ومازالت خالية..............
من تقاليد محاكمة أعضاء القيادة على جرائمهم المدوية.
واقتصرت المحاكمة على تتبع جنايات أخلاقية يرتكبها شهداء المستقبل
خلال حكم بحثهم عن متع عابرة في سيجارة حشيش أوامرأة تغوي،
قبل أن يتحولوا الى منصة للخطابة.
كان يصعب على سمير وعلى امثاله الخارجين من السجون الاسرائيلية
أن يدركوا كيف يقفز بعض ممثلي المخابرات على درجات سُلَّم القيادة
بذريعة المحافظة على توازن تعبرعنه الثورة في علاقاتها بالدول.
هل نحن جامعة الدول العربية؟
لم يتمكن من ادمان هذه التقاليد الملتبسة لأنه ينضج الى درجة الواقعية
التي تتطليب استيعابها الأشواط التي قطعها الخطاب السياسي
الفلسطيني في علاقته المعقدة بالقاعدة العربية والقمة العربية،
حتى وجد هذا الخطاب نفسه أسيرها لاابنها المدلل،
منذ انقسم السؤال الديمقراطي عن السؤال القومي
وذهب كل واحدفي اتجاه معاكس،
فاستمدت الوحدة الوطنية أحد مقوماتهامن تضامن الحكومات في المنظمة لا مع المنظمة!!!
ولكن سمير المضرج بالأسئلة عن الحرية في السجن وعن السجن في الحرية،
انخرط في موجة تساهل عام جرفتنا جميعا الى شاطئ القدرية
ولأنني أعرفه منذ الطفولة،لم أذهب اليه في المستشفى،مستشفى البربير.
لن تعرفه قالوا لي.
وإذا كنت تحبه قالوا لي_صلِّي له أن يموت،
لأن الموت راحته الوحيدة..فقد دخل في الكوما...دخل في الموت حيَّاً
إذن،لم يُطلق سراحه.
لقد لاحقوه حتى بيروت.
استبدلوا احكام السجن المؤبد بالإعدام قصفاً بالطائرات.
مات سمير.....مات حبق العائلة.
كن تلقائيا هنا .. قصة / قصيدة / خاطرة
تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
-
أصرَّ على أن يكون آخر الناجين،
إلى أن انتبه الحراس إلى العملية وانتزعوه من قضبان النافذة ليحكموا عليه،
مرة أخرى بالسجن المؤبد الثاني
بعد محاولة أخرى حكم على سمير بالسجن المؤبد الثالث ،
وهكذا كان على سمير أن يعيش ثلاثة أعماراخرى ليتم إطلاق سراحه.
وفي عملية تبادل أسرى خرج"سمير"إلى نور الوطن العربي الكبير،
فلم يصدق الفارق بين الفكرة وصورة الفكرة،
ولم يصدق التنافر بين الحلم وأداة الحلم،
فلجأ إلى مفاضلة السجناء التقليدية بين
الحرية الخارجية الشكلية وبين الحرية الداخلية المجازية
المنبعثة من تماسك اليقين وسلام النفس والارتباط بالخارج برباط المثال.
لقد ألِفنا شكوى الخارجين من حريتهم الداخلية إلى حريتهم المشوهة،
وألفنا خيبتهم من كل ما يخدش مخيلتهم عنا وتصورهم عن الخارج.
قال لي سمير:حين إلتقيته بعد عشرين عاماً في دمشق:أهذا هو الوضع؟
ليس من اجل هذا دخلت،وليس من أجل هذا خرجت.
ولكن ما فيه من وفاء لارتباط الاطار والفكرة حال دون ذهابه بالخيبة إلى منتهاها..
وإلى إستبدال الاطاروالأداة بما هوأكثر توازنا وانسجاما
كان شديد الخيبة من المؤسسة وشديد الالتحام بها.
ليس في وسع رجل مثلي قال أن يغيِّر جلده خوفا من ارهاب المؤسسة بل خوفا من انهيار احد عناصر التوازن
فلأعتبِر نفسيسواء كنت في هذا التنظيم أو ذاك خادما لفكر فلسطين وشعبها،
دون أن أقبل الانسياق في صراع التنظيمات وفي خداع تبعية بعضها،
وهي لاتشملني إلى هذا النظام أو ذاك .
كان يُسيج نفسه ويميزها بالجناح المطلق من الفكرة.
كان يخشى أن يؤدي إلى تعديل في إطاره إلى الطعن في صدق تاريخه وفي حرارة تضحيته
لأن الاعتراض في غياب الوطن والمجتمع وما يبلورانه من سلُّم قيم
قابل للشك والتشكيك في حروب كلام لا تضبطها ضوابط أخلاقية ووطنية.
ولم يسفر مثل هذا النوع من الحوار الوطني إلا عن إغتيال،
ولم يبرأ من تراشق هذه التهم أحد منّا.
ثم استقر سمير في بيروت ليواصل أسئلته الجارحةحول الحرية في السجن،
والسجن في حرية قابلة للفساد وإلغاءنظام العقوبات،
حتى لو تمكن أحد الناطقين باسم هذه الحريةمن تدمير بناية على ساكنيها
لتصفية حساب مع عضوفي التنظيم دون أن يفقد عضويته في القيادة
وحقه في تمثيل نظام عربي تمثيلا مدويا في القيادة!!!
لعل المحاكمة التي تستحقها الثور ةهي أنها كانت خالية،وما زالت خالية،
اترك تعليق:
-
-
ولأنني أعرف سمير منذ الطفولة،
لم أذهب إلى غيبوبته في المستشفى.
لقد بترت الطائرات ساقيه وذراعه،بقرت بطنه وسملت عينيه،
عندما كان يخلي المصابين في ميدان المدينة الرياضية.ماذا تبقى منه؟
أعني ماذا تبقى من وسامة كانت توقد الجمرتحت ثياب الفتيات؟
كنَّا معاً في المدرسة الثانوية في "كفرياسيف".لم يحضر الدروس كثيراً
كان ساهيا وغائبا،يُؤثِر البحر واصطياد العصافير على الكتب،
ولايشارك في شغب التلاميذ.
فيه حَسَنُ يوسف خفرٌ بلا تقوى.
عينان زرقاوان صافيتان من بحر عكا
وأمه الحسناء الطاغية،شعر كستنائي مُجعَّد.وجبين واسع يطل على ما فوقنا
كان بعيدا بعيدا وقوي البنية.
ولم نعرف لماذا ابتعد عن المدرسة وعن العائلة وعن
الوطن إلى أن أشعل حرب حزيران ،هكذا قالت الصحف الإسرائيلية بعناوين عريضة:
إلقاء القيض على فدائي تسلل عبر الحدود لينسف حيفا.كان ذلك عشية حرب حزيران.
وكان الأعلام الاسرائيلي منكباًعلى إعدادالذرائع لإعلان الحرب.
لم نُصدِّق أن سمير فدائي فلسطيني،إذ لم يسبق أن إنخرط معنا في نشاط عام،
إلا بعدما طالعتنا قامته المديدة في الصحف وهو يرسف في الأغلال .
حدَّثني أبوه وهوابن عمي كيف كانت الشرطة تُسمِعه خلف جدران الزنزانةـأنين سمير تحت التعذيب المتواصل
قطيع من الذئاب يستفرد بغزال أسير.لقد تحطَم والده تماماً وهو يستمع
الى الموت البطيئ المتصاعد من جسد سمير ،المُرفَّه المدلل الأنيق الوسيم،
ولكن أمه ذات الجمال الجهوري صمت أعصابها وتوازنها النفسي بما أيقظ في
أمومتها من حاسة الزهو أمام تحوّل إبنها رجل يتحدى دولة هزمت دولاً،
فرفعت أحزانها إلى كبرياء.
حكموا على سمير بالسجن المؤبد وفي السجن إستطاع أن يُمثِّل دور المتعاون
مع إدارة السجن ،
متحملاإهانات زملائه الفدائيين،لينفِّذ خطته ويعمل في مطبخ السجن،
حيث حصل على ما يحتاجه من ادوات حادة،
وعكف شهراً على قطع قضبان الزنزانةإلى أن حانت ساعة الصفر
وتمكن من تهريب بعض زملائه السجناء.......
اترك تعليق:
-
-
أما أن أموت هنا،فلا،لاأريد الموت تحت الأنقاض.
سادعي لنفسي أنني ذاهب إلى الشارع للبحث عن الجريدة،
فالخوف عار عن في حُمَّى البطولة المتفشية من جميع الناس،
من اولئك الذين لانعرف أسمائهم على خطوط الإشتباك،
ومن أولئك البسطاءالذين إختاروا أن يبقوا في بيروت،
إختاروا أن يكرِّسوا أيامهم للبحث عن تنكة ماء وسط مطر القذائف،
إختاروا أن يمدوا لحظة التحدي والصمود إلى تاريخ،
اختاروا ان يَدفعوا لحمهم في صراع مع الحديد المنفجر.
البطولة هي هذا الجز المشطور من بيروت في هذا الصيف الحارق،
هي بيروت الغربية.ليس من يموت هنا يموت بالمصادفة.
الحي حي بالمصادفة،إذ لم يسلم شبر واحد من صاروخ.
ولم يسلم موقع خطوة واحدة من إنفجار
ولكني لاأريد الموت تحت الأنقاض.
اريد الموت في الشارع..
إنتشر أمامي فجاة الدود الموصوف في إحدى الروايات:
دود يرتِّب صفوفه وانواعه وألوانه،بنظام صارم،لإلتهام الجثة كأنه يسلخ اللحم
كله عن العظام في دقائقزغارة واحدة ..
غارتان ولايبقى منَّا غير الهيكل العظمي.
دود يأتي من امجهول ومن التراب ومن الجثة نفسها.
الجثة تأكل نفسها بجيش حسن التنظيم يطلع منها في لحظات.
إنها صورة تفرغ الإنسان من بطولته ومن لحمه،
وتدفع به في عراء المصير العبثي،
في العبث المطلق ،في العدم الكامل.
صورة تجرد الأناشيد من مديح الموت ومن الفرار إلى الفرار.
أَمِن أجل التغلُّب على بشاعة هذه الحقيقة.
فتح الخيال البشري ساكن الجثة فضاءً لخلاص الروح من العدم؟
أهذا ما يقترحه الدين والشعر من حل؟ربما..ربما.
اترك تعليق:
-
-
أريد جنازة حسنة التنظيم،يضعون فيها الجثمان السليم،لا المشوه،في تابوت خشبي
ملفوف بعلَم واضح الألوان الأربعة،
ولوكانت مقتبسة من بين شعر لا تدل ألفاظه على معانيه،
محمول على أكتاف أصدقائي وأصدقاءي الأعداء.
وأريد أكاليل من الورد الأحمر والورد الأصفر .
لاأريد اللون الرمادي الرخيص ولا اريد اللون البنفسجي
لأنه يذيع رائحة الموت
واريد مذيعا قليل الثرثرة قليل البحة،قادراًعلى إدعاءحزن مقنع
يتناوب مع أشرطة تحمل صوتي بعض الكلام.
اريد جنازة هادئة واضحة وكبيرة ليكون الوداع جميلاً وعكس اللقاء.
ما أجمل حظ الموتى في الجدد،في اليوم الأول من الوداع،
حين يتبارى المودعون في مدائحهم.فرسان ليوم واحد
لا نميمة لا شتيمة لاحسد.حسناً،
وأنا بلا زوجة وبلا ولد.فذلك يوِّفر على بعض الأصدقاء...
جهد التمثيل الطويل لدورحزين لاينتهي إلا بحنو الأرملة على المعزِّي.
وذلك يوفرعلى الولد الوقوف على ابواب المؤسسات ذات البيروقراطية البدوية.
حسَنُ أني وحيد...وحيد..وحيد،لذلك ستكون جنازتي مجانية وبلا حساب مجاملة،
ينصرف بعدها المشيعون إلى شؤونهم اليومية.
أريد جنازة وتابوتاًانيق الصنع أطل منه كما يريد توفيق الحكيم أن يطل على المشيعين..
أسترق النظرإلى طريقتهم في الوقوف وفي المشي وفي التأفف وفي تحويل اللعاب إلى دموع.
وأستمع إلى التعليقات الساخرة:كان يحب النساء
وكان يبذخ في إختيار الثياب.
وكان سجاد بيته إلى الركبتين،
وكان له قصر على الساحل الفرنسي الللازوردي
وفيللا في إسبانيا
وحساب سري في زيوريخ
وكانت له طائرة سريةخاصة
وخمس سيارات فخمة في مرآب بيته في بيروت،
ولانعرف إن كان له يخت في اليونان.
ولكن في بيته من أصداف البحر مايكفي لبناء مخيَّم.
كان يكذب على النساء .
مات الشاعر ومات شِعره معه .
ماذا يبقى منه؟لقد إنتهت مرحلته وإنتهينا من خرافته.
أخذ شِعره معه ورحل،كان طويل الأنف واللسان......
وسأستمع إلى ماهو أقسى عندما تتحرر المخيلة من كلِّ شيئ.
سأبتسم في التابوت سأبذل جهدا لأقول:
كفى ى ى .سأحاول العودة فلا أستطيع...
اترك تعليق:
-
-
صوات متشابهة الرتابة،رمل يصف بحراً،اصوات فصيحةو نزيهة
تصف الموت كما تصف الأحوال الجوية،وكما لاتصف سباق الخيل والدراجات
عمُّ ابحث؟افتح الباب عدة مرات ولا أعثر على الجريدة؟
لماذا اطلب الجريدة والنايات تتساقط من الجهات كلها،ألا تكفيني هذه القراءة؟
ليس ذلك تمامً.
فالباحث عن الجريدة وسط الجحيم هارب من الموت وحيداُ إلى الموت الجماعي.
باحث عن عينين إنسانيتين ،عن صمت مشترك،وعن كلام متبادل،باحث عن مشاركة
ما في الموت،عن شاهد يشهد،وعن شاهد على جثة،عن مُبلْغٍ عن شقوط الحصان،
عن لغة للصمت وللكلام،وعن إنتظار أقل ضجرلموت تأكًّد.
فإن ما يقوله هذا الفولاذ،هذه الوحوش الفولاذية:
هوأن أحداً لن يرى السكينة...ولن يحصي قتلانا..
كنت أكذب على نفسي،فليست فيُّ حاجة إلى البحث عن
وصف ماهو حولي وما في داخلي.
حقيقة الأمر أني كنت خائفا من الوقوع بين الأنقاض،
فريسة أنين لا يصل.كان ذلك مؤلم،
مؤلماًإلى حد التماهي مع الحادثة التي وقد حدثت،
انا الآن هناك بين الأنقاض .
أحسُّ بوجع الحيوان المهروس فيَّ وأصرخ من وجعي ولا يسمعني أحد.
كان ذلك الألم الشبح القادم من إتجاه معاكس مما قد يحدث.
بعض الذين يصابون بساقهم يواصلون الإحساس بالوجع في الساق حتى بعد بترها لسنين
إنهم يمدُّون أيديهم لتحسس موضع الوجع في ساق لم يعد لها وجود،
وقد يلاحقهم هذا الوجع الوهمي....الوجع الشبح إلى آخر العمر
أما أنا فأشعر بوجع شديدجرَّاء إصابة لم تحدث...لقد طُحِنت ساقاي تحت الأنقاض
وهذه ظنوني:قد لايقتلني الصاروخ بشكل خاطف دون أن أشعر.
فقد ينهار عليَّ حائط على مهل على مهل في عذاب لاينتهي وإستغاثة لاتُبلِّغ مصيري إلى أحد
قد يطحن ساقي أو ذراعي أو جمجمتي أو قد يربض على صدري،
وأبقى حياً عدة أيام لا وقت فيها لأحد للبحث عن بقايا كائن.
قد يختلط لحمي بالإسمنت والحديد والتراب فلايدلّ شيئ عليّ،
وقد ينغرز زجاج نظارتي في عيني فأصاب بالعمى .
وقد يتغلغل عمود من الحديد في خاصرتي.
وقد أُنسى في زحام اللحم البشري الممعوس المفقود بين الأنقاض.
ولكن لماذا أهتم بمصير جثتي وعنوانها إلى هذا الحد؟لا أعرف
اترك تعليق:
-
-
والقهوة لا تُشرَب على عجل.القهوة أخت الوقت
تُحتسى على مهل ..على مهل.
القهوة...صوت المذاق
....صوت للرائحة
القهوة تأمل وتغلغل في النفس وفي الذكريات
والقهوة عادة تلازمها بعد السيجارة عادة أخرى هي الجريدة.
أين الجريدة؟الساعة السادسة صباحاً.وانا في عين الجحيم.
ولكن الخبر هو مايُقرأ لا ما يُسمع،
والواقع قبل تسجيل الواقع ليس واقعاُ تماماُ.
اعرف باحثاُ في الشؤون الإسرائيلية لايكفُّ عن تكذيبب
الشائعات القائلة إن بيروت محاصرة لأنه لا يقرأالحقيقة إلا إذا كانت
مكتوبة باللغة العبرية.وبما أن الصحف العبرية لاتصل إليه،فإنه
لا يعترف بأن بيروت محاصرة !!!
ليس هذا ما يصيبني من حماقة،فالجريدة الصباحية هي إدمان،
أين الجريدة؟
تصاعدت هيستريا الطائرات،لقدجُنَّت السماء.جُنَّت تماماً.
يُنذر هذا الفجر بأن هذا اليوم هوآخر أيام الخليقة.
فأين يضربون؟أين لايضربون؟
وهل تتسع منطقة المطار لكل هذه القذائف القادرة على قتل بحر؟
أفتح الراديو فأضطر للإستماع إلى الاعلانات التجاريةالسعيدة:
ساعة سيتيزن لضبط الوقت.......
سجائر ميريت"نكهة أكثر ونيكوتين أقل"
تعال إلى مارلبورو تعال تعال إلى حيث المتعة.
ولكن أين الماء؟
غنج متزايد من مذيعات مونت كارلو الخارجات
للتو من الحمَّام أو غرف النوم المثيرة.
قصفٌ شديد على بيروت.قصف شديد على بيروت؟
أهذا هو الخبر كأنه نبأ عن يوم عادي من أيام حرب عادية،
عادية في نشرة الأخبار.أحوِّل إبرة الراديو إلى إذاعة لندن ،
الفتور المميت ذاته في اصوات مذيعين يدخنون الغليون على
مسمع من المستمعين.
أصوات منقولة على موجة قصيرة مكبرةإلى موجة متوسطة
تحولِّها إلى كاريكاتور خبيث:ويقول مراسلنا إنه يبدو للمراقبين الحذرين أن مايبدو
مما يتضح عندما يتمكن المتحدث لولا صعوبة الاتصال بالوقائع لعلُّ
في الأمر ما يدل على أن كلا المتحاربين يحاول عسى ولاسيما
ناهيك عن غموض ما قديسفر عن طائرات مجهولة أسماء الطيارين تحلِّق
إذا أردنا الدقة حيث حيث قد يتأكد بعض الناس يظهر في زي حسن.
لغة عربية سليمة المعلومات تنتهي بلغة عربية سليمة العواطف
لمحمد عبد الوهاب:يا تحبني يا تقوللي أروح لك يا تقوللي أروح منك فين............
اترك تعليق:
-
-
ها أنا ذا أولد امتلأت عروقي بمخدرها المنبه،بعدما التقت بينبوع حياتها،
الكافيين والنيكوتين وطقس لقائهما المخلوق من يدي.
اتساءل:كيف تكتب يد لا تبدع القهوة؟
كم قال لي أطباء القلب وهم يدخنون،لا تدخنولا تشرب القهوة.وكم مازحتهم:
الحمار لا يدخن ولا يشرب القهوة ولا يكتب....
أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها،
لاقهوة تشبه الأخرى،ودفاعي عن القهوة هو دفاع عن خصوصية الفارق.
ليس هنالك مذاق اسمه القهوة،فالقهوة ليست مفهموما وليست مادة واحدةوليست مطلقا
لكل شخص قهوته الخاصة،الخاصة إلى حدأقيس معه درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية بمذاق قهوته،
ثمة قهوة لها مذاق الكزبرة وذلك يعني ان مطبخ السيدة ليس مرتبا
وثمة قهوة لها مذاق عصير الخروب وذلك يعني أن صاحب البيت بخيل
وثمة قهوة لها رائحة العطر ذلك يعني أن السيدة شديدة الإهتمام بمظاهرالأشياء
وثمة قهوة لها ملمس الطحلب في الفم وذلك يعني أن صاحبها يساري طفولي
وثمة قهوة لها مذاق القِدم من فرط ما تألب البن في الماء الساخن...
ذلك يعني أن صاحبها يميني متطرف.
وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة
لا قهوة تشبه الأخرى،لكل بيت قهوته،ولكل يد قهوتها،لأنه لا نفس تشبه نفسا أخرى،
وأنا أعرف القهوة من بعيد:تسير في خط مستقيم في البداية ثم تتعرج وتتأود
وتلتف على سفوح ومنحدرات،تتشبث بسنديانة أو بلوطة،وتتغلب لتهبط الوادي وتلتف
إلى ما وراء وتتغتت حنيناً إلى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول ...
رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيئ الأول،لأنها
تنحدرمن سلالة المكان الأول،هي رحلة بدأت من آلاف السنين وما زالت تعود.
القهوة مكان.القهوة مسام تُسربُ(تشديد وكسر الراء)الداخل إلى الخارج،
وانفصال يوحد(تشديد وكسر الحاء)ما لا يتوحد إلا فيها هي رائحة القهوة.
هي ضد الفطام.ثدي يُرضِع الرجال بعيداً.صباح مولود في مذاق مر،حليب الرجولة
والقهوة جغرافيا
مَن تلك الناهضة من منامي؟
هل هي حقا كانت تخاطبني قبل الفجر أم كنت أهذي وأواصل المنام صاحيا.
لم نلتق غير مرتين.في المرة الأولى حفِفظْتُ اسمها.
وفي المرة الثالثة لم نلتق.فلماذا تناديني الآن في حلم
كنت أنام فيه على ركبتيها
لم أقل لها في المرة الأولى:أحبك
ولم تقل في المرة الثانية:أحبك
ولم نشرب القهوة معاً
إعتدتُ أن أحصي عدد السوس في صحن حساء العدس،الطبق اليومي في السجون
وإعتدت أن أتغلب على الإشمئزاز لأن الشهية تتكيف ولأن الجوع أقوى من الشهية.
ولكننني لم أتكيف مع غياب القهوة الصباحية ومع تناول غسيل الشاي.
ألهذا لم أتعايش مع ظروف السجن؟
سألتني صديقة بعد خروجي من السجن الأول:هل إستمتعت؟
قلت:لا،لأنهم لا يقدمون القهوة،
قالت:هذا شيئ فظيع،وأضافت:ولكنني لا أشرب القهوة.
قلت:لاأعرف سيدات كثيرات مهووسات بصباح القهوة.الرجل هو
الذي يفتتح نهاره بالقهوة،أما المرأة فإنها تفضل المكياج!!!
ليس ذلك ما آلمني لقد تمكن احد زملائي من السجناء من إحضار فنجان قهوة لي،
ذات صباح،تلقَّفتُه بشبق ومنحت نفسي وقتاً للتأمل،
مما دفع زميلا ًآخر إلى تصويب نظرة إستعطاف نحو الفنجان.
تجاهلْتُها لأتوحَّد مع ملكيتي،تجاهلْتُها وتلذَّذت برشفة القهوة بسادية أيقظت فيَّ
الإحساس بالإثم فيما بعد.كان ذلك قبل عشرين عاما،
وما زالت تلك النظرة المتوسلة تلاحقني إلى الآن داعية
إياي إعادة النظر المستمرة في نفسي وإلى تهذيب سلوكي.
لأن العطاء وتقاسم الأشياء في السجن هو معيار صدق العطاء.
لم أتخلص من عقدة الذنب بما أغدقتُ من معيار صدق العطاء .
لم أتخلص من عقدة الذنب بما أغدقت عليه من أنصاف السجائر
في محاولة لرشوة توازني النفس.
ماأشدُّ أنانيتي!!لقد حرمت زميلا في السجن من نصف فنجان من القهوة،
مما دفع الأقدار إلى معاقبتي بعد أسبوع حيث جاءت أمي لزيارتي ومعها
إبريق من القهوة دلقه الحارس على العشب
اترك تعليق:
-
-
منهم أخجل دون أن أعرف أني أخجل منهم..
الغامض يتراكم على الغامض ليحتك ويقدح الوضوح
وفي وسع الغزلة أن يفعلوا كل شيئ،في وسعهم أن يسلطوا
البحر والجو علي،لكنهم لايستطيعون أن يقتلعوا مني رائحة القهوة
ساصنع قهوتي الآن .سأشرب القهوة الآن،لأتميز عن خروف على الأقل ،
لأعيش يوماً آخر،أو أموت محاطاً برائحة القهوة.
...تُبعِد الإناء عن النار الخفيفة لتجري اليد أولى إبداعاتها،
ولاتكترث بالصواريخ والقذائف والطائرات
فتلك إرادتي:سأذيع رائحة القهوة لأمتلك فجري.
لا تنظر إلى الجبل الذي يبصق كتلة نارية في إتجاه يدك.
ولكنك لا تستطيع أن تنسى أنهم يرقصون هناك،يرقصون من النشوة.
كانت سيدات القرنفل في صحف البارحة يرتمينَ على دبابات الغزاة في الأشرفية
كان النصف الأعلى من نهودهن،والنصف السفلي من أفخاذهن عارياً من الصيف ومن المتعة،
ومعداًجيداً لاستقبال المخلصين،قبلني(تشديد وكسرالباء)يا شلومو،قبلني على فمي ،
ما اسمك يا حبيبي لأناديك باسمك يا حبيبي،شلومو كم انتظرتك شغاف قلبي،أُدخل يا شلومو ،
ادخل رويدا رويدا أو أدخل دفعة واحدة لأحس فيك القوة،كم أحب القوة يا حبيبي ،
إذبحوهم واقتلوهم بكل ما فينا من إنتظار.لتحمك سيدة لبنان يا شلومو.
اقصفوهم ريثما أعد لك كأس العرق والغداء يا شلومويا حبيبي.
بعد كم ساعة تقضون عليهم،بعد كم ساعة.لقد طالت العملية يا شلومو،طالت
فلماذا أنتم بطيئون يا حبيبي/شهران،مابالكم لا تتقدمون.
ولكن رائحتك كريهة يا شلومو،لا بأس هذا من الصيف والعرق.
سأغسلك بماء الفل يا حبيبي،لماذا تبول في الشارع؟هل تتكام الفرنسية؟
لا؟أين ولدت؟في تعز؟أين تعز هذه؟في اليمن؟لابأس لابأس،كنت أظنك شيئا آخر،
ما عليك يا شلومو!!أقصف من أجلي هناك..هناك
ملعقة واحدة من البن المكهرب بالهال تُرسى ببطء على تجاعيد الماء الساخن،
تحركها تحريكا بطيئا بالملعقة،بشكل دائري في البداية،ثم من فوق إلى تحت،
ثم تحركها تحريكا دائريا من الشمال إلى اليمين،ثم تسكب عليها الملعقة الثالثة،
بين الملعقة والأخرى أبعِد الإناء عن النار ثم أعده ةإلى النار،
بعد ذلك "لقم"(تشديد وكسر القاف)القهوة أي املأ الملعقة بالبن الذائب
وارفعها إلى أعلى ثم أعدها عدة مرات إلى اسفل.
إلى أن يعيد الماء غليانه وتبقى كتلة من البن ذي اللون الأشقر على سطح الماء،
تتموج وتتأهب للغرق لا تدعها تغرق ،أطفِئ النار ولا تكترث بالصواريخ.
خُذ القهوة إلى الممر الضيق صبها(فعل أمر)بحنان وافتنان في فنجان ابيض.
فالفناجين الداكنة اللون تفسد حرية القهوة،راقِب خطوط اللبخار وخيمة الرائحة المتصاعدة،
أشعِل سيجارتك الآن السيجارة الأولى المصنوعة من اجل هذا الفنجان،
السيجاؤة ذات المذاق الكوني التي لايعادلها مذاق ىخر غير مذاق السجارة التي تتيع عملية الحب،
بينما المرأة تدخن آخر العرق وخفوت الصوت
اترك تعليق:
-
-
وامتشقت سيدات المجتمع البنادق الرشاشة المحاطة بوسوسة المجوهرات،
ليخطبنَ في حفلات الدفاع عن وطنية"المجدرة"(أكلة فلسطينية)،
وحين خجل قال ما يعني أن الوطن ليس هذا الطعام
وتناول السلاح يستخدمه خارج الحفلة،على الحدود،قالوا له:هذا تجاوز.
وحين استخدم السلاح في معارك الدفاع عن النفس في الداخل،
ضد مندوبي الصهيونية المحليين قيل له:هذا تدخل في الشؤون الطائفية.مالعمل؟
إذن،مالعمل لينهي عملية النقد الذاتي سوى الإعتذار عن وجود لم يوجد بعد.
لستَ إلى هناك،ولستَ من هنا.ومن بين هذين النفيين وُلِد هذا الجيل المدافع عن
وعاء جسدي للروح،علق(تشيديداللام)عليه رائحة البلاد التي لايعرفها.لقد قرأ ما قرأ
ورأى ما رأى،ولم يصدق أن الهزيمة حتمية وتبع تلك الرائحة....
اترك تعليق:
-
-
والبرتقال على سبيل المثال.أليس التاريخ قابلا للرشوة؟
وإلا فلماذا يحمل المكان البحيرات والجبال والمدن أسماء قداة عسكريين لا شيئ إلا
لأن أولئك القادة قد تنفسوا(تشديد الفاء وفتحها)إنطباعا أوليا لدى المشاهدة،
فتحولت كلمات الإنطباع إلى أسماء نتناقلها حتى الآن؟
أو ...هريد ما أجملها هكذا قال قائدروماني حين رأى البحيرة في مقدونيا
فصار هذا الدهش هو إسمهاوقس على ذلك مئات الأسماء
التي نشير بها إلى أمكنة أشار إليها قبلنا عسكري منتصر
وصار من الصعب فك الهوية عن هزيمتها.قلوع وحصون هي
محاولات لحماية إسم لا يثق بخلوده من النسيان.
حجارة مضادة للنسيان حروب عكس النسيان،لاأحد ريد أن ينسى ،
وشكل أدق:لاأحد يريد أن يُنسى .
وبشكل سلمي :ينجبون الأطفال ليحملوا أسمائهم ليحملوا عنهم عبئ الاسم أو مجده.
إنه تاريخ طويل من عملية البحث عن توقيع على زمان أو مكان
ومن حل عقدة الاسم في مواجهة قوافل النسيان الطويلة.......
فلماذا يطلب هؤلاء الذين ألقت بهم أمواج النسيان على ساحل بيروت
أن يشذوا عن قاعدة الطبيعة البشرية؟
لما يطالِبون بهذا القدر من النسيان؟
ومن هو القادر على تركيب ذاكرة جديدة لهم لا محتوى لها
غير ظل مكسور لحياة بعيدة في وعاء من صفيح صارخ!؟
أهناك ما يكفي للنسيان لكي ينسوا؟
ومن سيساعدهم على النسيان في هذا القهر الذي لا
يتوقف عن تذكيرهم بإغترابهم عن المكان والمجتمع؟
مَن يرضى بهم مواطنين؟من يحميهم من سياط الملاحقةوالتمييز:لستم من هنا!!!!
يستعرضون الهوية المرفوعة للتدليل على خطر الدخول وخطر الخروج،لمحاصرة الأوبئة،
ويراقبون براعة إستخدامها رافعة قومية،
قهؤلاء المنسيون المطرودون من النسيج الاجتماعي الداخلي،المنبوذون،
المحرومون من حق العمل والمساواة يطالَبون في الوقت ذاته بأن
يصفقوا لقمعهم لأنه يوفر لهم نعمة الذاكرة.
وهكذا يُدفَع المطالَب أنه إنسان إلى قبول إستثنائه من الحقوق ليتدرب على
التحرر من داء نسان الوطن،عليه أن يُصاب بالسل كيلا ينسى أن له رئة،
وعليه أن ينام في العراء كيلا ينسى أن له سماء أخرى،
وعليه أن يكون خادما كيلا ينسى أن له مهمة وطنية،
ويُمنع من التوطين كيلا ينسى فلسطين.
اترك تعليق:
-
-
هذا الشعب المخلوق من مزاج النار العنيدة مع قطعان الغنم التي يريد أن يسوسها(تشديد وكسر الواو)راعي القمح وراعي الخراف معاً
عبر سياج التواطؤ.
لن يمروا على حياتنا فليمرو ا إن إستطاعوا أن يمروا على ما تلفظه الروح من جثث.
فأين إرادتي؟
وقفتْ على الرصيف الثاني من الصوت الجماعي،أما الآن فلا اريد أكثر من رائحة القهوة.
خجلت من خوفي وممن يدافعون عن رائحة البلاد البعيدة،
الرائحة التي لم يشموها لأنهم لم يولدوا فيها ،وُلِدوا منها بعيداً عنها،وتعلموها بلا إنقطاع
وبلا كلل أو ملل،تعلموها من ذاكرة مسلطة ومن مطاردة ملحة..
لستم من هنا،قيل لهم هناك
ولستم من هنا،قيل لهم هنا
وبين هنا وهناك شدوا أجسادهم قوسا يتوتر حتى إتخذ الموت فيهم هذه الصيغة الإحتفالية
لقد أُخرِج آباؤهم من هناك ليحلوا ضيوفا على هنا
ضيوفا مؤقتين من أجل إخلاء ساحات الوطن من المدنيين ليتسنى للجيوش النظامية تطهير أرض العرب وشرفهم من العار والدنس :
(أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا ،طلعنا عليهم طلوع المنون فكانوا هباءً وكانوا سدى)
وبقدر ماكانت تلك الأغاني تُطارِد فلول الغزاة وتحرر الأرض سطرا سطرا،
كان هؤلاء هنا يُولَدون بلا مهد وكيفما إتفق على حصير أو في سلة من قصب أو على أوراق الموز
يولدون كيفما إتفق بلا شهادة ميلاد وبلا
سجل أسماء،بلا فرح وبلا ميلاد كانوا أعباء على أهلهم وعلى جيران الخيمة...
وبإختصار:كانوا ولادة زائدة كانوا بلا هوية
وإنتهى الأمر إلى ما إنتهى إليه.
عادت الجيوش النظامية وبقي هؤلاء يولدون بلا سبب ويكبرون بلا سبب ويتذكرون بلا سبب ويحاصروِن بلا سبب
جميعهم يعرف القصة شديدة الشبه بحادثة سير كونية وبواقعة طبيعية،
ولكنهم قرأوا كثيرا في كتاب أجسادهم وأكواخهم،قرأوا تمييزهم
وقرأوا الخطاب القومي وقرأوا صادرات وكالة الغوث
وقراوا سياط الشرطة وظلوا يكبرون ويزيدون عن حزام المخيم وعن مراكز الإعتقال،
وقرأوا تاريخ الحصون والقلاع التي وقعها الغزاة لتخليد أسمائهم على أرض ليست لهم ولتزوير هوية الحجارة.....
اترك تعليق:
-
-
لسماء تنخفض كأنها سقف إسمنتي يقع.
البحريتحول إلى يابسة ويقترب.
السماء والبحر من مادة واحدة.
البحر والسماء يضيقان علي الخناق.
ادرت مفتاح الراديو لأعرف أخبار السماءلم أسمع شيئا،
تجمد(تشديد الميم)الوقت،جلس علي ليخنقني
،مرت الطائرات من بين أصابعي إخترقت رئتي.
كيف أصل إلى رائحة القهوة،
كيف أموت يابساً بلا رائحة القهموة،
لاأريد...لاأريد،فاين إرادتي؟
وقَفَتْ هناك على الطرف الثاتي من الشارع،
يوم أطلقنا النداء المضاد لتزحف الخرافة علينا من الجنوب....
يوم كورَ(تشديد وفتح الواو)الحم البشري عضلة الروح وصاح:لن يمروا...ولن نخرج...
إشتبك اللحم مع الحديد وتغلب(تشديداللام) على علم الحساب العسير،
فتوقف الغزاة على السور...
هناك وقت لدفن الموتى وهنالك وقت للسلاح ،
وهناك وقت ليمر الوقت على هوانا ....لتطول البطولة،فنحن
نحن أصحاب الوقت...
كان الخبز يصعد من التراب .
وكان الماء ينجبس من الصخر.
كانت صواريخهم تحفر لنا آبار الماء
وكانت لغة قتلهم تغرينا بالنشيد:لن نخرج،
وكنا نرى وجوهنا على شاشة الآخرين تغلي بالوعد العظيم
وتخترق الحصارات بشارات نصر لاتنكسر
لن نفقد شيئا منذ الآن ،مادامت بيروت هنا،
ومادمنا هنا في بيروت وسط هذا البحر...
على بوابة هذه الصحراء أسماء لوطن مختلف،
وعودة المعاني إلى مفرداتها.
هنا خيمة للتائهة من المعاني،والضالة من الألفاظ
ولشتات الضوء اليتيم المطرود من الوسط..
فهل عرف هؤلاء الفتية المدججون بجهل خلاق(تشديدوفتح اللام)لموازين القوى،
وبمطالع أغنيات سابقة،وبقذائف
يدوية،وزجاجات جعة ساخنة،وبشهوات فتيات في ملجأ،وبقصاصات هوية ممزقة ،
وبرغبات واضحة في الإنتقام من آباء حكماء وبجنون الخلاص من شيخوخة الفكرة،
وبما لايدرون من رياضة الموت النشيط ...
هل عرفوا أنهم يصححون بجراحهم وطيشهم المبدع حبر اللغة التي ساست شرق المتوسط كله
في إتجاه غرب لا يطلب من العبودية غير تحسين شروط إلتحاقها،منذ حصار عكا في العصور الوسطى؟
حتى حصار بيروت المُكلف(تشديد وفتح اللام)بالإنتقام من كل التاريخ في العصور الوسطى؟
وهل عرفوا حين إنصرفو إلى محاصرة الحصار،أنهم ينوبون عن الأسطورة في إنتشال الواقع من الخارق إلى البسيط
ليرشدوا قارئ الرمل المضلل إلى أسرار نسيج البطولة المكونة من البسيط إلى البسيط ؟
كأن يُمتحَن رجل في رجولته،وأنثى في أنوثتها.كأن يكون للكرامة قوة الإختيار بين الدفاع عنها أو الإنتحار
وكأن لايرضى الفارس بإشتراط فروسيته الذاتية الخلاقية والجسدية بعودة عصر الفروسية الرسمية..وأن
يشق بنفسه وحيداً هذا الفضاء المتطاول فيصوب(تشديد وكسر الواو)مسارا لما فيه من غموض الحافز...
وكأن تشق حفنة من البشر عصا الطاعة على المألوف كي لا يتساوى هذا الشعب.التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 27-11-2011, 10:08.
اترك تعليق:
-
-
تعالوا نرى محمود درويش من جديد
"ذاكرة للنسيان"
الزمان:يوم من أيام آب
المكان:بيروت
طبعة تامؤسسة العربية للدراسان والنشر"مجد"
سنة النشر:1990
من المنام يخرج منامٌ آخر:هل أنت بخير،أعني هل أنت حي؟
كيف عرفتي أني كنت أضع رأسي على ركبتيك و أنام؟
لأنك أيقظتَني حين تحرَكْت في بطني أدركت أني تابوتك،هل أنت حي؟هل تسمعني جيداًََ؟
هل يحدث ذلك كثيراَ:أن يوقظني من المنام منام آخر هو تفسير المنام؟
ها هو يحدث لي ولك.....هل أنتَ حي؟
تقريباً
وهل أصابتك الشياطين بسوء؟
لاأعرف،ولكن في الوقت متسعاً للموت
لاتمُت تماماً
سأحاول
لا تمُت أبداً
سأحاول
قل لي:متى حدث ذلك؟أعني متى إلتقينا،متى إفترقنا
منذ ثلاثة عشر عاماً
_هل إلتقينا كثيرا؟.
مرتين:مرة تحت المطر ومرة تحت المطر،والمرة الثالثة لم نلتقِ،
سافرت ونسيتُكِ ،وقبل قليل تذكرت.تذكرت أني نسيتُكِ.كنت أحلم
وهذا مايحدث لي ،كنت أحلم...ولقد حصلت على رقم هاتفكِ من صديقة سويدية قابلتها في بيروت.أتمنى لك ليلة سعيدة.لا تنس ألا تموت مازلت اريدك.وعندما تحيا ثانية،اريدك أن تكلمني.يا للزمن...
ثلاثة عشر عاما.لا.لقدحدث ذلك الليلة.أتمنى لك ليلة سعيدة.
الساعة الثالثة.فجرٌ محمول على النار.كابوس يأتي من البحر.ديوك معدنية.دخان.حديد يُعِد وليمة حديد
فجر يندلع في الحواس كلها قبل أن يظهر.و هدير يطردني من السرير ويرميني في هذا الممر الضيق.ولا أريد شيئاً،
لا أتمنى شيئاً و لا أقدر على إدارة أعضائي في هذا الإضطراب الشامل
لا وقت للحيطة،ولاوقت للوقت،
لو اعرف فقط،لو أعرف كيف أُنظِم زحام هذا الموت المنصَب
لوأعرف كيف أُحرِر الصراخ المحتقن في جسدٍ لم يعد جسدي
من فرط ماحاول أن ينجو في تَتَبع فوضوي القذائف.كفى...كفى_همستُ لأعرف إن كان في وسعي أن أفعل شيئاً
يدلني عليَ.....ويشير إلى مكان الهاوية المفتوحة من جهات ست لا أستطيع أن أستسلم لهذا القدر المحتوم ولا أستطيع أن أقاومه.
حديد يعوي فينبح له حديد آخر.حمى الحديد هي نشيد هذا الفجر.
لو إستراح هذا الجحيم خمس دقائق.
وليكن من بعد ما هو بعد.خمس دقائق.
أكاد أقول خمس دقائق فقط أعِدُ خلالها عُدَتي الوحيدة ثم أتدبر موتي أو حياتي.
خمس دقائق هل تكفي؟نعم....تكفي لأتسرَب من هذا الممر الضيق المفتوح على غرفة النوم,المفتوح على غرفة المكتبة و
المفتوح على حمّام لا ماء فيه, والمفتوح على المطبخ
الذي أتحفز لدخوله منذ ساعة ولا أستطيع....لااستطيع أبداً
نمتُ قبل ساعتين،وضعتُ قِطعَتَي قطن في أذنَي،
ونمت بعدما إستمعت إلى نشرة الأخبار الأخيرة.لم تقل أني ميت.
معنى ذلك أني حي.تفقدت أعضاء جسمي فوجدتها كاملة:
عشر أصابع تحت وعشر أصابع فوق.
عينان.اذنان.أنف طويل.وأصبع في الوسط.وأما القلب فإنه لا يُرى
ولا أجد مايشير إليه سوى إحصاء أعضائي،
ومسدس مُلقى على أحد رفوف المكتبة..
مسدس أنيق،نظيف،لامع،وصغير الحجم،بلا رصاص
أهدوني مع المسدس علبة رصاص لا أعرف أين خبَأتُها منذ عامين خوفاً من حماقة،خوفا من رصاصة طائشة.
إذن أنا حي وبتعبير أدق:أنا موجود
لا أحد يستمع إلى الرجاء المرفوع من الدخان:أريد خمس دقائق،لأتمكن
من وضع هذا الفجر،أو حصتي منه على قدميه ومن التأهب للدخول في هذا اليوم المولود من عويل.هل نحن في آب؟نعم نحن في آب.
وتحولت الحرب إلى حصار.أبحث عن الراديو المتحول إلى يد ثالثة عما يحدث الساعة فلاأجد شاهداً ولا خبراً،فالراديو نائم.
لم أعد أتساءل متى يتوقف عواء البحر الفولاذي ،
أسكن على الطابق الثامن في بناية تغري أي صياد بالإصابة،فما بالك بأسطول بحري يحول البحر إلى أحد مصادر جهنم؟
واجهة البناية الشمالية كانت تمتع سكانها بمشهد ما لسقف البحر المتجعد،لأنها واجهة من زجاج،
والآن إنقلبت إلى عراء المصرع،لماذا سكنت هنا؟ما هذا السؤال الأحمق!فمنذ عشر سنين وأنا أسكن هنا ولا أشكو من فضيحة الزجاج
ولكن كيف اصل إلى المطبخ؟
أريد رائحة القهوة،
لاأريد غير رائحة القهوة.
ولاأريد من الأيام كلها غير رائحة القهوة،
رائحة القهوة لأتماسك،لأقف على قدميَ،
لأتحول من زاحف إلى كائن،
لأوقف حصتي من هذا الفجر على قدميها،لنمضي معاً أنا وهذا النهار إلى الشارع بحثا عن مكان آخر
كيف أذيع رائحة القهوة من خلاياي،وقذائف البحرتنقض على واجة المطبخ المطل على البحر لتنشر رائحة البارود ومذاق العدم؟
صرت أقيس المسافة الزمنية بين قذيفتين..ثانية واحدة ...ثانية واحدة أقصر من المسافة بين الشهيق والزفير،أقصر من المسافة بين دقتي قلب ...
ثانية واحدة لا تكفي لأن أقف أمام البوتغاز الملاصق لواجهة الزجاج المطلة على على البحر.....
ثانية واحدة لا تكفي لأن أصب الماء في الغلاية،
ثانية واحدة لاتكفي لأن أفتح زجاجة الماء،
ثانية واحدة لا تكفي لأن أصب الماء في الغلاية،
ثانية واحدة لاتكفي لإشعال عود الثقاب،ولكن ثانية واحدة تكفي لأن أحترق...
أقفلت مفتاح الراديو،لم أتساءل إن كان جدار الممر الضيق يقيني فعلا مطر الصواريخ،
ما يعنيني فعلا هوأن جدار يحجب الهواء المنصهر إلى معدن يصيب اللحم البشري بشكل مباشر أو يتشظى أو يخنق.
وفي وسع ستارة داكنة_في مثل هذه الحالات أن توفر غطاء الأمان الوهمي...
فالموت هو أن ترى الموت.
أريد رائحة القهوة...أريد خمس دقائق..
.أريد هدنة لمدة خمس دقائق من اجل القهوة.لم يعد لي مطلب شخصي غير إعداد فنجان القهوة.
بهذا الهوس حددتُ مهمتي وهدفي.
توثبَت(تشديد الثاء)حواسي كلها في نداء واحد واشرأبت(تشديد الباء)عطشى نحو غاية واحدة:القهوة
والقهوة،لمن أدمنها مثلي،هي مفتاح النهار.
والقهوة،لمن يعرفها مثلي،هي أن تصنعها بيديك،لاأن تأتيك على طبق.لأن حامل الطبق هو حامل الكلام.
والقهوةالأولى يفسدها الكلام لأنها عذراء الصباح الصامت.
الفجر...أعني فجري نقيض الكلام.ورائحة القهوة تتشرب الأصوات،ولو كانت تحية رقيقة مثل "صباح الخير"،وتفسد...
لذا،فإن القهوة هي هذا الصمت الصباحي،الباكر،المتأني،والوحيد الذي تقف فيه،وحدك،
مع ماء تختاره بكسل وعزلة،في سلام مبتكر مع النفس والأشياء،
وتسكبه على مهل وعلى مهل في إناء نحاسي صغير داكن وسري اللمعان،أصفر مائل إلى البني ،
ثم تضعه على نار خفيفة.....آه لو كانت نار الحطب.......
إبتعدْ عن النار الخفيفة،
لتطل على شارع ينهص للبحث عن خبزه منذ تورط القرد بالنزول عن الشجرة وبالسيرعلى قدمين،
شارع محمول على عربات الخضار والفواكه وأصوات الباعة المتميزة بركاكة المدائح وتحويل السلعة إلى نعت للسعر،
واستنشقْ هواء قادما من برودة الليل،ثم عُدْ إلى النار الخفيفة_آه لو كانت نار الحطب_
وراقِبْ بمودة وتؤدة علاقة العنصرين:
النار التي تتلون بالأخضر و الأزرق،والماء الذي يتجعد ويتنفس حبيبات صغيرة بيضاء تتحول إلى جلد ناعم،ثم
تكبر....تكبر على مهل لتنتفخ فقاعات تتسع وتتسع بوتيرة أسرع وتنكسر،
تنتفخ وتنكسر عطشى لإلتهام ملعقتين من السكر الخشن الذي ما إن يداخلها حتى تهدأ بعد فحيح شحيح،
لتعود بعد هنيهة إلى صراخ الدوائر المشرئبة إلى مادةأخرى هي البن(القهوة بالعامية) الصارخ،ديكا من الرائحة والذكورة الشرقية.........
أبعدْ الإناء عن النار الخفيفة لتجري حوار اليد الطاهرة من رائحة التبغ والحبر مع أولى إبداعاتها
مع إبداع أول سيحدد لك منذ هذه الهنيهة،مذاق نهارك وقوس حظك.
سيحدد لك إن كان عليك أن تعمل أم تتجنب العلاقة مع أحد طيلة هذا اليوم.
فإن ما سينتج عن هذه الحركة الأولى وعن إيقاعاتها وعما يحركها من عالم النوم الناهض من اليوم السابق،
وعما يكتشف من غموض نفسك سيكون هوية يومك الجديد........
لأن القهوة، فنجان القهوة الأول،هي مرآة اليد،
واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها
وهكذا فالقهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح.....والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار...
.................................................. .................................................. ......................................
ما زال الفجر الرصاصي يتقدم من جهة البحر على أصوات لم أعرفها من قبل.
البحر برمته محشو في قذائف طائشة.
البحر يبدل طبيعته البحرية ويتمعدن.أللموت كل هذه الأسماء؟
قلنا سنخرج،فلماذا ينصب هذا المطر الأحمر الرمادي على من سيخرج وعلى مَن سيبقى من بشر وشجر و حجر؟
قلنا:سنخرج،
قالوا:من البحر.
قلنا:من البحر.فلماذا يسلحون الموج والزبد بهذا المدافع ؟ألكي نعجل الخطى نحو البحر؟
عليهم أن يفكوا الحصار عن البحر أولا....
وعليهم ان يخلو الطريق الأخير لخيط دمنا الأخير..
ومادام الأمر كذك وهو كذلك..فلن أخرج.إذن سأعدُ القهوة....
صحت عصافير الجيران في السادسة صباحا.
تابعت تقاليد الغناء المحايد من وجدت نفسها وحيدة مع بدايات الضوء.
لمن نغني في زحام هذه الصواريخ؟تغني لتشفي طبيعتها من ليل سابق ،تغني لها لا لنا....
هل كنا نعرف ذلك فيما مضى؟لقد شقت الطيور فضاءها الخاص في دخان المدينة المحترقة.
كانت سهام الصوت المتعرجة تلتف على القنابل وتشير إلى أرض سالمة في الفضاء،
للقاتل أن يُقتل،للمقاتل أن يقاتل .وللعصفور أن يغني.......
ولكني أكف عن طلب الكناية ،أكف تماما عن التأويل...
لأن من طبيعة الحروب أن تحقر(تشديدوكسر القاف)الرموز،
وتعود بعلاقات البشر والمكان والعناصر والوقت إلى خاماتها الأولى،
لنفرح بماء يتدفق من ماسورة مكسورة على طريق،لأن الماء هنا يتقدم معجزة...........
مَن قال إن الماء لا لون له ولاطعم ولا رائحة؟للماء لون يتفتح في إنفتاح العطش..
للماء لون اصوات العصافير،الدوري بخاصة ،العصافير التي لاتكترث بهذه الحرب القادمة من البحرمادام فضاؤها سالما.
وللماء طعم الماء
ورائحة هي رائحة الهواء القادم بعد الظهيرة من حقل يتموج بسنابل القمح الممتلئة في إمتداد متقطع الضوء كبقع الضوء المخطوفة التي يتركها وراءه توتر(تشديد وضم التاء الثانية)جناح الدوري وهويطير طيرانا واطئا على حقل.........
ليس كل مايطير طائرة...
ولعل أسوأ الكلمات العربية هو أن الطائرة تأنيث الطائر...
الطيور تواصل غنائها وتثبت(تشديد وكسر الثاء)أصواتها وسط هدير المدافع البحرية.
ومن قال إن الماء لا طعم له ولا لون ولا رائحة..
ومن قال إن هذه الطائرة هي تأنيث الطائر؟
ولكن العصافير تصمت فجأة،تكف عن الكلام وعن التحليق الروتيني في هواء الفجرمنذ هبت عاصفة الحديد الطائر.
أمن هديرها الفولاذي سكتت،
أم من تشابه غير متعادل في الشكل والإسم:
جناحان من حديد وفضة في مقابل جناحين من ريش،
حيزوم من حديد وفضة في مقابل منقارمن نشيد...
حمولة من صورايخ مقابل حبة قمح وقشة،
توقفت العصافير عن الغناء،واكترثت بالحرب ،لأن أرض سمائها لم تعد سالمة.....التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 27-11-2011, 10:30.
اترك تعليق:
-
-
اللحية حطت وقارها
بين ايدين العسكر
بعد ما باعت بالرخيص
دم الربيع لاخضر
مزاد ياصبر الصبية
لوين تروحي
و حبي لك مقدر
كلاب بتسكر بهمك
وشيوخ بتمص دمك
و انت هناك ف الميدان
واقفة
و لا همك !
تتبسمي بحكمة
و تكملي الرحلة
و الوردة جوا عينك رشه الميدان قوة !
التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 27-11-2011, 09:04.
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 223316. الأعضاء 6 والزوار 223310.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 489,513, 25-04-2025 الساعة 07:10.
اترك تعليق: