يَخطــو نحو الشارع ..يَصطدم بالشمس الساطعة بعدَ أن كان في غرفة ٍستائرها مُسدلة وضوءها اصطناعي.. لا يعرف وجهته ..كان يضمُ إلى صدره بعض الوثائق المهمــة..يتلفتُ حول الشارع الذي كان في موجةٍ من نشاط عارم.. الناس يسيرون في كلِ اتجــاه..يتحدثون بهواتفهم ..أو يسحبون أطفالهم النائحين ..أو يأكلون في كل مكان تفوحُ من أبوابه رائحة الطعام.. سيارة ٌُسوداء كانت تعبرُ حركة السير ..توقفتْ أمامه ..ربما كان ينتظرها ..شيءٌ ما حرّك كتفه الأيمن ..لاحظ رجل في حلةٍ رمادية كان يقفُ وراءه.. امتعضَ وبدا كأنه يهمُ بالهروب..لكن إلى أين؟..أخذ خطوة للأمام نحو السيارة ..تساءل كيف ستأخذه وتنقله خارجَ هذا الشارع المُكتظ ..الليلة الماضية ..عندما أُحضِر إلى هنا ..لم يكن هناك مخلوقاً على مرمى البصر..ربما عليهم أن ينتظروا إلى أن يحين الظلام قبل الرحيل.. لحظات ..ترجـّــل أحدهم من السيارة ..ودلـّه على المقعد الخلفي بعد أن فتح الباب قائلاً ((سنأخذك إلى ملاذ ٍآمن الآن ..نأمل أن ترتاح هناك)) كانَ يتحدث بحذرٍ وهدوء شديدين..ربما يعتقد أنه لا يستطيع فهمه.. أمضى وَقته في التحديق خارج نافذة السيارة..كمن يشعر بمرض ٍإلى حدٍ ما..كانت هناك محطات عديدة وانعطافات..وإشارات..والعديد من السيارات الأخرى التي تواجه مُشكِلة الإزدحام المُتكرر في كل نقطة توقف..حتى عندما أخبره ُالمُرافق في السيارة أنهم الآن خارج المدينة..فقد كان الإندفاع وتدفـّق المرور والسرعة لم يتباطأ أو يخف بعد .. بدا قلبه مثقلاً وبارداً في مثل هذه الأجواء الغريبة ..دارت أفكارهُ نحو زوجته وابنته .. وصلوا المكان قبيل الظهر..بَدت الشمس كما لو أنها مُعلقة بخيوط ٍفي السماء ..والغيومُ متناثرة تعوم كما لو أنه في حلم..السماء مختلفة هنا..الغيوم مختلفة أيضاً.. هواءٌ بارد ..لكنه منعش ..سلـّك حنجرته..أحس ّبغربة ٍ ..فالناس لا يعرفوه ..وحتى مَن همُ بالسيارة لم ينظروا إلى عينيه.. المكانُ كان عبارة عن بواباتٍ ضخمة مُكبّلة بالسلاسل الطويلة ..تُحيطها جدران رمادية اللون تـَعلوها أسلاك شائكة ملولبة.. لا يبدو ملاذاً آمناً..بل لا يبدو أنه ملاذ على الإطلاق.. غرقَ قلبه ُحين أدركَ أن الورق الذي يمسِكه بإحكام بين يديه والذي لا يستطيع قراءته يعني......!!
**
التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 09-01-2011, 11:57.
تـُرى ..ماذا يحدُث لِحُلم مُؤجــل؟ أيَجف..مثل زبيب تحت الشمس؟ أم يتقـرح مثل وَرم .. ثم يتفزر؟ أيتـَعفن مثل لحمٍ فاسد؟ أم يتغطى بقشرةٍ ويكتسي مثل قطعة حـَلوى؟ لعله فقط يتـَدلى مثل حملٍ ثقيل..أو .. يتفجـّر.
مطرٌ شديد .. ورياحٌ عنيفة جداً..كانت تَجرف كل شيء في طريقها ..حدث هذا فجأةً بدون انذار.. كنتُ مع عائلتي نتعشى في مطعم ..فاعترضتُ على الريح ِوالمطر ورُحتُ أتذمّر منها ..وأبدي انزعاجي وسَخَطي. سألني والدي ..هل سبق أن شاهدتي إعصاراً يا رنيم؟ هززتُ رأسي بالإيجاب..فقال : حسناً.. بدون الإعصار سيكون هناك نقصٌ في موارد المياه ..فهو مصدر إمداد الماء على الأرض.. وإذا لم يكن هناك إعصاراً ..فسيكون هناك عـَدم توازن في توزيع درجات الحرارة في المناطق ..ستكون المنطقة المدارية أشد حرارة فتغدو كالجحيم..بينما المناطق القطبية أشد برودة من المعتاد..و يختفي الإعتدال في العالم. قلت : ..هذه معلومات قيّمة يا والدي.. يبدو أن جَهلي جعـَلني قصيرة النظر..كرهتُ الرياح لأنها بَعثرتْ شَعري..وكرهتُ المطر لأنني لا أحمِل مِظلة.. لم يَكن لدي فِكرة أن الإعصار في كل ِدرجاته مفيداً في استمرار التوازن الطبيعي لِدرجات حرارة الأرض ولإستمرار وجودِ البشرية. شكراً يا أبي .. أصدقائي القراء.. وكما أن الأرض تحدُث فيها مُتغيرات لاستمرار حَركة الحياة.. فهناك مَطبات و مُتقلبات تمرُ بنا ..فلنؤمِن بأنها رحمة مِن الله .
أنظـرُ إلى نوافذ ٍتـُذكّرني بأيامِنا الماضية.. استيقظ في هـَذا العَالم الغريب .. فأتجَوّل فيهِ سائِحاً .
**
باتت الأقدام تدب حيث مصالحها فقط .. وهجرت الخطوات الأماكن التي طالما أحببناها .. فما عادت أقدامنا تتحرك بوحي من قلوبنا..ولا عادت قلوبنا تخفق لوقع أقدامنا ..
مازلنا سيدتي في الرقراق نلهو .. فانتظري مشاهد تشيب لها الولدان .. ......................
أعرج على هذا المكان من وقت لآخر أستمتع بهطول الفل فيه .. وأمضي أعترف بأنني مقصر في القراءة لأسباب شتى لايسعني ذكرها الآن .. لكن صدقيني أخت مها أنني أستمتع بحرفك الجميل .. دام تألقك.
التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 12-01-2011, 13:20.
من لم تحلّق به حصيرة المسجد البالية .. فلن يطير به بساط السندباد
باتت الأقدام تدب حيث مصالحها فقط .. وهجرت الخطوات الأماكن التي طالما أحببناها .. فما عادت أقدامنا تتحرك بوحي من قلوبنا..ولا عادت قلوبنا تخفق لوقع أقدامنا ..
مازلنا سيدتي في الرقراق نلهو .. فانتظري مشاهد تشيب لها الولدان .. ......................
أعرج على هذا المكان من وقت لآخر أستمتع بهطول الفل فيه .. وأمضي أعترف بأنني مقصر في القراءة لأسباب شتى لايسعني ذكرها الآن .. لكن صدقيني أخت مها أنني أستمتع بحرفك الجميل .. دام تألقك.
الأستاذ المتألق فاروق بحكمة كلماتك تطل على التفاتاتي فتنثر الفرح والعبير في آن دمت رائعا شكرا مجددا لإضاءتك سماء متصفحي
مودتي.
**
التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 12-01-2011, 14:52.
بعد رؤيتي وسماعي لأِحداث تونِس الغالية الخضراء..فكـّرت:
مِن المَعروف بل المُتوقع أن الشخص المُتقدم في السِن يَعني شخص أكثرَ حِكمة وخبرَة في الحياة.. لا أعني قـُدرة الكبير في السِن على طـَرح الإجابات لكثيرٍ من أسئلة الصغار.. كـُل ما أعنيه ..القدرة على فِهم أساسيات الحياة ..الأشياء المهمة .. مثلاً..لماذا يبدو أنه كلما تمَ حل مُشكلة رئيسية في الحياة ..تتبعُها مشكلة اخرى أكثر صُعوبة بَعد وقتٍ قصير !!! أو مثلاً..أنّ هناك الذين يحمِلون السُلطة في المجتمع لا يبدو أنهم يتعامَلون بحنكة ٍوحِكمة.. لِماذا يَميلُ الساسة إلى الفسَاد والتعامُل الغير إنساني عِندما يُعطى السُلطة !! يَبدو لي أنّ التقدُم في السن لا يَعني حِكمة ً أكثر وخِبرة ًأعظم عند هؤلاء.. بل هو مُجرد أرقام لا أكثـَر .
تعليق