في بيتنا
لا مكان للشامتين,ولا موطئ قدم للعابثين بشمس الصباح فيه, لاجملة فيها ما يؤذي اذان السامعين
في بيتنا تبجل الأوطان,ويكرم الشهيد,يحتفى بالضيف وينزل الغريب بين أهله.
في ديارنا ينزل الصباح منزل الكرام,وعلى طاولاتنا البيضاء تكتب قصار الرسائل وطوالها,فناجيننا مليئة بالقهوة والزنجبيل والزعتر والشاي.
في أكفنا ابتسامة نرمي بها وجوه الحاضرين,فمن أحبنا صار منا وأسفنا لغيابه إن غاب,ومن لم يحبنا أحببناه وأسفنا لغيابه إن غاب
لا مكان سوى للحب في قلوبنا,والصبر زادنا,والعفو شيمتنا,فنحن أخيتي ,كلانا نشأنا بين ثنايا الياسمين
صباحك كانت أمنية الرقيقة المعطرة بالزعتر والزايزافون

هذا المساء
قد حلَ في بيتِ أخي بعضُ الغرباء
لا يدركونَ غيرَ أنهم إن حضروا ...هنا الكلأ ُوالمأمن ُوالماء.
علموا أن خزائنهُ فارغةٍ إلا
من كلمةِ صدقٍ وقلبِ محبٍ وعهدِ وفاء.
على أدراجهِ تعربشت ياسمينةٌ دمشقيةٌ وفّرت للقادمينَ ظلٌ وعبيرٌ ولحظاتُ نقاء.
فُتِحت شبابيكه على باحةٍ من وئامٍ ضمت الأخَ والأبَ والأمَ والأبناءَ والأصدقاء.
تراكضت على أرضيتها قططٌ أحست الأمان فأكثرت من المواااء
وعلى عريشةِ دواليهِ حطت عصافيرُ الحي بكلِ أمانٍ جاورت الهناء
وفي غرفهِ الصغيرةُ حجماً الكبيرةُ بمن بناها ناموا مليء الجفون من غير عياء
وحين طلع الصباح احتار ماذا يقدم لضيوفه الأعزاء
طرق باب الجار مستأذناً بعض خبزِ إن سمحت وبعض غذاء
قامت قيامة من حلوا ببيتهِ...يـــــــــــــا لهذا المضيف مــــــا باله ُ
يستعين بالغير ليكرم مثوانا ...يـــــا ألطاف السماء
تبسم أخي ضاحكاً من قولهم ...أمال الرأس يمنة ويسرة
وتمتم في سره ..."فرج الله كربكم وعافاكم من كل بلاء "

بيتك مأمن كما وطني أخي سلام ...فيه فقط يؤكل الخبز ويذم من يستقوي بالإخاء

ودود رؤوم حنون عطوف
ذات حس عالي,وأخلاق رفيعة
تعرف جيدا كيف تجعل من أبنائها عصافيراً يجوبون السماء برفقة الشمس
قلت لك في مادة سابقة أخيتي,أنها لم تمت,فإن من ينجب مثلك لم يمت حتى وإن غاب الجسد عن العيون,تبقى الروح كالعصفور في قلب الشجر.
صباح كالماء لا بل أكثر صفاءاً بوجودك أختي الحبيبة

أخي سلام ...سأحدثك عن أمي
تلك الأيقونة المعلقة على جدار النور
طغى ضوئها حتى تشكل النهار
سيدة في أخلاقها يكمن الصدق
الكبرياء الحق ...حبها لمن خلق
كانت تردد بينها وبيننا "في عليين"
تعلم علم اليقين مكانها ممن أحبت
ونادر من العشاق من يعلم مكانه في قلب الحبيب
أميرة توجتها أفعالها على عرش من العطاء
من اللين المغلف بالصرامة التي تليق
كلماتها ضحكتها ...الله الله ليتك رأيتها ليتك رأيتها ...
تعيش رغم ذهابها منذ أربع سنين في حياتنا
أكاد أجزم أنها هنا ...في كل لحظاتنا

صباحك بركة ذكرها أخي الحبيب ...وما أعظمها من بركة .

لابد أنها نافحت الزهر كثيراً,وأوقدت من أصابعها شموعاً كثيراة ايضاً,لابد أنها شربت الفجر في كأس ماسي,وكحلت عيناها بماء الياسين,قبل أن تنجبك تلك الرائحة البيضاء
تيمنت بالصدق,وكالت للشتاء كثيراً من التهم كيلا يقتلك البرد,ولا يعضف بروحها البرق والريح
رحمها الله أخيتي,فمن أنجب هات الياسمينة لم يمت
صباح جميل برفقتك أمنية,صباح الخير ايتهالحنون الدافئة.

تبكيني أخي والله تبكيني
كلماتك تعتصر الصدق من زمان ضج بالتمثيل
وحروفك ...أشعرها ضربات فاس في أرض جدبت من النخيل
صار جل طلعها نبتات برية شوكية تزيدنا ألماً كلما مررنا بها
الخل الوفي ...
رحمه الله رحمة تسد الأفق وتملأ عليه قبره أمناً وأنساً بالله الرحمن الرحيم
علنا نكون ممن يشفع بهم يوم الموقف العظيم إن نحن أخلصنا له بالدعاء
لست أحسدك علة وجعك الذي بت فيه أخي الرائع ولكني أحسدك على قوة إيمانك بصديقك
قل أن تجد هذا القلب في هذة الأيام وحتى إن غاب هو هنا في وجدانك
سأظل أعود لفئ بيتك فهنا يكمن الوفاء والرقي والحنان
صباحك خير من أجل من ذهبوا ولن يعودوا أمي وصديقك ...

ذات الفكرة أخيتي
بذات الرقة ,وربما أكثر ألماً..ذات الشجن وربما أكثر استطراداً في التفاصيل
ناقشتها مع صديقي الشهيد,بل أن يستشهد في معتقلاتهم المظلمة ,وقبل يعتقل ,وأكتب عنه وعن أطفاله في ذات هذا المتصفح الأبيض.
الخل الوفي
كان صديقي لا يتردد في توبيخي كلما افتتحت معه هذا الموضوع,لايريد ان يصدق باستحالته,وأنه هو من عجائب الدنيا السبع,كنت أقدمه على حدائق بابل,وأخبره كثيراً بأنه أكثر منها جمالاً ودهشة.
كنت أخبره بأني أراه أكثر ارتفاعاً من برج الحرية الفرنسي,ولا أتردد في وصفه بالسمو والرقي إلى أكثر من ذلك بكثير,لكنه كان يوبخني كلما قلت هذا
أقول له :بأنه أعظم من سور الصين وأن قلبه أكثر اتساعاً من كل ما يحيط ذاك الجدار الطويل,فيزداد استطرادا في توبيخي ,ويمعن في انتقاء مفردات العتب واللوم لما أقول.
ثم يقبلني,ويرحل.
في كل مرة كان يرحل ثم يعود بعد وقت قصير,لكنه في المرة الأخيرة لم يعد,وحين تأخر أدركت بأنه لن يعود,لم يخب ظني به لحظة واحدة,ولم يفتئ يؤكد لي بموته,أنه أكثر من الخل الوفي وفاء,وأنه أكثر من حداق بابل جمالاً,وأنه أكثر من برح الحرية ارتفااعاً ,وأعظم من سور الصين .
وأنك أخيتي,حين تعودين إلى بيت أخيك,تشرقين كالشمس في نهاري شتائي لئيم,فمرحباً بالدفء ذات برد
أسعد الله جميع أوقاتك.

الأستاذ الكريم فكري
تحياتي لك,وأهلا وسهلاً بك في متصفحي المتواضع
نعم,سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلوبن,وسيدرك الذي خانوا أمانة الوطن,والأخوة في الدين والعرق,بأنهم مهزومون يوماً ما
مخيمات اللجوء كانت امتحاناً كافياً لتلميع لكشف الكثير من الأقنعة عن الوجوه.
شكراً لك مرة أخرى.

تكات الساعة بطيئة في ذهن من ينتظر
وسريعة كـ البرق حين يحين اللقاء
ظل يصارع الزمان طويلاً طويلاً ربما قبل أن يفطم
ظل يردد في داخله كلمات تعلمها من وحي ألمه
"لا بأس ...غداً أفضل "
اشتد ساعده ذات مرور للوقت
اتسعت نظرة عيونه حتى المجرة
وفي لحظة نسيها الزمان من دفتره
وجدها ما تزال تضفر الجديلة بذات الشرائط الصفر
على وعد ان يستبدلها لها
اكتفى بالصمت .
تمر بنا لحظات اخي سلام نوقن أنا هنا لسبب
لم يغادرنا قبلها الإيمان بالله وقدرته ووعده
ولكنّا في هذه اللحظات بالذات
نزداد إيمانا ...

قصّرت بالمرور ببيتك الراقي كنت أصارع فكرة استحالة الخل الوفي
جلست على عتبة بيتك كعادتي لأستريح وأستمد القوة من قلب أخي
صباحك خير وخير وخير كــثــــــــــــير

كنت في مهمة إنسانية في مخيم الزعتري ...
حدثتني النفس أن لا أكتب ... وكيف أكتب ...
وفي العيد قررت الدخول هنا بقلب تفطر حزنا وأسى ...
لقد رأيت وسمعت ........ بربرية لا يتصورها العقل ...
قصص يشيب لها الولدان ...
أقف احتراما وإجلالا لجنود يعلمهم الله...
وبما أن هناك صباح وشمس...
وهلال وعيد ...
فالامل لا يموت
فسبحان الحي الذي لا يموت
ف صباح سعيد
وسيكون عيد
و
سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
وتقبل مروري
ولي حديث ...
وشكرا

لم يستشهد صديقي إلا من أجل أن نكون بخير,لذا أخيتي,كل عام وأنت بخير,ولن أخيب ظنه وظنهم
كلهم شهداء من أجل من لم يستشهد بعد وفي سبيل الله سبحانه وتعالى
كل عام وأنت بخير
والوطن بخير

أتيت رغم انشغالي فوق التصور
أردت لو أقول "كل عام وانت بخير "أخي
فوجدتك تبكي ...أين سيكون برأيك العيد ....ومتى !
حسبنا الله على سارقي الفرحة واهبي الدمار
قلبي معك أخي سلام ...

قف باحترام,والبس أجمل ما لديك,وعطر فمك بأحلى الكلام.
تعلم الادب,وحسن من بلاغتك ما استطعت
كن شاعراً,أو قاصاً,أو راوياً شعبياً محبوباً للجميع
كن طفلا ,بل اكثر براءة,أو عصفوراً ,بل أجمل صوتاً وأكثر رشاقة
كن شاعراياً مرهفاً حسك,وانتق أجمل ما في لغتك من الكلمات,وحاصر وسامتك بين كتفيك .
كن طيباً وعلى خلق,وابكِ إن مضى نهار واحد ولم تستطع إيواء عائلة نازحة واحدة حتى لحظتك
كن عابداً جيداً واتق ربك في اليتيم وعابر السبيل واحزن على المظلوم وانصره واملك عينين لا تمسهما النار,بكتا من خشية الله وباتتا تحرسان في ثغر من ثغور الله .
أطعم الجائع واكس العاري ودفء البردان وامسح على رأس اليتيم وتحول بالله عند كل معضبلة,واسترجع إلى الله عند فراق الأحبة..
كن فاضلاً ما يكفي لتكون الأجمل في عيون كل من يراك..
وابك
وابك
وابك
قبل أن تقول وتخبر الجميع أن صديقي سامي قد استشعد هذا المساء
رحمــــاك ربي

عذراً أخيتي,عذراً يا رفيقة المكان,لغيابي الطويل,فإن القلب منفطر لفراق الحبيب..ألا لعنة الله على الظالمين

تقول لي صديقتي ...
تغير الناس ...ما عدت أجد قلباً أبوح له دون أن أخاف من النتيجة
من كنت أعتقدهم أصدقاء تركوني عند أول محطة لائمت نواياهم وتركوني مسافرة
من كنت ألجأ لقلوبهم صاروا يطالبوني بالثمن ...ما العمل
صديقتي ...سيدة من زمان الوفاء والصدق
قلت لها ...تحتاجين ابتكار لون جديد لعيونك
حتى لا تعود ترى بوضوح صدق ال كذب ...
هل تراني نصحتها .

أخي سلام ...لبيتك عتبة مريحة من يجلس عليها يستوعب الحياة
طفلان كانا ذات زمن يلهوان بكرات الجبن ...لم يفطنا لغدر الأهل ...
سأتعلم في بيتك رقي الحزن في عيون مبتسمة ...

هي تراقب أطراف الشوارع وأواخر الحارات الضيقة تحسباًمن القادمين,لتنذر أخاها المنهمك في تقليب قمامة الحي ,تحاول بكل ما فيها من ألم,أن تبدو عادية لا تثيرحولها كثيراً من الشكوك,لكنها تمطر من عينين محاطتين بماتبقى من سواد الليل,وتحكي للعابرين حكاية الجوع والألم
وهو يحاول رتق صدع ,ليبدو غير مبالياً برائحة القمامة وردائة الطعام في أكياسها السوداء,لكنها تمتزج بدمعه ويمضيان في خطوات ثقيل تنهك كاهل الأرض وتجبر السماء على المطر.
صباح الصبر..صباح الإيمان يا صغيريَّ.
الراقية الرقيقة أمنية,تلك ابتسامة في وجه الفقر يطلقها طفلين عنيدين يابيان ذل المضيف بعد هجر المدائن..صباح الخير أخيتي.