كن تلقائيا هنا .. قصة / قصيدة / خاطرة

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ربيع عقب الباب
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة سليم محمد غضبان مشاهدة المشاركة
    عودي يا حبيبتي عودي............و اذكري العِشرةَ و العهودِ
    اخرج سليم أخى من القافية
    اخلعها عنك تماما لتنفى عن القول صفة السجع الذى ما عاد يلائم كل الأذواق و تحدث دون توقف

    اترك تعليق:


  • سليم محمد غضبان
    رد
    عودي يا حبيبتي عودي............و اذكري العِشرةَ و العهودِ

    اترك تعليق:


  • إيمان الدرع
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة بيان محمد خير الدرع مشاهدة المشاركة
    نص باذخ بجماله مترف باكتماله .. أستاذتي الرائعة ..
    أما ما تفضل به أستاذي القدير ربيع عقب الباب .. فأنا أؤيده تماما .. فلقد أحسست أنه بات من المسلمات في مجتمعنا أن الرجل آلهة هبل أو بعل ولا يجوز المساس بقدره أبدا فهو منزه عن الأخطاء .. و عصي عن كل ما قد يدفع المرأة إلى الزلل صحيح أنا لا أبرر الخيانة هنا ! ولكنه قد يكون المساهم الأكبر في سقوطها في بئرها
    فإني نادرا ما قرأت سرد قصصي بصورة درامية ومأساوية عن خيانة رجل لإمرأة !
    هذا هو غسل العقول .. برمجونا هكذا ! الرجل معصوم .. المرأة يجب تحمل إسقاطات الخلل النفسي و البيئي للرجل ..
    أعذريني حبيبتي فهذا زمن الإنعتاق من الظلم و هذا برأي أقسى وأبشع أنواع الظلم .. إلا اللهم إذا الضحية أدمنت الجلاد
    ولكن بعيدا عن هذه الفكرة و نقيضها .. والله كنص أدبي من أجمل ما كتبت بلغته الفخمة و سرده حفظك الله يا عمري إنت ..
    هه أهكذا يابيان !!! تنحازين لأستاذ الأساتذة ربيع ...وتنسين أختك حبيبتك ..!!!!
    لا أستعجب الأمر حبيبتي ..
    منذ طفولتك تمتازين بهذه الرّوح المتمرّدة ،على نبذ كلّ الأسمال البالية ،التي استوطنت أعتاب قلوبنا ..
    وعشّشتْ كخيوط العنكبوت ،على دهاليز عقولنا ..
    وكم كانت تستفزّك عقلانيتي الهادئة أثناء نقاشاتنا ..فلا تقنعك ، برغم محبتك ، وتعلّقك بي ، لأبعد مدى ..
    أنا معك في كلّ ما أشرتِ إليه ، وخاصة عندما انطلقتْ صيحات الكرامة، والحريّة من معاقلها..وهبّت كا لمارد..
    ولكني أوضحت وجهتي نظري للأستاذ الغالي / ربيعنا / ..
    ترقّبي نصّاً جديداً ...في رؤيةٍ تحبينها ..وسوف يباركها أستاذنا ربيع ..بحول الله ..
    بانتظارك بيان ..أطلتِ الغيبة حبيبة قلبي ..تسلمي لي..أراكِ بخيرٍ

    اترك تعليق:


  • إيمان الدرع
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
    قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين


    هنا توقفت .. أمام تلك الكلمات التى صدرت عن الخائنة ، بعد أن افتضح أمرها ، و اقتص الزوج لنفسه دون الرجوع إلى قضاء ، لأن الأمر تم بحالة تلبس !!
    بداية كان المشهد قويا و متماسكا بشكل رائع و مدهش ، و جوانب الصورة لا تجد نقطة فارغة نستطيع أن نحرك فيها بعض الظلال ، فالجيران و الناس و قاطنو كل العمارة هنا
    يشهدون الجريمة و النهاية القاتمة !
    ثم تترك المؤلفة حبل الحديث للزوج المغدور بعد حضور ضابط المباحث أو الشرطة
    و لم تمر على لسانه كلمة فى حق نفسه ، تدينه هو ، و قد قال الأجداد حتى ولو لم يكونوا على حق .. البيت رجل .. و إن اختلفنا معهم !
    الخيانة لأجل الخيانة لم تظهر أو توضح الكاتبة أى أسباب تدين الرجل ، إطلاقا
    و رجل بكل هذه الحميمية لا يمكن أن يخطىء ، و كان العكس هو المطلوب من الكاتبة أن تنتصر لبنات جنسها ، أو تعطى قدرا من التبرير الدفاعى عن ملامح تلك الضحية .. إنها تقدمها كقاتلة خائنة و ليست ضحية !

    و حين مر ذاك السطر على لسانها ، اهتزت رأسي ، و نفضتها كثيرا
    و أنا أردد ، لماذا لم تحاول المزج بين اللونين ، و اقتنعت باللون الواحد ، فالحياة لا تستقيم ، و لا يرجى منها خيرا إلا إذا اكتملت قزح ألوانها !!

    ليس هذا أدعى إلى الحط من العمل ، إطلاقا ، فالعمل جيد جدا ، يتميز بلغة مدهشة ، لامست المجاز ، و كسرت حدة الدماء ، وروعة الموقف ، و لكن .. إن لم تنتصر المرأة لنفسها و بنات جنسها فمن ينتصر لهن ؟!
    لا أطلب الغاء الحقائق ، أو مسخ الواقع ، و لكن ما الفرق بين الصورة الفوتوغرافية و الفن
    ما حاجة الفن إن لم يقدم جديدا ، و يمنع أكثر ، بملامسة الوجدان و كشف و تعرية الحقيقة الكامنة خلف المشهد !!


    شكرا لك أستاذة إيمان على إضافتك لهذه الصفحة التى سوف ترقص الليلة بلا توقف
    لزيارتك المهمة و كلماتك عالية الجودة و الدهشة !!
    أستاذي القدير ربيع :
    أشكرك أوّلاً على حسن ثقتك بما أكتب ..
    فتوصيفك للأسلوب ، وللغّة ،أراحني قليلاً ..كناتجٍ تقويميّ بعد إنهاء العمل ..
    أمّا بالنسبة لرؤيتك، حول معالجة موضوع الخيانة ..
    فلقد جعلتني أعيد برمجة بعض الرؤى التي سكنتْ ذاكرتي منذ الأزل ..
    بتحميل المرأة ، فيما لا تطيقه من أوزارٍ ، وضغوطٍ نفسيّة ، بشكلٍ مطلقٍ ..
    رغم محاولتي الخروج من هذا الإطار في نصّ سابقٍ / هل تغفر الرّوح / إذا تذكّرته أستاذي
    فلقد تطرّقت من خلاله إلى ما أشرتَ إليه ، إيضاحاً ،وبعداً ، وتركيزاً على الجانب النفسيّ في الموضوع..
    وتحميل الرجل الجانب الأكبر من المسؤوليّة فيما آل إليه خراب داره ..من خلال سفره الطويل، وبحثه عن المال
    لستُ أدري ربيعنا ،لمَ حاولت هنا أن أظهر أنّ بعض الخيانات لايوجد ما يبرّرها،إلاّ الطّبع نفسه والاستعداد..
    فعلى الجانب الحياتيّ توجد أيضاً بعض هذه النماذجَ وبأساليب مختلفة ، وبحالات أخرى أيضاً ، وعلى درجات..
    حين تقدّم الحبّ والخير ، والعطاء ...ولا ينالك أحياناً إلاّ الجحود ، والغدر من أشخاص كنت تعتبرهم الأقرب إليك، وبلا مبرّر
    الأمر نسبيّ ..أستاذي ...وكما قلتَ لا يوجد اللون الأوحد ..
    ونصيحتك سوف أضعها في عيني ، وأغلق عليها جفني ..لأنها من قامةٍ لا تنثر إلاّ درراً ، وخيراً..
    أرأيت كم نحتاجك يا سيّد الكلمات !!!! لا حرمناك أبداً ..
    ومع أطيب أمنياتي ...إليك تحيّاتي ..

    اترك تعليق:


  • إيمان الدرع
    رد
    [quote=مالكة حبرشيد;677418]
    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
    يا....ثوبها ..




    تجمّع قاطنو العمارة ، عند الثّانية فجراً ، على صرخةٍ ، أرعدتْ السّكون .
    و على ساقيةٍ حمراءَ متفجّرة ، من جسدٍ فيه بقايا حمحمةٍ تتشبّث بالنبض ، تيبّستْ أقدامهم .
    النساء يلطمن وجوههنّ ، يعركن جفوناً منتفخةً ، لنومٍ استبيح على عجلٍ ،والرّجال يدفعون بهنّ خارج الدار، لفظاعة المنظر ، محاولين إنهاء المشهد ، ببعض تعقّلٍ ، يفضي لحلٍّ لا بدّ أن يكون سريعاً .
    يداه تضمّانها بعنفٍ إلى جسده المحموم انتفاضاً ، وقد أسند ظهره إلى الجدار ، ينزلها برفقٍ على منكبيه ، يمسّد شعرها وخصلاته الناعمة التي ترشح باللّون الأحمر .
    كان شريط العمر يدور ...يدور ..ثمّ يحطّ فوق أجفانه ، كسياطٍ عفاريتيّةٍ تتداخل أصواتها ، حتى استحكمتْ على حواسه ،
    فما عاد يرى ، أو يسمع من حوله .
    تعمّد أن يرفع ذراعها التي فقدتْ النبض ، حول عنقه ،دافناً وجهه في صدرها البضّ ، يبلّلها بدموعٍ أمطرها على نهديها ،
    اللذين تبدّيا من خلف ثوب نومها الشفّاف ، كحمامتين ، استراحتا للتوّ من الخفق ..والاضطراب.
    لماذا يا نجوى ..؟؟ لماذا خنتني ..؟؟؟
    طعنتني يا نجوى ألف مرّةٍ برماح الشكّ ، وأنا ألقم قروحي بعض عزاءٍ ، وتبريرٍ ، وحماقةٍ ، واستعماء .
    أحاول أن أستعير أذنَي أصمّ ، ولسان أبكمٍ ، كي لا تتشكّل الصّورة القاطعة للخيانة ،أكذّب ظنوني، ألعن ذاتي معاتباً،
    أهزّ رأسي المصّدع ، وأنا أُرغم الصّدق على قبول ما تدفعينه من حججٍ واهيةٍ ، تجلجلها دموعك السّخيّة ، وصوتك الذي أعشقه ، حدّ الضعف ، حين يشهق برنّةٍ تذبحني انكساراً ، وحناناً .
    تنبّه إلى ساقيها البيضاوتين ، وقد استراحتا في سكون الموت ، ردّ عليها أطراف ثوبها ، اشتعلتْ أصابعه ذهولاً :
    ياااااااااه وترتدين قميص النوم ذاته ؟؟؟ !! ذاك الذي أهديته لك عشيّة عيد ميلادك ..؟؟!!
    كم افتتنتُ بك وأنت ترقصين به حولي كفراشةٍ بروح جنّيّة ؟؟ فأسكرتني ، وغيّبتني ، ثمّ بومضةٍ ، أرجعتني إلى كوكبي الأرضيّ .!!!
    كم تبدّتْ لي ثمارك الشّهيّة التي تخاتل كلّ مساحات كنوزك الأسطوريّة ، وهي تناديني بقطافك حبّةً ..حبّة ، حدّ الثمالة.!!
    هل أذقتهِ ذات الثمار ؟ هل شمّ فيك نفس الرّحيق الذي يكويني بعذوبته ؟ فيحرق كلّ خلاياي ؟؟
    احكي لي عن همساتك له ، هل نفثتِ على مسامعه سحر أنفاسك وهي تتلوّن ، تعلو ، وتهبط ، تدنو ، وتبعد ؟؟
    آااااه يا ثوبها الغجريّ ،الذي اعتصر فيك زهر الرّمان لونه، كيف اجترأتَ أن تنزاح عن جسدها بيدٍ غريبةٍ ، غير التي وضعتك في علبةٍ أنيقةٍ ، فضضتُ أشرطتها قرب حبيبتي ، وقد أودعت فيك كلّ أسراري ، هيامي ، رجولتي ، وجنوني ؟
    انفلتتْ إلى وعيه بعض همهماتٍ وأصواتٍ :
    ـ ها هو يا سيّدي قاتل زوجته ، إنّه في الداخل ، في غرفة النوم .
    امتلأت الصّالة عن آخرها برؤوسٍ ذات أشكالٍ متعدّدةٍ ،وعيون مرتعدةٍ ،فضوليّةٍ ، وأفواهٍ كالبنادق، تستعدّ لتخزين الرصاص ، حتى يلعلع في الخارج كسبقٍ صحفيّ مدفوع الثمن، وقلوبٍ لها نشيج ..لا تخلو من الرحمة والشفقة ممّا ترى
    الضابط يطلب الهدوء ، ويشير إلى عناصره بإخلاء الغرفة ، و بخطواتٍ ثابتةٍ ، يتّجه صوب جسدين ميتين ،
    الأوّل فيهما ، تتحشرج في صدره بعض أنفاسٍ أثقل من النّزع .
    الأصابع التي نقرتْ على كتفه ، نبّهته إلى ضرورةٍ لا بدّ منها : تسليم نفسه ..
    وبين الرّضا، والرّغبة في احتضان نصل السّيف ، قبل أن يُقتلع من جسده ، فتنبجس الدّماء ..
    حملها بين ذراعيه ، فتهاوتْ أطرافها الخامدة ، والتصقتْ بخدّه خصلات شعرها ، كأنّها تلثم معتذرةً أديم خدّه المصفرّ إنهاكاً .
    مدّدها على السّرير ، ثمّ ألقى عليها بملاءةٍ نظيفةٍ ، استخرجها من الخزانة على عجلٍ ، موارياً وجهه عن ملاءةٍ أخرى ،
    معجونة بالفضيحة ، والذلّ ، والعار ، ورائحة الخيانة .
    سأله الضابط : هل تعرف يا عماد من كان عشيقها ؟؟
    وبذهولٍ تمتم : كنت لا أرى إلاّ شجرة داري ، التي غدرتْ بي وقدّمتْ ثمارها بطواعيةٍ ليدٍ غريبةٍ ، أمّا هو فقد هرب كفأرٍ من أحد الشّقوق قبل أن أرتدّ إليه ، أترين كم يحبكّ يا نجوى هذا النذل ، تركك وحدك تدفعين الثمن ، ونجا بجلده !!!
    لعلّك تذكرين الآن ، كيف كنتُ أقضي اللّيل يأكلني القلق ، والترقّب ، وأنا أجثو قربك ، على حافّة السّرير ، أدثّرك بكلّي ، إن ألمّ بك صداعٌ عارضٌ ، أقرأ فوق جبينك تعاويذ الشّفاء ، ولا أنام حتى تصحو عيناك ، فأحمد الله ، ثمّ أغفو على طيف ابتسامتك.
    ـ هيّا يا عماد ..سترافقنا الآن ، كان الأجدر بك لو أحلتَ الأمر للقضاء ، بعد أن تثبت الحالة ، متلبّسة أصولاً .
    ـ وهل سيتغيّر يا سيّدي وجه الموت ، إن تعدّدتْ أسبابه ، كانت كلّ حياتي ، وارتكبتْ جرم قتلي قبل أن .....
    خبّأ ملامحه عن العيون التي تحاصره ، لمّا اصطدم بصره بدرفتي الخزانة المفتوحتين ، فاشتعلتْ في رأسه الذكرى وهو يقلّب بنظره أرجاء غرفة النوم ، عندما حطّتْ في متجره مع أمّها تنتوي شراء أريكةٍ لغرفة المعيشة ، فدكّتْ حصونه برقّتها ، ودلالها ، وجمالها الهادئ الذي ينسلّ متغلغلاّ في الأعطاف ..كما النسيم .
    تذكّر حين عدلتْ عن الفكرة لضعف الحال ، وكيف انثنتْ يدها بخجلٍ إلى حقيبتها ، تعيد المبلغ الزّهيد الذي لا يصلح لشراء ما حلمتْ باقتنائه .
    وكيف كان للقدر كلمته ، لمّا جعلتْ الأيّام من كوكبها مساراً لنجوم عمره ، وقد وهبها كلّ نبضه ، وبساتين عشقه .
    يحسّ الآن بطعم قبلاتها على وجنتيه ، وهي تقرّب وجهه من خدّيها، بأصابعها النديّة ، فرحاً ، تتجوّل مشدوهةً بين أرجاء المنزل الذي ستزفّ إليه ، وكيف تبخترت في غرفة النوم الأسطوريّة، كسلطانةٍ ذات صولجان ، وعزّ .
    يا الله ..حتى الغرفة التي صنعتها بنبضي ، خانتني هي الأخرى ، رضيت بالسكوت ، وقنعتْ باستباحتها ..؟؟!!
    هكذا همس لنفسه وهو يغلق بابَي الخزانة ، عن مهرجان فساتين تدلّتْ بألوان صاخبة ، فقدتْ صلاحيّة بهجتها ، وإثارتها.
    شيّعها بنظره ، مرّر يده على جسدها ، أحسّ بوخز الندم ينضح من خلاياها المائتة ، لمح وميضه في عينيها جيّداً قبل أن تغلقهما للأبد حين قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين
    وصل إلى الصّالة ، ثمّ عاد إليها ، وبأصابعه الواهنة ارتجفتْ قبضته ، وهو يستجمع قبل الوداع الأخير ، أطياف لون ثوبها ، في علبةٍ ، تقطر دمعاً بلون زهر الرّمان .[/quote




    للخيانة اوجه متعددة ....أصوات مختلفة ....تجليات ملونة
    لكنها تبقى كلها أوجه عملة واحدة ....تسقي المرارة بدم بارد
    اما الغدر فلونه واحد ....كيفما كان ....حيثما كان
    ومهما كان من صدر عنه
    الفرق فقط في قوة الطعنة ....اذ تكون قاتلة عندما تصدر عمن
    نعتبره قريبا ....بل حبيبا ...
    الصدق يمشي ...والغدر يمشي
    طريق الاول طويلة ومتعبة
    لكن ثمارها ....طيبة طازجة
    طريق الثاني ...قصيرة مختزلة
    لكن كلها ظلام ....
    لا يستطيع العيش طويلا في الظلمة
    الا الخفافيش و الديدان
    اما البشر والاشياء ....فيعلوها الصدا بسرعة
    تفقد لون الحياة .....قبل حتى ان يتحرك الانتقام

    بحق ...ابدعت أستاذة ايمان
    كان التصوير دقيقا
    لدرجة خلتني امام شاشة التلفاز
    مالكة :
    اسم أحببته ، وهو يرفّ، كطيفٍ حالمٍ ، بين ثنايا السطور..
    تنثرين الشعر بألوانٍ مائيّةٍ ، عذبة البوح ،قويّة الشجن .
    يذكرني برقصة غجريّة ‘ على إيقاع فلامنكو ، قرب بحيرة هادئة..
    أشكرك حبيبتي على رأيك عميق الرؤيا ..وعلى تفاعلك الجميل
    ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي..

    اترك تعليق:


  • بيان محمد خير الدرع
    رد
    نص باذخ بجماله مترف باكتماله .. أستاذتي الرائعة ..
    أما ما تفضل به أستاذي القدير ربيع عقب الباب .. فأنا أؤيده تماما .. فلقد أحسست أنه بات من المسلمات في مجتمعنا أن الرجل آلهة هبل أو بعل ولا يجوز المساس بقدره أبدا فهو منزه عن الأخطاء .. و عصي عن كل ما قد يدفع المرأة إلى الزلل صحيح أنا لا أبرر الخيانة هنا ! ولكنه قد يكون المساهم الأكبر في سقوطها في بئرها
    فإني نادرا ما قرأت سرد قصصي بصورة درامية ومأساوية عن خيانة رجل لإمرأة !
    هذا هو غسل العقول .. برمجونا هكذا ! الرجل معصوم .. المرأة يجب تحمل إسقاطات الخلل النفسي و البيئي للرجل ..
    أعذريني حبيبتي فهذا زمن الإنعتاق من الظلم و هذا برأي أقسى وأبشع أنواع الظلم .. إلا اللهم إذا الضحية أدمنت الجلاد
    ولكن بعيدا عن هذه الفكرة و نقيضها .. والله كنص أدبي من أجمل ما كتبت بلغته الفخمة و سرده حفظك الله يا عمري إنت ..
    التعديل الأخير تم بواسطة بيان محمد خير الدرع; الساعة 11-06-2011, 06:12.

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
    يا....ثوبها ..






    تجمّع قاطنو العمارة ، عند الثّانية فجراً ، على صرخةٍ ، أرعدتْ السّكون .
    و على ساقيةٍ حمراءَ متفجّرة ، من جسدٍ فيه بقايا حمحمةٍ تتشبّث بالنبض ، تيبّستْ أقدامهم .
    النساء يلطمن وجوههنّ ، يعركن جفوناً منتفخةً ، لنومٍ استبيح على عجلٍ ،والرّجال يدفعون بهنّ خارج الدار، لفظاعة المنظر ، محاولين إنهاء المشهد ، ببعض تعقّلٍ ، يفضي لحلٍّ لا بدّ أن يكون سريعاً .
    يداه تضمّانها بعنفٍ إلى جسده المحموم انتفاضاً ، وقد أسند ظهره إلى الجدار ، ينزلها برفقٍ على منكبيه ، يمسّد شعرها وخصلاته الناعمة التي ترشح باللّون الأحمر .
    كان شريط العمر يدور ...يدور ..ثمّ يحطّ فوق أجفانه ، كسياطٍ عفاريتيّةٍ تتداخل أصواتها ، حتى استحكمتْ على حواسه ،
    فما عاد يرى ، أو يسمع من حوله .
    تعمّد أن يرفع ذراعها التي فقدتْ النبض ، حول عنقه ،دافناً وجهه في صدرها البضّ ، يبلّلها بدموعٍ أمطرها على نهديها ،
    اللذين تبدّيا من خلف ثوب نومها الشفّاف ، كحمامتين ، استراحتا للتوّ من الخفق ..والاضطراب.
    لماذا يا نجوى ..؟؟ لماذا خنتني ..؟؟؟
    طعنتني يا نجوى ألف مرّةٍ برماح الشكّ ، وأنا ألقم قروحي بعض عزاءٍ ، وتبريرٍ ، وحماقةٍ ، واستعماء .
    أحاول أن أستعير أذنَي أصمّ ، ولسان أبكمٍ ، كي لا تتشكّل الصّورة القاطعة للخيانة ،أكذّب ظنوني، ألعن ذاتي معاتباً،
    أهزّ رأسي المصّدع ، وأنا أُرغم الصّدق على قبول ما تدفعينه من حججٍ واهيةٍ ، تجلجلها دموعك السّخيّة ، وصوتك الذي أعشقه ، حدّ الضعف ، حين يشهق برنّةٍ تذبحني انكساراً ، وحناناً .
    تنبّه إلى ساقيها البيضاوتين ، وقد استراحتا في سكون الموت ، ردّ عليها أطراف ثوبها ، اشتعلتْ أصابعه ذهولاً :
    ياااااااااه وترتدين قميص النوم ذاته ؟؟؟ !! ذاك الذي أهديته لك عشيّة عيد ميلادك ..؟؟!!
    كم افتتنتُ بك وأنت ترقصين به حولي كفراشةٍ بروح جنّيّة ؟؟ فأسكرتني ، وغيّبتني ، ثمّ بومضةٍ ، أرجعتني إلى كوكبي الأرضيّ .!!!
    كم تبدّتْ لي ثمارك الشّهيّة التي تخاتل كلّ مساحات كنوزك الأسطوريّة ، وهي تناديني بقطافك حبّةً ..حبّة ، حدّ الثمالة.!!
    هل أذقتهِ ذات الثمار ؟ هل شمّ فيك نفس الرّحيق الذي يكويني بعذوبته ؟ فيحرق كلّ خلاياي ؟؟
    احكي لي عن همساتك له ، هل نفثتِ على مسامعه سحر أنفاسك وهي تتلوّن ، تعلو ، وتهبط ، تدنو ، وتبعد ؟؟
    آااااه يا ثوبها الغجريّ ،الذي اعتصر فيك زهر الرّمان لونه، كيف اجترأتَ أن تنزاح عن جسدها بيدٍ غريبةٍ ، غير التي وضعتك في علبةٍ أنيقةٍ ، فضضتُ أشرطتها قرب حبيبتي ، وقد أودعت فيك كلّ أسراري ، هيامي ، رجولتي ، وجنوني ؟
    انفلتتْ إلى وعيه بعض همهماتٍ وأصواتٍ :
    ـ ها هو يا سيّدي قاتل زوجته ، إنّه في الداخل ، في غرفة النوم .
    امتلأت الصّالة عن آخرها برؤوسٍ ذات أشكالٍ متعدّدةٍ ،وعيون مرتعدةٍ ،فضوليّةٍ ، وأفواهٍ كالبنادق، تستعدّ لتخزين الرصاص ، حتى يلعلع في الخارج كسبقٍ صحفيّ مدفوع الثمن، وقلوبٍ لها نشيج ..لا تخلو من الرحمة والشفقة ممّا ترى
    الضابط يطلب الهدوء ، ويشير إلى عناصره بإخلاء الغرفة ، و بخطواتٍ ثابتةٍ ، يتّجه صوب جسدين ميتين ،
    الأوّل فيهما ، تتحشرج في صدره بعض أنفاسٍ أثقل من النّزع .
    الأصابع التي نقرتْ على كتفه ، نبّهته إلى ضرورةٍ لا بدّ منها : تسليم نفسه ..
    وبين الرّضا، والرّغبة في احتضان نصل السّيف ، قبل أن يُقتلع من جسده ، فتنبجس الدّماء ..
    حملها بين ذراعيه ، فتهاوتْ أطرافها الخامدة ، والتصقتْ بخدّه خصلات شعرها ، كأنّها تلثم معتذرةً أديم خدّه المصفرّ إنهاكاً .
    مدّدها على السّرير ، ثمّ ألقى عليها بملاءةٍ نظيفةٍ ، استخرجها من الخزانة على عجلٍ ، موارياً وجهه عن ملاءةٍ أخرى ،
    معجونة بالفضيحة ، والذلّ ، والعار ، ورائحة الخيانة .
    سأله الضابط : هل تعرف يا عماد من كان عشيقها ؟؟
    وبذهولٍ تمتم : كنت لا أرى إلاّ شجرة داري ، التي غدرتْ بي وقدّمتْ ثمارها بطواعيةٍ ليدٍ غريبةٍ ، أمّا هو فقد هرب كفأرٍ من أحد الشّقوق قبل أن أرتدّ إليه ، أترين كم يحبكّ يا نجوى هذا النذل ، تركك وحدك تدفعين الثمن ، ونجا بجلده !!!
    لعلّك تذكرين الآن ، كيف كنتُ أقضي اللّيل يأكلني القلق ، والترقّب ، وأنا أجثو قربك ، على حافّة السّرير ، أدثّرك بكلّي ، إن ألمّ بك صداعٌ عارضٌ ، أقرأ فوق جبينك تعاويذ الشّفاء ، ولا أنام حتى تصحو عيناك ، فأحمد الله ، ثمّ أغفو على طيف ابتسامتك.
    ـ هيّا يا عماد ..سترافقنا الآن ، كان الأجدر بك لو أحلتَ الأمر للقضاء ، بعد أن تثبت الحالة ، متلبّسة أصولاً .
    ـ وهل سيتغيّر يا سيّدي وجه الموت ، إن تعدّدتْ أسبابه ، كانت كلّ حياتي ، وارتكبتْ جرم قتلي قبل أن .....
    خبّأ ملامحه عن العيون التي تحاصره ، لمّا اصطدم بصره بدرفتي الخزانة المفتوحتين ، فاشتعلتْ في رأسه الذكرى وهو يقلّب بنظره أرجاء غرفة النوم ، عندما حطّتْ في متجره مع أمّها تنتوي شراء أريكةٍ لغرفة المعيشة ، فدكّتْ حصونه برقّتها ، ودلالها ، وجمالها الهادئ الذي ينسلّ متغلغلاّ في الأعطاف ..كما النسيم .
    تذكّر حين عدلتْ عن الفكرة لضعف الحال ، وكيف انثنتْ يدها بخجلٍ إلى حقيبتها ، تعيد المبلغ الزّهيد الذي لا يصلح لشراء ما حلمتْ باقتنائه .
    وكيف كان للقدر كلمته ، لمّا جعلتْ الأيّام من كوكبها مساراً لنجوم عمره ، وقد وهبها كلّ نبضه ، وبساتين عشقه .
    يحسّ الآن بطعم قبلاتها على وجنتيه ، وهي تقرّب وجهه من خدّيها، بأصابعها النديّة ، فرحاً ، تتجوّل مشدوهةً بين أرجاء المنزل الذي ستزفّ إليه ، وكيف تبخترت في غرفة النوم الأسطوريّة، كسلطانةٍ ذات صولجان ، وعزّ .
    يا الله ..حتى الغرفة التي صنعتها بنبضي ، خانتني هي الأخرى ، رضيت بالسكوت ، وقنعتْ باستباحتها ..؟؟!!
    هكذا همس لنفسه وهو يغلق بابَي الخزانة ، عن مهرجان فساتين تدلّتْ بألوان صاخبة ، فقدتْ صلاحيّة بهجتها ، وإثارتها.
    شيّعها بنظره ، مرّر يده على جسدها ، أحسّ بوخز الندم ينضح من خلاياها المائتة ، لمح وميضه في عينيها جيّداً قبل أن تغلقهما للأبد حين قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين
    وصل إلى الصّالة ، ثمّ عاد إليها ، وبأصابعه الواهنة ارتجفتْ قبضته ، وهو يستجمع قبل الوداع الأخير ، أطياف لون ثوبها ، في علبةٍ ، تقطر دمعاً بلون زهر الرّمان .


    قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين


    هنا توقفت .. أمام تلك الكلمات التى صدرت عن الخائنة ، بعد أن افتضح أمرها ، و اقتص الزوج لنفسه دون الرجوع إلى قضاء ، لأن الأمر تم بحالة تلبس !!
    بداية كان المشهد قويا و متماسكا بشكل رائع و مدهش ، و جوانب الصورة لا تجد نقطة فارغة نستطيع أن نحرك فيها بعض الظلال ، فالجيران و الناس و قاطنو كل العمارة هنا
    يشهدون الجريمة و النهاية القاتمة !
    ثم تترك المؤلفة حبل الحديث للزوج المغدور بعد حضور ضابط المباحث أو الشرطة
    و لم تمر على لسانه كلمة فى حق نفسه ، تدينه هو ، و قد قال الأجداد حتى ولو لم يكونوا على حق .. البيت رجل .. و إن اختلفنا معهم !
    الخيانة لأجل الخيانة لم تظهر أو توضح الكاتبة أى أسباب تدين الرجل ، إطلاقا
    و رجل بكل هذه الحميمية لا يمكن أن يخطىء ، و كان العكس هو المطلوب من الكاتبة أن تنتصر لبنات جنسها ، أو تعطى قدرا من التبرير الدفاعى عن ملامح تلك الضحية .. إنها تقدمها كقاتلة خائنة و ليست ضحية !

    و حين مر ذاك السطر على لسانها ، اهتزت رأسي ، و نفضتها كثيرا
    و أنا أردد ، لماذا لم تحاول المزج بين اللونين ، و اقتنعت باللون الواحد ، فالحياة لا تستقيم ، و لا يرجى منها خيرا إلا إذا اكتملت قزح ألوانها !!

    ليس هذا أدعى إلى الحط من العمل ، إطلاقا ، فالعمل جيد جدا ، يتميز بلغة مدهشة ، لامست المجاز ، و كسرت حدة الدماء ، وروعة الموقف ، و لكن .. إن لم تنتصر المرأة لنفسها و بنات جنسها فمن ينتصر لهن ؟!
    لا أطلب الغاء الحقائق ، أو مسخ الواقع ، و لكن ما الفرق بين الصورة الفوتوغرافية و الفن
    ما حاجة الفن إن لم يقدم جديدا ، و يمتع أكثر ، بملامسة الوجدان و كشف و تعرية الحقيقة الكامنة خلف المشهد !!


    شكرا لك أستاذة إيمان على إضافتك لهذه الصفحة التى سوف ترقص الليلة بلا توقف
    لزيارتك المهمة و كلماتك عالية الجودة و الدهشة !!
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 11-06-2011, 10:37.

    اترك تعليق:


  • مالكة حبرشيد
    رد
    [quote=إيمان الدرع;677294]
    يا....ثوبها ..



    تجمّع قاطنو العمارة ، عند الثّانية فجراً ، على صرخةٍ ، أرعدتْ السّكون .
    و على ساقيةٍ حمراءَ متفجّرة ، من جسدٍ فيه بقايا حمحمةٍ تتشبّث بالنبض ، تيبّستْ أقدامهم .
    النساء يلطمن وجوههنّ ، يعركن جفوناً منتفخةً ، لنومٍ استبيح على عجلٍ ،والرّجال يدفعون بهنّ خارج الدار، لفظاعة المنظر ، محاولين إنهاء المشهد ، ببعض تعقّلٍ ، يفضي لحلٍّ لا بدّ أن يكون سريعاً .
    يداه تضمّانها بعنفٍ إلى جسده المحموم انتفاضاً ، وقد أسند ظهره إلى الجدار ، ينزلها برفقٍ على منكبيه ، يمسّد شعرها وخصلاته الناعمة التي ترشح باللّون الأحمر .
    كان شريط العمر يدور ...يدور ..ثمّ يحطّ فوق أجفانه ، كسياطٍ عفاريتيّةٍ تتداخل أصواتها ، حتى استحكمتْ على حواسه ،
    فما عاد يرى ، أو يسمع من حوله .
    تعمّد أن يرفع ذراعها التي فقدتْ النبض ، حول عنقه ،دافناً وجهه في صدرها البضّ ، يبلّلها بدموعٍ أمطرها على نهديها ،
    اللذين تبدّيا من خلف ثوب نومها الشفّاف ، كحمامتين ، استراحتا للتوّ من الخفق ..والاضطراب.
    لماذا يا نجوى ..؟؟ لماذا خنتني ..؟؟؟
    طعنتني يا نجوى ألف مرّةٍ برماح الشكّ ، وأنا ألقم قروحي بعض عزاءٍ ، وتبريرٍ ، وحماقةٍ ، واستعماء .
    أحاول أن أستعير أذنَي أصمّ ، ولسان أبكمٍ ، كي لا تتشكّل الصّورة القاطعة للخيانة ،أكذّب ظنوني، ألعن ذاتي معاتباً،
    أهزّ رأسي المصّدع ، وأنا أُرغم الصّدق على قبول ما تدفعينه من حججٍ واهيةٍ ، تجلجلها دموعك السّخيّة ، وصوتك الذي أعشقه ، حدّ الضعف ، حين يشهق برنّةٍ تذبحني انكساراً ، وحناناً .
    تنبّه إلى ساقيها البيضاوتين ، وقد استراحتا في سكون الموت ، ردّ عليها أطراف ثوبها ، اشتعلتْ أصابعه ذهولاً :
    ياااااااااه وترتدين قميص النوم ذاته ؟؟؟ !! ذاك الذي أهديته لك عشيّة عيد ميلادك ..؟؟!!
    كم افتتنتُ بك وأنت ترقصين به حولي كفراشةٍ بروح جنّيّة ؟؟ فأسكرتني ، وغيّبتني ، ثمّ بومضةٍ ، أرجعتني إلى كوكبي الأرضيّ .!!!
    كم تبدّتْ لي ثمارك الشّهيّة التي تخاتل كلّ مساحات كنوزك الأسطوريّة ، وهي تناديني بقطافك حبّةً ..حبّة ، حدّ الثمالة.!!
    هل أذقتهِ ذات الثمار ؟ هل شمّ فيك نفس الرّحيق الذي يكويني بعذوبته ؟ فيحرق كلّ خلاياي ؟؟
    احكي لي عن همساتك له ، هل نفثتِ على مسامعه سحر أنفاسك وهي تتلوّن ، تعلو ، وتهبط ، تدنو ، وتبعد ؟؟
    آااااه يا ثوبها الغجريّ ،الذي اعتصر فيك زهر الرّمان لونه، كيف اجترأتَ أن تنزاح عن جسدها بيدٍ غريبةٍ ، غير التي وضعتك في علبةٍ أنيقةٍ ، فضضتُ أشرطتها قرب حبيبتي ، وقد أودعت فيك كلّ أسراري ، هيامي ، رجولتي ، وجنوني ؟
    انفلتتْ إلى وعيه بعض همهماتٍ وأصواتٍ :
    ـ ها هو يا سيّدي قاتل زوجته ، إنّه في الداخل ، في غرفة النوم .
    امتلأت الصّالة عن آخرها برؤوسٍ ذات أشكالٍ متعدّدةٍ ،وعيون مرتعدةٍ ،فضوليّةٍ ، وأفواهٍ كالبنادق، تستعدّ لتخزين الرصاص ، حتى يلعلع في الخارج كسبقٍ صحفيّ مدفوع الثمن، وقلوبٍ لها نشيج ..لا تخلو من الرحمة والشفقة ممّا ترى
    الضابط يطلب الهدوء ، ويشير إلى عناصره بإخلاء الغرفة ، و بخطواتٍ ثابتةٍ ، يتّجه صوب جسدين ميتين ،
    الأوّل فيهما ، تتحشرج في صدره بعض أنفاسٍ أثقل من النّزع .
    الأصابع التي نقرتْ على كتفه ، نبّهته إلى ضرورةٍ لا بدّ منها : تسليم نفسه ..
    وبين الرّضا، والرّغبة في احتضان نصل السّيف ، قبل أن يُقتلع من جسده ، فتنبجس الدّماء ..
    حملها بين ذراعيه ، فتهاوتْ أطرافها الخامدة ، والتصقتْ بخدّه خصلات شعرها ، كأنّها تلثم معتذرةً أديم خدّه المصفرّ إنهاكاً .
    مدّدها على السّرير ، ثمّ ألقى عليها بملاءةٍ نظيفةٍ ، استخرجها من الخزانة على عجلٍ ، موارياً وجهه عن ملاءةٍ أخرى ،
    معجونة بالفضيحة ، والذلّ ، والعار ، ورائحة الخيانة .
    سأله الضابط : هل تعرف يا عماد من كان عشيقها ؟؟
    وبذهولٍ تمتم : كنت لا أرى إلاّ شجرة داري ، التي غدرتْ بي وقدّمتْ ثمارها بطواعيةٍ ليدٍ غريبةٍ ، أمّا هو فقد هرب كفأرٍ من أحد الشّقوق قبل أن أرتدّ إليه ، أترين كم يحبكّ يا نجوى هذا النذل ، تركك وحدك تدفعين الثمن ، ونجا بجلده !!!
    لعلّك تذكرين الآن ، كيف كنتُ أقضي اللّيل يأكلني القلق ، والترقّب ، وأنا أجثو قربك ، على حافّة السّرير ، أدثّرك بكلّي ، إن ألمّ بك صداعٌ عارضٌ ، أقرأ فوق جبينك تعاويذ الشّفاء ، ولا أنام حتى تصحو عيناك ، فأحمد الله ، ثمّ أغفو على طيف ابتسامتك.
    ـ هيّا يا عماد ..سترافقنا الآن ، كان الأجدر بك لو أحلتَ الأمر للقضاء ، بعد أن تثبت الحالة ، متلبّسة أصولاً .
    ـ وهل سيتغيّر يا سيّدي وجه الموت ، إن تعدّدتْ أسبابه ، كانت كلّ حياتي ، وارتكبتْ جرم قتلي قبل أن .....
    خبّأ ملامحه عن العيون التي تحاصره ، لمّا اصطدم بصره بدرفتي الخزانة المفتوحتين ، فاشتعلتْ في رأسه الذكرى وهو يقلّب بنظره أرجاء غرفة النوم ، عندما حطّتْ في متجره مع أمّها تنتوي شراء أريكةٍ لغرفة المعيشة ، فدكّتْ حصونه برقّتها ، ودلالها ، وجمالها الهادئ الذي ينسلّ متغلغلاّ في الأعطاف ..كما النسيم .
    تذكّر حين عدلتْ عن الفكرة لضعف الحال ، وكيف انثنتْ يدها بخجلٍ إلى حقيبتها ، تعيد المبلغ الزّهيد الذي لا يصلح لشراء ما حلمتْ باقتنائه .
    وكيف كان للقدر كلمته ، لمّا جعلتْ الأيّام من كوكبها مساراً لنجوم عمره ، وقد وهبها كلّ نبضه ، وبساتين عشقه .
    يحسّ الآن بطعم قبلاتها على وجنتيه ، وهي تقرّب وجهه من خدّيها، بأصابعها النديّة ، فرحاً ، تتجوّل مشدوهةً بين أرجاء المنزل الذي ستزفّ إليه ، وكيف تبخترت في غرفة النوم الأسطوريّة، كسلطانةٍ ذات صولجان ، وعزّ .
    يا الله ..حتى الغرفة التي صنعتها بنبضي ، خانتني هي الأخرى ، رضيت بالسكوت ، وقنعتْ باستباحتها ..؟؟!!
    هكذا همس لنفسه وهو يغلق بابَي الخزانة ، عن مهرجان فساتين تدلّتْ بألوان صاخبة ، فقدتْ صلاحيّة بهجتها ، وإثارتها.
    شيّعها بنظره ، مرّر يده على جسدها ، أحسّ بوخز الندم ينضح من خلاياها المائتة ، لمح وميضه في عينيها جيّداً قبل أن تغلقهما للأبد حين قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين
    وصل إلى الصّالة ، ثمّ عاد إليها ، وبأصابعه الواهنة ارتجفتْ قبضته ، وهو يستجمع قبل الوداع الأخير ، أطياف لون ثوبها ، في علبةٍ ، تقطر دمعاً بلون زهر الرّمان .[/quote




    للخيانة اوجه متعددة ....أصوات مختلفة ....تجليات ملونة
    لكنها تبقى كلها أوجه عملة واحدة ....تسقي المرارة بدم بارد
    اما الغدر فلونه واحد ....كيفما كان ....حيثما كان
    ومهما كان من صدر عنه
    الفرق فقط في قوة الطعنة ....اذ تكون قاتلة عندما تصدر عمن
    نعتبره قريبا ....بل حبيبا ...
    الصدق يمشي ...والغدر يمشي
    طريق الاول طويلة ومتعبة
    لكن ثمارها ....طيبة طازجة
    طريق الثاني ...قصيرة مختزلة
    لكن كلها ظلام ....
    لا يستطيع العيش طويلا في الظلمة
    الا الخفافيش و الديدان
    اما البشر والاشياء ....فيعلوها الصدا بسرعة
    تفقد لون الحياة .....قبل حتى ان يتحرك الانتقام

    بحق ...ابدعت أستاذة ايمان
    كان التصوير دقيقا
    لدرجة خلتني امام شاشة التلفاز

    التعديل الأخير تم بواسطة مالكة حبرشيد; الساعة 10-06-2011, 20:59.

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة سليم محمد غضبان مشاهدة المشاركة
    أستاذي ربيع،
    الحقيقة أنا عندي عقدة. عندما كنت صغيراً كنتُ أتمنى أن أكون شاعراً. لكن الحياة أخذت منحى أخر. لذلك أستغل أي فرصة لتركيب الكلام على بعضه ربما يصبح شعراً. ألا يبقى ذلك أفضل من شعر ما بعد الحداثة؟!
    شكرا لك أخي الطيب على ردك
    ربما بالفعل يفعلون هذا ، يركبون الكلام على بعضه ، و بنفس السهولة ؛ فما الشعر إلا الكلمات فى نهاية ألأمر
    و لكن ألا تتصور أن حديثك هنا يحمل سخرية و استهزاء بمن نحب من الشعراء و نعشق ؛ و الشعر سيظل ديوان العرب
    مهما توالت الأيام و السنون يظل هوهو ، و إن تعددت أهدافه ، و اتسعت ، بعد أن كان البكاء على الأطلال ، أو الفخر و العتاب !!

    مستحيل أخي ألا تكون قارئا للشعر ، مستحيل .. أنا لا أتصور أن كاتبا لا يقرأ شعرا ، فهو غذاء الروح مهما كان غرضه و هدفه !

    لك خالص احترامي و تقديري

    اترك تعليق:


  • سليم محمد غضبان
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
    بالسواطير .. و بالنحوى كمان
    لم هذا الارهاب صديقي الجميل
    و أنت أرق من ذلك ؟!

    و كيف تكتب إن كنت لا تحب
    ولو كان هذا الحب للاولاد أو الزوجة ؟
    كيف تعيش و تتنفس بلا حب
    و لو كان حب الوطن أو الأم الرءوم ؟!

    صباحك نادى و بمبي طنطاوى !!
    أستاذي ربيع،
    الحقيقة أنا عندي عقدة. عندما كنت صغيراً كنتُ أتمنى أن أكون شاعراً. لكن الحياة أخذت منحى أخر. لذلك أستغل أي فرصة لتركيب الكلام على بعضه ربما يصبح شعراً. ألا يبقى ذلك أفضل من شعر ما بعد الحداثة؟!

    اترك تعليق:


  • ربيع عقب الباب
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد عمران مشاهدة المشاركة
    فكرة ذكية جداً اخى ربيع ( وما تُجتذب الفراشات الا بالضياء ) ، ولكن هذا ِقصَرَ الِقصَر فى القصة القصيرة جداً ؛ وقد نختلف فى بديهيات الحروف الابجدية ، ونختلف فى مدلولات الكلمة وفكرة النص وتتعدد رؤيتنا ، وهذا مايزيد الأمر تشويقاً فما بالك إذا اصبح النص كلمات شبه مأثورة ! ومضة من رحيق الضى اثلجت قلبه حين تذكردعاء ابويه " بارك الله فيك يابنى". تقديرى وودى


    أهلا بك أخي الطيب محمد ، ومرحبا بك فى هذا المتصفح ، لا أدري ما الذى نختلف فيه أو حوله ، أو نتفق ، و هاهى تلك المدلولات التى عنيت هنا
    و لكن أهلا بك كما قلت سابقا .
    كانت الفكرة عن تسجيل الحضور بقصة قصيرة جدا ، ثم مع مرور الوقت تطور الأمر ، ولم تعد المسألة وقفا على القص القصير جدا ، و لذا أطلقت عليها مرة ( ورشة القصة القصيرة جدا ) و لكنى وجدته غير مناسب بالمرة ، و انتهيت إلى هذه التسمية ، هذا باب مفتوح على مختلف ألوان الإبداع الأدبي بلا حدود إلا الأدب ، و ليكن فى مقامه ألأول تلقائيا ، حتى و لو كان رواية كاملة تكتب على حلقات ، و عبر ألأيام !!

    أود توضيح شىء مهم أن ليس كل الفراشات فراشا ، و ليس كل الفراش فراشات .. فهذا الباب لا يمنع دخول الفراش من الجنسين ، بل هو لهم و منهم .. أحببت التوضيح حتى لا يساء الفهم ، بالتالى يسىء إلينا بنفس القدر الذى نتصور عنده أنه يفيد !!!

    بالغ احترامي و تقديري لك
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 10-06-2011, 19:33.

    اترك تعليق:


  • إيمان الدرع
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة
    أستاذتي العزيزة
    ما أصعب الخيانة خاصة ان امتزجت بالحب ..!
    النص قائم على الصراع ما بين الذكرى الجميلة والذكرى الأليمة،
    الكراهية والحب، .. الوفاء والخيانة ..!
    لقد قتلها باليد التي كان يمسح بها جبينها ،يلامس بها أطراف شعرها،
    ويمسح دمعتها ..ليجعلها الآن تنزف دما ..وزهرا بلون زهر الرمان ..!
    برعت في تصوير الصراع الداخلي للشخصية، واضطرابه ...
    القصة جميلة جدا ومؤثرة وتطرح قضية مهمة من صميم الواقع ..
    أنا ارفض القتل ..ولكن أفهم معنى أن يفقد الإنسان أعصابه في لحظة غدر،
    الطعنة عندما تأتي من الحبيب تكون أشد وأفتك ..!
    رائعة كعادتك سيدتي
    محبتي
    أحببتُ هذا الرّكن لألقى الأحبّة هنا بعفويّة الكلمة ، وتلقائيّتها ..
    وأنت يابسمة الحبيبة ..النحلة الحلوة النشيطة ، التي تجمع رحيق الزهر ، وتحيله عسلاً صافياً يسعدنا ..
    شكراً على رأيك الغالي عندي ...كم أسعدتني !!! بسمتي :أيتها الرقيقة الشفّافة ، والكاتبة الرائعة المبدعة
    ومع أطيب أمنياتي ...إليك تحيّاتي ..

    اترك تعليق:


  • بسمة الصيادي
    رد
    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
    يا....ثوبها ..




    تجمّع قاطنو العمارة ، عند الثّانية فجراً ، على صرخةٍ ، أرعدتْ السّكون .
    و على ساقيةٍ حمراءَ متفجّرة ، من جسدٍ فيه بقايا حمحمةٍ تتشبّث بالنبض ، تيبّستْ أقدامهم .
    النساء يلطمن وجوههنّ ، يعركن جفوناً منتفخةً ، لنومٍ استبيح على عجلٍ ،والرّجال يدفعون بهنّ خارج الدار، لفظاعة المنظر ، محاولين إنهاء المشهد ، ببعض تعقّلٍ ، يفضي لحلٍّ لا بدّ أن يكون سريعاً .
    يداه تضمّانها بعنفٍ إلى جسده المحموم انتفاضاً ، وقد أسند ظهره إلى الجدار ، ينزلها برفقٍ على منكبيه ، يمسّد شعرها وخصلاته الناعمة التي ترشح باللّون الأحمر .
    كان شريط العمر يدور ...يدور ..ثمّ يحطّ فوق أجفانه ، كسياطٍ عفاريتيّةٍ تتداخل أصواتها ، حتى استحكمتْ على حواسه ،
    فما عاد يرى ، أو يسمع من حوله .
    تعمّد أن يرفع ذراعها التي فقدتْ النبض ، حول عنقه ،دافناً وجهه في صدرها البضّ ، يبلّلها بدموعٍ أمطرها على نهديها ،
    اللذين تبدّيا من خلف ثوب نومها الشفّاف ، كحمامتين ، استراحتا للتوّ من الخفق ..والاضطراب.
    لماذا يا نجوى ..؟؟ لماذا خنتني ..؟؟؟
    طعنتني يا نجوى ألف مرّةٍ برماح الشكّ ، وأنا ألقم قروحي بعض عزاءٍ ، وتبريرٍ ، وحماقةٍ ، واستعماء .
    أحاول أن أستعير أذنَي أصمّ ، ولسان أبكمٍ ، كي لا تتشكّل الصّورة القاطعة للخيانة ،أكذّب ظنوني، ألعن ذاتي معاتباً،
    أهزّ رأسي المصّدع ، وأنا أُرغم الصّدق على قبول ما تدفعينه من حججٍ واهيةٍ ، تجلجلها دموعك السّخيّة ، وصوتك الذي أعشقه ، حدّ الضعف ، حين يشهق برنّةٍ تذبحني انكساراً ، وحناناً .
    تنبّه إلى ساقيها البيضاوتين ، وقد استراحتا في سكون الموت ، ردّ عليها أطراف ثوبها ، اشتعلتْ أصابعه ذهولاً :
    ياااااااااه وترتدين قميص النوم ذاته ؟؟؟ !! ذاك الذي أهديته لك عشيّة عيد ميلادك ..؟؟!!
    كم افتتنتُ بك وأنت ترقصين به حولي كفراشةٍ بروح جنّيّة ؟؟ فأسكرتني ، وغيّبتني ، ثمّ بومضةٍ ، أرجعتني إلى كوكبي الأرضيّ .!!!
    كم تبدّتْ لي ثمارك الشّهيّة التي تخاتل كلّ مساحات كنوزك الأسطوريّة ، وهي تناديني بقطافك حبّةً ..حبّة ، حدّ الثمالة.!!
    هل أذقتهِ ذات الثمار ؟ هل شمّ فيك نفس الرّحيق الذي يكويني بعذوبته ؟ فيحرق كلّ خلاياي ؟؟
    احكي لي عن همساتك له ، هل نفثتِ على مسامعه سحر أنفاسك وهي تتلوّن ، تعلو ، وتهبط ، تدنو ، وتبعد ؟؟
    آااااه يا ثوبها الغجريّ ،الذي اعتصر فيك زهر الرّمان لونه، كيف اجترأتَ أن تنزاح عن جسدها بيدٍ غريبةٍ ، غير التي وضعتك في علبةٍ أنيقةٍ ، فضضتُ أشرطتها قرب حبيبتي ، وقد أودعت فيك كلّ أسراري ، هيامي ، رجولتي ، وجنوني ؟
    انفلتتْ إلى وعيه بعض همهماتٍ وأصواتٍ :
    ـ ها هو يا سيّدي قاتل زوجته ، إنّه في الداخل ، في غرفة النوم .
    امتلأت الصّالة عن آخرها برؤوسٍ ذات أشكالٍ متعدّدةٍ ،وعيون مرتعدةٍ ،فضوليّةٍ ، وأفواهٍ كالبنادق، تستعدّ لتخزين الرصاص ، حتى يلعلع في الخارج كسبقٍ صحفيّ مدفوع الثمن، وقلوبٍ لها نشيج ..لا تخلو من الرحمة والشفقة ممّا ترى
    الضابط يطلب الهدوء ، ويشير إلى عناصره بإخلاء الغرفة ، و بخطواتٍ ثابتةٍ ، يتّجه صوب جسدين ميتين ،
    الأوّل فيهما ، تتحشرج في صدره بعض أنفاسٍ أثقل من النّزع .
    الأصابع التي نقرتْ على كتفه ، نبّهته إلى ضرورةٍ لا بدّ منها : تسليم نفسه ..
    وبين الرّضا، والرّغبة في احتضان نصل السّيف ، قبل أن يُقتلع من جسده ، فتنبجس الدّماء ..
    حملها بين ذراعيه ، فتهاوتْ أطرافها الخامدة ، والتصقتْ بخدّه خصلات شعرها ، كأنّها تلثم معتذرةً أديم خدّه المصفرّ إنهاكاً .
    مدّدها على السّرير ، ثمّ ألقى عليها بملاءةٍ نظيفةٍ ، استخرجها من الخزانة على عجلٍ ، موارياً وجهه عن ملاءةٍ أخرى ،
    معجونة بالفضيحة ، والذلّ ، والعار ، ورائحة الخيانة .
    سأله الضابط : هل تعرف يا عماد من كان عشيقها ؟؟
    وبذهولٍ تمتم : كنت لا أرى إلاّ شجرة داري ، التي غدرتْ بي وقدّمتْ ثمارها بطواعيةٍ ليدٍ غريبةٍ ، أمّا هو فقد هرب كفأرٍ من أحد الشّقوق قبل أن أرتدّ إليه ، أترين كم يحبكّ يا نجوى هذا النذل ، تركك وحدك تدفعين الثمن ، ونجا بجلده !!!
    لعلّك تذكرين الآن ، كيف كنتُ أقضي اللّيل يأكلني القلق ، والترقّب ، وأنا أجثو قربك ، على حافّة السّرير ، أدثّرك بكلّي ، إن ألمّ بك صداعٌ عارضٌ ، أقرأ فوق جبينك تعاويذ الشّفاء ، ولا أنام حتى تصحو عيناك ، فأحمد الله ، ثمّ أغفو على طيف ابتسامتك.
    ـ هيّا يا عماد ..سترافقنا الآن ، كان الأجدر بك لو أحلتَ الأمر للقضاء ، بعد أن تثبت الحالة ، متلبّسة أصولاً .
    ـ وهل سيتغيّر يا سيّدي وجه الموت ، إن تعدّدتْ أسبابه ، كانت كلّ حياتي ، وارتكبتْ جرم قتلي قبل أن .....
    خبّأ ملامحه عن العيون التي تحاصره ، لمّا اصطدم بصره بدرفتي الخزانة المفتوحتين ، فاشتعلتْ في رأسه الذكرى وهو يقلّب بنظره أرجاء غرفة النوم ، عندما حطّتْ في متجره مع أمّها تنتوي شراء أريكةٍ لغرفة المعيشة ، فدكّتْ حصونه برقّتها ، ودلالها ، وجمالها الهادئ الذي ينسلّ متغلغلاّ في الأعطاف ..كما النسيم .
    تذكّر حين عدلتْ عن الفكرة لضعف الحال ، وكيف انثنتْ يدها بخجلٍ إلى حقيبتها ، تعيد المبلغ الزّهيد الذي لا يصلح لشراء ما حلمتْ باقتنائه .
    وكيف كان للقدر كلمته ، لمّا جعلتْ الأيّام من كوكبها مساراً لنجوم عمره ، وقد وهبها كلّ نبضه ، وبساتين عشقه .
    يحسّ الآن بطعم قبلاتها على وجنتيه ، وهي تقرّب وجهه من خدّيها، بأصابعها النديّة ، فرحاً ، تتجوّل مشدوهةً بين أرجاء المنزل الذي ستزفّ إليه ، وكيف تبخترت في غرفة النوم الأسطوريّة، كسلطانةٍ ذات صولجان ، وعزّ .
    يا الله ..حتى الغرفة التي صنعتها بنبضي ، خانتني هي الأخرى ، رضيت بالسكوت ، وقنعتْ باستباحتها ..؟؟!!
    هكذا همس لنفسه وهو يغلق بابَي الخزانة ، عن مهرجان فساتين تدلّتْ بألوان صاخبة ، فقدتْ صلاحيّة بهجتها ، وإثارتها.
    شيّعها بنظره ، مرّر يده على جسدها ، أحسّ بوخز الندم ينضح من خلاياها المائتة ، لمح وميضه في عينيها جيّداً قبل أن تغلقهما للأبد حين قالتا له : أنا آسفة ، سامحني ، اغفر لي ، أحبّك ..، وهي تلثم يده بشفتيها الشّاحبتين
    وصل إلى الصّالة ، ثمّ عاد إليها ، وبأصابعه الواهنة ارتجفتْ قبضته ، وهو يستجمع قبل الوداع الأخير ، أطياف لون ثوبها ، في علبةٍ ، تقطر دمعاً بلون زهر الرّمان .
    أستاذتي العزيزة
    ما أصعب الخيانة خاصة ان امتزجت بالحب ..!
    النص قائم على الصراع ما بين الذكرى الجميلة والذكرى الأليمة،
    الكراهية والحب، .. الوفاء والخيانة ..!
    لقد قتلها باليد التي كان يمسح بها جبينها ،يلامس بها أطراف شعرها،
    ويمسح دمعتها ..ليجعلها الآن تنزف دما ..وزهرا بلون زهر الرمان ..!
    برعت في تصوير الصراع الداخلي للشخصية، واضطرابه ...
    القصة جميلة جدا ومؤثرة وتطرح قضية مهمة من صميم الواقع ..
    أنا ارفض القتل ..ولكن أفهم معنى أن يفقد الإنسان أعصابه في لحظة غدر،
    الطعنة عندما تأتي من الحبيب تكون أشد وأفتك ..!
    رائعة كعادتك سيدتي
    محبتي

    اترك تعليق:


  • محمد عمران
    رد
    فكرة ذكية جداً اخى ربيع ( وما تُجتذب الفراشات الا بالضياء ) ، ولكن هذا ِقصَرَ الِقصَر فى القصة القصيرة جداً ؛ وقد نختلف فى بديهيات الحروف الابجدية ، ونختلف فى مدلولات الكلمة وفكرة النص وتتعدد رؤيتنا ، وهذا مايزيد الأمر تشويقاً فما بالك إذا اصبح النص كلمات شبه مأثورة ! ومضة من رحيق الضى اثلجت قلبه حين تذكردعاء ابويه " بارك الله فيك يابنى". تقديرى وودى

    اترك تعليق:


  • إيمان الدرع
    رد
    يا....ثوبها ..



    تجمّع قاطنو العمارة ، عند الثّانية فجراً ، على صرخةٍ ، أرعدتْ السّكون .
    و على ساقيةٍ حمراءَ متفجّرة ، من جسدٍ فيه بقايا حمحمةٍ تتشبّث بالنبض ، تيبّستْ أقدامهم .
    النساء يلطمن وجوههنّ ، يعركن جفوناً منتفخةً ، لنومٍ استبيح على عجلٍ ،والرّجال يدفعون بهنّ خارج الدار، لفظاعة المنظر ، محاولين إنهاء المشهد ، ببعض تعقّلٍ ، يفضي لحلٍّ لا بدّ أن يكون سريعاً .
    يداه تضمّانها بعنفٍ إلى جسده المحموم انتفاضاً ، وقد أسند ظهره إلى الجدار ، ينزلها برفقٍ على منكبيه ، يمسّد شعرها وخصلاته الناعمة التي ترشح باللّون الأحمر .
    كان شريط العمر يدور ...يدور ..ثمّ يحطّ فوق أجفانه ، كسياطٍ عفاريتيّةٍ تتداخل أصواتها ، حتى استحكمتْ على حواسه ،
    فما عاد يرى ، أو يسمع من حوله .
    تعمّد أن يرفع ذراعها التي فقدتْ النبض ، حول عنقه ،دافناً وجهه في صدرها البضّ ، يبلّلها بدموعٍ أمطرها على نهديها ،
    اللذين تبدّيا من خلف ثوب نومها الشفّاف ، كحمامتين ، استراحتا للتوّ من الخفق ..والاضطراب.
    لماذا يا نجوى ..؟؟ لماذا خنتني ..؟؟؟
    طعنتني يا نجوى ألف مرّةٍ برماح الشكّ ، وأنا ألقم قروحي بعض عزاءٍ ، وتبريرٍ ، وحماقةٍ ، واستعماء .
    أحاول أن أستعير أذنَي أصمّ ، ولسان أبكمٍ ، كي لا تتشكّل الصّورة القاطعة للخيانة ،أكذّب ظنوني، ألعن ذاتي معاتباً،
    أهزّ رأسي المصّدع ، وأنا أُرغم الصّدق على قبول ما تدفعينه من حججٍ واهيةٍ ، تجلجلها دموعك السّخيّة ، وصوتك الذي أعشقه ، حدّ الضعف ، حين يشهق برنّةٍ تذبحني انكساراً ، وحناناً .
    تنبّه إلى ساقيها البيضاوتين ، وقد استراحتا في سكون الموت ، ردّ عليها أطراف ثوبها ، اشتعلتْ أصابعه ذهولاً :
    ياااااااااه وترتدين قميص النوم ذاته ؟؟؟ !! ذاك الذي أهديته لك عشيّة عيد ميلادك ..؟؟!!
    كم افتتنتُ بك وأنت ترقصين به حولي كفراشةٍ بروح جنّيّة ؟؟ فأسكرتني ، وغيّبتني ، ثمّ بومضةٍ ، أرجعتني إلى كوكبي الأرضيّ .!!!
    كم تبدّتْ لي ثمارك الشّهيّة التي تخاتل كلّ مساحات كنوزك الأسطوريّة ، وهي تناديني بقطافك حبّةً ..حبّة ، حدّ الثمالة.!!
    هل أذقتهِ ذات الثمار ؟ هل شمّ فيك نفس الرّحيق الذي يكويني بعذوبته ؟ فيحرق كلّ خلاياي ؟؟
    احكي لي عن همساتك له ، هل نفثتِ على مسامعه سحر أنفاسك وهي تتلوّن ، تعلو ، وتهبط ، تدنو ، وتبعد ؟؟
    آااااه يا ثوبها الغجريّ ،الذي اعتصر فيك زهر الرّمان لونه، كيف اجترأتَ أن تنزاح عن جسدها بيدٍ غريبةٍ ، غير التي وضعتك في علبةٍ أنيقةٍ ، فضضتُ أشرطتها قرب حبيبتي ، وقد أودعت فيك كلّ أسراري ، هيامي ، رجولتي ، وجنوني ؟
    انفلتتْ إلى وعيه بعض همهماتٍ وأصواتٍ :
    ـ ها هو يا سيّدي قاتل زوجته ، إنّه في الداخل ، في غرفة النوم .
    امتلأت الصّالة عن آخرها برؤوسٍ ذات أشكالٍ متعدّدةٍ ،وعيون مرتعدةٍ ،فضوليّةٍ ، وأفواهٍ كالبنادق، تستعدّ لتخزين الرصاص ، حتى يلعلع في الخارج كسبقٍ صحفيّ مدفوع الثمن، وقلوبٍ لها نشيج ..لا تخلو من الرحمة والشفقة ممّا ترى
    الضابط يطلب الهدوء ، ويشير إلى عناصره بإخلاء الغرفة ، و بخطواتٍ ثابتةٍ ، يتّجه صوب جسدين ميتين ،
    الأوّل فيهما ، تتحشرج في صدره بعض أنفاسٍ أثقل من النّزع .
    الأصابع التي نقرتْ على كتفه ، نبّهته إلى ضرورةٍ لا بدّ منها : تسليم نفسه ..
    وبين الرّضا، والرّغبة في احتضان نصل السّيف ، قبل أن يُقتلع من جسده ، فتنبجس الدّماء ..
    حملها بين ذراعيه ، فتهاوتْ أطرافها الخامدة ، والتصقتْ بخدّه خصلات شعرها ، كأنّها تلثم معتذرةً أديم خدّه المصفرّ إنهاكاً .
    مدّدها على السّرير ، ثمّ ألقى عليها بملاءةٍ نظيفةٍ ، استخرجها من الخزانة على عجلٍ ، موارياً وجهه عن ملاءةٍ أخرى ،
    معجونة بالفضيحة ، والذلّ ، والعار ، ورائحة الخيانة .
    سأله الضابط : هل تعرف يا عماد من كان عشيقها ؟؟
    وبذهولٍ تمتم : كنت لا أرى إلاّ شجرة داري ، التي غدرتْ بي وقدّمتْ ثمارها بطواعيةٍ ليدٍ غريبةٍ ، أمّا هو فقد هرب كفأرٍ من أحد الشّقوق قبل أن أرتدّ إليه ، أترين كم يحبكّ يا نجوى هذا النذل ، تركك وحدك تدفعين الثمن ، ونجا بجلده !!!
    لعلّك تذكرين الآن ، كيف كنتُ أقضي اللّيل يأكلني القلق ، والترقّب ، وأنا أجثو قربك ، على حافّة السّرير ، أدثّرك بكلّي ، إن ألمّ بك صداعٌ عارضٌ ، أقرأ فوق جبينك تعاويذ الشّفاء ، ولا أنام حتى تصحو عيناك ، فأحمد الله ، ثمّ أغفو على طيف ابتسامتك.
    ـ هيّا يا عماد ..سترافقنا الآن ، كان الأجدر بك لو أحلتَ الأمر للقضاء ، بعد أن تثبت الحالة ، متلبّسة أصولاً .
    ـ وهل سيتغيّر يا سيّدي وجه الموت ، إن تعدّدتْ أسبابه ، كانت كلّ حياتي ، وارتكبتْ جرم قتلي قبل أن .....
    خبّأ ملامحه عن العيون التي تحاصره ، لمّا اصطدم بصره بدرفتي الخزانة المفتوحتين ، فاشتعلتْ في رأسه الذكرى وهو يقلّب بنظره أرجاء غرفة النوم ، عندما حطّتْ في متجره مع أمّها تنتوي شراء أريكةٍ لغرفة المعيشة ، فدكّتْ حصونه برقّتها ، ودلالها ، وجمالها الهادئ الذي ينسلّ متغلغلاّ في الأعطاف ..كما النسيم .
    تذكّر حين عدلتْ عن الفكرة لضعف الحال ، وكيف انثنتْ يدها بخجلٍ إلى حقيبتها ، تعيد المبلغ الزّهيد الذي لا يصلح لشراء ما حلمتْ باقتنائه .
    وكيف كان للقدر كلمته ، لمّا جعلتْ الأيّام من كوكبها مساراً لنجوم عمره ، وقد وهبها كلّ نبضه ، وبساتين عشقه .
    يحسّ الآن بطعم قبلاتها على وجنتيه ، وهي تقرّب وجهه من خدّيها، بأصابعها النديّة ، فرحاً ، تتجوّل مشدوهةً بين أرجاء المنزل الذي ستزفّ إليه ، وكيف تبخترت في غرفة النوم الأسطوريّة، كسلطانةٍ ذات صولجان ، وعزّ .
    يا الله ..حتى الغرفة التي صنعتها بنبضي ، خانتني هي الأخرى ، رضيت بالسكوت ، وقنعتْ باستباحتها ..؟؟!!
    هكذا همس لنفسه وهو يغلق بابَي الخزانة ، عن مهرجان فساتين تدلّتْ بألوان صاخبة ، فقدتْ صلاحيّة بهجتها ، وإثارتها.

    شيّعها بنظره ، مرّر يده على جسدها ...شيء ما لايزال ينبض في خلاياها ،يريد الصّراخ قبل أن توارى الثرى ..أمعن في عينيها لمح دفقاتٍ من الدموع اللاّمرئيّة تحتشد ،تهذي ، تثور:
    قالتا له : ليس الآن فقط ، لقد قتلتني آلاف المرّات وأنا بين يديك أصطنع الفرح ، أرقص مذبوحة الشريان ، قتلتني من يوم أن انتزعتني من حضن حبيبٍ شاركته أحلام الطفولة في بناء عشّ صغير ، سرقتني منه حين حبستني ببيتٍ فارهٍ
    أشعره بعجزه ، قتلتني وأنت تشدّ على أصابعي ، تسحبني بشبقٍ إلى سيارتك الفارهة ، وكدت تدوسه وهو أسفل السّلم يواري دمعته خلف شجرة الليمون العتيقة يوم زفافي ، فأطلقت سيلاً من الشتائم والسخرية على شابّ أهبل كاد يموت تحت العجلات ...هل تذكره ..؟؟؟ إنه هو ..ذاك النحيل ، رقيق الحال ، بعينيه الواسعتين الحزينتين ، وحبّه المنكسر بين ضلوعه ، ويديه اللتين تجمعان كلّ حنان العالم ..
    تبّاً لمالٍ اشتراني كدميةٍ بلا روحٍ ، تثخنها جراحها كلّ ليلة، على فراش رجلٍ تملّكها، لم يستطع أن يميّز بين دموع الفرح يوم عقد القران ، ودموع قلبٍ يمزّقه الفراق ...
    حاولتُ أن أروّض ذاتي على الرّضوخ ...ولكنّ وهج طيفه كان أقوى ،كان أعنف ، كان الأشدّ موتاً ..ولو عدت إلى الحياة لأحببته من جديد ..ليس الأمر بيدي ..
    هيّا ...هيّا هل ارتحت الآن ؟؟؟ّإذن امضِ ودعني أرحل في سلام ..وأغلق الستار ..
    وصل إلى الصّالة ، ثمّ عاد إليها ، وبأصابعه الواهنة ارتجفتْ قبضته ، وهو يستجمع قبل الوداع الأخير ، أطياف لون ثوبها ، في علبةٍ ، تقطر دمعاً بلون زهر الرّمان .

    اترك تعليق:

يعمل...
X