينا كم عريسٍ رفعتهُ رشاشات قوى الغدر والإحتلال_ قبل يوم من زفافه_ إلى السماء إسأليني عن جدّ فقد
                    الآولاد والآحفاد في يوم واحد ..ليبقى وحيداً كزيتونةِ روميّة عجوز بلا أغصان ...وأنا أعطيك عناوين مئات الآجداد .
                    أطلبي مثالاً على أيّ مصيبةٍ خرجت عن حدود العقلوالمعقول ، ولم يستوعبها المنطق ..وأنا اعطيك الف مثالْ ومثال .

                    يا اختي العزيزة جرحكم هو جراحنا ..ونزيفكم روافدٌ لنزيفنا ...وما يدمي قلوبكم يقتل قلوبنا ،
                    نصك موجع ..وما ورد فيه أكثر من مؤلم ...واسلوبك راوٍ مبدع ..يعزف على ربابة الآحزان تغريبة عصريةً ..
                    ننصتُ لها بخشوعٍ وذهول ...مأخوذين بهذا المسرح التراجيديّ وتلك البطلة صاحبة العكاز ..والتي تنحني امامها قامة الصبر والتصبر ..
                    حبكة قصصية من ارفع طراز ...جعلتنا نعيش لحظات الفرح والزغاريد الشعبية الحميمية العبارات والآهازيج الراقصة ...وتحضيرات العرس
                    بكل تفاصيلها ودقائقها ..بل وتعليقات أبطالها ومشاكساتهم لبعضهم البعض بروح الدعابة والمرح ، وحين انغمسنا في الآجواء منتظرين
                    الآجمل ...تفاجنا الحقيقة المرة على لسان عابر سبيل ,,لتهوي بنا إلى من سماء الفرحة إلى قاع بئر المأساة ..
                    شكرا لقلمك المبدع اختي الاستاذة ايمان ...ومن تألقٍ إلى تألقٍ أكبر أن شاء الله .
                    التعديل الأخير تم بواسطة نجاح عيسى; الساعة 15-06-2012, 09:39.

                    تعليق

                    • سالم وريوش الحميد
                      مستشار أدبي
                      • 01-07-2011
                      • 1173

                      #25
                      الأستاذة أيمان
                      بين جمال الإبداع وجمال اللغة وجمال روحك سيدتي
                      تضيع كلمات المديح ، وأي كلام يسمو على قمة العطاء هذا
                      أذا كان الربيع عبدالرحمن يقبل يدك التي أبدعت هذه السمفونية
                      فماذا أقول أنا
                      غير أن أقف إجلالا وتقديرا لهذا الأدب السامق والذي أراه يعانق قاسيون
                      في شموخه ، حقيقة أن المرارة ومكابدات الأديب تخلق أدبا رائعا ،
                      كل النصوص الجيدة تجد لها ناقدا يخترق مغاليق أبواب النص ليفكها ويحللها
                      أما نصك الرائع فقد جعل من الكل نقادا ،
                      أرى أن ألردود كانت أبدع من أي نقد
                      لذا فتلفني حيرة وأنا أبحث عن مدخل أنطلق منه لتحليل هذا النص
                      أستاذتي العزيزة
                      كل الحب لك وكل التقدير لقلمك الراقي والمتميز
                      على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                      جون كنيدي

                      الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                      تعليق

                      • إيمان الدرع
                        نائب ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3576

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة نجاح عيسى مشاهدة المشاركة
                        يــــــــــــــــــــــــــــاه ..كم كنت رائعة ..مبدعة ...مُحلقة بنا بعيداً بعيداً ..
                        كي تضعيناُ وجهاُ لوجهٍ أمام تلك المأساة الإنسانية ...
                        إنه حنان الجدات ...وتعلقهن بفلذات الآكباد ..ألم يقولوا ( ما أعز من الولد إلا ولد الولد ) ...
                        إسألينا نحن الفلسطينيين عن هذه المأسي يا ايمان ..إسألينا كم جدّ دفن حفيده الشاب بعد أن اغتالتهُ مخالب
                        الإحتلال ...إسألينا كم جدةٍ رعّت تحت جناح شيخوختها فراخاً يقبع والداهما خلف القضبان ...
                        إسألينا كم عريسٍ رفعتهُ رشاشات قوى الغدر والإحتلال_ قبل يوم من زفافه_ إلى السماء
                        كلماتك أسالت الدموع ...ونكأت الجراح ...بهذا العزف على قيثارة الآشجان ..
                        سلمت يداك ودمت مبدعة ...اختي الآستاذة ايمان
                        الغالية نجاح:
                        أعرف أختي الحبيبة، أنّ جرح الأوطان واحد.
                        وأنّ الدمعة التي تسري من مآقي الأم المكلومة..ّ واحدة..
                        والفراق المرّ..يستبيح العمر، يهمّشه ..
                        فيصير الموت ..كالحياة..
                        رميت عن كاهلي هنا بعض عذابات..
                        نقطة من بحر كانت..
                        أريد أن أشكر قلباً من ذهب
                        أحيّي فيك تلك الروح الطيّبة
                        أتأسّف إن أصبتك ببعض شظايا حزني..
                        تسلمي لي نجاح..
                        لا حُرمتُ طلّتك..
                        محبّتي الكبيرة.
                        حيّااااااااااكِ.

                        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                        تعليق

                        • إيمان الدرع
                          نائب ملتقى القصة
                          • 09-02-2010
                          • 3576

                          #27
                          المشاركة الأصلية بواسطة سالم وريوش الحميد مشاهدة المشاركة
                          الأستاذة أيمان
                          بين جمال الإبداع وجمال اللغة وجمال روحك سيدتي
                          تضيع كلمات المديح ، وأي كلام يسمو على قمة العطاء هذا
                          أذا كان الربيع عبدالرحمن يقبل يدك التي أبدعت هذه السمفونية
                          فماذا أقول أنا
                          غير أن أقف إجلالا وتقديرا لهذا الأدب السامق والذي أراه يعانق قاسيون
                          في شموخه ، حقيقة أن المرارة ومكابدات الأديب تخلق أدبا رائعا ،
                          كل النصوص الجيدة تجد لها ناقدا يخترق مغاليق أبواب النص ليفكها ويحللها
                          أما نصك الرائع فقد جعل من الكل نقادا ،
                          أرى أن ألردود كانت أبدع من أي نقد
                          لذا فتلفني حيرة وأنا أبحث عن مدخل أنطلق منه لتحليل هذا النص
                          أستاذتي العزيزة
                          كل الحب لك وكل التقدير لقلمك الراقي والمتميز
                          أخي سالم
                          الأديب والناقد الكبير :
                          أعتزّ بمرورك الراقي
                          أتوقّف كثيراً عند رأيك بالنصّ.
                          وأصغي باحترامٍ إلى ملاحظاتك.
                          وضعت النصّ هاربةً من حمى مشاعر مفجعة، صلبتني عند مفرق الروح.
                          لم أفكّر على أي هيئةٍ سأشكّلهاعلى الورق..
                          كمن يأخذ ورقة بيضاء..فيرسم لاشعوريّاً، يكتب على سجيّته..من غير تخطيط..
                          هي نوع من العلاج النفسي الذاتي
                          لنزفٍ ماعاد يحتويه أي ضماد..
                          صارت الآلام تكتبنا
                          ولا نكتبها..
                          أشكرك أستاذ سالم
                          فأنا هنا بين أهلي، وأسرتي الكبيرة.
                          وقفتكم الكريمة، لن تغادر خاطري.
                          كم أعتزّ بكم وأسمو ..وأكبر!!!
                          احترامي، وتقديري..
                          حيّااااااااااااكَ.

                          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                          تعليق

                          • ربيع عقب الباب
                            مستشار أدبي
                            طائر النورس
                            • 29-07-2008
                            • 25792

                            #28
                            تستحقين و أكثر .. ان تكوني نجمة مساء الجمعة القادمة .. وكل جمعة
                            هي زفراتنا ، صرختنا في وجه ما يحدث هناك .. هناك في سوريا الحبيبة
                            فلتكوني نحن .. بكل ما نحمل !

                            تقديري لك و لمن كتبت !
                            sigpic

                            تعليق

                            • فوزي سليم بيترو
                              مستشار أدبي
                              • 03-06-2009
                              • 10949

                              #29
                              الأخت إيمان تكلمت بلسان شمولي عن هموم تجثم
                              فوق ظهورنا . في العراق في الجزائر في فلسطين
                              في سوريا في مصر . الجانب الإنساني في الطرح
                              أعطى للنص قوة وفرض على المتلقي أن يحترم
                              العمل وكاتبه .
                              كما قال أخي أحمد عيسى . في العادة تأتي
                              المفاجئة في نهاية القصة . أما أن تأتي في الوسط
                              فهذا إبداع فريد أمسكت به أخت أيمان بحرفية
                              عالية وإتقان .
                              عرس حمدودة غدا عنوانا للأعراس التي تقام في
                              ذهن المحيطين بالعريس وغير مصدقين رحيله .
                              في حين عرس الشهيد عندنا في فلسطين يقام ويزف
                              العريس بعد استشهاده .
                              يا لعبثية القدر وقسوته !
                              تملكني الحزن ونال من وقاري يا أخت إيمان .
                              فبكيت .
                              فليباركك الله
                              فوزي بيترو

                              تعليق

                              • مالكة حبرشيد
                                رئيس ملتقى فرعي
                                • 28-03-2011
                                • 4544

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                                عرس حمّودة

                                نقرتْ الباب بعكّازها، تصيح بصوتها المكدود:

                                ـــــ يا أهل الدار:أما زلتم نائمين؟! اليوم عرس حمّودة..هيّا انهضوا...

                                هالة تفرك عينيها متثائبة ــ جدتي: الفجر لمّا يطلع بعد، قد أنهكت أجسادنا تدابير العرس، فلم تغمض عيوننا إلاّ للتوّ.

                                تدفعها مداعبة: كسولة أنت، وكالنعناع طريّة..خلّني أدخل حجرة أمّ العريس ..الويل لها إن كانت غير صاحية بعد..

                                الأمّ تضحك ضحكةً مكتومةً، وهي تنزع عنها الغطاء،تتجه بخفّةٍ نحو فناء الدار.

                                الجدّة تناجي وجهاً لايغادرها، يتصدّر الجدار:

                                ـــ انظر قاسم: حمّودة صار عريساً، كالنخلة تطاولتْ قامته، افرح ياولدي،واهنأ في رقدتك.

                                يسألها حمّودة وهو يطبع قبلة على كفّها المتغضّن:

                                ــــ جدتي: أما زلتِ تناجين طيف حبيبك الراحل؟؟؟

                                ـــ أزفّ له البشرى، ألم أحمل عنه الأمانة!!؟؟ ربيتكم في حضني،وسقيتكم ماء عيني؟؟ تعال أقبّلك، أعانقك، ما أطيب شذاك!!!

                                وأطلقت زغرودة ملعلعة، تشقّ فضاء الصبح الهادئ:

                                (((أوييها.. حوّطتك بياسين، أوييها .. يازهر البساتين، أوييها... وحمّودة حلو.... أوييها ...وماطبق العشرين..ولولو...ش..)))

                                الأمّ تشاركها الزغرودة، وهي ترتّب الأسرّة : ـــ نكافئك يوم عودتك من الحجاز يا حاجّة.

                                تصل العمّة، تحمل على رأسها طبق الخبز التنّوري، تضاحك الجدّة:

                                ــ على رسلك أمي، لم يحظَ ولدي سعيد بمثل هذه الحفاوة يوم عرسه،اييييييه الدنيا حظوظ، لا عجب، إنه حمّودة حبيب قلبك.

                                تشدّه من جديد إلى صدرها:ــ نعم هو حشاشة كبدي، ولد الغالي، انتظرت هذا اليوم طويلاً، كفّي عن الثرثرة وجهّزي القهوة المرّة، أخاف أن يسبقنا الوقت، وأنت حمّودة : البس ثياب عرسك، خلّني أتأمّلك..

                                يتملّص منها مقهقهاً: بعد الحلاقة سأفعل ..

                                تفوح رائحة الياسمين، ممتزجة بأبخرة الطعام الشهيّ المعدّ للضيوف.

                                عماد يوزّع الكراسي في صحن الدار، بعد أن مدّ حبال الإنارة بين قضبان العريشة، يرسل لأخيه حمّودة ..نظرات حنانٍ مجدولةٍ بالفرح.

                                بدأ الضيوف بالتوافد، الكراسي تُملأ تباعاً، صوت الجار عادل يهدر زاجلاً، يترنّم الجميع، الدفوف تشاغب الأشعار، تهتزّ كخصر صبية صاخب الإيقاع، النسوة تزغرد، تفيض من حناجرها جميع فنون الحبّ المكنوز في الصدور النقيّة، لينطلق على فطرته دون قيود، حمّودة هو ابن الضيعة المحبوب، طيّب، دمث الطبع، شهم، حيّي.

                                تزداد وتيرة الغناء، الدبكة أشعلت فتيل الفرح، الصبايا تناثرن كالورود في أديم الدار، تقطر خدودهنّ خجلاً، من عيون أفراسٍ تسترق بعض نظرات، لأحلامٍ قادمةٍ ..

                                يأخذ الجدّة الحماس، تهبّ لتقف وسطهم، تحمل عكّازها، تهزّها في الهواء، ترقص، أعظامها الناتئة تشتكي،لا تبالي، مازالت ترقص، تلهث، تتقطّع أنفاسها، تجرّها لتزغرد على وهن، تطلق مواويلها، يأخذها عصفٌ من اللهاث، تجلس على حافة حجر الحوض .

                                ظلّان لشابين يافعين، يمرّان من جانب البيت، خرجا للتوّ من الجامع بعد صلاة الفجر، يضربان كفّاً لكفٍّ : لا حول ولا قوّة إلا بالله، جُنّت العجوز، من يوم أن أُزهقتْ أرواح أحفادها ، وأمهم..على أيدٍ تتريّة النصل، مجنونة الحقد، أحالت شراشف أسرّتهم البيضاء، إلى بركان دم يتفجّر لعنات على البشرية كلّها.

                                منذ هذا اليوم الأسود وهي تأتي في نفس التوقيت، تحاكيهم، تقبّل أطيافهم، تحتضن تردّد أنفاسهم، نعم جُنّت وذهب عقلها ــ أعانها الله ــ لم تستوعب بعدُما حصل لهم، ترفض تصديق ماجرى، إنها تراهم حقيقة، وتخمش مولولة وجه كل من يقول لها: إنهم ماتوا.

                                سمع المزيد من رجال الضيعة أصواتها المذعورة، فتوافدوا تباعاً.

                                كانت ما تزال بيأسٍ تستجدي حضورهم مردّدةً: ــــ قوموا..أفيقوا ، ردّوا عليّ، أينكم؟؟؟ أينكم ؟؟قومووووا..يا أهل الدار!!

                                بحّ صوتها بانكسار، وابتلعت الكثير من حروفٍ لم تعد مفهومة..

                                ــ تعالي يا حاجة : هيا معنا ، ليسوا هنا ، تعالي ياخالة.

                                تتملّص من بين أيديهم: دعوني..اتركوني يا كفرة، لن أذهب معكم قبل أن أزفّ حمّودة، اليوم عرسه، وراحت تخبط العكّاز بالأرض يمنة ويسرة، وهي تميل بجسدها النحيل على وهنٍ: شوبااااااش للعريس..حوّطتك بياسين...

                                ثمّ راحت تلطم خدّيها، وتشقّ جيبها، تقرفص متكوّمة على بعضها كظلّ أسودَ هزيلٍ، أخذ يمتدّ ليغطّي كلّ المساحات، مطلقةً صرخةً، أدمتْ بزوغ الفجر،هزّت غضب الريح:

                                آااااااااااااااااااااااااه .......... يا اولاااااااااااادي.

                                .................................................. .......................... مساء 5/6/2012
                                هي خفقة تهرب من الشرايين
                                لتفسح الطريق أمام النشيج
                                فالضفة المشتهاة
                                على بعد زغرودة
                                وكثير نزيف
                                هو ظلام الامس يمتد فوق المسافات
                                لكن الظلال ستنهمر فوق الفصول
                                لتزهر الحياة في المدى

                                ما اروعك ايمان..... وانا اقرا لك
                                احسني بين الشخوص ...اكلمهم ...المسهم
                                اسمع الصراخ والزغاريد لأجدني في النهاية
                                قرب ايمان وهي تداعب القلم.....
                                تهدهده طفلا مدللا بين يديها
                                كيف لا وقد ابدع من حبر المها ...هذه الايقونة الرائعة

                                تعليق

                                يعمل...
                                X