المشاركة الأصلية بواسطة مباركة بشير أحمد
مشاهدة المشاركة
لا أخفيك أني تدبرت في كل ما ورد في مشاركاتك، ولا رغبة لي في أن الزمك بماورد في العبارة أعلاه. لكنني أقول إن "النص"/الأثر الذي بين يدي (مشاركتك) لا يؤكد وجودك بيننا كما تقول العبارة (أصلا ليس هناك "بين" إلا بمفهوم البعد والغياب)، بل يؤكد عدم وجودك بيننا ولو كنت موجودة بيننا لما كتبتي مشاركتك. ولو أقسمت أغلظ الأيمان على حقيقة غيابك لما كنت حانثا. كما أنه ليس ثمة أهمية لقدم الأثر أو حداثته، فالأثر يبقى أثرا لغائب لا أكثر. ولهذا فهو إن دل على وجودك في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب فإنما يدل فقط على أن الملتقى نفسه أثر يتسم بالغياب أبدا، ولا يمكن له أن يتحقق حاضرا حتى وإن افتتحوا غرفا صوتية لا حصر لها. الكتابة عموما هي دليل الغياب، سواء كتبنا على طبقات الهواء بأجهزتنا الطبيعية (الفم والأسنان واللهاة واللسان والشفاة)، أو بأقلامنا على الصخر أو الجلد أو الورق، أو بحروف افتراضية على لوحة المفاتيح. وحسبنا أننا في الملتقى نتمتع بوجودنا الافتراضي، وبلغة الحاسوب نحن مجموعة من العددين الصفر والواحد (بدون مبالغة).
أما قضية أن الأهرمات تدل على من بناها، فأقسم لك بأغلظ الأيمان أن الذي بنى الأهرامات لا دليل عليه، بل الموجود فقط هو الأثر نفسه ولا يشير إلى غير الغياب، ولا أحد يعرف من ترك هذا الأثر بل لا يشغل اهتمام أحد (حتى زاهي حواس ليس لديه أي علم بمن بنى الأهرامات). وإذا كان للاهرامات من دليل تدل عليه وتشير إليه فإنما تدل على وتشير إلى "الموت" وحده، وهو الغياب في أجلى صوره. وأتمنى لك طول العمر حاضرة غائبة.
تعليق