الصفحة الجديدة للنصوص المرشحة للترجمة

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #16
    البحث عن فكرة
    في إحدى الليالي الخريفية، قرّرت الذهاب إلى حانتي المفضلة. كنت أريد أن أنسى هموم الكتابة،و متاعبها ولعنتها الأبدية.. قد صدق "حنا مينة" في قوله:" ملعونة الكتابة إلى يوم القيامة". جلست في ركن خلفي من الحانة،حتى أتمكن من مراقبة كل شىء فيها..روادها، إكسسواراتها وكل ما يدور بداخلها. كانت الحانة ممتلئة عن آخرها. أشخاص كثيرون يرتادون الحانات ليلا، للتفريج عن متاعبهم ومشاكلهم اليومية..الخمرة، تلك المعشوقة الأزلية، تجعلنا نفرغ ما بدواخلنا من آهات ومكبوتات وعقد ونزوات..إننا نؤدي البعض من طقوسنا فليباركنا الإله"ديونيزوس". في تلك الحانة،كنت أرى الأقنعة تتساقط الواحد تلو الآخر.. كنت أرى الأشخاص على حقيقتهم بعيدا عن الكبرياء والتصنع. في أحايين كثيرة أخلاق الإنسان الحقيقية تتجلى عند احتساء النبيذ. ماأروع أن تستمع الى الأشخاص وهم يتحدثون لغة أعماقهم وذواتهم الذاخلية.
    كم تبهرني تلك الأجواء الليلية الساحرة داخل الحانة ..ضجيج الزبناء..رنين دراهم بائعي السجائر بالتقسيط..صياح بائعي الفول والحمص..موسيقى " راديو كاسيط " .. الكل يؤلف سيمفونية ليلية عجيبة ليست كباقي السيمفونيات. بدأت أشرب بكل حواسي، فسحر المعشوقة الأزلية يضاهي سحر امرأة جذابة وفاتنة..سحر يأسر النفس والقلب، ويجعل المرء يكتشف إكسير الحياة و السعادة .
    سكرت بما فيه الكفاية. سكرت معي حتى أفكاري وشخصيات قصصي، ربما تفصح لي عن سبب امتناعها عن الخروج من العدم إلى الوجود . أجهزت على كل المبلغ الذي كان بحوزتي.. لم يبق منه ولو فلسا واحدا. غادرت الحانة في وقت متأخر من الليل. كان الجو مضطربا، ينبىء بحدوث شىء ما ليس في صالحي.كنت أحس بإحساس غريب..فغالبا ما يصدق حدسي، وتتحقق تنبوءاتي. الشوارع فارغة إلا من مرور بعض سيارات الأجرة، وبعض دوريات الشرطة. توقفت لأنادي على سيارة أجرة تأخدني الى بيتي، فقدماي كانتا لا تطيقان المشي. تذكرت أن جيوبي فارغة كفراغ خيالي. أطلقت العنان لقدماي-رغما عنها- لتأخدني الى بيتي، كما أطلقت العنان لخيالي علّه يجود عليّ بفكرة أجعلها موضوع قصة أدبية مشوّقة. بدأت أمشي ببطء، تائها في صحراء خيالي . كنت تارة أمشي بخطوات بطيئة، وتارة أخرى بخطوات سريعة..كنت أمشي على إيقاع أحداث القصص التي ينسجها خيالي..عندما تتصاعد الأحداث أسرع في المشي، وعندما تتراجع تتثاقل خطواتي. ما يحيّرني هو أنه عندما أكون خارج بيتي يراودني خيالي ويطاوعني، فيجود عليّ بقصص أنسج أحداثها بسلاسة مدهشة ، بل أشعر أنني أتحرّر من الرقيب الذي يحاصرني، و يسيطر عليّ ..ويخنق أنفاسي.
    بعد فترة، وجدت نفسي أمام باب بيتي. لم أعرف كيف وصلت بتلك السرعة. أخرجت مفتاح البيت من جيبي، وهممت بفتح الباب، لكني توقفت فجأة. بعد مهلة تفكير، قرّرت أن أقوم بجولة في الحي، خاصة أنه لم تكن لي رغبة في النوم. ربما يساعدني هدوء الحي على اقتناص فكرة رائعة أو مشهد إنساني عابر. كان الحي هادئا، إلا من مواء بعض القطط ونباح بعض الكلاب المتسكعة. أخدت أمشي جيئة وذهابا، دون وعيي. بعد لحظة، عثرت على فكرة..راقت لي، فبدأت في تطويرها، وزرع الحياة في شخصياتها. ماأعظم عملية الخلق والإبداع. عدت أدراجي في اتجاه بيتي. امتلكتني رغبة جارفة في الدخول الى مكتبي، وتحرير ماجاد به عليّ خيالي في تلك اللحظة السحرية من الليل.
    فجأة، توقفت بالقرب مني دورية للشرطة. نزل منها شرطيان بخفة فائقة، كأنهما يبحثان عن مجرم خطير. وقف أحدهما على يميني والآخر على يساري ، ثم خاطبني أحدهما:
    -ماذا تفعل في هذا الوقت المتأخر من الليل؟ ثم أضاف، دون أن يترك لي فرصة للجواب، قائلا:
    -بطاقة هويتك. بدأت أفتش، باندهاش كبير، في جيوبي الخاوية عن بطاقتي الوطنية قائلا:
    -أنا إبن الحي..أبحث عن فكرة، ثم أضفت بحماس شديد، مُشيرا بإصبعي:
    -هناك، يوجد بيتي..في تلك الواجهة المقابلة.
    خاطب أحدهما الأخر قائلا:
    -سكران، ويعربد..يجب أن نأخده للتحقيق في هويته.
    احتججتُ على قولهما بشدّة، لكن الكلمة الأخيرة كانت لهم.

    في إحدى الليالي الخريفية، قرّرت الذهاب إلى حانتي المفضلة. كنت أودّ أن أنسى هموم الكتابة،و متاعبها ولعنتها الأبدية.. قد صدق "حنا مينة" في قوله:" ملعونة الكتابة إلى يوم القيامة". جلست في ركن خلفي من الحانة، حتى أتمكن من مراقبة كل شىء فيها..روادها، إكسسواراتها، وكل ما يدور بداخلها. كانت الحانة ممتلئة عن آخرها.


    لجنة ترشيح النصوص=
    مالكة حبرشيد=تم
    عبد الرحيم محمود / تم .

    تعليق

    • حسن لختام
      أديب وكاتب
      • 26-08-2011
      • 2603

      #17
      حسن لختام
      قاص من المغرب
      تاريخ الازدياد:1971


      lakhtame@gmail.com

      حاصل على شهادة البكالوريا(أدب عصري)..سنة أولى شعبة الأدب الإنجليزي(جامعة القاضي عياض)
      -حاصل على شهادة تقديرية في مادة "السيناريو والمونطاج" (1995-1997) من النادي السينمائي الثقافي التابع لجامعة القاضي عياض، مراكش (المغرب)

      -عضو في اتحاد كتاب المغرب سابقا
      -مشارك في أضمومة قصصية جماعية مع نخبة من المبدعين المغاربة والعرب "طريق الشفاه" الناشر: جامعة المبدعين المغاربة
      -نشرت لي مجموعة من القصص القصيرة والقصيرة جدا في جريدة المنعطف الثقافي المغربية..

      تعليق

      • حسن لختام
        أديب وكاتب
        • 26-08-2011
        • 2603

        #18
        البحث عن مكان لدفن السيد مسعود
        كنت أنتظر بفارغ الصبر قدوم "الأتوبيس" ليلقي بي قرب الجامعة. ذلك اليوم كانت عندي محاضرة مهمة في علم"اللاهوت". بعد طول انتظار ظهر الشبح، فرميت بنفسي داخله كبقية الحشود. صراخ وازدحام، وسب وشتم بين الركّاب..لامكان للوقوف ولو برجل واحدة. كان "الأتوبيس" يتقدم ببطء شديد، وكانت درجة الحرارة لاتطاق.
        كنت أشعر بالإختناق، حتى أنني قرّرت في لحظة من اللحظات أن أقفز من النافذة، وأنفذ بجلدي وروحي من تلك المأساة. لكني تراجعت عن قراري. فإن قمت بحركتي الجريئة تلك، سيتهمونني- بالتأكيد- أني سرقت شيئا ما من أحد الركّاب، وأحاول الهرب عبر النافذة . فقرّرت النزول عند أول محطة.بدأت أتقدّم بصعوبة بالغة نحو باب الخروج. كنت أقاوم أمواجا بشرية هائلة لكي اتقدّم بخطوة واحدة. فعلا، كان الأمر لايصدّق.
        فجأة أثار انتباهي صندوق خشبي ليس غريبا عنّي، يحمله أربعة اشخاص على أكتافهم. أصابتني الدهشة، ولم أصدّق مارأته عيني. تساءلت في نفسي:
        -هل أنا على وعي أم سكران؟
        تأكدت أنني لم أتناول شيئا يفقد العقل ذاك الزوال، فغالبا ماكنت أتناول كمية كبيرة من النبيذ ذي المفعول القوي. همس أحد الركّاب في أذني قائلا:
        -سمعتهم يقولون أن حارس المقبرة منعهم من القيام بعملية الدفن; إنهم لايتوفرون على شهادة التصريح.
        تجمدت في مكاني، ولم أنطق بكلمة. ثم أضاف الراكب، الذي كان ملتصقا بي من شدّة الإزدحام، وهو ينظر إلى النعش بفضول زائد قائلا:
        - يقولون كذلك أنه توفي إثر سكتة قلبية مفاجئة، بعد سنوات من القهر والإستبداد في حق أهله وذويه، وكل خلق الله. إنه يدعى "السيد مسعود" والذين يحملون النعش هم أبناؤه..طالما تمنوا من الزمن أن يعجّل برحيله، ويخلّصهم من جبروته وطغيانه.
        "الأتوبيس" يتقدّم وهو مكدّس بمختلف الأجساد الآدمية..أياد تقبض بقوة بالمشاجب، وأخرى تتمسك بالنعش تفاديا للسقوط أثناء اهتزاز "الأتوبيس" بسبب الحفر المثناثرة على طول الطريق.
        توقف "الأتوبيس" أمام مستودع الأموات. ترجّل الأشخاص الذين يحملون النعش، وانطلقوا كالسهم داخل المستودع. دفعني الفضول، لمعرفة نهاية تلك القصة الغريبة، إلى أن أقفز خارج "الأتوبيس" بحركة خفيفة وسريعة، غير آبه بالركاب. تهاطل عليّ وابل من السب والشتم بسبب حركتي البهلوانية، التي أزعجت كل من كان يعترض طريقي. تابعت سيري، ولم أعر أي اهتمام لتلك الشتائم واللعنات.

        يتبع

        لجنة ترشيح النصوص=
        مالكة حبرشيد=تم
        عبد الرحيم محمود / تم .

        تعليق

        • حسن لختام
          أديب وكاتب
          • 26-08-2011
          • 2603

          #19
          توقف الأشخاص الذين يحملون النعش أمام مكتب الطبيب المختص بالأموات. ارتكنت في زاوية مقابلة لهم، وبدأت أراقبهم دون أن ألفت الإنتباه. بدأ الجميع ينتظر..طال الإنتظار، ولم يظهر الطبيب المزعوم.
          تدخّل طبيب آخر لحل المشكلة. فوجىء الطبيب بأن الجثة قد أُخد منها القلب والكبد، وأعضاء داخلية أخرى. تفاديا للمشاكل قام الطبيب بتسليم الأبناء شهادة التصريح بدفن الميّت. حُملت الجنازة على الأكتاف، وانطلق الجميع مهرولين باتجاه إحدى مقبرات المدينة. صرخ أحد المارّة قائلا:
          -ليس من السنة التعجيل بالدفن.
          ردّ عليه شخص آخر بثقة عالية في النفس قائلا:
          -بلى، إنه من المفروض والمؤكد التعجيل بدفن الميت.
          تابعنا سيرنا، دون أن نعرهما أدنى اهتمام. اكتفيت فقط بالردّ عليهما في قرارة نفسي قائلا:
          -لاحاجة لنا بالفتاوى..ادخرا فتواكما لنفسيكما، أو اذهبا إلى الجحيم.
          بعد فترة، وصلنا المقبرة وهمّ أبناء السيد مسعود بالدخول. لكن حارس المقبرة منعهم من ذلك. أخبرهم بأنه تمّ إيقاف الدفن بتلك المقبرة منذ مدّة طويلة. ثم نصحهم بالتوجه إلى إحدى المقبرات الحديثة العهد، تتواجد خارج المدينة.
          بعد أن استعاد الحاملون للنعش أنفاسهم، انطلقوا، مرّة أخرى، مهرولين باتجاه المكان المحدّد. أطلقت بدوري العنان لساقيّ خلفهم.. كنت ألهث من شدّة التعب، وبدأت أُحس بوخز يؤلمني في باطن قدمي .. تمنيت أن تنتهي تلك التراجيديا في أسرع وقت، حتى أتمكن من العودة إلى الجامعة لحضور المحاضرة المرتقبة ذاك اليوم.
          أخيرا وصلنا المقبرة المحدّدة. هذه المرّة، لحسن الحظ، نجح أبناء السيد مسعود في إيجاد مكان لدفن والدهم.
          وُري جثمان السيد "مسعود" وانتهى أمره. لكن، بقي قلبه بكل مكنوناته..بما فيها ذاكرته.

          كنت أنتظر بفارغ الصبر قدوم "الأتوبيس" ليلقي بي قرب الجامعة. كانت عندي محاضرة مهمة في "علم اللاهوت". بعد طول انتظار ظهر الشبح، فرميت بنفسي داخله كبقية الحشود. صراخ وازدحام، وسب وشتم بين الركّاب..لامكان للوقوف ولو برجل واحدة. كان "الأتوبيس" يتقدّم ببطء شديد، وكانت درجة الحرارة لاتطاق. كنت أشعر




          لجنة ترشيح النصوص =
          مالكة حبرشيد=تم
          عبد الرحيم محمود / تم .

          تعليق

          • حسن لختام
            أديب وكاتب
            • 26-08-2011
            • 2603

            #20
            كنت أنتظر بفارغ الصبر قدوم "الأتوبيس" ليلقي بي قرب الجامعة. كانت عندي محاضرة مهمة في "علم اللاهوت". بعد طول انتظار ظهر الشبح، فرميت بنفسي داخله كبقية الحشود. صراخ وازدحام، وسب وشتم بين الركّاب..لامكان للوقوف ولو برجل واحدة. كان "الأتوبيس" يتقدّم ببطء شديد، وكانت درجة الحرارة لاتطاق. كنت أشعر

            تعليق

            • حسن لختام
              أديب وكاتب
              • 26-08-2011
              • 2603

              #21
              في إحدى الليالي الخريفية، قرّرت الذهاب إلى حانتي المفضلة. كنت أودّ أن أنسى هموم الكتابة،و متاعبها ولعنتها الأبدية.. قد صدق "حنا مينة" في قوله:" ملعونة الكتابة إلى يوم القيامة". جلست في ركن خلفي من الحانة، حتى أتمكن من مراقبة كل شىء فيها..روادها، إكسسواراتها، وكل ما يدور بداخلها. كانت الحانة ممتلئة عن آخرها.

              تعليق

              • ابن عسكر
                أديب وكاتب
                • 10-01-2013
                • 274

                #22
                بسم الله الرحمن الرحيم
                ابن عسكر /لقبى
                سيد يوسف الجهنى /إسمى
                كاتب قصة وشاعر
                مصرى من إحدى قرى سوهاج (باصونة )
                أتمنى أن ان تجد مشاركتى قبول ورضى

                تحت جناح الليل البهيم؛وسجل هائل فى أورقة الزمان ؛يتأرق جفنه؛والدنيا تداعبه؛ يناشدها المرور،لم يكن بخلده شئ يعوق مسيره،فراغ هائل، ومتلبات الحد الأدنى محجوزه أمامه ،يوقظه هاتفه المحمول،تمتد يده تقترب رويدا رويدا تلتقط أذنه الصوت القادم، ينتشى من رقاده، ينساب الدم إلى وجهه الزابل ،يتصبب عرقا،يكاد يقفز من الفرح ،تلتمس الوجدان الصدق



                الفرج
                تحت جناح الليل البهيم؛وسجل هائل فى أورقة الزمان ؛يتأرق جفنه؛والدنيا تداعبه؛
                يناشدها المرور،لم يكن بخلده شئ يعوق مسيره،فراغ هائل، ومتلبات الحد الأدنى محجوزه أمامه
                ،يوقظه هاتفه المحمول،تمتد يده تقترب رويدا رويدا تلتقط أذنه الصوت القادم، ينتشى من رقاده،
                ينساب الدم إلى وجهه الزابل ،يتصبب عرقا،يكاد يقفز من الفرح ،تلتمس الوجدان الصدق ،إنه الفرج
                ويسبح فى مجراه الجديد ،وقد كبلته الدنيا بقيود من حديد






                المشاركة الثانية



                الشقة التى تقابله قبل الولوج إلى شقته مصفدة نوافذها ؛لايطرقها الهواء ؛هادئة ساكنة؛المصادفة صنعت المواجهة المرأة التى دلفت للتو لداخلها؛تشاطر القمر إكتماله؛باب الهوى فى القلب إنفرج على مصرعيه؛زاد احتماله؛ظننا إنها وحيدة؛داعبته هواجس الليل ,وأحرقته؛تملكته الرغبة للمثول ؛ تقدم وطفله الذى حمل به فى ليله يئن؛يطل بعلها متسللا من شقة



                الشقة المقابلة
                الشقة التى تقابله قبل الولوج إلى شقته مصفدة نوافذها ؛لايطرقها الهواء ؛هادئة ساكنة؛المصادفة صنعت المواجهة المرأة التى دلفت للتو لداخلها؛تشاطر القمر إكتماله؛باب الهوى فى القلب إنفرج على مصرعيه؛زاد احتماله؛ظننا إنها وحيدة؛داعبته هواجس الليل ,وأحرقته؛تملكته الرغبة للمثول ؛
                تقدم وطفله الذى حمل به فى ليله يئن؛يطل بعلها متسللا من شقة الباب الموارى ؛تناطح الرأس رأسه عند الإستقامة ؛يقر فى قرارته يا ليته قرأ الخطاب ولم يضع رأسه عند الباب


                لجنة ترشيح النصوص
                مالكة حبرشيد=تم
                عبد الرحيم محمود / تم .

                تعليق

                • مالكة حبرشيد
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 28-03-2011
                  • 4544

                  #23
                  مالكة حبرشيد من المغرب
                  استاذة لغة عربية
                  اكتب قصيدة النثر والخاطرة والقصة القصيرة والقصيرة جدا
                  باكورة اعمالي=ديوان زهرة النار
                  وديوان مشترك مع القاص والروائي الكبير ربيع عقب الباب بعنوان=بين هدير البحر ..ولهاث الغاب
                  تحت الطبع =سيف النهار =مجموعة قصصية
                  بين الجليد والرماد =ديوان شعري


                  سيف النهار =
                  =========
                  توضأ الوجع ببرق الوعي ؛ استعدادا لصلاة الفتح .
                  عند التكبيرة الأولى .. انشقت أبواب السماء،
                  تعلن رفع الحصار عن الظنون والأفكار المعتقلة،
                  ... منذ أن هتك الظلم حجاب الشمس.
                  التراتيل أشلاء تنكش قبر الأمل ، تكنس عتبات الحياة،
                  من بقايا العجز ، ووخزات الخوف ، وما خلفه زجر الماضي
                  وسوط الصبر الذي أمضى عقودا طويلة ، في جلد الذوات.
                  وسط الميدان. سطع النور من جثة الشهيد ،
                  يبعث النبض في صقيع الذاكرة المثخنة بالذل والإهانة .
                  تحت المئذنة امرأة شلحت ثيابها ، تعلقت بحلمتي العراء؛
                  تستمد القوة من القهر ؛ لترضع الطفل الذي شق نواحه عنان السماء.
                  فيشتد ساعد الرفض ، وينمو التمرد،
                  ليوقف زحف السنين العجاف ، نحو المساحات الخضراء .
                  مازال الليل يتوسد التناهيد ، وصغار الحلم تلهو وسط طقس خلق الأشلاء ، ملائكة تدك الجدار .. فالجدار فالجدار.
                  تتداعى الكراسي ، والأسرار المكنونة خلف المرايا،
                  صيحات الموتى تفتح معاقل الجهل ، النور يتسرب إلى صدر الفجيعة،
                  يوقد النار في جذع شجرة ، تحت ظلها ينام الأمير.
                  على الجنبات شقائق النعمان ، تعزف الأناشيد.
                  تتهاوى النوتات ، كما تتهاوى عبالة اللقلاق. تخلت الأغصان عن دورها ، استجابة للدمع المتخثر ، في الساحات وعلى الأرصفة.
                  الملك في عربته المعتادة ، تجرها غزلان متعبة متهالكة،
                  يصرخ فيهم بأعلى ظلمه =تحركوا أيها السفلة ...لابد من صعود هضبة العصيان ، قبل أن تكتمل دورة الغروب .
                  أقيموا صلاة الخضوع ، ليلي مازال طويلا ، كيف ينجلي وهو في أوله؟
                  براءة شرسة تشد العربة نحو الأسفل ..تعلن انتهاء رطانة اللئام.
                  سواد الماضي يعتلي شوارب الفحولة المزيفة ،
                  قرابين الموت ما عادت تجدي ، لإطالة حياة مرهونة بحقن القمع،
                  ومهدئات التخويف ، وما جد فيه العرافون من خرافات التهويل .
                  تخر الأبراج الوهمية ، لاستكبار الشمس ، بعدما طعنها سيف النهار ،
                  وصار الشهيد نجما ثاقبا لرخام الصمت !

                  رقصة الموت اقترب منها رجل في مقتبل الشيخوخة تم الاتفاق ...ورافقته الى الدار....حيث تكتمل فصول الحقيقة. وعلى أصوات موسيقى صاخبة تبلغ بقوة مسامع الأمن ترقص ...وترقص متعبة ...منهكة ...لكن لابد أن ترقص... سقطت على الأرض...لفظت أنفاسها



                  ضاع العمر يا ولدي=
                  ===============

                  عبارة نقشها الصبر على جدران الحقيقة،
                  مذ انتابني أول مخاض ؛
                  كي أضع الابتسامة جنينا معاقا،
                  لا يستوي على ملمح.
                  أقامت الدمعة حفل عقيق بحضور ما مات مني.
                  أما ما تبقى،
                  فقد كان عند براح المدينة الساخرة؛
                  حيث الوجوه تعاقر العصي التي وضعها الواقع عائقا،
                  في طريق عجلة الزمن.
                  كان حفل الحب كبيرا،
                  بما يليق بعصفورين بلا وطن ..
                  بلا حدود ترسم خارطة الامتداد.
                  العيش في قفص صديء.
                  وكنا وليمة العشق،
                  إلى أن نسفت نبضي قذائف الكذب ..
                  صار الحب معاقا ، يحتاج إلى كرسي متحرك
                  كي يجوب أروقة المتاهة.


                  قدري - منذ نعومتي- أن أكتب دون مقدمات،
                  أهذي كثيرا عند منتصف البوح ، أفر منطوية على آخر جرح؛
                  كي لا يزهر الصمت ، وتفوح رائحة الموت.
                  أدرك أني أدمنت كأس الهروب ،
                  وأن الهزائم تتعقبني،
                  أن عيونا بلورية هناك في الأفق - حيث امتدادي - ترصد كل سكناتي،
                  و كلما فكرت في تقسيم أشلائي بين ورثتي الطيبين ؛ لاح الذعر من بين شراييني - التي جففها الانتظار- ليحتفل وحده بمأتمي،اعتقادا منه أني كنت الطريدة المبتغاة ؛ فلا تنازل عن رفاتي ، مهما بكت الذكريات الظامئة في الزوايا ، اهتزت الصدفات استجداء، ومهما أعلنت على مرأى ومسمع العاصفة توبة نبضي الجريح.


                  أحتاج دما لا يغادر صهوة الريح ؛ لأشعل الروح فيما تبقى مني.
                  ترى ماذا يشتهي طائر جريح ، حين يصاب بأكثر من رصاصة ، ولم تزهق روحه ،غير العودة من العتمة ، التواثب نحو النور ينطوي على أنينه ؛ عله يستجمع ذواته، ليتحدى ركام العجز ، وعوائق الضعف ؟
                  كنت كاذبة جدتي ، حين قلت إن الحلم طائر فينيق ، مهما انجرح يستجمع نفسه، ينهض من الرماد أقوى من ذي قبل!
                  ما بها أحلامي لا تغادر غرفة الإنعاش ،
                  ما به حضوري لا يبرحه الغياب ؟
                  وعيوني تحصد الأجوبة في غرفة باردة،
                  لا يدفئها غير تنفس اصطناعي-لا يسمن ولا يغني - ، لكنه يطيل المخاض، من أجل حياة أدرك جيدا ، أنها تحتاج المال والبنين ؛ لأنهما زينة الحياة . لكني لم أقرأ في كتب الأنبياء:كيف يموت المال ، ويعتاش البنون على الجوع والظمأ ؟
                  كيف تموت الأبجديات ، وترسم القصائد لوحات الحب ، على جدران هدتها المنايا ؟

                  سقطت كل التفاصيل . فقدت بوصلة كانت تقودني في دروب الغربة . لا عاصم اليوم من الرحيل ؛ فقد انتهى زمن المعجزات.
                  جمعت ذكرياتي في حزمة كبيرة، قبلت شجو العلاقة المنزوي في ركن الهزيمة ، ثم اتجهت نحو ثقب حفرته- منذ خيبة واستسلام - في غرفة كنت فيها ذات وهم شهرزاد، لأخرج من جلدي، بعدما تخلصت من دمي في نحنحة اللامبالاة.
                  استنفذت كل قصائدي ، وما أعددت من حكايا لصغار الحلم ، الذين كانوا ينامون كل ليلة في حضني ، شتلت الأماني على امتداد مسافات الاحتراق.لكنها لم تستوشجرا ، ولا أعطت ثمارا تغذي من عيون السهاد ؛ لتكون أرحم حين أختنق في مكعب الصمت ؛ حيث أدور ...والزوابع تقرضني في عتمة الدار.

                  من يشتهي قصيدة عمياء ، تنهدها الأرق ، وهو يمتطي سريع الانسحاب ؟ وأحسنت شاعرة فاشلة صياغة ألوانها الغامقة ، تزكية رائحتها الكريهة التي أزكمت أنوف الأسراب المحلقة خلف الندى ؛ فأغمضت الغيوم عينيها ، ابتلعت زخاتها؛ كيما تروي زهرة الصبير العنيدة في صحراء العمر القاحلة.

                  المطبخ كما هو ، لا يتغير لونه ولا رائحته ، وأنا جزء منه ، بل أناتوابله التي تتراقص في الإناء لتطلع الطبخة شهية ، وليمة تليق بقناص أجاد ترويض الكابوس ؛ لتصبح البندقية زهرة تناغي ما تبقى مني .
                  كل ليلة..تسقط الدمعة في راحته هدية ، فيخضر الحزن ، يزهر الوجع ، وينتشي بلحظات مغلقة بين قفلين لا مفاتيح لهما غير كلمة سر .. تقول=اسبحي في النار، أينعي في اللهيب بين الصدى والخواء.
                  السرير في هدوء تام ، خلص الأبجدية من أحجياتها ، وانتهى رسم الذاكرةالمغلقة عند محطة فجر يجيد إمساك رجفته الغامضة ؛ لأسقط في يم الاعتياد، وأنا أحضن صدفاتي التي مازالت تحتفظ بشظايا الأمل في قلوب كفوفهاالصغيرة.
                  سؤال الليل عادة ما يفضحه النهار
                  وهذا جواب الشمس يقول =لا تختالي
                  في منظومة الكذب أيتها البومة العمياء
                  أنت عائدة إلى الوراء
                  مهما ترجمت نعيبك بالهديل ...
                  ومهما رصعت الندامة بلؤلؤ الضحكات الصفراء....
                  مرصودة أنت في عدسات الحقيقة ...
                  رواية مجهولة الأوصاف ...
                  مهما أمعنت في انتقاء الكلام
                  لن يكفي ذلك مكياجا ؛ لتجميل ملامح سيدة استنفذت سنابلها ...وردها قربانالآلهة لا تشفع !!

                  ضاع العمر يا ولدي عبارة نقشها الصبر على جدران الحقيقة، مذ انتابني أول مخاض ؛ كي أضع الابتسامة جنينا معاقا، لا يستوي على ملمح. أقامت الدمعة حفل عقيق بحضور ما مات مني. أما ما تبقى، فقد كان عند براح المدينة الساخرة؛ حيث الوجوه تعاقر العصي التي وضعها الواقع عائقا، في طريق عجلة الزمن. كان حفل الحب كبيرا، بما يليق بعصفورين بلا


                  عبد الرحيم محمود / تم .

                  تعليق

                  • عبير هلال
                    أميرة الرومانسية
                    • 23-06-2007
                    • 6758

                    #24
                    عبير هلال

                    بكالوريوس انجليزي ودبلوم تربية

                    مدرسة لغة انجليزية

                    أتقن الترجمة ودرستها في الجامعة

                    ترجمت في الملتقى عدة نصوص

                    لي كتابات منشورة بمجلات محلية ومجلات الكترونية


                    كاتبة قصص طويلة وقصيرة ..روايات .. نثر ..شعر عمودي وتفعيلي


                    لي عودة لإدراج عدة قصص
                    sigpic

                    تعليق

                    • عبير هلال
                      أميرة الرومانسية
                      • 23-06-2007
                      • 6758

                      #25

                      حتى الكبار يخطئون

                      القصة الأولى

                      كانت الفكرة تلحُ علي من أمد بعيد ولا أعلم لمَ قررتُ الولوجَ إليها من اضيق الأبواب، نزعُ رداء جسدي البالي هوَ أول ما خطرَ على بالي..
                      بعدَ أن لفحني الصقيع وامتدت يد جبروته لتصل شفتيّ العاريتين، تذكرُتني واستأنست روحي للجبال التي كانت تزحف عليها الثلوج بمهارة جنود مدججين بالسلاح. حتى الأشجار كانت أغصانها تتراقص فوقي، تنحني هامتها بدعابة لطيفة ثمَ ما تلبث أن ترتفع بتحد لتتمايل باحتراف غجرية معلنةً العصيان على برودة الطقس.. تتسلل من بين تلك الأشجار حبيبات ثلج لتصفعني على وجهي .. ربما لتبشرني أنني لا زلتُ حيا. أطرافي متجمدة، لم أعد أعلم إن كنتُ هنا او هناك.. أشعر أنني أصبحتُ في كل مكان ..صدقاً لا ادري لمَ اخترت اليوم بالذات لألحق بها ..انطلقتُ منذ بشائر الصباح الأولى بسيارتي وأنا أشاهد كيفَ انفتحت أبواب السماء على مصراعيها- برقٌ ورعد وعواصف لم أشهد لها مثيلا..يا لضجيج تلكَ العواصف!! تكاد تقتلع الأشجار من جذورها ..أشجار وأشجار وأشجار هذا كلُ ما أراه ..لم أر بيوتا ولم المح حتى زجاجا متناثرا منها ..أحسستني أكادُ أقفز بسيارتي من هول دويها .. ابتدأت الثلوج تكسو الأرض ..ارتطمت سيارتي بشيء ما، اظنه جذع شجرة قرر اعلان العصيان عليها فتولت أمرهُ العاصفة..زأرت سيارتي المسكينة، ثمَ توقفت فلم أعد أسمع انفاسها ..رأسي أصبحَ يؤلمني اثرَ اصطدامه بزجاجها نظرا لتوقفها المفاجيء ..الحمد لله لم ينفصل رأسي عن عنقي.. تحسستهُ بأصابعي وجدتهُ ينزف. غادرتُ سيارتي لأضعَ الثلج عليه حتى يتوقف النزف.. وجدتني أهوي على الأرض ..استفقت من غيبوبتي بصداع رهيب لا يغفو ..ليتني أستطيع النهوض، على الأقل اختبيء بسيارتي وأموت بكرامة جندي دافعَ ببسالة ضد الطبيعة الغاضبة. نهضتُ بصعوبة وسرتُ كالمترنح..يا الهي!! أين أنا؟ كل ما أعرفه أنني في غابة ما ..مشيت ببطء شديد حتى وصلت لسيارتي ..يا للهول !! إنها حطام!!وكأن كتلة مشتعلة خدعت نيزكا وقررت أنها وجدت ضالتها ..
                      تناهى لسمعي أصوات، ظننتني أحلم وإذ بشبحين يندفعان نحوي وجفون عينيّ بالكاد استطعت فتحهما .. كانَ احد الرجلين يحمل بيده بطانية دثرني بها حين اقتربا مني بسرعة الفهد الصياد.قد رأينا السيارة المشتعلة فهرعنا لننقذ من بها فلم نجد أحدا.. حملنا أكواما من الثلج ووضعناها عليها والحمد لله سارت الأمور على ما يرام..بحثنا مطولاً فلم نجد أحداً..هل معك آخرون؟؟ قالَ احد حراس الغابة وهوَ يلهث ..كان يتحدث إلي وأجيبه بهزة من رأسي وشريط سينمائي يعبر مخيلتي عن فترة مضت وصنبور مياه باردة كان
                      يتدفق من عينيّ الحزينتين..قيلَ لي الرجالُ لا يبكون.. ولكنني أبكي وأبكي وأبكي ودموعي ترفض التوقف ..لا ليس من الآلم فأي آلم مهما كان موجعا بإمكان جسمي احتماله، بكائي كانت له أسبابه- طردي لمربية بيتي المسكينة حين أخبرتني أنها حامل..طردتها شرَ طردة.رفضت الإصغاء لما ستقوله لي..قلتُ لها وأنا ازجرها بعنف: أنا من رباك وعلمك بأفضل مدارس وأرسلتك لجامعة من أرقى الجامعات على الإطلاق، لا يدخلها إلا الارستقراطين ، توليت بنفسي تثقيفك، لم أرسلك للعمل حتى لا يحاول احد أفساد جمال روحك التي ترفرف في اجواء بيتي. معك عشر دقائق لتاخذي ما تشأئين من البيت وغادري .لا أود رؤيتك بعدَ الآن..
                      أحضرتها لي قبل ثلاثة عشر عاما أخت حبيبتي لتطلب مني أن أمنح الطفلة اسمي بناء على أمنية حبيبتي قبل أن تفارق الحياة ..لا زلتُ أذكر كيف وجدتهما وأنا عائدٌ منهك من عملي ، تجلسان على مقعد الحديقة الخشبي تتهامسان- شابة وطفلة ترتجفان من البرد..جئنا بالطائرة ونحن منهكتين تماما..اسمح لنا بالدخول..لو سمحت الطفلة تتضور جوعا – رفضت ان تأكل أي شيء بالطائرة ..
                      -حبيبتي ساندرا..ما اجمل طفلتك..!! سأعتني بها وكأنها ابنتي..لا يهمني أن أعرف من هوَ والدها، يكفيني انك والدتها والأنثى الوحيدة التي خفق قلبي بالحب لها وسيظل وفيا لها حتى الممات.
                      سافرت خالتها في اليوم التالي قبل أن تنهض الشمس من غفوتها لتداعب الكرة الأرضية بأشعتها القرمزية..تعمدت ذلك حتى لا تراها الصغيرة وتلحق بها..عانيتُ كثيرامع الصغيرة حتى اقتنعت انه لم يعد لديها احد غيري.. اللعنة علي، كيفَ سمحت لقلبي ان يتحجر حين عدتُ البارحة من سفري بعد غياب دام ثلاثة شهور عنها بهدف عقد العديد من الصفقات التجارية والتأكد من سيرها على ما يرام والإطمئنان أن سيارتي الجديدة ستكون بحوزتي ما أن انزل في المطار.. أشواقي لأميرتي ناريمان جعلتني اتمنى أن أستلف من الدهر المزيد من العمر والصحة حتى أكون بكامل لياقتي البدنيةحتى أعوضها عن غيابي الطويل والمتكرر عنها..توقعت أن اجدها تنتظرني أمام باب البيت كعادتها ، لكنها لم تكن هناك..خابَ ظني كثيرا.. وجدتها تنتظرني في حجرتها وهي تبكي بحرارة كقط مبلل يوشك على الغرق، نظرت إليَ حين ولجتُ حجرتها فصفعتني رؤية عينيها المحمرتين..حاولت الإقتراب منها، رجعت للوراء.. أنا حامل.. شعرتُ بالأرض تميد بي ، تهتز تحتي كأنها تنوي ابتلاعي.. ماذا تقولين؟؟
                      سمعتني، أنا حامل..كلُ ما أذكرهُ بعدها أنني صفعتها بقوة..شعرتها ريشة ترتعش في مهب الريح.. غادرت بيتي بعد عشر دقائق منكسة الرأس بناء على أوامري الدكتاتورية ..تحملُ بيدها حقيبة صغيرة والدماء تنزف من شفتها السفلى .. أغلقتُ بعدها بابً بيتي وقلبي..رنات مطولة على جوالي أجبرتني أن أضعه على أذني: مرحباً، أنا اصالة، محامي شقيقتي المرحومة ساندرا قرر انه بعد غد سيقرأ وصيتها حسب وعده لها ما ان تبلغ ابنتها العشرين.. لا تتأخرا ..
                      - ناريمان، ابنة شقيقتك لم تعد معي ..قد طردتها..قلت وأنا اصك على اسناني
                      - ما الذي تقوله ؟؟ أظنني لم اسمع جيدا ..طردتَ ابنتك، أيها الغبي..انها ابنتك من لحمك ودمك..هل برأيك كنت سأتعنى السفر كل هذه المسافة وأترك زوجي وأنا حامل بشهوري الأولى لأحضرها لك شخصيا لو انها ابنة رجل آخر..دمائك تسري في شراينها، أيها التعس. أغلقت جوالي وارتميت على مقعد مكتبي..بعد نصف ساعة تقريباً سمعتُ طرقاً على باب بيتي وإذ به فادي-المهندس الشاب الذي يسكن قبالتنا ..سيدي يجب عليَ التحدث معكَ ..أدخلته لمكتبي ولا أعلم لمَ شعرت أن قلبي يكاد ينتزع من صدري ..ما الذي جاء به هنا؟؟ جلس قبالتي والتوتر يعلو قسمات وجهه: سيدي، لست ادري ما أقول لك أو كيف سأبدأ كلامي..سأحاول الإختصار قدر استطاعتي وآمل أن تتفهم الوضع، أنا وناريمان نحب بعضنا بعضا..لم تكن في نيتنا الزواج في فترة غيابك، لكن حدثَ ما لم يكن بالحسبان..
                      أنتَ يا سيدي كثير السفر ونسيتَ او تناسيت أن ناريمان أصبحت شابة فائقة الجمال..
                      - لم استطع اخباره أنني كنت اهرب لأنني أرى والدتها بها بعينيها العسليتين كثيفتي الرموش وشعرها الكستنائي الطويل..قامتها الفارعة حتى تورد خديها حين تخجل.. برغم فقداني لها بوقت طويل إلا أنني لم أنسها لحظة..اراها بكل الوجوه الأنثوية ..اسمع همساتها الدافئة في أحلامي.. أصحو لأجدني وحيدا في غرفة باردة يكسوها السواد والعرق يتصبب مني.. ليتني لم اتخلى عنها يوم أخبرتني أن والدها أجبرها على خطوبتها لابن عمها ..شعرتني احترق حين وجدت خاتم الخطوبة يلمع في اصبعها ..
                      كأن يجب أن أخطفها حينها ، لا أن أخبرها انها خائنة ولم تنتظرني كوعدها لي، قلت لها الوداع وتركت على شفاهها وردة ندية وفي قلبها غصة أبدية..
                      أعادني إلى الواقع صوت فادي : رحمة الله كبيرة يا سيدي، لقد شاء أن أتواجد بالوقت المناسب لأنقذها من براثن ذئب مفترس – صديقك الذي وثقت به واتمنته عليها..انقذتها منه وتزوجتها فورا حتى تكون تحت حمايتي..
                      - يا رب العالمين، رحماك.

                      انتفضتُ ونهضت من مكاني ..وتسمرت عيني على الحارسين: اعذراني يجب أن اجدها.. نظرَ إليّ الحارس الذي كان يعيد الحرارة لجسدي البارد مشدوها حين دفعته عني بعيدا..فتحت الباب على مصراعيه وفردت يديّ على دفتيه وتأملت الأرض المكسوة بالثلوج العذراء.. رفعتُ كفيَ للسماء بتضرع: يا رب، أرجوك، دعني أكون أنصع من الثلج..توجهت بنظري للبعيد ورأيت ما لم يرياه -أنوار متلألئة تتراقص في الأفق ..
                      غادرت مخلفاً ورائي آثار أقدام على الثلج .. وكان يتناهى لسمعي : حبيبي تعال..!!
                      حبيبي تعال!! لا تتوقف .. لم يبقَ إلا القليل!!


                      لجنة ترشيح النصوص
                      مالكة حبرشيد=تم
                      عبد الرحيم محمود / تم .
                      sigpic

                      تعليق

                      • عبير هلال
                        أميرة الرومانسية
                        • 23-06-2007
                        • 6758

                        #26
                        رابط القصة

                        كانت الفكرة تلحُ علي من أمد بعيد ولا أعلم لمَ قررتُ الولوجَ إليها من اضيق الأبواب، نزعُ رداء جسدي البالي هوَ أول ما خطرَ على بالي.. بعدَ أن لفحني الصقيع وامتدت يد جبروته لتصل شفتيّ العاريتين، تذكرُتني واستأنست روحي للجبال التي كانت تزحف عليها الثلوج بمهارة جنود مدججين بالسلاح. حتى الأشجار كانت أغصانها تتراقص فوقي، تنحني هامتها
                        sigpic

                        تعليق

                        • عبير هلال
                          أميرة الرومانسية
                          • 23-06-2007
                          • 6758

                          #27

                          اطلق يديّ



                          كانت تجلس في شرفة بيتها حين وصلها هاتف من شقيقتها من والدها التي تجاوزت الأربعين،تدعوها للعيش معها،رغمَ أن علاقتهما كانت دوماً متوترة، ولا يوجد أي رابط مشترك بينهما.. أخبرتها بانفعال وتوتر أنها تريدها الحضور فورا لأن زوجها اختفى دون سابق إنذار مخلفا رسالة يقول فيها إنّه قرر الزواج من سكرتيرته بعد انتهاء إجراءات الطلاق، عسى أن تنجب له أطفالا . كانَ ذلك من أصعب الأمور التي اضطرت للقيام بها .لم تتوقع التأقلم معها البتة؛ فمسافة شاسعة كانت تفصل بينهما.. مسافة أفكار تحديدا . سلوك زوج أختها كان دائما يثير استغرابها واستهجان شقيقتها إذ كان يرفض أن يعتني سواه بخيله وإسطبله ، رغم تربعه على نبع ثراء. ..
                          بعدَ أيام من
                          التحاقها بها أحضرت شقيقتها سائسا وطاهياً أضافيا بعدما قررت أن زمن الاختناق قد ولى. أصبحت شقيقتها تركب حصانها كل مساء وتنطلق به لساعات طويلة تاركة شعرها المنسدل يتراقص على نغمات النسيم العليل.فيما مضى لم يكن زوجها يسمح لها بركوب الخيل إلا بصحبته..كانَ غيورا للغاية وحاد الطباع..
                          لاحظت أنّ السائس صار يغدق عليها بنظرات إعجاب
                          .. و لاحظت عدة مرات أنها حين تمر من أمامه يتوقف عن عمله ويحدق بها مطولا . اتكأت على نافذتها تستنشق الهواء ذات ليلة و قد جافاها النوم .. تفاجأت بعد فترة بظلٍ يدخل من باب الحديقة الخلفية وهوَ يلتفت يمنة ويسرة ، وكان قبلها نور غرفة شقيقتها المقابلة لغرفتها قد أنار عدة مرات. بالرغم من خوفها الشديد، قررت أن تستكشف ما يجري..غادرت غرفتها بهدوء ، اختبأت خلفَ شجرة الجميز المقابلة لغرفة شقيقتها.. راعها أن الأخيرة كانت بملابس النوم تتبادل القبل الحارة مع رجل يودعها عند المدخل ،ثمّ فجأة لمع وجهه بالضوء .. - يا الهي! إنهُ.. ! عضت على يدها اليسرى بأسنانها بغضب. الصدمة كانت أكبر من أن تحتملها، اخترقتها كالصاعقة .. جلستا ذلك الصباح على مائدة الطعام الضخمة قبالة بعضهما - زوجة مهجورة وعانس - تنظران لبعضهما نظرات طويلة: نظرات الأولى حائرة والثانية تجمع ما بين الخيبة والغيرة والاشمئزاز ..تتحرك الشفاه وكأنهما تودان التحاور ولكن لا همسة أو تنهيدة تصدر عنهما.. المهجورة ادعت أنها تتأمل الصورة الزيتية المعلقة على الحائط ،أمّا العانس فقد تظاهرت بأنّها تراقب النادل و هو يضع الطعام. لم تتوقف اللقاءات السرية الليلية بين الشقيقة و حبيبها ، كانت العانس تتساءل كيف اشتعل الفتيل بينهما!!
                          ذات أمسية توجهت إلى الإسطبل ، قبل أن تدخل تناهى إليها صوت ابن الخادم يخبر السائس بأنّ السيدة مريضة ولن تركب حصانها و أنّ عليه أن لا يخرجه للساحة. اصطدم بها الفتى وهوَ يغادر متمتما عن كسل السائس ولا مبالاته.. وجدتهُ مستلقياً على التبن.. ما إن رآها حتى ابتسمَ لها ونهضَ من مكانه . - يا للمفاجاة السارة .. ما الذي أحضر سيدتي أخيراً هنا .. عليَ ان أشكر الأقدار ..كم أنت رائعة الجمال، سيدتي!! أجمل أنثى رأيتها في حياتي.. اقتربت منهُ قليلاً كالمسحورة لتجرب مذاق الشهد الذي كانت تتذوقهُ شقيقتها سراً وهي تظن أن لا أحد يعلم عن علاقتها بسائسها..ضمها السائس الوسيم بينَ ذراعيه وتبادلا القبل .. همست لهُ : ليس هنا عزيزي ، فربما يرانا أحدهم .. أمسكت يدهُ و لم تأخذه لحجرتها كما كان يظن.. همست له بدلال مرة أخرى: أخاف أن ترانا شقيقتي أو خدامها.. _ لا يهمني المكان حبيبتي طالما نحنُ معاً .. سارَ معها إلى أن وصلا كوخا صغيرا قرب الحديقة كان يُستخدم لوضع المعدات . -هنا لن يزعجنا احد..
                          دخلا الكوخ و أغلقا الباب بهدوء: نحن لوحدنا تماما يا
                          فاتنتي .لو تعلمين كم انتظرتُ هذه اللحظة .. نحن لوحدنا تماما.
                          - أجل عزيزي.. أيها الوسيم.. هل أبدو لك جميلة ؟؟
                          -
                          نعم. بل رائعة الجمال ..منذ اليوم الأول الذي قدمت فيه للعمل هنا لفت نظري بقوامك الممشوق وجمالك الفتان.. كنت بالنسبة لي السوسنة التي تعوم فوق سطح البحيرة دون خوف من الغرق.
                          -
                          لكنني بالأربعين وأنت بالعشرينات من عمرك .
                          - مع هذا فأنت بقمة الأنوثة والرقة والجاذبية. أنا مغرمٌ بك..
                          _ أحقاً؟؟
                          تنحنح قليلاً ثمَ قال بصوت يكاد يكون مختنقا:" نعم جداً.. ها نحن أخيراً لوحدنا ..عصفوران يريدان التحليق بعالم الحب .
                          - عزيزي..عزيزي.. ألستَ خائفاً أن تعلم شقيقتي عنا..
                          - شقيقتك ؟؟ وما دخلها بنا، سيدتي المذهلة؟؟
                          - آه منك أيها الرائع ..كيفَ لم أنتبه لك سابقاً ..
                          - من الأن وصاعداً سترينني بعيون كل الرجال .. سأجعل اسمي يتردد على لسانك ملايين المرات ..
                          ُفتحَ الباب فجأة.. كانت سيّدة البيت تقف هناك وعيونها تقدح شرراً.. : عزيزي الغالي، يا للروعة أنت بكامل أناقتك .
                          نقّلت عيونها بينه وبين شقيقتها، ثمَ أطلقت النار من البندقية التي كانت تحملها بسرعة البرق قبل أن تعطي أيّا منهما فرصة للرد عليها.
                          -
                          يا الهي!
                          -
                          صه..قلتُ لك أنني ماهرة في إطلاق الرصاص.. لقد علمني زوجي..في هذا أشهد أنهُ كان بارعاً..
                          - قلتُ لك أن هذا الحقير كانَ ينوي الاستيلاء على ثروتك .
                          - للأسف الشديد عرفت متأخرة..لقد صدقته حين أخبرني انه يود الزواج بي لأنه أحبني وإنني نصفه الآخر الذي وجدهُ أخيراً..
                          -أخبرتك أنني سأكشفه أمامك، فأنت بالبداية رفضت تصديقي..
                          - لقد رسم لي الحياة بريشة وردية ..
                          - هيا بنا لندفنه بسرعة في حوض الزهور الضخم..
                          نمت الزهور في الحوض .. استُبدلت الطاولة الكبيرة بأخرى صغيرة .. كانت الزوجة المهجورة تتنهد كلما روت الزهور ..
                          -هيا للداخل
                          أختي الحبيبة ، فالطقس بارد جدّا ..
                          - اصبري قليلاً، سأقطف جزءا من العنب وألقي الحصرم بعيداً.. لن أتاخر ..
                          توجّهت نحوَ الحوض مرة أخرى بتؤدة ..قطفت وردة.. شمّت عبيرها.. ضمّت الشال لجسدها أكثر وأكثر.. مسحت ياقوتتين غافلتاها لتهربا من مقلتيها.. لمست الحوض برقة متناهية ،قرّبت شفتيها من الحوض و همست: لا تقلق علينا عزيزي ..غداً سيحضر السائس الجديد.. و أنت يا زوجي الحبيب افرح، وجدت لك أنيسا .. ستبقيان معي للأبد..بعد الآن لن تأخذكما منّي أية أنثى..

                          لجنة ترشيح النصوص =
                          مالكة حبرشيد=تم
                          عبد الرحيم محمود / تم .
                          sigpic

                          تعليق

                          • عبير هلال
                            أميرة الرومانسية
                            • 23-06-2007
                            • 6758

                            #28
                            رابط القصة الثانية

                            اطلق يديّ كانت تجلس في شرفة بيتها حين وصلها هاتف من شقيقتها من والدها التي تجاوزت الأربعين،تدعوها للعيش معها،رغمَ أن علاقتهما كانت دوماً متوترة، ولا يوجد أي رابط مشترك بينهما.. أخبرتها بانفعال وتوتر أنها تريدها الحضور فورا لأن زوجها اختفى دون سابق إنذار مخلفا رسالة يقول فيها إنّه قرر الزواج من سكرتيرته بعد انتهاء إجراءات
                            sigpic

                            تعليق

                            • عبير هلال
                              أميرة الرومانسية
                              • 23-06-2007
                              • 6758

                              #29
                              القصة الثالثة

                              حنان
                              كانت حنان تذرع حجرتها ذهاباً وإياباً بينما كانَ والدها يغطُ في نوم عميق أو هذا ما تراءى لها.
                              فجأة شعرت أنَ قواها خارت، فارتمت على سريرها تستمطر سلوى تغرد في حمم أحزانها ..
                              عيناها الجميلتان جحظتا وهما تتأملان شيئا ما كانَ يداعب سقفَ حجرتها..
                              لم تعد تعلم هل هي في حلم أم يقظة؛ فقد رأت سلةً كبيرةً تهبط عليها من السقف المثقوب.. سألت نفسها بتعجب: متى؟ ومن ثقبهُ ؟؟
                              وما الذي تحويه السلة التي تهبط رويداً ..رويداً، فوقَ رأسي مباشرة؟؟إن لم أتحرك فربما ستهشمهُ، وإن أوقفتها فلن أعلم ما بداخلها..
                              قررت أن تبقى مكانها وتغامر.
                              فجأة سمعت صوتَ ارتطام شيء ما بداخل عقلها.. أحست أفكارها بالرعشة تلوَ الرعشة.. اللعنة عليها!.. سأرد لها الصاع صاعين؛ صفعتني بعدَ أن اتهمتني بأني أود خطف خطيبها منها، لمجرد أنني كنتُ أناقشهُ بخصوص محاضرة في حجرة مكتبه بالجامعة، وبعد أن أخبرها أنني... اعتذرت لي..
                              قد ظنت الغبية أنني سامحتها.. ستدفع الثمن غالياً.. ما ذنبي إن كانَ خطيبها ينظر إليَ كالأبله، ولا يشيح بصرهُ عني وهو يلقي محاضراته..
                              نهضت من سريرها بعصبية وتوجهت نحوَ زهريتها الموجودة على منضدتها.. تأملتها مطولاً، ثم انتزعت منها الورود وطرحتها أرضاً، ثمَ عادت للإستلقاء على سريرها كالأميرة النائمة بعدَ أن انفرجت عن شفتيها ابتسامة قهر وغيظ لو وزع على الكون لأحرقهُ.
                              "هدايا كثيرة تلمع داخل السلة.. لم يبقَ إلا القليل، وسأمسكها بيدي بكل قوتي.. هل هي هدنة من نوع ما! أم رفيف النور يعانق نرجسية فكري اللحظية ليطببها؟!
                              بينَ كومة قصصه يجلس كطير جريح يغترفَ منها ما يشاء ، يمسح عرق أوهامه الحبلى بخطيئة ربما لبسها طيف الأنانية.. تخيلها كزهرة نيسان تصعد من فنجان قهوته وهيَ تمسح عن أطرافه آثار أحمر شفاهها .."سأثبت لها وللجميع أنني الأفضل فربما ستتنفسني عشقاً في مروجي الدافئة.."
                              ترمقهُ من سريرها وتتأمل آثار الصفعات التي أهدرتها هباءً على وجنتيه بعدَ أن قبلها عنوة.. نظرت إليه بتعال ثمَ قالت: "أنتَ الأفضل وماذا بعد؟"
                              - لا تصرخي..!! سيسمعك والدك.
                              -" لن أسامحها أبداً.." قالتها وهي تمسح ياقوتة أبت إلا أن تقف لبرهة على شفتها العلوية تستنشق عبيرها.
                              "- إذن اصفعيها كما صفعتك ثمَ بعدها.. انسي الموضوع.. أريد أن أصبح أفضل كاتب على الإطلاق!!.. لا أريدك أن تجلسي بقربي حتى لا تقطعي حبلَ أفكاري، اجلسي مقابلي.."
                              كان يراقب شفاهها القرمزية ويحسد تلك الدمعة التي لا زالت تتأرجح بدلال على شفتها ..
                              تمددتْ مرةً أخرى على السرير وفتحت ذراعيها لتستقبل الهدايا الجمة..
                              أخذهُ خيالهُ للبعيد.. هناكَ في الحقل الأخضر راقصة هيفاء تتمايل كالزان.. بينما خصلات شعرها الناعمة كالحريرتبعثرها الرياح.. يحاول الراقص أن يقتربَ منها ليرفعها للأعلى، لكنها تبتعدُ عنهُ تدريجياً.. ينظر إليها فتنعكس صورتهُ بعينيها وكأنهما القطب المتجمد..
                              يعاقر خمرَ إلهامهِ من خلالهما، ليرى راقصتهُ الفريدة قد عادت تذرع الحجرة وهيَ تتمتم بجمل غير مترابطة :"تباً ..السقف لم يعد مثقوباً.. !! هل أسامحها ؟؟..
                              متى سيسدل الستار وينتهي العرض الأخير؟؟" الرقصة الأولى ستكون معي على ضوء القمر بعدَ أن أصدر مجموعتي القصصية الأولى..سأجعلها تتزلج داخل دمائي فربما تصب عواطفها المتدفقة كالحمم في صميم قلبي.. آآآآآآآه، كم أتمنى أن أغزل لها حروفاً مرجانية ."
                              لا يزال يذكر أطواق الياسمين التي كانت تضعها على شعرها، ومشيتها الملوكية وكأنها عرفت أنها من أجمل الإناث على الاطلاق.. لمَ وافقَ والدها على زواجها به بالرغم من أنها كانت تحب رجلاً ثرياً يفوقهُ وسامةً.. إنهُ يراهُ الآن من نافذة ذاكرته، يطل على أبراج قلبها!! كم يود أن يثبت لها أنهُ الأفضل.. فربما تنسى الآخر وتراهُ لتنفتح لهُ أحد نوافذ الأمل.
                              كسرَ القلم الذي كانَ يمسكهُ بيده وكأنهُ يود أن يدك عنقَ أحدهم.. تأملها وهيَ لا زالت تنفث دخان الغضب، وهمسَ لنفسه: الحب عجيب.. كالنسمة يهب على القلب ليداعبه بطراوة.. يا ترى ما الذي أعجبني فيها!!
                              لا يعلم ما الذي دهاهُ ليغادرَ حجرتهما التي أُجبر على العيش معها فيها بناء على رغبة والدها الملحة!. تسلل بخفة على أطراف أصابعه لحجرة والدها، أخذَ مفتاح درجه الذي يرفض إعطاءهُ لأحد، مر من أمام حجرة نومه مرة أخرى، نظرَ إليها مطولاً.. كانت تجلس على حافة النافذة تتأمل اللاشيء، وكأنها ستجمع كل العواصف بقبضة يدها، لتلقيها بكل قواها على شبح ما يتربص لها في الزوايا.
                              لم تلتفت إليه.. فتحَ درج مكتب والدها.. أمسك الرسالة بيد مرتجفة يود قراءتها..
                              سمعَ خلفهُ صوت إغلاق باب، استدار ليعاتبها لأنها أجفلتهُ.. وإذا به وجهاً لوجه مع والدها..
                              كانَ ينظر إليه، ولكن ليسَ بغضب كما توقع، ولكن بحزن وتوتر..
                              - "توقعت أنك ستفتح الدرج بأي يوم.." قالها عمهُ وهوَ يقفُ مرتكزاً على الباب .." اعلم شيئاً واحداً.. هيَ تحبك، وأصرت على الزواج بك رغمَ معارضتي الشديدة، راهنتها أنكَ ستطلقها خلالَ عام فقالت:" لن يتركني.. مهما فعلت..".
                              قلت لها يومها:"لكنهُ يعتقد أنك تحبين سامر..!! " فردت: أجل، لأنكَ أوهمتهُ بذلك."
                              -"إن طلقك بعدَ عام فستفعلين كل ما آمرك به، وإن لم يفعل فخذي المفتاح من حجرتي، تنتظرك رسالة هامة في مكتبي."
                              -"رسالة؟؟ "
                              -"أجل..رسالة .."
                              نظرَ لعمه بامتعاض، ثمَ ضربَ المكتب بعنف بقبضة يده وكأنهُ يود أن يزلزل كل أنحاء البيت بمن فيه..
                              سألهُ عمهُ وهوَ يفتح لهُ باب القفص :"ألن تقرأ الرسالة؟.. فهيَ تهمك كما تهمها حيث قاربَ العام على الإنتهاء.."
                              ناولهُ الرسالة مرة أخرى بعد أن سقطت منهُ..
                              غادرَ البيت مسرعاً لا يلوي على شيء وهوَ يضغط على الرسالة بأصابعه وكانهُ يود أن يعتصر أنفاسها..
                              لم ينتبه أن زوجتهُ كانت تراقبهُ بكدر.."هل قررَ أخيراً أنني لا أستحقُ العناء وإنني قشرة جوفاء..؟! " تفرست بالمرآة وكأنها تكلم الماضي القريب الذي لا زال يثير سخطها وحنقها.. " هل أسامحها يا ترى؟ لو كنتُ مكانها لغلفت قلبي الغيرة، وربما لفعلت مثلها..
                              اللعنة على هذا التحدي السخيف يا والدي..اللعنة عليه.. لقد خسرتُ زوجي؛ الرجل الوحيد الذي أحببت وفضلت على المال." انهمرت دموعها مدراراً.. حاولت مسحها بعصبية بمنديلها الذي طرزت عليه أول حرف من اسميهما.
                              وقفَ طويلاً أمامَ البحيرة، ثم صرخَ بأعلى صوته:" ذلكَ الرجل دمر حياتنا؛ لقد أوهمني ملايين المرات أنها أجبرت على الزواج بي.. أكرهه لأنهُ وضعَ حاجزاً بيني وبينها.. أكرهه..
                              طيلة هذا العام وأنا أظنها تود التخلص مني والعودة لوسام."
                              سمعَ رنينَ جواله وصوتُ بكاء مرير:"أرجوك، عد لي.. سأذبل وأموت بدونك..أحبك..أحبك .."أغلقَ الجوال وهوَ يرتجف وفتحَ الرسالة ليقرأها كالمخدر..
                              ابنتي الحبيبة! أعلم أنك تظنين أنني رجلٌ بلا قلب، لكنك ستتفاجئين حينَ أقول لك أنني تحدثت مع سامر الذي كان يلح على الزواج بك، وحينَ أخبرتهُ أنك مريضة، أخبرني أنهُ لم يعد يريدك. بينما حين كررت نفس الكلام لزوجك، قال لي إنه يعلم أنك مغرورة لدرجة لا تطاق، ولكنهُ سيجعلك تحبينه كما يحبك، وأنهُ سيفعل المستحيل لأجلك..
                              أجبرتك على مضايقته؛ لأرى مدى حبهُ لك وهل سيحتملك، حتى أتأكد أنني حينَ أموت سأتركك بينَ أيد أمينة..
                              أنا مريضٌ جداً وقد أخبرني الطبيب أنني سأموت عما قريب؛ فقد استفحل بجسدي الهزيل المرض..
                              زوجك رجلٌ رائعٌ.. قد أحسنت الإختيار..

                              طارت أوراق روايته من النافذة المفتوحة ليبتلعها الفضاء.. بينما كانت أطواق الياسمين تتهادى على سطح البحيرة والقوارب الشراعية تستعد بألق لبدء السباق المصيري.

                              عبد الرحيم محمود / تم .
                              sigpic

                              تعليق

                              • عبير هلال
                                أميرة الرومانسية
                                • 23-06-2007
                                • 6758

                                #30
                                القصة الثالثة

                                كانت حنان تذرع حجرتها ذهاباً وإياباً بينما كانَ والدها يغطُ في نوم عميق أو هذا ما تراءى لها. فجأة شعرت أنَ قواها خارت، فارتمت على سريرها تستمطر سلوى تغرد في حمم أحزانها .. عيناها الجميلتان جحظتا وهما تتأملان شيئا ما كانَ يداعب سقفَ حجرتها.. لم تعد تعلم هل هي في حلم أم يقظة؛ فقد رأت سلةً كبيرةً تهبط عليها من السقف المثقوب..
                                sigpic

                                تعليق

                                يعمل...
                                X