لغز ابن رشد في لوحة "الفلاسفة الثلاثة" للرسام Giorgione

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #16
    جزيل الشكر لك، عزيزي نور الدين، لتفضلك بربطك في مداخلتك بين المشائية عند الإغريق و مثيلاتها عند المسلمين مع تبيان للفارق بين المدرستين الفلسفيتين. جاء في مداخلتك العديد من الأطروحات المهمة والمتضاربة في آن، كانت ولا تزال سبباً لنشوب الصراعات الفكرية (جعلها البعض عقائدية - الفيض و الرشدية مثلاً) سوف أعود إليها لضرورة تناولها بالدرس والتحليل. في انتظار عودة الصديق الهويمل و عودتك أنت إلى الحديث عنها، سوف أعرج بنا إلى السيمياء.

    ورد في مشاركتك الأخيرة أسماء لأعلام عرب و غرب التصق اسمها بالفلسفة الأرسطية/الرشدية إما من باب التأييد أو التنكيل. من جملة من ذكرتهم: أرسطو، ابن رشد، توما الاكويني Thomas d’Aquin صاحب
    المدرسة الطومية Thomisme

    الأسماء الثلاثة لها علاقة تاريخية فلسفية فكرية عقائدية جد وطيدة بشهادة الحجم الخيالي للكتب و البحوث التي خصصها الفكر الشرقي والغربي معاً لدراسة الشخصيات الثلاث منهاجا وفكرا و تأثيرها على الفكر الفلسفي عبر العصور.
    اللوحة التي بين أيدينا اشتهرت باسم "الفلاسفة الثلاثة". ذهب العديد من المحللين المبرزين إلى تأويل الشخصيات الثلاث تحت مجهر التاريخ الفلسفي للفكر الشرقي والغربي مما دفعهم للقول بأن الثلاثة هم : أرسطو (الشيخ)، ابن رشد (صاحب العمامة) ثم توماس الأكويني (الشاب). سيميائياً، هنالك مبدأ ثابت يقول على أن شكل الشيء وإن لم يكن المعنى الظاهر فهو خطوة أولى ضرورية للولوج إلى جوهره. هنا نتساءل: الشخصيتان الواقفتان في اللوحة (أريطو و ابن رشد) تم تجسيدهما "شكلا" (أي عن قصد تام) في حركة المشي (المشائية هنا رمزاً) ثم في حالة حوار (يدل عليه القرب و حركة اليد الخ). نعلم علم اليقين على أن ابن رشد لقب ب"الشارح الأكبر" Le grand interprète في إشارة إلى أعماله الضخمة لتقديم و التعليق على كتب وفلسفة أرسطو. إذن شكل الشخصيتين في اللوحة يرمز إلى جوهر العلاقة بين الرشدية و الأرسطية كمدرستين فلسفيتين متلازمتين ومتطابقتين في أكثر من مسألة (و على رأسها مسألة العقل و دوره في الاستنباط).
    دائما نبقى مع قضية الشكل. الشاب الثالث (توما الأكويني) تم تجسيده بشكل مخالف تماما: القعود، الوجهة، الانشغال...وهو تجسيد "مخالف" الكلية لتجسيد ابن رشد و أرسطو. لا يخفى على المتخصصين في الميدان كون توما الأكويني من أشد الفلاسفة الغربيين انتقاداً (كرها!؟) لابن رشد الأندلسي خاصة و لما كان يطلق عليه "الرشدية" Averroïsme في العصور الوسطى الغربية. راجع إن شئت الرواية الضخمة The Name of the Rose Le nom de la rose لعميد السيميائيين المعاصرين الراحل الإيطالي Umberto Eco التي ذكر فيها الصراع الفكري بين ابن رشد و توما الاكويني بحيث أن الكنيسة آنذاك أصدرت مرسوما ينعت بموجبه كل ممارس للفكر الرشدي ب "الهوس" أو الخروج عن الملة. وما أدراك ما هذا النعت في العصور الوسطى الغربية! كل من نعت به كان مئاله إلى الحرق حياً أو التعذيب والتنكيل حتى يعلن توبته. Excommunication بالمفهوم الكنسي.

    اذن شكل الشاب الذي لا يلتفت إلى ابن رشد وأرسطو رمز على التعارض بين المدرستين جملة وتفصيلاً. والتحليل التاريخي للوحات أخرى بارزة إما تحليل Diachronique أو Synchronique يوطد لنا هذا الصراع بين الفكر الأرسطي/الرشدي من جهة و الأكويني/المسيحي ضد الرشدي/الإسلامي من جهة أخرى. اللوحات التي ظهرت في الشريط الذي قدمه لنا أستاذنا الهويمل خير دليل على ذلك.

    أتركك نور الدين توضح لو أمكن نسخة الصراع المتجددة في فكر د.طه عبد الرحمن و نقيضه عند الجابري على ضوء الجدل القديم في نسخة الغزالي و ابن رشد.

    نواصل.

    تعليق

    • نورالدين لعوطار
      أديب وكاتب
      • 06-04-2016
      • 712

      #17
      أهلا بك عزيزي

      ربما سيتشعب الموضوع قليلا لذلك لن أبسط فيه قدرما سأبسّط و أختزل

      الجابري قام بعمل جبّار لن يقوم به إلا محقّق رزين لا يستعجل الوصول إلى النتائج، فهو قام باستقراء شبه موضوعي لحركية العقل العربي منذ النشأة ووصل إلا خلاصات وشخّص الدّاء في كون تقهقرنا ناجم عن توقفنا عند اللحظة التي وجدنا فيها الطريق الذي سيؤهلنا إلى السيادة، وعزا ذلك لسيطرة الاتجاه العرفاني في التفكير متمثلا في عقلية الغزالي أي الأشعرية التي قضت على المعتزلة. فمنهجية الجابري هي استقراء ما أنتجه العقل العربي منذ عصر التدوين، استقراء متبوع بتحليل. فقد حلّل طريقة عمل العقل اللّغوي العربي حين حصر المعجم العربي وقعّد اللّغة أي ميلاد اللغة العربية أو على الأقل اكتمال أسسها وهي نفس المنهجية التي بنيت عليها أصول الفقه، كعلم بياني صريح.
      عادة ما يهمني في العمل هو المنهج أي كيف انطلق المشروع.

      طه شيء مختلف تماما، هو تعالى على الاستقراء بل وضع المعايير أولا. معايير من خلالها سيهدم العقل المجرّد أو المحض، ومن خلال هذه المعايير بيّن قصور العقل المجرّد، أي جعله يخفق في اجتياز الامتحان.
      الجابري لم يهدم ليبني، بل حلّل و قام بدراسة مقارنة بين الأنظمة المعرفية السائدة وقتها وخلص إلى نتيجة، طه هدم بغية الهدم، وبعدها إقامة مشروعه الذّاتي و تعميم تصوره.
      إن وجدت وقتا يوما ربما بسطت عمل الرّجلين. وهذا طبعا إن وجدت جدوى لذلك. فأنت تعرف أن عالم الفكرة غير جذّاب في ثقافتنا، ومن قرأ الجابري بتمحص ربّما عرف بعض الأسباب.
      لكن أن يكون الرّجلان في رحاب المشائية وما قبلها فهذا أيضا صريح، وربما خطا إقبال خطوة أكبر حين اشتغل على فلسفة هيجل.

      في انتظار تحليل اللوحة تحياتي

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #18
        نعم، بخصوص فكر الجابري (عليه رحمة الله). كنت أطالع بعض مقالاته على موقعه الشخصي وكنت أجد فيها نوعاً من الغموض راجع ربما لعدم مقدرتي على استيعاب المفاهيم المطروحة. لكنني على العكس تابعت بشوق معرفي و لذة فكرية ممتعة كل ما جاء في كتب الغزالي في مسألة التصنيف العقائدي و الفكري للحكماء (الفلاسفة) و مشروعه حول "التهافت" و كذلك نفس المتعة بل أكثر عند ملامستي لصفحات ابن رشد حول القضية و خاصة "تهافت التهافت". كان هذا وأنا في نهاية السلك الثانوي ومعرفتي جد محدودة. أما عن السيميولوجيا، فالحمد لله طرحت -ولأول مرة في تاريخ تدريس دكتوراه السيميولوجيا في جامعة كيبيك بمونتريال - فكرة مشروع الاهتمام بابن رشد و حملة توما الاكويني عليه من خلال الطرح الابستمولوجي و السيميولوجي للعديد من المفاهيم السيميائية. ومنه اهتمامي بلوحة جورجيوني هاته.

        نواصل.
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 14-02-2018, 21:55.

        تعليق

        • الهويمل أبو فهد
          مستشار أدبي
          • 22-07-2011
          • 1475

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
          في هذه الخطوة يجرنا التحليل السيميائي للوحة "الفلاسفة الثلاثة" إلى الحديث عن "المدرسة المشائية". المرجو من أستاذي الصديق الهويمل أن يتفضل بتذكيرنا بأهم محطات الفكر الأرسطي من خلال تجربته داخل المؤسسة المذكورة. نكون لك شاكرين. و لو أمكن لعزيزي نور الدين أن يأتينا ببعض ما أوتي من معرفة حول المشائية و أرسطو.
          سوف أتابع بعدكما إن شاء الله بالجانب السيميائي للوحة.

          تحياتي للجميع.

          أستاذ محمد شهيد
          أهلا بك بعد غيابك الاستجمامي، ولعلك جددت نشاطك الذهني
          حقيقة لم افهم حاجتك، لكنني أخذت مشاركات الأستاذ لعوطار دليلا، وقد استمتعت بقراءة طرحه
          وليس له علاقة بما قد يأتي من أخطاء في مشاركتي

          ظننت انك تريد ما قال أرسطو في السيمياء، وفي عجالة مخلة لا شك:
          المشهور عن مؤرخ الفلسفة ألفرد نورث وايتهيد (Whitehead) أنه قال: إن الفلسفة الغربية مجرد سلسلة هامش طويل على فلسفة أفلاطون. والمعلوم أن أرسطو تلميذ أفلاطون، وقد أنزل الفلسفة من السماء (كما هي عند أفلاطون وعالم "مُثُلـ"ـه) إلى الأرض. وهنا أصبحت المحاكاة "طبيعية" على عكس "مثالية" أفلاطون. لكن بقي الطرح الفلسفي نفسه سواء تعلق الأمر بالمحاكاة أو باللغة أو "العلامة". بل إن نظرية أرسطو حول اللغة تنطلق من حوار أفلاطون المسمى كراتيلوس Cratylus. والمقولة العربية (لكل امرء من اسمه نصيب) تدين لأفلاطون، ربما عن غير علم بنظرية الإغريقي. إذ يرى أن ثمة (عاطفة) ما تربط المُسمَّى بالمقاطع الصوتية التي تسميه. أرسطو رغم تعقيد طرحة ينتهي إلى هذه العلاقة العاطفية لأسباب غير أسباب أفلاطون. اللغة عند أرسطو تنقسم إلى منطوقة وغير منطوقة. الأولى تتألف من رموز (symbola) وغير المنطوقة تتألف من علامات (semeia). بهذه الخصائص فإن "المجاز (metaphor)" يلعب دورا أساسيا في اللغة سواء كانت رموزا أو علامات. اللغة تخدم التواصل بين المرء وعلاقته بغيره و"أشياء" الكون. إذن اللغة "تنقل" أسماء أو رموزا أو/ و علامات. والمجاز هو "نقل" اسم "شيء" إلى "شيء" آخر. والمجاز في أعقد صوره هو "قياس منطقي" (syllogism) (syl·lo·gism). الأهمية في القياس المنطقي تكمن في (logi). وهي تعني تماما ما تعنيه في الترجمة العربيه (صوت أو نطق/ منطق). صعب على العربي أن يربط مفردة "منطق" بحروفها (وكنت أنا من غزية ولا فخر). على أيتها حال، كل هذه مقدمات ينبغي أخذها في الحسبان.

          نأتي إلى العلامات غير المنطوقة لأنها المعنية بالقياس المنطقي ولها سمات منطقية بمفهومه الفلسفي (مقدمة كبرى ومقدمة صغرى ونتيجة): هذا يجعل نظرية العلامات ذات صبغة منطقية وابستيمولوجية وبذلك تصبح العلامة (غير الصوتية) مركزَ أو أسَّ إشكالية المعرفة المكتسبة (كيف تتشكل المعرفة أو العلم بالشيء). وفي المقابل، يرتبط الرمز اللساني (symbol) بالعلاقات بين التعبير اللساني والمفهوم المجرد أو التجريدي، وهيئة أو وضع الأشياء في الكون. في تفسيره لهذه العلاقات يستخدم أرسطو ثلاثة مصطلحات: (1)الأصوات المنطوقة وهي رموز لـ (2) عواطف الروح (الروح هنا حقيقة هي النَّفَس والنفس هو النطق logi) وعواطف الروح هي نفسها (images) صور الـ(3) الأشياء الخارجية. "صور" (semeia) هنا لا ينبغي خلطها بالرموز بل تعني تحقق وجود الأصوات والحروف وجودا عينيا بوصفها دليلا على وجود "عواطف الروح" الموازي.
          نظرية العلامة الأرسطية تختلف عن نظريته اللسانية. من حيث أنها في الوقت نفسه ذات صبغة معرفية ووجودية ولهذ فهي "أداة" إدراك أو "علم" كما هي الحال في مقولة العرب التقليدية "إعلم يا هذا"، وبهذا فهي توجّه أو تدل اهتمام الذات المدركة (العالمة) لتُحقّق العبور من حقيقة إلى أخري. ثم إن العلامة ذات طبيعة منطقية نابعة من كون العلامة آليّة شكليّة (formal) تحكم أو تقنن وظيفتها.

          معذررة: اختلطت الفقرات فاضطررت إلى الإعادة

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #20
            أستاذي الغالي الهويمل أبو فهد،
            سلام الله عليك، و قد اشتقت إليك طيلة مدة غيابي. أشكرك جزيل الشكر على تفضلك بتلبية الطلب حين حديثنا عن المشائية و المدرسة الأغريقية في علاقتها مع السيميولوجيا كما نعرفها اليوم (من خلال ما وصلنا إليه جميعاً في سبرنا لأغوار لوحة "الفلاسفة الثلاثة").

            عدتَ بنا إلى درس أكاديمي مهم داخل منظومة تدريس السيميولوجيا كما تلقنته في سلك دكتوراه التخصص. الدرس بعنوان: تاريخ السيميولوجيا. المقرر: Le Cratyle الذي ذكرته، مشكوراً، في مداخلتك. وذلك لما له من بالغ الأهمية في معرفة جذور المفاهيم الابستمولوجية المعتمدة اليوم في دراسة واحدة من بين أعقد و أقدم مادة تندرج تحت غطاء "العلوم الإنسانية" : السيميولوجيا. و لو أن التسمية كانت إلى غضون أواخر القرن التاسع عشر، تنتمي إلى معجم الطب، إذ كانت شعبة في ندريس الطب تسمى سيميولوجيا : أي علم تشخيص الأمراض. أما عند القدامى، كما جاء في ردك، فالأصل في كلمة سيميولوجيا Semeion، Signe أي الإشارة أو الرمز عند البعض، و الكلمة أو الاسم Name And Word عند الآخرين. و أصل الجدال في تسمية المسميات أهو اعتباطي صرف أم تداولي، أهو من السماء، أم من البشر؟ (فحوى حوار سقراط مع كراتيلوس). الجدل أعاد صياغته و طرحه من جديد "أب السيميولوجيا الحديثة" الفرنكوفونية خاصة: اللغوي السويسري De Saussure (الذي طلب بإنشاء علم جديد يدرس "حياة الرموز" La vie des signe و يشمل كل أنواع الرموز بما فيها اللغويةLinguistique و غيرهاNon linguistique. وهو مشروع ضخم للغاية. بحيث أن كل شيء محيط بنا هو بمثابة Signe. وهنا اختلاف طفيف مع Semioticsعند الانجلو ساكسون، و مدرسة المؤسس لها: Peirce الذي طلب بأن تكون السيميوتيكس نظرية شكلية Formal فيدراسة الرموز
            (كما ذكرت في مداخلتك)

            إذن، منذ القدم وإلى اليوم، رغم اختلاف الفلاسفة و السيميائيين حول أصل الرمز أهو من الطبيعة (السماء (أفلاطون/ كراتيلوس) أو من البشر(سقراط يقول بهذا أولا ثم يصوبه فيما بعد محاولاً الأخذ بالرأيين في شكل توافقي، يبقى الإجماع على أنها قضية في بالغ الأهمية في كل مسار معرفي : الشيء الذي أشار له القرآن في أن الله علم آدم الأسماء كلها (التسمية من الله و تداول المسميات تعلمه البشر وعلمه).

            وهنا أصل الأصول، و فيه قال الأستاذ Daniel Bougnoux المتخصص في دراسة Information/Communication قولة المشهورة العجيبة:

            L'homme descend davantage du signe que du singe : il tient son humanité d'un certain régime symbolique ou signifiant.

            الإنسان أصله Signe رمز أكثر منه Singe قرد. التجانس Signe و Singe يعطي للمقولة الفرنسية عذوبة لا تترجم ههه


            الشيخ الهويمل، أشكرك مجددا على جدية تفاعلك مع موضوعنا هذا، الذي لولاكم جميعاً لما استفدنا منه شيئاً يذكر.

            و لنا عودة لمتابعة التحليل مع الهوامش الفلسفية التي تنعشون بها الفقرة.

            تحية ود و تقدير.

            تعليق

            • سليمى السرايري
              مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
              • 08-01-2010
              • 13572

              #21
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              -
              لقد دخلتُ هذا المتصفح كي اكتشف ما يحتويه ويدي الصغيرة على قلبي لأنيّ أدرك مسبقا المستوى الثقافي والأدبي والمعرفي
              لأستاذي العزيز محمد شهيد، فهالني ما وجدتُ...
              !!!
              موضوع يستحق المتابعة حقّاً بمشاركاته بأقلام أساتذة أجلاّء :
              الأستاذ الهويمل أبو فهد – الأستاذ نورالدين لعوطار
              الأستاذ مصباح فوزي رشيد – الأستاذ حسين ليشوري..
              -
              وفعلا لقد مررت بكل المشاركات وقرأتها بإمعان شديد والتي أثْرت مخزوني الثقافي لأني هنا أتعلّم وتلميذة في حضرة الأساتذة...
              ووجب الشكر والامتنان على المبادرة بموضوع ثريّ مفيد تفضّل وتكرّم به أستاذي محمد شهيد.

              -
              أحببت السؤال :
              1 هل كان لأرسطو منهجا محددا سار عليه في بحثه السياسي ،
              أم أنها كانت مجرد آراء تمثل وجهة نظر مفكر بارز له دوره في مجالات شتى؟

              2 هل بنى أرسطو مذهبه السياسي على ما آمن به كثابت من ثوابت الوجود والطبيعة ؟
              3
              إذا كان أرسطو قد التزم بقواعده البحثية فهل لهذه السياسة من وجود في عصرنا
              أم أنها أصبحت في عداد الذكريات ومجرد ثقافة عامة يتثقف بها محبي التاريخ والفلكلور الشعبي؟

              -

              تقبّلوا منّي مروري المتواضع ولكم فائق التقدير والاحترام
              لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

              تعليق

              • سليمى السرايري
                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                • 08-01-2010
                • 13572

                #22
                0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000.jpg


                لأتحدّث قليلا عن اللوحة من الناحية الفنّية

                أوّلا تعريف باللوحة :
                الفلاسفة الثلاث
                للرسام الإيطالي جيورجيوني
                1508
                ـ 1507
                زيت على قماش
                123 × 144
                سم
                من مقتنيات متحف تاريخ الفن في فيينا، النمسا
                قد وظّف الرسام الألوان الترابيّة الطبيعيّة بين البنّي المتماوج والأحمر القاني وجمّلها بالذهبي
                الذي يتماشى جدا مع الألوان المذكورة لذلك هي تتميّز بالظل والضوء
                وهي من أهم لوحات الفنان الإيطالي جيورجيوني الذي ولد في مدينة صغيرة بالقرب من مدينة البندقية

                و توفي الفنان الإيطالي جيورجيوني في سنّ صغيرة بعمر الثلاثة والثلاثين عام 1510م ...
                -

                وبسبب قلة التدوين في هذا الزمان لم يصلنا إلا أعمال بسيطة حوالي ستّة لوحات فنية فقط وأشهرها لوحة الفلاسفة الثلاثة
                وهي عبارة عن ثلاثة رجال في الطبيعة .
                وفي الأفق يوجد بعض التلال تحتضن قرية صغيرة ولكن يظل اللغز هو ماذا يفعلون ؟
                -

                اللوحة أثارت كثيرا من الجدل والفرضيات المختلفة ، هي واقعية وأقرب إلى المنطق ...
                و الرجال الثلاث يمثلون حقب حضارية مختلفة :
                1- فالشاب الجالس على الأرض
                يمثل عصر النهضة الأوروبية..

                2 الرجل باللباس العربي في المنتصف ، فهو رمز الحضارة الإسلامية في قمة
                3 العجوز ذو اللحية البيضاء ويمسك في يديه لوحة كرتونية أو ورقة يخبئها داخل ملابسه بعناية فائقة
                تدل على انها ذات أهميّة ، فهو يرمز للحضارة اليونانية القديمة أي الأصل القديم للحضارة الأوروبية
                .

                -
                إذا، اللوحة ترمز لثلاث حضارات مختلفة ، وتظل الفكرة الجمالية تسيطر على اللوحة وكذلك الغموض الفني المدهش
                بالوانه الترابية المتوهجة.

                -


                فائق التحية

                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                تعليق

                • محمد شهيد
                  أديب وكاتب
                  • 24-01-2015
                  • 4295

                  #23
                  عليكم السلام ورحمة الله و بركاته،
                  الأستاذة القديرة والفنانة الموهوبة سليمى السرايري،
                  أولا باسمي و نيابة عن الأساتذة المشاركين معنا في المتصفح، دعيني أرحب بك معنا و لو أننا نحن الضيوف في قسم من إشرافك. أشكرك على ما تفضلت به من قراءة فلسفية واعية و إضافة فنية وازنة أثرت الموضوع و أعادته للواجهة.

                  بالنسبة للمعلومات الفنية التي ذكرتها، هي بالفعل صحيحة و التأويل للألوان interpretation chromatique كما تعلمين له أسس علمية دقيقة أنت أعلم مني بها، لذلك الباب مفتوح لك كي تفيدينا بكل ما تملكين من معرفة في هذا المجال من شأنها أن تساعدنا على سبر أغوار لوحة العبقري جورجيوني هاته.

                  مرة أخرى، أشكرك على حسن استقبالك للموضوع.

                  تحية طيبة.
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 22-02-2019, 20:58.

                  تعليق

                  • محمد شهيد
                    أديب وكاتب
                    • 24-01-2015
                    • 4295

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة

                    صأحببت السؤال :
                    1 هل كان لأرسطو منهجا محددا سار عليه في بحثه السياسي ،
                    أم أنها كانت مجرد آراء تمثل وجهة نظر مفكر بارز له دوره في مجالات شتى؟

                    2 هل بنى أرسطو مذهبه السياسي على ما آمن به كثابت من ثوابت الوجود والطبيعة ؟
                    3
                    إذا كان أرسطو قد التزم بقواعده البحثية فهل لهذه السياسة من وجود في عصرنا
                    أم أنها أصبحت في عداد الذكريات ومجرد ثقافة عامة يتثقف بها محبي التاريخ والفلكلور الشعبي؟

                    -

                    تقبّلوا منّي مروري المتواضع ولكم فائق التقدير والاحترام
                    أترك الإجابة على هذه الأسئلة للأساتذة الكرام نظراً لكونهم أكثر دراية مني بفحواها. فليتفضلوا بالإفادة مشكورين.

                    تعليق

                    • سليمى السرايري
                      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                      • 08-01-2010
                      • 13572

                      #25
                      شكرا أستاذي الكريم محمد شهيد
                      وفي انتظار عودة الكبار للنقاش والإفادة،
                      تقبّل منّي فائق التقدير والاحترام.

                      ورود راااائعة.jpg

                      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                      تعليق

                      • الهويمل أبو فهد
                        مستشار أدبي
                        • 22-07-2011
                        • 1475

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        -
                        لقد دخلتُ هذا المتصفح كي اكتشف ما يحتويه ويدي الصغيرة على قلبي لأنيّ أدرك مسبقا المستوى الثقافي والأدبي والمعرفي
                        لأستاذي العزيز محمد شهيد، فهالني ما وجدتُ...
                        !!!
                        موضوع يستحق المتابعة حقّاً بمشاركاته بأقلام أساتذة أجلاّء :
                        الأستاذ الهويمل أبو فهد – الأستاذ نورالدين لعوطار
                        الأستاذ مصباح فوزي رشيد – الأستاذ حسين ليشوري..
                        -
                        وفعلا لقد مررت بكل المشاركات وقرأتها بإمعان شديد والتي أثْرت مخزوني الثقافي لأني هنا أتعلّم وتلميذة في حضرة الأساتذة...
                        ووجب الشكر والامتنان على المبادرة بموضوع ثريّ مفيد تفضّل وتكرّم به أستاذي محمد شهيد.

                        -
                        أحببت السؤال :
                        1 هل كان لأرسطو منهجا محددا سار عليه في بحثه السياسي ،
                        أم أنها كانت مجرد آراء تمثل وجهة نظر مفكر بارز له دوره في مجالات شتى؟

                        2 هل بنى أرسطو مذهبه السياسي على ما آمن به كثابت من ثوابت الوجود والطبيعة ؟
                        3
                        إذا كان أرسطو قد التزم بقواعده البحثية فهل لهذه السياسة من وجود في عصرنا
                        أم أنها أصبحت في عداد الذكريات ومجرد ثقافة عامة يتثقف بها محبي التاريخ والفلكلور الشعبي؟

                        -

                        تقبّلوا منّي مروري المتواضع ولكم فائق التقدير والاحترام
                        أهلا أستاذتنا البلورية وتحية تليق بحضورك
                        وبعد
                        اسمحي لي أن أغتنم الفرصة قبل حضور الأستاذ لعوطار الذي بالتأكيد سيثرينا

                        بالنسبة للمعلم الأول أرسطو فإنه يُعدّ منهجيا في كل طروحاته ويمارس هذه المنهجية في كل ما يطرح
                        تقوم منهجيتة دائما على (العِلل الأربعة): العلة الفاعلة (النجار مثلا أو السياسي)، والعلة المادية (الخشب أو الجمهور)،
                        والعلة الشكلية (باب أو نظام حكم)، وأخيرا العلة الغائية (الغاية من الشيء سواء كان ماديا أو معنويا)
                        بمعنى -- استخدام الباب للدخول والخروج، في السياسة انقياد الجمهور واتباع القوانين

                        بناء على هذة العلل يقوم أرسطو بتحليل كل ما هو (موجود أو متفق على وجوده إن كان أمرا معنويا).
                        وبهذا الانضباط المنهجي انطلق البنيويون وعدوه البنيوي الأول وكذا فعل الشكلانيون. يبقى أن يدرك العرب
                        أن معنى مفردة السياسة عند أرسطو ليست ما يتبادر له الذهن اليوم (وإن لم يختلف الأمر واقعيا).
                        فالفلسفة عند الإغريق تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأخلاق، والاقتصاد، والسياسة: وكل منها سياسة أو إدارة

                        الأخلاق: معناها إدارة/سياسة الذات
                        الاقتصاد: معناه إدارة/ سياسة المنزل (فكلمة منزل جزء من كلمة اقتصاد الإغريقية)
                        السياسة: معناها إدارة/ سياسة المدينة (كانت المدن الإغريقة ممالك مستقلة)
                        حسب نظرية العلل، أرسطو لا يقارب ما هو غير موجود وقد أنكر على أفلاطون
                        حاجتنا إلى عالم المُثل حتى نحكم على المحاكاة (الأدب -- المسرحي خاصة) ثم
                        أنه هو صاحب مقولة (الإنسان حيوان سياسي)

                        لا أظنه يحتاج أن يؤمن بثابت أو متغير : هو يرى ويحلل حسب العلل الأربعة
                        أما إن كان لنظريته وجود اليوم؟ الجوب: هل تغيرات علل السياسة؟

                        المعذرة إن كان في ردي قصور
                        ولك وللجميع تحياتي وتقديري

                        تعليق

                        • سليمى السرايري
                          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                          • 08-01-2010
                          • 13572

                          #27

                          و
                          لك كل الشكر والإحترام سيدي العزيز الهويمل أبو فهد
                          على ما جاء في ردك من جزئيات صغيرة ودقيقة غائبة عنّي في بحر المعرفة الشاسع
                          وكما ذكرت، أثارني الموضوع الذي افادني ومازال نظرا لعمقه وتشعباته واتجاهاته الكثيرة.
                          -
                          "الفلسفة عند الإغريق تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأخلاق، والاقتصاد، والسياسة: وكل منها سياسة أو إدارة"
                          اعتقد هذه الفلسفة كافية ان تجعل الشعوب متقدّمة لو وقع تطبيقها في زمننا الحالي
                          وذكّرني القسم الأوّل : الأخلاق بهذا البيت لمعروف الرصافي إذ يقول :
                          **

                          هــــي الأخلاقُ تنبتُ كالنبات = اذا سقيت بماء المكرمـــاتِ
                          تقــــوم إذا تعهدهـا المُربـــي = على ساق الفضيلة مُثمِرات
                          وتسمو للمكارم باتســـــــــاقٍ = كما اتسقت أنابيبُ القنــــاة
                          وتنعش من صميم المجد رُوح = بأزهارٍ لها متضوعـــــات
                          **
                          أما الاقتصاد فهو النقطة المهة في نجاح سياسة الدولة.
                          -
                          سيّدي الكريم تقبّل منّي فائق التقدير والاحترام
                          /
                          /
                          سليمى



                          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                          تعليق

                          • محمد شهيد
                            أديب وكاتب
                            • 24-01-2015
                            • 4295

                            #28
                            بدوري أتقدم بالشكر الجزيل لأستاذنا القدير أبوفهد على تعجيله بالاستجابة و طرحه، باقتضاب و دقة، لمجموعة من المفاهيم التي يتمحور عليها الفكر الأرسطي خاصة و الفلسفة الإغريقية عموماً.
                            و على ذكر المفهوم الثلاثي (أخلاق، سياية، اقتصاد) الذي عليه نشأ كتاب أرسطو الشهير ethika nikomacheia، و محاولة مني لربط النقاش الفلسفي بالفن الإيطالي المتجسد في حقبة عصر النهضة العليا High Renaissance، و نظراً لأهمية "الأخلاق" عند أرسطو، فإنني أشير بالمناسبة إلى لوحة "عملاقة" سبقت أن ذكرتها، هي للرسام الإيطالي Raphaël والتي تعرف في الأوساط المختصة باسم : "مدرسة أثينا". اللوحة كما تعلمون جميعاً تجسد أكبر مجموعة من الشخصيات الفلسفية و العلمية عبر العصور منذ الإغريق و حتى مطلع عصر النهضة، و من بينهم ابن رشد و أرسطو و أفلاطون... الشاهد الذي يهمنا هنا، هو الكتاب الدي يحمله أرسطو في اللوحة: Ethika نفسه مع الإشارة إلى الوجهة التي تشير إليها يده الأخرى، اتجاه العالم الملموس على عكس يد أستاذه أفلاطون التي تشير إلى السماء (عالم المثل) بينما يحمل في يديه كتابه (Timaeus أو Diaolgue).

                            ومنه يستنتج على أن كلام أستاذنا الهويمل دليل إآخر على أهمية "الأخلاق" بشقيها السياسي و الاقتصادي (حسب التعريف الأرسطي).

                            ننتظر التنتمة مع نور الدين.
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 27-02-2018, 19:24.

                            تعليق

                            • نورالدين لعوطار
                              أديب وكاتب
                              • 06-04-2016
                              • 712

                              #29
                              أهلا وسهلا
                              بالأساتذة الأفاضل وترحيب خاص بالأستاذة سليمى السرّاري.

                              إن صحّ رأيي فأرى سقراط فليسوف أخلاق وأفلاطون فيلسوف سياسة، وأريسطو فيلسوف معرفة.

                              انهيار أتينا أمام اسبرطة جعل همّ أفلاطون الأول هو كيف وقعت الهزيمة أمام شعب غير متحضر لذلك بنى الجمهورية على عمود النظام الاسبرطي، بما فيه من شيوعية وعسكرية نقّحها بالحاكم الفيلسوف، وهنا للإشارة نتحدث عن دولة المدينة وليس الدولة الامبراطورية، رغم محاولاته العديدة لتجسيد الجمهورية فشل أفلاطون ممّا جعله يتنازل في النهاية عن فكرة القائد الملهم ويتبنى دولة القانون شريطة أن لا تكون ديمقراطية أي حكم الغوغاء الذي أدّى إلى انهيار أتينا.
                              أريسطو هو أستاذ الاسكندر الأكبر المقدوني، ويكفي هذا للاعتراف بأريسطو كأستاذ ملهم، رغم أنه لم ينظّر للامبراطورية، فأريسطو رجل معرفة بالخصوص لذلك تناول السياسة معرفيا وفق مبدأ العلل الأربع كما وضّح أستاذنا الكبير الهويمل، فالمادة عنده هي سكان المدينة والصورة هي الدستور والعلة الفاعلة هي الحاكم والغاية هي السعادة والرقي. وإن كنا نعلم أن الصورة هي العقل"المنطق" عند أريسطو أي القانون فهو يرى أن القانون يجب أن يكون مستمدّا من الواقع " القانون الطبيعي" ويرى السياسة صنعة أي يؤمن بالتربية والتكوين السياسي.
                              أمّا حضور أريسطو إلى اليوم في السياسة فيتمثل في دولة القانون.
                              تحية لأساتذتنا الكرام.

                              تعليق

                              • محمد شهيد
                                أديب وكاتب
                                • 24-01-2015
                                • 4295

                                #30
                                أشكرك صديقي نور الدين على تفضلك بإغناء النقاش حول القضايا التي طرحتها الأستاذة سليمى السرايري.
                                و لي عودة من أجل التعقيب.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X