كن تلقائيا هنا .. قصة / قصيدة / خاطرة

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ربيع عقب الباب
    رد
    كفرت بيكي يالبوة
    يا مشتهية الغصب
    كل من دق بابك
    جعلتي منه .. رب ؟
    وبين سنابك فحولته
    طولتي حبل الكدب !

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
    شكرا لك أستاذ ربيع..
    على هذه الروائع هنا.
    تحيّتي.
    اقرئي ذاكرة النسيان أستاذة
    بصفة خاصة
    و لو أردت التكملة ممكن على الشبكة
    لأنها تجربة من تلك التجارب الحية ، و المبدعة !

    تقديري

    اترك تعليق:


  • آسيا رحاحليه
    رد
    شكرا لك أستاذ ربيع..
    على هذه الروائع هنا.
    تحيّتي.

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمنِ

    أهديك ذاكرتي

    ماذا تقول النار في وطني

    ماذا تقول النار؟

    هل كنتِ عاشقتي

    أم كنت عاصفةً على أوتار؟

    وأنا غريب الدار في وطني

    غريب الدار..

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    في رثاء محمود درويش

    ما أجلّه من شعر حين يرثي الشاعر الشاعر... وما أعذبها من كلمات حين تمسح على الحزن فتحوّل أناته إلى عرس حب وكرنفال أغنيات.
    الدكتور غازي القصيبي الأديب والشاعر يخلع عباءة الوزير ويرتدي قطعة من قلبه المثخن بالجراح والصبر الجميل، ليكتب في شقيق الحرف وصديق العذوبة والعروبة ورفيق درب الشعر الذي لا يموت محمود درويش مرثية، ليربت بها على أكتاف محبيه وحفظة شعره وقرائه من البحر إلى البحر:
    «وجدت، إذن، ان للموت رائحةً..
    مثل قهوة أمك.. تغسل من بركة الشعر
    في الروح.. أوضار ذاك المكانْ
    وجدت، إذن، في سرير الغريبة..
    وصل الأمانْ».


    قف الآن محمود!

    شعر: د.غازي القصيبي

    في وداع محمود درويش

    وجدت، إذن، ان للموت رائحةً..

    مثل قهوة أمك.. تغسل من بركة الشعر

    في الروح.. أوضار ذاك المكانْ

    وجدت، إذن، في سرير الغريبة..

    وصل الأمانْ

    سكتَّ، إذن، بعد أن نزفت كلماتك..

    وهي تعالج قفل القلوب التي صدئت.. والقلوب التي تنتشي بالهوانْ

    إذن، أنت تركض خلف الفراشة طفلاً..

    تجوب الترابَ.. وترجع غض الرجولة..

    تمنح فجر فلسطين لون الشقائق..

    ترجع ممتشقاً سيف شعرك..

    زهوَ الحصان!


    ***


    قفَ الآن محمودُ! نشهدُ بأنك ما خنت

    دارك... والبعض خانْ

    ونشهد بأنك كنت تحارب حتى

    النهاية... والغير خانْ

    ونشهد بأنك قدمت قلبك في

    مذبح الشعر... والكل خانْ

    وشاعرنا كنت..
    أشجعنا كنت..
    أصدقنا كنت..
    ما قلت ان الهزيز عرسٌ..

    وما قلت ان الغناء حياةٌ..

    وما قلت ان ارتشاف القذى عنفوانْ

    قف الآن محمود! لا بُدّ من كلمة في الوداع..

    تقول لأمك ان فتاها البهيّ الوسيم.. غداً

    الآن طفل الزمانْ

    قف الآن محمود! وانظر تر الورد ينبت

    من كلماتك يصبغ قبرك..

    ترب فلسطين..
    ترب العروبة..
    بالأرجوانْ

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    في حوار يُنشر للمرّة الأولى بالعربية محمود درويش: فلسطين ليست بحاجة إلى أساطير إضافية
    في حوار يُنشر للمرّة الأولى بالعربية محمود درويش: فلسطين ليست بحاجة إلى أساطير إضافية
    صبحي حديدي

    12/08/2009




    جرى هذا الحوار في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1996، في باريس، ولم يكن غرضه النشر باللغة العربية، بل استكمال وتحديث حوار سابق، صيف 1993، بهدف ترجمة الحصيلة إلى اللغة الفرنسية. ولقد ظهر الحوار، بعدئذ، في الكتاب الشهير La palestine comme m'taphore، الذي صدر سنة 1997 عن دار النشر الفرنسية Actes Sud، وتضمّن سلسلة حوارات مع محمود درويش، نقلها عن العربية إلياس صنبر، فضلاً عن حوار نقلته سيمون بيتون عن العبرية.

    يشهد الشعر أزمة واضحة، أبرز مظاهرها ذلك العزوف عن قراءة الشعر. كيف ترى مشهد الشعر، على نطاق عالمي؟
    يصعب الحديث عن هذا الأمر دون إلمام كافٍ بالنتاج الشعري في مختلف الثقافات، ولهذا فإنّ الإجابة سوف تكون نسبية ومحدودة بالضرورة، ولا تسمح بإطلاق حكم عامّ. وفي الأساس لا أدري إذا كنتُ أفضل المؤهلين لاستجلاء مشهد على هذا القدر من الضخامة والاتساع.
    ثمة مسائل متعددة، حتى إذا كانت متماثلة منهجياً، سواء تطرّقنا إلى الشعر الفرنسي أو الإنكليزي أو الإسباني أو الهنغاري، أو ذهبنا إلى التجارب الجمالية في الصين أو في الهند أو في اليابان، أو تلك القصائد التي ترى النور بصفة يومية، والتي قد لا نتعرّف عليها البتة لأسباب شتى.
    وفي كلّ حال، سوف ينبثق السؤال المركزي: من أين نبدأ؟ الأسئلة الأخرى سوف تدور حول هذا التساؤل الأوّلي، كأنْ نستفهم عن المغزى الذي يمكن ان نستمده من حقيقة أنّ ألمع شعراء اللغة الإنكليزية في ربع القرن المنصرم، لم يكونوا من الإنكليز. أو أنّ الشعر المكتوب باللغة الإسبانية لا ينطق عن شخصية البلد الذي ولد فيه، بقدر التعبير عن مجال جغرافي ولغوي إسبانيّ واسع. أو أن نتساءل عمّا إذا كان الشعر الهنغاري مرآة صادقة تعكس مجمل الشعر في أوروبا الشرقية؟
    هنالك شاعران يكتبان باللغة الإنكليزية، هما الكاريبي ديريك ولكوت والإرلندي شيموس هيني، أثارا فيّ الإحساس بوجود أزمة في الشعر الإنكليزي. ومثال ولكوت هو الساطع بينهما. فهل نستطيع أن نرى في أعمال هذا الشاعر إنجازاً للغة الإنكليزية؟ ذلك أننا إذا سلّمنا بأنّ ولكوت أغنى هذه اللغة، فهل نستطيع القول إنه يدين لها بثراء تجربته الشعرية؟ ليس ولكوت نتاج اللغة الإنكليزية، ولكنه نوع من البوتقة التي صنعتها تأثيرات متقاطعة لثقافات عديدة، ولغات وأمكنة وأزمنة. رحلة عميقة في الشعوب والتاريخ، أنتجت ظاهرة شعرية استثنائية. ولقد شاءت المصادفة أن يتجلى ذلك الشعر في اللغة الإنكليزية، وكان يمكن له أن يظهر في أية لغة أخرى.
    وبالقدر ذاته كان اطلاعي على الشعر اليوناني يطمئنني دائماً على عافية الشعر بصفة عامة، ربما بسبب هوّيته المحددة، وعلاقة الحاضر اليوناني بالماضي الكلاسيكي لبلاد الإغريق. شعراء كبار، من أمثال كافافي وسيفيريس وإليتيس وريتسوس، تركوا أثراً بالغاً في الشعر المعاصر، وليس في وسعنا قراءة ديوان هذا العصر دون أن نرى بصماتهم.
    عند العرب، ما يزال التجريب قائماً حتى يومنا هذا، وذلك ما يجعل انجازهم منحصراً في سلسلة مقترحات تأسيسية. فإذا تساءلنا عن قدرة القصيدة على تجديد وتوطيد علاقة مع التاريخ واللغة والآخر، فإننا سنجد لدى العرب نماذج عديدة تغني المشهد الشعري العالمي.
    ولدي إحساس بأنّ أزمة الشعر باتت خلفنا، وبأننا اليوم في طور النقاهة.
    في أيامنا هذه بصفة محددة، ماذا تعني لك حقيقة أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت منح جائزة نوبل للأدب إلى شاعرين وشاعرة، ولكوت، وهيني، وفيسوافا شيمبورسكا؟
    لعلّ هذا يؤكّد أنّ الشعر يتعافى من أزمته، أو ما كنّا نعتقد أنه أزمة. ولعلّ الشعر لم يكن يعاني من أزمة 'عضوية' شاملة، من النوع الذي يجرّ معه نظريات تقول بسيادة الرواية على الشعر مثلاً، أو بأنّ القارىء الراهن يجد نفسه في النص السردي أكثر من النصّ الشعري، أو أنّ لغة الحياة اليومية باتت أكثر تعقيداً من أن تحتمل خصوصية اللغة الشعرية. وفي جميع الأحوال، يجب أن لا ننسى أنّ شروط 'المنافسة' تبدو صعبة للغاية بين الفنون الإبداعية إجمالاً ـ والشعر بصفة خاصة ـ من جهة أولى، وبين وسائل الاتصال الجبارة الأخرى مثل التلفزيون والكومبيوتر والإنترنيت.
    ولا أدري إذا كانت الأكاديمية السويدية قد وضعت هذا التفصيل بعين الاعتبار حين منحت جائزتها الأدبية إلى ثلاثة شعراء خلال خمس سنوات. أقصد القول إن الأكاديمية قد تكون أدركت ضرورة اتخاذ موقف يساند الشعر في معركته الصعبة أمام الأشكال الأخرى لإنتاج وتداول المعرفة، وأمام التطورات المعقدة الهائلة التي تشهدها كل يوم أنظمة الاستقبال وأعراف القراءة.
    وأشير هنا إلى نقطتين تستكملان ما تحدثنا عنه من قبل:
    الأولى هي أنّ القرن العشرين كان قرن الشعر بامتياز، تماماً مثلما كانت الفلسفة هي نتاج الإنسانية الأرفع والأبرز في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومنذ العقد الأول في هذا القرن الخصب انطلقت مشروعات شعرية كبرى في مختلف لغات وثقافات العالم، في أوروبا وأمريكا، وفي الهند واليابان، وفي أمريكا اللاتينية، وفي أمكنة أخرى عديدة ما نزال نكتشف نتاجاتها الشعرية يوماً بعد يوم، وعلى هيئة 'مفاجآت سارّة' دائماً.
    النقطة الثانية أن الشعر اتسم باستقرار نسبي على صعيد النوع، أي الأشكال والتجارب والأساليب والمدارس الفنية، واستطاع أن يحافظ على ديناميكية حيّة رغم العواصف الكبرى التي شهدها هذا القرن سواء داخل التيارات الشعرية هنا وهناك في العالم، أو على مستوى هزّات كبرى من نوع الحربين العالميتين. وبالمقارنة مع ما تشهده الرواية من أزمة عميقة أمام هجمة الرواية البوليسية أو رواية الخيال العلمي أو الرسوم المتحركة، فإنّ الشعر استطاع على الدوام التقاط أنفاسه في ذروة التأزّم، قبل أن ينتقل إلى شوط جديد من الاستقرار والتطوّر والتجدد.
    أوافقك أننا قد لا نستطيع إدراج تجربة ولكوت في سياق الشعر الإنكليزي، أو حتى الغربي، رغم أنه يستخدم الإنكليزية وحدها وأفضل مما يفعل أهلها أحياناً. ماذا عن الشعر المكتوب بالإنكليزية في العالم الأنغلو ـ ساكسوني الآن؟ ماذا بعد إليوت وباوند؟ وكيف تقرأ ألن غنسبرغ على سبيل المثال؟
    أقرأ ما يتيسّر لي من نتاج شعري جديد باللغة الإنكليزية، وأنت تعلم أنّ متابعة صورة نصف شاملة لهذا المشهد الواسع مسألة صعبة للغاية، فكيف بتكوين صورة شبه شاملة. كان ولكوت وهيني آخر من قرأت بعمق، ولا أكتم انحيازي إلى ولكوت لأسباب عديدة تتعلق بالقرابة (المباشرة وغير المباشرة) التي تجمعنا بعوالمه وموضوعاته ولغته، وحتّى حواسه وأشكال تمثيله المجازي للعالم.
    وآخر ما قرأت من قصائد غنسبرغ لم يذكّرني بقصائده العظيمة التي كتبها في أواخر الخمسينات وأواسط الستينات، مثل Howl و Kaddish، ولكنني أحسست بأن غنسبرغ التسعينيات ليس صوتاً مغترباً أو غريباً عن المشهد الشعري الأمريكي المعاصر، بل هو جزء منه وتجربة مشاركة في صُنْعه. لقد تراجعت هموم وجماليات الجيل الشعري الذي كان يُسمّى الـ Beat Generation، وهذا أمر طبيعي، ولكنها أخلت المكان لهموم وجماليات جديدة تليق بعصر وزمن وذائقة أواخر القرن.
    والشعر الفرنسي؟ ماذا بعد رينيه شار مثلاً؟
    رينيه شار كان آخر الكبار في الشعر الفرنسي كما أعتقد. ولكني لا أستطيع إغفال صوت شعري كبير مثل إيف بونفوا تحديداً، ثم بعده أوجين غيللفيك. ومن جهة أخرى، أراقب بأسف انسحاب الشعر الفرنسي بعيداً عن ذلك الزخم النوعي الذي دشنّه كبار من أمثال بودلير ورامبو ومالارميه، ثم تابعه أراغون وإيلوار وفاليري وبريفير وبيرس، وصولاً إلى رينيه شار وهنري ميشو وبونفوا.
    وعند رينيه شار بالذات أجد تلك النوستالجيا التراجيدية إلى ذاكرة تمتزج فيها الطفولة بالمكان الرعوي، أو المكان الذي يختصر الوطن. وهي نوستالجيا تحيل المكان إلى جغرافيا كونية تقبل كيمياء التاريخ العام والوجدان الذاتي، السحر والأسطورة، الأرض وعناصر الطبيعة، والكائن الحاضر في هذا الاختلاط العريض. ولقد ظلت أبجديته الشعرية مرهفة في مواجهاتها لتلك الجغرافيا بصرف النظر عن أطوار شار نفسه: الشاعر، والعاشق، والمقاوم، والمناضل البيئوي.
    وماذا عن شعر أوروبا الشرقية إجمالاً، وشيمبورسكا بصفة خاصة؟
    أعتقد أن ازدهار الشعر اتسم، على الدوام، بما يشبه دورات الترحال الكبرى بين الشعوب والثقافات. تارة نحن في اليونان، وأخرى في آسيا. مرّة نكون في إسبانيا، وأخرى في المكسيك، وهكذا. وإنني أرى أننا لا نشهد اليوم حركة انبعاث للشعر في أوروبا الشرقية، لأن هذا الشعر كان موجوداً من قبل وإن تفاوتت مستوياته الفنية في هذا الطور أو ذاك. ما نشهده يدخل في سياق الموعد الذي يُعطى ـ ضمن سلسلة شروط تاريخية وثقافية وجمالية ـ لثقافة بعينها كي تسرد روايتها ورؤيتها وتجربتها، بعد تغييبها لزمن يطول أو يقصر ولسلسلة أخرى من الشروط التاريخية والثقافية والجمالية.
    ولا أزعم أنني قرأت شيمبورسكا مثل قراءتي لشعراء آخرين مواطنين لها، من أمثال زبغنيو هربرت وشيسواف ميوش وتاديوش روجفتش. ولكن النماذج التي قرأتها لها تجعلني أعيد التأكيد على وجهة نظري من أننا نجهل الكثير من التجارب الشعرية العالمية، وأنّ هذا القرن لا يكفّ عن مفاجأتنا بين الحين والآخر.
    دعني أنتهز فرصة حديثك عن الملحمية والأسطورية فأنتقل من مجموعة 'أحد عشر كوكباً' إلى مجموعتك الأخيرة 'لماذا تركت الحصان وحيداً'، وأستخدم مفاتيح مثل 'أريحا' و'أرض كنعان الجديدة' لإقامة صلة بين قصيدة 'على حجر كنعاني' وأكثر من قصيدة واحدة في المجموعة الأخيرة. أين تنتهي الأسطورة، وأين تبدأ ملحمية الشخصية الأسطورية؟
    في القصيدة التي تشير إليها أقول:
    والآن في الماضي أضيء لحاضري
    غَدَه... فينأى بي زماني عن مكاني
    حيناً، وينأي بي مكاني عن زماني
    والأنبياء جميعهم أهلي، ولكن السماء بعيدة
    عن أرضها، وأنا بعيد عن كلامي...
    وإنني أرى أنّ اللجوء إلى الأسطورة في الشعر يضعف طاقة التفجير الملحمي لحركة الماضي في الحاضر، ولقدرة الذاكرة المعاصرة على إيجاد مُثلٍ ملحمية لها في تجارب الماضي عند شعب ما، خصوصاً إذا كانت ثقافة ذلك الشعب حافلة بتلك المثل الملحمية. وإذا لم تخنّي الذاكرة، كان كلود ليفي ـ ستروس قد أشار إلى أنّ النسق اللازمني هو الذي يمنح الأسطورة قيمة حَرَكية تجعلها تفسّر الماضي والحاضر والمستقبل... خارج الزمن.
    وبهذا المعنى فإن استخدام الأسطورة ضمن أنساق ساكنة يمكن أن يؤدي إلى تجميد الزمن، وتحويل الواقع إلى ميتا ـ واقع كما يعبّر الفلاسفة، أو حصر النصّ في محيط الأسطورة وحكايتها الأصلية، وفي تاريخ الشخصية الأسطورية بما يعنيه ذلك من دلالات ورموز وإيحاءات تظل ذات ثبات نسبي مهما تنوّعت صياغاتها أو إعادة صياغتها. وفي جميع الأحوال، لسنا بحاجة إلى أساطير إضافية كي نقترب من المحتوى الملحمي لتاريخ أريحا أو أرض كنعان، فالأسطورة هنا لا تنتهي لأنها أصلاً تتواصل في الزمان والمكان، وتجدد طاقتها الملحمية دونما حاجة إلى نصّ أعلى، وتأبى بطبيعتها أي احتمالات لتجميد الزمن. وحين أعتبر أن نصوصنا تراجيدية، فلكي أشدد على حاجتها إلى سرد حكاية نفسها، لتعرف نفسها وتتعرّف على الآخر أيضاً. ومن هنا العلاقة بين النصّ المقيم على الأرض وفي الذاكرة، والنصّ الآخر الذي تسحبه الأسطورة إلى دلالات أقل وضوحاً، وبالتالي أضعف قدرة على تسجيل الحكاية الغائبة أو المغيَّبة.
    اسمح لي أن أتوقف هنا عند شخصية أسطورية محددة، وعند قصيدة 'أطوار أنات' بالذات، فأسأل: أي أناة تريد؟ أناة الكنعانية، أم إنانا السومرية، أم عشتار البابلية، أم إيزيس المصرية؟ وماذا عنها وهي 'تطير خلف مراكب الإغريق، في اسم آخر'، أي تصبح أناة الهيللينية، أفروديت ربما؟ ومن جهة ثانية، أهي أناة التي 'تعيد الماء للينبوع' أم تلك التي 'تقود النار في الغابات'؟
    أظنّ أنها صورة مركّبة من ذلك كله، أو هي مخلوق المجابهة الجدلية بين أناة المنتمية إلى بلاد الرافدين وحوض المتوسط من جهة، وأناة الهيللينية كما تهاجر خلف مراكب الإغريق من جهة ثانية. إنها أيضاً أطوار هذه الانقلابات في الزمان والمكان، والبقاء غريبة ومنتمية في آن معاً، في العالم الحقيقي وفي 'العالم السفلي'، في صيغة التنازع بين 'امرأتين لا تتصالحان'. وفي جميع الأحوال، هي أناة الخصب والنماء والتجدد، التي تقوم ملحمية وجودها على الرجوع 'إلى أرض الحقيقة والكناية/ أرض كنعان البداية'، وعلى العودة من جديد إلى 'أرض كنعان البداية' لكي 'تعود المعجزات إلى أريحا'.
    وهكذا، كما ترى، نحن أمام مثال جديد حول ملحمية الشخصية الأسطورة. هل في وسع أنات مثل هذه أن تكتفي بحكايتها الأسطورية؟ هل في وسعنا أن نكتفي برموزها الأسطورية، هذه الأيام بالذات؟
    تقول في القصيدة 'ربما وجد الرعاة الماكرون إلهة، قرب الهباء وصدّقتها الكاهنات'؟ أي رعاة هؤلاء؟ وهل يصحّ الحديث عن انحياز لصالح الإلهة المؤنثة أمام الإله الذَكَر... يهوه مثلاً؟
    ليس يهوه وحده، بل الإله الذَكَر إجمالاً. أنت على حقّ، والانحياز إلى العنصر الأنثوي يتكرر مراراً وعلى أكثر من صعيد في هذه المجموعة تحديداً. ولست أزعم أنني أفعل ذلك دفاعاً عن الأنثى في وجه مناخ معمم من السيادة البطريركية التي تحضر في الأسطورة أيضاً. لا أدري إذا كنت أجد الأنوثة في فلسطين ذاتها، منساقاً وراء دلالات الانبعاث والقيامة والخصوبة والتقاليد الزراعية في شخصيات مثل العنقاء وأناة. ولعلّي أيضاً أجد جاذبية خاصة في شخصية الأنثى بوصفها الغريبة الأبدية، الغامضة والواضحة، المنفى والموطن، البئر، والغجرية التي لا تعبر في بلد مرّتين.
    ولكن ماذا عن الحضور الكثيف لشخصية السيد المسيح؟ أهي مصادفة محضة أنّ عدد قصائد مجموعتك الأخيرة هو 33، بعدد سنوات عمر يسوع؟
    لعلها ذلك النوع من المصادفات التي تنشأ عن منطق داخلي لا تحكمه المصادفات أبداً! في كل حال، إنني أشعر بخيلاء خاصة لأنني أنتمي إلى البلد الذي أنجب يسوع، وكان حاضنة لأخلاقيات استثنائية في التسامح والفداء والانحياز إلى صفّ الفقراء والجائعين والمعذبين والمرضى. وإذ يشهد العالم أكثر من جلجلة في كل يوم، فإنني أسترجع بكثير من الاعتزاز حقيقة أن الجلجلة الأولى بدأت في فلسطين. وهو استرجاع يشحذ وعيي الشخصي، ويسلّحني بقوة أخلاقية خاصة، ويفتح أمامي فضاء إنسانياً رحباً، ويكشف بالتالي قدراً كبيراً من الضباب الذي يمكن أن يحجب آلام وآمال الآخرين.
    أنت هنا تذكّرني بقصيدة '... عندما يبتعد'، التي يبدأ عنوانها من ثلاث نقاط، ويُفتتح سطرها الأول بكلمة: 'للعدو'، ثم يُفتتح ويُختتم بعض مقاطعها بثلاث نقاط أيضاً. أهي علامة على مواصلة كلام عن العدو، لم ينقطع؟ هل سينقطع في أي يوم؟
    ربما كان حواراً مع الذات حول العدو، ومحاولة لرصد صورته الأخرى عندما يشرب الشاي في كوخنا نحن، ويحدّثنا عن شوقه لابنته ذات الشعر الطويل، ويستريح قليلاً من البندقية، ويأكل من خبزنا، ويغفو قليلاً على مقعد الخيزران، ويحنو على فرو قطّتنا... وهي حوار معه، ومع الذات، حول صورته حين تلمع أزرار سترته العسكرية، وحين يمشي على ظلنا في حقول الشعير، يخرج من كوخنا الخشبي الذي نقيم فيه، ليمضي نحو بيتنا الحجري الذي أقام فيه. هو الغريب الذي يقرأ شعراً حول طيار ييتس، ويطالبنا بعدم لوم الضحية، ونطالبه بأن يسلّم على بيتنا. وهو الغريب/ العدوّ الذي يسمع الكلام الذي كان في ودّنا أن نقوله له، ثم 'يخبئه في سعال سريع/ ويلقي به جانباً، ثم تلمع/ أزرار ستراته عندما يبتعد'.
    هو بالتالي حوارنا الذي لم ننطق به بعد كما نريد، والذي يسمعه هو دون أن ننطق به، ولكنه الحوار المنقطع بالضرورة ما دام يقيم في بيتنا الحجري ونقيم نحن في الكوخ، وما دام يلقي بالحوار جانبا، ويبتعد.
    أهل البيت في هذه القصيدة يسألون العدوّ/ الغريب أن يسلّم على البئر. والبئر يتكرر مراراً، وهنالك قصيدة كاملة تحمل اسم 'البئر'. ما هي المستويات الدلالية لآبار محمود درويش، وهل يسكنك البئر في هذا الطور، مثلما سكنك البحر في طور سابق من تجربتك؟
    البئر هو الماء ونقيض العطش. وهو علامة الحياة حين يكون الجدب هو السائد. والبئر نقطة استقطاب للكائنات من بشر ووحش وطير، وشرط لا غنى عنه للإقامة واختيار الموطن. والبئر، من جهة ثانية، هو العمق السحيق، والغموض، والاقتراب من باطن الأرض، وربط السطح بالقاع. والبئر قد يجمع التاريخ الفردي ضمن التاريخ الجمعي، خصوصاً حين يقترن بفكرة تعميم الخيرات وتقاسمها والدفاع عنها.
    وإلى جانب هذه المعاني وسواها، اقترنت البئر عندي في قصائد السنوات الأخيرة بحكاية يوسف وأبيه وأخوته، وبفكرة الضحية التي تعاني من الأقربين ،الأصدقاء، أو يحوّلها هؤلاء إلى ضحية أو قربان. كذلك اقترنت البئر بصورة الرحم الذي يمتلئ بالسماء، ويفيض بالمعنى، ويمنح الولادة الأولى.
    وكانت العرب تعتبر البئر أهمّ صك لامتلاك الأرض!
    نعم، هذا صحيح.
    أريدك أن تستطرد قليلاً في التعليق على تعبير 'الغنائية الملحمية'. كيف تناقش كل مصطلح على حدة، أي الغنائية والملحمية؟
    الأمانة تقتضي أن أقول إن أوّل من استخدم هذا التعبير كان الشاعر اليوناني الراحل يانيس ريتسوس، خلال كلمة ألقاها في أثينا ضمن ندوة مخصصة لتكريمي، وشاركت فيها الفنانة ووزيرة الثقافة الراحلة ميلينا ميركوري. ولقد وجدت شخصياً أنه يصف مشروعي الشعري على نحو دقيق، إذ لم أكن أرى أي وجه للتناقض بين الغنائية والملحمية.
    المشكلة تنشأ عن مقدار الالتباس الذي يحيط بطرفَي التعبير عندنا في العالم العربي، وهي المشكلة الإصطلاحية التي تنسحب على العديد من المفردات النقدية. الغنائية ليست الغناء الرومانتيكي أو التروبادوري وحده، مثلما أن الملحمة ليست مجموعة تنويعات بطولية عن حكاية هوميروسية واحدة. وإنني أجد الكثير من الملحمية في النماذج الأكثر غنائية من نصوص سان جون بيرس، وأجد الغنائية الرفيعة في تلك القصائد التي كرّسها بابلو نيرودا لموضوعات ملحمية صرفة، وهذا هو حال لوركا وباوند وطاغور، وأنا أعطي أمثلة فقط.
    الموضوعات البطولية التقليدية انتهت جمالياً ومعرفياً وتاريخياً، وأخلت المكان للتراجيديا الجمعية التي لا تستطيع إلا أن تنشأ عن مجموعة معقدة من التراجيديات الفردية، واصطدام الأنا بالمجموع تارة، أو انخراط المصير الفردي للأنا بالمصير العميم للمجموع. وبهذا المعنى، فإن النصوص التي تعكس ميلاً غنائياً ـ ملحمياً أخذت تدور حول موضوعات كونية مثل الالتقاط التراجيدي للتاريخ، والتعبير عن الوجدان العام إذْ يواجه حالات الفَقْد والرثاء والحِداد، وما إلى ذلك.
    يقيم أوكتافيو باث علاقة وطيدة بين الكتابة الإيروتيكية والتصوّف، ويرى أن العشق الصوفي هو ذروة الإيروتيكي. كيف تعلّق على هذا الرأي؟
    وله أيضاً رأي طريف يقول فيه إن القافية هي حال الكلمات حين تمارس الجِماع! نعم، هو على حقّ في الربط بين الوجد الصوفي والعشق الإيروتيكي، في النماذج الرفيعة من هذا النوع من الكتابة بطبيعة الحال.
    وفي نصوص التصوّف العربية والإسلامية شدّتني على الدوام هذه الرغبة العارمة في أنسنة المقدّس عن طريق إعادته إلى المستويات الشعورية للنفس الإنسانية، وتمثيله في حالات جامحة من الشوق إلى المحبوب والاتحاد به. ولا تعنيني كثيراً المحتويات اللاهوتية للنصوص الصوفية، بقدر ما أتوقف عند المرونة الكبرى التي اكتسبها النص الصوفي حين برع في توظيف الموضوع الإلهي بما يخدم تحرير اللغة من أغلال المحظور، وإطلاق المخيّلة على عنانها، ودمج الروحي بالحسّي.
    وفي الأدب لا يستطيع النص الإيروتيكي الأصيل إلا أن يرتقي بالمفردات المألوفة لأي قاموس حسّي حول الجسد، إلى مستوى القاموس الروحي المتحرر من القيود الدلالية التقليدية التي تهيمن على الموضوع الجنسي.

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    أنت منذ الآن غيرك !
    محمود درويش
    هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟

    وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

    كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء !

    أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك!

    أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع !

    أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك !

    أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
    وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف .

    أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل !

    الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة !

    تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟

    لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد!

    ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا!

    أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى !

    مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة !

    قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً .

    هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: > الله أكبر < أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟

    أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه.
    رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل .

    ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين .

    وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟ .

    لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة . الدخول مجاناً! وخمرتنا... لا تُسْكِر!.

    لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة.
    لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة !.

    أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ <. هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام .

    من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟
    بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك !.

    لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون !.

    سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟
    قُلْتُ: لا يدافع !.
    وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟
    قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد !.
    لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.

    أنت، منذ الآن، غيرك !.

    اترك تعليق:


  • سميرة بورزيق
    رد
    تكلما كثيرا...و لما سألها ماذا قلت؟ اجابت : لم اسمعك اشتقت لكلامك.......

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    آخر خمس دواوين ل محمود درويش
    تحياتي لكم خمس دواوين تنشر لأول مرة الكترونيا لمحمود درويش

    لاتعتذر عما فعلت
    http://www.4shared.com/file/64600720/82fa3...amp;cau2=MAX_IP

    كزهر اللوز أو أبعد
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!


    حالة حصار
    http://www.4shared.com/file/64593976/854...nline.html

    أثر الفراشة أو يوميات
    http://www.4shared.com/file/64593128/119...nline.html

    في حضرة الغياب
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!


    وتحياتي لك وكل عام وأنتم شعراء وبألف خير
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 27-11-2011, 10:40.

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    عندما غنى محمود درويش للحب

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام

    - أعدّي لي الأرض كي أستريح

    فإني أحبّك حتى التعب...

    صباحك فاكهةٌ للأغاني

    وهذا المساء ذهب

    ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

    وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

    على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

    وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

    وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ

    حين اغترب

    وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده

    أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشارده

    وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه

    وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

    وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

    وأختار أيّامنا بيديّ

    كما اختار لي وردة المائده

    فنم يا حبيبي

    ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

    ونم يا حبيبي

    لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده

    ونم يا حبيبي

    عليك ضفائر شعري، عليك السلام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    - رأيت على البحر إبريل

    قلت: نسيت انتباه يديك

    نسيت التراتيل فوق جروحي

    فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي

    وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ: إني أحبّك

    كي تستريحي?

    أناديك قبل الكلام

    أطير بخصرك قبل وصولي إليك

    فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

    عناوين روحي

    وأن تختفي كالمدى في السفوح

    لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ

    ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،

    من مراياي من قمري، من خزانة عمري ومن سهري،

    من ثيابي ومن خفري?

    إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

    تشعل في أذنيّ البراري، تحمّلني موجتين

    وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني، ثم

    تتركني في طريق الهواء إليك

    حرامٌ... حرام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    - لأني أحبك، خاصرتي نازفه

    وأركض من وجعي في ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف

    تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً

    تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا

    تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه

    أحبّك إذ أشتهيك. أحبّك إذ أشتهيك

    وأحضن هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه

    أحبك يا لعنة العاطفه

    أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل

    أحبّك إذ أشتهيك

    أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل

    أحبك إذ أشتهيك

    أطوّع روحي على هيئة القدمين - على هيئة الجنّتين

    أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه

    أموت، ليجلس فوق يديك الكلام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    لأني أحبّك (يجرحني الماء)

    والطرقات إلى البحر تجرحني

    والفراشة تجرحني

    وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني

    يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام

    أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيّ تبكي

    لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني

    طائرٌ في السماء البعيدة، عطر البنفسج يجرحني

    أوّل البحر يجرحني

    آخر البحر يجرحني

    ليتني لا أحبّك

    يا ليتني لا أحبّ

    ليشفى الرخام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    - أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

    بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء

    إلى أزرقٍ ضاع منها

    وأمسك هذا البهاء الرخاميّ، أمسك رائحةً للحليب المخبّأ

    في خوختين على مرمر، ثم أعبد من يمنح البرّ والبحر ملجأ

    على ضفّة الملح والعسل الأوّلين، سأشرب خرّوب ليلك

    ثم أنام

    على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأ

    أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

    فكيف تشرّدني الأرض في الأرض

    كيف ينام المنام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    حبيبي، أخاف سكوت يديك

    فحكّ دمي كي تنام الفرس

    حبيبي، تطير إناث الطيور إليك

    فخذني أنا زوجةً أو نفس

    حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك

    ويجتثّني من خطاك الحرس

    حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك

    لأنك سطح سمائي

    وجسمي أرضك في الأرض

    جسمي مقام

    يطير الحمام

    يحطّ الحمام .

    ***

    رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسّة السادسه.

    على وردة يابسه

    أعاد لها قلبها

    وقال: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

    يكلفني حبّها.

    ونام القمر

    على خاتم ينكسر

    وطار الحمام

    رأيت على الجسر أندلس الحب والحاسّة السادسه.

    على دمعةٍ يائسه

    أعادت له قلبه

    وقالت: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

    يكلفني حبّه

    ونام القمر

    على خاتم ينكسر

    وطار الحمام.

    وحطّ على الجسر والعاشقين الظلام

    يطير الحمام

    يطير الحمام .

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    عن الوطن والمنفى.. الشاعر الفلسطيني محمود درويش يتحدث عن طفولته ووطنه ومنفاه..
    بقلم: محمود درويش (نص بالفرنسية)
    نقله عن الفرنسية: الياس رفيق الخوري

    ----

    لما تنته الطريق بعد كي أعلن عن بداية الرحلة.
    كل طريق توصلني إلى بداية أخرى، والخروج مثل الدخول مشرّع على المجهول.

    كنت في السادسة من عمري عندما رحلت نحو ما لم أكن أعرف. في ذلك اليوم، إنتصر جيش عصري على طفولة لم تكن تعرف من الغرب بعد إلا عطر البحر المالح وذهب الغروب فوق حقول القمح. دافعنا وقتها عن العلاقة الهادئة السرمدية التي تربط الفلاحين الطيبين بالأرض الوحيدة التي عرفوها، الأرض التي ولدوا عليها.

    لم تتحول السكك والمحاريث إلى سيوف إلا في قصص الأنبياء. أما سككنا نحن فتكسّرت أمام طائرات ودبابات الغرباء الذين شرّعوا بهذه الطريقة حكاية حنينهم الطويل إلى "أرض الميعاد". لقد تغذّى الكتاب على القوة وكانت القوة بحاجة إلى كتاب.

    منذ اليوم الأول رافق الصراع من أجل الأرض غزو للماضي وللرموز. ولبست صورة داود درع جليات، وأمسكت صورة جليات بنقّيفة (مقلاع) داود. ولكن الطفل الذي كنته لم يكن بحاجة إلى من يقص عليه التاريخ كي يعرف طريق الأقدار المجهولة التي دشنت هذه الليلة الرحبة الممتدة بين قرية جليلية وشمال مضاء بقمر بدوي معلق فوق الجبال.

    في هذا اليوم، اقتُلع شعب من حاضره الحميم، وفُصل بينه وبين خبزه الطازج كي يتردّى في ماضٍ آت. هناك، في جنوب لبنان، نُصبت لنا خيم هشّة وتغيرت أسماؤنا. ختمونا بنفس الختم فأضعنا تمايزنا وأصبحنا كلنا "لاجئين".
    - ما هو اللاجيء يا أبي؟
    - لا شيء، لا شيء، لن تفهم...
    - ماذا يعني أن تكون لاجئاً يا جدي؟ أريد أن أعرف...
    - أن تكون لاجئاً يعني أن لا تكون طفلاً من الآن فصاعداً...
    لم أعد طفلاً منذ قليل. منذ أن استطعت تمييز الحقيقة من الحلم، ومنذ أن قدرت على التفريق بين ما يحدث وبين ما حدث منذ سويعات. هل يتحطم الوقت مثل الزجاج؟
    لم أعد طفلاً منذ أن عرفت بأن مخيمات اللاجئين في لبنان هي الحقيقة وأن فلسطين، من الآن فصاعداً، سوف تسكن الحلم.
    لم أعد طفلاً منذ أن جرحني ناي الحنين، منذ أن كان القمر يكبر فوق أغصان الشجر وأنا تسكنني رسائل العتمة؛ رسائل إلى البيت المربع وشجرة التوت العالية والحصان العصبي والحمام البري والآبار... رسائل إلى خلايا النحل التي كان عسلها يجرني إلى دربي العشب اللذين يقودان إلى المدرسة وإلى الكنيسة...

    - هل وضعنا هذا سوف يطول يا جدي؟

    لم أتعلم كلمة "منفى" إلا عندما صارت مرادفاتي أكثر ثراء، فكلمة العودة هي الخبز اليومي للغتنا؛ عودة إلى المكان، عودة إلى الزمان، عودة من المتنقل المتحرك إلى الثابت، وعودة من الحاضر إلى الماضي والمستقبل في آن. عودة من الاستثناء إلى القاعدة، من خلية في سجن إلى بيت من حجر. هكذا أصبحت فلسطين كل ما لم تكن؛ فردوساً مفتوحاً حتى ذلك اليوم الذي تسللنا فيه إلى داخلها من جديد.

    يومذاك وجدنا بأن البلدوزارات الإسرائيلية كانت قد محت آثارنا فلم نعثر على أي شيء من ماضينا. حضورنا أصبح منذها جزءاً من آثار الرومان. حرمت علينا الزيارة واكتشف الطفل "أدوات الغياب العتيدة" وطريقاً مشرعاً نحو الجحيم، فهذا كل ما بقي من فردوسه المفقود.
    ............................

    لم تكن بي حاجة لأن يقصّوا علي تاريخي.

    لقد عادت المخرجة "سيمون بيطون" إلى مسقط رأسي بعد 50 سنة كي تصوّر بئري الأولى وأول روافد لغتي، فاصطدمت برفض القاطنين الجدد للمكان وسجلت هذا الحوار مع المسؤول عن المستعمرة الإسرائيلية:
    - هنا ولد الشاعر...
    - وأنا أيضاً ولدت هنا... عندما جاء أبي إلى هنا لم يجد إلا الأنقاض. أقمنا أولاً في الخيام ثم في بيوت حقيرة. لقد عملت طيلة عشرين سنة قبل أن أستطيع بناء هذا المنزل. فهل تريدينني أن أعطيه له؟
    - أريد أن أصوّر الأنقاض فقط، ما تبقى من بيته. إنه بعمر أبيك، أولا تخجل من أن ترد هكذا؟
    - لا تكوني ساذجة. إنه يطالب بحق العودة.
    - هل تخاف من أن يحصل على حق العودة؟
    - نعم...
    - ويطردك كما طردته؟
    - أنا لم أطرد أحداً... لقد أتو بنا في سيارات نقل كبيرة ثم أنزلونا هنا وتركونا لأنفسنا.
    - ولكن من هو هذا "الدرويش"؟
    - رجل يكتب حول هذا المكان... حول التينات البرية هذه... حول هذه الأشجار وهذه البئر.
    - أي بئر؟
    - هناك 8 آبار في البلدة... كم كان عمره؟
    - 6 سنوات...
    - والكنيسة، هل كتب عن الكنيسة؟.... كان هنا كنيسة ولكنها دمرت. وحدها المدرسة تركوها كي تأوي إليها الأبقار والعجول.
    - حولتم المدرسة إسطبلاً؟
    - ولم لا؟
    - صحيح، بعد كل ما جرى، لم لا؟!!!... كان لديهم حصان أيضاً ، ولكن... هل أشجار الفاكهة ما زالت هنا؟
    - طبعاً... عندما كنا صغاراً كنا نأكل من ثمارها... تيناً وتوتاً وكل ما خلق الله.. هذه الأشجار هي طفولتي!!!
    - وطفولته هو أيضاً...

    هذه الأرض لم تكن صحراء إذاَ، ولم تكن خالية من السكان. هناك طفل يولد في مهد طفل آخر. يشرب حليبه، يأكل توته وتينه، ويعيش مكانه مرتعداً من عودته دون ندم يذكر، ثم يقول لنفسه بأن هذه الجرائم التي ارتكبها الآخرون هي أيضاً من صنع القضاء والقدر. هل يستطيع مكان واحد أن يتسع لحياة مشتركة؟ هل يستطيع حلمان أن يتحركا بحرية تحت نفس السماء؟ هل يستطيعان ذلك دون أن يكون على الطفل الأول أن يكبر بعيداً وحيداً محروماً من الوطن والمنفى لأنه عندما لا يكون هنا فهو ليس هناك أيضاً؟

    مات جدي كمداً وهو يرى الآخرين يعيشون حياته. مات وهو يتأمل الأرض التي سقاها يوماً دموع جسده وهو ينتوي أن يخلفها لأولاده من بعده. رائحة الجغرافيا المهشمة فوق حطام الزمان قتلته، فحق العودة من رصيف على شارع إلى رصيف على شارع آخر يقتضي ألفي سنة من الغياب؛ هذا هو الشرط كي تنتسب الأسطورة إلى الحداثة.
    بالنسبة لي، سعيت نحو التآخي بين الشعوب، عبر حوار مفتوح في غرفة السجن مع سجّان لا يتخلى عن قناعته بغيابي.
    - من تحرس إذاً؟
    - نفسي القلقة.
    - ما الذي يقلقك أيها السيد الطيب؟
    - شبح يطاردني ويصبح أكثر حضوراً في كل مرة أنتصر بها عليه.
    - لا شك بأن الشبح هو آثار الضحية على الأرض.
    - ليس هناك من ضحايا غيري، أنا هو الضحية.
    - ولكنك القوي القادر والسجّان. لماذا إذاً تنازع الضحية المكان؟
    - كي أبرّر أفعالي... كي أكون على حق دائماً. كي أصل مرتبة القداسة وكي أفرّ من النوم.
    - لماذا تسجنني إذاً؟ هل تظن بانني الشبح؟
    - ليس بالضبط، ولكنك تحمل اسمه...

    لعل الشعر مثل الحلم، لا يكذب ولكنه لا يقول الحقيقة. لعل الشعر، هذا الجنون الذي يشير إلى العناصر الأولية، ليس إلا ذاكرة الأسماء. لعله ليس لعبة بريئة إلا للذي يضع وجوده في المتراس خلف المكان المصادر والذاكرة المصادرة والتاريخ والأسطورة. لا، الشعر ليس لعبة بريئة لأنه يدل على كائن يجب ألا يكون موجوداً، ولكن المنفى يكبر أيضاً مثل الأعشاب البرية في ظل أشجار الزيتون. على العصفور إذاً أن يحقق اللقاء بين السماء البعيدة وأرض طردت منها فضائلها السماوية. نادرة هي البقاع التي تتمتع بوفر في الجمال كذلك الذي تبوح به أرضنا، أرضنا غير القادرة على إحداث القطيعة الضرورية بين الحقيقة والأسطورة. ليس من حجر هنا، ليس من شجرة لا تحكي تاريخ المواجهة بين المكان والزمن، وإحساسي بعدم رسوخ قدم الغريب يتزايد كلما تزايد الجمال ورسخت قدمه وكنت أنا الحاضر والغائب؛ نصف مواطن ولاجيء كامل.

    أبذر شوارع حيفا على خاصرة الكرمل بين الأرض والبحر وأتشوق لحرية لا تتيحها لي سوى القصيدة التي سوف يسجنوني من أجلها.
    عشر سنوات... عشر سنوات لا أستطيع بها الخروج من حيفا. ومنذ سنة 1967، منذ أن اتسعت رقعة الاحتلال الاسرائيلي أكثر، فرضوا علي عدم مبارحة غرفتي من غروب الشمس حتى مشرقها، وتسجيل حضوري في قسم الشرطة كل يوم في الساعة الرابعة بعد الظهر.
    صادروا ليالي ولم يبقوا بها من خصوصية. كانت الشرطة تقرع بابي في أي وقت تريد كي تتأكد من تواجدي في البيت. لكني لم أكن حاضراً، لقد كنت مجبراً حقاً أن أمضي تدريجياً إلى المنفى منذ أن تداخلت حدود الوطن والغياب في ضباب الشعور. كنت أعلم بأن اللغة قادرة على أن تبني ما تهدم وأن تجمع ما تفرق. وليس من شك بأن "هنا" الشعر، في مرحلة نضجها بين الأفق والسلاسل، كانت بحاجة لتوسيع البعيد.
    المسافة بين المنفى الداخلي والمنفى الخارجي لم تكن مرئية. كانت جزءاً من الصورة عندما كان معنى الوطن أصغر من حجمه. وفي المنفى الخارجي استوعبت كم كنت قريباً من البعيد، كم كان "هناك" "هنا".
    لم يعد ثمة شيء فردي، فكل شيء يشير إلى المجموع وليس هناك من مجموع، فكل شيء ينحو نحو الحميمية. امتدت رحلتي على طرقات متعددة حملتها على أكتافي مراراً، وهويتي الممنوعة التي تمردت على أي تقليص "للمنفى والعودة" ،كانت في أزمة. لم نعد نعلم من منا الذي هاجر، نحن أم الوطن. والوطن الذي اختار مسكنه فينا رأى صورته تتطور مع نضوج عكسه الذي يخاصمه. كل شيء يُفسّر بعكسه، والنرجس المجروح سوف ينبت بكثرة وعفوية فوق جوانب الطريق.

    أخذت اللغة مكان الحقيقة، ورحلت القصيدة في البحث عن أسطورتها عبر تراث الإنسانية، واندمج "المنفى" في أدب التيه، لا ليعطي نار المأساة الشخصية مشروعية ولكن كي يلحق بالإنساني. وهنا لاحقنا الإسرائيليون بزعمهم أنهم وحدهم المنفيون العائدون بينما الفلسطينيون الذين لاقوا مزابل الأرض العربية لا يعانون من منفى. هكذا حُرمت الضحية مرة أخرى من اسمها.
    كانت الضحية الوحيدة تمتلك حق خلق ضحيتها الخاصة وأوجد المنفىّ الوحيد منفيّه الخاص.
    سوف أجد الفرصة بعد ربع قرن كي أشاهد جزءاً من وطني. غزّة التي لا أعرفها إلا من خلال قصائد "معين بسيسو" الذي صنع منها جنته.

    الطريق التي توصل إلى غزّة عبر الصحراء تُغرق المسافر في وحدة لا يقطعها بين الفينة والفينة إلا بعض النباتات الصحراوية، وشجر النخيل الملتهب، ونصب تذكاري مصنوع من هيكل دبّابة، والبحر عن يسارك.
    أحاسيسي في ذلك اليوم تنقلت بين البرود العقلاني والارتباك الذي يدرك الفرق بين الطريق وبين هدف الطريق. في العريش أصبح النخل بستاناً على حين غرة، فعرفت بأنني أقترب من هذا المجهول الذي تمنيت أن يبقى مجهولاً. حينها بدأ قلبي يفلت من عقلي وقلت: لنسارع، لنسارع كي نصل قبل المغيب.
    - صبراً، صبراً... أجابني وزير الثقافة ورفيقي في الرحلة. صبراً، الوطن على قاب قوسين أو أدنى، والوطن ليس شيئاً غير خفق فؤادك وتوجساتك.
    قلت: لعله ليس إلا هذه الليلة التي يحضّر فيها الحلم نفسه كي يتحقق.
    لا أحلم بشيء. هنا تبدأ فلسطين الجديدة. حاجز إسرائيلي، سيارة "جيب" عسكرية، علم وجندي يسأل السائق بعربية رخوة: من تقلّ؟
    - وزير وشاعر.
    أحاذر أن أنظر إلى كاميرات المصورين الباحثة عن فرحة العائدين. كشافات المستوطنات الضوئية واستحكامات الجنود على جانبي الطريق تحرقني، وعندما أعلن عن دهشتي للبتر الجغرافي والخلط الذي يعتور صورة المكان، ينتظر تساؤلاتي جواب حاضر جاهز يقول: غزة وأريحا أولاً، نحن ما زلنا في أول الطريق، في بداية الأمل.
    لم يكن مسموحاً لي أن أذهب إلى أريحا، فهل كان لي أن أحلم برؤية الجليل، هويتي الشخصية، من جديد؟
    - "يشترط الإسرائيليون عليك لزيارة الجليل شروطاً أخجل من أن أذكرها لك"
    هذا ما قاله لي صديقي الكاتب " إميل حبيبي " الذي لم يكن يعلم بأنه سوف يقضي بعد سنتين، وبأن دفنه سوف يعطيني فرصة حزينة لفرحة قصيرة في ربوع فلسطين. يومها أعطوني تصريحاً بالإقامة ثلاثة أيام كي أؤبن صديقي الراحل وألاقي بيت أمي. يومها أكلتني نار العودة وقلت: من هنا خرجت وإلى هنا أعود. ثم رأيت كيف يستطيع الإنسان أن يولد مرة ثانية، وكان المكان قصيدتي.
    لم يكن ينقصني شيئاً في نوبة هذه الولادة الجديدة كي أحقق موتي الموعود. ولكني كنت أعلم بأن الحقيقة التي تعرّت من الأسطورة ما تزال بحاجة للماضي وبأن التحرر من الأسطورة ما يزال بحاجة للمستقبل. أما الحاضر فلم يكن إلا زيارة قصيرة يعود بعدها الزائر كي يرحل نحو توازنه الصعب بين منفى مكره عليه ووطن بأمس الحاجة إليه. هنا لا يعارض المنفى الوطن، ولا يكون الوطن عكس المنفى.
    لم أعد بعد، والطريق لما تنته بعد كي أعلن عن بداية الرحلة....


    العدد (0) - السنة الأولى - شباط/فبراير 2005
    --------------------------------------------------------------------------------
    مجلة جسور

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    مختارات لـ محمود درويش



    فكِّر بغيرك




    وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
    [لا تَنْسَ قوتَ الحمام]

    وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
    [لا تنس مَنْ يطلبون السلام]

    وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
    [مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]

    وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
    [ لا تنس شعب الخيامْ]

    وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
    [ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]

    وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
    [مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]

    وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
    [ قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام ]




    ---------------------------------------------------------------

    الآن في المنفى


    الآن، في المنفى ... نعم في البيتِ،
    في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
    يُوقدون الشَّمعَ لك
    فافرح، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
    لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك
    من فرط الزحام.... وأجّلك
    قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال,
    يضحك كالغبي
    فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك
    هُوَ في وظيفته القديمة، مثل آذارَ
    الجديدِ ... أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ
    وأهمَلكْ
    فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسار الكأس.
    في الستين لن تجِدَ الغَدَ الباقي
    لتحملَهُ على كتِفِ النشيد ... ويحملكْ
    قُلْ للحياةِ، كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّس:
    سيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ
    وكيدهنَّ. لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ:
    هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ!
    سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك
    بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
    خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ
    سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ!
    قُلْ للغياب: نَقَصتني
    وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ!


    ---------------------------------------

    حين تطيل التأمل



    حين تُطيل التأمُّلَ في وردةٍ
    جَرَحَت حائطاً، وتقول لنفسكَ:
    لي أملٌ في الشفاء من الرمل /
    يخضرُّ قلبُكَ...
    حين تُرافقُ أُنثى إلى السيرك
    ذاتَ نهارٍ جميلٍ كأيثونةٍ ....
    وتحلُّ كضيفٍ على رقصة الخيل /
    يحمرُّ قلبكَ ...
    حين تعُدُّ النجومَ وتُخطئُ بعد
    الثلاثة عشر، وتنعس كالطفل
    في زُرقة الليلِ /
    يبيضُّ قلبُكَ ...
    حين تَسيرُ ولا تجد الحُلْمَ
    يمشي أمامك كالظلّ /
    يصفرُّ قلبك ...



    ------------------------------------------------------

    إن مشيت على شارع


    إن مشيت على شارعٍ لا يؤدي إلى هاوية
    قُل لمن يجمعون القمامة: شكراً!
    إن رجعتَ إلى لبيت، حيّاً، كما ترجع القافية
    بلا خللٍ، قُلْ لنفسك: شكراً!
    إن توقَّعتَ شيئاً وخانك حدسك،فاذهب غداً
    لتى أين كُنتَ، وقُلْ للفرائة: شكراً!
    إن صرخت بكل قواك، ورد عليك الصدى
    "مَنْ هناك؟" فقل للهويّة: شكراً!
    إن نظرتَ إلى وردةٍ دون أن توجعكْ
    وفرحتَ بها، قل لقلبك: شكراً!
    إن نهضت صباحاً، ولم تجد الآخرين معك
    يفركون جفونك، قل للبصيرة: شكراً!
    إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك،
    كن ولداً طيباً!
    ليقول لك الربُّ: شكراً!


    ------------------------------------------------------

    كمقهى صغير هو الحبّ


    كمقهى صغير على شارع الغرباء -
    هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع.
    كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ:
    إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،
    وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا...
    أنا ههنا - يا غربيةُ - في الركم أجلس
    [ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف
    أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس
    في انتظاركِ؟ ]
    مقهى صغيرٌ هو الحبُّ. أطلب كأسي
    نبيذٍ وأشرب نخبي ونخبك. أحمل
    قبّعتين وشمسية. إنها تمطر الآن.
    تمطر أكثر من أي يوم، ولا تدخلين.
    أقول لنفسي أخيراً: لعل التي كنت
    أنتظرُ انتظَرَتْني ... أو انتظَرتْ رجلاً
    آخرَ - انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ،
    وكانت تقول: أنا ههنا في انتظارك.
    [ما لون عينيكَ؟ أي نبيذْ تحبُّ؟
    وما اسمكَ؟ كيف أناديك حين
    تَمُر أمامي]


    ------------------------------------------------------


    لا أعرف الشخص الغريب


    لا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ...
    رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،
    مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً. لم
    أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟
    وأين عاش، وكيف مات [ فإن أسباب
    الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة].
    سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
    عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
    لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
    يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
    [ ما الحقيقة؟] رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
    الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
    الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،
    ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر...
    [ فاًحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت، والموتى
    نيام هادئون وهادئون وهادئون ] ولم
    أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
    الغريب وما اسمه؟ [ لا برق
    يلمع في اسمه ] والسائرون وراءه
    عشرون شخصاً ما عداي [ أنا سواي]
    وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة:
    ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
    أو سارقٌ، أو قاتلٌ ... لا فرق،
    فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت .. لا يتكلمون
    وربما لا يحلمون ...
    وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي
    لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها
    لأسبابٍ عديدةْ
    من بينها: خطأ كبير في القصيدة

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    ديوان" لماذا تركت الحصان وحيداً"

    الرابط
    http://www.4shared.com/file/62471644/f68..._____.html

    رابط آخر
    http://www.4shared.com/file/65675283/c45..._____.html

    قراءة ممتعة

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    شاعر الأوديسا الفلسطينية: محمود درويش في مرآة الإعلام الإسرائيلي
    عرب48

    صدرت حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" الورقة الاسرائيلية 45 تحت عنوان: "شاعر الأوديسا الفلسطينية: محمود درويش في مرآة الإعلام الإسرائيلي"، تقع في 58 صفحة، تضم بين دفتيها مجموعة مقالات بأقلام أدباء وكتاب إسرائيليين، تتناول الغياب الكبير للشاعر، وتعد نجاحا للشاعر في كسر حصار محكم فرضه عليه الإعلام الإسرائيلي في حياته، هروبا من التحديق في صورة الضحية الفلسطينية التي تجلت في منجزه الشعري بأدوات انسانية اثبتت جدارتها.

    وقد أعدها الكاتب أنطوان شلحت.

    واستعادت معظم هذه الكتابات وقائع الأوديسا المستمرة للشاعر، ابن قرية البروة المهجرة، في الجليل، والذي تعاظمت مكانته الأدبية والشعرية مع مرور الأيام، واشتهر في العالم بأسره كشاعر المنفى، وككبير الشعراء الفلسطينيين والعرب، وكان في نظر المعجبين الكثيرين به الشاعر القومي بأل التعريف. في حين أكدت قراءات أخرى أن عظمة درويش الحقيقية تبقى كامنة في عدم قدرته على أن يكون إنسانًا فرديًا، وفي تحدي شعره للأساطير الإسرائيلية المؤسسة، التي حاذرت ولا تزال ذكر النكبة في 1948، وامتنعت من استعمال تعبيرات مثل "الاحتلال" و"المناطق المحتلة"، وعملت على شطب أي إشارة إلى القرى الفلسطينية التي تمّ محوها عن وجه الأرض كما لو أنها لم تكن قائمة قطّ، وحاولت أن تصوّر فلسطين بأنها "أرض بلا شعب"، وأن تصف الفلسطينيين بأنهم خليط من البشر لا تربطه أي رابطة بالمكان، الوطن، ولذا فقد دبّ الخوف في أوصاله وهُزم وهرب. وبناء على ذلك فإن شعر درويش وصوره وأوصافه والمشاعر الدفينة التي أثارها شكلت خطرًا على الهيمنة الإسرائيلية، وهجومًا على المعارف الجديدة التي جرى اختلاقها لتكريس تلك الأساطير.

    ورأى معدّ الورقة أن اللافت في سيل المقالات والقراءات لتجربة درويش الشعرية، أن معظمها أخذ منحى إخضاع بعض جوانبها للتحليل الجادّ، باستثناء قراءات قليلة مغرضة.

    وقال محرر الشؤون العربية في هآرتس، تسفي بارئيل، في مقال تضمنته الورقة، إن "عظمة درويش الأساسية كامنة في البلورة الشاعرية الثاقبة للذاكرة التاريخية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين. وفي قصيدته الشهيرة 'لماذا تركت الحصان وحيدا؟' أحيا العلاقة بين التهجير والآثار الحية التي أبقاها اللاجئون وراءهم وعنفوان حق العودة بواسطة رمزه، الحصان الذي بقي في الخلف، وبواسطة البئر المتروكة ومفتاح البيت المهجور الموجود في جيب كل لاجئ" .

    أمّا الشاعر والناقد الأدبي إسحق لاؤور فقال إن من الأسهل على المرء أن يقول إن درويش كان شاعرًا قوميًا، غير أن عظمة درويش الحقيقية كامنة في عدم قدرته على أن يكون إنسانًا فرديًا. إن عدم القدرة هذه ناجمة، أكثر شيء، عن مسؤولية اللاجئ (ابن قرية البروة المهجرة في الجليل) الذي لم يجد أهل قريته مكانًا لهم تحت الشمس بعد، كما أنها ناجمة عن عدم رغبته في أن يدير ظهره لشعبه المقهور. إن هذه الخصيصة بالذات لم يدركها كاتب إسرائيلي مثل أ. ب. يهوشواع، الذي أبدى استخفافه بكون درويش لاجئًا في سياق روايته "العروس المحرّرة". غير أن استخفاف هذا الكاتب لا يعكس حسدًا للشخص، الذي أمضى حياته متنقلاً بين باريس وبيروت، وبين سيدني ونيويورك، وإنما يعكس، في العمق، كراهية للفلسطيني الذي يرفض أن يستسلم أو أن يساوم.

    الشاعر حاييم غوري كتب يقول إن شعر درويش، الذي وصف مسيرة حياته بأنها أشبه بأوديسا مستمرة، أثار اهتمامه منذ ستينيات القرن الفائت، باعتباره استعارة شخصية أو مجازًا خصوصيًا لحالة قومية عامة. وأكد أن القارئ العبري اكتشف في درويش شاعرًا حقيقيًا، يحمل سمات العظمة، ويؤالف بين أساليب شتى من التقاليد الشعرية العربية العريقة، ومن التيارات المعاصرة في الشعر العالمي. ولفت إلى أن مجموعة "حالة حصار" أثارته بشكل خاص "إذ أنها مجموعة مهمة لفهم النزاع المرير والمزمن بيننا وبين جيراننا".

    وتحت عنوان "شاعر صديق وخصم" كتب أ. ب. يهوشواع، غداة رحيل درويش، قائلاً "إن محمود درويش هو شاعر كبير وذو طاقة شاعرية حقيقية أولاً وقبل كل شيء. وفي إمكان حتى شخص مثلي، قرأ قصائده مترجمة لا بلغتها الأصلية، أن يخرج بانطباع عميق عن مخزون تصاويره الغنية والحرية الشعرية، التي سمح لنفسه أن ينتهجها".

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    خذني معك
    رثاء سميح القاسم لدرويش

    تَخلَّيتَ عن وِزرِ حُزني

    ووزرِ حياتي

    وحَمَّلتَني وزرَ مَوتِكَ،

    أنتَ تركْتَ الحصانَ وَحيداً.. لماذا؟

    وآثَرْتَ صَهوةَ مَوتِكَ أُفقاً،

    وآثَرتَ حُزني مَلاذا

    أجبني. أجبني.. لماذا؟.


    • • • • •


    عَصَافيرُنا يا صَديقي تطيرُ بِلا أَجنحهْ

    وأَحلامُنا يا رَفيقي تَطيرُ بِلا مِرْوَحَهْ

    تَطيرُ على شَرَكِ الماءِ والنَّار. والنَّارِ والماءِ.

    مَا مِن مكانٍ تحطُّ عليهِ.. سوى المذبَحَهْ

    وتَنسى مناقيرَها في تُرابِ القُبورِ الجماعيَّةِ.. الحَبُّ والحُبُّ

    أَرضٌ مُحَرَّمَةٌ يا صَديقي

    وتَنفَرِطُ المسْبَحَهْ

    هو الخوفُ والموتُ في الخوفِ. والأمنُ في الموتِ

    لا أمْنَ في مجلِسِ الأَمنِ يا صاحبي. مجلسُ الأمنِ

    أرضٌ مُحايدَةٌ يا رفيقي

    ونحنُ عذابُ الدروبِ

    وسخطُ الجِهاتِ

    ونحنُ غُبارُ الشُّعوبِ

    وعَجْزُ اللُّغاتِ

    وبَعضُ الصَّلاةِ

    على مَا يُتاحُ مِنَ الأَضرِحَهْ

    وفي الموتِ تكبُرُ أرتالُ إخوتنا الطارئينْ

    وأعدائِنا الطارئينْ

    ويزدَحمُ الطقسُ بالمترَفين الذينْ

    يُحبّونَنا مَيِّتينْ

    ولكنْ يُحبُّونَنَا يا صديقي

    بِكُلِّ الشُّكُوكِ وكُلِّ اليَقينْ

    وهاجَرْتَ حُزناً. إلى باطلِ الحقِّ هاجَرْتَ

    مِن باطلِ الباطِلِ

    ومِن بابل بابلٍ

    إلى بابلٍ بابلِ

    ومِن تافِهٍ قاتلٍ

    إلى تافِهٍ جاهِلِ

    ومِن مُجرمٍ غاصِبٍ

    إلى مُتخَمٍ قاتلِ

    ومِن مفترٍ سافلٍ

    إلى مُدَّعٍ فاشِلِ

    ومِن زائِلٍ زائِلٍ

    إلى زائِلٍ زائِلِ

    وماذا وَجَدْتَ هُناكْ

    سِوى مَا سِوايَ

    وماذا وَجّدْتَ

    سِوى مَا سِواكْ؟

    أَخي دَعْكَ مِن هذه المسألَهْ

    تُحِبُّ أخي.. وأُحِبُّ أَخاكْ

    وأَنتَ رَحَلْتَ. رَحَلْتَ.

    ولم أبْقَ كالسَّيفِ فرداً. وما أنا سَيفٌ ولا سُنبُلَهْ

    وَلا وَردةٌ في يَميني.. وَلا قُنبُلَهْ

    لأنّي قَدِمْتُ إلى الأرضِ قبلكَ،

    صِرْتُ بما قَدَّرَ اللهُ. صِرْتُ

    أنا أوَّلَ الأسئلَهْ

    إذنْ.. فَلْتَكُنْ خَاتَمَ الأسئِلَهْ

    لَعّلَّ الإجاباتِ تَستَصْغِرُ المشكلَهْ

    وَتَستَدْرِجُ البدءَ بالبَسمَلَهْ

    إلى أوَّلِ النّورِ في نَفَقِ المعضِلَهْ.


    • • • • •


    تَخَفَّيْتَ بِالموتِ،

    تَكتيكُنا لم يُطِعْ إستراتيجيا انتظارِ العَجَائِبْ

    ومَا مِن جيوشٍ. ومَا مِن زُحوفٍ. ومَا مِن حُشودٍ.

    ومَا مِن صُفوفٍ. ومَا مِن سَرايا. ومَا مِن كَتائِبْ

    ومَا مِن جِوارٍ. ومَا مِن حِوارٍ. ومَا مِن دِيارٍ.

    ومَا مِن أقارِبْ

    تَخَفَّيْتَ بِالموْتِ. لكنْ تَجَلَّى لِكُلِّ الخلائِقِ

    زَحْفُ العَقَارِبْ

    يُحاصِرُ أكْفانَنا يا رفيقي ويَغْزو المضَارِبَ تِلْوَ المضارِبْ

    ونحنُ مِنَ البَدْوِ. كُنّا بثوبٍ مِنَ الخيشِ. صِرنا

    بربطَةِ عُنْقٍ. مِنَ البَدْوِ كُنّا وصِرنا.

    وذُبيانُ تَغزو. وعَبْسٌ تُحارِبْ.


    • • • • •


    وهَا هُنَّ يا صاحبي دُونَ بابِكْ

    عجائِزُ زوربا تَزَاحَمْنَ فَوقَ عَذابِكْ

    تَدَافَعْنَ فَحماً وشَمعاً

    تَشَمَّمْنَ مَوتَكَ قَبل مُعايشَةِ الموتِ فيكَ

    وفَتَّشْنَ بينَ ثيابي وبينَ ثيابِكْ

    عنِ الثَّروةِ الممكنهْ

    عنِ السرِّ. سِرِّ القصيدَهْ

    وسِرِّ العَقيدَهْ

    وأوجاعِها المزمِنَهْ

    وسِرِّ حُضورِكَ مِلءَ غِيابِكْ

    وفَتَّشْنَ عمَّا تقولُ الوصيَّهْ

    فَهَلْ مِن وَصيَّهْ؟

    جُموعُ دُخانٍ وقَشٍّ تُجَلجِلُ في ساحَةِ الموتِ:

    أينَ الوصيَّهْ؟

    نُريدُ الوصيَّهْ!

    ومَا أنتَ كسرى. ولا أنتَ قيصَرْ

    لأنَّكَ أعلى وأغلى وأكبَرْ

    وأنتَ الوصيَّهْ

    وسِرُّ القضيَّهْ

    ولكنَّها الجاهليَّهْ

    أجلْ يا أخي في عَذابي

    وفي مِحْنَتي واغترابي

    أتسمَعُني؟ إنَّها الجاهليَّهْ

    وَلا شيءَ فيها أَقَلُّ كَثيراً سِوى الوَرْدِ،

    والشَّوكُ أَقسى كَثيراً. وأَعتى كَثيراً. وَأكثَرْ

    ألا إنَّها يا أخي الجاهليَّهْ

    وَلا جلفَ مِنَّا يُطيقُ سَماعَ الوَصيَّهْ

    وَأنتَ الوَصيَّةُ. أنتَ الوَصيَّةُ

    واللهُ أكبَرُْ.


    • • • • •


    سَتذكُرُ. لَو قَدَّرَ الله أنْ تَذكُرا

    وتَذكُرُ لَو شِئْتَ أنْ تَذكُرا

    قرأْنا امرأَ القَيسِ في هاجِسِ الموتِ،

    نحنُ قرأْنا مَعاً حُزنَ لوركا

    وَلاميّةَ الشّنفرى

    وسُخطَ نيرودا وسِحرَ أراغون

    ومُعجزَةَ المتنبّي،

    أَلَمْ يصهَر الدَّهرَ قافيةً.. والرَّدَى منبرا

    قرأْنا مَعاً خَوفَ ناظم حِكمَت

    وشوقَ أتاتورك. هذا الحقيقيّ

    شَوقَ أخينا الشّقيّ المشَرَّدْ

    لأُمِّ محمَّدْ

    وطفلِ العَذابِ محمَّد

    وسِجنِ البلادِ المؤبَّدْ

    قرأْنا مَعاً مَا كَتَبنا مَعاً وكَتَبنا

    لبِروَتنا السَّالِفَهْ

    وَرامَتِنا الخائِفَهْ

    وَعكّا وحيفا وعمّان والنّاصرَهْ

    لبيروتَ والشّام والقاهِرَهْ

    وللأمَّةِ الصَّابرَهْ

    وللثورَةِ الزَّاحفَهْ

    وَلا شَيءَ. لا شَيءَ إلاّ تَعاويذ أحلامِنا النَّازِفَهْ

    وساعاتِنا الواقِفَهْ

    وأشلاءَ أوجاعِنا الثَّائِرَهْ.


    • • • • •


    وَمِن كُلِّ قلبِكَ أنتَ كَتبتُ

    وَأنتَ كَتبتَ.. ومِن كُلِّ قلبي

    كَتَبْنا لشعْبٍ بأرضٍ.. وأرضٍ بشعبِ

    كَتَبْنا بحُبٍّ.. لِحُبِّ

    وتعلَمُ أنَّا كَرِهْنا الكراهيّةَ الشَّاحبَهْ

    كَرِهْنا الغُزاةَ الطُّغاةَ،

    وَلا.. ما كَرِهْنا اليهودَ ولا الإنجليزَ،

    وَلا أيَّ شَعبٍ عَدُوٍ.. ولا أيَّ شَعبٍ صديقٍ،

    كَرِهْنا زبانيةَ الدولِ الكاذِبَهْ

    وَقُطعانَ أوْباشِها السَّائِبَهْ

    كَرِهْنا جنازيرَ دبَّابَةٍ غاصِبَهْ

    وأجنحَةَ الطائِراتِ المغيرَةِ والقُوَّةَ الضَّارِبَهْ

    كَرِهْنا سَوَاطيرَ جُدرانِهِم في عِظامِ الرّقابِ

    وأوتادَهُم في الترابِ وَرَاءَ الترابِ وَرَاءَ الترابِ

    يقولونَ للجوِّ والبَرِّ إنّا نُحاولُ للبحْرِ إلقاءَهُم،

    يكذبُونْ

    وهُم يضحكُونَ بُكاءً مَريراً وَيستعطفونْ

    ويلقونَنَا للسَّرابِ

    ويلقونَنَا للأفاعِي

    ويلقونَنَا للذّئابِ

    ويلقونَنَا في الخرابِ

    ويلقونَنا في ضَياعِ الضَّياعِ

    وتَعلَمُ يا صاحبي. أنتَ تَعلَمْ

    بأنَّ جَهَنَّم مَلَّتْ جَهّنَّمْ

    وعَافَتْ جَهَنَّمْ

    لماذا تموتُ إذاً. ولماذا أعيشُ إذاً. ولماذا

    نموتُ. نعيشُ. نموتُ. نموتُ

    على هيئَةِ الأُممِ السَّاخِرهْ

    وَعُهْرِ ملفَّاتِها الفاجِرَهْ

    لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟..

    ومَا كُلُّ هذا الدَّمار وهذا السقوط وهذا العذاب

    ومَا كلُّ هذا؟ وهذا؟ وهذا؟


    • • • • •


    تذكَّرْ..

    وقدْ يُسعِفُ اللهُ مَيْتاً بأنْ يتذكَّرَ. لله نحنُ.

    فحاول إذن.. وتذكَّرْ

    تذكَّرْ رضا الوالِدَهْ

    لأُمَّينِ في واحِدَهْ

    ونعمةَ كُبَّتِها.. زينة المائِدَهْ

    وطُهرَ الرَّغيفِ المقمَّرْ

    تذكَّرْ

    أباً لا يُجيدُ الصّياحْ

    ولا يتذمَّرْ

    تذكَّرْ

    أباً لا يضيقُ ولا يتأفَّفُ مِن سَهَرٍ صاخِبٍ للصَّباحْ

    تذكَّرْ كَثيراً. ولا تتذكَّرْ

    كَثيراً. فبعضُ الحِكاياتِ سُكَّرْ

    وكُلُّ الخرافاتِ سُمٌّ مُقَطَّرْ

    ونحنُ ضَحايا الخرافاتِ. نحنُ ضَحايا نبوخذ نصّرْ

    وأيتام هتلَرْ

    ومِن دَمِنا للطُّغاةِ نبيذٌ

    ومِن لَحمِنا للغُزاةِ أكاليلُ غارٍ ووردٍ

    ومِسْكٌ. وَعَنبَرْ

    فَلا تتذكِّرْ

    قيوداً وسجناً وعسكَرْ

    وبيتاً مُدَمَّرْ

    وَليلاً طَويلاً. وَقَهراً ثقيلاً وسَطواً تكرَّرْ

    وَلا تتذكَّرْ

    لا تتذكَّرْ

    لا تتذكَّرْ.


    • • • • •


    لأنّا صديقانِ في الأرضِ والشّعبِ والعُمرِ والشِّعرِ،

    نحنُ صريحانِ في الحبِّ والموتِ.. يوماً غَضِبْتُ عليكَ..

    ويوماً غَضِبْتَ عَلَيّ

    وَمَا كانَ شَيءٌ لدَيكَ. وَمَا كانَ شَيءٌ لَدَيّ

    سِوَى أنّنا مِن تُرابٍ عَصِيّ

    وَدَمْعٍ سَخيّ

    نَهاراً كَتبْتُ إليكَ. وَليلاً كَتَبْتَ إليّ

    وأعيادُ ميلادِنا طالما أنذَرَتْنا بسِرٍّ خَفِيّ

    وَمَوتٍ قريبٍ.. وَحُلمٍ قَصِيّ

    ويومَ احتَفَلْتَ بخمسينَ عاماً مِنَ العُمرِ،

    عُمرِ الشَّريدِ الشَّقيّ البَقيّ

    ضَحِكنا مَعاً وَبَكَيْنا مَعاً حينَ غنَّى وصلّى

    يُعايدُكَ الصَّاحبُ الرَّبَذيّ:

    على وَرَقِ السنديانْ

    وُلِدْنا صباحاً

    لأُمِّ الندى وأبِ الزّعفرانْ

    ومتنا مساءً بِلا أبوَينِ.. على بَحرِ غُربتِنا

    في زَوارِقَ مِن وَرَقِ السيلوفانْ

    على وَرَقِ البَحرِ. لَيلاً.

    كَتَبْنا نشيدَ الغَرَقْ

    وَعُدْنا احتَرَقْنا بِنارِ مَطالِعِنا

    والنّشيدُ احتَرَقْ

    بنارِ مَدَامِعِنا

    والوَرَقْ

    يطيرُ بأجْنِحَةٍ مِن دُخانْ

    وهَا نحنُ يا صاحبي. صَفحَتانْ

    وَوَجهٌ قديمٌ يُقَلِّبُنا مِن جديدٍ

    على صَفَحاتِ كتابِ القَلَقْ

    وهَا نحنُ. لا نحنُ. مَيْتٌ وَحَيٌّ. وَحَيٌّ وَمَيْتْ

    بَكَى صاحبي،

    على سَطحِ غُربَتِهِ مُستَغيثاً

    بَكَى صاحبي..

    وَبَكَى.. وَبَكَيْتْ

    على سَطحِ بَيْتْ

    ألا ليتَ لَيتْ

    ويا ليتَ لَيتْ

    وُلِدنا ومتنا على وَرَقِ السنديانْ.


    • • • • •


    ويوماً كَتَبْتُ إليكَ. ويوماً كَتَبْتَ إليّ

    أُسميكَ نرجسةً حَولَ قلبي..

    وقلبُكَ أرضي وأهلي وشعبي

    وقلبُكَ.. قلبي.


    • • • • •


    يقولونَ موتُكَ كانَ غريباً.. ووجهُ الغَرابَةِ أنّكَ عِشْتَ

    وأنّي أعيشُ. وأنّا نَعيشُ. وتعلَمُ. تَعلَمُ أنّا

    حُكِمْنا بموتٍ سريعٍ يمُرُّ ببُطءٍ

    وتَعلَمُ تَعْلَمُ أنّا اجترَحْنا الحياةَ

    على خطأٍ مَطْبَعِيّ

    وتَعلَمُ أنّا تأجَّلَ إعدامُنا ألف مَرَّهْ

    لِسَكْرَةِ جَلاّدِنا تِلْوَ سَكْرهْ

    وللهِ مَجْدُ الأعالي. ونصلُ السَّلام الكلام على الأرضِ..

    والناسُ فيهم ـ سِوانا ـ المسَرَّهْ

    أنحنُ مِن الناسِ؟ هل نحنُ حقاً مِن الناسِ؟

    مَن نحنُ حقاً؟ ومَن نحنُ حَقاً؟ سألْنا لأوّلِ مَرَّهْ

    وَآخرِ مَرَّهْ

    وَلا يَستَقيمُ السّؤالُ لكي يستَقيمَ الجوابُ. وها نحنُ

    نَمكُثُ في حَسْرَةٍ بعدَ حَسْرَهْ

    وكُلُّ غَريبٍ يعيشُ على ألفِ حَيْرَهْ

    ويحملُ كُلُّ قَتيلٍ على الظَّهرِ قَبرَهْ

    ويَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّةِ.. يَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّهْ.


    • • • • •


    تُعانقُني أُمُّنا. أُمُّ أحمدَ. في جَزَعٍ مُرهَقٍ بعذابِ

    السِّنينْ

    وعِبءِ الحنينْ

    وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً

    دُونَ صَوتٍ. وتسألُ أينَ أَخوكَ؟ أَجِبْ. لا تُخبِّئ عَلَيَّ.

    أجِبْ أينَ محمود؟ أينَ أخوكَ؟

    تُزلزِلُني أُمُّنا بالسّؤالِ؟ فماذا أقولُ لَهَا؟

    هَلْ أقولُ مَضَى في الصَّباحِ ليأْخُذَ قَهوَتَهُ بالحليبِ

    على سِحرِ أرصِفَةِ الشانزيليزيه.

    أمْ أدَّعي

    أنَّكَ الآن في جَلسَةٍ طارِئَهْ

    وَهَلْ أدَّعي أنَّكَ الآن في سَهرَةٍ هادِئهْ

    وَهَلْ أُتْقِنُ الزَّعْمَ أنّكَ في موعِدٍ للغَرَامِ،

    تُقابِلُ كاتبةً لاجئَهْ

    وَهَلْ ستُصَدِّقُ أنّكَ تُلقي قصائِدَكَ الآنَ

    في صالَةٍ دافِئَهْ

    بأنْفاسِ ألفَينِ مِن مُعجَبيكَ.. وكيفَ أقولُ

    أخي راحَ يا أُمَّنا ليَرَى بارِئَهْ..

    أخي راحَ يا أُمَّنا والتقى بارِئَهْ.


    • • • • •


    إذنْ. أنتَ مُرتَحِلٌ عن دِيارِ الأحبَّةِ. لا بأسَ.

    هَا أنتَ مُرتَحِلٌ لدِيارِ الأحبَّةِ. سَلِّمْ عَلَيهِم:

    راشد حسين

    فدوى طوقان

    توفيق زيّاد

    إميل توما

    مُعين بسيسو

    عصام العباسي

    ياسر عرفات

    إميل حبيبي

    الشيخ إمام

    أحمد ياسين

    سعدالله ونُّوس

    كاتب ياسين

    جورج حبش

    نجيب محفوظ

    أبو علي مصطفى

    يوسف حنا

    ممدوح عدوان

    خليل الوزير

    نزيه خير

    رفائيل ألبرتي

    ناجي العلي

    إسماعيل شمُّوط

    بلند الحيدري

    محمد مهدي الجواهري

    يانيس ريتسوس

    ألكسندر بن

    يوسف شاهين

    يوسف إدريس

    سهيل إدريس

    رجاء النقاش

    عبد الوهاب البياتي

    غسَّان كنفاني

    نزار قباني

    كَفاني. كَفاني. وكُثرٌ سِواهم. وكُثرٌ فسلِّم عليهم. وسَوفَ

    تُقابِلُ في جَنَّةِ الخُلدِ سامي . أخانا الجميلَ الأصيلَ.

    وَهلْ يعزِفونَ على العُودِ في جَنَّةِ الخُلْدِ؟ أَحبَبْتَ

    سامي مَع العودِ في قَعدَةِ العَينِ .. سامي مَضَى

    وَهْوَ في مِثلِ عُمرِكَ.. (67).. لا. لا أُطيقُ العَدَدْ

    وأنتُمْ أبَدْ

    يضُمُّ الأبَدْ

    ويَمْحُو الأبَدْ

    وَأَعلَمُ. سوفَ تَعودونَ. ذاتَ صباحٍ جديدٍ تعودُونَ

    للدَّار والجار والقدس والشمس. سَوفَ تَعودونَ.

    حَياً تَعودُ. وَمَيْتاً تَعودُ. وسَوفَ تَعودون. مَا مِن كَفَنْ

    يَليقُ بِنا غيرَ دَمعَةِ أُمٍّ تبلُّ تُرابَ الوَطَنْ

    ومَا مِن بِلادٍ تَليقُ بِنا ونَليقُ بِها غير هذي البلادْ

    ويوم المعادِ قريبٌ كيومِ المعادْ

    وحُلم المغنّي كِفاحٌ

    وموتُ المغنّي جهادُ الجِهادْ.


    • • • • •


    إذاً أنتَ مُرتحلٌ عَن دِيارِ الأحِبَّةِ

    في زّوْرَقٍ للنجاةِ. على سَطْحِ بحرٍ

    أُسمّيهِ يا صاحبي أَدْمُعَكْ

    وَلولا اعتصامي بحبلٍ مِن الله يدنو سريعاً. ولكنْ ببطءٍ..

    لكُنتُ زَجَرْتُكَ: خُذني مَعَكْ

    وخُذني مَعَكْ

    اترك تعليق:

يعمل...
X