المشاركة الأصلية بواسطة أسماء المنسي
مشاهدة المشاركة
الحمد لله على كل حال و نعوذ به، سبحانه، من حال أهل النار.
تأكدي يا أستاذتنا الكريمة أنني لا و لن أنزعج من أسئلتك مهما كانت، فأنا مثلك باحث عن الحق و الصدق، و ما قلته عنك لأستاذنا الفاضل الدكتور وسام البكري إلا من قبيل إثارتك أكثر حتى أعلم بيقين مقاصدك و أسبر قناعاتك ثم إنني لم أجزم في حقك بشيء و إنما قلت "كأنها ..." و ليس في هذا جزم و لا حسم، هذا من جهة، و من جهة أخرى إننا، أنا و غيري من طلبة العلم، نحاول الوصول إلى قناعات شخصية يمكن تعميمها و نشرها حتى نشكل قاعدة واسعة و متينة يمكننا الانطلاق منها في بناء فكر سياسي إسلامي وسطي يقبله غيرنا من إخواننا من بني جلدتنا أولا و من غير المسلمين غير المعادين لنا و لا لديننا ثانيا، أما الأعداء التقليديون و الخصوم الدائمون فلا يعنوننا البتة ما داموا أعداء و خصوما محاربين حاقدين.
المشكل الأساس في المسلمين المترددين المعاندين الذين يجعلون عقولهم قبل النصوص الصحيحة الصريحة و يجحدون ما هو معلوم من الدين بالضرورة و الذين يقبلون بعض الكتاب و يرفضون بعضه و لا ينظرون إلى السنة النبوية الشريفة الصحيحة كمصدر ثان للتشريع الإسلامي، و هم، أي المسلمون المعاندون، يتبعون أهواءهم بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير، و هم لا يعرفون أن الإيمان منزوع عمن لا يجعل هواه تبعا لما جاء به الرسول الكريم، صلى الله عليه و سلم، الذي يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"، و الأخطر من هذا كله أنهم لا يملكون أدوات النظر في النصوص من فهم جيد للغة العربية، لغة النصوص، و لا أصول الفقه و قواعد الاستنباط ! هذا ما أريد التنبيه عليه قبل الاسترسال في الحديث، وكلامي هذا لا يعني أنني أملك ما أشترطه في غيري، كلا و الله فأنا ممن يشملهم هذا الرأي.
ثم أما بعد، تقولين: "إذا اتفقنا على إسلامية الدولة فـ إلى أي إسلام نحتكم؟"، الإسلام واحد و هو كلٌّ لا يتجزأ و الذي ينبغي أن يسود هو النصوص الصريحة الصحيحة من الكتاب القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة الصحيحة و سنة الخلفاء الراشدين المهديين، أبي بكر و عمر وعثمان و علي، رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم، ثم ما يوافق العصر من فتاوي السلف الصالح، ثم اجتهاد العلماء الذين يرضاهم علماء الأمة إذ الحديث عن العلماء و معهم و ليس عن الغوغاء و معها.
إن الاقتناع بوجوب إقامة النظام الإسلامي و تطيبق الشريعة الإسلامية في المجتمع المسلم، أفرادا و أسرا و جماعات، من المعلوم من الدين بالضرورة و هو من مقتضيات الإسلام و الإيمان بالله ربا و بمحمد، صلى الله عليه و سلم، نبيا و رسولا و بالإسلام دينا، و من جحد هذا فعليه إعادة النظر في إسلامه و تجديد إيمانه قبل فوات الأوان، أي قبل أن يدركه الموت و هو على تلك الحال من الجاهلية و ليس الجهل فقط.
القضية الحقيقية هي في على أي نصوص نعتمد و من يعتمدها و من يطبقها و أعني بالنصوص تلك التي تشكل إشكالا من حيث ثبوتها و دلالتها و هنا مربط الفرس كما يقال إذ لكل طائفة من المسلمين نصوصها المعتمدة عندها، و لذا فقد اختصرنا الطريق، عن قانعة و يقين، أننا اخترنا منهج أهل السنة و الجماعة ممن رضوا بالله ربا و بمحمد، صلى الله عليه و سلم، نبيا و رسولا، و بالخلفاء الراشدين المهديين الأربعة، رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم، أئمةً و قادةً و بصالح الأمة ممن سار على دربهم و اقتفى آثارهم و اتبع منهاجهم، و هذا لا يعني رفض ما يصح من نصوص الطوائف الأخرى لتصحيح ما عندنا أو تعديله.
أعلم أن كلامي هذا هو إلى الإنشاء أقرب منه إلى الرد "العلمي" فهو "غير مقنع" بيد أنني على يقين أن من له اطلاع على النصوص يعرف أنني أنطلق في كلامي هذا و الذي قبله من خلفية صحيحة.
أسأل الله تعالى لي و لك و لسائر المسلمين أن يجعل أهواءنا تبعا لما جاء به محمد بن عبد الله، صلى الله عليه و سلم، و ألا يجعلنا ممن قال فيهم الله سبحانه:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيل }الفرقان43 و{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}الجاثية23. أسأل الله لي و لك و لجميع المسلمين العفو و العافية و المعافاة الدائمة في الدين و الدينا و الآخرة، و إلى حديث آخر إن شاء الله تعالى.
دمت، أختي الكريمة أسماء، في رعاية الله وحفظه، اللهم آمين يا رب العالمين.
اترك تعليق: