خواطر عابرة عن الكتابة المغرضة.
الحمد لله أولا ثم موفور الشكر إلى أخينا العزيز محمد فطومي الذي جمعنا في هذا المتصفح الجميل لنعبر عن آرائنا بكل حرية وطمأنينة من غير خشية أن يؤول كلامنا على وجه غير ما نريد ثانيا، الحمد لله.
ثم أما بعد، من الكلمات النيرة التي ما تزال تدور في بالي كلمة قالها أخونا العزيز، والذي غاب عنا منذ سنوات، الأستاذ الفذ محمد رندي، حفظه الله ورعاه حيث كان، اللهم آمين، أُورِدها بمعناها وليس بلفظها لطول المدة والذاكرة خوانة:"إن الكاتب الذي يقوم مناضلا [مدافعا] عن نصه كاتب قد حكم على نصه بالفشل"، أو كما قال، وهي كلمة حق أثبتتها التجربة وصدقها الواقع.
إن بعض الكُتَّاب يكتبون ولكنك عندما تقرأ لهم تشعر كأنهم يكتبون إلى أنفسهم وليس إلى القراء فتراهم يجتهدون في إغراق نصوصهم بالكلمات الغريبة المستعصية على الفهم وإغماضها حتى تصير كالطلسمات، أو "الشفرات" المستغلقة، ثم تراهم ينهضون ينافحون عن كتاباتهم تلك مبررين فعلهم بشتى التبريرات مع أن اللغة في أصلها نظام اجتماعي للتواصل بين الأشخاص الذين يستعملونها، واللغة كما عرفها ابن جني في خصائصه:"مجموعة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم".
واللغة، سواء أخذنا بقول من قال إنها توقيف من الله، أو هي توافق (اصطلاح) بين الناس، أو هي محاكاة لأصوات الطبيعة، أو هي الثلاثة معا، وهو قولي، إنما "جاءت" (؟!!!)، وأقصد "وُضِعت"، للتفاهم بين بني البشر، أو بين مستخدمي هذه اللغة أو تلك، والكتابة الأدبية ضرب من ضروب التواصل الاجتماعي لكنه تواصل راقٍ رفيع المستوى غالي القيمة عالي القمّة لا يستطيعه أي شخص وإلا صار كل كلام عملا أدبيا وهذا مستبعد.
الكتابة الأدبية وظيفة اجتماعية تؤدَّى من خلالها رسالةٌ ما إلى المتلقين، والكاتب الأدبي، أو الأديب، هو ذلك الموظف "المتطوع" (؟!!!) لتبليغ تلك الرسالة ولا بد لتؤدي الرسالة وظيفتها الاجتماعية أن تكون واضحة مباشرة وسهلة الإدراك وقصيرة نسبيا وإلا فشلت في أداء مهمتها وهي التأثير في المتلقي، والتأثير المرجو إما أن يكون لتغيير سلوك، أو تصحيح موقف، أو جذب تعاطف من أجل المشاركة الوجدانية أو مقاسمة الهم.
كثير من الكُتَّاب يكتبون من أجل الكتابة فقط فكأنهم من أتباع نظرية الفن لأجل الفن، أو الأدب من أجل الأدب، وهي نظرية "البرناسية" المعروفة في الأدب عموما وفي الشعر خصوصا والتي تزعم أن يكون الفن من أجل نفسه وتمنع أن يوظف الأدب في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، وهو مذهب، أو اتجاه، كاذب مدع لا يمت إلى الحقيقة والواقع بِصِلة وما إخاله ظهر وبرز إلا تعبيرا عن الجبن أو الخوف أو الفَرَق من عواقب الكتابة الملتزمة بقضايا الناس ولاسيما في الأنظمة المستبدة التي لا تريد من أحد أن يغني خارج السرب، سرب النظام المستبد، فأوجد دعاة البرناسية لهم حيلة للتخلص من تبعات المحاسبة والمعاقبة فدون الكتابة المحرجة للنظام قطع الرقاب.
والكتابة الهادفة، وقد أسميتها "الكتابة المغرضة"، تعتمد خمسة أسس يجب اعتبارها قبل الكتابة فإن هي أخلت بواحد من تلك الأسس فشلت في أداء وظيفتها، وهذه الأسس هي: 1- ماذا أكتب؟(الموضوع)؛ 2- لمن أكتب؟ (الجمهور المستهدف)؛ 3- في أي قالب أكتب؟ (نوع الأدب: قصيدة، قصة، رواية، مسرحية، إلخ...)؛ 4- كيف أكتب؟ (اللغة والأسلوب)؛ 5- لماذا أكتب؟ (القصد أو الغاية أو "النية")، وهذا الأس الخامس هو الأخطر، أو هو "أس الأسس"، وبه يتمايز الكُتَّاب بين كاتب ملتزم وكاتب غير ملتزم والالتزام في الأدب مذهب قائم بذاته قد نتحدث فيه وعنه في مرة قادمة إن شاء الله تعالى.
كانت هذه بعض الخواطر التي جالت في بالي وأنا أفكر في إمداد المتصفح بمزيد من البنزين لتزويده بالطاقة حتى نواصل الحديث الهادي والهادف والهادئ، الهاءات الثلاث التي ما فتئت أذكر بها كلما واتتني الفرصة وهذه إحدى الفرص السانحة فكان لزاما علي اغتنامها.
تحيتي إليكم جميعا وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى لمزيد من ... البنزين.
ثم أما بعد، من الكلمات النيرة التي ما تزال تدور في بالي كلمة قالها أخونا العزيز، والذي غاب عنا منذ سنوات، الأستاذ الفذ محمد رندي، حفظه الله ورعاه حيث كان، اللهم آمين، أُورِدها بمعناها وليس بلفظها لطول المدة والذاكرة خوانة:"إن الكاتب الذي يقوم مناضلا [مدافعا] عن نصه كاتب قد حكم على نصه بالفشل"، أو كما قال، وهي كلمة حق أثبتتها التجربة وصدقها الواقع.
إن بعض الكُتَّاب يكتبون ولكنك عندما تقرأ لهم تشعر كأنهم يكتبون إلى أنفسهم وليس إلى القراء فتراهم يجتهدون في إغراق نصوصهم بالكلمات الغريبة المستعصية على الفهم وإغماضها حتى تصير كالطلسمات، أو "الشفرات" المستغلقة، ثم تراهم ينهضون ينافحون عن كتاباتهم تلك مبررين فعلهم بشتى التبريرات مع أن اللغة في أصلها نظام اجتماعي للتواصل بين الأشخاص الذين يستعملونها، واللغة كما عرفها ابن جني في خصائصه:"مجموعة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم".
واللغة، سواء أخذنا بقول من قال إنها توقيف من الله، أو هي توافق (اصطلاح) بين الناس، أو هي محاكاة لأصوات الطبيعة، أو هي الثلاثة معا، وهو قولي، إنما "جاءت" (؟!!!)، وأقصد "وُضِعت"، للتفاهم بين بني البشر، أو بين مستخدمي هذه اللغة أو تلك، والكتابة الأدبية ضرب من ضروب التواصل الاجتماعي لكنه تواصل راقٍ رفيع المستوى غالي القيمة عالي القمّة لا يستطيعه أي شخص وإلا صار كل كلام عملا أدبيا وهذا مستبعد.
الكتابة الأدبية وظيفة اجتماعية تؤدَّى من خلالها رسالةٌ ما إلى المتلقين، والكاتب الأدبي، أو الأديب، هو ذلك الموظف "المتطوع" (؟!!!) لتبليغ تلك الرسالة ولا بد لتؤدي الرسالة وظيفتها الاجتماعية أن تكون واضحة مباشرة وسهلة الإدراك وقصيرة نسبيا وإلا فشلت في أداء مهمتها وهي التأثير في المتلقي، والتأثير المرجو إما أن يكون لتغيير سلوك، أو تصحيح موقف، أو جذب تعاطف من أجل المشاركة الوجدانية أو مقاسمة الهم.
كثير من الكُتَّاب يكتبون من أجل الكتابة فقط فكأنهم من أتباع نظرية الفن لأجل الفن، أو الأدب من أجل الأدب، وهي نظرية "البرناسية" المعروفة في الأدب عموما وفي الشعر خصوصا والتي تزعم أن يكون الفن من أجل نفسه وتمنع أن يوظف الأدب في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، وهو مذهب، أو اتجاه، كاذب مدع لا يمت إلى الحقيقة والواقع بِصِلة وما إخاله ظهر وبرز إلا تعبيرا عن الجبن أو الخوف أو الفَرَق من عواقب الكتابة الملتزمة بقضايا الناس ولاسيما في الأنظمة المستبدة التي لا تريد من أحد أن يغني خارج السرب، سرب النظام المستبد، فأوجد دعاة البرناسية لهم حيلة للتخلص من تبعات المحاسبة والمعاقبة فدون الكتابة المحرجة للنظام قطع الرقاب.
والكتابة الهادفة، وقد أسميتها "الكتابة المغرضة"، تعتمد خمسة أسس يجب اعتبارها قبل الكتابة فإن هي أخلت بواحد من تلك الأسس فشلت في أداء وظيفتها، وهذه الأسس هي: 1- ماذا أكتب؟(الموضوع)؛ 2- لمن أكتب؟ (الجمهور المستهدف)؛ 3- في أي قالب أكتب؟ (نوع الأدب: قصيدة، قصة، رواية، مسرحية، إلخ...)؛ 4- كيف أكتب؟ (اللغة والأسلوب)؛ 5- لماذا أكتب؟ (القصد أو الغاية أو "النية")، وهذا الأس الخامس هو الأخطر، أو هو "أس الأسس"، وبه يتمايز الكُتَّاب بين كاتب ملتزم وكاتب غير ملتزم والالتزام في الأدب مذهب قائم بذاته قد نتحدث فيه وعنه في مرة قادمة إن شاء الله تعالى.
كانت هذه بعض الخواطر التي جالت في بالي وأنا أفكر في إمداد المتصفح بمزيد من البنزين لتزويده بالطاقة حتى نواصل الحديث الهادي والهادف والهادئ، الهاءات الثلاث التي ما فتئت أذكر بها كلما واتتني الفرصة وهذه إحدى الفرص السانحة فكان لزاما علي اغتنامها.
تحيتي إليكم جميعا وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى لمزيد من ... البنزين.
تعليق