المشاركة الأصلية بواسطة طه محمد عاصم
مشاهدة المشاركة
[align=center]الهواء في سيدني اليوم يحمل في ملامحه معالم الغضب
يلسع وجوه من يغامر بالخروج من منزله بأسواط من جليد
و يشن على الأشجار في حديقتنا حرباً لا هوادة فيها في محاولة لتركيعها ...
في غرفة الجلوس المسترخية بدفء الموقد أقرأ رسالتك يا صديقي ،
و تتسلل ابتسامة إلى وجهي ... ما هذا الذي تقوله عن الفرار و التعب و الإستسلام ؟؟
يا صديقي لا تدع قلمك يتوه بك في ما لا قرار له و لا نهاية .
هذا القلم الذي يتحايل عليك بشقاوة الأبناء و عفرتة الشباب و الذي جعلك تستفز ما تعرفه صامداً ثابتاً،
هو بحاجة إلى شحذ ليعود إلى ما يعيه تماماً من أن
استخدام كلمة الفرار لا تفي الغياب حقه ....
كما تقول ، الفرار هو للجبناء و لذا عليك أن تذكر أن بيني
و بين الجُبْن فجوة مليئة بالأشواك يخشى تعديها بل و يرهبها ….
الغياب ليس فراراً و لا خوفاً و لا يأساً ولا نضوباً في هذا النهر السارح
فلا تجزع على سلامة العقل يا صديقي و لا تقلق .
لايغرنك جمال الكلام المنثور و سرعة ازدهاره
و لا تدعه يُقنعك بأن "الموت" للغياب بالمرصاد .
النبات الجميل الذي تراه ليس سوى ذلك النوع من شجر النخيل
الذي يسمونه (الواشنطونيا) الذي يحاول عبثاً تجميل
شوارع مدننا و تغطية عشوائيتها...
في جمال منظره و أناقة فروعه و أغصانه
قد يبدو للعين أكثر سحراً و أوفر صحة
من النخيل المتنحي المعطاء أبداً
و لكنه يا صديقي يبقى جمالاً بلا ثمرة فيه تسد رمق الجائع
و لا تمرة في أغصانه تُحَلّي ريق الصائم
و رغم صورة الحياة فيه يبقى نخيلاً عاقراً ،
وجوده حاجة ثانوية نبتغيها و نستبدلها – للزينة فقط في بيت يفيض خيراً -
فـ كيف يا صديقي تتساءل عن وُهَن قد أصاب ثمري
و أثخن بجروح - على قولك - فروعي
و أنا لا أَمُتُّ إلى فصيل الواشنطونيا بصلة ؟؟؟؟
يا صديق الروح و القلم و الأخوة ،
أنا أعلم أن تساؤلك ليس نابعاً عن استفزاز لنشاط يبدو تعباً
و إنما ينبع من صدق و محبة في صدرك و لهذا أشكرك …
لا تنسى أنني إبنة الأَرْزِ
و ..... مهلاً ... نعم ... و في نظر "العفارتة زيك"
بـ "عمــر" الأرز أيضاً!!! ، الذي يزداد صلابة
بتقدم السنين و لا يضير مناعته ما ينبت من فطريات موسمية
على كعب الجذوع في غاباته …
يا صديق الروح هل تذكر عندما كنا أطفالاً
نركض على شاطىء البحر نحلم بصَدَفة ملونة تأتينا مع الأمواج ؟
و هل تذكر خيبة أملنا ، حين كانت الشمس الحارقة تجفف ماء البحر في الصدفة
لنراها على حقيقتها مجرد صخرة كلسية رمادية
لا حياة فيها و لا لؤلؤة ؟؟؟
البحر المائج أمامي لا يُشغل مخيلتي كثيراً هذه الأيام ،
فاللون الرمادي يصبغ أصدافه حتى قبل قدومها
على كتف موجة طرية إلى شاطىء الأحلام
و إلى أن يبدأ الجزر رحيله حاملاً في طياته الصَدَف العاقر ….
سأنتظر مستريحة . [/align]
[align=center]أنا يا صديقي أستطيع أن أقول و بكل فخر بأنني غُلِبْت ، بأنني أُفْحِمْتُ
و بأنني تراجعت قليلاً ليس انهزاماً و إنما إرادة طوعية ....
"ما جادلت عالماً إلا و غلبته و ما جادلت جاهلاً إلا و غلبني"
و بما أنني يا سيدي أؤمن بأن ما جاء على لسان العارفين
في عصور العقل و الحكمة هو صحيح و الأحداث حولنا تُثبته
و بما أن شرف الجدال مع "العلماء" لم يتقدر لي
و أنا إمرأة فقيرة المعرفة و المنطق و المسكونة بمشاعر العواطف،
تراني أُغلب في كل جدال شاركت فيه حتى الآن[/align]
[align=center]سلامي لملائكَتَيّ دارتك و نجمتهما ... و لا تبخل بالكتابة[/align]
تعليق