(20)
دخل رائد المخابرات على قائده متهلل الوجه, و هتف فرحاً:
- ألف مبروك يافندم..خلاص قضينا على هنداوي ..و أكيد بقى دلوقتي جثه متفحمه..!!
انفرجت أسارير لواء المخابرات لأول مرة, و سأله في لهفة:
- بجد..ياسيادة الرائد..؟! لا دا إنت هتترقى أكيد.. و تبقى مقدم..لو الخبر ده صحيح فعلاً..!!
انتشى الضابط من السعادة, و شد قامته قائلاً:
- أكيد يافندم..إحنا بنستخدم أحدث التقنيات التكنولوجيه إللي أكدت لنا ..إنه..أقصد جثته ..لسه موجوده في الموقع بعد لما ساويناه بالأرض ..و دكيناه بالصواريخ و الطيران..!!
توترت عضلات وجه اللواء , و قال في حدة:
- يعني إنتو لسه متأكدتوش من موته..لحد دلوقتي..؟! إنت إزاي تيجي تبلغني بخبر قبل ما تتأكد يا سيادة النقيب..!!
جزع الضابط , و خشي أن يهبط بالفعل إلي رتبة نقيب وقال في سرعة:
- يافندم حضرتك نبهت عليا إني أبلغ سيادتك بالتطورات أول بأول..!! و إحنا لسه منفذين الطلعه الجويه الفجر النهارده..وصور القمر الصناعى لسه وصلاني حالاً..ومافيش قوات لسه قدرت توصل للموقع على الطبيعه..!!
هدأت ثورة اللواء قليلاً لكنه قال في انفعال:
- وإنت بقه هتتأكد إمتى ..؟! و إزاي هنعرف إن هنداوي مات فعلاً ..و إنت بتقول إنه بقى جثه متفحمه..؟!
ابتسم الرائد أخيراً , و قد شعر بمدى جهل ذلك اللواء بالأساليب التكنولوجية الحديثة ,و قال ساخراً:
- يافندم إحنا هنعمل تحليل دي إن إيه للجثه..و نقارنها بالعينات اللي عندنا اللي خدناها منه لما كان معتقل..!!
تنحنح اللواء , و قال في حرج:
- أيوه.. أيوه..بس ياريت متتأخروش ..وتبلغني أول ما تتأكد..لإن الراجل ده خطير جداً ..و ألعبان ..و بسبع أرواح..أنا خايف أفتح التليفزيون أفاجأ به قدامي..!!
ضحك الرائد طويلاً , و قال بثقة:
- متقلقش يافندم..إحنا متأكدين المرادي إنه استحاله يكون نجى من العمليه ديه..!! و صور القمر الصناعي إللي بتتعقب جهاز التتبع المزروع في ضهره.. بتأكد كده..!!
ابتسم اللواء في سعاده , وقال للرائد باستهزاء :
- ربنا يطمنك..افتحلنا التلفزيون بقه نشوف ..شوية الإرهابيين إللي طالعين النهارده ..هيعملو ايه..؟!
فتح الرائد التلفزيون وأخذ يتنقل بين القنوات التي تغطي التظاهرات , و فجأة وقف مشدوهاً ,أمام أحدى القنوات و فتح فمه في بلاهة فنظر له اللواء , و سأله في دهشة:
- فيه إيه يا حضرة الرائد..؟!
فلم يستطع الكلام و أشار بيد مرتعشه , التفت اللواء في بطء نحو شاشة التليفزيون , فجحظت عيناه و أصيب بنوبة قلبية , لفظ على إثرها أنفاسه الأخيرة .
(يتبع)
اترك تعليق: