بلا عنوان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن لشهب
    أديب وكاتب
    • 10-08-2014
    • 654

    #61
    السلام عليكم .
    عن أي إنسان نتحدث ؟
    حتى ولو حاولنا الانفلات من التحديد ، سنجد أنفسنا حتى ونحن نتحدث عن التجربة الصينية نخلص إلى الحديث عن الإنسان l'Homme avec un gd H
    أقصد الإنسان كمفهوم كلي أو حد قابل للتعريف كما يقول المناطقة.
    فلنعد إلى ما أثاره الصديق محمد شهيد عن علاقته بالتقنية وحظه منها كما تجسد ذلك التجربة الصينية.
    الصين إمبراطورية يسكنها حوالي مليار ونصف من البشر وبحكم شساعتها كان الصينيون يقولون قديما السماء عالية والامبراطور بعيد . كانت مشكلة الامبراطور هي كيفية معرفة ما يحدث ومتابعة كافة أفراد الشعب في حركاتهم وسكناتهم، طبعا لم يتحقق ذلك بسهولة ، لكنهم اليوم صاروا كتابا مفتوحا لمن يحكمهم .فلم يكن ممكنا بناء هذا الاقتصاد الصناعي المرعب لولا ضبط كل صغيرة وكبيرة عن الشعب، الذي يعرفون عنه كل شيء بدءا من حمضه النووي إلى مشيته وأذواقه وتحركاته وعلاقته وتصرفاته ….
    هذا بفضل أكثر من نصف مليار من الكاميرات الثابت منها والمتحرك ، ناهيك عن جيش خاص لتصنيعها وتسييرها وتطويرها ، بل تجد منها ما هو على شكل طيور الكترونية تتحرك بكل حرية مثل باقي الطيور، وبواسطتها يميزون بين المواطن المنظبط للقوانين وقواعد العمل والمواطن الكسول الذي يخرق القوانين والقواعد . ومنعوا الفيسبوك وتويتر والانستغرام...وبالمقابل خلقوا مواقع خاصة بهم كما أخضعوا النت لمراقبة دقيقة لضبط أي محاولة لتجاوز المحظور.
    فهل حقق الصينيون السعادة ؟
    وما مصدر هذه السعادة ؟ هل هي التقنية أم التربية الدينية ؟ أم الحاجة للمال التي يخلقها المجتمع الاستهلاكي أو الراغب بتعبير جيل دولوز؟
    وما مدى شعورهم بالاضطهاد والاستبداد ؟ وما تصورهم للحرية ؟
    وما حدودها ؟ ….
    سيل من الأسئلة لا يمكن الإجابة عليها تقنيا بل بالعودة إلى ماهية الإنسان بما هو إنسان ، في علاقته بإشراطات الوجود وميله للإبداع لتحقيق ذاته وإثباتها. فهل نريد أن تتجاوز التقنية دورها كصناعة أدوات تساعد الإنسان لتنفيذ أعماله بما يحقق له الراحة والرفاهية ؟ أم نريد فسح المجال للتقنية لاكتساح كل شيء بما في ذلك جسم الإنسان ؟ وقد بدأ ذلك بالفعل ( تعويض أعضائه الداخلية وإصلاحها كالقلب والعين والأرجل …) أليس من المشروع الحفاظ على كرامة هذا الإنسان الذي خلقه الله في أجمل صورة وركبه عليها ؟
    هل نريد خلق إنسان آلي بلا هوية ولا ماهية بارد عاطفيا و منجذب لسطوته وجبروته على الطبيعة والأرض التي أنزله الله إليها ليكون خليفة له فيها ؟ أم نريد الانسياق وراء منطق التصنيع و الإنتاج والبيع والشراء وتحقيق الأرباح ولو على حساب الحياة بأسرها خصوصا وأن السيبرنطيقا تسير اليوم في اتجاه تطوير ذكاء الآلة و تحررها من تحكم الانسان دون الحديث عن انعكاساتها السلبية كالتلوث وما شابه ذلك .
    لا أريد الاستمرار في الحديث لأنني سأنتهي لا محالة إلى فرضيات الخيال العلمي. وقد يتهمني البعض بمعاداة التقدم والحداثة.
    غرضي هو العودة لإثارة أهمية خلق منظومة تنموية تعطي الأولوية للإنسان في الإبداع وتدمج التكنولوجيا عند الضرورة .وسأعطي هنا مثالا دول الخليج لديها المال لكنها تحتاج لليد العاملة بحكم محدودية عدد سكانها ، هنا يصبح للتكنولوجيا دور أهم في الإنتاج ، والعكس بالنسبة لدول مثل مصر والسودان والدول المغاربية …
    مجرد رأي قابل للنقاش طبعا .
    صيام مقبول وجمعة طيبة مباركة.
    التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 24-05-2019, 20:05.

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #62
      صباحكم سعيد،
      أشكرك الصديق العزيز حسن لشهب على مداخلتك الأخيرة تعقيبا على التجربة الصينية كنموذج "واقعي" يجسد حلقة أخرى من سلسلة أزمات الإنسان Human being في عراكه المستديم ضد الغول الذي صنعه بيده لينوب عنه، أقصد الآلة (بوصفها الامتداد Extension لجوارح الإنسان الطبيعية : اليد، العين، الرجل... على حد قول منظر التواصل الكندي مارشل ماكلوهن).

      رؤيتك للأزمة (هل تتفقان معي على النعت؟) ثاقبة، و قد بينت بوضوح المغزى الذي تطمح إليه من خلال طرحك الواعي/الشمولي لما أسميتَه المشكلة، بقولك:
      العودة لإثارة أهمية خلق منظومة تنموية تعطي الأولوية للإنسان في الإبداع وتدمج التكنولوجيا عند الضرورة .وسأعطي هنا مثالا دول الخليج لديها المال لكنها تحتاج لليد العاملة بحكم محدودية عدد سكانها ، هنا يصبح للتكنولوجيا دور أهم في الإنتاج ، والعكس بالنسبة لدول مثل مصر والسودان والدول المغاربية …"
      ولا يسعني شخصيا إلا أن أثمن على الطرح بمجمله (و لا أظن صديقنا أبوفهد يخالفك في كثير منه، و أترك له فرصة التعقيب على ما يخص تجربة الخليج).
      بما أننا بدأنا تحليلنا للمشكلة/الأزمة بمحاولات لجس نبض هذا الواقع (الذي وصفه أبوفهد بالأمر المعقد) من وجهات نظر متكاملة متعددة الزوايا و الأبعاد، فإنني أدعوكما، لو أمكن، أن نخصص حيزا من التفكير لتقديم تعريف (أو مجموعة تعريفات) لمفهوم "الواقع" يساعدنا على ضبط المنهجية بإحكام مفاهيمي شمولي نتحد حوله و نحاول أن نستوعبه رغم تعقيداته. من جهتي، سأنتظر ردكما على الاقتراح لأتطرق لمفهوم "الواقع" من وجهة نظر نظريات علوم التواصل communication studies كما لخصها كتاب Burger and Luckman : Social construction of reality و كذا من منظور تجارب ميدانية من تيار علم النفس الاجتماعي social psychology، مثلا نماذج التأثير الاجتماعي Social influence وغيرها، إن سمح المقام بكذا مقال.

      تحياتي العطرات

      تعليق

      • حسن لشهب
        أديب وكاتب
        • 10-08-2014
        • 654

        #63
        أهلا بالصديقين العزيزين.
        أنطلق من محاولة الإحاطة بمفهوم الواقع الذي بقدر ما يبدو واضحا بقدر ما يدعو للتأمل والتفكير وتجاوز ما يثيره من لبس .
        فالواقع هو أحد طرفي إشكالية المعرفة : الفكر ، الواقع
        أو ما سميناه سابقا بالذات في مقابل الموضوع .
        وبالتالي فالعنصر المطلوب هنا هو الحقيقة، هل هي كامنة في الذات ومن صميمها وتركيبها؟ أم هي موجودة في الواقع و مستمدة منه ؟
        يتحدد معنى الواقع في القاموس كما يلي:
        وعادة ما يربط الدارسون هذا المفهوم بالعالم اللاهوتي الفيلسوف السكولائي دونس سكوت Duns scot في ق 13 .
        وفي هذا الاتجاه نقول : الواقعية هي خاصية لما كان واقعيا réel أو موجودا بالفعل، أي أنه يملك حضورا فيزيائيا ومشخصا في مقابل ما كان مجردا أو متخيلا وغير قابل للملاحظة والقياس .
        وتستخدم كمرادف للشيء و للوجود والحادث والمادي والحقيقي واليقيني. ..
        كما يدل المفهوم على حال العالم كما هو لا كما نريده أن يكون .
        يستخدم الواقع كذلك كمرادف للحقيقة
        ومن ثمة يكون ما هو واقعي حقيقيا والعكس صحيح.
        لكن ذلك يثير بعض التحفظ بالنظر للاعتبارات التالية:
        لا يمكن اعتبار كل ما هو واقعي حقيقيا ، حيث نجد مثلا : النقود ، واللوحات الفنية المزيفة واقعية ( مادية ، مشخصة..) ولكنها ليست حقيقية . وبالمقابل نعتبر قضايا الفكر حقيقية ( الحقائق العلمية والرياضية والحق بمعانيه …) ولكنها لا تملك وجودا ماديا وفيزيائيا..
        ويتسع المفهوم ليشمل كل ما في الحياة فنتحدث عن الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي ….
        وصرنا نتحدث عن الواقع المتخيل la réalité virtuelle مثل النقود الرقمية ( البتكوين) و بات بعض الناس يثيرون حتى مسألة الانتماء إلى عالم السيبرنطيقا فيرفض الانتماء إلى وطن باعتباره citoyen مفضلا عبارة cyberien التي تدل على انتمائه إلى وطن التحرر من كل الضوابط في عالم النت.…
        هكذا يكون حاصل التفاعل بين الفكر والواقع، ( ونعني بذلك الحقيقة ) إما واقعيا أو فكريا، ذاتيا أو موضوعيا...
        هذه بضعة أفكار حول مفهوم الواقع نتوقع إغناءها في سبيل الإحاطة بالموضوع الرئيسي وهو الإنسان .
        تحياتي .
        التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 26-05-2019, 12:38.

        تعليق

        • الهويمل أبو فهد
          مستشار أدبي
          • 22-07-2011
          • 1475

          #64
          الأستاذين العزيزين
          أتابع وأقرأ بتمعن. أتفق أن طرح الأستاذ لشهب هادف ودقيق لأن له مشروع أو، في الأقل، رؤية محددة وقابلة للإنجاز لو تبنتها جهات قادرة.
          مشكلتي مع "الواقع" هي نفس المشكلة التي أفاض في تتبعها الأستاذ لشهب في التعريفات المختلفه وعلاقة الواقعي بالحقيقي والموجود. من منا يعرف الواقع دون أن يكون لمعرفته شأن في بناء (construction) ما يقول إنه "الواقع"؟ أشار لشهب لهذه القضية في ربطه الواقع بالفكر. وهي قضية حقيقية واقعية وثّقها الموروث بمغالطة (الحجر/ stone) المنطقية. وملخص القضية: هل الواقع موجود أم أنه وجود ذهني؟ جورج بيركلي أثبت وجود الحجر بأن ركلها برجلة. لكن هذه الركلة أثبتت أنه عاد للبيت متورم القدم. لا زلت أقول أن الطرح طموح، وليس لدينا (في حالتي) لغة أو معجم يبلور الطرح. كل ما نعتمد عليه مفردات أو مفاهيم غربية ليس لها مقابلات عربية، كما ليس للعرب القدرة والمؤسسات التي تعين على تحقيق ما نطمح إلى تحقيقه. لا زال العرب يقاتلون من أجل الصدارة أو القبر! (قبل الفطور الأمر يتأزم)

          تحياتي

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #65
            أبا فهد،
            خشيت أن يطالني بدوري بعضٌ من حمى الشك و الحيرة التي، باعترافك، قد مسك شيء منها وأنت تتابع مشروعنا هذا ههه.

            تعقيبي بإيجاز: قضيتك التي تثيرها بهذا الشأن والتي تتمثل في كون العرب ليس لديهم رصيد مفاهيمي يمكن التعويل عليه في بناء الفكر حول قضية الإنسان "كما" نتناولها رفقة صديقنا لشهب و أن العتاد الاصطلاحي مجمله مترجم عن الفكر الغربي، وددت لو أتفق معك بشأنها جملة وتفصيلا، لولا أنني أجد في تاريخ الفكر العربي (الذي لا وجود له خارج تاريخ الفكر الإسلامي، كما أسلفتُ في مداخلةٍ لي أعلاه) ما يكفي من الاهتمام بهذه القضية بالذات كي يجعلنا في غنىً عن المفاهيم المستوردة من الغرب - سواء استوعبناها داخل السياق الثقافي الذي أنتجها أو لم نستوعبه و اكتفينا بالنقل دون العقل). لن أتعمق في المسألة لسببين: 1- أنني لست من أهل الاختصاص لدراسة الفكر الإسلامي بعين الناقد المتمكن، لذا أترك لكما المساحة لأستفيد من خبراتكما الأعلى في هذا الشأن؛ 2- لأن المسائل الفلسفية أهلكت من كانت "أحلامهم" و مكانتهم أشد منا صلابة: لنذكر مثلا تصنيف الإمام الغزالي للفلاسفة (الحكماء) و تبعات الصراع الفكري/الكلامي/الفقهي/العقائدي في "بناء" التفرقة/القطيعة شبه الأبدية بين التيارين. و بالرغم من ظهور محاولات لفصل المقال ما بين الحكمة (الفلسفة) و الشريعة (العقيدة) من اتصال، و مع كل مجهودات ابن رشد في إبراز مظاهر "تهافت التهافت" في أكثر من موضع، إلا أن "تهافت الفلاسفة" كانت (ولاتزال) له الغلبة عند شريحة واسعة من ذوي الرأي في العالم العربي/ الإسلامي.

            سأكتفي بالإشارة فقط (ولنبسط فيها برفقتكما لو يحلو لنا) إلى مفهومي (الغيب و الشهادة). ندع "الغيب" جانباً للأسباب التي ذكرتُها سلفاً و عملا بحكمة فولتير، و لو مؤقتاً، حين قال: "لندع الكتاب المقدس بعيدا عن خصامنا الفلسفي، ذلك أن هذا الأخير شيء معقد متشعب و لا علاقة له بالأول بتاتاً". و لو أنه باعترافه، لن يتبقى شيء يعتمد عليه خارج الكتاب المقدس (يقصد عند الفكر اللاهوتي الجوديو-كريشتن).

            و يبقى أمامنا مفهوم "الشهادة". إنه لا يعني الملموس فقط(وقد بين صديقنا لشهب الفارق في مداخلته الأخيرة) بل يشمل عالم التجربة بكل مقاييسه و كما فسره فقهاء اللغة، فإنه مرادف لكلمتي "الحاضر" و "الواقع". و هذا ما يجرنا إلى صميم حديثنا عن الواقع، و أننا إذا ذكرنا الفكر الغربي كيف تعامل معه نظريا و عمليا، فليس معناه أن أوردة الفكر الإسلامي جافة و أوراقه شحيحة، و إنما، كما تعلمان، سالت أودية من مداد (و دماء؟) حول القضية لا أصدق أنها لم تترك لنا خزانا مفاهيميا/اصطلاحيا ثريا. و حتى لا نتهم بالتطبيل للغرب في كل صغيرة وكبيرة - ونحن الثلاثة في موقف يجعلنا ننتقده و قد انتقدناه - و حتى لا يتهمنا الباقون بالحنين السلبي لزمن الصدارة العربية الإسلامية و نبذ إيجابيات الحداثة - و قد دفع أخونا لشهب عنه وعنا هذه الشبهة - لكل تلك الأسباب نكتفي بالقول إذن أننا نعمل أحلامنا و لا نعطل حسنا النقدي البناء في التعامل مع قضيتنا الشاسعة هاته. فما لا يؤخذ كله، لا يترك كله، و ليس كل انتقاد عداء و هنالك فارق شاسع بين ناقد/critique و نقّاد/
            critiqueux كما أنه ليس كل احتفاء ولاء.

            أستاذي العزيزين، أستسمح لو أخذت بعضا من الوقت لأفتح القوس و أسده.

            و العودة إلى مفهوم الواقع و كيف يتم بناؤه انطلاقا من نظرية social construction of reality.

            تقبل الله منكم.

            م.ش.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 27-05-2019, 17:14.

            تعليق

            • محمد شهيد
              أديب وكاتب
              • 24-01-2015
              • 4295

              #66
              إضافة السحور:

              علاقة الإنسان بعالم الشهادة/الواقع تكاد تكون فطرية اهتدى إليها الرجل الأعرابي بالمعاينة الحسية كي يستدل بها على عالم الغيب الذي لا يراه: البعرة (واقع/حاضر/مشاهدة) تدل على البعير (غائب/غيب) و الأثر يدل على المسير...وبنفس المنهاج السيميوتيقي ثلاثي الأبعاد (signe/indice/symbole) يقيس الرجل الأعرابي وجود الخالق انطلاقا من معاينة/مشاهدة الواقع من حوله: سماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج دليل الأعرابي السيميوتيقي على وجود العلي القدير. و في مقام أعلى قدراً، نجد تجربة الخليل عليه السلام من عالم الشهادة في الاستدلال على عالم الغيب. وكذا الشأن مع الكليم عليه السلام...
              ثم إن إعمال العقل في تدبر حالة الإنسان الخُلقية (الشهادة) كدليل على عظمة الخالق (الغيب) أمر إلهي: "و في أنفسكم، أفلا تعقلون؟" فالعقل+ الإنسان+ الواقع = معادلة رياضية معقدة ربما لكنها ليست بالمستحيلة و لا بالغريبة. و التمعن في حيثياثها كما نحاول التطرق إليه في مشروعنا الفكري هذا ليس بالأمر الجديد أو الدخيل على ثقافة العرب، بل هو أصل له جذور ضاربة في التراث. العيب اليوم على العقل العربي الذي لم يتجدد، فصار يستهلك الجاهز في كل شيء (كما فسره بالدرس والتحليل حسن لشهب و أقره أبوفهد).
              و سبب لجوئنا إلى مصطلحات غربية حين تقتضيه اللحظة، ربما راجع إلى المنهاجية الاختزالية synthetique التي يمتاز بها الفكر الغربي - خاصة المتأثر بالبرغماتية الانجلوساكسونية؛ مقارنة مع الأسلوب التحليلي analytique المضني و الشاق الذي عهدناه في كثير من مناهجنا التعليمية الموروثة.
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 27-05-2019, 07:32.

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #67
                متابعة لما ورد في مداخلة الصديق محمد شهيد وتأكيدا لما أشار إليه ، أنطلق مما أشار إليه الفيلسوف المغربي أبو الوليد ابن رشد لما قال
                "

                إن كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات، واعتبارها من حيث دلالتها على الصانع، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع بمعرفة صنعتها، وانه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة بالصانع أتم.

                وكان الشرع قد ندب إلى اعتبار الموجودات وحث على ذلك، فبين أن ما يدل على هذا الاسم : إما واجب بالشرع ، و إما مندوب إليه.

                فأما أن الشرع دعا إلى اعتبار الموجودات بالعقل ، وتطلب معرفتها به، فذلك بين في غير ما آية من كتاب الله تبارك و تعالى:

                مثل قوله تعالى: { فاعتبروا يا أولي الأبصار}، وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي ، أو العقلي الشرعي معا.

                ومثل قوله تعالى: " {أولم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض وما خلق الله من شيء}، وهذا نص على النظر في الموجودات...

                وإذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا أكثر من استنباط المجهول من المعلوم ، واستخراجه منه وهذا هو القياس، فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس…"
                نورد هذا النص لغاية التنبيه إلى حضور المفاهيم المركزية في نقاشنا وهي : الإنسان ، الفكر ، الواقع .
                طبعا أعلم أن فيلسوفنا مهتم بضبط العلاقة بين الفلسفة والدين ، ولكن غايتي هي استنباط مفاهيم إشكالنا المركزي ونحن نتناول موضوع الإنسان ، على أن لا يغيب عنا موضوع التنمية وحظه من التكنولوجيا ومدى قدرة مؤسساتنا على إنتاج المعرفة في عصر تتحرك فيه الأشياء بسرعة الضوء.
                القياس إذن هو السبيل لمعرفة الحقيقة عن طريق التأمل في الموجودات واعتبارها بوصفها دالة على الله .
                وتبقى الإشكالية الأساسية الموجهة لنقاشنا هي الإنسان في علاقته بالواقع أو علاقة الذات بالموضوع .
                وبالنظر لما أثير حول الجهاز المفاهيمي العربي ، أتصور أن المشكلة ليست في وجود هذه المفاهيم بل في تأملنا للتراث ونحت ما نحن بحاجة إليه من مصطلحات ، و كما يشير الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز " أن مهنة الفيلسوف صناعة المفاهيم أما مهنة الفنان فهي صناعة المدركات الحسية" فالموضوع الأساسي للفلسفة إذن هو المفهوم ، وبالتالي فنحن أمام مهمة خلق وإبداع هذه المفاهيم .
                ليس عيبا أن نترجم بعضها باحترام الاشتقاقات اللغوية للغتنا العربية ، ولكن المطلوب كذلك هو تكوين مراكز ومجموعات بحث توكل إليها هذه المهمة.
                لسنا عديمي الذكاء لدرجة الاستهلاك بشكل سلبي ، فلدينا من الأطر الكفؤة في تخصصات شتى ما يغنينا عن الشعور باستحالة المهمة .
                وكما بينت من خلال نص ابن رشد وبين الأخ شهيد قبلي ، هناك إمكانية للإبداع والتطوير في الاتجاه المطلوب.
                قبل الختم أنوه إلى ما أنهى به الأخ شهيد مداخلته وأقول نحن في انتظار الوجبة التي ستستضيفنا إليها ( الفكرية طبعا هههه).
                طابت أوقاتكما .
                التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 27-05-2019, 17:03.

                تعليق

                • محمد شهيد
                  أديب وكاتب
                  • 24-01-2015
                  • 4295

                  #68
                  "في انتظار الوجبة" صديقي حسن، وصلتني كلماتك و أنا أستريح في مكان بهيج والكل من حولي يتناول الوجبات ههه وأكتفي بالغذاء الفكري ظُهْراً. لكن صدقني، لا تحلو وجبات الفكر إلا إذا دعوتكم فعلا حول مائدة إفطار فيها كل ما تشتهي النفس من روائع الطبخ المغربي الرفيع. و لو أنني أعزب لكن يوجد من حولي من يتقنون الموائد و سأضيف عليها لمسة من شغفي بالطبخ (كما لا يخفى على بعض أصدقائي في الملتقى هه).

                  مرحبا في أي وقت

                  سأعود لقراءة متمعنة و للرد بما وعدتُ.

                  مودتي

                  م.ش.

                  تعليق

                  • حسن لشهب
                    أديب وكاتب
                    • 10-08-2014
                    • 654

                    #69
                    حق استضافتك علينا نحن المتزوجون إذن متى عدت إلى الوطن . سنكون في انتظارك.
                    سنكون سعداء باستقبالك لكننا نطمع أيضا في تذوق ما تجيده من أطباق ( ما نتفاكوش هههه)
                    تحياتي

                    تعليق

                    • محمد شهيد
                      أديب وكاتب
                      • 24-01-2015
                      • 4295

                      #70
                      ههه صافي اسيدي ماتسالوني غير طبق السلمون على حسابي، دون أن أنسى hors d’œuvre : coquille saint-jacques aux pétoncles marinées dans une sauce au fromage brie et des soufflées d’asperges fondantes.
                      Ca vous va? هه

                      تعليق

                      • الهويمل أبو فهد
                        مستشار أدبي
                        • 22-07-2011
                        • 1475

                        #71
                        لشهب: (وبالنظر لما أثير حول الجهاز المفاهيمي العربي ، أتصور أن المشكلة ليست في وجود هذه المفاهيم بل في تأملنا للتراث ونحت ما نحن بحاجة إليه من مصطلحات ، و كما يشير الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز " أن مهنة الفيلسوف صناعة المفاهيم أما مهنة الفنان فهي صناعة المدركات الحسية" فالموضوع الأساسي للفلسفة إذن هو المفهوم ، وبالتالي فنحن أمام مهمة خلق وإبداع هذه المفاهيم .) (#67)

                        نعم: هذا هو القول السديد. وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة، تأكد أننا لسنا بحاجة ترجمة: المفردات اعتباطية سواءا كانت ترجمة أو كانت مسميات لمفاهيم. خلق المفهوم من البيئة هو ما تعجز الترجمة عن نقله. حتى ابن رشد حين اصطدم بمفهوم التراجيدي والكوميدي لم يستطع نقله بل ذهب إلى الثقافة العربية ليقول (شعر المديح وشعر الهجاء) وقاد نقاد عصر النهضة ردحا من الزمن حتى وجدوا مخطوطة أرسطو.
                        أشكرك استاذ لشهب.

                        تعليق

                        • الهويمل أبو فهد
                          مستشار أدبي
                          • 22-07-2011
                          • 1475

                          #72
                          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
                          أبا فهد،
                          خشيت أن يطالني بدوري بعضٌ من حمى الشك و الحيرة التي، باعترافك، قد مسك شيء منها وأنت تتابع مشروعنا هذا ههه.

                          تعقيبي بإيجاز: قضيتك التي تثيرها بهذا الشأن والتي تتمثل في كون العرب ليس لديهم رصيد مفاهيمي يمكن التعويل عليه في بناء الفكر حول قضية الإنسان "كما" نتناولها رفقة صديقنا لشهب و أن العتاد الاصطلاحي مجمله مترجم عن الفكر الغربي، وددت لو أتفق معك بشأنها جملة وتفصيلا، لولا أنني أجد في تاريخ الفكر العربي (الذي لا وجود له خارج تاريخ الفكر الإسلامي، كما أسلفتُ في مداخلةٍ لي أعلاه) ما يكفي من الاهتمام بهذه القضية بالذات كي يجعلنا في غنىً عن المفاهيم المستوردة من الغرب - سواء استوعبناها داخل السياق الثقافي الذي أنتجها أو لم نستوعبه و اكتفينا بالنقل دون العقل). لن أتعمق في المسألة لسببين: 1- أنني لست من أهل الاختصاص لدراسة الفكر الإسلامي بعين الناقد المتمكن، لذا أترك لكما المساحة لأستفيد من خبراتكما الأعلى في هذا الشأن؛ 2- لأن المسائل الفلسفية أهلكت من كانت "أحلامهم" و مكانتهم أشد منا صلابة: لنذكر مثلا تصنيف الإمام الغزالي للفلاسفة (الحكماء) و تبعات الصراع الفكري/الكلامي/الفقهي/العقائدي في "بناء" التفرقة/القطيعة شبه الأبدية بين التيارين. و بالرغم من ظهور محاولات لفصل المقال ما بين الحكمة (الفلسفة) و الشريعة (العقيدة) من اتصال، و مع كل مجهودات ابن رشد في إبراز مظاهر "تهافت التهافت" في أكثر من موضع، إلا أن "تهافت الفلاسفة" كانت (ولاتزال) له الغلبة عند شريحة واسعة من ذوي الرأي في العالم العربي/ الإسلامي.

                          سأكتفي بالإشارة فقط (ولنبسط فيها برفقتكما لو يحلو لنا) إلى مفهومي (الغيب و الشهادة). ندع "الغيب" جانباً للأسباب التي ذكرتُها سلفاً و عملا بحكمة فولتير، و لو مؤقتاً، حين قال: "لندع الكتاب المقدس بعيدا عن خصامنا الفلسفي، ذلك أن هذا الأخير شيء معقد متشعب و لا علاقة له بالأول بتاتاً". و لو أنه باعترافه، لن يتبقى شيء يعتمد عليه خارج الكتاب المقدس (يقصد عند الفكر اللاهوتي الجوديو-كريشتن).

                          و يبقى أمامنا مفهوم "الشهادة". إنه لا يعني الملموس فقط(وقد بين صديقنا لشهب الفارق في مداخلته الأخيرة) بل يشمل عالم التجربة بكل مقاييسه و كما فسره فقهاء اللغة، فإنه مرادف لكلمتي "الحاضر" و "الواقع". و هذا ما يجرنا إلى صميم حديثنا عن الواقع، و أننا إذا ذكرنا الفكر الغربي كيف تعامل معه نظريا و عمليا، فليس معناه أن أوردة الفكر الإسلامي جافة و أوراقه شحيحة، و إنما، كما تعلمان، سالت أودية من مداد (و دماء؟) حول القضية لا أصدق أنها لم تترك لنا خزانا مفاهيميا/اصطلاحيا ثريا. و حتى لا نتهم بالتطبيل للغرب في كل صغيرة وكبيرة - ونحن الثلاثة في موقف يجعلنا ننتقده و قد انتقدناه - و حتى لا يتهمنا الباقون بالحنين السلبي لزمن الصدارة العربية الإسلامية و نبذ إيجابيات الحداثة - و قد دفع أخونا لشهب عنه وعنا هذه الشبهة - لكل تلك الأسباب نكتفي بالقول إذن أننا نعمل أحلامنا و لا نعطل حسنا النقدي البناء في التعامل مع قضيتنا الشاسعة هاته. فما لا يؤخذ كله، لا يترك كله، و ليس كل انتقاد عداء و هنالك فارق شاسع بين ناقد/critique و نقّاد/
                          critiqueux كما أنه ليس كل احتفاء ولاء.

                          أستاذي العزيزين، أستسمح لو أخذت بعضا من الوقت لأفتح القوس و أسده.

                          و العودة إلى مفهوم الواقع و كيف يتم بناؤه انطلاقا من نظرية social construction of reality.

                          تقبل الله منكم.

                          م.ش.
                          استاذ شهيد
                          ليس لي احتجاج على كون أمر ما غربي المنشأ والميلاد ولا كونه يتعارض أو يتوافق مع الدين: هذه أمور قد يعترض عليها جاهل أو ساذج يتحدث باسم سلطة عليا هو أخطر عليها من غيره. أتحدث عن أشكالية لغة لا تستطيع أن تنقل مفهوما غربيا حتى لو جهدت وسعك واستعنت بقواميس الكون. اذهب واقرأ كتابا مترجما، ومن ثم قابله بالأصل لتجد عمق الفرق. ما لم يكن لك جهاز مفاهيمي واصطلاحي في البيئة الهدف، تأكد أنك تترجم في فراغ. تتحدث عن التراث: من منا يعرف التراث أو حتى يفهمه (أستثني أهل العلوم الدينية)، ومن منا يجيد اللغة العربية، وإذا أجادها كاتب أو دققها له مدقق جيد، كيف يفهمها القارئ العادي. ما زلنا لا نعرف الفرق بين "لا يجب" و "يجب ألاّ"، وتحدثني عن سيمياء الواقع؟ ما هي اللغة التي ستكتبها بها ولمّا نعرف بعد الـsymbol, indices, sign وغيرها آلاف! عندما تقول في اللغة العربية "الدال" أو "المدلول" (signifier-signfied) كم واحد يفهم ما تقول؟ دعنا لا نتحدث عن الـ(differAnce) وكلام التفكيك. هذه أمثلة تحدث العرب عنها قبل اربعة عقود، فما بالك عما أتى بعدها واعتمد عليها! بعضهم تجرأ على ترجمة كتاب دريدا De La Grammatologie. اقرأه.

                          وتحيات متفاءلة

                          تعليق

                          • محمد شهيد
                            أديب وكاتب
                            • 24-01-2015
                            • 4295

                            #73
                            صباح الخير، مستشارنا العزيز أبوفهد
                            لا نختلف حول القضية فقط نتناولها من زوايا مختلفة تضفي على النقاش مصداقيته.
                            بعجالة :
                            مؤسس السوسيولوجيا الفرنسية ايميل دوركهايم، المتشبع بالفلسفة الوضعية positivism كان هو من أبدع مفاهيم جديدة لاتزال متداولة إلى اليوم، من بينها بل أهمها مفهوم : الواقع الاجتماعي أو الحقيقة الاجتماعية أو الفعل الاجتماعي - لست أدري كيف ترجمه العرب من المصطلح الفرنسي fait social (social fact
                            في مقالته القيمة الصادرة في مايو 1898م بعنوان: représentataions individuelles et représentations collectives يخصصها لفصل المقال ما بين ماهو نتاج اجتماعي تفرضه الجماعة/الثقافة/البيئة على الفرد و بين ما هو ذاتي يتفرد به كل شخص و ما يراه تفسيرا ذاتيا للواقع الخارجي extériorité (حسب التعريف الذي يقدمه دوركهايم). عند توضيحه لهذا الفارق بين الأمرين، اعترضت دوركهايم نفس المشكلة التي تعترضنا هنا : خلق مفهوم دقيق واضح يميز العلم "الجديد" الذي هو بصدد تأسيسه. فمن ثم اضطر للقول أنه من الواجب الحسم في المسألة حتى لا يستمر "اللُبس" فختم المقالة بالحث على ضرورة التمييز من جهة بين العلم المستجد الذي يعنى بدراسة ماهو "واقع اجتماعي" خارج عن إرادة الفرد الذاتية أطلق عليه اسم sociologie (علم الاجتماع) يقدمه كبديل للاصطلاح القائم آنذاك psychologie collective و من جهة أخرى العلم القائم بذاته الذي يخص دراسة الذات و المعروف بعلم النفس psychologie.

                            والأمثلة على "مخاض" المفكر أثناء عمليات الولادة الفكرية عديدة لا تكاد تخلو منها ثقافة من الثقافات أو علم من العلوم.

                            ساواصل.

                            تعليق

                            • حسن لشهب
                              أديب وكاتب
                              • 10-08-2014
                              • 654

                              #74
                              المفهوم لغة:

                              جاء في المعجم الوسيط، الجزء الثاني، ص 704:

                              _ (فَهِمه) فهما: أحسن تصوره، وفهمه: جاد استعداده للاستنباط.

                              _ (الفهمُ): حسن تصور المعنى، والفهم جودة استعداد الذهن للاستنباط.

                              _ (المفهوم): مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلي ويقابله الماصدق.

                              _ (التفهيم) : إيصال المعنى إلى فهم السامع بواسطة اللفظ (الجرجاني)

                              " بين المفهوم والمصطلح:

                              المصطلح: هو ما يصطلح عليه جماعة من الناس تجمعهم حرفة أو مصلحة أو سواها على إطلاق لفظ بإزاء معنى أو ذات.
                              أما المفهوم: فهو أشبه بوعاء معرفي جامع يحمل من خصائص الكائن الحي أنه ذو هوية كاملة قد تحمل تاريخ ولادته وصيرورته وتطوره الدلالي وما قد يعترضه من عوامل صحة ومرض.
                              ولذلك كانت دائرة المفاهيم أهم ميادين الصراع الفكري والثقافي بين الثقافات عبر التاريخ. " ( طه جابر العلواني)
                              وليس غريبا لتأكيد علاقة اللغة بالواقع أن نجد المناطقة يؤكدون بأن القضية هي أقل مجموعة ألفاظ تراوح بين مستويين هما الصدق والكذب ومنها التحليلية المرتبطة بالصدق المنطقي الداخلي دون مراعاة الواقع ومنها التركيبية التي تقاس بمطابقتها للواقع.وعلى هذا الأساس تم استبعاد القضايا الميتافيزيقية من طرف الوضعيين حيث يعتبرها فتجنشتين مثلا مجرد أشباه قضايا:
                              pseudo propositions٩ لأنها لا تخبرنا بشيء عن الواقع.
                              وعلى هذا الأساس تحددت وظيفة اللغة على اعتبار أنها معرفية تقوم فيها بوصف الواقع ، وغير معرفية وفيها تندرج عبارات الجمال والأخلاق والعبارات الميتافيزيقية.
                              لم يكن القصد من الإشارات أعلاه مجرد ترف فكري للإطناب في الكلام ولكن ما يحركني طبعا هو الإشكالية الأم ، وهي الإنسان وتخصيصا الإنسان العربي في علاقته بلغته وعلاقة فكره بالواقع ومدى قدرته على تطويع اللغة فهما وتفهيما لاستيعاب معطيات ثقافية وعلمية مختلفة ونحت ما يلزم من مفاهيم ومصطلحات وابتكارها لتحقيق هذا الغرض في اتجاه نهضة علمية وثقافية.ومن المؤكد أن الوعي بمضامين الفروق بين المفردات والمفاهيم له الكلمة الفصل في ضبط المعنى وحسن تلقيه وتداوله في أوساطنا الثقافية.
                              لا شك أن ما أثاره أستاذنا الهويمل بالغ الأهمية ، فليس المطلوب هو الارتكان لشعار الترجمة دون الوعي بمخاطرها ومتاهاتها وفي غياب أي ابداع ووعي ثقافي باللغة والتراث.
                              هنا يصبح دور علماء اللغة والمنطق واللسانيات و علوم النحو والبلاغة ….بالغ الأهمية في التكوين الذي نحن بحاجة إليه وما من عيب إذا اعترفنا بجهلنا للتراث ودرر اللغة، فليس غريبا أن تجد علماء الدين ملمين باللغة وبلاغتها أكثر من دعاة الحداثة . وكم هي جميلة تلك اللحظات التي نتابع فيها درسا دينيا يلقيه واحد من جهابدة الفقه واللغة ، متعة ما بعدها متعة.
                              و لا غرو أن للترجمة أهميتها لتبادل المعلومات في عالم تسوده علوم الاتصال كما يشير إلى ذلك الأخ شهيد ، وعلى هذا الأساس تتضح أهمية الإلمام باللغات الرائدة علميا، فضلا عن كون اللغة التي ينقل إليها المترجم. وذلك من أجل نقل المعنى لا الألفاظ ، ومن ثمة ضرورة ضبط استراتيجية الترجمة ، ليس فقط على مستوى امتلاك اللغات وإتقانها بل بامتلاك المهارات المطلوبة لتنفيذها.
                              يضاف إلى ذلك الإلمام بالتراث الثقافي والفكري ، وتحديد الأهداف المتوخاة من الترجمة ضمن مشروع مؤسساتي لابد أن تلعب فيه الدول والمراكز العلمية في الوطن العربي دورا مركزيا.( دعونا نحلم على الأقل بقليل من التنسيق بين المراكز والمجمعات اللغوية العربية)
                              هكذا نولي المفهوم وابداعه ما يستحقه من أهمية ولا نغفل دور الترجمة في إغناء ثقافتنا مع إيلاء ضوابط اللغة و خصوصيتها ما يليق بها من عناية، وتشجيع علمائها على مزيد من الجهد والإبداع .
                              التعديل الأخير تم بواسطة حسن لشهب; الساعة 30-05-2019, 14:17.

                              تعليق

                              • سليمى السرايري
                                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                                • 08-01-2010
                                • 13572

                                #75


                                موضوع مثل هذا يستحق التثبيت أستاذي جلال داود
                                لقد حولناه إلى قسم نثريات حرّة والآن أعتقد نحوّله إلى قسم النقاشات الموسّعة.
                                ههه
                                جميل جدا هذا التفاعل فشكرا حقا على الوقت والجهد والتوسّع من خلال نص الأديب محمد شهيد
                                إلى فضاءات جديدة ومنعرجات كثيرة .
                                نقاش ثريّ يفيد الجميع.

                                نتابع...
                                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                                تعليق

                                يعمل...
                                X