عائد من الظل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عجلان أجاويد
    مشاكس و عنيد
    • 03-01-2017
    • 238

    #31
    شقيف الشقفاوي
    من روايتي 34 (عائد من الظل )
    غادرت النوارس بحيرة ملالة و تفرقت على القمم المجاورة ، و اتخذت المغارات و الكهوف مأوى لها ، و لم يبقى على ضفافها سوى الضفادع و الجرذان التى تصطاد في المياه العكرة ، كان بوشليح و الوهاب و مسعود الطويهري و بن سويعد قد ألفوا العيش بين جدران الأكواخ الطينية المتناثرة على سفح جبل لعراكب ، يترصدون أعراض الأهالي و أموالهم بغطاء الجهاد ، و التعرض للمدنيين بحجة محاربة الاستعمار ، تذكر النمس الليلة الظلماء حين قدم الوهاب إلى بيته بحجة أخذ حصانه الأدهم في مهام سرية و بتكليف من الجبهة كما ادعى ، و لما رآه غاشما و حقودا و استعصى على الانصراف ، انصاع له و سلمه السرج و اللجام ثم هم عائدا
    قال النمس بلهجته المعهودة و هو ينقر أحجار الدومينو:
    _ لو عاش الوهاب إلى الاستقلال لنغص علينا عيشنا ، لكن الله عظيم اختصر له ذنوبه ، فاستفاد أقاربه من منح الجهاد و امتيازاته
    فتح بوخن فمه و هو معجب بشجاعة النمس و قدرته على تحديهم في قول الحقيقة ، خصوصا والظروف الأمنية صعبة و محرجة ، و لا أحد يضمن أنفاسه للحظة قصيرة ثم مد رجله تحت الطاولة و نكز النمس ، و تاه في الظل
    كان عمي بوخميس يتقدم كتيبة أولاد علال بصدره العاري ، و يقبض على الرشاش بقبضة من فولاذ ، لم يكن يتوقع أن جيش الاحتلال قدم من أربع جهات ، من الشقفة و الطاهير و من الشحنة و برج الطهر ، رغم ذلك تقدم في عمق العدو و أسكن الرعب في قلوب أفراده ، و استشهد في ريعان شبابه تاركا ابنه و عمره لا يتجاوز السبعة أيام ، و ترك جبل لعراكب لبوشليح و أمثاله يعبثون في شرف الأهالي باسم الجهاد
    .../...
    يتبع
    شقيف الشقفاوي
    التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 02-05-2018, 20:35.

    تعليق

    • عجلان أجاويد
      مشاكس و عنيد
      • 03-01-2017
      • 238

      #32
      شقيف الشقفاوي
      من روايتي 35 ( عائد من الظل )

      في الوقت الذي تاه فيه بوخن كان الضبيش يقبض على الدوبل سيس ويحاول تمريرها في غفلة من النمس ، و لم يكن ليتفطن له أحد ، ففي تلك اللحظة دخل سبيح إلى المقهى و كله أمل في العثور على صالح ثولا ، كي يدفع له ثمن القهوة ، فمنذ عاد من الجزائر العاصمة و هو بين مد و جزر ، لا يكلم الناس و لا يجلس مع أحد ، و لا يحمل في جيوبه المثقوبة أوراقه الخاصة ،
      مرة قالت له أمه :
      _ احمل بطاقتك معك حتى إذا قتلوك نتعرف على جثتك بسهولة
      قال لها و هو يثني يديه إلى الخلف بكيفية ساخرة
      _ لن يقتلني أحد ،، هم ينتقمون من بعضهم البعض ، هم يتخلصون من أحقادهم المتراكمة ، قلوبهم امتلأت بالحقد والضغينة و لم يجدوا متنفسا لها سوى هذه الحرب القذرة ، ثم ماذا فعل حسين الخياط و صالح الذئب و عبد النور السسثام و عمي عمر لمليملي ،، ماذا فعل خيرة الشباب الذين أخذهم الميهوب بوقصيعة إلى وادى سيدي معروف و كتم أنفاسهم بدم بارد ، ثم لماذا توظف هذه الجرائم كتجربة كبيرة في تمرير لعبة الدومينو ، حتى الإرهابيين الذين التحقوا بالجبال كانت لهم نفس الأفكار القائمة على الهدم و الانتقام ، و تفكيك روابط المجتمع تفكيكا مروعا و مهينا ، بين الملتحي و غير الملتحي و أصبحت مظاهر العبادة بطاقة تقنية في جيوبهم ، كانوا يدفعون بالوطن إلى التعفن كي تستقر مصالحهم و تزدهر
      في اللحظة التي تلفت فيها بوخن إلى جهة جبل لعراكب رأى سبيح فوق رأسه تائها في الظل ، رحب به و أجلسه بجانبه و طلب له قهوة من حساب اللعبة ،
      جلس سبيح و أستند إلى جنب بوخن و قال له :
      أنت يا بوخن تستحق مقعدا في البرلمان ، أنا أعرف البرلمانيين جيدا ، فيوم كنت حلاقا في شارع زيغود يوسف كان أغلبهم يحلقون لحيهم في دكاني حتى أطلقوا علي اسم حلاق اللحي ، الآن تحول الشارع إلى مصرف ليلي تتداول فيه أموال الجزائريين بطريقة مهينة و مخجلة ، و تباع فيه الصفقات الكبيرة ، حتى حسنين الترقي لا يلبث أن يزور الشارع ، ثم يعرج خلف العمارات صوب شارع بور سعيد (السكوار ) فيستبدل أمواله بالعملة الصعبة ، هو لا يثق في البنوك فربما تنتهي الأوضاع إلى إفلاس لعبة الدومينو و يستولي حميدة الرشام على ما تبقى من دنانير
      قال النمس وقد امتلأ قلبه غيضا
      _ ألعب يا بوخنشور لسنا في قبة البرلمان ،،،
      أحس بوخن بالإهانة حين خاطبه النمس بتلك اللهجة ، و قد حذره من ذكر كلمة البرلمان أمامه ، رمى أحجار الدومينو و نهض لأنه أدرك الهزيمة قبل أوانها ، لكن النمس وقف و أجلسه بالعنف ، وخيره بين إكمال اللعبة أو دفع ثمن القهوة ،
      جلس بوخن على مضض ، و التقط احجار الدومينو و هو يردد ،، البرلمان ،، البرلمان ،، حتى الأحلام حسدوني فيها
      تبسم النمس بسمة مكر و خداع لما تمكن من إعادة بوخن إلى الطاولة ، و هو يذكره بالطيب لقزيمة لما أقسم بألا يدخل المقهى مرة أخرى ، لكن ابن المهزازة أدخله بالسير نحو الخلف حتى لا تترتب عليه الكفارة و صوم ثلاثة أيام

      .../...
      يتبع
      شقيف الشقفاوي

      تعليق

      • عجلان أجاويد
        مشاكس و عنيد
        • 03-01-2017
        • 238

        #33
        شقيف الشقفاوي
        من روايتي 36 ( عائد من الظل )
        في اللحظة التي استعاد فيها بوخن أنفاسه و بدأ في نقر الأحجار بعضها ببعض ، مرت كتيبة تاسوست عبر الشارع الرئيسي صوب وادي السوق ، شعر النمس بالدوار و بحركة مريبة في بطنه ، و لما نهض ترك شيئا من البلل على المقعد الذي كان يجلس عليه ، و اختفى بوخن مثل الظل حين يحاصره الضوء من كافة الجهات
        بقي سبيح على درجة عالية من الحذر و الحيطة و هو يقضم أظافره المتسخة و بجانبه الفراغ ، وقد عاش مراحل أكثر حرجا من هذه اللحظة التي هو فيها ، تذكر يوم داهم الأمن دكانه بحثا عن مطلوبين ، فقد تعرض سوق السكوار إلى هجوم مباغت بعدما تعرضت بنت حميدة الرشام لعملية غش و تدليس من قبل أحد الصرافين ، و سلمها أوراق مزورة من العملة الصعبة ، لم تتفطن لها إلا بعدما سافرت إلى باريس لاقتناء بعض الألبسة الداخلية ،
        قال له صاحب حسنين الترقي و هو يغرز مصورة الرشاش في بطنه
        _ من أين تهرب يا سبيح ، نحن من أمامك و نحن من ورائك ،؟؟
        رد عليه بسخريته المعهودة
        _ من عين الإبرة ،،، وهل بقي لنا منفذا للخلاص منكم أو منهم ،،،؟ نحن مثل كباش التسمين في زريبة محكمة السياج ، في النهار نخاف منكم و في الليل نخاف منهم ،،، ؟؟
        ثم لماذا لا تتعقبوهم في جبل لعراكب ، لا فرق بينكم و بين عويس و عمار بولرواح ، أنتم طبقتم قاعدة بيجار في نقل الرعب إلى معسكر الآمنين و بطريقة أهون منها ، حتى بثيثي كان يترصد الأبرياء لانتزاع منهم الرشاوي و العملات لإطلاقهم و تسريحهم ،
        تدحرجت الدموع على خدي سبيح ، مسحها بطرف كمه ثم أختفى في الظل
        لما استشهد الشجعان في معركة أمازيط و معركة عليوة و فريوة ، أصبح جبل لعراكب يتيما و حزينا ، و خلا الجو لبوشليح ليطبق خارطة طريق نزواته الرخيصة ، في الاستعلاء على أسياده الشرفاء و الانتقام منهم ،
        .../...
        يتبع
        شقيف الشقفاوي
        التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 04-05-2018, 20:56.

        تعليق

        • عجلان أجاويد
          مشاكس و عنيد
          • 03-01-2017
          • 238

          #34
          من روايتي 37 ( عائد من الظل )
          لما انتزع سبيح روحه و تحرر من تلك اللحظات الحرجة الرهيبة ، أطلق رجليه للريح و النجاة و النأي بنفسه من قبضة عمار بولرواح ، فاستسلمت الشقفة للسكون و الفراغ ، و لم يبقى سوى المجنون الصديق رسام القرية يوثق أحداثها بالرسم و الكتابة على جدرانها
          واصل سبيح طريقه و لم يتلفت إلى الخلف ، فهو مجنون و يعرف باب بيته ،، تذكر يوم كان حلاقا في شارع زيغوت يوسف ، و قد ألف الإطلالة على الميناء و هي تعج بالهاربين إلى المجهول ، أو العائدين إليه ، و أحيانا يجلس في حديقة السكوار قبالة بناية المسرح الوطني ، فلم يبقى الوطن سوى للمسرح و مسرحياته الهزيلة السيئة الديكور و الإخراج
          مرة و هو جالس على المقعد الإسمنتي مرت أمامه ، رآها و رأته و رسخت ملامحها في ذهنه
          قال لها ساخرا :
          _ نحن نعيش الدراما حية بدمها و دموعها ،،،
          ابتسمت و عبرت الطريق ، و اختفت بين باعة العملة الصعبة و هم يلوحون برزم الأوراق الملونة المهربة من شركات الوهم المتعددة التمويل
          في اليوم الموالي سبقها إلى نفس المكان ، وقد استعصى عليه النوم طول الليل ، جلس في الركن المعهود ، مرت كما مرت ولم تعره أي اهتمام ، وقف و قرر أن يتبعها و يتكلم معها ، لكنها رجعت إليه ، و لما وقفت أمامه انهار من الداخل و كأنه بلع لسانه و لم ينبس بكلمة
          كلمته بنبرة حادة عن المستقبل الذي سيبنيانه معا ، رسمت له خريطة طريق الأحلام المؤجلة التنفيذ ، المبطنة بالرخاء و الوفاء
          أقسم لها و أقسمت له ، ثم اضمحلت في الفراغ مثل خيط الدخان ، أسرع يتبعها ، اختفت مثل الجنية ، و غاص في اللجة
          قال لهم الميلود بن زعبار و هو ينقي إحدى منخريه :
          _ سبيح التحق بالجبل ،،، صادفته في تخوم القرية يحمل رشاشا ،،
          صدقه الميهوب بو قصيعة ، و صدقه عمار بولرواح ، لكن لمليملي نهره و بصق في وجهه ،
          قال له :
          يا ابن بائع الجيفة سبيح مجنون سكنته الجنية ،، أنت كذاب مثل أبيك ،،
          ثم تلفت إلى جهة جبل لعراكب و أخذ يصيح بانفعال
          _ زعبار لم يكن شهيدا ، تآمر على الثورة باع للمجاهدين كبد بقرة الحاشية التي نفقت بالمرض ، و لما عاد لسلخ لحمها أحاطت به الكلاب و عضته ، عاد إلى كوخه و مات ، و لما بلغ الخبر المجاهدين استعطفهم فسجلوه شهيدا
          التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 08-05-2018, 18:24.

          تعليق

          • عجلان أجاويد
            مشاكس و عنيد
            • 03-01-2017
            • 238

            #35
            من روايتي 38 ( عائد من الظل )
            لما هدأ الشريف لمليملي تدخل الميهوب بوقصيعة مشيرا إلى جبل تافاغلت ، و قد أقسم للحاضرين أن كل سكان الشقفة من طينة واحدة ، فهو يعرفهم منذ عهد عبد الحميد بن جمام يوم كانوا يتهافتون للتبرك به و هو يعاملهم باستعلاء و احتقار ، بعد الاستقلال استولوا على مزارع الكولون و نفضوا القمل من رؤوسهم ،
            تدخل عمار بولرواح لتهدئته و إطفاء شعلة الغضب التي تلهب صدره ، فبعد كل هذه السنوات المريرة لازال الناس رهائن فكر الدراويش مثل عويس و بن حميطوش ، ومن سار على دربهما ، حتى سبيح المجنون تمرد على مراحل الانكسارات المتكررة التي تحدث في القرية و أعلن الولاء للوهم الذي هو فيه ،،،
            فبعد اختطاف صالح الذئب ، سرى الرعب في قلوب الناس و عم أطراف القرية حتى بوخن قلل من حضوره بالمقهى ، غير أن النمس ترصده في ملتقى الطرق و قال له
            _ الموت بالأجل يا بو خنشور ،،،
            نزل بوخن من فوق دراجته و سار جنب النمس ، ثم قال له محذرا و بصوت خافت :
            _ سبيح إرهابي ، أنا متيقن من ذلك ، فهو غريب الأطوار غامض في تصرفاته ، البارحة شاهده الميلود بن زعبر يحمل رشاشا و يعبر وادي السوق صوب سدات
            ضحك النمس ضحكة استهزاء وقال له :
            _ و من يصدق الميلود بن زعير ،،
            حتى أنت يا بوخن ترشحت للبرلمان ، وأصبحت نائبا تحل و تربط و تشرع القوانين ،،، سبيح مجنون ركبته الجنية في المدينة و أنت مازلت تصدق الخرافات و الأحاجي
            في تلك اللحظة مرت الشاحنة الزرقاء و في مقصورتها الميهوب بوقصيعة و عمار بولرواح و خلفهما أرتال الشاحنات العسكرية القادمة من تاسوست

            .../...
            يتبع
            شقيف الشقفاوي



            التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 18-05-2018, 18:38.

            تعليق

            • عجلان أجاويد
              مشاكس و عنيد
              • 03-01-2017
              • 238

              #36
              من روايتي 39 (عائد من الظل )

              عندما تمرد سبيح و لم يعد يأبه بكلام الناس ، حتى الذين اتهموه بالإرهاب تجاهلهم و التزم الصمت صوبهم ،و لم يكن ليرد على استفزازاتهم و تحرشاتهم ، إلا في حالات نادرة فيقول لهم بسخرية
              _ منهم ،،، إنهم في جنان عبد الله ،،،؟؟
              غير أنه كان يحترس ألا يلتقي الميلود بن زعبر ، و كلما رآه انتابته هستيريا من السب و الشتم و البصق صوبه
              و لما قال له عمار بولرواح :
              _أنت يا سبيح خطير ، و ستجر القرية إلى كثير من المآسي ، و قد تدفع الثمن غاليا
              ابتسم سبيح و رد عليه :
              _ و هل يوجد أخطر منكم ، ألستم من تعمدتم جر القرية إلى الحالة التى هي عليها الآن ، ألستم من شكل كتائب الموت ، قل لي من قتل الأبرياء لزرع الرعب في قلوب الناس ، حتى صالح الذئب أنتم من قتلتموه بلا تهمة و من غير ذنب ، أنا أعرفكم واحدا واحدا ، و أعرف من زوروا شهاداتهم التعليمية و انخرطوا في التعليم من غير تأهيل ، هل أصبحت القرية هينة إلى هذا المستوى ، حتى يسيرها الجهلة و المرتزقة و الأوباش ، و قد غمر الحقد قلوبكم و ماتت الرأفة فيها ، ثم انزوى جانبا و تاه في الظل
              كان شارع زيغود يوسف يعج بالعابرين ، وكانت أحذيتهم ترفس الإسفلت في اتجاهات مختلفة ، لكن الطلقة القاتمة استقرت في القلب ، و بقيت المصورة تتحسس جسده في الظل و الزناد يستعجل الانحناء ،
              عاد من اجتماع القاهرة مهوسا حين رآها لأول مرة ، و تحركت الأطماع في طبعه ، و استعاد ذكريات المجون في وجدة حين كان يتنقل خارج الحدود باسم الثورة و الجهاد و تحرير الوطن ،
              _ قال لها :
              _ أفجر قلبه عربونا لعينيك ،،،
              فالتهب الطمع في صدرها الفاضح ، و قالت له
              _ سأكون شاهدة على وعدك ،،،
              خرجت الطلقة مجنونة و استقرت في نقطة التنشين ، تدحرج جسده في الصمت ، و تدحرج القاتل ، و تدحرج الصمود في جسدها المحموم باللقاء ، و لم يعد ماء وجهه يقطر في السؤال
              .../...
              يتبع
              شقيف الشقفاوي
              التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 29-05-2018, 19:17.

              تعليق

              • عجلان أجاويد
                مشاكس و عنيد
                • 03-01-2017
                • 238

                #37
                من روايتي 40 ( عائد من الظل )
                لما استسلمت زوجة بوخن للنوم بقي هو صاحيا ، و قد أثنى كفيه تحت رأسه وسمر عينيه إلى السقف ، و غرق في لجة التيه و البحث عن منفذ للخلاص من هذه الأوهام التي تعيشها زوجته ، فهي دائمة الخصام معه ،لأنه تأخر في المقهى ، و قد حذرته عدة مرات ، و توعدته بتغيير قفل الباب ، غير أنه كان يقسم لها بالعدول و التوبة لكن سرعان ما يقع في حبائل النمس و مكائده
                قال في نفسه :
                _تبا لهذا النمس الذي نغص حياتي ، فهو من أفسد علي الترشيح للبرلمان ، و هو من ألب الناس علي ، و استمال الترقي للوقوف في وجهي ، سأبحث عن خطة تجعله أضحوكة في المقهى ، هو يلعب الديمينو بطريقة مخزية و ساقطة ، لكنه يتغلب علينا بالتزوير ،
                في تلك اللحظة سمع حركة مريبة في ساحة الكوخ ، فسكن الخوف قلبه و كتم أنفاسه ، نكز زوجته فالأمر أصبح مرعبا و مخيفا غير أنها تجاهلته و استمرت في النوم العميق و الشخير الذي أفسد عليه التصنت ، في حين استمر النباح من جهة الشوف و هو دلالة على أن الميهوب بوقصيعة في أطراف القرية يؤمن الطريق لشاحنة لخضر العسكراتني لنقل المواشي المسروقة إلى أسواق العلمة
                لما تسربت خيوط الفجر الأولى نهض بوخن في غفلة من زوجته ، تفقد عنزته الوحيدة ثم انزاح صوب المقهى ،
                رحب به ابن المهزازة و اجلسه إلى جنبه ، و طلب له قهوة على حسابه
                و قال له :
                _ عمرك طويلة يا بوخنشور،،،؟؟ لكن من يلوث يديه بدمك الناجس ، هم يحتاجونك فأنت متعدد المواقف و طمعك تحدى قبة البرلمان
                ابتسم الضبيش و تظاهر بالغباء ثم قال :
                _ الحرب لا تختار ضحاياها ،صالح الذئب قتل للتشابه في الاسم ، ذهب ضحية خطئ بسيط
                انتفض بوخن من كلام الضبيش ، وضع القهوة جانبا و قال له:
                _ هيه صالح الذئب قتل بسبب تهمة لفقها له الميلود بن زعبر ، حتى سبيح لم يسلم منه ، لولا الشريف لمليملي الذي يعرفه جيدا ، لأفنى القرية من رجالها
                بقي الضبيش مشدوها للفراغ و هو يسمع تلك التفاصيل لأول مرة ، ثم تاه في الظل
                كانت طائرات الكيمولي تحوم فوق جبل لعراكب و تكاد تلامس قممه الممتدة بلا حدود ، وكان بوشليح يقف على ربوة لبراوك ، يرسم مساره صوب الكوخ المنزوي
                .../...
                يتبع

                شقيف الشقفاوي



                التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 09-06-2018, 01:49.

                تعليق

                • عجلان أجاويد
                  مشاكس و عنيد
                  • 03-01-2017
                  • 238

                  #38

                  شقيف الشقفاوي

                  من روايتي 41 ( عائد من الظل )
                  في اللحظة التي كان فيها بوخن يحكي تفاصيل الرعب الذي حاصره في الليل ، دخل سبيح إلى المقهى و هو يمسح أركانها بنظرة فاحصة ، كأنه يبحث عمن يدفع له ثمن القهوة ، و استبشر لما رأى مرشح البرلمان فهو الوحيد الذي يستطيع استمالته و استعطافه ، غير أن ابن المهزازة نهره بكلام جارح و جعله يتراجع بعض الشيء ، خاصة لما قال له :
                  _ من لا أحباب له يحيط به المجانين ،،، !!!
                  أحس سبيح بالإهانة و هو يسمع هذا الكلام ، لكنه تجرأ و رد عليه
                  _ من لا يعرفك يا شلاغم الكلب ، فقد كنت تلعب
                  أوراق اليناصيب طول شهر رمضان ، رفقة الطيب لقزيمة ، و كنت تغري الناس على استباحة حرمة الشهر الكريم ، و اليوم أصبحت رجلا و تعرف الأحباب ، و أنت من غدر بعبد الله الهز يوم اختطفتك كتيبة تاسوست
                  أحس بوخن بالخوف و الرعب لما سمع كلام سبيح ، خاصة أنهم مروا على كوخه الليلة ، و تأكد لما نهض في الصباح تفقد كومة الرماد ، فوجد فوقها أثار أحذية عسكرية ، ثم تلفت إلى سبيح و قال له :
                  _اهدأ يا سبيح ،،،!!!
                  و طلب من النادل أن يقدم له قهوة على حساب لعبة المساء
                  تنهد سبيح تنهيدة عميقة و سمر عينيه في الفراغ ، و تاه في الظل
                  كان شارع زيغوت يوسف يعج بالعابرين ، فقد كانت محطة الآغا تنفث القادمين من الشرق و الغرب إلى جوف المدينة ، و فجأة وقف ابن بوشليح في باب الدكان و طلب منه حلق لحيته ،
                  فاليوم الدورة الخريفية لمناقشة الميزانية الإضافية لمشروع تكميم الأفواه ،ثم أودعه محفظته و انصرف ، فأخذها سبيح إلى الغرفة الخلفية للدكان ، لكن الفضول دفعه لفتحها و التعرف على ما فيها ، و قد صدم حين وجد زجاجات خمر صغيرة ، و علبة للواقي و أقراص الدواء المهرب في الألبسة الداخلية
                  قالت له الجنية :
                  _ عد يا سبيح إلى قريتك ، فلم يبقى لك مكانا بين هؤلاء المرتزقة

                  .../...
                  يتبع
                  شقيف الشقفاوي


                  التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 16-06-2018, 11:22.

                  تعليق

                  • عجلان أجاويد
                    مشاكس و عنيد
                    • 03-01-2017
                    • 238

                    #39

                    شقيف الشقفاوي

                    من روايتي 42 ( عائد من الظل )
                    بعدما أمرت الجنية سبيح بالعودة إلى القرية ، أحس بالألم يعصر جوارحه ،و بدوار يجره إلى المجهول ، لم يكن له الوقت الكافي ليجمع أغراضه ، و قد ترك الزابون على المقعد بعدما وعده باستحضار فنيات الحلاقة التي ضاعت منه في الشارع المقابل ، لكنه خرج و لم يعد ، سار في الشارع كالمجنون و قد تخطته السيارات و فسح له الراجلون ، و لما وصل إلى محطة السيارات ركب أول سيارة صادفته ،
                    قال في نفسه :
                    _ لن أعود إلى هذه المدينة بعد اليوم ،،!!!
                    ركب خلف السائق و أسند رأسه للتيه ، تذكر يوم كان تلميذا في مدرسة خميستي و كيف كان المعلمون يعاملوه بقسوة ، تذكر المعلم هلا عبد القادر ( قاديرو ) و سليفاني ( الهندي ) الذي كان معلما في مدرسة أولاد علال قبل أن ينتقل إلى الشقفة ،،، تذكر طيباني و بن سودان تذكرهم جميعا و تأسف لتلك الأيام الجميلة
                    كان النمس يخلط أحجار الدومينو بطريقة فنية ، و يعض على سيجارته باعتزاز ، و خيط الدخان يتعالى و يشكل دوائره في الفراغ
                    قال ابن المهزازة للنمس :
                    _ أنت تخلط أحجار زروال مع أحجار نحناح بطريقة الري ري
                    قال له النمس :
                    _ و هل تختلف شنباتك مع شنبات الكلب ،،،؟؟؟

                    .../...

                    يتبع


                    شقيف الشقفاوي



                    التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 17-06-2018, 10:18.

                    تعليق

                    • عجلان أجاويد
                      مشاكس و عنيد
                      • 03-01-2017
                      • 238

                      #40

                      شقيف الشقفاوي

                      ‏54‏ دقيقة ·









                      من روايتي 43 ( عائد من الظل )
                      في اللحظة التي احتج فيها ابن المهزازة على طريقة خلط الأحجار ، كان بوخن ينقر القطع بعضها ببعض ، و فمه مفتوح و الذباب يحوم حول مصدر أنفاسه الخافتة ، أما سبيح فقد اسند جنبه إلى طرف الطاولة و سمر عينيه إلى سطحها الذي حال لونه من شدة احتكاك أحجار النرد
                      قال له الضبيش باستهزاء:
                      _ من عادوا،،،؟؟ ماذا تركوا وراءهم ،،،؟؟
                      انتفض سبيح و قد استقام في جلسته و قال له
                      _ من عادوا تركوا خلفهم أمثالك من الموتى و العجزة ، الذين ينتصرون في لعبة النرد و ينهزمون في الواقع ، هل فكرت يوما أن تقول لا و بصوت مسموع و دون خوف ، هل تجرأت يوما و قلت لعمار بولرواح أنت مجرم حرب ، هل تستطيع أن تقول له أنت من تنكر بلباس الإرهابيين و اعتدى على حرمة الأبرياء و أموالهم ، هل تستطيع أن تقول له أنت من قتل الطيب بتهمة واهية ، و بوشاية رخيصة
                      تلفت إليه ابن المهزازة و قال له
                      _ اسكت يا سبيح لقد مللنا من جنونك ،،،
                      أحس سبيح بالكلام الموجع يخترق قلبه ، فقرر التصدي له ، مد يده إلى فنجان القهوة و ارتشف رشفة طويلة ، ثم بصقها على وجهه ، فهو شخص ذليل و حقير ، استخلف بوشليح بعد قتله ، و كان يصنع الحلويات في رمضان و يتعمد استعمال المياه القذرة في تحضيرها انتقاما من الناس
                      قال له النمس محاولا تهدئته :
                      _ قل يا سبيح لماذا يحرك زروال رأسه حركة دائرية أثناء خطاباته ،،،؟؟؟
                      رد سبيح
                      _ كان يتوعدكم باجتثاث أرواحكم من جذورها ، هو أمي و جاهل ، سدوا به الثغرة و ملئوا به الهوة ، في عهده حاصر المجرمون بن طلحة و الرايس و الرمكة ، و أبادوا الأبرياء بلا رحمة و لا شفقة ،
                      .../...
                      يتبع

                      شقيف الشقفاوي


                      تعليق

                      • عجلان أجاويد
                        مشاكس و عنيد
                        • 03-01-2017
                        • 238

                        #41
                        من روايتي 44 ( عائد من الظل)

                        بقي سبيح مشدوها بالدهشة و التيه ، و قد استدرجه النمس إلى مرحلة متقدمة من الهدوء و ضبط النفس ،
                        بعدما فقد التحكم في انفعالاته و سيطرت عليه نوبة السب و الشتم ،
                        و قد تجرأ و ذكر بعض الحوادث التي هي من طابوهات القرية و ممنوعاتها ،
                        سبيح يعرف تاريخ القرية منذ عهد بوشليح و الشينوة و عبود ، فهم من ساهموا في مآسي القرية و أحزانها أليس عبود من قام بتصفية أبنائها بتهمة التخابر مع الاستعمار ،
                        و قد تآمر حتى على النساء ، يوم كان يندس بينهن بحجة توعيتهن و تهيئتهن للمقاومة و مواجهة العدو ، في حين كانت نواياه سيئة و رخيصة ،
                        بعد الاستقلال شغل مؤذنا في مسجد القرية ، و شغل الناس بحيله ، مارس الحجامة و كتب التمائم للمرضى ، و تحدى الشيخ يوسف بن حمود و انتزع منه الموافقة على دفن المرابط رابح في مقبرة النصارى انتقاما من صالح بن رمضان
                        الذى كان يدعي التدين و هو يصلي الجنائز بلا وضوء نكاية في الموتى و أهاليهم
                        كان عويس يترصد اللحظة المواتية و قد بدأها مبكرا ، في كتابة الأشعار المحرضة على التمرد و الثورة ، و استطاع في وقت وجيز من استمالة بن حميطوش و جره إلى مستنقع الإرهاب ،
                        لكنه تخلى عنه و تخلى عن رفاقه الآخرين و تحالف مع حسنين الترقي ، و عمار بو لرواح و الميهوب بوقصيعة ,,,,

                        ...../....
                        يتبع

                        شقيف الشقفاوي
                        التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 30-06-2018, 22:50.

                        تعليق

                        • عجلان أجاويد
                          مشاكس و عنيد
                          • 03-01-2017
                          • 238

                          #42
                          شقيف الشقفاوي

                          من روايتي 45 ( عائد من الظل )

                          تردد النمس في البوح بتلك الأسرار التي احتفظ بها كل هذه السنين ، و أصبحت تؤرقه و تنغص عليه تفكيره ، و لم يجرؤ على تسريبها حتى إلى أقرب الناس إليه ، تذكر عبد الله الهز حين سافر معها ، و اتفقا على موعد من تلك المواعيد المتكررة و المعتادة ، ففي جوف الليل بعدما غرقت الأكواخ في الظلام و ذبلت تلك الأنوار الخافتة ، تسلل تحت جنح العتمة يترصد شبحا كان على موعد مع الانتظار ،
                          قال لزوجته :
                          _ غدا أسافر إلى قسنطينة ،،،
                          لم يترك لها هامشا للرد ،،، و قد تاهت في الفراغ ، وغمرها وجع السؤال ،
                          _ لماذا يسافر ،،، ؟؟
                          ولما تيقن من استسلامها و انكسارها تسلل في العتمة ، سل مفاتيح الشاحنة و اختفى في الظل
                          كانت كالشبح في الموعد تتحرك صوب المجهول ، والتصقت الجوارح المحمومة باللقاء ، في منعرجات زيامة منصورية انقلبت الشاحنة و انكشفت الصورة الفظيعة بألوانها الموجعة ، لم يمت و لم تمت هي أيضا
                          قال له حفيد بوشليح
                          _ اعترف يا عمي عبد الله لم تبقى لك أسرار ،،،؟؟
                          قال له سبيح بارتباك و قد خنقه الدمع :
                          _ وابن المهزازة ،،،؟؟؟
                          رد عليه النمس :
                          _ هو تعاون معهم و تخابر مع الترقي و الميلود بن زعبر ، أمن طريق بطاشة و أفارنو و حتى الزاوية و تامانتوت ، كان يرسل لهم الإشارة الضوئية قبل وقوع الفجيعة ، التقي بالميهوب و عمار بولرواح في السر ، لتأمين حياة ابنائه و أبناء صديقه الترس ،
                          .../...

                          يتبع

                          شقيف الشقفاوي

                          تعليق

                          • عجلان أجاويد
                            مشاكس و عنيد
                            • 03-01-2017
                            • 238

                            #43



                            شقيف الشقفاوي


                            من روايتي 46 (عائد من الظل )
                            تاه النمس و هو يحاول استرجاع شريط الأحداث الأليمة التي أخلطت أحجار الدومينو و رتبتها على تلك الصيغة المخجلة ، و تركت الترس أسيرا لها ، فحين صدمته الشاحنة ، كانت دراجته قد تدحرجت لمسافة و تركت خلفها الفضائح المتكررة ، كان يسابق الزمن لاختصار مسافة رابضة على إحداثيات و تخوم معاندة ، و قد اعتاد على سرقة أشياء المتسوقين و أغراضهم ،
                            عاد إلى البيت منكسرا ، لكن زوجته استنفرت قواها ، فمنذ كان زعبر على قيد الحياة و بوشليح هو الآمر الناهي باسم الثورة ،و قد يتدخل حتى في الاختلافات البسيطة الخاصة بها مع زوجها ، لكنه عند كل مساء يتسلل إلى مخمرة مدام جورج و التي تحولت بعد الاستقلال إلى مقهى عمار بوالزلاق ، فيملأ قحفه بالكحول و يلتقي عبد الحميد بن جمام ، و بوليث و ريمو ماني ثم يقفل عائدا إلى الظل
                            _ قال سبيح بعفويته المفرطة ،،،:
                            _ أين هم من واجهوا الاستعمار بصدورهم العارية ،،،؟؟
                            _ رد عليه النمس :
                            _ ماتوا و تركوا القرية أسيرة الحركى و بو شكارة ، وقد خذلها الليل و أنبت في جوفها سفاحا ، و لما فاجأها المخاض همست له زوجته همسا ممزوجا بالمرارة
                            _ هي حامل و في شهرها الأخير،،،
                            طغى الطمع في صدره و فاضت روح الرجولة في قلبه ، أقسم بالنازلات الماحقات و تاه في الظل
                            .../...
                            يتبع
                            شقيف الشقفاوي

                            التعديل الأخير تم بواسطة عجلان أجاويد; الساعة 05-08-2018, 20:26.

                            تعليق

                            • سليمى السرايري
                              مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                              • 08-01-2010
                              • 13572

                              #44



                              متصفح غنيّ بما تفضلت به أ. عجلان أجاويد
                              نعم فعلا يلزمنا مساحة من الوقت والهدوء لنقرأ هنا الكثير.

                              فائق التقدير.
                              لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                              تعليق

                              • عجلان أجاويد
                                مشاكس و عنيد
                                • 03-01-2017
                                • 238

                                #45
                                مرحبا بالأخ الفاضل زحل بن شمسين ،،
                                و مرحبا بالأخت الفاضلة سليمى السرايري ،،،
                                و مرحبا بإخواننا العرب في ملتقى الأدباء العرب
                                نلتقي على المحبة
                                نلتقي على التآزر و التماسك
                                و الاحترام

                                تعليق

                                يعمل...
                                X