**إطْلالَة ، في عالَم المُبدع عبدالرحيم التّدلاوي
رجلٌ يحْمِلُ في حرْفِه حياءً عُثْمانِيا
...
عرَفْتُه بدايةً في الفضاء الأزرق رجلاً موسوماً بالخَلْقِ في عالَم السّرد هامَةً لا تطالُها هامات ... وعَرفْتُهُ في جلْسَة مكناسِيّةٍ حمِيمَةٍ رجلاً موسُوماً بالْخُلُق في عالَم الفضيلَة ... لا يُكْثِرُ من الْكلامِ إلّا لضَرورة التّواصُل ، ولا يَبْتَسِمُ إلّا لأمْر يسْتحقّ الابْتِسامة ... رجُلٌ بِسمْتٍ خالِص نادرٍ قُدّتْ طينَتُهُ منْ عَجَب ، ولا عَجَب ...
...
يخْرُجُ من صَمِيمِ الْحكْيِ ، باعِهِ الطّويلِ ، إلى باعِ النظْمِ الْجميل الْجليل . فينْتَصِبُ شاعِراً بِعُمْقٍ نوْعيّ ، ينْتقي الْمفرَدة ويشْحَنُها بما تسْتَحقّ من حمولاتٍ ، يَمْتَحُها من جوفِ الصّدْقِ في عالَمٍ تنكّرَ ويتَنكّرُ يوْميّا للصّدق .
ويُقَدّمُ لنا في عُبورٍ راقٍ شذْرَة من الْضوء السّنيّ ... يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــولُ :
المشركون
وحدهم
لا يؤمنون
أن من قلبي
ينبع
ماء الحب.
المشركون
وحدهم
لا يؤمنون
أنك غيمة قلبي
المشركون
وحدهم
يريدون
تغيير قبلة قلبي
باتجاه الكفر!
تعدّد الْأصواتِ ... لعْبَة اختارَها لا وعْيُ الشّاعر في دُرْبَةٍ تلْقائِية على جميل النّظْمِ ، ولو اختارَها الْوعْي لشّطّتْ بنا في متاهاتٍ بجمالٍ وجلالٍ آخَريْنِ لا يُقْنِعانِنا بحجْمِ الامْتِلاءِ في هذا السّياقِ المفْرَد .
صوتُ الآخر ... المشرِكون ، في تِكْرارِ وظِيفيّ ثلاثَ مرّات لِحاجَة في نفسِ " التدلاوي " و بحمولَة دينية تقْسِمُ الضوءَ إلى مسافَتيْنِ : منطقة الشّرْكِ الْخارِجِ من تُخومِ الْحقْلِ الدّيني إلى رحابَة الْجمالِي المُرْتَبِطِ بلحْظَة الْعِشْق ... ومنْطقَة الْإيمان بالقَضِية ، وما الْقضِيّةُ إلّا حبِيبَة قَضّتْ مَضْجَعَ أصْحابِ الرّقابات .
صوتُ الذّات ... في تجَلٍّ لسْنِيٍّ واحد وأوحـــــــــــد { قلْبي } ... فإذا كانت سِمَة الشّرك هي التّعدّد الْمقيتُ ، فإنّ سمةَ الذّات هي التّوحيد النقي ، من هنا لم تتعدّدْ تمَظْهُراتُ الذّات ، ولمْ تتنوّع ... فاكْتَفى الشّاعِرُ بصيغَة واحدة ، نكرَة تفيد الشّخْصَنَة ، ومنسوبة إلى الْمتكلّم ، وتفيد الْخصوصيّة .فلا أحد يُشْبِهُ أحدأ في تمسرُحاتِ الْعشق .
صوتُ الْمعْشُوقَة ... وتجَلّتْ في حضورينِ ، واحِدٌ ارتَبَط بالقلب ، وثانٍ ارتبَطَ بالطبيعة { الماء } وما حصور { الغيمة } إلّا تعزيزٌ لطرْحنا المُجازف ... لم تستقلّ الحبيبَة بصوتها انسجاما مع رؤية العشق المتعالي الصوفي العارف ... والّذي يردمُ الْمسافاتِ بين الذات والذّات ، أي بَين العاشق والمعشوق في حلولٍ نوعي لا يكرّرُ فيه الشاعر التّاريخ العرفاني ولكنْ يبصمهُ بقدْرٍ مناسب من الخصوصية البوحيّة في تجلٍّ شعْريّ يرْسُمُ المعْنى شفّافاً حتّى لا قِبَلَ للغةِ الْمبْضَعِيّة بالْقَبْضِ على تلابِيبِه خشْيَة خدْشِ رقّتِه الْمتناهِية .
وفِي تخومِ النّهاياتِ الْواعِدة بالْبداياتِ الْممتدّة والْمفتُوحة على احْتمالات الضّوءِ ، يُلْقِي الشّاعِرُ بِرَغْبَة الشّرْك المُعْلَنَة والْمُعْلِنَة عنْ قرارِها الدّونيّ بالْفتْكِ بشَخصِ الْعِشق على مقاصِل الْفَتاوى المُغْرِضَة والْعمْياء ... وكأنّنِي بالشّاعر يدِينُ حالات الْعِشْقِ في أزِمنتنا الْمتخَشّبَة والّتي لا تحْتفِي بالْحبّ كما ينْبَغي ، بل تُحارِبُهُ وتمْهضُ أجْنحَته ... دعْوة جميلة جليلة من الشّاعِر ونداء ... أن أنقدوا ما تبقّى من الحبّ ... فبالْحبّ نحْيا ...
إيقاعياً ، أطّرتِ الشّذْرةُ ذاتَها برويّ النون سِتّ مرّاتٍ متكرّرة بذكاء لا يدعو إلى رتابة أو ملل ... في حِرَفِية واضحة بتلوين الموسيقى ، وفي أفق خلق تناوب صوتي يُجلّلُهُ تكرار وَحَدَة { وحدهم } ثلاث مرّات ... لينبُعَ الانسياب الصوتي مُبْهرا شادّا لإصاخات السّمْعِ إلى دلالات وأبعاد الْمتنِ حتّى النهايات ... هكذا يلفّ نسَقُ النون في المخيال العربي وفي المخيال التدلاوي ، نسق الميم ، وكلاهُما صوتا غُنّة وتنْغِيم ... فلا ضيْرَ أن نسَلَ الْعَجَبُ من أنامل سيدي عبدالرّحيم ، قناص اللحظات الصباحية كما سمّيْتُهُ دونَ اسْتِئذان في زمن قديم ... لأنّه دائمُ اليَقَظَة ويحبّ أنْ يبدِع في الصباحات النّديّة
هذا بعضٌ من صديقي عبده ... أتمنّى أن أكون في حجم اللحظة الشعرية التي انبثق منها عشق الفن وعشق الحياة في كفّ رجل يُمجّد الْحيــــــــــاه
...
نورالدين حنيف
رجلٌ يحْمِلُ في حرْفِه حياءً عُثْمانِيا
...
عرَفْتُه بدايةً في الفضاء الأزرق رجلاً موسوماً بالخَلْقِ في عالَم السّرد هامَةً لا تطالُها هامات ... وعَرفْتُهُ في جلْسَة مكناسِيّةٍ حمِيمَةٍ رجلاً موسُوماً بالْخُلُق في عالَم الفضيلَة ... لا يُكْثِرُ من الْكلامِ إلّا لضَرورة التّواصُل ، ولا يَبْتَسِمُ إلّا لأمْر يسْتحقّ الابْتِسامة ... رجُلٌ بِسمْتٍ خالِص نادرٍ قُدّتْ طينَتُهُ منْ عَجَب ، ولا عَجَب ...
...
يخْرُجُ من صَمِيمِ الْحكْيِ ، باعِهِ الطّويلِ ، إلى باعِ النظْمِ الْجميل الْجليل . فينْتَصِبُ شاعِراً بِعُمْقٍ نوْعيّ ، ينْتقي الْمفرَدة ويشْحَنُها بما تسْتَحقّ من حمولاتٍ ، يَمْتَحُها من جوفِ الصّدْقِ في عالَمٍ تنكّرَ ويتَنكّرُ يوْميّا للصّدق .
ويُقَدّمُ لنا في عُبورٍ راقٍ شذْرَة من الْضوء السّنيّ ... يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــولُ :
المشركون
وحدهم
لا يؤمنون
أن من قلبي
ينبع
ماء الحب.
المشركون
وحدهم
لا يؤمنون
أنك غيمة قلبي
المشركون
وحدهم
يريدون
تغيير قبلة قلبي
باتجاه الكفر!
تعدّد الْأصواتِ ... لعْبَة اختارَها لا وعْيُ الشّاعر في دُرْبَةٍ تلْقائِية على جميل النّظْمِ ، ولو اختارَها الْوعْي لشّطّتْ بنا في متاهاتٍ بجمالٍ وجلالٍ آخَريْنِ لا يُقْنِعانِنا بحجْمِ الامْتِلاءِ في هذا السّياقِ المفْرَد .
صوتُ الآخر ... المشرِكون ، في تِكْرارِ وظِيفيّ ثلاثَ مرّات لِحاجَة في نفسِ " التدلاوي " و بحمولَة دينية تقْسِمُ الضوءَ إلى مسافَتيْنِ : منطقة الشّرْكِ الْخارِجِ من تُخومِ الْحقْلِ الدّيني إلى رحابَة الْجمالِي المُرْتَبِطِ بلحْظَة الْعِشْق ... ومنْطقَة الْإيمان بالقَضِية ، وما الْقضِيّةُ إلّا حبِيبَة قَضّتْ مَضْجَعَ أصْحابِ الرّقابات .
صوتُ الذّات ... في تجَلٍّ لسْنِيٍّ واحد وأوحـــــــــــد { قلْبي } ... فإذا كانت سِمَة الشّرك هي التّعدّد الْمقيتُ ، فإنّ سمةَ الذّات هي التّوحيد النقي ، من هنا لم تتعدّدْ تمَظْهُراتُ الذّات ، ولمْ تتنوّع ... فاكْتَفى الشّاعِرُ بصيغَة واحدة ، نكرَة تفيد الشّخْصَنَة ، ومنسوبة إلى الْمتكلّم ، وتفيد الْخصوصيّة .فلا أحد يُشْبِهُ أحدأ في تمسرُحاتِ الْعشق .
صوتُ الْمعْشُوقَة ... وتجَلّتْ في حضورينِ ، واحِدٌ ارتَبَط بالقلب ، وثانٍ ارتبَطَ بالطبيعة { الماء } وما حصور { الغيمة } إلّا تعزيزٌ لطرْحنا المُجازف ... لم تستقلّ الحبيبَة بصوتها انسجاما مع رؤية العشق المتعالي الصوفي العارف ... والّذي يردمُ الْمسافاتِ بين الذات والذّات ، أي بَين العاشق والمعشوق في حلولٍ نوعي لا يكرّرُ فيه الشاعر التّاريخ العرفاني ولكنْ يبصمهُ بقدْرٍ مناسب من الخصوصية البوحيّة في تجلٍّ شعْريّ يرْسُمُ المعْنى شفّافاً حتّى لا قِبَلَ للغةِ الْمبْضَعِيّة بالْقَبْضِ على تلابِيبِه خشْيَة خدْشِ رقّتِه الْمتناهِية .
وفِي تخومِ النّهاياتِ الْواعِدة بالْبداياتِ الْممتدّة والْمفتُوحة على احْتمالات الضّوءِ ، يُلْقِي الشّاعِرُ بِرَغْبَة الشّرْك المُعْلَنَة والْمُعْلِنَة عنْ قرارِها الدّونيّ بالْفتْكِ بشَخصِ الْعِشق على مقاصِل الْفَتاوى المُغْرِضَة والْعمْياء ... وكأنّنِي بالشّاعر يدِينُ حالات الْعِشْقِ في أزِمنتنا الْمتخَشّبَة والّتي لا تحْتفِي بالْحبّ كما ينْبَغي ، بل تُحارِبُهُ وتمْهضُ أجْنحَته ... دعْوة جميلة جليلة من الشّاعِر ونداء ... أن أنقدوا ما تبقّى من الحبّ ... فبالْحبّ نحْيا ...
إيقاعياً ، أطّرتِ الشّذْرةُ ذاتَها برويّ النون سِتّ مرّاتٍ متكرّرة بذكاء لا يدعو إلى رتابة أو ملل ... في حِرَفِية واضحة بتلوين الموسيقى ، وفي أفق خلق تناوب صوتي يُجلّلُهُ تكرار وَحَدَة { وحدهم } ثلاث مرّات ... لينبُعَ الانسياب الصوتي مُبْهرا شادّا لإصاخات السّمْعِ إلى دلالات وأبعاد الْمتنِ حتّى النهايات ... هكذا يلفّ نسَقُ النون في المخيال العربي وفي المخيال التدلاوي ، نسق الميم ، وكلاهُما صوتا غُنّة وتنْغِيم ... فلا ضيْرَ أن نسَلَ الْعَجَبُ من أنامل سيدي عبدالرّحيم ، قناص اللحظات الصباحية كما سمّيْتُهُ دونَ اسْتِئذان في زمن قديم ... لأنّه دائمُ اليَقَظَة ويحبّ أنْ يبدِع في الصباحات النّديّة
هذا بعضٌ من صديقي عبده ... أتمنّى أن أكون في حجم اللحظة الشعرية التي انبثق منها عشق الفن وعشق الحياة في كفّ رجل يُمجّد الْحيــــــــــاه
...
نورالدين حنيف

تعليق