" حلب عروس الجنة "
وأشهد أنك يا حلب تعشقين طين الحدائق ،،
وأقسم بسرب طيورك التي حلقت نحو الله أنك تحفرين في النور طريق يقود إلى الفردوس ،،
ألا فاحرقيني يا قبلة الشوق لأشكل ما أشتهيه، لأصطفيك لروحي سكن.
وتلك العاطفة خلقت لي عالم كنت أجهله قبل ذلك ولم يخطر لي ببال ، عالم ظاهره فيه الرحمة والألفة ، أما باطنه فهو العذاب والشقاء ، أحدق حيث اللانهائية من الأنفاس المتقطعة وشراسة الصمت وواقعه الغريب يتسلل إلى أعماق كياني ، أمور كثيرة صرت أراها بعين بصيرتي الجديدة ، أرى في هذا الهجر فعلا غير إنساني ، فعلا غير أخلاقي ، كما أرى أن هناك خطأ في مجريات الروح يحدث ، لم أعرف هذا من قبل ، وأصعب من ذلك أرى الصبر على السؤال بلا جواب شيء مقلق وقاس ، يفجر في نفسي مشاعر تزدحم الآن في قلبي هادرة صاخبة ،
هنا ... الآن ... يشتعل القلب ويحتاج من الماء أكثره لكي يطفئ شعلته ويهدئ من أنينه ، أيها القلب : لا بأس عليك بعد اليوم ، أقولها كالتي أصابها وصب أو نصب إذا شكا عضو منها تداعى له باقي الأعضاء ، أضع القلم وألتقته ، أتركه وأتلوى به كما تتلوى بي المعاني ، أتأمل في وجوه المتعبين ناكسة رأسي وأردد قول الشاعر : ومن ذا الذي في الناس يصفو له الدهر .
ولو أنك أبصرتني لوجدت أني أحتفظ بك بقوة في أعماق قلبي ،
لروحك يا ربيع خيوط من نور ، تصطف بشكل منظم كالكواكب والنجوم ، كلما تأملتها توهجت بقلبي هالة لطيفة من السكون والدفء ، أظل أتأملها باستغراب وكأنها تعطيني ورقة بيضاء لأكتب عليها فصلا جميلا من حياتي ، أتوق شوقا لسماع صوتك ، لكأنه يشبه ابتهال حميم أوسع مدى من أي صلاة طقسية لا تعرف غير الحركات ، أتدري ياشجر يا ورد ويا قمر ؟ أتدري بأن حبك يعصف بالروح ويزلزل الكيان ، فبحق الله لا تحول هذه العاطفة لموت حقيقي .
كانا قد افترقا ستة أيام وليلة واحدة ، كانت عليها ما كانت ، قالت : تصدعت الروابط التي كانت تربط طرفي بطرفه ، وفي المقابل تجملت الأوهام وتزينت الأحلام في عيني ببلوغ القبض على اللحظة المنفلتة التي أحيط نفسي بها ، عناء أليم وغربة بائسة ووحشة الملامح التي ارتبطت بالهجر ، فكرة شاردة وخاطر عابر ، بل هو نسق متجذر في الذات يغذيه الخيبة واليأس ، كيف أوقف هذا النزيف المخيف ؟
كجريح يبحث عمن يضمد جراحه،،، كانت هي .
تعليق