سلام عليك أيتها الغالية
في هذا الجزء، تصورتُ المشهد بكل ما يحتويه من إحساس بالمرارة على ما أصاب القائد من جرح جعل دمه ينزف بشكل كبير، وهذا يدل على دقة الوصف والتصوير، وبذات الوقت زال القلق قليلاً عن سي الطاهر ويبدو أن الأجزاء القادمة حبلى بالمشاهد التي تحمل تفانياً كبيراً من الرجال الذين ذكرهم سي طاهر بـِ _ فيف لاكلاس _ وكأنه يذكرهم بالعهد المنقوش على أيديهم للاستمرار في المقاومة حتى النصر ..وبذلك تكونين أزحت الستار عن اللغز الذي بدا منذ البدء والسؤال الذي طرحته بشأن هذا المصطلح ..
يعطيك العافية وشكراً لقلمك الأغر
أخيراً
أرجو أن تتقبلي هذه الملاحظة : أرجو تصويب
مستلق ، لتصبح ( مستلقياً )
أحاطوا الحكيم ، ( أحاطوا بالحكيم )
الإثنتين ( الاثنتين )
دمت بألف خير وأعانك الله على تسطير ما بقي من أحداث هذه الرواية التي أخذتني معها إليكم حيث تونس الخضراء
وأعاننا الله على الانتظار
شكراً أيتها الكابتة البارعة
ولك المحبة حتى ترضي ... ناريمان
فيف لاكلاس/الواحد والثلاثون/ منيرة الفهري
تقليص
This topic has been answered.
X
X
-
يعيش الرفاق، رفاق السلاح...
فلا عاش في تونس من خانها *** ولا عاش من ليس من جندها
أتابع بشغف.
شكرا على المقاسمة الجميلة، الأديبة القديرة : أ. منيرة الفهري
اترك تعليق:
-
-
فيف لاكلاس
رواية في أجزاء
بقلم
منيرة الفهري
الجزء السابع عشر
وصل الشيخاوي و معه الطبيب و قد رُبط الحصان في شجرة على مقربة من مكمن الفلاقة، تقدم سي محمد علي و قلبه يخفق بشدة، فهو لم يسمع صوتا منذ أن ترجل هو و الشيخاوي عن الحصان. ماذا هناك يا ترى؟ ماذا لو حدث مكروه للحكيم لا قدر الله؟ تنحنح بوجمعة و هو يستقبل الطبيب و يشير له إلى مكان سي الطاهر الذي كان مستلقيا هناك في آخر المغارة. جرى الطبيب و انحنى على الحكيم ليفحصه أو على الأقل ليفهم ماذا حصل، فلم ير ذلك الرجل الهمام الذي روّع الجندرمة الفرنسيس في عديد المرات, لكنه رأى رجلا خائر القوى، غائر العينين لا يقوى على الحراك و هو ينزف بشدة. فتح سي محمد علي حقيبته و بدأ بتضميد جراح الحكيم و في قلبه وجع و خوف كبيران على هذا المريض الذي لم يكن فقط ممرض القرية الذي يزورها كل أسبوع, بل كان صديقه المقرب منذ أن انخرط معه في المقاومة و كان يتلقى منه التعليمات من حين لآخر فيطبقها بحذافيرها. لم ينتبه الطبيب إلى هذا الجمع الكبير من الرجال الذين أحاطوا بالحكيم و هم واجمون لا يتكلمون ينتظرون سير عملية الإنقاذ و هم يرتجفون خوفا على قائدهم الذي عرفوه جبلا لا تزعزعه الرياح. ماذا لو انهار هذا الجبل؟ كيف سيواصلون المقاومة من دونه؟
أشار الطبيب لـ(بوجمعة) أن يساعده في تحريك الحكيم, فهب الجميع يريدون المساعدة، نظر إليهم الطبيب و لسان حاله يقول، ما أروعكم يا رجال الجبل، تأكدوا أنني سأفعل ما بوسعي حتى ننقذ حبيبنا و قائدنا الحكيم.
مسك الشيخاوي رأس المريض ليسمح للطبيب أن يعطيه الدواء الذي أذيب في نصف كوب ماء. ثم حقنه في ذراعه و أخيرا أعطاه حبة الكينة العجيبة، هذا بعد أن ضمد جراح جنبه الأيسر.
جلس سي محمد علي على مقربة من المريض و قال مخاطبا الرجال: حالة الحكيم حرجة لأنه خسر الكثير من دمه، و قد فعلت كل ما أقدر عليه و على الله الشفاء بإذنه تعالى، و سأبقى معه الليلة، و ليوفقنا الله.
لم يعقب أحد على كلام الطبيب بل واصلوا الوجوم و الحزن باد على محيا كلٍّ منهم.
لا يعرف سي محمد علي كم بقي بجانب الحكيم لأنه غفا من تعبه، و عندما استيقظ سمع الحكيم يطلب ماء. لم يصدق أن مريضه يستطيع الكلام, فنظر حوله. الرجال على مقربة منهما يغطّون في نومهم, و بالفعل فقد تكلم سي الطاهر. اقترب منه الطبيب قائلا حمدا لله على سلامتك يا حكيم، سيعدّ لك أحد الرجال ماء دافئا مع نعناع لأن الماء البارد مضر في حالتك.
لم يستطع الحكيم الكلام مرة أخرى و غاب عن الوعي.
أيقظ الطبيب الرجال ليساعدوه و حقنه مرة أخرى و حاول إعطاءه جرعات ساخنة من "تيزانة" أعدّها بوجمعة. تنفس سي محمد علي الصعداء— فهذا مؤشر طيب لحالة المريض العزيز عليهم كلهم و أشار على الرجال أن يدثروه أكثر حتى يتعرق.
نظر إلى الحكيم و هو يتحرك ببطء و يحاول أن يقول شيئا مشيرا بيديه الاثنتين. اقترب منه، لكن سرعان ما فهم أنها محاولة من المريض أن ينهض فمسك يده و طمأنه أنه سينهض خلال يوم أو يومين و أن عليه الراحة الآن. كان الطبيب يمسك بيد الحكيم اليمنى و استرعى انتباهه هذا الوشم الذي يعرفه جيدا و قد كُتب على ظهر يده بالفرنسية
Vive la classe
و هي عبارة كانت تُستعمل من قبل الجنود عندما يقومون بمهمتهم على أكمل وجه.
و تذكر "معركة الجبل الضارية" و قبلها بسويعات كان الحكيم يجتمع بهم ليعطيهم التعليمات و كان هو بينهم. تذكر كيف صاح القائد الحكيم في وجه بعض الرجال:
مالكم أيها الرجال ، ألاحظ أن البعض لم يعد متحمسا كالعادة
تذكروا الوشم على أيدينا
فيف لاكلاس
و هذا الالتزام الذي التزمناه أمام الله و أمام الوطن بأن نتخلص من العدو الجاثم على صدورنا و كانت عبارة فيف لاكلاس كلمة السر بيننا حتى لا يستطيع أي أحد التسلل بيننا و يثنينا عن عزمنا.
و صاح فيهم بقوة
فيف لاكلاس
فردد الجميع بحماس شديد
فيف لاكلاس
فيف لاكلاس
تذكر الطبيب هذا و سرت رعشة في جسمه فأطبق قبضة كفه على يد الحكيم داعيا له بالشفاء العاجل، ثم أخذ مقياس الحرارة من حقيبته, فقد ارتفعت
حرارة الحكيم جدا.
يتبع
اترك تعليق:
-
-
الأستاذ الأديب المترجمالمشاركة الأصلية بواسطة عبد المجيد برزاني مشاهدة المشاركةفي انتظار الجزء السابع عشر ومفاجآته، يطيب لي جدا تسجيل إعجابي بهذا النفس الروائي الممتع الذي ينقل المتلقي إلى حقبة تاريخية يزخر بها تاريخ كل بلدان شمال إفريقيا، والذي يصور ارتباط الإنسان، أينما وجد، بأرضه والتضحيات التي يمكنها تقديمها فداء للأوطان.
تقديري الكبير لهذا الجهد الإبداعي الممتع .
عبد المجيد برزاني
شرف لي أن تنال روايتي كل هذا الإهتمام و إنها لشهادة منك تزين كل كتاباتي
فشكرااا من القلب لتشجيعك الكبير و الإعجاب أستاذي و أخي العزيز
اترك تعليق:
-
-
في انتظار الجزء السابع عشر ومفاجآته، يطيب لي جدا تسجيل إعجابي بهذا النفس الروائي الممتع الذي ينقل المتلقي إلى حقبة تاريخية يزخر بها تاريخ كل بلدان شمال إفريقيا، والذي يصور ارتباط الإنسان، أينما وجد، بأرضه والتضحيات التي يمكن تقديمها فداء للأوطان.
تقديري الكبير لهذا الجهد الإبداعي الممتع .
اترك تعليق:
-
-
أستاذتي الغالية الإعلامية القديرةالمشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركةسلام الله يغشاكم
وبعد تحية الصباح للجميع
في الجزء السادس عشر وكأنه بدأ العد التنازلي للاستشراف على نهاية هذا النضال الشريف والمستميت من أجل الوطن
بدأته بجملة ( الحكيم مجروح ) .. لكم أزعجتني هذه الجملة، حيث أن الحكيم منذ البدء وحتى سطور هذا الجزء وهو يمثل الجبل الذي يستند عليه الجميع في المستوصف وداخل البيت وفي الساحة التي يقارعون بها العدو، فهو الذي يرسم ويخطط وينفذ ويساعد، لذلك تأثرت لأنه أصيب وسال دمه، حدث مرّ الحكيم مجروح
تعني الأمن في خطر ، المستوصف في خطر ساحة الحرب مع العدو في خطر ... إنها تعني الكثير
بفارغ الصبر أنتظر البقية
سلم القلم عزيزتي وأعطاك ربي الصحة والعافية
ناريمان
ناريمان الشريف
و كممم أبكاني تعليقك هذا
الحكيم مجروح
سلاااامة الحكيم و سلامة الجميع
و شكرااا من القلب لجميل كلماتك الصادقة جداااا
عزيزتي الرائعة.
اترك تعليق:
-
-
أستاذنا الجليلالمشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركةفيف لاكلاس رواية في أجزاء بقلم منيرة الفهري الجزء السادس عشرحمل الشيخاوي و بوجمعة سي الطاهر و هو يتلوى ألما و ينزف، و أدخلاه مغارة الجبل بينما المعركة متواصلة في الخارج و الفلاقة يبلون البلاء الحسن. فقد أخطأ الجندرمة عندما ظنوا أن الفلاقة شرذمة من الرجال لا تنظيم لها و لا قواعد، فلم يتصوروا أنهم بهذه الكثافة و العدة.
’’الحكيم، الحكيم مجروح، تعال ( تعالى ) ننقله إلى الداخل،أسرع قبل أن يتفطنوا لنا.‘‘
هدأت المعركة في الساعات الأولى من الفجر بعد أن انسحب العدو متكبدا خسائر جسيمة في الأرواح و المعدات، بينما استشهد بعض الرجال من الفلاقة، من بينهم الهذيلي، هذا الشاب الشجاع الذي كانت له أدوار بطولية في المقاومة، استشهد مع رفاقه، و خيم على الجبل سكون و حزن لم يقو أيٌّ من الرجال على الكلام، و قد طأطأ الجميع رؤوسهم و الوجع يدمي قلوبهم!
’’ارفعوا رؤوسكم يا رجال‘‘، جلجل صوت أحدهم، ’’و استقبلوا الشهداء بالسعادة و الفرح، فليتنا كنّا مكانهم ورزقنا الله الشهادة‘‘.
رفع الجميع رؤوسهم و رأوا بوجمعة يشحذ الهمم و هو يذرف الدمع، حاملا بين يديه بندقية الهذيلي، هذه البندقية التي لم تفارق صاحبها من سنوات طويلة، لكنه تخلى عنها هذه المرة مرغما و فاز بدار الخلود.
’’ماذا نفعل يا رجال فالحكيم ينزف و قد خسر الكثير من دمه‘‘، صاح الشيخاوي! و امتطى جواده و تلثم و جرى نازلا من الجبل! ماذا تراه يفعل يا ترى؟ كيف يستطيع إنقاذ الحكيم؟ أ يحكي للسيدة غالية كل شيء و هي تتصرف؟ لكن ماذا عساها أن تفعل؟
تذكر الشيخاوي أن اليوم هو الثلاثاء موعد طبيب القرية، فبرقت في عينيه آمال كثيرة و تنفس الصعداء و واصل سيره.
أفاقت غالية من غيبوبتها بفضل عناية فاطمة التي كانت يقظة حين رأت خالتها تسقط أرضا. ارتاحت غالية قليلا ثم تذكرت المستوصف و موعد طبيب القرية، فتحاملت على نفسها و لبست مئزر زوجها و اتجهت نحو المستوصف. استوقفها عمي عمر بسعاله الصباحي فعادت أدراجها إلى المطبخ، و أعدت له الفطور و قدمته له تحت وابل من دعائه بالخير لها و للحكيم، متمنيا أن يعود سالما.
سعدت غالية بهذا الدعاء الذي تستبشر به في كل مرة و فتحت باب المستوصف و هي تفكر في ما ستقوله لسي محمد علي، طبيب القرية عن غياب زوجها هذه المرة أيضا.
من حسن الحظ أن المرضى كانوا كثيرين فلم يدقق سي محمد علي كثيرا في غياب سي الطاهر و انشغل باحتياجات المرضى و مشاكلهم،
أما غالية فكان قلبها يخفق في كل مرة يناديها الطبيب ليدعوها لتضميد جرح هذا و إعطاء حقنة لذاك أو حبة كينا لتلك.ربط الشيخاوي حصانه في مكان بعيد عن المستوصف و لما وصل حاول أن يخفي نفسه عن السيدة غالية حتى لا تسأله عن الحكيم. كما أخفى وجهه و اغتنم فرصة خروج غالية و دخل ليفحصه الطبيب الذي تفرس فيه مليا، فكشف الشيخاوي عن وجهه و قال للطبيب متلعثما: ’’سي محمد علي، الحكيم مجروح في الجبل وهو ينزف منذ ساعات‘‘!
تغير وجه الطبيب، و بسرعة أغلق باب غرفة الفحص و أجلس الشيخاوي أمامه يستوضح منه الأمر.
أخذ الطبيب حقيبته و أمر الشيخاوي أن يخرج و ينتظره على مشارف القرية ثم نادى غالية و أعلمها أنه على عجلة من أمره و عليه أن يخرج حالا.
لم تفهم غالية كثيرا و لكنها حمدت الله أن المرضى المتبقين لا يتجاوز عددهم الخمسة، و حمدت الله أكثر أن اليوم مضى على خير و أن الطبيب لم
يدقق كثيرا في أمر غياب سي الطاهر، ممرض القرية و حكيمها.
يتبع
=================================
تعليق تحليلي مختصر لعناصر الرواية
بالتوفيق والنجاح في جهدك الطيب في سرد أحداث رواية تحكي واقعا عربيا مشرفا في تونس الشقيقة
بأسلوب عربي رصين مع تكامل في عناصر القصّ المطلوبة من شخصيات أساسية وثانوية وتشابك في
تسلسل الرواية وعقدة محبوكة بدأت تضيء أمام القاريء المتابع وأوشك الحل أن يقترب ليضع بصمة التخيل
والنتائج أمام رؤية كل قاريء للرواية من وجهة نظره التي نبعت من اجتذاب أحداث الرواية وعناصر لقلبه
وعواطفه وخواطره الخاصة إن شاء الله .
محمد فهمي يوسف
خدمات رابطة محبي اللغة العربية
مدقق لغوي
محمد فهمي يوسف
سعيدة بهذه المتابعة القيمة المثرية
و شكرا لما تبذله في مجهود كبير في تصحيح الرواية
بارك الله فيك و بك .
اترك تعليق:
-
-
أستاذي الفاضلالمشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركةجاء هذا الجزء غنيا بالأحداث، والشخصيات، والتنقل بين الأماكن، وبالمفاجآت، كماجاء، رغم تسارع أحداثه وتوترها، متقنا ’’فنيا‘‘، سلس الانسياب.
يبدأ الجزء بخبر إصابة سي الطاهر، ثم يمنح مساحة أكبر نسبيا لاستشهاد ’’الهذيلي‘‘.وللحالتين أثرهما العاطفي القوي على الفلاقة، ما يؤكد قوة ترابطهم وعلاقاتهمببعض وأنهم يشكلون ’’أسرة‘‘ واحدة. ورغم جسامة خسارة الهذيلي، وإصابة الطاهرإلاّ أن الفلاقة سرعان ما استعادوا رشدهم وبدأ تفكيرهم العملي يسود. فطوبى للشهيدوللجريح من يداويه. هذا ما خرج به الشيخاوي كما خرج من أجله.
تيمة الأسرة تؤكدها انطلاقة الشيخاوي من الجبل وفي ذهنه ’’غالية‘‘ مع أنلا حول لها ولا قوة— ’’ما عساها أن تفعل‘‘، قالها في لحظة يأس ! ويتغير المشهدهنا ونرى أن غالية ’’تفعل‘‘ حقيقة: فقد استردت وعيها تحت عناية فاطمة. وقدمتلـ’’عمي عمر،، فطوره، وهيأت المستوصف لاستقبال المرضى واستقبال الشيخاوي نفسه.حين ذكر الشخاوي غالية، تذكر أن اليوم كان الثلاثاء: ’’موعد طبيب القرية، فبرقتفي عينيه آمال كثيرة و تنفس الصعداء و واصل سيره.‘‘. ربما القليل من القراء اهتم
بحيثيات هذه الآمال الكبرى التي علقها الشيخاوي على يوم الثلاثاء. وكلما حاولالقارىء تبريرها، لا يجدها تستقيم! فالقارىء، في أكثر من مناسبة، يعلم خشية غالية
أن يكتشف الطبيب أسباب غياب سي الطاهر. حتى اليوم كانت سعادة غالية لا توصفلأن السؤال عن سي الطاهر لم يأت لأسباب موضوعية: أهمها كثرة المرضى. فما شأنالشيخاوي ويوم الثلاثاء؟ لعله سيختطف الطبيب؟
تحول المشهد من أحداث المعركة، إلى الجبل ونهاية المعركة، إلى استعادة غالية
وعيها، ثم مسيرة الشخاوي حتى دخوله المستوصف متلثما على سي محمد علي. هذهسلسلة شريط سينمائي تتابعت سردا بوضوح ودون التباس، لتكشف لنا مدى تغلغل المقاومةفي طبقات الشعب التونسي. هنا نتذكر حضور ’’العكرمي‘‘ ليلا (ج 7) يطلب عون سيالطاهر لعلاج الشيخاوي الجريح، وكم كانت غالية تخشى أن يعرف الطبيب سبب غيابسي الطاهر.
واليوم لا زالت غالية لا تعلم عن كثير من أسرار المقاومة. فبعض الأسرار قاتل، وخير للمرء
أن يجهلها! ويا لقوة المفارقة مع خاتمة الجزء:
لم تفهم غالية [سبب خروج الطبيب] و لكنها حمدت الله أن المرضى المتبقين لا يتجاوز
عددهم الخمسة، و حمدت الله أكثر أن اليوم مضى على خير و أن الطبيب لم يدقق كثيرا
في أمر غياب سي الطاهر، ممرض القرية و حكيمها.
الهويمل أبو فهد
سعيدة و جداااا بهذا التحليل الذي سأعتمده بإذن الله في نشر الرواية ورقيا
كل التحية و الامتنان لهذه المتابعة المثرية المشجعة سيدي العزيز.
اترك تعليق:
-
-
فيف لاكلاس رواية في أجزاء بقلم منيرة الفهري الجزء السادس عشرحمل الشيخاوي و بوجمعة سي الطاهر و هو يتلوى ألما و ينزف، و أدخلاه مغارة الجبل بينما المعركة متواصلة في الخارج و الفلاقة يبلون البلاء الحسن. فقد أخطأ الجندرمة عندما ظنوا أن الفلاقة شرذمة من الرجال لا تنظيم لها و لا قواعد، فلم يتصوروا أنهم بهذه الكثافة و العدة.
’’الحكيم، الحكيم مجروح، تعال ( تعالى ) ننقله إلى الداخل،أسرع قبل أن يتفطنوا لنا.‘‘
هدأت المعركة في الساعات الأولى من الفجر بعد أن انسحب العدو متكبدا خسائر جسيمة في الأرواح و المعدات، بينما استشهد بعض الرجال من الفلاقة، من بينهم الهذيلي، هذا الشاب الشجاع الذي كانت له أدوار بطولية في المقاومة، استشهد مع رفاقه، و خيم على الجبل سكون و حزن لم يقو أيٌّ من الرجال على الكلام، و قد طأطأ الجميع رؤوسهم و الوجع يدمي قلوبهم!
’’ارفعوا رؤوسكم يا رجال‘‘، جلجل صوت أحدهم، ’’و استقبلوا الشهداء بالسعادة و الفرح، فليتنا كنّا مكانهم ورزقنا الله الشهادة‘‘.
رفع الجميع رؤوسهم و رأوا بوجمعة يشحذ الهمم و هو يذرف الدمع، حاملا بين يديه بندقية الهذيلي، هذه البندقية التي لم تفارق صاحبها من سنوات طويلة، لكنه تخلى عنها هذه المرة مرغما و فاز بدار الخلود.
’’ماذا نفعل يا رجال فالحكيم ينزف و قد خسر الكثير من دمه‘‘، صاح الشيخاوي! و امتطى جواده و تلثم و جرى نازلا من الجبل! ماذا تراه يفعل يا ترى؟ كيف يستطيع إنقاذ الحكيم؟ أ يحكي للسيدة غالية كل شيء و هي تتصرف؟ لكن ماذا عساها أن تفعل؟
تذكر الشيخاوي أن اليوم هو الثلاثاء موعد طبيب القرية، فبرقت في عينيه آمال كثيرة و تنفس الصعداء و واصل سيره.
أفاقت غالية من غيبوبتها بفضل عناية فاطمة التي كانت يقظة حين رأت خالتها تسقط أرضا. ارتاحت غالية قليلا ثم تذكرت المستوصف و موعد طبيب القرية، فتحاملت على نفسها و لبست مئزر زوجها و اتجهت نحو المستوصف. استوقفها عمي عمر بسعاله الصباحي فعادت أدراجها إلى المطبخ، و أعدت له الفطور و قدمته له تحت وابل من دعائه بالخير لها و للحكيم، متمنيا أن يعود سالما.
سعدت غالية بهذا الدعاء الذي تستبشر به في كل مرة و فتحت باب المستوصف و هي تفكر في ما ستقوله لسي محمد علي، طبيب القرية عن غياب زوجها هذه المرة أيضا.
من حسن الحظ أن المرضى كانوا كثيرين فلم يدقق سي محمد علي كثيرا في غياب سي الطاهر و انشغل باحتياجات المرضى و مشاكلهم،
أما غالية فكان قلبها يخفق في كل مرة يناديها الطبيب ليدعوها لتضميد جرح هذا و إعطاء حقنة لذاك أو حبة كينا لتلك.ربط الشيخاوي حصانه في مكان بعيد عن المستوصف و لما وصل حاول أن يخفي نفسه عن السيدة غالية حتى لا تسأله عن الحكيم. كما أخفى وجهه و اغتنم فرصة خروج غالية و دخل ليفحصه الطبيب الذي تفرس فيه مليا، فكشف الشيخاوي عن وجهه و قال للطبيب متلعثما: ’’سي محمد علي، الحكيم مجروح في الجبل وهو ينزف منذ ساعات‘‘!
تغير وجه الطبيب، و بسرعة أغلق باب غرفة الفحص و أجلس الشيخاوي أمامه يستوضح منه الأمر.
أخذ الطبيب حقيبته و أمر الشيخاوي أن يخرج و ينتظره على مشارف القرية ثم نادى غالية و أعلمها أنه على عجلة من أمره و عليه أن يخرج حالا.
لم تفهم غالية كثيرا و لكنها حمدت الله أن المرضى المتبقين لا يتجاوز عددهم الخمسة، و حمدت الله أكثر أن اليوم مضى على خير و أن الطبيب لم
يدقق كثيرا في أمر غياب سي الطاهر، ممرض القرية و حكيمها.
يتبع
=================================
تعليق تحليلي مختصر لعناصر الرواية
بالتوفيق والنجاح في جهدك الطيب في سرد أحداث رواية تحكي واقعا عربيا مشرفا في تونس الشقيقة
بأسلوب عربي رصين مع تكامل في عناصر القصّ المطلوبة من شخصيات أساسية وثانوية وتشابك في
تسلسل الرواية وعقدة محبوكة بدأت تضيء أمام القاريء المتابع وأوشك الحل أن يقترب ليضع بصمة التخيل
والنتائج أمام رؤية كل قاريء للرواية من وجهة نظره التي نبعت من اجتذاب أحداث الرواية وعناصر لقلبه
وعواطفه وخواطره الخاصة إن شاء الله .
محمد فهمي يوسف
خدمات رابطة محبي اللغة العربية
مدقق لغوي
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركةVive la classe
فيف لاكلاس
رواية في أجزاء
بقلم
منيرة الفهري
الجزء السادس عشر
’
’’الحكيم، الحكيم مجروح، تعال ننقله إلى الداخل،أسرع قبل أن يتفطنوا لنا.‘‘
حمل الشيخاوي و بوجمعة سي الطاهر و هو يتلوى ألما و ينزف، و أدخلاه مغارة الجبل بينما المعركة متواصلة في الخارج و الفلاقة يبلون البلاء الحسن. فقد أخطأ الجندرمة عندما ظنوا أن الفلاقة شرذمة من الرجال لا تنظيم لها و لا قواعد، فلم يتصوروا أنهم بهذه الكثافة و العدة.هدأت المعركة في الساعات الأولى من الفجر بعد أن انسحب العدو متكبدا خسائر جسيمة في الأرواح و المعدات، بينما استشهد بعض الرجال من الفلاقة، من بينهم الهذيلي، هذا الشاب الشجاع الذي كانت له أدوار بطولية في المقاومة، استشهد مع رفاقه، و خيم على الجبل سكون و حزن لم يقو أيٌّ من الرجال على الكلام، و قد طأطأ الجميع رؤوسهم و الوجع يدمي قلوبهم!’’ارفعوا رؤوسكم يا رجال‘‘، جلجل صوت أحدهم، ’’و استقبلوا الشهداء بالسعادة و الفرح، فليتنا كنّا مكانهم ورزقنا الله الشهادة‘‘.رفع الجميع رؤوسهم و رأوا بوجمعة يشحذ الهمم و هو يذرف الدمع، حاملا بين يديه بندقية الهذيلي، هذه البندقية التي لم تفارق صاحبها من سنوات طويلة، لكنه تخلى عنها هذه المرة مرغما و فاز بدار الخلود.
’’ماذا نفعل يا رجال فالحكيم ينزف و قد خسر الكثير من دمه‘‘، صاح الشيخاوي! و امتطى جواده و تلثم و جرى نازلا من الجبل! ماذا تراه يفعل يا ترى؟ كيف يستطيع إنقاذ الحكيم؟ أ يحكي للسيدة غالية كل شيء و هي تتصرف؟ لكن ماذا عساها أن تفعل؟
تذكر الشيخاوي أن اليوم هو الثلاثاء موعد طبيب القرية، فبرقت في عينيه آمال كثيرة و تنفس الصعداء و واصل سيره.
أفاقت غالية من غيبوبتها بفضل عناية فاطمة التي كانت يقظة حين رأت خالتها تسقط أرضا. ارتاحت غالية قليلا ثم تذكرت المستوصف و موعد طبيب القرية، فتحاملت على نفسها و لبست مئزر زوجها و اتجهت نحو المستوصف. استوقفها عمي عمر بسعاله الصباحي فعادت أدراجها إلى المطبخ، و أعدت له الفطور و قدمته له تحت وابل من دعائه بالخير لها و للحكيم، متمنيا أن يعود سالما..
سعدت غالية بهذا الدعاء الذي تستبشر به في كل مرة و فتحت باب المستوصف و هي تفكر في ما ستقوله لسي محمد علي، طبيب القرية عن غياب زوجها هذه المرة أيضا.
من حسن الحظ أن المرضى كانوا كثيرين فلم يدقق سي محمد علي كثيرا في غياب سي الطاهر و انشغل باحتياجات المرضى و مشاكلهم،
أما غالية فكان قلبها يخفق في كل مرة يناديها الطبيب ليدعوها لتضميد جرح هذا و إعطاء حقنة لذاك أو حبة كينا لتلك.
ربط الشيخاوي حصانه في مكان بعيد عن المستوصف و لما وصل حاول أن يخفي نفسه عن السيدة غالية حتى لا تسأله عن الحكيم. كما أخفى وجهه و اغتنم فرصة خروج غالية و دخل ليفحصه الطبيب الذي تفرس فيه مليا، فكشف الشيخاوي عن وجهه و قال للطبيب متلعثما: ’’سي محمد علي، الحكيم مجروح في الجبل وهو ينزف منذ ساعات‘‘!
تغير وجه الطبيب، و بسرعة أغلق باب غرفة الفحص و أجلس الشيخاوي أمامه يستوضح منه الأمر.
أخذ الطبيب حقيبته و أمر الشيخاوي أن يخرج و ينتظره على مشارف القرية ثم نادى غالية و أعلمها أنه على عجلة من أمره و عليه أن يخرج حالا.
لم تفهم غالية كثيرا و لكنها حمدت الله أن المرضى المتبقين لا يتجاوز عددهم الخمسة، و حمدت الله أكثر أن اليوم مضى على خير و أن الطبيب لم....
يدقق كثيرا في أمر غياب سي الطاهر، ممرض القرية و حكيمها.
يتبع
جاء هذا الجزء غنيا بالأحداث، والشخصيات، والتنقل بين الأماكن، وبالمفاجآت، كماجاء، رغم تسارع أحداثه وتوترها، متقنا ’’فنيا‘‘، سلس الانسياب.
يبدأ الجزء بخبر إصابة سي الطاهر، ثم يمنح مساحة أكبر نسبيا لاستشهاد ’’الهذيلي‘‘.وللحالتين أثرهما العاطفي القوي على الفلاقة، ما يؤكد قوة ترابطهم وعلاقاتهمببعض وأنهم يشكلون ’’أسرة‘‘ واحدة. ورغم جسامة خسارة الهذيلي، وإصابة الطاهرإلاّ أن الفلاقة سرعان ما استعادوا رشدهم وبدأ تفكيرهم العملي يسود. فطوبى للشهيدوللجريح من يداويه. هذا ما خرج به الشيخاوي كما خرج من أجله.
تيمة الأسرة تؤكدها انطلاقة الشيخاوي من الجبل وفي ذهنه ’’غالية‘‘ مع أنلا حول لها ولا قوة— ’’ما عساها أن تفعل‘‘، قالها في لحظة يأس ! ويتغير المشهدهنا ونرى أن غالية ’’تفعل‘‘ حقيقة: فقد استردت وعيها تحت عناية فاطمة. وقدمتلـ’’عمي عمر،، فطوره، وهيأت المستوصف لاستقبال المرضى واستقبال الشيخاوي نفسه.حين ذكر الشخاوي غالية، تذكر أن اليوم كان الثلاثاء: ’’موعد طبيب القرية، فبرقتفي عينيه آمال كثيرة و تنفس الصعداء و واصل سيره.‘‘. ربما القليل من القراء اهتم
بحيثيات هذه الآمال الكبرى التي علقها الشيخاوي على يوم الثلاثاء. وكلما حاولالقارىء تبريرها، لا يجدها تستقيم! فالقارىء، في أكثر من مناسبة، يعلم خشية غالية
أن يكتشف الطبيب أسباب غياب سي الطاهر. حتى اليوم كانت سعادة غالية لا توصفلأن السؤال عن سي الطاهر لم يأت لأسباب موضوعية: أهمها كثرة المرضى. فما شأنالشيخاوي ويوم الثلاثاء؟ لعله سيختطف الطبيب؟
تحول المشهد من أحداث المعركة، إلى الجبل ونهاية المعركة، إلى استعادة غالية
وعيها، ثم مسيرة الشخاوي حتى دخوله المستوصف متلثما على سي محمد علي. هذهسلسلة شريط سينمائي تتابعت سردا بوضوح ودون التباس، لتكشف لنا مدى تغلغل المقاومةفي طبقات الشعب التونسي. هنا نتذكر حضور ’’العكرمي‘‘ ليلا (ج 7) يطلب عون سيالطاهر لعلاج الشيخاوي الجريح، وكم كانت غالية تخشى أن يعرف الطبيب سبب غيابسي الطاهر.
واليوم لا زالت غالية لا تعلم عن كثير من أسرار المقاومة. فبعض الأسرار قاتل، وخير للمرء
أن يجهلها! ويا لقوة المفارقة مع خاتمة الجزء:
لم تفهم غالية [سبب خروج الطبيب] و لكنها حمدت الله أن المرضى المتبقين لا يتجاوز
عددهم الخمسة، و حمدت الله أكثر أن اليوم مضى على خير و أن الطبيب لم يدقق كثيرا
في أمر غياب سي الطاهر، ممرض القرية و حكيمها.
اترك تعليق:
-
-
أستاذي الفاضل م.سليمانالمشاركة الأصلية بواسطة م.سليمان مشاهدة المشاركةبين كتابة الأحداث الشخصية في السيرة الذاتية لرواية (ريتا) بالفرنسية إلى كتابة أحداث الوطن في هذه الرواية بالعربية : نضج مميز في نقل الوقائع بأسلوب مشوق للمطالعة ومثير للمتابعة.
تحليل قيم وفني ومناقشة من طرف الأستاذ الناقد الهويمل أبو فهد.
وقراءات وتعقيبات وملاحظات زادت النص توضيحا من طرف أساتذة مقتدرين في اللغة
أتابع بشغف.
مع كل الاحترام والتقدير، أ. الفاضلة منيرة الفهري.
أسعدتني و جداااا بهذه الاطلالة الجميلة
شكرااا لتعليقك المشجع
و سعيدة أكثر أن حرفي المتواضع استهواك فتابعته.
كل التحايا التي تليق
اترك تعليق:
-
-
سلام الله يغشاكم
وبعد تحية الصباح للجميع
في الجزء السادس عشر وكأنه بدأ العد التنازلي للاستشراف على نهاية هذا النضال الشريف والمستميت من أجل الوطن
بدأته بجملة ( الحكيم مجروح ) .. لكم أزعجتني هذه الجملة، حيث أن الحكيم منذ البدء وحتى سطور هذا الجزء وهو يمثل الجبل الذي يستند عليه الجميع في المستوصف وداخل البيت وفي الساحة التي يقارعون بها العدو، فهو الذي يرسم ويخطط وينفذ ويساعد، لذلك تأثرت لأنه أصيب وسال دمه، حدث مرّ الحكيم مجروح
تعني الأمن في خطر ، المستوصف في خطر ساحة الحرب مع العدو في خطر ... إنها تعني الكثير
بفارغ الصبر أنتظر البقية
سلم القلم عزيزتي وأعطاك ربي الصحة والعافية
ناريمان
اترك تعليق:
-
-
الأستاذ و الأخ العزيزالمشاركة الأصلية بواسطة المختار محمد الدرعي مشاهدة المشاركةنتمنى أن يصل الطبيب بسرعة للمغارة في الجبل أين يرقد الحكيم سي طاهر جريحا
فقرة مشوقة أكثر
نتابعك بشوق مبدعتنا المنيرة
المختار محمد الدرعي
شكراااا من القلب لهذه المتابعة المشجعة
تحياتي و كل الامتنان
اترك تعليق:
-
-
بين كتابة الأحداث الشخصية في السيرة الذاتية لرواية (ريتا) بالفرنسية إلى كتابة أحداث الوطن في هذه الرواية بالعربية : نضج مميز في نقل الوقائع بأسلوب مشوق للمطالعة ومثير للمتابعة.
تحليل قيم وفني ومناقشة من طرف الأستاذ الناقد الهويمل أبو فهد.
وقراءات وتعقيبات وملاحظات زادت النص توضيحا من طرف أساتذة مقتدرين في اللغة
أتابع بشغف.
مع كل الاحترام والتقدير، أ. الفاضلة منيرة الفهري.
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 6366. الأعضاء 1 والزوار 6365.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 1,072,363, 21-10-2025 الساعة 14:58.
اترك تعليق: