أوصيكم نفسي بتقوى الله فمن رام الخير والفلاح واراد الفوز والنجاح فليجعل تقوى الله زاده والاحسان دربه ومنهاجه(إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) الآية
إن من محاسن الإسلام ومن فضائله العظام بر الوالدين فهو عبادة من أسمى العبادات واجلّ الطاعات، به تنال الرحمة والرضوان وتستجلب البركة والغفران وأعلى الله قدره و رفع مكانته و شأنه،
قرن الله بر الوالدين بذكره تكريما و تعظيما لهما(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) الآية
(رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه من سخطهما) الحديث
إن بر الوالدين امر الهي وتوجيه نبوي
و حق المسلم العاقل لزوم حق المنعم ولا منعم بعد الله على العبد إلا الوالدين فهما أحق الناس بالبر والوفاء والإحسان (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) الآية اطلق الله الأمر بالإحسان بالوالدين وعممه في الآية ليتناول كل بر واحسان ويشمل كل امتنان وعرفان
ومن محاسن الإسلام وكماله أنه امر ببر الوالدين ومصاحبتهما بالمعروف حتى في حال كفرهما(وإن جاهداك على أن تشرك بما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)الآية
من أعظم الحرمان واشد مظاهر الخذلان أن يجالس المرء الأصحاب فينتقي لهم من الحديث ارفعه ولا يصنع مثل ذلك مع والديه وهذا لعمر الله من أقبح الخصال و ارذل الفعال
إن بر الوالدين من احب الطاعات إلى الله فالوالدين هما أحق الناس بحسن الصحبة ،كما أن بر الوالدين سبب في البسط في العمر والآجال والبركة في الرزق والأموال (من احب أن يمد الله في عمره وأن يزاد له في رزقه فليبر والديه و ليصل رحمه) الحديث
بر الوالدين من أسباب قبول التوبة ومغفرة الذنوب والبر من أسباب اجابة الدعاء
مما يعين العبد على بر والديه أن يستحضر جميل صنعهما وسابق عطاؤهما وعظيم احسانهما وجميل صبرهما، وأن يتذكر أنه موقوف بين يدي الله وانه مسئول عن هذا الحق العظيم
وقد جمع الله بين الأمرين بقوله(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) الآية
واعلموا أن صور البر بالوالدين كثيرة منها محبتهما وتوقيرهما و رحمتهما وخفض الجناح لهما وقضاء حوائجهما وإدخال السرور عليهما و يتأكد هذا الحق العظيم للوالدين حال كبرهما و ضعف قوتهما و قلة حيلتهما
اعلموا ان بر الوالدين لا ينقطع بوفاتهما او وفاة احدهما بل يبقى باب البر مفتوحا و ذلك بالاكثار من الدعاء و الاستغفار لهما والصدقة عنهما واداء دينهما وصلة رحمهما واكرام صديقهما (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) الحديث
إن من أكبر الكبائر وأعظم الرذائل عقوق الوالدين (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين) الحديث
ألا وأن صور العقوق اكثر من أن تحصى وانواعه اكثر من أن تستقصى من رفع صوت وتعنيف و تأفيف وتقطيب وجه وعدم التوقير والاحترام وتلويث سمعتهما والاستهزاء بما هم عليه من الأعراف والعادات
فمن عق والديه فمرده إلى الخسران ومآله إلى الحرمان و كما يدين المرء يدان
ومن أحسن بهما احسن الله اليه وفاز برضوانه(وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان)الآية
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
#من_خطبة_يوم_الجمعة
24 جماد اول1447 هجري
تعليق