أمير الشعراء: وما نيل المطالب بالتمني...ولكن أعبر الطريق غلابا
لماذا عبر الحمار الطريق؟ شاركونا بالإجابة
تقليص
X
-
وجدت جدّي هناك يحفر ، أخذت المعول ، أحمل عنه التراب ، حفرنا قبرا عظيما ، دحرجنا الدّابة حتى استوت فيه ، أسدلنا عليها التراب و عيناي معكرتان ، إذن ذهبت أخيرا يا رفيقي ، من في هذا الكون يفهمني أكثر غيرك ، تذكر عندما كنت برعما صغيرا ، أذهب بك كل ظهيرة لاسقيك من ماء الساقية ، أحيانا تغافلني فتهرب مطلقا قوائمك للرّيح ، ترفع القائمتين الخلفيتين حتى يشهد حافرهما وجه السماء ، أحب فيك هذا الجنون ، أحيانا أنا أيضا أقفز مثلك بدون سبب ، أحب أن أنزل بلكمتى أو ركلتي على مكان ما ، و لو على جدار ، تذكر يا صديقي ، يوم أردت أن أكون فارسا ، أركب على ظهرك و تجري بكل ما أوتيت من قوة لأيام و أيام ، لم أحس بك يوما خذلتني ، حتى اشتفيت من الفروسية ، يا لك من رياضي أصيل . تذكر يا صاحبي ، حين أرافقك إلى البيادر ، تدخل مع الدواب في صف و تدورون اليوم كله حتى يدرس البيدر و يصبح حبّا و تبنا ، يومها عندما تخرج من البيدر تكون حوافرك لامعة ، أسير بك إلى الساقية مباشرة ، هناك تلتقي مع الكثيرن من أصحابك تتصارعون بشكل رجوليّ بطوليّ ، لن ينالها إلا من يستحقها ، أعرف أنك مقاتل بارع ، حتى إذا ظن خصمك أنه أقوى منك وقد تشابكت قاوائمكما الأمامية في الفضاء و راسه يعلو راسك وهو هائج يريد قضم أذنيك ، حصدت رجليه الخلفيتين عند هبو ط مباغت و هو لا يزال واقفا ، فيسقط ثم يهرب في أول فرصة ، أنا بجانبك أقف ، لو أحسست أنه سيهزمك سأتدخل ، لكن أنت لا تخيّب ظني ابدا ، أعرفك يا حماري ، رغم أن جسمك فيه بعض نحافة مثلي ، لكنه صلب ، و تتعارك بكثير من الدهاء .
ها أنت غادرت ، أتكون قد شخت فعلا ، ما يؤلمني أنهم ما رحموك ، كنت كلما دخلت فندق البهائم في السوق ، يفرون من أمامك كالجرذان ، والأغرب أن فيهم من هم أضخم جثة منك ، لكن يعرفون قدرك وعزمك ، حتى من لم يتأكد بعد ، فجولتان كافيتان ليؤمن بصغره و ضعف شكيمته ، أنت مسيطر على وضعك فخذ من المتعة ما تشاء . منذ سنة أحسست بذهاب ألقك ، تجلس وحيدا مهموما ، أرى الذباب يحب أن يأخذ قيلولة على جسدك وقرب عينيك ، أطرده عنك و لكنك ما عدت ذلك الحيّ ، فسرعان ما يعود ، وجدتك مستسلما ، هو الزمان غدر بك ، يأكل من قوتك يوما بعد يوم ، هو الزمان يقتات بنا يا حماري ، لا أحب أن أتذكر أنك كنت ضعيفا بعدما شهدتك بطلا فحلا ، كيف وصلت عضّاتهم إلى جسدك كله ، ما تركوا فيك بقعة آمنة ، جدّي المسكين منذ يومين و هو يكمد جراحك ، ماء ساخن و منديل ، كحول ، المروت ، الزيوت ، لكن تنهداتك كانت عميقة ، زفراتك توحي بعياء عميق ، توحي بأسف على شيء لا أعرفه . ما أقسى أن تهان في آخر معاركك في هذا الوجود ، رغم ذلك أنا معك حبيبي ، سأحاول أن أعينك على تقبل مصيرك ، أعرف أنك خجل منّي بالذات ، لكن لست نورالدين إن لم أفهمك ، فلا تتألم كثيرا ، هذه هي الحياة ، تهزمنا أخيرا ، تهتك عرضنا ، تفنينا. نعم أنت الآن تحت التراب لا أحد يعرف مقدار خسارتي اليوم إلاّ أنت .
من مذكراتي كتبت بتاريخ 25ـ 6 ـ 2016
وتتحدث عن الثمانينيات
تعليق
-
-
جميل جداً تعاملك مع حمارك وتأثرك بفراقه. أمتعتناالمشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركةوجدت جدّي هناك يحفر ، أخذت المعول ، أحمل عنه التراب ، حفرنا قبرا عظيما ، دحرجنا الدّابة حتى استوت فيه ، أسدلنا عليها التراب و عيناي معكرتان ، إذن ذهبت أخيرا يا رفيقي ، من في هذا الكون يفهمني أكثر غيرك ، تذكر عندما كنت برعما صغيرا ، أذهب بك كل ظهيرة لاسقيك من ماء الساقية ، أحيانا تغافلني فتهرب مطلقا قوائمك للرّيح ، ترفع القائمتين الخلفيتين حتى يشهد حافرهما وجه السماء ، أحب فيك هذا الجنون ، أحيانا أنا أيضا أقفز مثلك بدون سبب ، أحب أن أنزل بلكمتى أو ركلتي على مكان ما ، و لو على جدار ، تذكر يا صديقي ، يوم أردت أن أكون فارسا ، أركب على ظهرك و تجري بكل ما أوتيت من قوة لأيام و أيام ، لم أحس بك يوما خذلتني ، حتى اشتفيت من الفروسية ، يا لك من رياضي أصيل . تذكر يا صاحبي ، حين أرافقك إلى البيادر ، تدخل مع الدواب في صف و تدورون اليوم كله حتى يدرس البيدر و يصبح حبّا و تبنا ، يومها عندما تخرج من البيدر تكون حوافرك لامعة ، أسير بك إلى الساقية مباشرة ، هناك تلتقي مع الكثيرن من أصحابك تتصارعون بشكل رجوليّ بطوليّ ، لن ينالها إلا من يستحقها ، أعرف أنك مقاتل بارع ، حتى إذا ظن خصمك أنه أقوى منك وقد تشابكت قاوائمكما الأمامية في الفضاء و راسه يعلو راسك وهو هائج يريد قضم أذنيك ، حصدت رجليه الخلفيتين عند هبو ط مباغت و هو لا يزال واقفا ، فيسقط ثم يهرب في أول فرصة ، أنا بجانبك أقف ، لو أحسست أنه سيهزمك سأتدخل ، لكن أنت لا تخيّب ظني ابدا ، أعرفك يا حماري ، رغم أن جسمك فيه بعض نحافة مثلي ، لكنه صلب ، و تتعارك بكثير من الدهاء .
ها أنت غادرت ، أتكون قد شخت فعلا ، ما يؤلمني أنهم ما رحموك ، كنت كلما دخلت فندق البهائم في السوق ، يفرون من أمامك كالجرذان ، والأغرب أن فيهم من هم أضخم جثة منك ، لكن يعرفون قدرك وعزمك ، حتى من لم يتأكد بعد ، فجولتان كافيتان ليؤمن بصغره و ضعف شكيمته ، أنت مسيطر على وضعك فخذ من المتعة ما تشاء . منذ سنة أحسست بذهاب ألقك ، تجلس وحيدا مهموما ، أرى الذباب يحب أن يأخذ قيلولة على جسدك وقرب عينيك ، أطرده عنك و لكنك ما عدت ذلك الحيّ ، فسرعان ما يعود ، وجدتك مستسلما ، هو الزمان غدر بك ، يأكل من قوتك يوما بعد يوم ، هو الزمان يقتات بنا يا حماري ، لا أحب أن أتذكر أنك كنت ضعيفا بعدما شهدتك بطلا فحلا ، كيف وصلت عضّاتهم إلى جسدك كله ، ما تركوا فيك بقعة آمنة ، جدّي المسكين منذ يومين و هو يكمد جراحك ، ماء ساخن و منديل ، كحول ، المروت ، الزيوت ، لكن تنهداتك كانت عميقة ، زفراتك توحي بعياء عميق ، توحي بأسف على شيء لا أعرفه . ما أقسى أن تهان في آخر معاركك في هذا الوجود ، رغم ذلك أنا معك حبيبي ، سأحاول أن أعينك على تقبل مصيرك ، أعرف أنك خجل منّي بالذات ، لكن لست نورالدين إن لم أفهمك ، فلا تتألم كثيرا ، هذه هي الحياة ، تهزمنا أخيرا ، تهتك عرضنا ، تفنينا. نعم أنت الآن تحت التراب لا أحد يعرف مقدار خسارتي اليوم إلاّ أنت .
من مذكراتي كتبت بتاريخ 25ـ 6 ـ 2016
وتتحدث عن الثمانينيات
تعليق
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركةجلال الدين الرومي: الحمار في طريقه نحو الفتوحات المكية
الفتوحات المكية لإبن عربي يا صديقي، هذا ما أعرفه ولم اقرأ للرومي من قبل .
تعليق
-
-
اه من الزلة! أشكرك إذ كنت صاحيا وانا في غفلة. سأصححها حالاً. وهو المؤلف الضخم الدي ألفه ابن عربي طوال عدة أعوام. تحيةالمشاركة الأصلية بواسطة زياد الشكري مشاهدة المشاركةالفتوحات المكية لإبن عربي يا صديقي، هذا ما أعرفه ولم اقرأ للرومي من قبل .التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 11-11-2017, 17:39.
تعليق
-
-
قانون وضعي :
1- الحمار يحترم إشارة قف .
2- الحمار يقطع الطريق بممر الراجلين .
3- الحمار ينتبه لتحديد السرعة .
4- الحمار يتحمل الوزن الزئد .
5- الحمار يضرب بالعصا ولا يقول أح ....
6- ......[frame="1 98"]
*** حفصة الغالية أنت دائما في أعماق أعماق القلب, رغم الحرمان...فلا مكان للزيارة ما دمت متربعة على عرش القلب.
***
[/frame]
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 10017. الأعضاء 1 والزوار 10016.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 1,072,363, 21-10-2025 الساعة 14:58.
تعليق