المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرشيد حاجب
مشاهدة المشاركة
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
ألأستاذ الفاضل عبدالرشيد حاجب
تحيّاتي
بالمناسبة ما زلت أنتظرك في ملتقى ضيف المعنى في موضوع الشاعر أدونيس.
أحييك على هذه المداخلة التي وسّعت الحوار أفقيّا و عموديّا ، زادت من المدى الذي ننظر له و جلبت زوايا إضافية للنّظر من خلالها .
في البداية أودّ أن أشير لملاحظة حضرتك حول ضبابيّة الموضوع المطروح من قبل الأستاذ الفاضل محمد رندي ، ربّما يكون اعتراضك في مكانه بشكل ما ، لكنّ الأمر لم يلتبس عليّ منذ البداية و لا على كلّ المداخلين فيه ، فقد فهمت تماما أن المقصود هم الكتّاب و الأدباء و المفكرون الذين أغنوا الثقافة العالمية و الإنسانية بإنتاجهم و لكن حياتهم الخاصة انطوت على الشذوذ ، و حصرا ، الشذوذ الجنسي.
و عليه لا أعتقد أن القضيّة أصلا أساسية أو ستغيّر من الموضوع في شيء ، ثم لا تنسى نوعا آخر من الإنتاج الفكري و الأدبي و الذي جنح فيه الأدباء إلى خوض غمار تجربة الشذوذ عن سابق تخطيط و إصرار ، بناءا على قرار لا لأنّهم شاذّون ، بل ليخضعوا أنفسهم لهذه التجربة كي يكتشفوا أسرارها ، تماما مثل الأطباء القدماء الذين كانوا يتذوقون بول المريض كي يعرفوا إن كان مصابا بمرض السكر أم لا !!!! ((ههههههه))
من هؤلاء المفكرين الذين خاضوا تجربة الشذوذ ، كولن ولسون و الفيلسوف الفرنسي فيكو، الذي تدور حول فلسفته الآن معارك فكرية طاحنة..
أخي العزيز الحقيقة أريد أن أعلّق على ثلاث قضايا مهمّة جاءت في مداخلتك ، و أعتبرها قضايا لم يطرحها أحد من قبلك هنا في هذا الموضوع ، و هي فعلا ذات صلة و مهمّة، و قد أشرت لها بالأحمر في نصّك المقتبس:
1. قضيّة النبذ . 2. قضيّة القراءة 3. قضية النّص و الكاتب.
الأولى: كما طرحت ، كيف نملك أن ننبذ و نقاطع كاتبا بناءا على شذوذه ، أو بناءا على موقف فكري أو عقائدي أو سياسي ، أو ما شئت من الخلافات الفكرية و العقائدية الإنسانية على كافة أنواعها؟؟
إذا كان هذا الكاتب في مجتمعنا ، فهل نبذه يدخل ضمن حدود الحماية للأطر الاجتماعية و الثقافية ؟
أم هي ياترى حماية للإطار الإجتماعي - الاقتصادي - السايسي الحاكم ، و بالتالي حماية للإطار الثقافي الفكري المهيمن ؟
هل الثقافة بحاجة لحماية من عناصر ثقافية من داخلها ؟
هل هي هشّة إلى هذا الحدّ إذ تحتاج لحماية من نفسها؟
ما ضرورة الحماية للإطار الثقافي الاجتماعي من عناصر في داخله و ليس من خارجه ؟ أليست هي بالمنظار الشّامل ، فيما بعد ، إحدى مكوّنات الثقافة لذات المجتمع؟
أعطي مثلا للتوضيح : نفتخر الآن بإبن المقفع و إخوان الصفا و بأبي ذر الغفاري و بالطوسي و ابن سينا و الغزالي و ابن رشد ...الخ أليس كذلك ؟
نعتبرهم جميعا الآن عناصر مكوّنة في تقافتنا العربية الإسلامية ، بل نفتخر بهم .
لكن نظام الحماية الذي تتحدّث عنه ، حماية الأطر الثقافية الإجتماعية ، لم تكن إلاّ استبداد الثقافة السائدة ، بل توميها لها ، و أداة تاريخيّة مزوّرة استخدمتها للقمع و الاستبداد من أجل بقاء السلطة و إعادة إنتاجها ، أنظر :
إبن المقفع أهم بالزندقة و قتل و مثل بجثته و حرق
إبن سينا كفّر
أبو ذر الغفاري نفي و مات منفيّا
إخوان الصفا ، كفروا و منعوا و شرّدوا ، و حوكموا و قتلوا و ما زلنا نعثر حتى اليوم على أعمالهم المدوّية.
إبن رشد حرقت كتبه في الساحات العامة...
أهذه هي حماية الإطار الفكري و الاجتماعي ، حماية النّظام القيمي للمجتمع ؟؟ مِن مَن ؟ من عناصر داخله ؟ و ها نحن بعد ألف عام ، نقف و نفتخر و نسموا بهم ، و نحن .. نحن بأيدينا قتلناهم... فنحن ارتكبنا الحماقة مرّتين:
المرّة الاولى : حين حاكمناهم و قتلناهم
و المرّة الثانية حين نستخدمهم للترويج للسلف الصالح(؟) ، للفكر الاستبدادي الذي قتلهم (السلف الصالح بمفهوم السلفيين و الحزبيين و الايديولوجيين الإسلاميين الذين يمنعون الهواء عن هذه الأمة و ينادون بختن نسائنا و سقوط العقل و الحرية المسخاء)، كيف نروّج للسلف الصالح (!) و هؤلاء العظماء كفرّوا و قُتلوا و الآن تعتبرونهم أدلّة على صلاح و مجد الأوائل؟؟؟
المروّجون الآن ، يضعون الجميع تحت عنوان الأوائل ، أو السلف الصالح ، و الحقيقة هناك فرق كبير بين الذين كانوا قبل القرن الخامس الهجري ، و الذين أتوا بعده ، و كي لا يتدخّل أحد و يقول : هيّا إلى الجهاد ها هو حكيم يشتم السلف الصالح و الأوائل ، أقول ، ما أقصده ، السلف الصالح بمفهوم السلفيين (الفكر التكفيري الاستبدادي الذي يجد بذوره عند حليف السلطة المستبدّة ، الغزالي) ، فعندهم مفهوم السلف الصالح واسع جدا ، لا أعمّم ، و في نهاية مداخلتي ستتضح الصورة أفضل.
السؤال : كيف أراقب نظامي القيمي في داخل مجتمعي ، و نحن أنفسنا نقوم بالمراقبة؟
لا يمكن إنّه الاستبداد بعينه ، هو الاستبداد المغلّف بتخويفنا من سقوط قيمنا .. إّنه الوهم الذي يُزرع فينا.
أّما إذا كان الكاتب المنبوذ من خارج مجتمعنا ، فعمليّة نبذه عملية لا قيمة لها ، فهو لا ينتمي لثقافتنا و ليس جزءا من ذاتنا ، بالضبط كما قلت حضرتك ، بالتالي النّبذ هو الانقطاع عن العالم و هي قائمة قد تطول كما أشرت أخي العزيز و ربما ستشمل كل ما هو خارج ثقافتنا ، و هكذا يصبح النبذ .. نبذ الآخر بنفس الحجّة ، و هي حماية ثقافتنا و أنفسنا ، تصبح انعزالا و تقوقعا و خروجا من التاريخ.
أصرخ الآن بهذا السؤال: لماذا دائما يوهمونا بأن نظامنا القيمي ، ثقافتنا و ديننا بحاجة لحماية ؟؟ هل نحن بهذا الضعف و الهشاشة؟؟
لماذا لا أقف و أصرخ عاليا : أنا عربي مسلم و هذا ديني و هذه ثقافتي ، شاء من شاء و أبا من أبا ...لماذا علي أن أخاف على هذه الثقافة ؟؟ من يوهمنا بالحاجة للحماية ؟ إنّه الاستبداد السياسي حين يتحالف مع الاستبداد الديني ليعيد إنتاج نفسه ، لو فعل المسلمون الأوائل هذا لما كانوا ترجموا كلّ الفكر و الأدب الإنساني من كلّ الحضارات التي كانت معروفة حينها ، لظلوا منعزلين و متقوقعين على أنفسهم خوفا على دينهم فلا هم أفلحوا في دنياهم و لا هم أعزوا دينهم..لكنّهم انطلقوا بهذا الدين الرائع و أقبلوا على كلّ الثقافات و صاغوا بدمائهم ثقافتهم الجديدة : الثقافة العربية الإسلامية مفخرة الجميع ، و حين بدأ القرن الخامس الهجري و بدأت السلطة تخاف على نفسها و ظهر من هم أمثال الغزالي (ممثل علماء الدين المتحالفين مع السلطة أو الدين السلطوي) ظهر الاستبداد و التكفير و التقوقع و الغلو و الانحدار أيضا .. الانحدار المتواصل حتى يومنا هذا .. و ها هم اليوم يريدون أيضا بإسم الدين أن يحافظوا على هذا الاستبداد القاتل.. لا عجب ، يقتلون باسم الدين ثم يفتخرون بمن قتلوا أيضا بإسم الدين !!!!
متى تصبح حماية النّظام القيمي أمرا ملحّا و ضروريّا ؟
في مثل الظروف التي نعيشها ، و هي الاجتياح الثقافي الغربي الكاسح ، هنا تختلف المعادلة ، فالحماية لا تأتي بالمقاطعة و التقوقع ، بل لها أسسا علينا أن نضعها و هذا ما أدعو إليه دائما :- تعالوا نتفاهم على أسس نتّبعها لحماية قيمنا و ثقافتنا قبل أن ننقرض .. لأنّنا مهدّدون فعلا بالانقراض الثقافي.. لكن الحماية لا تأتي من هاوي يشتم اليهود و إسرائيل و يذهب لينام في بيته مرتاحا لأنّه أدى واجبه الديني و ذاد عن أمّته ؟؟!! أو يٌشرّح أمّ "الديمقراطيّة" و "الدولة القطرية" و "علم الكلام" - موضوعيا و علميا و منطقيا ( و هي طبعا لا تجتمع لشدة تناقضها) و يُصبح كل من فتح فمه مأفونا بالعلمانية من أتباع "الحرس القديم" في "الصالون القديم" ؟؟!! الحماية لا تأتي من هواة ، بل تحتاج لمجهود عظيم علينا أن نضع أسسه ، أسس شاملة لا وفق برامج الأحزاب الدينية و هواها ، و لا وفق أوهام فئة تدّعي أن رقابنا أمانة في عنقها و هي غير صادقة البتّة بدليل وضعنا المزري ..!!!
تحياتي
حكيم
سأعلّق على القضيتن الباقيتين( القراءة و النّص)لكن فيما بعد ، بعد إشباع هذه القضية أولا كي لا تتداخل المحاور بعضها في بعض .
[/align][/cell][/table1][/align]
تعليق