الأستاذ عبد الرحمن؛

ردا على المداخلة 14، أقول؛

يعقب بعض الزهاد -من لا علم لديه- تعقيبا على الأكالين، وتأليا على الله بقولهم في استفسار عجيب:

" يأكلون بالأرطال، ويشربون بالأسطال، وينامون الليل وما طال، وينتظرون الفتح الرباني.؟"

وأقول الفتح الرباني ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ليس له من وسيلة إليه سوى الدعاء والعكوف على باب الله الذي لا يخيب من رجاه.

وأما الأكل بالأرطال، والشرب بالأسطال، ونوم الليل وما طال، إن تعلق بالحلال فاقرأ فيه قوله تعالى :

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأعراف32

ويبقى تأليهم على الله وتدخلهم في شؤونه، إن شاء غفر وإن شاء أخذ بالجريرة، لكون اعتقادهم بأن الفضل ينبني على العمل، والحقيقة لا علاقة للفضل بالعمل إلا :

1- إن تعلق بالدعاء :

{وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }النساء32

2- إن انشغل المرء بالذكر لقوله صلى الله عليه وسلم:

[من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ]
(الراوي: - المحدث: الزيلعي - المصدر: تخريج الكشاف - الصفحة أو الرقم: 3/220 خلاصة حكم المحدث: صحيح)

ومن هنا وجب التنبيه على جوهر العبادة، الذي هو التذلل بباب الله؛ إذ الدعاء مخ العبادة، وما من فريضة إلى كان جوهرها الدعاء والتذلل بباب الله.(وهذه هي معاني العبودية لله)

ومن غفل باب الفضل، كانت أعماله جوفاء؛ لذا حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم:

[كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر]
(الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1956 خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد)

ومع هذا فربنا كريم لايؤيس العباد، وها هي البشرى تزف، فما كان الله ليضيع أجر من أحسن عملا، بل وحتى من اقترف (ومعلوم بأن الاقتراف يكون للذنوب والمعاصي) حسنة يجد له الفضل والثواب:

{وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }الشورى23


إنه ليس تمت إلا ربأ وفضلا واقرأ قوله تعالى :

{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83

{َ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ }البقرة 64

نسأل الله الواسع العليم أن يمنَّ علينا بأفضل عطائه وأكرم تكريم لعباده : لذة النظر إلى وجهه الكريم، فضلا منه ورضوانا والله على كل شيء قدير.