صحبة وأنا معهم ... ( 2 ) / ماجي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي المتقي
    عضو الملتقى
    • 10-01-2009
    • 602

    #46
    أخي عبد الرؤوف : يولد الإنسان بلا هوية ، ومنذ صرخته الأولى تبدأ هذه الهوية في التشكل ، فالطفل الذي كناه لا يغادرنا بمجرد ما نتخطى مرحلة الطفولة ليكبر فينا ويعيش معنا ، كما تعيش معنا قيمنا وثقافتنا وعاداتنا و لانستطيع الانفكاك منها حتى ولو سعينا إلى ذلك . من هنا ، فالشخص الذي نستمتع اليوم بصحبته ، بدأت ملا مح الوجه الذي عرفته به بعد انضمامي إلى المنتدى تتضح ، وتكشف عن جذورها ، وهي جذور لم تُنبت عبد الرؤوف النويهي فحسب ، بل أنبتت معظم إن لم أقل كل الأدباء والشعراء المصريين الذين جاؤوا من عالم القرية إلى عالم المدينة ،جاؤوا باحثين عن العدالة وعن الحرية وعن الثقافة و عن حضارة خمسة آلاف سنة التي قرؤوا عنها في مدارسهم الابتدائية ، فصُدموا في المدينة ، ووجدوا حضارة حديثة مزيفة غير تلك التي حدثهم عنها معلمهم في الابتدائي ، وظلما أشد من ظلم القرية ، ومعاناة لا كمعاناة القرية ، فوصفوا غربتهم في المدينة، وغربة الناس هناك . ومن هؤلاء صلاح عبد الصبور و أحمد عبد المعطي حجازي و أمل دنقل و الأبنودي ... وهذا نص لأحمد عبد المعطي حجازي يصف علاقته بالمدينة:

    [align=center]أنا .. والمدينة

    هذا أنا ،

    وهذه مدينتي ،

    عند انتصاف الليل

    رحابة الميدان ، والجدران تل

    تبين ثم تختفي وراء تلّ

    وريقة في الريح دارت ، ثم حطت ، ثم

    ضاعت في الدروب ،

    ظل يذوب

    يمتد ظل

    وعين مصباح فضولي ممل

    دست على شعاعه لّما مررت

    وجاش وجداني بمقطع حزين

    بدأته ، ثم سكت

    من أنت يا .. من أنت ؟

    الحارس الغبيّ لا يعي حكايتي

    لقد طردت اليوم

    من غرفتي

    وصرت ضائعا بدون اسم

    هذا أنا ،

    وهذه مدينتي !

    ------------

    ( يونيو ـ 1957م )[/align]




    ترى هل عاش عبد الرؤوف الغربة نفسها التي عاشها هؤلاء وهو ينتقل إلى المدينة ؟ أم وجد فيها ملاذا ومتنفسا وفضاء للحرية والتمرد والثورة على الظلم؟

    تحياتي الصادقة
    [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
    مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
    http://moutaki.jeeran.com/

    تعليق

    • عبدالرؤوف النويهى
      أديب وكاتب
      • 12-10-2007
      • 2218

      #47
      تنويعات على لحن الغربة والترحال

      [align=justify]أستاذنا الجليل د.المتقى

      بمبضع الجرّاح النطاسى ،تمكنت من الوصول إلى أعمق الأعماق فى داخلى ..الغربة والاغتراب.

      لى صديقٌ عزيزٌ قريبٌ إلى روحى ..رغم أنه يكبرنى بأعوام خمسة ...وهو أستاذ ورئيس قسم بكلية الطب ..أراه يقرأنى جيداً.

      فى حوار دار بيننا ،منذ أعوام، سألنى :متى تتنهى غربتك؟؟
      ولم يسكت فأكمل حديثه :أظنها الغربة الرابعة ،هذه التى تحياها الآن.
      واستطرد شارحاً..الغربة الأولى.. فى قريتك،الغربة الثانية ..سنوات الجامعة بالقاهرة ،الغربة الثالثة ..زواجك من المنصورة والعيش بها فترة ..وأخيراً عودتك إلى قريتك وعملك بالمدينة وهذه غربتك الرابعة .
      قلتُ له:فعلاً ..غربة واغتراب ،لكن متى تنتهى ؟؟
      الله أعلم ..وتبسمت ضاحكاً.

      ربما احتكاكى الدائم والمستمر مغ قضايا المجتمع والبيئة والوطن ..سبب غربتى واغترابى مدى عمرى .
      ما أراه فى الحوارات مع أولى الأمر .. لايمت بصلة إلى ما يغوص فيه أبناء الوطن من فقر ورشوة وجهل ومرض ..بعد مايقرب من سبعة وخمسين عاماً على ثورة يوليو 1952م ..والحال يسوء وينحدر نحو نفق مظلم لايعلم نهايته إلا الله.

      المدينة.. وحش هائل يأكل أولاده ويعصرهم عصراً.
      الناس ،فيها ،آلات بلا مشاعر أو أحاسيس..
      القوى يأكل الضعيف.
      والذكى يتلاعب بمصائر الآخرين..
      لم أجد فيها صديقاً.

      شعارات الحرية والديمقراطية وسيادة القانون ..حبر على ورق.
      لا أتصور أن تكون هناك حرية إلا بوجود وتحقيق وتنفيذ عدالة إجتماعية ..فى المقام الأول.

      فليصرخ الجميع ..لكن العدالة الإجتماعية أولاً وأخيراً.

      ما أبتغيه تحرير الإنسان من الفقر والجهل والمرض والظلم.[/align]

      تعليق

      • ماجى نور الدين
        مستشار أدبي
        • 05-11-2008
        • 6691

        #48


        أستاذي العزيز وضيفي الفاضل أستاذ عبد الرؤوف

        كنت أعتزم طرح سؤالي عن إحساسي الذى يتبادر

        إلى أعماقي عندما أمر بك أستاذي الفاضل ، والذى

        أستشعر معه نفحات حزن تطوف بدواخلك نتيجة غربة

        الذات والإغتراب عن وطن هو جزء من التكوين اللامتناهي

        بداخلك ..

        وعندما أجبت أستاذنا العزيز الفاضل د. المتقي شعرت

        بصدق إحساسي الذى لم يكذبني أبدا ..

        ولكن أستاذي دعني أتوقف عند هذه الجزئية وأقول ..:

        حدثني ضيفي الغالي العزيز عن إحساس الغربة ...

        ومردوده بداخلك سواء غربة الوطن بالنزوح بعيدا

        عنه كمتطلب للحياة والسعي فيها ..

        أو غربة الذات حين تشكلت إعماقك بالأيديولوجية

        المعينة كنتاج للموروث البيئي منذ بداية الإدراك

        لهذا المعني ... وكيف تحول هذا بفعل القناعة إلى

        غربة عن الذات فيما يشبه الإنسلاخ والولادة من رحم

        التجربة الحقيقية والتلاحم الإنساني مع الواقع الصحيح

        بعين الإنسان الفاهم بعد ذلك ..؟؟

        والآن سأجلس كطالبة نجيبة بين يديك وأنصت بعمق

        ولك كل التقدير والإحترام ..

        تحايا







        ماجي

        تعليق

        • ماجى نور الدين
          مستشار أدبي
          • 05-11-2008
          • 6691

          #49



          بإهداء لأستاذي العزيز عبد الرؤوف النويهي





          تحايا







          ماجي

          تعليق

          • عبدالرؤوف النويهى
            أديب وكاتب
            • 12-10-2007
            • 2218

            #50
            طعم الهزيمة المُر (1)

            [align=justify]أستاذتنا القديرة / ماجى نور الدين
            يبدو أننى محاصر ومن الجهات الست .
            أسلئتك _سيدتى _ لاتترك لى ثغرة ،فى جدارها الشامخ، كى أهرب منها. فى يناير 2006م ..استكتبنى إحدى المجلات الأدبية فى مصر أن أكتب عن أى موضوع أراه ،وسينشر بدون قيد أوشرط
            وكتبتُ ثلاث مقالات عن طعم الهزيمة المُر. ونُشرت بعد ذلك على الأنترنت.
            ربما _سيدتى _ هذه المقالات الثلاث ..تحاول أن تُجيب عن بعض أسئلتك..وأعلم أنها قد لاتكفى ..لكن هى محاولة..[/align]



            طعم الهزيمة المُر

            (1)
            [align=justify]كم من الزمن يتبقى لى حتى أشهد يقظة العقل العربى ؟
            هل أجيال الهزائم تتابع دون فواصل ، دون توقف ؟
            إن طعم الهزيمة المر لايفارق روحى ، وأقص هذه الحكاية التى عشتها بعقلى ووجدانى وهى محفورة فى ذاكرتى ،متوهجة،حية ،تقتات روحى وتستكين بأعماقى .

            فى سنة 1967وتحديدا شهر يوليو وأغسطس ، هزيمة يونية المدوية الساحقة الماحقة للعقل العربى والإرادة العربية والكبرياء العربى ، كنت أبلغ آنذاك 13سنة ، وكنا نمتلأ بالحلم العربى والصمود العربى ونزهو بالقومية العربية والتحدى الخلاق للتخلف والرجعية وسحق الإستعمار الجاثم فوق نفوسنا .
            واقفا أنا مع أمى وعمى على الطريق بجوار سوق بيع الخضروات ، نبيع ما جمعناه من محصول الخيار ، وفجأة يمتلأالطريق بالسيارات العسكرية حاملة الجنود العائدين والمنسحبين من سيناء بعد إحتلالها وسحق القوات المصرية بها ، وكان هؤلاء الجنود الشعث الغبر الجوعى العطشى الممزقى الثياب الزائغى الأعين المهزومين الضائعين التائهين ،مئات السيارا ت بل الألوف تحمل فلذات الأكباد أبناء مصر البررة ، المخدوعين ، الذين إنهزموا قبل الحرب ..قبل القتال ، تركوا السلاح والمعدات للصهاينة ،غنيمة حرب لم تقم ، والألوف من الجنود تركوا بسيناء المحتلة ،غنائم للعدو المتربص بنا.. دوما وإلى آخر الزمان ،عيونهم ، ملابسهم ، أشكالهم ، الحسرة ، والضياع الذى يسربلهم وإلى المتاهة يأخذهم ،ولم نجد بدا ولم نجد مناصا.. أن يبادر الرجال والنساء بإيقاف هذه السيارات وإعطاء الجنود الأكل والخضروات والمياه والسجائر ، صار السوق يقذف كل مابه لهؤلاء المساكين العراة الحفاة المهزومين .


            هذه الصورة المرعبة لاتفارقنى أبدا مسكونة بى مسكون بها ،وتأتى الهزائم متعاقبة ومتوالية ، أشاهدها شابا يافعا ورجلا ناضجا وشيخا هرما ،ومازالت العقلية المهزومة ، تحكمنا ،وتصنع بنا الأعاجيب ، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا"والإختلاف بين ما نشهد من أزمة العقل فى العالم المتطور وبين ما ندعوه أزمة العقل فى مجتمعاتنا المتخلفة ..هو أن الأزمة عندهم أزمة مابعد العقل ، على حين أننا لانزال نمر بأزمة ماقبل العقل ، مازلنا نشهد كتابات تريد تؤكد أن أحدث الكشوف العلمية لها أساس فى النصوص ....."

            اليوم وكل يوم تتكرر الصورة المرعبة أمامى ، فى فلسطين ، العراق ، السودان ، وقريبا سوريا والبقية تأتى ....إنها أجيال من الهزائم تتوالد وكأنه قدر متربص بنا ، لافكاك ولامهرب ولامفر .[/align]

            تعليق

            • عبدالرؤوف النويهى
              أديب وكاتب
              • 12-10-2007
              • 2218

              #51
              طعم الهزيمة المُر (2)

              طعم الهزيمة المُر
              (2)

              [align=justify]وعشت أجواء الهزيمة المروعة القاصمة الساحقة لكبريائنا والتى أعادتنا إلى وراء الوراء ، وجعلت منا أضحوكة الأمم والدول ،وإحتلال أجزاء من البلاد العربية وضياع فلسطين وسحق ومحق الشعب العربى الفلسطينى ، وزوال الصمود العربى وسيطرة الخرافات والأكاذيب على عقولنا وأرواحنا وسيادة الدروشة والإتكالية والتوهمات والتماس الحلول من أولياء الله الصالحين .كنت فى سنى الأولى ، أرى هزيمة يونيو او حزيران ، ماثلة فى كل شىء ، الحزن والهم والغم والضياع ، بيوت كثيرة يطل الصراخ منها لفقد إبنها واللطم والبكاء الموجعان للقلوب والأفئدة ، وبيوت تقيم السرادقات لتلقى العزاء فى عائلها الشهيد ، وبكاء الرجال والأطفال ، صور مرعبة وحزينة ومؤلمة ،ماثلة فى عيونى وقلبى وعقلى لاتفارقنى مع تقدم العمر .

              وفى ظل هذه الأيام المهزومة والمنكسرة ، وجدت والدى يرحمه الله وهو الرجل المثقف والقارئ لأحدث ماتجود به المطابع من دراسات وأبحاث ، يأتى إلى البيت مسرعاً ويدخل إلى المكتبة ويبحث عن نسخ القرآن الكريم ، ويفتح كل نسخة عند سورة "محمد" ، ودنوت منه بهدؤ وعلى أطراف أصابعى ، وسألته :ماذا تفعل ؟ فقال لى بكل ثقة ووجهه يفيض بالفرح ويعلوه الإنشراح :
              سننتصر بإذن الله ، وأن الشيخ القطب فلان الفلانى قد قص علينا رؤيا صادقة ، أن الرسول "ص" قد زاره فى المنام وبشره بالنصر المبين على أعداء الله والمسلمين وا سترجاع فلسطين وزوال اليهود !!وأن الدليل على صحة ذلك وجود شعرة من ذقن الرسول فى المصحف ، وكل هم والدى هو البحث عن هذه الشعيرات بين الصفحات ، وطال الوقت وهو يكد ويبحث عن الشعيرات ،وفجأة إنهار قاعدا على الأرض وهو يضرب كفا بكف ، ويحوقل ويهذى ويتغضن وجهه .

              وأصبح الحديث يدور ليلا ونهارا عن البشارة بالنصر ، فى الشوارع ، وفى المساجد بل فى صلاةالجمعة ، كانت الخطبة تنصب على هذه البشارة وأن النصر آت لاريب فيه ، ولم يطل الوقت ، وظهر الرئيس جمال عبدالناصر ,هو يعلن تنحيه عن الرئاسة ويؤكد الهزيمة المدوية .......ولم يستطع الفكر المتخلف ، العائش فى الخرافة ، أن يصمد فى وجه الحقيقة المرة ، والذى وقت الهزائم والإنكسارات ، يطل بوجهه القبيح ، كى يبررويلفق ويزَور ويأتى بالأسانيد والنصوص ويلوى عنق الحقائق ، وأصبحت الجوقة تعزف وتنشد وتردد وتهتف وفرضت سياسة الإلهاء ، وكثر إشاعة التفاهات والخرافات وصار الرقص قانونا عاما ، والهلس فى الإذاعة والتلفزيون ، والأشباح والأرواح والغرائب والأساطير والذين هبطوا من السماء والذين عادوا إليها تملأ الكتب والمجلات والجرائد ، تغييب الوعى وتزييف الحقيقة وسيادة التسول الفكرى ،والإنحطاط العقلى والدخول فى متاهة الشعوذة والسحر وقراءة الكف ، ولم نخرج بعد من هذه المتاهة.[/align]

              تعليق

              • عبدالرؤوف النويهى
                أديب وكاتب
                • 12-10-2007
                • 2218

                #52
                طعم الهزيمة المُر (3)

                طعم الهزيمة المُر
                (3)
                [align=justify]
                التشبث بالخوارق والسعى إليها بقوة وبدون تفكير وكأننا نعاج مسوقة للذبح ،كان شعار تلك المرحلة ، بل التقهقر إلى الوراء وحملات التفتيش التاريخية والتنقيب فى حفريات الماضى السحيق ومحاولة العثور على أمجادنا الدفينة وانتصاراتنا المتعددة على الأعداء عبر العصور ،وامتشق المؤرخون والكتاب و الصحفيون الأقلام ودبجوا المجلدات الكثيرة فى عظمة وروعة وعبقرية الأجداد الذين ننتسب إليهم ، وأن ماحدث من هزيمة مروعة وفادحة وساحقة ، بكل المقاييس العسكرية ،شىء لانخجل منه ويجب ألا نتوارى مما حدث ، فالأمم العظيمة تتعرض للنكسات .
                وأصبح كتاب "شخصية مصر" للدكتور جمال حمدان ،الأكثر تداولا وذيوعا وانتشارا ،صار حديث المجالس والنوادى الأدبية ، لقد عثرنا بقدرة قادر.. على حقيقتنا وذواتنا ووجودنا ،بمجرد بضع مقالات أوبعض الكتب !!!
                هل نحن بحاجة إلى هذه المقالات أو الدرا سات حتى نعرف أنفسنا ؟؟

                كيف يحدث والثورات التحررية فى معظم بلدان المعمورة من صنع قادتنا العظام و كما يؤكد الدكتور بشير العظمة(متعهد بناء أمجاد العرب )؟؟

                الصاعقة المدوية أن يبقى كل شىء على حاله ،أن تضيع سيناء ، ويموت، مئات الآلاف من جنودنا وضباطنا وتسلب أسلحتنا وذخائرنا وينتهك عرضنا وشرفنا وكرامتنا ،أشياء ليست فى الحسبان ولاقيمة لها ولافائدة منها وينبغى السكوت المطبق وعدم إثارتها تحت أى مسمى ..لكن الصراع على السلطة هو المعركة الحاسمة بين عبدالناصر وعبدالحكيم عامر ،ولم تجف بعد الدماء المهراقة فى صحراء سيناء ولم يزل جنودنا تائهين فى الجبال ،مشردين ،حفاة عراة جوعى عطشى ،أصبحوا فرائس لعدو نهم للدماء ،وطيور جارحة وحيوانات متوحشة ..ويستفيض ثروت عكاشة فى ملحمته الصادقة ،"مذكراتى فى السياسة والثقافة" ،شارحا وموضحا "حتى إذا ماكانت صبيحة يوم الإثنين 5 يونية .......فؤجئت مصر بالعدوان الإسرائيلى الذى هدفه الأول القضاء على السلاح الجوى المصرى فى مرابضه،وكانت - يعلم الله- نكبة وأى نكبة منيت بها مصر ومنيت بها القوات المسلحة .غير أنه كان طبيعيا أن تقع هذه الهزيمة المروعة لأن القوات المسلحة ظلت فى أيدى قادة تجمد مع مرور الزمن فكرهم واكتسبت مناهجهم البالية قداسة الآلهة المعبودة ،فى حين أن الزمن قد عفا عليها مع التطورت المتلاحقة والمذهلة .
                ولو كان المشير عامر قد ترك مكانه يوم قرر مجلس السيادة ذلك عام 1962،وأسلمه لقائد محترف يتابع خطى التقدم المعاصرة فى العلوم والفنون العسكرية أو لو كان عبدالناصر قد حزم أمره وأصر على تنحيته عن قيادة القوات المسلحة رغم كل ما ناور به المشير عامر وهدد وأوعد ،لما حاقت بمصر تلك النكبة
                ."ص374 من الجزء الثانى . الطبعة الثانية.. سنة1990 دار الهلال . مصر . [/align]

                تعليق

                • ماجى نور الدين
                  مستشار أدبي
                  • 05-11-2008
                  • 6691

                  #53



                  مازلت أتابع بانبهار عزفك أستاذي على سلم

                  الغربة بأسلوبك السلس الجميل المضمخ بعطر

                  الوطن والوجع..

                  وما أجمل الحديث حين يكون خارجا من القلب

                  شكرا لك

                  و

                  أتابع









                  ماجي

                  تعليق

                  • عبدالرؤوف النويهى
                    أديب وكاتب
                    • 12-10-2007
                    • 2218

                    #54
                    الشرق شرق ..والغرب غرب.(1)حوار السيد والعبد

                    [align=justify]أستاذنا الجليل الدكتور /المتقى
                    أستاذتنا القديرة /ماجى نور الدين
                    معكما ومع غربتى لا أتوقف عن الحديث ..إنه الوطن ..إنه الشرف ..إنه العرض[/align]
                    .

                    ""[align=justify]ياسيدى
                    يامصطفى ..
                    أنا هويت
                    هذا الوطن ..
                    ما وجدت فيه
                    تمن الكفن
                    ما انتهيت"[/align]


                    [align=justify]
                    سأروى هذه الحكاية التى عشتها وتحديدا يوم 8/4/2004كنت أحد الذين كانوا فى صحبة الأستاذالدكتور / على وهبى السمان وشهرته الدكتور / على السمان رئيس لجنة الحواروالعلاقات الإسلامية بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وبالصالة المغطاة بإستاد طنطا الرياضى ، عقدت ندوة وحوار مفتوح مع الدكتور / السمان ..شارك فيها المئات من الشباب والمهتمين بالهم العام ، واستهل الدكتور / السمان ، كلمته بالتقارب بين الشرق والغرب ، وأنه بصفته رئيس لجنة الحوار والعلاقات الإسلامية ، أقام بفرنسا وحصل على أطروحة الدكتوراه من إحدى جامعاتها ، وأن الحوار بين الإسلا م والدول الغربية هو حوار صحى ومفيد للإسلام والمسلمين ،وأن دور اللجنة هى التقارب فى وجهات النظر بين الغرب والإسلام وطرح الوجه الصحيح والحقيقى للإسلام والدين الإسلامى وأن الإسلام هو دين السلام وينبذ العنف ، ولابد من إقامة مجتمع إنسانى عالمى يحترم حرية الإنسان ومعتقده الدينى ، وأن الإرهاب هو صفة مرفوضة ولا يصح أن يكون هناك مسلما إرهابيا ، وأكد فى كلمته على ضرورة الحوار بين الأديان على أسس توضح مفاهيم الدين الإسلامى الحنيف ضد الإرهاب ، والعمل وبجد على ترسيخ قيم الحوار بين الشرق والغرب ، وواصل الدكتور /السمان كلمته ..بما لا يخرج عن هذا الحديث ..ثم تحدث عن رحلة كفاحه ضد الإنجلير سنة 1946وسجنه ...إلخ

                    كان من الصعب علىَ وأنا جالس فى مقصورة كبار الزوار وحولى بعض نجوم المجتمع وأعضاء مجلسى الشعب والشورى ، مهاجمة الضيف الكبير فيما يطرحه من مبادىء للحوار بين الشرق الإسلامى والغرب العلمانى ، وانتهت الندوة على خير ، لكنى مغتاظ كل الغيظ ، ويكاد الكلام يندفع منى إندفاعا ساخطا حارقا ساحقا ماحقا.. لهذا الحديث المتواضع السائد والمتداول والمكرر ليل نهار دون فائدة تذكر ودون نتيجة ملموسة على الصعيد المحلى أو العالمى .

                    وانتقلنا بعد انتهاء الندوة والمناقشة الساذجة من بعض الحضور تبركا بالضيف الكبير واثباتا للمشاركة الفعالة والمجدية ، إلى أحد الفنادق الفخيمة بطنطا لتناول الغذاء ، وحظى أن أكون بجواره وانتهزت الفرصة للنهش وإخراج ما بداخلى من ثورة وبان الغضب على وجهى وحدة ألفاظى وخطورة حديثى ، وقلت :

                    ياأستاذنا الكبير .. أين الحوار بين الغرب والشرق ؟

                    ما نراه على الساحة أننا لسنا موجودين أمامهم ، هى علاقة السيد والعبد ، يتعاملون معنا على أساس أننا فئران تجارب لنظرياتهم العلمية والطبية ، إنهم يسحقوننا ليل نهار بلا رحمة ولاشفقة ، انظر سيدى ماذا فعلوا بالعراق العظيم !! إنهم انقسموا على أنفسهم من الحرب على العراق ، ولكنهم فى قرارة نفوسهم يجتمعون لإقتسام الكعكة وتمزيق العراق وذبح العراقيين بسكين تلمة .

                    أين فلسطين المغتصبة ، وأطفالها الذين يذبحون بأيدى الصهاينة الفجار؟؟
                    أى حوار تريد_ سيدى _رجل يضع جزمته فوق رأسى ،كيف أتحاور معه ؟
                    رجل ينتهك عرضى وشرفى ووطنى ويحتلنى ويمزقنى ويسحقنى كيف أتحاور معه ؟

                    ياسيدى الفاضل .. لقد ضاقت عليهم أرضهم ..فأتوا لإحتلالنا وإذلالنا ،جمَعوا الشراذم الضالة والمضلة من بلادهم ..وخلقوا لهم وطنا مزعوما فى أرضنا ..وهو فى الحقيقة إمتداد لأحلامهم وأمانيهم من القديم ، أنها قطعة من الغرب ..زرعت غصبا فى أرضنا .

                    ياسيدى وأستاذى .. كيف نقول أن هناك حوار بين طرف ضعيف جدا وطرف قوى جدا ؟؟
                    أنا أشك أنهم يتعاملون معنا بندية ، أشك فى إحترامهم لنا ، أشك فى جدوى هذه الحوارات ، هم يعلمون عنا وعن ديننا وعن حياتنا أكثر مئات المرات مما نعرف ، نحن نتلقى منهم الحضارة والنظريات والعلوم والفنون ، نحن ممثلون للغرب فى بلادنا .
                    وبصراحة لم أتمالك نفسي من هذا الذى ألم بى.
                    كنت مجروحا ونازفا وغاضبا وعصبيا_ يوم سقوط بغداد 9إبريل 2003 م_ دخلت المستشفى بالعناية المركزة نتيجة تعرضى لأزمة قلبية حادة وذلك لمدة أسبوع .
                    ولكن المشكلة أننى مازلت حيا !!!!!!

                    وللحديث بقية[/align]

                    تعليق

                    • عبدالرؤوف النويهى
                      أديب وكاتب
                      • 12-10-2007
                      • 2218

                      #55
                      الشرق شرق ..والغرب غرب.(2)حوار الطرشان

                      [align=justify]ياسيدى .. الحرب متواصلة على بلداننا ، لم تكد تنتهى أوتتوقف الحروب الصليبية أوحروب الفرنجة إلا واشتعلت حرب الإبادة للحضارة العربية الإسلامية فى الأندلس والكتب التاريخية والدراسات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أو الريب.. أنها حرب إبادة للجنس العربى الإسلامى .
                      هذا النموذج الذى نهجه بعد ذلك سكان أمريكا الأوائل وإبادة شعوب القارة الأمريكية والتى تسلكه الآن (اللقيطة السفاحة الصهيونية) مع فلذات الأكباد فى فلسطين الحبيبة ، إنهم ذرية بعضها من بعض .

                      قل لى ياسيدى الفاضل ..نحن المعتدى علينا دوما ، وهم دائما وأبدا المعتدون ، إنهم يقولون رسالة الرجل الأبيض لنشر الحضارة والتمدين ، وهى رسالة مقدسة ، لأننا وببساطة شعوب متخلفة ونعيش فى عصور الظلام الأولى ، هم يريدون لنا الخير وياله من خير .
                      إنه القتل والإبادة واستغلال الثروات والإستعمار الأبدى.
                      إنهم مستعمرون وقتلة .
                      إنهم لصوص ويسرقون بلادنا وخيرات بلادنا .
                      إنهم يسرقون الأوطان ويغتالون الشعوب.
                      إنهم يأتون من بلادهم بجيوشهم المسعورة وأسلحتهم المبيدة للأخضر واليابس ولأبناء الوطن .

                      أى حوار وأى لغة نتحاور بها معهم ؟
                      لو قلنا حوار السيد والعبد ، فلابد من لغة مشتركة كى يتفاهما بها ، لكنها ياسيدى لغة الحرب والإستعمار والقتل والمحق والسحق ..
                      إنه حوار الطرشان.

                      العرب ومنذ عصور طويلة فى مواجهة العدوان الشرس والحرب الضروس المتأججة ، والعدوان مستمر حتى هذه اللحظة .
                      لن أنسى ما حييت بلد المليون شهيد ، مليون شهيد..أؤكد ياسيدى.
                      والآن نتحاور ..كيف ومتى وأين ؟

                      ولم أكد أتوقف عن اندفاعى واسترسالى الغاضب ، إلا وقد وجدت فتاة جميلة تجلس فى مواجهتى على مائدة الطعام يشرق وجهها ويبتسم ابتسامة عذبة مضيئة .
                      تقول: شكر لك سيدى الفاضل أنا جزائرية وفى زيارة خاصة للدكتور/ السمان ، أكون سعيدة لوطال الحديث معك .

                      طبعا المفاجأة صدمت الجميع الذى بوغت بهذا الكلام الحاد ، لكن الكبير كبير ،فلم يأل ،الدكتور/ السمان ، جهدا أن أطرى حديثى بكلام مبهم غامض وبدبلوماسية يحسد عليها ،طوانى تحت جناحه ، وقال :كلنا يقول هذا الكلام ولكن ماذا نفعل ؟؟
                      وانشغل الحضور فى تناول الطعام الذى وضع على المائدة ،ودارالحديث عن أنواع الأطعمة فى فرنسا والجزائر ، كانت محاولة مستميتة للخروج من حالة الحزن المسيطرة والغالبة على الحضور ،وتناثرت بعض القفشات من بعض الحضور .
                      معلشى يادكتور.. أصل الأستاذ /النويهى ..محامى وما صدق شاف سيادتك عشان يترافع ،فرصة وجت له لحده ،لازم ينتهزها .
                      ومن آخر المائدة، صوت نسائى :عايزين ناكل بقى ياأستاذ نويهى .

                      وانتهى الحضور من الأكل ،لكن الدكتور/ السمان لم يغادر المائدة واحتراما له ظللت جالسا بجواره وبحنان الأب قال لى : أنا عايز أقعد معاك وياريت تيجى مصر (القاهرة)ونتكلم ..ونظرإلى مضيفناوقال :تعالى أنت والأستاذ /النويهى ..عشان نكمل كلامنا معاه .
                      وانتهت الزيارة وأثناء توديعه ،سلم على بحرارة ..ولم استطع تلبية الدعوة لظروف ومشاغل الحياة .

                      "معذرة ياصحبتى قلبى حزين
                      من أين آتى بالكلام الفرح"[/align]

                      تعليق

                      • علي المتقي
                        عضو الملتقى
                        • 10-01-2009
                        • 602

                        #56
                        أخي عبد الرؤوف : طعم الهزيمة مرٌّ عند من بقي له ذوق يتذوق به الأطعمة ، لقد شربنا الماء الأجاج الذي يجعل الزيتون المرَّ قابلا للأكل ، فصارت الهزيمة قابلة للهضم . ليس عارا أن ننهزم ، لكن العار كل العار أن لا نحس بهذا الطعم الذي أحسستَ به.
                        [align=center]
                        من يهن يسهل الهوان عليه
                        ما لجرح بميت من إيلام [/align]


                        لم أعش شخصيا النكسة، فقد كنت آنذاك في ريعان الصبا لا أدرك ما يحيط بي . لكن بعد الوعي ،عدت إلى كل نصوصها الإبداعية بشكل خاص التي كتبت في تلك المرحلة ، فتجرعت الهزيمة قطرة قطرة ، وتجرعت وراءها ما شاء لي الله أن أتجرعه . وكم أثَّرت فيَّ تلك القصيدة الخالدة التي كتبها الشاعر المصري الحبيب إلى قلبي محمد أمل دنقل تحت عنوان :

                        [align=center]البكاء بين يدي زرقاء اليمامة [/align]

                        [align=center]

                        أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
                        جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
                        أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
                        منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
                        أسأل يا زرقاءْ ..
                        عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
                        عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
                        عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
                        عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
                        فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
                        عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
                        أسأل يا زرقاء ..
                        عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
                        عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
                        كيف حملتُ العار..
                        ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
                        ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
                        تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
                        تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
                        لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
                        تلعقَ من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
                        تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
                        لا اللَّيل يُخفي عورتي .. ولا الجدران !
                        ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
                        ولا احتمائي في سحائب الدخان !
                        .. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
                        ( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
                        فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
                        وحين مات عَطَشاً في الصحراء المشمسة ..
                        رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
                        وارتخت العينان !)
                        فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
                        والضحكةُ الطروب : ضحكته..
                        والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
                        * * *
                        أيتها النبية المقدسة ..
                        لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
                        لكي أنال فضلة الأمانْ
                        قيل ليَ "اخرسْ .."
                        فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
                        ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
                        أجتزُّ صوفَها ..
                        أردُّ نوقها ..
                        أنام في حظائر النسيان
                        طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
                        وها أنا في ساعة الطعانْ
                        ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
                        دُعيت للميدان !
                        أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
                        أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
                        أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
                        أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
                        تكلمي أيتها النبية المقدسة
                        تكلمي .. تكلمي ..
                        فها أنا على التراب سائلً دمي
                        وهو ظمئً .. يطلب المزيدا .
                        أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
                        " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                        أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
                        فمن تُرى يصدُقْني ؟
                        أسائل الركَّع والسجودا
                        أسائل القيودا :
                        " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                        " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                        أيتها العَّرافة المقدسة ..
                        ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
                        قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
                        فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
                        قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
                        فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
                        وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
                        والتمسوا النجاةَ والفرار !
                        ونحن جرحى القلبِ ،
                        جرحى الروحِ والفم .
                        لم يبق إلا الموتُ ..
                        والحطامُ ..
                        والدمارْ ..
                        وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
                        ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
                        وفي ثياب العارْ
                        مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
                        ها أنت يا زرقاءْ
                        وحيدةٌ ... عمياءْ !
                        وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
                        والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
                        فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
                        كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
                        في أعين الرجال والنساءْ !؟
                        وأنت يا زرقاء ..
                        وحيدة .. عمياء !
                        وحيدة .. عمياء !
                        [/align]

                        هذه القصيدة وحدها كافية لتجعلك تعيش المأساة كما عاشها كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج .

                        كما أستحضر الآن قصيدة الشاعر الكبير نزار قباني
                        [align=center]هوامش على دفتر النكسة
                        التي كتبت بعدالنكسة مباشرة





                        1

                        أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه

                        والكتبَ القديمه

                        أنعي لكم..

                        كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..

                        ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه

                        أنعي لكم.. أنعي لكم

                        نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه

                        2

                        مالحةٌ في فمِنا القصائد

                        مالحةٌ ضفائرُ النساء

                        والليلُ، والأستارُ، والمقاعد

                        مالحةٌ أمامنا الأشياء

                        3

                        يا وطني الحزين

                        حوّلتَني بلحظةٍ

                        من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين

                        لشاعرٍ يكتبُ بالسكين

                        4

                        لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا

                        لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا

                        5

                        إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ

                        لأننا ندخُلها..

                        بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ

                        بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ

                        لأننا ندخلها..

                        بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ

                        6

                        السرُّ في مأساتنا

                        صراخنا أضخمُ من أصواتنا

                        وسيفُنا أطولُ من قاماتنا

                        7

                        خلاصةُ القضيّهْ

                        توجزُ في عبارهْ

                        لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ

                        والروحُ جاهليّهْ...

                        8

                        بالنّايِ والمزمار..

                        لا يحدثُ انتصار

                        9

                        كلّفَنا ارتجالُنا

                        خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ

                        10

                        لا تلعنوا السماءْ

                        إذا تخلّت عنكمُ..

                        لا تلعنوا الظروفْ

                        فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ

                        وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ

                        11

                        يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ

                        يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..

                        12

                        ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا

                        وإنما..

                        تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا

                        13

                        خمسةُ آلافِ سنهْ..

                        ونحنُ في السردابْ

                        ذقوننا طويلةٌ

                        نقودنا مجهولةٌ

                        عيوننا مرافئُ الذبابْ

                        يا أصدقائي:

                        جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ

                        أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ

                        يا أصدقائي:

                        جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..

                        أن تكتبوا كتابْ

                        أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ

                        أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ

                        فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ

                        الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...

                        14

                        جلودُنا ميتةُ الإحساسْ

                        أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ

                        أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ

                        هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...

                        15

                        كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري

                        أن يستحيلَ خنجراً..

                        من لهبٍ ونارِ..

                        لكنهُ..

                        واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ

                        وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ

                        يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...

                        16

                        نركضُ في الشوارعِ

                        نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..

                        نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ

                        نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..

                        نمدحُ كالضفادعِ

                        نشتمُ كالضفادعِ

                        نجعلُ من أقزامنا أبطالا..

                        نجعلُ من أشرافنا أنذالا..

                        نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..

                        نقعدُ في الجوامعِ..

                        تنابلاً.. كُسالى

                        نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..

                        ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..

                        من عندهِ تعالى...

                        17

                        لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..

                        لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ

                        قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ

                        كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي

                        ومخبروكَ دائماً ورائي..

                        عيونهم ورائي..

                        أنوفهم ورائي..

                        أقدامهم ورائي..

                        كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ

                        يستجوبونَ زوجتي

                        ويكتبونَ عندهم..

                        أسماءَ أصدقائي..

                        يا حضرةَ السلطانْ

                        لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ

                        لأنني..

                        حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي

                        ضُربتُ بالحذاءِ..

                        أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي

                        يا سيّدي..

                        يا سيّدي السلطانْ

                        لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ

                        لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ

                        ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟

                        لأنَّ نصفَ شعبنا..

                        محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..

                        في داخلِ الجدرانْ..

                        لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ

                        من عسكرِ السلطانْ..

                        قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..

                        لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..

                        18

                        لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ

                        لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ

                        لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ

                        لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..

                        19

                        نريدُ جيلاً غاضباً..

                        نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ

                        وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..

                        وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ

                        نريدُ جيلاً قادماً..

                        مختلفَ الملامحْ..

                        لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..

                        لا ينحني..

                        لا يعرفُ النفاقْ..

                        نريدُ جيلاً..

                        رائداً..

                        عملاقْ..

                        20

                        يا أيُّها الأطفالْ..

                        من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ

                        وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ

                        ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..

                        ويقتلُ الخيالْ..

                        يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ

                        وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ

                        لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ

                        فنحنُ خائبونْ..

                        ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ

                        ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ

                        لا تقرؤوا أخبارَنا

                        لا تقتفوا آثارنا

                        لا تقبلوا أفكارنا

                        فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ

                        ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ

                        يا أيها الأطفالْ:

                        يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ

                        أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ

                        وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ... [/align]



                        لكن مع ذلك أخي عبد الرؤوف أقول لك : كانت حالنا في الخمسينيات والستينيات و حتى السبعينيات من القرن الماضي بمرارتها ومآسيها أحسن ألف مرة من حالنا اليوم ، إذ لم نعد اليوم نحس بطعم المرورة ، كم مر علينا من نكسة خلال فترة وجيزة ، حرب الخليج الأولى والثانية ما زالت تدمي القلوب ، ولم تندمل جراحها بعد ، حتى ابتلينا بمجازر لبنان الواحدة تلو الأخرى وثالث الأثافي ما يجري في الأرض المحتلة ، فهل تركت كل هذه المآسي في أذهاننا شيئا اسمه الوطن العربي و شيئا اسمه الوطن القطري. لم تترك فينا سوى أناس تربطهم المصالح الشخصية ، وما هكذا كانت الأمة في زمن الطعم المر. أذكر أنه بعد الهزيمة مباشرة أصدرت مجلة الآداب البيروتية عددا مزدوجا في شهري يوليوز وغشت تحت عنوان : طريقنا الجديد ، أجابت فيه نخبة من المبدعين والمفكرين عن حزمة من الأسئلة ، فقدموا نقدا ذاتيا للفكر العربي . ولم تتردد الآداب في أن تهجر اتجاهها القديم وترسم لنفسها خطا تحريريا يجعل الأدب في قلب المعركة . هذا في حد ذاته دليل حياة ما زالت تسري في العروق على الرغم من المرورة ، ودليل أن الجسد يتألم ، والألم دليل على أن الحياة مازالت تسري في خلاياه .
                        وقد كتبت نصا شعريا على منوال نص أمل دنقل رافضا أن أكون عنترة الثاني كما كان ، يقول هذا النص :


                        [align=center]

                        عفوا عبلةَ الكرامِ ! ! !
                        لم يبقَ وقتٌ للغوِ الكلامِ.
                        رموني عقودًا في أقبيةِ الظلامِ
                        شربتُ أجاجَ الماءِ … حتَّى
                        صارَ طعمِي
                        في زمنِ الحربِ
                        كَطعمِي
                        في زمنِ السلامِ .
                        وحين الهجوم
                        على الخيامِ
                        فتحوا بابي وصاحُوا:
                        حيَّ على الجهادِ…
                        حي على القتالِ …
                        الكرُّ و الفرُّ هِمُّةّ الرجَالِ !!!
                        فلمْ أبالِ.
                        عفوًا عبلةَ الكرامِ
                        إن لم أبالِ
                        سمَّوكِ عبلةً
                        وسمَّوني باسْمِي
                        فلماذا أكونُ عنترةَ الثانِي! ؟
                        في الحَرْبِ
                        ترمُونَ بِي عدوَّكُم
                        وفي السِّلْمِ
                        تُقصونني عَن رحبةِ الأقرانِ.
                        أقتاتُ من فُتاتِ الطعامِ
                        كأنني لم أكنْ لك ابنَ عمٍّ
                        ولم أكنْ لك الحامِي . ! ! !
                        عفوا عبلة الكرامِ
                        إن أردتِني في زمن السيفِ
                        فاسألي عني في زمن الأمانِ.[/align]


                        أخي عبد الرؤوف : أعدتنا أربعين سنة إلى الوراء لنعيش المأساة ، لكنها عودة محمودة حتى لا ننسى ، وحتى يتعرف الجيل الجديد كم عانى الجيل الذي قبله . تحياتي الصادقة



                        التعديل الأخير تم بواسطة علي المتقي; الساعة 09-05-2009, 19:25.
                        [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                        مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                        http://moutaki.jeeran.com/

                        تعليق

                        • عبدالرؤوف النويهى
                          أديب وكاتب
                          • 12-10-2007
                          • 2218

                          #57
                          سنوات التكوين (1) فترة الاخضرار

                          [align=justify] صبياً بجلباب فلاحى ،يسحب الجاموسة ويمتطى ظهرالحمار وتحت ظلال الأشجار يقرأ ..
                          السماء فوقه والأفق شاسع .والهواء نظيف والطيور حواليه عصافير وحمام ويمام.
                          والعقل يسبح فى فضاء لانهائى..

                          سنوات التكوين .كان العقاد وطه حسين وزكى مبارك وإحسان عبدالقدوس وعبدالصبور ودنقل والسياب والبياتى وإمرىءالقيس والبحترى وبشار وأبى نواس وأبى العلاء شاعرى الأعظم والأخلد عبر عصور الشعر العربى والعالمى.

                          سنوات التكوين ونجيب محفوظ والكسندر ديماس الأب والابن.مارسيل بروست والبحث عن الزمن المفقود..الإلياذة والأوديسا ودرينى خشبة ونجيب محفوظ ومجنون القصة القصيرة يوسف إدريس ..حنا مينا الطيب صالح محمد ديب مولود فرعون الشابى والهمشرى وشوقى وحافظ..جان بول سارتر ..أسماء أعيشها وتعيش معى ..دوستوفيسكى وتشيخوف وبوشكين .....إلخ

                          أعظم سنوات العمر ..وأثرى سنوات العمر ..وأجمل سنوات العمر
                          إلا وهى سنوات التكوين ..وأزعم أنها ممتدة حتى هذه اللحظة الماثلة ..وبجوارى أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ وبريد بغداد لخوسيه ميجيل باراس الروائى التشيلى ..le spleen de "الضجر فى باريس"paris " لبودلير ..وديوان عشرون قصيدة حب وأغنية يأس لنيرودا..ومجلة إبداع المصرية العدد التاسع والصادر بعد الحكم بإلغاء ترخيصها.[/align]

                          تعليق

                          • عبدالرؤوف النويهى
                            أديب وكاتب
                            • 12-10-2007
                            • 2218

                            #58
                            سنوات التكوين (2) فترة الأسئلة

                            [align=justify]المسرح والقراءات عن المسرح..كان همى فى فترة الأسئلة .. السؤال تلو السؤال يطرح نفسه على عقى بقسوة.

                            المسرح وكما قيل أبو الفنون..ربما من أسباب قراءتى الكثيرة عنه ،ابتعادى عن الناس وانشغالى فى التحصيل والإلمام بالمعارف والثقافات المتنوعة عبر عصورها المختلفة .

                            أزعم لنفسى أولاً وأخيراً..أن موليير أبو المسرح الفرنسى كان مرشدى ودليلى نحو رسالة المسرح.
                            كان عبقرياً وصاحب رسالة نقدية جادة فى نقد مجتمع يترهل وارستقراطية تتحللل رويداً رويداً وأمة موشكة على الخسران.
                            كان ناقداً لأمته وشعبه ورجالات عصره وأوضاع مجتمع يسقط إعياءً وانهيارا.
                            كان قوياً فى لغته ،رائداً فى مواضيعه، لاذعاً فيما يسعى إليه.
                            أمسك بخناق الفجاجة والحذلقة والتفاهة ،ناقداً أهلها ،عائباً عليهم مسلكهم المشين ،وفراغ عقولهم وتفاهة تصرفاتهم.
                            شدنى شداً.. نحو السباحة فى بحر المسرح، على مستوى العالم أجمع..
                            ما من مسرحية مترجمة إلى العربية..إلا وكانت بمكتبتى .
                            ربما كان المسرح هو المدرسة الأولى.. لأتعلم فيها فن الحوار والنقاش وطرح الأسئلة .
                            ربما كان الساحة الكبرى لاتساع أفقى الفكرى والثقافى والسياسى والدينى.
                            كنت أقرأ المسرحية ..متقمصاً شخوصها العديدة ..ناقداً لتصرفاتها المشينة،حامداً للخصال الرفيعة ..

                            حوار..لايهدأ ولاينتهى بينى وبين شخوصها.

                            وعيت على الدنيا ..بهزيمة أمة وضياع جزء عزيز منها ..وضياع فلسطين إلى الأبد..

                            كنت حزيناً والحزن أكوام وجبال وهضاب وصحارى.. تتوه فيها روحى وتتعذب بهجيرها الصاهد والمتأجج.
                            الحزن رفيقى ..وما أرقها من صحبة ، وما أعظمها من صداقة.. دامت وتدوم.. رغم تقلب الأحداث وكرور العمر ورتوب الواقع الآسن.
                            الحزن يشملنى ويجتاحنى ..كلما نظرت إلى واقع مزرى وحياة القرون الأولى.
                            الحزن ..يهد حيلى ويقهرنى ..كلما سعيت فى طول البلاد وعرضها ،فلا أجد سوى الحزن والهم .

                            أنا ابن شعب ..إذاضحك أحدهم وطال ضحكه لدقائق معدودة ..قال، بخوفٍ وحذرٍ،لنفسه ولمن حوله :اللهم أجعله خيراً!!!!
                            وكأن الضحك والسعادة والفرح والسرور أشياءٌ عابرة لاتدوم أو تدخل دائرة التحريم،ويُخشى أن يكون مقابلها مزيداً من الألم وأكواماً من الحزن، وجيوشاً من المشاكل وتلالاً من الهموم.[/align]

                            تعليق

                            • بنت الشهباء
                              أديب وكاتب
                              • 16-05-2007
                              • 6341

                              #59
                              أستاذنا الفاضل عبد الرؤوف النويهي

                              تلوت على مسامعي ما نثرته لنا من صور حركية متماوجة بكل الألوان الزاهية والقاتمة لتقدمّ لنا لوحة فنان قد ملك بين أنامله ريشة رسام لم يملكها إلا صاحب موهبة رقيقة لم تكن لولا الطهر والنقاء الذي يسكن داخله ويحتويه مع نبل أحاسيسه ومشاعره الطفولية البريئة ...
                              وإن أكثر ما شدني في بداية اللقاء ما قاله والدك رحمه الله ….

                              "أنت من تصنع نفسك،بجهدك ،بعرقك ،بفكرك ،بثقافتك ..ابذل مجهوداً ..وسترى أن الله لن يخذلك.
                              من أراد الخير ..عليه أن يسعى ،وسوف يتكاتف ،معك ،العالم لتحقيق خير ماتريده وتسعى إليه."


                              من هذه الحروف الوضيئة التي تلوتها على مسامعي عرفت من هي المدرسة التي تخرّج منها الدكتور عبد الرؤوف النويهي .....
                              ومن ثم رأيتك تتحدث عن الغربة ... الغربة التي اتخذت لها عنوانا اسمه شريعة الغاب ...
                              أجل شريعة الغاب فالقوي يأكل الضعيف ، ولا حياة لمن رفض هذه التسمية إلا أن يتخذ لنفسه برجا عاجيا بعيدا عن هذا أو تلك وإلا .....
                              ومن ثم يأتي أستاذنا الفاضل علي المتقي
                              ليحاورك ببراعة ، ويرسم لنا بصدق وأمانة جلل ومصيبة الغربة المرّة التي يعيشها الإنسان العربي منذ أن حلت الهزائم بالأمة .. فيعود بنا برفقتك ويبين لنا أسباب الغربة التي ما زالت تحيط بنا ومن كل جانب ...
                              ولا أكتم عليكما أننا هنا أقف فخرا وإجلالا وأنا أستمع إلى كل حرف من حروفكما التي ازدانت بالصدق والأمانة ...


                              ما زلت هنا وسأبقى لأنهل درر الكنوز والمواعظ والحكم من مدرسة الأدباء المتأدّبين ، والأحرار الشرفاء المبدعين

                              أمينة أحمد خشفة

                              تعليق

                              • بوبكر الأوراس
                                أديب وكاتب
                                • 03-10-2007
                                • 760

                                #60
                                المشاركة الأصلية بواسطة علي المتقي مشاهدة المشاركة
                                أخي عبد الرؤوف : طعم الهزيمة مرٌّ عند من بقي له ذوق يتذوق به الأطعمة ، لقد شربنا الماء الأجاج الذي يجعل الزيتون المرَّ قابلا للأكل ، فصارت الهزيمة قابلة للهضم . ليس عارا أن ننهزم ، لكن العار كل العار أن لا نحس بهذا الطعم الذي أحسستَ به.
                                [align=center]
                                من يهن يسهل الهوان عليه
                                ما لجرح بميت من إيلام [/align]


                                لم أعش شخصيا النكسة، فقد كنت آنذاك في ريعان الصبا لا أدرك ما يحيط بي . لكن بعد الوعي ،عدت إلى كل نصوصها الإبداعية بشكل خاص التي كتبت في تلك المرحلة ، فتجرعت الهزيمة قطرة قطرة ، وتجرعت وراءها ما شاء لي الله أن أتجرعه . وكم أثَّرت فيَّ تلك القصيدة الخالدة التي كتبها الشاعر المصري الحبيب إلى قلبي محمد أمل دنقل تحت عنوان :

                                [align=center]البكاء بين يدي زرقاء اليمامة [/align]

                                [align=center]

                                أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
                                جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
                                أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
                                منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
                                أسأل يا زرقاءْ ..
                                عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
                                عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
                                عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
                                عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
                                فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
                                عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
                                أسأل يا زرقاء ..
                                عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
                                عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
                                كيف حملتُ العار..
                                ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
                                ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
                                تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
                                تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
                                لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
                                تلعقَ من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
                                تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
                                لا اللَّيل يُخفي عورتي .. ولا الجدران !
                                ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
                                ولا احتمائي في سحائب الدخان !
                                .. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
                                ( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
                                فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
                                وحين مات عَطَشاً في الصحراء المشمسة ..
                                رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
                                وارتخت العينان !)
                                فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
                                والضحكةُ الطروب : ضحكته..
                                والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
                                * * *
                                أيتها النبية المقدسة ..
                                لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
                                لكي أنال فضلة الأمانْ
                                قيل ليَ "اخرسْ .."
                                فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
                                ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
                                أجتزُّ صوفَها ..
                                أردُّ نوقها ..
                                أنام في حظائر النسيان
                                طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
                                وها أنا في ساعة الطعانْ
                                ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
                                دُعيت للميدان !
                                أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
                                أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
                                أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
                                أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
                                تكلمي أيتها النبية المقدسة
                                تكلمي .. تكلمي ..
                                فها أنا على التراب سائلً دمي
                                وهو ظمئً .. يطلب المزيدا .
                                أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
                                " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                                أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
                                فمن تُرى يصدُقْني ؟
                                أسائل الركَّع والسجودا
                                أسائل القيودا :
                                " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                                " ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
                                أيتها العَّرافة المقدسة ..
                                ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
                                قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
                                فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
                                قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
                                فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
                                وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
                                والتمسوا النجاةَ والفرار !
                                ونحن جرحى القلبِ ،
                                جرحى الروحِ والفم .
                                لم يبق إلا الموتُ ..
                                والحطامُ ..
                                والدمارْ ..
                                وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
                                ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
                                وفي ثياب العارْ
                                مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
                                ها أنت يا زرقاءْ
                                وحيدةٌ ... عمياءْ !
                                وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
                                والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
                                فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
                                كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
                                في أعين الرجال والنساءْ !؟
                                وأنت يا زرقاء ..
                                وحيدة .. عمياء !
                                وحيدة .. عمياء !
                                [/align]

                                هذه القصيدة وحدها كافية لتجعلك تعيش المأساة كما عاشها كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج .

                                كما أستحضر الآن قصيدة الشاعر الكبير نزار قباني
                                [align=center]هوامش على دفتر النكسة
                                التي كتبت بعدالنكسة مباشرة





                                1

                                أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه

                                والكتبَ القديمه

                                أنعي لكم..

                                كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..

                                ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه

                                أنعي لكم.. أنعي لكم

                                نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه

                                2

                                مالحةٌ في فمِنا القصائد

                                مالحةٌ ضفائرُ النساء

                                والليلُ، والأستارُ، والمقاعد

                                مالحةٌ أمامنا الأشياء

                                3

                                يا وطني الحزين

                                حوّلتَني بلحظةٍ

                                من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين

                                لشاعرٍ يكتبُ بالسكين

                                4

                                لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا

                                لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا

                                5

                                إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ

                                لأننا ندخُلها..

                                بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ

                                بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ

                                لأننا ندخلها..

                                بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ

                                6

                                السرُّ في مأساتنا

                                صراخنا أضخمُ من أصواتنا

                                وسيفُنا أطولُ من قاماتنا

                                7

                                خلاصةُ القضيّهْ

                                توجزُ في عبارهْ

                                لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ

                                والروحُ جاهليّهْ...

                                8

                                بالنّايِ والمزمار..

                                لا يحدثُ انتصار

                                9

                                كلّفَنا ارتجالُنا

                                خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ

                                10

                                لا تلعنوا السماءْ

                                إذا تخلّت عنكمُ..

                                لا تلعنوا الظروفْ

                                فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ

                                وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ

                                11

                                يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ

                                يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..

                                12

                                ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا

                                وإنما..

                                تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا

                                13

                                خمسةُ آلافِ سنهْ..

                                ونحنُ في السردابْ

                                ذقوننا طويلةٌ

                                نقودنا مجهولةٌ

                                عيوننا مرافئُ الذبابْ

                                يا أصدقائي:

                                جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ

                                أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ

                                يا أصدقائي:

                                جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..

                                أن تكتبوا كتابْ

                                أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ

                                أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ

                                فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ

                                الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...

                                14

                                جلودُنا ميتةُ الإحساسْ

                                أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ

                                أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ

                                هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...

                                15

                                كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري

                                أن يستحيلَ خنجراً..

                                من لهبٍ ونارِ..

                                لكنهُ..

                                واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ

                                وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ

                                يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...

                                16

                                نركضُ في الشوارعِ

                                نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..

                                نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ

                                نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..

                                نمدحُ كالضفادعِ

                                نشتمُ كالضفادعِ

                                نجعلُ من أقزامنا أبطالا..

                                نجعلُ من أشرافنا أنذالا..

                                نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..

                                نقعدُ في الجوامعِ..

                                تنابلاً.. كُسالى

                                نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..

                                ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..

                                من عندهِ تعالى...

                                17

                                لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..

                                لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ

                                قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ

                                كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي

                                ومخبروكَ دائماً ورائي..

                                عيونهم ورائي..

                                أنوفهم ورائي..

                                أقدامهم ورائي..

                                كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ

                                يستجوبونَ زوجتي

                                ويكتبونَ عندهم..

                                أسماءَ أصدقائي..

                                يا حضرةَ السلطانْ

                                لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ

                                لأنني..

                                حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي

                                ضُربتُ بالحذاءِ..

                                أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي

                                يا سيّدي..

                                يا سيّدي السلطانْ

                                لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ

                                لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ

                                ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟

                                لأنَّ نصفَ شعبنا..

                                محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..

                                في داخلِ الجدرانْ..

                                لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ

                                من عسكرِ السلطانْ..

                                قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..

                                لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..

                                18

                                لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ

                                لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ

                                لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ

                                لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..

                                19

                                نريدُ جيلاً غاضباً..

                                نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ

                                وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..

                                وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ

                                نريدُ جيلاً قادماً..

                                مختلفَ الملامحْ..

                                لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..

                                لا ينحني..

                                لا يعرفُ النفاقْ..

                                نريدُ جيلاً..

                                رائداً..

                                عملاقْ..

                                20

                                يا أيُّها الأطفالْ..

                                من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ

                                وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ

                                ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..

                                ويقتلُ الخيالْ..

                                يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ

                                وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ

                                لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ

                                فنحنُ خائبونْ..

                                ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ

                                ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ

                                لا تقرؤوا أخبارَنا

                                لا تقتفوا آثارنا

                                لا تقبلوا أفكارنا

                                فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ

                                ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ

                                يا أيها الأطفالْ:

                                يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ

                                أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ

                                وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ... [/align]
                                لكن مع ذلك أخي عبد الرؤوف أقول لك : كانت حالنا في الخمسينيات والستينيات و حتى السبعينيات من القرن الماضي بمرارتها ومآسيها أحسن ألف مرة من حالتنا اليوم ، إذ لم نعد اليوم نحس بطعم المرورة ، كم مر عليا من نكسة خلال فترة وجيزة ، حرب الخليج الأولى والثانية ما زالت تدمي القلوب ، ولم تندمل جراحها بعد ، حتى ابتلينا بمجازر لبنان الواحدة تلو الأخرى وثالث الأثافي ما يجري في الأرض المحتلة ، فهل تركت كل هذه المآسي في أذهاننا شيئا اسمه الوطن العربي و شيئا اسمه الوطن القطري. لم تترك فينا سوى أناس تربطهم المصالح الشخصية ، وما هكذا كانت الأمة في زمن الطعم المر. أذكر أنه بعد الهزيمة مباشرة أصدرت مجلة الآداب البيروتية عددا مزدوجا في شهري يوليوز وغشت تحت عنوان : طريقنا الجديد ، أجابت فيه نخبة من المبدعين والمفكرين عن حزمة من الأسئلة ، فقدموا نقدا ذاتيا للفكر العربي . ولم تتردد الآداب في أن تهجر اتجاهها القديم وترسم لنفسها خطا تحريريا يجعل الأدب في قلب المعركة . هذا في حد ذاته دليل حياة ما زالت تسري في العروق على الرغم من المرورة ، ودليل أن الجسد يتألم ، والألم دليل على أن الحياة مازالت تسري في خلاياه .
                                وقد كتبت نصا شعريا على منوال نص أمل دنقل رافضا أن أكون عنترة الثاني كما كان ، يقول هذا النص :


                                [align=center]

                                عفوا عبلةَ الكرامِ ! ! !
                                لم يبقَ وقتٌ للغوِ الكلامِ.
                                رموني عقودًا في أقبيةِ الظلامِ
                                شربتُ أجاجَ الماءِ … حتَّى
                                صارَ طعمِي
                                في زمنِ الحربِ
                                كَطعمِي
                                في زمنِ السلامِ .
                                وحين الهجوم
                                على الخيامِ
                                فتحوا بابي وصاحُوا:
                                حيَّ على الجهادِ…
                                حي على القتالِ …
                                الكرُّ و الفرُّ هِمُّةّ الرجَالِ !!!
                                فلمْ أبالِ.
                                عفوًا عبلةَ الكرامِ
                                إن لم أبالِ
                                سمَّوكِ عبلةً
                                وسمَّوني باسْمِي
                                فلماذا أكونُ عنترةَ الثانِي! ؟
                                في الحَرْبِ
                                ترمُونَ بِي عدوَّكُم
                                وفي السِّلْمِ
                                تُقصونني عَن رحبةِ الأقرانِ.
                                أقتاتُ من فُتاتِ الطعامِ
                                كأنني لم أكنْ لك ابنَ عمٍّ
                                ولم أكنْ لك الحامِي . ! ! !
                                عفوا عبلة الكرامِ
                                إن أردتِني في زمن السيفِ
                                فاسألي عني في زمن الأمانِ.[/align]


                                أخي عبد الرؤوف : أعدتنا أربعين سنة إلى الوراء لنعيش المأساة ، لكنها عودة محمودة حتى لا ننسى ، وحتى يتعرف الجيل الجديد كم عانى الجيل الذي قبله . تحياتي الصادقة



                                سيدي الفاضل لك من كل الاحترام والتقدير لقد أعجبتني المقطوعة الخاصة بالأطفال فجلت فيها مليا وحاولت ركوب سفينة الحروف وأشرأب فكري لمعرفة أسرار الكلمات وأنا سيدي لا أحسن ركوب البحر ولا السباحة تنقصني الخبر والدربة والتجربة لإغوص في معاني الكلمات غيرأني تفاعلت مع المقطوعة التي الهمتني بعض الكلمات المتناثرة حاولت أن أظم الحروف إلى بعضها لتصير مفردة واضحة المعنى لكن هيهات ...هيهات ما استطعت إلى ذلك سبيل وحاولت وحاولت لكن يراعي جعلني أموت حسرات لقد تنهدت وخرجت الزفرات ووليت منهزما العبارات ولكن سيبدي سأقف قرب باب حروفكم وعباراتكم لعل وعسى استفيد منها ....أبوبكر الأوراس الأشم الجزائر شرقا

                                تعليق

                                يعمل...
                                X