نعم ..
أستاذي الغالي ربيع عقب الباب..
كنت أفكر في نفس الأمر البارحة..
ما أروع أن تتّفق رؤيتي المتواضعة مع رؤيتك الصائبة دوما..في ما يخص القص..
سوف أفعل ..قريبا إن شاء الله .
علامات الترقيم لا أدري ربما لأني كتبت النص في ربع ساعة ..
و كنت متأثّرة بالبئر الراكدة تلك التي حرّكت على ركودها شيئا في داخلي.
مودّتي و احترامي أستاذ .
كن تلقائيا هنا .. قصة / قصيدة / خاطرة
تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
-
من يعيد لي أخي ؟
لا..أمي ..لن أصمت ..لن أدع البئر راكدة .
المياه الراكدة تتعفن و تنمو فوقها الطحالب الضارة ..سوف أرمي البئر بحجر , بحجرين أو عشرة ..لننتهي من هذا ..الآن ..اليوم ..ما عدت احتمل , تعلمين أني لست غاضبة من أجل نفسي , بل من أجلك , كيف يجرؤ على إيلامك ؟ قطع لسانه الذي جعل الدمع يفيض من عينيك الحبيبتين .. و تصرّين أنه أخونا الوحيد ؟ يا لقلبك ! يا لمعدنك ! من قتل الأخوّة هو أم نحن ؟ من هدّم الحب بمعول الأنانية و الظلم و التهوّر و الكراهية .. هو أم نحن ؟ الآن فهمت إحساسك يا يوسف يا صدّيق ! رهيب ظلم ذوي القربى ,..أشدّ إيلاما من الألم نفسه .. لا أفهم .. عقلي يكاد يختل , مالذي غيّرك علينا ؟ من شحن قلبك ضدّنا بكل هذا السمّ الذي أصبح يسيل من نظرتك و من كلامك ؟ أي ذنب اقترفنا يا بن أمي ؟ تريد حقّك ؟ من بخل عليك به ؟ تريد نصيبك مما ترك الوالد المسكين ؟ من حرمك منه ..خذ نصيبك , خذ أكثر من نصيبك و دع حمائم السلام تتهادى فوق سور الحديقة كما كانت دوما .
أحس بألمك أمي ,..هذا هو الإبن الذي حلمت به .. مع كل حمل كان يكبر الأمل , يتكوّر , يستدير , ينمو كما ينمو جنينك , ثم يتهاوى , بنت و بنت و بنت و رابعة و خامسة , و تغدقين علينا من حنانك , و تلفيننا في وشاح عطفك ..و تفخرين بنا " بناتي هن كل عمري , هن أخواتي و صديقاتي " و يتغامز النسوة , في العائلة , " تلك التي تلد الإناث .. " و يصلك الحديث , و تبتسمين و تنكّتين " أنا لا ألد سوى البنات , عليه هو أن يلد الذكور ّ ! " ..و لكني أعلم أنك كنت تتألّمين , تحلمين بالذكر , لم تزوري وليّا و لم تمارسي شعوذة و لم تحضري " وعدة " أو " زردة " كما كانت النسوة يفعلن ..و لكنك كنت تتمنين الولد .
و حمل سادس ..و خوف ينمو و أمل يتوزّع في قلبك كمانور الفجر... يبدأ المخاض .. تتوجّعين , تبكين , و تصلّين في قلبك أن يكون الولد , و تبتسم القابلة " ولد , يا أم البنات , مبروك " ..رأينا ضحكة أبي و رأينا فرحتك ..تهلّل البيت , جاء أخي , جاء حبيبي , جاء من سنشد به أزرنا و نشركه في أمرنا ..سنتربيه معك , سندلّله و نحمله و نحبّه , سنتنازل له عن نصيبنا من كل شيء ..من الكعك و الحلوى و من حبك أنت و أبي لو استلزم الأمر ..يكبر الأخ و يكبر الحب ..لازالت الجدران تحتفظ بصدى ضحكاتنا و لعبنا و شقاوتنا ..ثم فجأة يضيع أخي , و يقف مكانه شخص آخر , جاف النظرة , حاد الطبع , كلماته جمر وحواره صياح و صراخ ..
كانت كراهيته لنا تتناسل و تتكاثر و تظهر كالفطر..دون ان ندري لم و لا بسبب ماذا ..ثم يقرّر .."أ ريد بيع البيت ..أريد نصيبي من كل ما ترك أبي .." و ماذا ترك أبي ..هل نتقاسم مصحفه الشريف أيضا ؟ هل نقتسم شجرة التين العتيقة فيكون لك الأغصان و تكون لنا الجذور ؟ ماذا ترك أبي غير غصّة في قلب أمي يوم قال لها قبل أن يختم " اهتمي بنفسك .. " كان خائفا عليها ..كان يدرك أن ابنه الوحيد ليس على قدر المسؤولية , ما كان كذلك في حياته فهل سيكون في موته ؟
كم تحايلنا عليك أمي , كم ترجّيناك , تعالي معنا و اتركي له البيت , ستعيشين معززة مكرّمة , سنسكنك في أعيننا لو ضاق البيت و نطعمك من قلبنا لو شحّ الطعام و نسقيك من دمعنا لو أن الدمع يروي .. تطرقين , تتأمّلين الحيطان و النوافذ , تمسحين بعينيك على شجرة التين و شجرة المشمش , تحدّقين في السماء , " لن أترك هذا البيت إلا جثة هامدة ..هنا عمري , حياتي , بأحزانها و أفراحها , هنا تاريخي و ذكريات المرحوم ..لن تفهمن ." ..نعم .. لن نفهم , أو لعنا نفهم , لا أدري..وقفت دموعك الغالية سدا بيننا و بين كل فهم و كل علم و كل عقل ..
... " لو أنتن بناتي حقا , حبيباتي , لا تحقدن عليه , اطلبن له الهداية , ليس ذلك على الله بعزيز . "
ترفع الحبيبة كفيها , بالدعاء , و تسقط الدموع , نرفع أكفّنا بالدعاء مثلها , نحس تمزّق الدم في الشرايين ..ليس ماءً ما يجري في العروق , و لكننا نحسّ أيضا كأن الاخوّة تسقط في جب مظلم سحيق .
تحتاج بعض صنفرة و تليين لللغة ، و اللعب على الشجر و ربطه بالأم .. هنا سوف تعطيننا جمالا
لن أتحدث فى الموضوع كموضوع ، و لكن كقصة هنا فقط .. أظن وصلك ما أريد آسيا .. و أظنك
سوف تفعلين بأمر الله لتكن تلك قصتك القادمة .. أيضا علامات الترقيم ، لم اختلفت هنا ، و الكيبورد تشابه عليه الأمر ؟!
فى انتظار هذا الوجع الجميل إن جاز لنا القول !
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركةعاش قلمك آسية الغالية :
ذاك الذي كتب بأناملنا ، وأعيننا ، وبهسيس قلوبنا ..
لله درّك حين تكتبين عن مواجع ..نخالها منسيّة ..
ثم تهبّ رياح حروفٍ قويّة ، لتعرّيها من جديد ..
وكأنّها ما نامتْ، ولا استكانتْ ..
مساؤك سعيد عزيزتي ..
نعم..إيمان..
هي مواجع تعيش فينا ..
و حتى و لو نامت..يكفي هبوب وجع مشابه لكي تستفيق.
شكرا لك عزيزتي و تسلمي من كل وجع .
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركةمن يعيد لي أخي ؟
لا..أمي ..لن أصمت ..لن أدع البئر راكدة .
المياه الراكدة تتعفن و تنمو فوقها الطحالب الضارة ..سوف أرمي البئر بحجر , بحجرين أو عشرة ..لننتهي من هذا ..الآن ..اليوم ..ما عدت احتمل , تعلمين أني لست غاضبة من أجل نفسي , بل من أجلك , كيف يجرؤ على إيلامك ؟ قطع لسانه الذي جعل الدمع يفيض من عينيك الحبيبتين .. و تصرّين أنه أخونا الوحيد ؟ يا لقلبك ! يا لمعدنك ! من قتل الأخوّة هو أم نحن ؟ من هدّم الحب بمعول الأنانية و الظلم و التهوّر و الكراهية .. هو أم نحن ؟ الآن فهمت إحساسك يا يوسف يا صدّيق ! رهيب ظلم ذوي القربى ,..أشدّ إيلاما من الألم نفسه .. لا أفهم .. عقلي يكاد يختل , مالذي غيّرك علينا ؟ من شحن قلبك ضدّنا بكل هذا السمّ الذي أصبح يسيل من نظرتك و من كلامك ؟ أي ذنب اقترفنا يا بن أمي ؟ تريد حقّك ؟ من بخل عليك به ؟ تريد نصيبك مما ترك الوالد المسكين ؟ من حرمك منه ..خذ نصيبك , خذ أكثر من نصيبك و دع حمائم السلام تتهادى فوق سور الحديقة كما كانت دوما .
أحس بألمك أمي ,..هذا هو الإبن الذي حلمت به .. مع كل حمل كان يكبر الأمل , يتكوّر , يستدير , ينمو كما ينمو جنينك , ثم يتهاوى , بنت و بنت و بنت و رابعة و خامسة , و تغدقين علينا من حنانك , و تلفيننا في وشاح عطفك ..و تفخرين بنا " بناتي هن كل عمري , هن أخواتي و صديقاتي " و يتغامز النسوة , في العائلة , " تلك التي تلد الإناث .. " و يصلك الحديث , و تبتسمين و تنكّتين " أنا لا ألد سوى البنات , عليه هو أن يلد الذكور ّ ! " ..و لكني أعلم أنك كنت تتألّمين , تحلمين بالذكر , لم تزوري وليّا و لم تمارسي شعوذة و لم تحضري " وعدة " أو " زردة " كما كانت النسوة يفعلن ..و لكنك كنت تتمنين الولد .
و حمل سادس ..و خوف ينمو و أمل يتوزّع في قلبك كمانور الفجر... يبدأ المخاض .. تتوجّعين , تبكين , و تصلّين في قلبك أن يكون الولد , و تبتسم القابلة " ولد , يا أم البنات , مبروك " ..رأينا ضحكة أبي و رأينا فرحتك ..تهلّل البيت , جاء أخي , جاء حبيبي , جاء من سنشد به أزرنا و نشركه في أمرنا ..سنتربيه معك , سندلّله و نحمله و نحبّه , سنتنازل له عن نصيبنا من كل شيء ..من الكعك و الحلوى و من حبك أنت و أبي لو استلزم الأمر ..يكبر الأخ و يكبر الحب ..لازالت الجدران تحتفظ بصدى ضحكاتنا و لعبنا و شقاوتنا ..ثم فجأة يضيع أخي , و يقف مكانه شخص آخر , جاف النظرة , حاد الطبع , كلماته جمر وحواره صياح و صراخ ..
كانت كراهيته لنا تتناسل و تتكاثر و تظهر كالفطر..دون ان ندري لم و لا بسبب ماذا ..ثم يقرّر .."أ ريد بيع البيت ..أريد نصيبي من كل ما ترك أبي .." و ماذا ترك أبي ..هل نتقاسم مصحفه الشريف أيضا ؟ هل نقتسم شجرة التين العتيقة فيكون لك الأغصان و تكون لنا الجذور ؟ ماذا ترك أبي غير غصّة في قلب أمي يوم قال لها قبل أن يختم " اهتمي بنفسك .. " كان خائفا عليها ..كان يدرك أن ابنه الوحيد ليس على قدر المسؤولية , ما كان كذلك في حياته فهل سيكون في موته ؟
كم تحايلنا عليك أمي , كم ترجّيناك , تعالي معنا و اتركي له البيت , ستعيشين معززة مكرّمة , سنسكنك في أعيننا لو ضاق البيت و نطعمك من قلبنا لو شحّ الطعام و نسقيك من دمعنا لو أن الدمع يروي .. تطرقين , تتأمّلين الحيطان و النوافذ , تمسحين بعينيك على شجرة التين و شجرة المشمش , تحدّقين في السماء , " لن أترك هذا البيت إلا جثة هامدة ..هنا عمري , حياتي , بأحزانها و أفراحها , هنا تاريخي و ذكريات المرحوم ..لن تفهمن ." ..نعم .. لن نفهم , أو لعنا نفهم , لا أدري..وقفت دموعك الغالية سدا بيننا و بين كل فهم و كل علم و كل عقل ..
... " لو أنتن بناتي حقا , حبيباتي , لا تحقدن عليه , اطلبن له الهداية , ليس ذلك على الله بعزيز . "
ترفع الحبيبة كفيها , بالدعاء , و تسقط الدموع , نرفع أكفّنا بالدعاء مثلها , نحس تمزّق الدم في الشرايين ..ليس ماءً ما يجري في العروق , و لكننا نحسّ أيضا كأن الاخوّة تسقط في جب مظلم سحيق .
ذاك الذي كتب بأناملنا ، وأعيننا ، وبهسيس قلوبنا ..
لله درّك حين تكتبين عن مواجع ..نخالها منسيّة ..
ثم تهبّ رياح حروفٍ قويّة ، لتعرّيها من جديد ..
وكأنّها ما نامتْ، ولا استكانتْ ..
مساؤك سعيد عزيزتي ..
اترك تعليق:
-
-
ربنا يحفظلك أبناءك عزيزتي سحر..
و يعوّضك بهم كل خير.
تقبّلي مودّتي و تقديري .التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 20-07-2011, 20:04.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركةمعذرة أحبّتي..
ليست هذه صفحة أريد حلا !
و لكن نص الأستاذ ربيع حرّك حبرا راكدا فسال هنا .
أحبّكم .
الله يكسفهم من اخوة جاحدون
يبدوا ان هذا المتصفح سيفضح أوجاعنا
أتعلمين اخيتي عندما أقول يا قاتل يا مقتول مع امي اقصدها
امي مثل امك لكني لست مثلها
ربيت أبنائي عكس تربيتها لنا
هربت ابنائي في وريدي حتى لا يصابوا بداء الخال
لان من تعطه دون مقدار تصبح انفاسك إحتكار له
وهذا ما فعلته امك بدلالها له
اخيتي دعي امك فالمنبت عزيز لانها التينه وحيطان الذكريات وكل انفاس العزيز عليها سكنت في هذا المكان
لو خلعتها من منبتها سوف تموت ولو وضعتها في قصر
دعيها وسوف ترى من الله على اخوك العجب
فقط ربي ابنائك عكس امك
وربنا يمنحك الحب في ابنائك مثلما أرى ابنائي وبناتي كتله حب تشرق في سمائي
اترك تعليق:
-
-
دعيها آسيا راكدة
قتلني عفنها ، و ربما أتي على ما تبقى من عمر
دعيها أكرمك المولى !
اترك تعليق:
-
-
معذرة أحبّتي..
ليست هذه صفحة أريد حلا !
و لكن نص الأستاذ ربيع حرّك حبرا راكدا فسال هنا .
أحبّكم .
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركةلم تجرني صوب هذا الجرف .. ؟! لا .. لا أريد الخوض في محنة كهذه ، أما قلت لك سابقا ، ودائما .. مازلت تلح ، تتحرك ، و تكاد تقصم ظهري ، كلما شاهدت ما تشابه .. أرجوك ، دعنا بعيدا ؛ فالبئر ملأى بالكثير .. آه .. لا تريد التراجع ، لم صاحبي .. لم ؟!دع البئر راكدة !
لا سيدي و صديقي ، ما كنت يوسف ، ما كنت ، كنت أحمل عمرا فوق عمر .. أما يوسف ( عليه السلام ) فكان صبيا حدثا ، لم يقدم إساءة أو مكرمة .. آه .. و قدمت أنا ، قدمت على قدر ما تعبث بي عاطفتي المجنحة .. غريب أمري .. نعم .. و لكن ليس ذنبي ، ليس أنا ، و ربما أنا بكل خلجاتي المتعسرة أو ...!
نعم أتوا أباهم عشاء يبكون ، و لكن قبل .. قبل سيدي و صديقي ، فهاله أمرهم ، كانوا رجالا و نساء ، على نفس رجل واحد :" لا يا أبى .. سوف يستولى علينا ، لا توافق ".
رفع شاله ، و مسح وجهه ، وهو في عجب من أمرهم ، خاض في بحره : هذا أخوكم ، كبيركم ، ما أباح من سيركم إلا خيرا ، و رفقا ، ومجابهة لي .. فكيف الآن تخشون شوكته ، هو الطيب ، لا يمتلك سوى راتبه . كبر أولاده ، و سعوا هنا وهناك ، لكن حظهم ما كان أفضل من حظه . لم تخشونه ، وأنتم عيناه .. لم ؟!
يستدرك ، وهو يفتش دواخلهم : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ؛ فصبر جميل ....!".
فاضت عينه ، و تكتم شهقته ، ترك لهم المكان شاغرا دون رد ، كيف له صمود أمام فلذته ، أول من رأت العين ، و قبلت الشفاه ، وبه نودى وعرف بين الناس ، من شاركه مشوارا رهيبا ، وعافر معه موج فقره و بؤسه :" متى كان بخلي عليه ، بل كيف أمنع عنه ما هو بعض حق .. ؟!".
هتف الكبير مناديا جدته الأثيرة :" أين أنت ، أنا في حاجتك ، دبرينى .. هل هؤلاء أولادي ، نبتوا من بذرتي ، و في طينتى شبوا.. ردى على ؟!".
هرع صوب الزوج ، جذبها بقوة ، و هى تتهالك تحت وطأة المرض ، تكاد تسقط :" كيف دفعتهم إلى هذا .. قولي .. ما أمرهم اليوم ، لم يصرون على ذبح الولد ، من وسوس لهم بهذا .. من ؟!".
تعثر لسان الزوج ، عام في وحل الأصوات :" هم على حق ؛ ليبتعد ، كلهم له الولد ، و ليس لأحد فضل على أخيه ، كلهم واحد .. واحد ".
صرخ غيظا ، كاد يفتك بها :" إذن أنت من فعل .. أنت .. كيف أصدق ، أولادهم مازالوا صغارا .. صغارا ، و لا ندرى ما تأتى به الأيام !! ".
عاد صوتها شبه باك :" ما قلت شيئا ، كانوا يجمعون أمرهم ، و كنت شاهدة فقط ".
هتف بقسوة :" و لم سمحت لهم ..لم .. كان الأولى بسمعك ذهابا إلى غير رجعة ؟".
برهبة و قلة حيلة :" هم أولادك ، و المال مالك ، و أنت حر .. أبعدني عن هذا ".
ابتعدت زحفا ، و هو يتهالك جالسا ، لا سبيل له أمام ريحهم ، أحس بالعجز ، كانوا يلوحون بالغريب الذى سوف يكون ، أما ولده ، كبيرهم ، فربما أخل بما قاله ، أثقل عليه ، وبالتالي ضيق علي أبيه !
التفوا حول القادم ، ومكنوه من البيت ، على عيني ، و أنا بأنبوبة الغاز أقف أعلى السلم ، و بالكف الأخرى شرارة نار ، و قد قررت ألا يدخله حتى الكبير لو أراد ، و ليس الغريب ، لكنني بمجرد رؤية ولدى الأكبر أمامي ، انهار تماسكي ، و ذهبت قوتي أدراج الريح !
كان الغضب في عيني ولدى شلالا من نقمة حبيسة ، لن أسمح لها بالعبور ، سوف أدمر كل شيء ، لأجل ماذا .. لا لشيء ، لمكان قد أجده عند غريب أنا الآخر ، و لكن من أين ، و قوانين السادة زلزلت الدنيا تحت الأقدام ، ووجب أن يلم الولد ، يكون له البيت و الأسرة الخاصة ، و إلا أفلت زمامه ، و ضاع منى .
جرعت بحر ماء ، لتثقل حركتي ، تهبط أوردتي من التخمة ، و أضيق شرايين الغضب ، و بالفعل كنت أفترش الأرض ، بينما الكبير يقبل ، يصعد بأنفاس واهنة ، ثم يهجم على ، و يلفني بذراعيه باكيا :" حقك عندي .. حقك عندي .. دعها تمر .. دعها ، وأعدك ببناء شقة له .. أعدك ".
:" لو أملك ما مددت لك يدا .. أنت تعرف ، وهم يعرفون .. قل لى ، أنر طريقي ، الأولاد يضيعون منى ، من أولى بى .. تكلم يا أبى .. تكلم .. كنا معا لا نملك ثمنا لبلاطة أو قالب طوب ، و ما رأوا ، ما أحسوا بنا ، أتوا فى اليسر ، أتوا مرفهين ، لا يحسون بأحد ، ينتظرون إرثا وعفنا.. إرثا وعفنا ".
ما تمالكت نفسي ، بكيت ، ليس على المكان ، ولكن على أخوة يوسف، إخوتي وجعي ، بنين و بنات ، افتئاتهم ، اجتماع كلمتهم .. أمامي أنا ،أنا ..يالضيعتى ، يالضعيتى ،لا أصدق ، هل أنا أنا فعلا أخو هؤلاء ؟!
أرأيت إليما وصلنا صديقي و صاحبي ، أما قلت لك لا ، إلا هنا ، نعم جاءوا بوجوه صفراء يعتليها المكر ، وكل يزيح الأمر على الآخر ، كل يتهم الغائب ، دون محاسبة ، أو طلب تبرئة ، و أنا غير مصدق ، أحس أنى غير ، غريب ، كم كنت صديقا لهم ، أحبهم كما لم أحب نفسي وولدي ، أسبغ عليهم حبا و حنانا و سعة .. !
كانت السبع العجاف ، و كنت هنا مازلت أمد يدا ، و نهرا للجميع ، و أقيم بعض ما انكسر منها ليسمن و يقوى !
الكبير ينهار ، وأنا أرفعه ، أقبل يده ، بل قدمه :" لا أبى .. لا .. أرجوك ، أنت أعز و أكرم ".
وظللت بعيدا ، غريبا ، تأكل حسرة ما جنبي ، تبلغ بي حدود أسئلة ، لا تجد منطقا ليجيب إلحاحها ، لكنني أغالبها دوما ، وألقى بها بئري ، الذي دائما أبدا ما أطهره ، لكنهم أبدا ، كانوا بعيدين ، و إن درت رحاهم ، و نمت على البكاء عليهم ولهم ، كان دمى يهرب منى ، و يخذلني لتمزق كنت أسمع له صوتا في شراييني !من يعيد لي أخي ؟
لا..أمي ..لن أصمت ..لن أدع البئر راكدة .المياه الراكدة تتعفن و تنمو فوقها الطحالب الضارة ..سوف أرمي البئر بحجر , بحجرين أو عشرة ..لننتهي من هذا ..الآن ..اليوم ..ما عدت احتمل , تعلمين أني لست غاضبة من أجل نفسي , بل من أجلك , كيف يجرؤ على إيلامك ؟ قطع لسانه الذي جعل الدمع يفيض من عينيك الحبيبتين .. و تصرّين أنه أخونا الوحيد ؟ يا لقلبك ! يا لمعدنك ! من قتل الأخوّة هو أم نحن ؟ من هدّم الحب بمعول الأنانية و الظلم و التهوّر و الكراهية .. هو أم نحن ؟ الآن فهمت إحساسك يا يوسف يا صدّيق ! رهيب ظلم ذوي القربى ,..أشدّ إيلاما من الألم نفسه .. لا أفهم .. عقلي يكاد يختل , مالذي غيّرك علينا ؟ من شحن قلبك ضدّنا بكل هذا السمّ الذي أصبح يسيل من نظرتك و من كلامك ؟ أي ذنب اقترفنا يا بن أمي ؟ تريد حقّك ؟ من بخل عليك به ؟ تريد نصيبك مما ترك الوالد المسكين ؟ من حرمك منه ..خذ نصيبك , خذ أكثر من نصيبك و دع حمائم السلام تتهادى فوق سور الحديقة كما كانت دوما .أحس بألمك أمي ,..هذا هو الإبن الذي حلمت به .. مع كل حمل كان يكبر الأمل , يتكوّر , يستدير , ينمو كما ينمو جنينك , ثم يتهاوى , بنت و بنت و بنت و رابعة و خامسة , و تغدقين علينا من حنانك , و تلفيننا في وشاح عطفك ..و تفخرين بنا " بناتي هن كل عمري , هن أخواتي و صديقاتي " و يتغامز النسوة , في العائلة , " تلك التي تلد الإناث .. " و يصلك الحديث , و تبتسمين و تنكّتين " أنا لا ألد سوى البنات , عليه هو أن يلد الذكور ّ ! " ..و لكني أعلم أنك كنت تتألّمين , تحلمين بالذكر , لم تزوري وليّا و لم تمارسي شعوذة و لم تحضري " وعدة " أو " زردة " كما كانت النسوة يفعلن ..و لكنك كنت تتمنين الولد .و حمل سادس ..و خوف ينمو و أمل يتوزّع في قلبك كمانور الفجر... يبدأ المخاض .. تتوجّعين , تبكين , و تصلّين في قلبك أن يكون الولد , و تبتسم القابلة " ولد , يا أم البنات , مبروك " ..رأينا ضحكة أبي و رأينا فرحتك ..تهلّل البيت , جاء أخي , جاء حبيبي , جاء من سنشد به أزرنا و نشركه في أمرنا ..سنتربيه معك , سندلّله و نحمله و نحبّه , سنتنازل له عن نصيبنا من كل شيء ..من الكعك و الحلوى و من حبك أنت و أبي لو استلزم الأمر ..يكبر الأخ و يكبر الحب ..لازالت الجدران تحتفظ بصدى ضحكاتنا و لعبنا و شقاوتنا ..ثم فجأة يضيع أخي , و يقف مكانه شخص آخر , جاف النظرة , حاد الطبع , كلماته جمر وحواره صياح و صراخ ..
كانت كراهيته لنا تتناسل و تتكاثر و تظهر كالفطر..دون ان ندري لم و لا بسبب ماذا ..ثم يقرّر .."أ ريد بيع البيت ..أريد نصيبي من كل ما ترك أبي .." و ماذا ترك أبي ..هل نتقاسم مصحفه الشريف أيضا ؟ هل نقتسم شجرة التين العتيقة فيكون لك الأغصان و تكون لنا الجذور ؟ ماذا ترك أبي غير غصّة في قلب أمي يوم قال لها قبل أن يختم " اهتمي بنفسك .. " كان خائفا عليها ..كان يدرك أن ابنه الوحيد ليس على قدر المسؤولية , ما كان كذلك في حياته فهل سيكون في موته ؟كم تحايلنا عليك أمي , كم ترجّيناك , تعالي معنا و اتركي له البيت , ستعيشين معززة مكرّمة , سنسكنك في أعيننا لو ضاق البيت و نطعمك من قلبنا لو شحّ الطعام و نسقيك من دمعنا لو أن الدمع يروي .. تطرقين , تتأمّلين الحيطان و النوافذ , تمسحين بعينيك على شجرة التين و شجرة المشمش , تحدّقين في السماء , " لن أترك هذا البيت إلا جثة هامدة ..هنا عمري , حياتي , بأحزانها و أفراحها , هنا تاريخي و ذكريات المرحوم ..لن تفهمن ." ..نعم .. لن نفهم , أو لعنا نفهم , لا أدري..وقفت دموعك الغالية سدا بيننا و بين كل فهم و كل علم و كل عقل ..... " لو أنتن بناتي حقا , حبيباتي , لا تحقدن عليه , اطلبن له الهداية , ليس ذلك على الله بعزيز . "ترفع الحبيبة كفيها , بالدعاء , و تسقط الدموع , نرفع أكفّنا بالدعاء مثلها , نحس تمزّق الدم في الشرايين ..ليس ماءً ما يجري في العروق , و لكننا نحسّ أيضا كأن الاخوّة تسقط في جب مظلم سحيق .التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 20-07-2011, 17:19.
اترك تعليق:
-
-
كم احتاج الى بعض من سكينة
لكن الحجارة تنهار
لم تترك أنفاسي حفنة هواء
او عين تنتظر سرب أمل
لم أكن غير طين الأرض
بلونها الأحمر
عجنتة بدمي
لينبت الزعتر
زيتونة طريه
هربت الأنهار من حولها
شقت جذروها في الصخر
بحثت عن ماء السماء
لفت أغصانها تتلوي
تتكسر تجّبرها يد السماء
وأعشابا برية
تحمي لحما فقص عن بيضه
تغذيهم زيتونا وزعتر
هذا دمي يسفك
يحتوي الموت بلا كفن
اترك تعليق:
-
-
عند سجدة الفجر الأخيرة،
ستهجر من حنجرتي الروح
وأظل وحدي أبكي وفاتي من خلف النافذة
اترك تعليق:
-
-
أتري دمي يا شريك الموت
أما تراك مجددا تبكي
تستصرخ ثيابك تمنحك بعض سكينة
أو صمت يلف انهيارك بين الحجارة
و القلوب الصخرية
انظر برعم أسطورة أنا
هذا اللون ليس لوني
إنه بعض لونك فيّ
وطين الأرض يرشفه
يضاجع سره
فينبتني خيولا صاهلة
تجوب تواريخ القرى
تشظي النيازك
عصف الشجر
جنون الريح
تراتيل المآذن و الكنائس
السبيل ما بين هجسة للروح
و انطفاء العين أمام اللهب
إنه السر بين سرة الكون
ورحم الأرض
أتراك رأيت بعضا منه
و أنت ترى وردة حمراء على كتف النشيد
ضحكة تجوب أفق الموت
دون موت
تعانق كف الله كقطة ظامئة لدم جديد !!
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 223096. الأعضاء 6 والزوار 223090.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 489,513, 25-04-2025 الساعة 07:10.
اترك تعليق: